مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

.................................................................................................

______________________________________________________

صلّى الله عليه وآله.

وقوله عليه السّلام : يؤخّر الغسل متعمدا (١) كالصريح في عدم العذر.

والمتبادر من الفجر هو الثاني ، للّغة ، والعرف ، ولان الظاهر انه صلّى الله عليه وآله كان يصلى صلاة الليل في وقت الفضيلة (٢) سيما في ليالي شهر رمضان.

وحمل (٣) ـ أيضا ما يدل على القضاء فقط ـ على من انتبه بعد النوم مرّة واحدة بعد العلم بالجنابة ثم نام بقصد الغسل واتفق الفجر قبله بقرينة ما هي صريحة في ذلك من الاخبار مثل صحيحة معاوية بن عمار وابن ابى يعفور (٤).

وهذا غير بعيد ، لحمل المطلق أو العام على المقيد والخاصّ ، لكن ما يفهم قبل النوم بقصد الغسل كأنه مأخوذ من الاعتبار فتأمّل.

ويمكن حمل المطلق والعام ، على العامد العالم ، والكلّ على الاستحباب.

وحمل الشيخ ما يدل على وجوب القضاء ، والكفارة ممّا مرّ من الاخبار ، على الانتباهتين بعد العلم.

وهذا بعيد جدا ، وما رأيت له شاهدا ، بل ولا داعيا لعدم ما يدل على وجوبهما بعدهما ، ولعدم صحّة هذه الاخبار المجهولة ، والقصور في المتن والدلالة ، ولكون ظاهر الأوّلتين (٥) منها في العامد العالم ، وإمكان حمل الأخيرة على ذلك كما

__________________

(١) في رواية حبيب المتقدمة حتى يطلع الفجر ـ راجع الوسائل باب ١٦ حديث ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٢) لاحظ الوسائل باب ٥٣ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة

(٣) يعني وحمل الشيخ أيضا إلخ

(٤) لا حظ الوسائل باب ١٥ حديث ١ و ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) يعنى بالروايتين الأولتين روايتي أبي بصير وسليمان بن حفص ، وبالأخيرة رواية إبراهيم بن عبد الحميد

٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

هو المذهب المشهور كما حملها عليه في الاستبصار.

ثم اعلم أنّ في الكافي أخبارا تدل على وجوب القضاء على من بقي على الجنابة متعمدا ، مثل ما مرّ من أدلة ابن ابى عقيل.

وهي صحيحة الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام انه قال : في رجل احتلم أوّل الليل أو أصاب من أهله ، ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح؟ قال : يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربّه (١).

وهذه كأنها تدلّ على وجوب الغسل للصوم ، وتحرم الترك والنوم بعد العلم بالجنابة مطلقا.

ثم نقل (٢) رواية ، عن ابن بكير (٣) ، دالّة على جواز صوم التطوع لمن أصبح جنبا كما مرّ في حسنة عبد الله بن المغيرة ، عن حبيب الخثعمي المتقدّمة (٤) المنقولة عن الفقيه ، وعدم البأس بالاحتلام في نهار رمضان.

وصحيحة ابن سنان قال : كتب أبي ، الى ابى عبد الله عليه السلام وكان يقضى شهر رمضان ، وقال : انى أصبحت بالغسل وأصابتني جنابة فلم اغتسل حتى طلع الفجر فأجابه عليه السّلام : لا تصم هذا اليوم ، وصم غدا (٥).

ولعل معنى (أصبحت بالغسل) إنّي أردت أن أصبح غير جنب.

ورواية سماعة بن مهران ـ في التهذيب ـ قال : سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان ، فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى يدركه

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) يعني الشيخ رحمه الله

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أدركه ـ خ) الفجر ، فقال : عليه ان يتمّ صومه ويقضى يوما آخر ، فقلت : إذا كان ذلك من الرجل وهو يقضى رمضان؟ قال : فيأكل يومه ذلك وليقض ، فإنّه لا يشبه رمضان شي‌ء من المشهور (١).

فيفهم من ذلك كلّه ، عدم اشتراط الصوم المندوب بالغسل مطلقا ، وعدم صحّة قضاء شهر رمضان بدون غسل الجنابة ليلا على الظاهر ، وصحة غيره من صيام غير شهر رمضان ، وصوم شهر رمضان من الجنب ليلا الى بعد الفجر مع النسيان والعذر.

واما صحته من الجنب العامد العالم المختار ، وسقوط القضاء والكفارة ، فمحلّ الاشكال ، لما عرفت من اختلاف الاخبار والأقوال.

ويمكن الجمع بين ما يعتبر منها بما مرّ ، من حمل المطلق على المقيد ، مع عدم تقييد ما يدل على عدم القضاء بالنوم مع قصد الغسل لكثرة الأخبار الدالّة على خلافه. فلا يكون على الّذي نام أوّلا بعد العلم بالجنابة حتى طلع الفجر شي‌ء أصلا.

