مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

.................................................................................................

______________________________________________________

العلماء.

لما مرّ مرارا من دليل عذر الجاهل ، وان الناس معذورون عما لا يعلمون.

ولما رواه زرارة وأبو بصير جميعا قالا : سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل أتى أهله في شهر رمضان أو أتى أهله وهو محرم وهو لا يرى الا ان ذلك حلال له ، قال : ليس عليه شي‌ء (١).

ويحتمل حمل ما ورد في وجوب الكفارة على العامد ، على العالم ، مثل ما سيأتي.

ومضمرة سماعة قال : سألته عن الرجل أتى أهله في رمضان متعمدا ، فقال : عليه عتق رقبة وإطعام ستين مسكينا ، وصيام شهرين متتابعين ، وقضاء ذلك اليوم وانى (اين ـ خ ل) له مثل ذلك اليوم (٢) وقال الشيخ : (الواو) هنا بمعنى (أو) أو المراد بالوطي ، الوطي المحرّم ، مثل الوطي في الحيض.

وحمل موثقة عمار الساباطي انه سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل ينسى وهو صائم فجامع أهله ، فقال ، يغتسل ولا شي‌ء عليه (٣) على الناسي ، أو على الجاهل.

ويظهر من التهذيب (٤) والاستبصار (٥) الفتوى بكون الجاهل معذورا ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٤ من أبواب كفّارات الاستمتاع من كتاب الحج

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) ففي التهذيب (بعد نقل موثقة عمار المنقولة هنا) قال : هذا لفظه ، فهذا الخبر محمول على انه إذا جامع نسيانا دون العمد فلا يلزمه شي‌ء والحال ما وصفناه ، ويحتمل أيضا ان كون المراد به من لا يعلم أنّ ذلك لا يسوغ له في الشريعة (انتهى)

(٥) وفي الاستبصار بعد نقل الموثقة في باب الجماع قال ما هذا لفظه ، فهذا الخبر يحتمل شيئين

٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

ونقل في شرح الشرائع عن الشيخ كونه معذورا مطلقا.

ويؤيّده أدلة كونه معذورا مع النسيان وعدم الاختيار من الإجماع والخبر بل الكتاب والعقل أيضا فتأمّل.

نعم ما ثبت وجوب الإمساك عنه وشرطيته للصوم عموما ، مثل الإمساك عن أكل المعتاد والشرب كذلك ، الثابت بالنص من الكتاب والسنة والإجماع ، بل كونه ضروريا من الدين ، فالظاهر وجوب القضاء بمثله مع الجهل أيضا.

(واما) مثل الغبار ، والحقنة ، والبقاء على الجنابة ، والنوم عليها حتى يصبح ، والنوم بعد الانتباهة ، والعزم على الإفطار ، وترك النيّة في جزء من النهار (فيمكن) العدم ، مع احتمال عدم القضاء مطلقا كذلك ، الله يعلم.

ولا يبعد وجوب القضاء على العالم بعدم جواز العزم على الإفطار بعد نيّة الصوم بسبب وجوب استدامتها بالعزم عليه وان لم يفطر وان عاد بعد ذلك كما اختاره في المختلف (١).

ويمكن العدم الّا مع عدم العود كما اختاره في المنتهى الّا ان يمضي زمان يعتدّ به من دون نيّة والعزم على الفطر.

ويمكن العدم لانعقاده شرعا ، ووجوب الاستدامة بحيث يكون عدمها مبطلا ومخلّا غير ثابت بدليل شرعيّ.

__________________

(أحدهما) ان يكون فعل ذلك ساهيا أو ناسيا ، فإنه لا يلزمه شي‌ء وقد تم صومه ، وقد بيّنا ذلك في كتابنا الكبير (والثاني) ان يكون فعل ذلك وهو لا يعلم انه يسوغ فعله في حال الصيام (انتهى)

(١) راجع المختلف الفصل الثاني فيما يجب الإمساك ثالث المسائل التي عنونها فإنه نقل عن السيد المرتضى كلاما طويلا جدا الدال على عدم البطلان بالعزم على الإفطار ثم أجاب عما استدل به السيد ره جملة جملة واختار البطلان.

٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدلّ عليه حصر المفسدات في الاخبار (١) ، وأنّ المفسد هو المفطر لا القصد إلى الإفطار.

ويؤيّده صحّة الصوم مع ترك النيّة إلى الزوال في الواجب المعيّن نسيانا وفي غيره عمدا أيضا ، ومع العزم بالإفطار إلى الزوال بل الى العصر فيه (٢) ، والى قبل الغروب في النفل.

قال في المنتهى : وبها (٣) قال من منعها في الفرض ، لأنّ استدامة النيّة حكما المشترطة انما هي في الفرض وان كان دليل المختلف (٤) لا يخلو عن قوّة ودقّة.