وعلى الذي نام مرّة أخرى بعد النوم الأوّل وانتبه وقد طلع الفجر ، القضاء كما هو مقتضى الأخبار ، فيلزم ذلك على العامد الباقي على الجنابة حتى يطلع الفجر بالطريق الأولى.

ولا استبعاد في سقوط القضاء مع النوم عمدا بعد ورود هذه الاخبار ، وعدمه ومع البقاء كذلك.

وإسقاط (٢) ما يدل على الكفّارة بالكليّة ، لعدم الصحّة ، والأصل ، ولما

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) يعني ولا استبعاد في إسقاط إلخ

٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

يدل على القضاء فقط ممّا مرّ ، ولما يدلّ على عدم الشي‌ء أصلا كما مرّ (أو) حمله على الاستحباب ، ويكون حينئذ غسل الجنابة واجبا لصوم شهر رمضان.

ويؤيّد الوجوب ، صحيحة الحلبي المتقدمة (١) ، قال : (ويستغفر ربّه) ، وهذه تدل على تحريم الإفطار في شهر رمضان (٢) ووجوب القضاء.

ولكن بقي (٣) ما يدل على عدم شي‌ء ، كما هو مذهب الصدوق (بلا تصرف (٤) ولا بد منه ـ خ).

ويحتمل (٥) حمله على جاهل الحكم وناسية ، ولكن لا يتمّ في صحيحة حبيب (٦).

وعلى غير المختار ، والمعذور (أو) التقيّة ، فيتمّ ، لكنه بعيد فيها جدا للبعد عن الاخبار الكثيرة الصحيحة ، فيكون صوم شهر رمضان مشروطا بغسل الجنابة ليلا من العالم ، المختار ، العامد لا غير.

ويمكن أيضا حمل ما يوجب القضاء فقط على من نام متعمدا ـ بعد العلم بالجنابة ـ على الاستحباب للجمع ، فلا يكون البقاء على الجنابة حراما ولا موجبا لشي‌ء فلا يكون غسل الجنابة شرطا له.

وهو أيضا بعيد ، لكثرة الأخبار الصحيحة الصريحة في وجوب القضاء ،

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) يعنى على فرض بقائه عمدا الى طلوع الفجر يحرم أيضا الإفطار

(٣) راجع الوسائل باب ١٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) قوله ره : بلا تصرف متعلّق بقوله ره : بقي يعني بقي الأخبار المتقدمة الدّالة على مذهب الصدوق ره ، بلا تصرف في مضمونها ، مع انه لا بد من التصرف فيها

(٥) قوله ره : ويحتمل حمله إلخ شروع في التصرف

(٦) فإنها وردت في فعل النبي صلّى الله عليه وآله ذلك ولا يمكن في حقه (ص) الحمل على الجهل والنسيان

٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وبعد وجوب القضاء على من نام بعد العلم بالجنابة مرّة أخرى وصادف الفجر وعدمه على الباقي.

(وحمل) ما يدل على ذلك أيضا على الاستحباب ، وعدم إيجاب شي‌ء أصلا ، وعدم اشتراط صوم بغسل أصلا كما هو مقتضى ظاهر مذهب الصدوق ،

(بعيد) أيضا لمخالفة أكثر الأصحاب ، والشهرة العظيمة ، والأخبار الكثيرة الصحيحة خصوصا صحيحة الحلبي (١).

وبالجملة تحقيق هذه المسألة من المشكلات ، ولا ينبغي ترك الاحتياط بوجه.

ولا يبعد مذهب ابن ابى عقيل ، ومذهب ابن بابويه أيضا (واما) وجوب القضاء والكفارة في الصوم المعيّن ، واشتراط الصوم مطلقا (٢) ، بغسل الجنابة ليلا كما هو مذهب المشهور ويمكن حمل كلام البعض عليه ، مثل قولهم : يجب غسل الجنابة للصوم.

(فما) رأيت دليلا يصلح لذلك ويقاوم الأصل وظاهر الأخبار المتقدمة ، بل الآية أيضا فكأن مخالفة المشهور لا بد منها لذلك (٣) خصوصا في صوم غير شهر رمضان ، لما تقدم من اختصاص دليل الوجوب بشهر رمضان فتأمّل.

ثم أبعد من ذلك إيجابه (٤) للصوم مع ضيق الوقت إلّا بمقدار الغسل ، وكأنه (٥) قريب من الحرج من غير دليل واضح.

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) يعنى واجبا وتطوعا ، أداء وقضاء

(٣) اى لعدم الدليل

(٤) يعنى كون الغسل شرطا وضعا لصحّة الصوم حينئذ

(٥) يعني الإيجاب الوضعي المذكور

٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وظاهر الأخبار المتقدمة الدالة على مذهب ابن ابى عقيل والمشهور (١) يدل على كفاية الغسل من الجنابة ليلا مطلقا للصوم في شهر رمضان ، وكذا كلام أكثر الأصحاب.