والصّحة وعدم القضاء هو مختار السيد المرتضى بعد أن كان البطلان مذهبه أيضا (٥) فتأمل ، فإن المسألة من المشكلات.

والظاهر عدم الفرق بين الصوم الواجب وغيره ، ويؤيّده ما مرّ من قوله صلوات الله عليه وآله : ان كان عندكم شي‌ء والا فصمت (٦) ويدل على عدم ضرر فعل المفطر نسيانا بعد الإجماع المتقدم ، صحيحة الحلبي ، عن ابى عبد الله

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم وغيره من الأبواب المتفرقة

(٢) كما تقدم في بحث نيّة الصوم

(٣) أي بالصحّة في النفل قال من منع الصحّة في الواجب

(٤) يعنى دليله على لزوم القضاء على العالم مع عزمه على الإفطار كذا في هامش نسختين مخطوطتين

(٥) في المخ ص ٤٦ : قال السيد المرتضى رحمه الله : كنت أمليت قديما مسألة أتصور فيها ان من عزم في نهار شهر رمضان على أكل وشرب وجماع يفسد بهذا العزم صومه ، ونصرت ذلك بغاية التمكن وقوّيته ، ثم رجعت عنه في كتاب الصوم من المصباح وأفتيت فيه بان العازم على شي‌ء ممّا ذكرناه في نهار شهر رمضان بعد تقدم نيّته وانعقاد صومه لا يفطر ، قال : وهو الصحيح الذي يقتضيه الأصول وهو مذهب جميع الفقهاء (انتهى)

(٦) الوسائل باب ٢ حديث ٧ من أبواب وجوب الصوم : والحديث هكذا : هشام بن سالم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السّلام يدخل على أهله فيقول : عندكم شي‌ء والا صمت ، فان كان عندهم شي‌ء أتوه به والا صام

٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السّلام أنه سئل عن رجل نسي فأكل وشرب ثم ذكر ، قال : لا يفطر انما هو شي‌ء رزقه الله عزّ وجل فليتمّ صومه (١).

ورواية داود بن سرحان عن ابى عبد الله عليه السّلام في الرجل ينسى ويأكل في شهر رمضان قال : يتمّ صومه ، فإنما هو شي‌ء اطعمه الله تعالى إيّاه (٢).

وقريب منها رواية سماعة (٣).

واما (٤) الموجب ، فمنه ، الأكل والشرب المعتادان والوطي في قبل المرأة.

ودليله ، الإجماع المدّعى في المنتهى ، والاخبار الصحيحة ، مثل صحيحة عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا يوما واحدا من غير عذر؟ قال : يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا ، فان لم يقدر على (ذلك يب) تصدّق بما يطيق (٥).

وقد مرّ أنّ الجماع مفطر.

وصحيحة جميل بن درّاج ، عن ابى عبد الله عليه السّلام انه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا ، فقال : ان رجلا أتى النبي صلّى الله عليه وآله ، فقال : هلكت يا رسول الله فقال : مالك؟ فقال : النار يا رسول الله ، قال : ومالك؟ قال : وقعت على أهلي ، قال : تصدق واستغفر (ربك ـ يب) فقال الرجل : فو الذي عظّم حقّك ما تركت في البيت شيئا ، لا قليلا ، ولا كثيرا ، قال : فدخل

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) عطف على قوله قده فيما تقدم : اما الشرائط ، والمراد الموجب للقضاء والكفارة معا

(٥) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

رجل من الناس ـ بمكيال ـ (١) من تمر فيه عشرون صاعا ، يكون عشرة أصوع بصاعنا (٢) ، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله : خذ هذا التمر فتصدق به ، فقال يا رسول الله : على من أتصدّق به وقد أخبرتك أنّه ليس في بيتي قليل ولا كثير؟ قال : فخذه وأطعمه عيالك واستغفر الله ، قال : فلما خرجنا قال أصحابنا : إنه بدء بالعتق فقال : أعتق أو صم أو تصدق (٣).

وقد صرّح بهذه الثلاثة في هذه الرواية ، على ما رواها العامّة حيث قال : وقعت على امرأتي في شهر رمضان ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله : هل تجد رقبة تعتقها؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع إطعام ستين مسكينا؟ قال : لا ـ الخبر (٤).

ومثلها (٥) روى في الصحيح ، عن عبد الله بن سنان ، وقال في آخرها : فكل أنت وأهلك فإنه كفارة لك ، وانه كان في المكيال (المكتل) خمسة عشر صاعا (٦).

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها مطبوعة ومخطوطة وهي ثلاث نسخ ولكن في الكافي والتهذيب وكذا في الوسائل (بمكتل) وهو الصحيح ظاهرا فان المكتل كما في مجمع البحرين كمنبر ، الزنبيل الكبير ومنه كان سليمان عليه السّلام يصنع المكاتل

(٢) وقدر الصاع تسعة أرطال بالعراقي ، وستة بالمدني ، وأربعة ونصف بالمكي (مجمع البحرين)

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) سنن النسائي ج ٢ ص ٣١٢ باب كفارة من أتى أهله في رمضان حديث ١ ، وتمامه : قال : اجلس فأتى النبي صلّى الله عليه (وآله) بعذق فيه تمر ، فقال : تصدق به ، فقال : يا رسول الله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا ، فضحك رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم حتى بدت ثناياه قال : فأطعمه إيّاهم ، وقال : مسدد في موضع آخر (أنيابه)

(٥) يعنى مثل رواية العامة

(٦) الوسائل باب ٨ حديث ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، لكن الراوي عبد المؤمن بن الهيثم (القاسم ـ خ ل) الأنصاري عن ابى جعفر عليه السّلام ـ لا عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام فلاحظ ، وفيه : فاتى النبي صلّى الله عليه وآله بعذق في مكتل فيه خمسة عشر صاعا

٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا تدل هذه الرواية على الترتيب على هذا الوجه ، وفي هذه الرواية أحكام :

١ ـ وجوب الكفارة بالوقاع مع العمد في شهر رمضان مطلقا ، قبلا أو دبرا ، مع احتمال التخصيص بالأوّل ، أنزل أو لم ينزل مع احتمال التخصيص به.

٢ ـ وانه كبيرة ٣ ـ وان الكبيرة يسقط عقابها بالتوبة مع الكفارة ان كانت ممّا فيه الكفارة.

٤ ـ وانه لا بدّ في التوبة من الاستغفار ولا يكفي الندامة.

٥ ـ وكونه مفطرا.

٦ ـ وقبول قول مدّعى الفقر من غير استحلاف.

٧ ـ وجواز السكوت عمّن سمع انه فعل به ما يفطر حيث سكت عن المرأة.

٨ ـ وعدم الحكم بالتحمل مطلقا.

٩ ـ وجواز التصدق على الفاسق.

١٠ ـ والتملك بمجرد القول (خذ) على الظاهر ، لأنّ الظاهر ان التكفير بمال الغير لا يصحّ مع الاحتمال.

١١ ـ وجواز إعطاء الكفارة العيال.

١٢ ـ وجواز أكل المكفّر ممّا تصدق.

١٣ ـ وجواز إعطاء الأقل من ستين ، إذ الظاهر عدم كون عياله ستين.

١٤ ـ والتصدق بما يوجد في الكفارة.

ويدل عليه (١) أيضا حسنة عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام

__________________

(١) يعنى يدل على الحكم الأخير

٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

في رجل وقع على أهله في شهر رمضان ، فلم يجد ما يتصدّق به على ستين مسكينا؟ قال يتصدق بقدر ما يطيق (١).

والظاهر أنه مقيّد بعدم إمكان الصوم والعتق لدليله.

وبظاهرها يدل على عدم وجوب القضاء حيث ما نقل ، ولكن يجب بدليل آخر من الإجماع المدّعى في المنتهى والاخبار ، وقد مرّ بعضها.

ويدل عليه (٢) أيضا رواية عبد الرحمن بن ابى عبد الله قال : سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا ، قال : يتصدق بعشرين صاعا ويقضى مكانه (٣)

«فرعان»

(الأول) الظاهر تعلّق الكفارة بوطي المرأة مطلقا ، الحيّة ، والميّتة ، والنائمة ، والمكرهة ، والمجنونة ، والصغيرة ، وغيرها ، والمحلّلة ، والمحرّمة.

لعدم الفرق على الظاهر ، وصدق الإفطار ، والمواقعة ، والمجامعة الواقعة في بعض الأخبار.

مثل صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني؟ قال : عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) اى على لزوم التصدق في الجملة

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

(الثاني) الظاهر أن دبرها كقبلها ، لما مرّ ، ولوجوب الغسل به ، فيكون مجنبا يجب عليه ما يجب عليه.

ويحتمل كون دبر الغلام كذلك لما مرّ ، ولنقل دعوى الإجماع من الشيخ في المنتهى على ذلك ، وكذا دعوى إجماع الإماميّة على وجوب الغسل من السيد رحمه الله.

ولكن الأصل دليل قوى ، وصدق الجماع عليه غير ظاهر ، وما ثبت وجوب الغسل عليه ، ومنع الإجماع ، ومنع استلزامه وجوب الكفارة.

وقد مرّ (١) البحث عنه ، وعن وطي البهيمة أيضا ، وأنّ الظّاهر العدم.

ومنه الانزال ، وقد تقدم ما يدل عليه ، ونقل في المنتهى الإجماع على ذلك في بعض افراده (٢) ، والظاهر وجوبهما (٣) مع الشرائط.