فعلى تقدير القول بالوجوب والاشتراط فالظاهر صحّة نية الوجوب للصوم (٢) في أيّ جزء كان من الليل ، وقد مرّ البحث فيه في أوّل الكتاب.

والاحتياط لمن لم يكن ذمّته مشغولة بمشروط بالغسل ، وكذا الشاك في ذلك ، إيجابه بنذر الغسل وشبهه أو المشروط به والمشغول ذمته به قصد فعل ذلك المشروط ، بل فعله أيضا.

وأبعد منه (٣) إلحاق باقي الصوم بذلك من النذور المعيّنة ونحوها.

واما المطلقة فيحتمل كونه كالتطوع (٤) للأصل ، ويحتمل كونه كقضاء شهر رمضان (٥) كما هو ظاهر بعض عبارات الأصحاب لاشتراكه في الوجوب الغير المعين.

ويدل على اختصاص الحكم المذكور على تقرير ثبوته لصوم شهر رمضان قوله عليه السلام ـ في رواية سماعة ـ فإنه لا يشبه رمضان. شي‌ء من الشهور) (٦).

وكذا يبعد إلحاق الحائض المنقطع دمها قبل الفجر ، بالجنب ، قال المصنف في المنتهى : لم أجد لأصحابنا نصا صريحا في حكم الحيض في ذلك يعنى انها إذا

__________________

(١) يعنى كلتا الطائفتين من الاخبار الدالّة على وجوب الغسل قبل الطلوع يدل إلخ

(٢) يعني نيّة الوجوب في الغسل لأجل الصوم ، فيرجع البحث إلى النيّة لا الى ما يجب الإمساك عنه

(٣) يعنى من أصل الحكم في شهر رمضان إلحاق غير رمضان من أنواع الصيام المعينة كالنذر وأخويه

(٤) فلا يحتاج الى الغسل

(٥) فيحتاج الى الغسل

(٦) الوسائل باب ١٩ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

انقطع دمها قبل الفجر هل يجب عليها الاغتسال ويبطل الصوم لو أخلّت به حتى يطلع الفجر؟ والأقرب ذلك لأنّ حدث الحيض يمنع الصوم فكان أقوى من الجنابة ، وابن ابى عقيل قال : إنّ الحائض والنفساء إذا طهرتا من دمها ليلا فتركهما الغسل حتى يطلع الفجر عامدتين وجب عليهما القضاء خاصّة (انتهى).

ورأيت في باب زيادات التهذيب ـ في أحكام الحيض والنفاس ـ ما رواه الشيخ مسندا ، عن ابى بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ان طهرت بليل من حيضتها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم (١)

ويمكن جعلها دليلا لابن ابى عقيل ، ولكن سنده غير صحيح ، وإيجاب القضاء بمثله مشكل ، بل لا يجوز ، والنظر في الأدلّة يقتضي عدم شي‌ء عليهما أصلا ، وعلى تقديره فهو مخصوص بشهر رمضان ، بدليله المخصوص به.

وامّا إلحاق ماس الميّت به ، فلا وجه له.

وامّا إلحاق المستحاضة التي يجب عليها الغسل به ، فهو أيضا بعيد بالمعنى الذي أرادوا في غسل الجنابة قطعا ، لعدم ثبوت الحكم في الأصل.

واما قضائها على تقدير تركها الأغسال كلّها في نهار شهر رمضان وجوبا ، فليس ببعيد ، لمكاتبة صحيحة ، عن على بن مهزيار ، قال : كتبت اليه عليه السّلام : امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أوّل يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلّت وصامت شهر رمضان كلّه من غير ان تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين ، فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب عليه السلام : تقضى صومها ولا تقضى صلاتها ، لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله) كان يأمر (فاطمة صلوات الله عليها ـ كا ـ يب و) المؤمنات من نسائه بذلك (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

على انها ليست بصريحة بكون القضاء من جهة ترك أغسال المستحاضة.

لاحتمال كونه لترك غسل الحيض والنفاس ، إذ الظاهر تركه أيضا.

على أنّ عدم قضاء الصلاة لا معنى له ، وقد مرّت في أوّل الكتاب (١) مع التأويل.

وكذا يبعد على ذلك التقدير (٢) وجوب قضاء باقي الصيام المتعيّنة ، وإيجاب الغسل له بالمعنى المشهور بالطريق الأولى.

وأبعد من ذلك كلّه إيجاب التيمّم مع ضيق الوقت الّا بمقداره ، أو التيمّم مع وجوب عدم النوم حتى يطلع الفجر في جميع الصيام الواجب ، أو شهر رمضان فقط.

وكذا اشتراط صحّة الصوم المندوب بالغسل أو التيمم مع التعذر في ذلك الوقت.

واعلم أنّ المصنف قال في المنتهى : إذا أجنب ليلا ثمّ نام ناويا للغسل حتى أصبح صحّ صومه ، ولو نام غير ناو للغسل فسد صومه وعليه قضائه ، وعليه علمائنا (انتهى).