وامّا المحل (٤) فهو الذي يحرم عليه الإفطار ، والظاهر عدم الفرق بين المرأة والرجل ، والقابل والفاعل ، ونقل في الوجوب على المرأة ، الإجماع في المنتهى.

ويدل عليه بعض العمومات ، مثل ما رواه الشيخ عن المشرقي ، عن ابى الحسن عليه السّلام قال : سألته عن رجل أفطر من شهر رمضان أيّاما متعمدا ما عليه من الكفارة؟ فكتب عليه السّلام : من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق

__________________

(١) في ج ١ ص ١٣٣ حيث قال قدس سرّه : والظاهر ان الوجوب بالدخول في قبلها ، عليهما لبعض الاخبار ، وكذا الدبر ، واما دبر الغلام فلا ، الّا ان يثبت الإجماع المركب ، وللدخول في البهائم بعيدا ، الأحوط الوجوب فيهما فلا يترك (انتهى)

(٢) قال في المنتهى ص ٥٦٤ : الانزال نهارا مفسد للصوم مع العمد سواء انزل استمناء أو ملامسة أو قبلة بلا خلاف (انتهى)

(٣) يعنى وجوب القضاء والكفّارة معا في مسألة الإنزال مع شرائط وجوبهما في غيره من المفطرات

(٤) هذا أيضا عطف على قوله : واما الشرائط كما تقدم

٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

رقبة مؤمنة ، ويصوم يوما بدل يوم (١).

وهذه تدل على القضاء أيضا ، ولا يضرّ الجهل بحال المشرقي ، لأنه مؤيّد ، ولا الاختصار على العتق.

ويدل عليه (٢) أيضا قوله عليه السّلام فيما تقدم (مثل ما على الذي يجامع) (٣) فتأمّل.

واما الموجب فهو أحد الأمور الثلاثة المتقدمة على التخيير ، وهو مذهب أكثر الأصحاب ، ونقل عن ابن ابى عقيل قول بالترتيب.

ودليل الأوّل ، الأصل ، وما مرّ من الاخبار.

ودليل ابن ابى عقيل حديث المشرقي المتقدم حيث ما ذكر الّا العتق فيكون مقدما ، وهو قاصر عن الدلالة ، مع عدم صحّة السند ، والمعارضة بالأدلّة القويّة وصحيحة الأعرابي المتقدمة (٤).

وما يشعر بغير ذلك (٥) مثل ما يدل على التصدق فقط ، مثل حسنة عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل وقع على أهله في (شهر) رمضان فلم يجد ما يتصدق به على ستين مسكينا ، قال يتصدق بقدر ما يطيق (٦).

وكرواية سماعة (٧) قال : سألته عن رجل أتى أهله في (شهر ـ خ) رمضان

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) يعنى على وجوبهما معا

(٣) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٨ حديث ٢ ـ ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) أي غير أحد الأمور الثلاثة

(٦) الوسائل باب ٨ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٧) الدالة بظاهرها على الجمع ـ كذا في هامش بعض النسخ الخطّية

٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

متعمدا ، فقال : عليه عتق رقبة ، وإطعام ستين مسكينا ، وصيام شهرين متتابعين ، وقضاء ذلك اليوم و (من ـ خ) اين له مثل ذلك اليوم (١).

يردّ (٢) أو يئوّل بالاستحباب أو عن العجز عن الكل (٣) ، لما مرّ من كون ذلك مع العجز عن الكل في صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة.

لعدم (٤) صحّة السند (٥) ، والإضمار (٦).

وأوّلها (٧) الشيخ باحتمال كون الواو بمعنى (أو) واحتمال كون الإتيان محرّما ككونها في الحيض.

وأيّده بما رواه الصدوق ، عن عبد السّلام بن صالح الهروي ، قال : قلت للرضا عليه السّلام : يا ابن رسول الله روى عن آبائك عليهم السّلام فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات ، وروى عنهم عليهم السّلام أيضا كفارة واحدة فبأي الحديثين نأخذ؟ قال : بهما جميعا ، متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان ، فعليه ثلاث كفارات ، عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستين مسكينا ، وقضاء ذلك اليوم ، وان كان نكح حلالا أو أفطر على حلال ، فعليه كفارة واحدة وان كان ناسيا فلا شي‌ء عليه (٨).

وبه أفتى أبو جعفر بن بابويه ، قال في الفقيه : واما الخبر الذي روى فيمن

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) خبر لقوله قده : (وما يشعر بغير ذلك)

(٣) على ترتيب اللف والنشر المشوّش

(٤) دليل لقوله قده : يردّا ويؤل

(٥) في الاولى

(٦) في الثانية

(٧) يعني الأخيرة

(٨) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا أن عليه ثلاث كفارات ، فإنّي أفتى به فيمن أفطر بجماع محرم عليه أو بطعام محرّم عليه لوجود ذلك في روايات ابى الحسين الأسدي رضى الله عنه فيما ورد عليه من الشيخ ابى جعفر محمد بن عثمان العمريّ رضى الله عنه (انتهى).

وهذه الروايات غير معلومة ، بل ما نعلم نقلها عن الامام عليه السّلام أيضا (١).

والذي نقلها الشيخ عن الصدوق ، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيشابوري ، عن على بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبد السلام بن صالح الهروي ، الرواية المتقدمة فليست بمعلومة كونها منها (٢) ، بل الظاهر انها غيرها ، لعدم وقوع ابى الحسين الأسدي وابى جعفر فيها.

وسندها غير واضح لعدم العلم بحال عبد الواحد بن محمد بن عبدوس ، ومجرد كونه شيخا لأبي جعفر الصدوق وروايته عنه بلا واسطة ، لا يدلّ على التوثيق كما قاله الشهيد الثاني في شرح الشرائع (٣) وافتى بذلك.

مع عدم توثيق على بن محمّد ، ومجرد قول النجاشي : انه اعتمد عليه الكشي

__________________

(١) لكن قال المجلسي الأول رحمه الله في روضة المتقين ج ٣ ص ٣٢٦ : والظاهر انه رواه عن الصاحب صلوات الله عليه (انتهى)

(٢) يعنى كون رواية عبد السّلام غير معلومة كونها من روايات الأسدي

(٣) قال فيه (اى المسالك) : وانما ترك المصنف العمل بها لأن في سندها عبد الواحد بن عبدوس النيسابوري وهو مجهول الحال ، مع انه شيخ ابن بابويه ، وهو قد عمل بها فهو في قوّة الشهادة بالثقة ومن البعيد ان يروى الصدوق عن غير الثقة بلا واسطة ، واعلم ان العلامة في التحرير في باب الكفارات شهد بصحّة الرواية وهو صريح في التزكية لعبد الواحد وان كان في غيره من الكتب أنّه لا يحضره حاله وكيف كان فالعمل بها متعيّن (انتهى)

٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

في كتاب رجاله لا يدل على توثيقه ، بل يدل على جهل حاله عنده.

واما الهروي ، فقال في رجال ابن داود : انه عاميّ ، وكذا قال في الخلاصة في باب كنى الضعفاء ، وان قال في الباب الأوّل انه ثقة ، فلو أردنا الجمع بينهما فنقول : انه عاميّ ثقة ، فليس قصورها في عبد الواحد فقط حتى يندفع بما قاله : ففي العمل بها كما عمله المتأخرون إشكال.

وأشكل منه تعميمه (١) حتى خرج عما قاله ابن بابويه ، وعن دليله ، وهو كل جماع حرام أو طعام حرام فقط.

فلا ينبغي إدخال الاستمناء والغبار والنخامة.

ولأن إيجاب أمثال هذه الأمور الشاقّة المخالفة للأصل ـ وارادة اليسر وعدم العسر ، والشريعة السهلة ، وعموم الأخبار الصحيحة الكثيرة الدالة على كفارة واحدة فيما يوجبها ، مثل الجماع والأكل ، والشرب ، والفطر ، وترك التفصيل في ذلك حيث ما فصّل فيها ، مع أنّ ترك التفصيل دليل العموم ـ بعيد.

وللزوم التخصيص في ذلك كله.

على انه يمكن الحمل على الاستحباب كأخبار الترتيب (٢) والشيخ أيضا ذكر ، وجها آخر للجمع ، والاستحباب غير بعيد عن الرّواية.

ثم ان الظاهر أنه على تقدير القول به ، فهو مخصوص بجماع محرّم أو إفطار

__________________

(١) يعنى تعميم شارح الشرائع حيث قال : ولا فرق بين الأصلي كالزنا وأكل مال الغير بغير اذن ، والعارضي كالوطي في الحيض ، ومن افراد المحرم الاستمناء وإيصال الغبار الذي لا يسوغ تناوله في غير الصوم الى الحلق وابتلاع نخامة الرأس إذا صارت في فضاء الفم أو مطلقا مع إمكان إخراجها على قول يأتي (انتهى)

(٢) يعنى كما ان اخبار الترتيب تحمل على الاستحباب ويعمل باخبار التخيير

٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

على محرّم ، مثل أكل أو شرب كذلك (١) في شهر رمضان ، فلا تكون (٢) في غير شهر رمضان وان كان بهما.

ومطلق الانزال كذلك (٣) ، مثل الاستمناء باليد والغبار الغليظ على تقدير القول به ، والارتماس وأمثالها.