ثم استدل بالأخبار المتقدمة الدالة على وجوب القضاء.

وأنت تعلم ممّا قد مرّ ان ذلك ليس بمذهب كلّ علمائنا ، لما عرفت من خلاف ابن بابويه (٣) ، فإنه يجوّز البقاء على الجنابة عمدا ، فكيف النوم بغير نيّة الغسل.

__________________

(١) راجع المجلد الأول ص ١٦٠

(٢) اى على تقدير تركها الأغسال كلها في نهار شهر رمضان

(٣) يعنى محمد بن على بن بابويه في المقنع كما نقله عنه في المختلف

٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وأن الاخبار خالية عن النوم بغير نيّة الغسل ، وان كانت محمولة عليه عندهم.

وأنّها معارضة بما مرّ في دليل مذهب الصدوق من الاخبار الدّالة على عدم القضاء.

وقد مرّ أيضا أنّ البعض اعتبر في جواز النوم وسقوط الاحكام كون الانتباه قبل فوت محلّ الغسل عادة واتفق خلافها ونام حتى طلع الفجر.

وأنّه غير ظاهر (١) وان الظاهر حينئذ وجوب القضاء والكفارة على الظاهر من مذهب المتأخرين الذين يجعلون الغسل شرطا لصحّة الصوم غير ابن ابى عقيل ومن يقول بمقالته ، ولهذا قال المصنف بعد هذا القول : (لو أجنب فنام على عزم الترك للغسل فحكمه مع طلوع الفجر حكم تارك الغسل عمدا) الّا ان يفرق بين النوم غيرنا وللغسل وعدمه بان يكون غافلا أو غيره ، وبين من نام ناويا لترك الغسل ويمكن إيجاب القضاء في جميع أفراد الأوّل بعيدا ، وظاهر كلامه انه اعادة للمسألة الأولى كما هو دأبه في المنتهى ، ولهذا قال بعده لو أجنب ثم نام ناويا للغسل حتى يطلع الفجر ولم يستيقظ فمفهوم ما تقدم من الأحاديث يدل على الإفساد ، ووجوب القضاء ، لكن قد روى الشيخ رحمه الله في الصحيح ، عن معاوية بن عمار ونقل روايته المتقدمة (٢).

ثم قال : وهو الصحيح عندي وعمل الأصحاب عليه.

ثمّ أيّده بصحيحة عيص المتقدمة (٣) (انتهى)

__________________

(١) يعنى قلنا : انه غير ظاهر من الأدلة بل الظاهر منها حينئذ وجوب القضاء إلخ

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب المقدمة

(٣) الوسائل باب ١٣ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر أنه يريد بالمفهوم عموم منطوقها ، وإطلاقها ، وظهورها فيه ، لا المفهوم المصطلح.

ولا يبعد تقييدها بما ذكر من كونه غيرنا وللغسل للجمع ويحمل على ما ذكر فيه عدم القضاء على ذلك.

وكأنّ ذلك مراده ، مع احتمال وجوب القضاء مطلقا للعموم ، ولا ينحصر سبب الجمع في ذلك لما مرّ من الوجوه.

ولكن ما فهمت دلالة رواية معاوية وعيص ، على مطلوبه من تقييد (عدم شي‌ء) (١) على من أجنب ونام بغير غسل حتى طلع الفجر (بكونه) ناويا للغسل مع قوله :

بلزوم القضاء والكفارة مع ترك النيّة.

بل الظاهر من الأولى (٢) القضاء مع النوم في المرتبة الثانية ، وعدم شي‌ء في المرتبة الاولى مطلقا نوى أو لا ، وان الثانية (٣) تدل على عدم القضاء مطلقا.

ولعل مراده ما ذكرناه من دلالتهما على عدم القضاء مع دلالة الأوّل عليه (٤) وذلك يقتضي الجمع بالنيّة وعدمها ، ولكن ما ذكر وجه الجمع ، فتأمّل.

ثم قال : هل يخصّ هذا الحكم برمضان؟ فيه تردد ، ينشأ من تنصيص الأحاديث على رمضان من غير تعميم ، ولا قياس يدل عليه ، ومن تعميم الأصحاب وإدراجه في المفطرات مطلقا (انتهى).

__________________

(١) المفهوم من قوله عليه السّلام في صحيحة معاوية : ليس عليه شي‌ء ، ومن قوله عليه السّلام في صحيحة عيص : ولا قضاء عليه

(٢) يعني صحيحة معاوية المتقدمة

(٣) يعني صحيحة عيص المتقدمة

(٤) اى على عدم القضاء

٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وأنت تعلم أنّ هذا يقتضي عدم التردد في عدم العموم لعدم الحجيّة في كلام الأصحاب حتى يثبت الإجماع أو دليل آخر.

ثم قال : لو احتلم نهارا في رمضان نائما أو من غير قصد لم يفطر يومه ولم يفسد صومه ويجوز له التأخير ، ولا نعلم فيه خلافا (انتهى).