وممّا يؤيد العدم فيها ما يدل على إيجاب الكفارة الواحدة في أمثالها فتأمّل.

ثم اعلم أنّ الظاهر ان ما يصدق عليه رقبة ، يكفى عتقها ، فيجزي مطلق المملوك المحض ـ الذي ما عتق منه شي‌ء ، ولا يجب عتقه بسبب آخر ـ ولو كان رضيعا أو رضيعة.

ولا يكون الايمان شرطا ، للأصل وامتثال الأوامر الدالّة على الاجزاء.

وما ورد في رواية المشرقي من قوله عليه السّلام (رقبة مؤمنة) لا يصلح لتخصيصها ، مع إمكان الاشتراط خصوصا الإسلام أو ما بحكمه فتأمّل.

وان الظاهر في الإطعام أنّه يكفى ما يصدق عليه إطعام ستين مسكينا ، بإشباعهم الطعام ممّا يصدق عليه الطعام ويؤكل عادة أو بإعطائه منه لكل واحد مدّا

ونقل عن الشيخ وجوب المدّين.

والأصل مع بعض ما تقدم والشهرة تدل على الأوّل.

__________________

(١) يعني إذا كانا محرّمين

(٢) أي كفارة الجمع ، يعنى لا تلزم كفارة الجمع في غير شهر رمضان وان كان الإفطار ، بالجماع المحرّم أو الأكل بالمحرّم

(٣) يعنى ان طبيعة الانزال المحرّم وقوله قده مثل الاستمناء إلخ مثال للإنزال المحرّم

٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا (١) وجود خمسة عشر صاعا في بعض الروايات ـ مثل ما تقدم في رواية ، الواقع على أهله ـ من طرقهم ، إنّه قال له صلّى الله عليه وآله : اجلس فجلس ، فدخل بمكتل فيه خمسة عشر صاعا.

وفي صحيحة عبد الرحمن بن ابى عبد الله عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا ، قال : عليه خمسة عشر صاعا ، لكل مسكين مدّ بمدّ النبي صلّى الله عليه وآله (٢).

ولا يضرّ وجود ابان بن عثمان (٣) لما مرّ.

وصدق (٤) الإطعام المأمور به في الأخبار الصحيحة الكثيرة المعمولة ، والأمر للاجزاء.

وعدم ما يدل على المدين ، نعم في بعض الأخبار ما يدل على عشرين صاعا ، مثل ما في صحيحة جميل المتقدمة (٥).

ورواية محمد بن النعمان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان ، فقال : كفارته جريبان من طعام ، وهو عشرون صاعا (٦).

__________________

(١) يعنى يدل على الأول

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ١٠ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) وسندها ـ كما في التهذيب ـ هكذا : سعد بن عبد الله ، عن ابى جعفر ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن ابى عبد الله ، عن ابى عبد الله عليه السّلام

(٤) عطف على قوله قده : وكذا وجود خمسة عشر صاعا يعنى ان المأمور هو الإطعام ، والمفروض صدق الإطعام

(٥) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) الوسائل باب ٨ حديث ٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وهما ممّا يدلّان على المدّين ، بل على أقل ، وهو مدّ وثلثه ، والظاهر عدم القول به.

على ان الرواية ، فيها «عشرة أصيع (أصوع ـ خ ل) بصاعنا» ، فيدلّ على صغر الصاع ، فيحمل عليه (أو) أنّ الموجود ذلك كان (أو) أنّه أعطاه لينفق على عياله فلا يضره الزيادة.

على أن الواقع في الفقيه ـ في الصحيح ـ عن عبد الله بن سنان (وهو خمسة عشر صاعا) (١) مثل رواية العامّة.

ويؤيّد هذا ما في رواية عبد الرحمن بن الحجاج ، المتقدمة.

والثانية (٢) مع عدم صحة السند يمكن حملها على الصغر كما قلناه والاستحباب أيضا.

«فرع»

الظاهر أنه على تقدير العجز عن الثلاث يتصدّق بما يكون (يطيق ـ خ ل). وتدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان (٣) وحسنته (٤) المتقدمتان.

__________________

(١) قد مرّ انا لم نجده فيما نسبه الى عبد الله بن سنان بل هي رواية عبد المؤمن بن الهيثم الأنصاري عن ابى جعفر عليه السّلام فلاحظ الوسائل باب ٨ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) عطف على قوله : (على ان الاولى) فلا تغفل

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم وفيه : فان لم يقدر على ذلك تصدق بما يطيق

(٤) الوسائل باب ٨ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم وفيه قال (ع) فيمن لم يجد ما يتصدّق به على ستين مسكينا يتصدق بقدر ما يطيق

٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فان عجز بالكلّية استغفر الله وتسقط عنه الكفارة كما قاله الأصحاب.