وكأنّ إطلاق الاحتلام على حصول المنى ـ من غير قصد في النهار مع عدم النوم ـ مجاز.

وأن الظاهر عدم تخصيص الحكم بشهر رمضان ، للأصل وعدم الدليل ، فتأمّل.

وأنّ ما في مرسلة إبراهيم بن عبد الحميد المتقدمة ، يدل على عدم جواز التأخير بالكلّية حيث قال : إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينم حتى يغتسل (١) فتأمّل.

ولكنها ضعيفة السند.

وقد أشرنا إلى أنها مشتملة على ما لا يقول به أحد ، مثل إن أجنب ليلا في شهر رمضان فليس له ان ينام إلّا ساعة واحدة (٢).

وتدل على الحكمين (٣) معا في الجملة موثقة ابن بكير ـ في الكافي ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يجنب ثم ينام حتى يصبح أيصوم ذلك اليوم

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) ما هنا موافق لما في الاستبصار ولكن في موضع من التهذيب (باب الكفارة في اعتماد يوم إلخ) هكذا : وان أجنب ليلا في شهر رمضان فليس له أن ينام ساعة حتى يغتسل ، وفي موضع آخر منه (باب زيادات الصوم):

ومن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلى ساعة حتى يغتسل ، وليس في جميع هذه المواضع لفظة (واحدة)

(٣) أحدهما جواز الإصباح عمدا جنبا في صوم التطوع (ثانيهما) عدم بطلان الصوم مطلقا بالاحتلام في النهار

٥١

وعن النوم عليها من غير نيّة الغسل حتى يطلع الفجر ،

وعن معاودة النوم (للجنب ـ خ) بعد انتباهتين ،

______________________________________________________

تطوّعا؟ فقال : أليس هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار ، قال : وسألته عن الرجل يحتلم بالنهار في شهر رمضان يتم يومه (صومه ـ خ ل) كما هو؟ فقال : لا بأس (١).

وفي ترك الأمر بالاستعجال دلالة على جواز التأخير والأصل دليل قوىّ ، وأنه قد مرّ حسنة حبيب (٢) في جواز التطوع من المصبح جنبا كما يدل عليه أوّل هذه الموثقة.

وانه قد مرّ صحيحة ابن سنان (٣) أيضا في عدم جواز القضاء لمن أصبح جنبا.

قوله : «وعن النوم عليها من غير نيّة الغسل إلخ» يعني يجب الإمساك عن النوم جنبا من غير قصد الغسل ، سواء نوى عدم الغسل أم لا ، مع عدم الغفلة والشعور على الظاهر ، فيجب ان لا ينام أو ينام مع قصد الانتباه والغسل قبل الفجر.

وقد مرّ تقييده بالعادة وظنّ الانتباه ، وذلك غير بعيد على تقدير الوجوب ، ويحتمل الأول فقط ، وقد مرّ تفصيله ، فتأمّل.

قوله : «وعن معاودة النوم إلخ» يعني لو نام الجنب بعد العلم بالجنابة بنيّة الغسل وانتبه ثم نام مرّة أخرى كذلك وانتبه ، يجب عليه أن يمسك عن النوم مرّة أخرى مطلقا (٤).

__________________

(١) أورد صدره في الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ وذيله باب ٣٥ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) مع نيّة الغسل وبدونها ـ بخطه رحمه الله ـ كذا في هامش بعض النسخ الخطيّة.

٥٢

وعن إيصال الغبار الغليظ الى الحلق

______________________________________________________

وكذا بعد المرّة الواحدة أيضا كما سيذكره بقوله : (بعد انتباهه) ويلزم (١) منه الأول أيضا الا انه لما كان الحكم مختلفا ذكرهما معا.

وانما قيّدنا بالنيّة لأنه قد علم وجوب الإمساك عن النوم من غير نيّة مطلقا.

واما دليل الوجوب فليس بظاهر في الكل ، بل وليس هنا شي‌ء يصلح لذلك الّا ما مر من الاخبار الدالة على وجوب القضاء على من نام جنبا حتى يطلع الفجر مطلقا ، وعلى من نام بعد انتباهه ، وعلى وجوب الكفّارة أيضا على من ترك الغسل ، وقد مرّ تفصيلها ، والجمع بينها ، ودلالتها على ذلك غير ظاهر.

قوله : «وعن إيصال الغبار الغليظ الى الحلق» المراد تعمّده ذلك اختيارا كسائر المفطرات ، قيل : الحوالة في الغلظة إلى العرف ، قال في المنتهى : إيصال الغبار الغليظ الى الحلق اختيارا مفسد للصّوم مثل غبار النفض والدقيق وخالف فيه الجمهور (انتهى).

الظاهر أنه ان كان بحيث يصدق عليه عرفا أو لغة أكل الغبار ، يكون حكمه حكم الأكل والّا فلا.

وحينئذ لا يبعد الكراهيّة ، كالشّم ، لما مرّ في رواية سليمان بن جعفر (حفص ـ خ ل) المروزي قال : سمعته يقول : إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شمّ رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في انفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فان ذلك له مفطر (فطر ـ خ ل) مثل الأكل والشرب والنكاح (٢)

__________________

(١) اى يلزم من وجوب الإمساك عن النوم بعد انتباهه واحدة (الأوّل) وهو وجوب الإمساك عنه بعد انتباهتين بخطه رحمه الله ـ كذا في هامش بعض النسخ الخطيّة.

(٢) الوسائل باب ٢٢ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

لقرينة (١) مقارنته بالتمضمض والاستنشاق ، والرائحة المكروهة ، وعدم صحّة السند ، مع الإضمار ، والاكتفاء بخصلة واحدة من الكفارة.

ولرواية عمرو بن سعيد ، عن الرضا عليه السّلام قال : سألته عن الصائم يتدخّن بعود أو بغير ذلك ، فتدخل الدخنة في حلقه قال : جائز لا بأس به ، قال : وسألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه؟ قال : لا بأس (٢).

وقد حملها المصنف على عدم إمكان التحرز منه ، وحال الاضطرار.

وقال (٣) أيضا : على قول السيد المرتضى (٤) ينبغي عدم الإفساد بذلك ، اما لو كان (مفطرا) (٥) ودخل الغبار بغير شعور منه أو بغير اختياره ، فإنه لا يفطره إجماعا (٦).

وبالجملة لا دليل عليه الّا العمومات مع نفى البأس مطلقا في هذه ، فيمكن حمل الأولى على الكراهيّة ، ويمكن حمل الثانية على غير الغليظ ، والاولى عليه ، والأصل دليل قوىّ.

وعلى تقدير الإفساد ووجوب القضاء ، فالظاهر عدم وجوب الكفارة إلّا مع صدق الأكل والفطر عمدا.

وبالجملة ، المدار ، على الصدق ، ولا تفاوت بالغلظ وعدمه ، ولهذا ما وقع الغلظ في الرواية وشبه بالأكل فاستغنى عن حوالته الى العرف ، وتحقيقه ، وكذا

__________________

(١) تعليل لقوله قدس سرّه : لا يبعد الكراهيّة إلخ

(٢) الوسائل باب ٢٢ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) يعني المصنف في المنتهى

(٤) من قوله ره بعدم مفطريّة غير المعتاد كما تقدم نقله عن السيد (ره) في بحث مفطريّة الأكل والشرب

(٥) في النسخة المطبوعة ، ونسختين من المخطوطة (مضطرا) بدل (مفطرا)

(٦) يعنى لو لم نقل بقول السيد رحمه الله ، وقلنا انه مفطر ، لم يفطره في حال الاضطرار إجماعا

٥٤

وعن الاستمناء ،

وعن تعمّد القي‌ء ،

______________________________________________________

الكلام في الدخان.

قوله : «وعن الاستمناء» الظاهر عدم الفرق بين يديه وغيره ، وقد مرّ دليله.

قوله : «وعن تعمد القي‌ء» المراد فعله اختيارا ، فيجب الإمساك عنه ، فلو لم يفعل يجب القضاء خاصّة.

يدل عليه صحيحة الحلبي ـ على الظاهر ، إذ ابن مسكان هو عبد الله لنقله عن الحلبي (١) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا تقيأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم ، وان ذرعه (٢) من غير ان يتقيّأ فليتمّ صومه (٣).

وصحيحة الحلبي وحسنته أيضا ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا تقيّأ الصائم فقد أفطر وان ذرعه من غير أن يتقيّأ فليتم صومه (٤).

ويحمل الإفطار على وجوب القضاء فقط للرواية الأولى ، وللأصل ، ولعدم صراحة الإفطار في وجوب الكفارة.

وان كان الوجوب أيضا محتملا ، وذهب اليه البعض ، لصحّة هذه الرواية من غير احتمال ، واستلزام الإفطار لوجوب الكفارة ، وعدم نفيه في الأولى مع الشك في الصحّة ولعلّه أحوط.

ويبعد القول بعدم شي‌ء كما اختاره ابن إدريس ، للأصل ، لرفعه بالأدلّة.

__________________

(١) وسندها كما في الكافي هكذا : محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، وأبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان بن يحي ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام

(٢) ذرعه القي‌ء اى سبقه وغلب (الصحاح)

(٣) الوسائل باب ٢٩ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٢٩ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٥٥

وعن الحقنة

______________________________________________________

وصحيحة معاوية ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في الّذي يذرعه القي‌ء وهو صائم؟ قال : يتم صومه ولا يقضى (١)

لا تدل على عدم شي‌ء اختيارا وهو ظاهر لأن معنى (ذرعه) جاء به من غير اختياره كما فهم من الرواية السابقة.

ويدلّ على عدم شي‌ء ـ ما لم يصل الى فضاء الفم ويخرج عن الحلق ـ الأصل وعدم تسميته قيئا.