وورد في الرواية أنّه كفّارة ، عن كل ذنب وعوض عن كل كفارة (١) ، وفي بعض الروايات استيفاء كفارة الظهار (٢) ، وسيجي‌ء تحقيق البحث في موضعه.

واما ما هو المشهور بين متأخري الأصحاب من لزوم صوم ثمانية عشر يوما على تقدير العجز عن الكل ، فما رأيت فيه الّا رواية أبي بصير ، وسماعة بن مهران ، قالا : سألنا أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين فلم يقدر على الصيام ولم يقدر على العتق ، ولم يقدر على الصدقة؟ قال : فليصم ثمانية عشر يوما ، عن كل عشرة مساكين ثلاثة أيام (٣) وليست بصحيحة ، ولا صريحة في نفى ما قلناه من وجوب التصدق بما يطيق ، فيمكن كون ذلك بعد العجز عن التصدق بالكلّية.

وأيضا ، قد يكون ذلك في المرتّبة ، كما هو الظاهر ، والمصنف في المنتهى نقل

__________________

(١) لعلّه إشارة إلى قوله عليه السّلام ـ في رواية داود بن فرقد ـ : ان الاستغفار توبة وكفارة لكل من لم يجد السبيل إلى شي‌ء من الكفارة ـ الوسائل باب ٦ حديث ٣ من أبواب الكفارات

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٤ من أبواب والكفارات ومتن الحديث هكذا : إسحاق بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه وينوي أن لا يعود قبل أن يواقع ثم ليواقع ، قد أجزأ ذلك عنه من الكفارة فإذا وجد السبيل الى ما يكفر يوما من الأيام فليكفر ، وان تصدق واطعم نفسه وعياله فإنه يجزيه إذا كان محتاجا ، والا يجد ذلك فليستغفر ربه وينوي ان لا يعود فحسبه ذلك والله كفارة

(٣) لم نجد عليه بهذا السند في الوسائل نعم في الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب بقية الصوم ، لكن الراوي أبو بصير فقط ، لكن في الاستبصار ج ٢ باب كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان من كتاب الصيام أورد الحديث كما أورده

٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الاختلاف في عبارتي الشيخين في الحكم ، وسكت. (١)

ثم إنّ الظاهر أنّ العجز عن الكفارة بالعتق واضح ، وعن الصوم كذلك.

وأما عن التصدق ، فقالوا : بأن لا يكون عنده فاضل قوته وقوت عياله في ذلك اليوم وغير ذلك من مستثنيات الدين.

وكذا العجز عن قيمة الرقبة مع وجودها بها.

فكأنهم أخذوه من كون ذلك في الدين ونحوه ، فلو خالف حينئذ وتصدق (٢) به فلا يبعد الاجزاء لاحتمال كون ذلك للرخصة.

واما الانتقال الى صوم ثمانية عشر يوما ، فهل يتحقق بالبعض عن الأول ولو بيوم أم لا؟ بل يجب الإتيان على ما يطيق كالتصدق ، والإتيان بما يمكن ـ فغير بعيد ، لعدم سقوط الميسور بالمعسور ، ولامتثال (ما استطعتم) فينبغي الإتيان بالأقل أيضا لو كان مقدورا ، ولان وجوب ستين مستلزم لوجوب الأقل ، والأصل عدم اشتراط وجوب البعض بالقدرة على الآخر ، فإنه يلزم ، إما الترجيح بلا مرجح أو الدور فتأمل فيه.

ولو قدر على البعض من الصوم والإطعام فلا يبعد التخيير ، واختيار الأكثر ، ويحتمل الجميع في صوم شهر وإطعام ثلاثين ، وسيجي‌ء لهذا زيادة بحث في الكفارات.

أما الموجب فيه فلا شك ان الإفطار في شهر رمضان موجب لها وقد مرّت الأدلّة واما غيره فيمكن كون صوم قضاء شهر رمضان بعد الزوال أيضا كذلك ،

__________________

(١) لاحظ المنتهى ص ٥٧٥ من قوله ره : الثالث اختلفت عبارة الشيخين هنا إلخ والعبارة طويلة فلاحظها

(٢) اى تصدق بقوته وقوت عياله

٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وعليه أكثر الأصحاب.

لرواية بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان ، قال : ان كان أتى أهله قبل زوال الشمس فلا شي‌ء عليه الّا يوم مكان يوم ، وان كان أتى أهله بعد زوال الشمس ، فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين ، فان لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم وصام ثلاثة أيام كفارة لما صنع (١)

وصحيحة هشام بن سالم قال : قلت لأبي عبد الله على السّلام : رجل وقع على أهله وهو يقضى شهر رمضان؟ فقال : ان كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شي‌ء عليه ، يصوم يوما بدل يوم ، وان فعل بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين فان لم يمكنه صام ثلاثة أيام كفارة لذلك (٢).