وموثقة عمار بن موسى ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يخرج من جوفه القلس (٢) حتى يبلغ الحلق ثمّ يرجع الى جوفه وهو صائم قال : ليس بشي‌ء (٣).

وكذا صحيحة محمد بن مسلم قال : سئل (٤) أبو عبد الله عليه السّلام عن القلس يفطر الصائم؟ قال : لا فإنّها محمولة على ما تقدم بقرينة مضمرة سماعة قال : سألته عن القلس ـ وهي الجشأة ـ يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير ان يكون تقيأ وهو قائم في الصلاة قال : لا ينقض ذلك وضوئه ولا صلاته ، ولا يفطر صيامه (٥).

قوله : «وعن الحقنة» أي يجب الإمساك عنه أيضا في الوقت المتقدم ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) قلس من باب ضرب : خرج من بطنه طعام أو شراب أيضا ، سواء ألقاه أو اعاده إلى بطنه (وفي مجمع البحرين) القلس بالتحريك ، وقيل بالسكون ، ما خرج ملأ الفم أو دونه

(٣) الوسائل باب ٣٠ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الذي رأيناه في الكافي هكذا : قال (يعنى محمد بن مسلم) : سئل أبو جعفر عليه السّلام ، وفي التهذيب قال : ـ قال سئلت أبا عبد الله عليه السّلام إلخ الوسائل باب ٣٠ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٥) الوسائل باب ٣٠ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر أن مراده بها ، المائعة ، لقوّة دليل تحريمها وكراهتها بالجامد عنده اختياره في المنتهى ، وتدل على الجواز مطلقا ، صحيحة على بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السّلام ـ قال في المنتهى : (حسنة) وليس بواضح لما رأيته في الكافي صحيحا (١) ، وكذا في التهذيب ـ قال : سألته عن الرجل والمرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء وهما صائمان؟ قال : لا بأس (٢).

فإنّ ظاهرها عام في الجامد والمائع كما قاله في المنتهى ، ويؤيّده ترك التفصيل.

وتدل على التحريم مطلقا ، صحيحة أحمد بن محمد بن ابى نصر ، عن ابى الحسن عليه السّلام انه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلّة في شهر رمضان ، فقال : الصائم لا يجوز له ان يحتقن (٣).

وحمل المصنف في المنتهى ، الأولى (٤) على الجامد ، والثانية (٥) على المائع ، فحكم بالتحريم به ، والكراهيّة بالجامد ، مع عدم الفساد والقضاء مطلقا ، للأصل وعدم الدليل وعدم استلزام التحريم لهما واختار في المختلف القضاء للاستلزام ، وهو المختار ، هنا ، والعدم أظهر.

ويدل على التفصيل في الجملة رواية محمد بن الحسين (الحسن ـ خ) في

__________________

(١) سنده في الكافي هكذا : محمد بن يحيى ، عن العمركي بن على ، عن على بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر وفي التهذيب : على بن جعفر ، عن أخيه إلخ وطريق الشيخ ره الى على بن جعفر صحيح كما في المشيخة.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) يعني صحيحة على بن جعفر

(٥) يعني صحيحة ابن ابى نصر

٥٧

وعن معاودة النوم (للجنب ـ خ) بعد انتباهه

______________________________________________________

الكافي ، وفي التهذيب على بن الحسين (الحسن ـ خ ل) ـ (١) عن أبيه قال : كتبت الى ابى الحسن عليه السّلام : ما تقول في اللطف (التلطف ـ خ يب) يستدخله (يستبطنه ـ خ ل) الإنسان وهو صائم ، فكتب : لا بأس بالجامد (٢) وفي الكافي (٣) مكاتبة وسندها غير واضح. التلطف استدخال شي‌ء في الفروج ، فحمل الثانية على الكراهيّة أقرب من التخصيص فيهما لقلّة التصرف ، ووجود مثل هذا المجاز كثير (كثيرا ـ خ ل) وان قلنا ان التخصيص خير من المجاز في الجملة ، فتأمل ، ويؤيده الأصل وبعض الاخبار.

الظاهر عدم الفرق بين الرجل والمرأة وبين القبل والدبر ، والعلاج وعدمه الّا أن يكون مضطرّا فلا تحريم ، ويحمل ما في الرواية على عدم الضرورة وهو ظاهر.

«فرع»

لو داوى جرحه فوصل الدّواء الى الجوف قال في المنتهى : انه يفسد صومه ، والظاهر ، العدم الّا مع التعمّد وعدم الحاجة فتأمّل ، ثم قال : ولو جرح نفسه برمح ونحوه فوصل الى جوفه أو أمر غيره بذلك قال الشيخ يفسد صومه ، ونقل عن الشافعي عدم الفساد ، وهو أظهر لعدم الدليل مع الأصل.

وقد مرّ شرح قوله : «وعن معاودة النوم بعد انتباهه»

__________________

(١) في النسخة التي عندنا من الكافي سندها هكذا : احمد بن محمد ، عن على بن الحسين ، عن محمد بن الحسين (الحسن ـ خ ل) عن أبيه ـ ومن التهذيب : احمد بن محمد ، عن على بن الحسن (الحسين ـ خ ل) عن أبيه قال :

كتبت الى ابى الحسن (ع) إلخ

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) وكذا في التهذيب كما نقلناه

٥٨

فلو فعل شيئا من ذلك بطل الصوم.

ثمّ ان كان الصوم متعينا بالأصالة كرمضان ، أو بنذر (بالنذر ـ خ) وشبهه ، وجب القضاء والكفارة إلا بفعل الثلاثة الأخيرة ، فإنه يجب بها القضاء خاصّة.

______________________________________________________

قوله : «فلو فعل شيئا من ذلك إلخ» يعني لو فعل شيئا ممّا ذكره من قوله : (عن الأكل) ـ إلى هنا ـ يبطل صومه ، فيجب القضاء والكفارة في الكل إلّا في الثلاثة الأخيرة وهي (تعمّد القي‌ء ، والحقنة ، ومعاودة الجنب الى النّوم بعد انتباهه) واحدة فإنها توجب القضاء فقط.

فالبحث (إمّا) في الشرائط أو في المحل أو في الموجب.

اما الشرائط فقال المصنف في المنتهى : وانّما يبطل الصّوم بما عددناه إذا وقع عمدا ، وأمّا إذا وقع نسيانا فلا يجب عندنا (الى أن قال) وكذلك ما يحصل من غير قصد كالغبار الذي يدخل حلقه من الطريق والذبابة (انتهى).

وفيها (١) موثقة مسعدة بن صدقة ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، عن آبائه عليهم السّلام أن عليا عليه السّلام سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم قال : ليس عليه قضاء ، لانه ليس بطعام (٢).

ثم قال : أو يرش الماء عليه ، فيدخل مسامعه وحلقه أو يلقى في ماء فيصل الى جوفه أو يسبق الى حلقه من ماء المضمضة أو يصب في أنفه أو حلقه شي‌ء كرها فهذا كلّه لا يفسد الصوم بلا خلاف نعلمه بين العلماء كافة ، كما لو اكره على الإفطار بأن وجر في حلقه الماء كرها لم يفطر ، ولو توعّده وخوّفه حتى أكل ، فكذلك عندنا ، وقال الشيخ : انه يفطر (انتهى).

__________________

(١) يعني في خصوص الذبابة خبر موثق يدل على عدم البطلان

(٢) الوسائل باب ٣٩ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

(والأصل) ، ورفع القلم عن الخطاء والنسيان ، وما استكرهوا عليه (١) ، وعدم معقوليّة التكليف مع عدم الاختيار (دليل) عدم الإفطار ، فلا كفارة ، ولا قضاء مع عدم الدليل على الوجوب.

«فرع»

الظاهر عدم الفرق في ذلك (٢) بين المفطرات مطلقا.

(ومنها) (٣) وجوب الصوم عليه ، بالاتفاق.

واما العلم (٤) بكون المفطر مفطرا ، فلا يبعد كونه شرطا في وجوب الكفارات ، للأصل ، وعدم ظهور دليل قوّى يشمل صورة الجهل فتأمّل.

واما في القضاء فقط (٥) ، فهو أيضا محتمل ـ مع عدم علمه بوجوب التعلم وأنّ ما تعلّمه كاف وليس الّا ـ

خصوصا (٦) في الأمور الخفيّة الدقيقة التي لا تعرف الا بالجهد وممارسة

__________________

(١) إشارة الى الحديث المعروف ب (حديث الرفع) قال النبي صلّى الله عليه وآله وضع عن أمتي تسعة أشياء ، السهو ، والخطأ ، والنسيان ، وما اكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، والطيرة ، والحسد ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الإنسان بشفة ـ الوسائل باب ٣٧ حديث ٢ من أبواب القواطع من كتاب الصلاة

(٢) يعني فيما ذكره المصنف في المنتهى من أنواع الاعذار.

(٣) يعنى ومن شرائط وجوب القضاء كون الصوم واجبا عليه ، واشتراط هذا الشرط اتفاق من العلماء

(٤) يعنى كون الصائم عالما بأن الشي‌ء الفلاني مفطر فلا يبعد كونه شرطا في لزوم الكفارة ، فالجاهل بهذا الحكم لا تجب عليه الكفارة.

(٥) يعني يحتمل اعتبار العلم بالمفطريّة في وجوب القضاء فقط دون الكفّارة لكن بشرطين (أحدهما) ان لا يعلم ان التعلم واجب (ثانيهما) ان لا يعلم بأن ما تعلّمه فقط كاف فلو علم بأنّ التعلم واجب أو ما تعلمه غير كاف يجب عليه القضاء بل الكفارة وحاصل كلامه قده انه يعتبر عدم كونه جاهلا مركبا والله العالم.

(٦) الظاهر انه قيد لأصل عدم اعتبار العلم بالمسائل.

٦٠