ونقل في المنتهى ، عن ابن ابى عقيل عدم الكفارة للأصل ، ولما في موثقة عمار الساباطي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، سئل فإن نوى الصوم ثم أفطر بعد ما زالت الشمس؟ قال : قد أساء وليس عليه شي‌ء إلّا قضاء ذلك اليوم الذي أراد ان يقضيه(٣)

ولان الروايات الدالة على الكفارة مختلفة ، مثل ما مرّ ، ورواية زرارة (وفي الطريق على بن الحسن بن فضال (٤) مع عدم وضوح الطريق اليه) (٥) قال : قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتى

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب وجوب الصوم.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) الوسائل باب ٢٩ ذيل حديث ٤ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٤) طريق الحديث كما في التهذيب هكذا : على بن الحسن بن فضال ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن زرارة

(٥) طريق الشيخ الى ابن فضال كما في مشيخة التهذيب هكذا : وما ذكرته في هذا الكتاب ، عن على

٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

النساء ، قال : عليه من الكفارة ما على الذي أصاب في شهر رمضان ، لأنّ ذلك اليوم عند الله من أيّام رمضان (١) فللحمل على الاستحباب وجه.

على ان الرواية الأولى (٢) غير صحيحة لوجود الحارث بن محمد فيها (٣) ، وهو مجهول غير مذكور في الخلاصة ، ورجال ابن داود ، ورجال النجاشي ، وفهرست الشيخ ، على ما رأيته ، وان قال في المنتهى بالصحّة.

والثانية (٤) تدل على عدم الكفارة بعد الزوال أيضا ان كان قبل صلاة العصر وعلى الكفارة بعدها.

وحمل العصر على الزوال ، بعيد ، ولا ضرورة.

على أنهما في الوقاع فقط ، وقياس غيره عليه لا لدليل ، غير جيّد ، وعدم القائل بالواسطة غير ظاهر ، مع أن فيه ما فيه.

نعم يمكن جواز الإفطار قبل الزوال وعدم جوازه بعده ، لما مرّ.

ولصحيحة عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : صوم النافلة لك ان تفطر ما بينك وبين الليل متى ما شئت ، وصوم قضاء الفريضة ، لك ان تفطر الى زوال الشمس ، فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر (٥).

ورواية سماعة بن مهران ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في قوله الصائم

__________________

بن الحسن بن فضال ، فقد أخبرني به احمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر سماعا منه ، واجازة ، عن على بن محمد بن الزبير ، عن على بن الحسن بن فضال

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) يعني رواية بريد العجلي المتقدمة

(٣) سندها كما في الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا ، عن احمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحارث بن محمد ، عن بريد العجلي

(٤) يعني صحيحة هشام بن سالم

(٥) الوسائل باب ٤ حديث ٩ من أبواب وجوب الصوم

٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

بالخيار الى زوال الشمس ، قال : إنّ ذلك في الفريضة ، فاما النافلة فله ان يفطر أيّ ساعة (وقت ـ خ) شاء الى غروب الشمس (١).

وهذه تدل على مطلق الفريضة لا القضاء عن شهر رمضان فقط الّا انها غير صحيحة ، ولعموم ما في حسنة الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام : هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار (٢).

وقد بيّن في هذه الرواية أنّ المراد ، الفريضة.

وصحيحة جميل بن درّاج ، عن ابى عبد الله عليه السّلام انه قال في الذي يقضى شهر رمضان انه بالخيار الى زوال الشمس ، فان كان تطوّعا ، فإنّه إلى الليل بالخبار (٣).

ومثلها رواية إسحاق بن عمار عنه عليه السّلام (٤).

فيمكن حمل مقطوعة عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سألت عن الرجل يقضى رمضان أله أن يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال إذا بدا له؟ فقال : إذا كان نوى ذلك من الليل وكان من قضاء شهر رمضان فلا يفطر ويتم صومه (٥) الحديث.

على الاستحباب ، كحمل لفظ (لا ينبغي) في رواية أبي بصير في قضاء شهر رمضان : لا ينبغي له ان يكرهها بعد الزوال (٦) ـ على التحريم.

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ٨ من أبواب وجوب الصوم

(٢) الوسائل باب ٤ قطعة من حديث ١٣ من أبواب وجوب الصوم ـ وصدرها هكذا : سألته عن الرجل يصبح وهو يريد الصيام ثم يبدو له فيفطر قال : هو بالخيار إلخ

(٣) الوسائل باب ٤ حديث ٤ من أبواب وجوب الصوم

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ١٠ من أبواب وجوب الصوم

(٥) الوسائل باب ٤ حديث ٦ من أبواب وجوب الصوم

(٦) الوسائل باب ٤ حديث ٢ من أبواب وجوب الصوم

٨٠