مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

ولا يفسد بمصّ الخاتم وغيره ،

______________________________________________________

ساقطة للأصل ، وعدم عموم الكفارة في كل ذلك (١) ، (أو لكونه للعلاج ، فيلزم وجوبها لو كان لغير الدواء).

والظاهر عدم وجوب شي‌ء خصوصا إذا كان للدواء والعلاج لعدم صدق الأكل والشرب عرفا ولغة وشرعا ، وحصر المفطر في الخبر كما مرّ مع عدم دليل في ذلك وهو مختار المصنف في المنتهى ص ٥٦٧ ، بل يفهم منه عدم إمكان الوصول الى الجوف حيث قال : لنا (اى على عدم الإفطار بالصب في الإحليل) ان المثانة ليست محلا للاغتذاء فلا يفطر بما يصل إليها كالمستنشق (غير البالغ) ، ولانه ليس بين باطن الذكر والجوف منفذ في الجوف إلخ.

وما نقل الخلاف الا عن الشافعي ، وأجاب عن دليله (٢) : ـ انه كالدماغ في انه من الباطن ـ (٣) بأنه قد بينّا انه ليس بين المثانة والجوف منفذ (٤) ، ولعل مراده بالجوف هو (هنا ـ خ) المثانة ونحوها ، ولكن يبعد إيجاب شي‌ء له وكأنّه فرض الوصول منها إلى المعدة وان كان لعلّة ، (لعله ـ خ) نادرا.

قوله : «ولا يفسد بمصّ الخاتم وغيره» وجهه ظاهر ، وهو عدم صدق المفسد ، ويدل عليه جواز المضمضة والسواك ، وصحيحة حماد بن عثمان قال : سأل عبد الله بن ابى يعفور أبا عبد الله عليه السّلام وانا أسمع ، عن الصائم يصب الدواء في اذنه؟ قال : نعم ويذوق المرق ويزقّ الفرخ (٥).

__________________

(١) وفي نسخة خطيّة هكذا. ولكونه للعلاج استلزم وجوبها لو كان لغير الدواء

(٢) دليل الشافعي

(٣) جواب العلامة في المنتهى

(٤) توجيه من الشارح قده لكلام العلامة قده

(٥) الوسائل باب ٣٧ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه ـ وأمثالها ، مثل ما في الفقيه ـ في صحيحة البزنطي ـ : ولا بأس ان يصبّ الدواء في اذنه (١) تدل على جواز صبّ الدواء في الاذن.

فما يدل على عدمه كما في بعض الروايات ، يحمل على الكراهيّة أو على علم الوصول الى الجوف وان كان بعيدا.

وصحيحة الحلبي (٢) انه سئل عن المرأة يكون لها الصبي وهي صائمة فتمضغ له الخبز وتطعمه؟ فقال : لا بأس به والطير ان كان لها (٣)

وموثقة محمد بن مسلم ، عن ابى جعفر عليه السّلام قال : لا بأس بأن يذوق الرجل الصائم ، القدر (٤)

واما صحيحة سعيد الأعرج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الصائم أيذوق الشي‌ء ولا يبلعه؟ فقال : لا (٥).

فيحتمل أن يكون المراد بقوله : (لا) (لا يبلعه) (٦) وهو غير بعيد ، فافهم

ويمكن حملها على الكراهيّة أيضا ، لما مرّ من مقتضى الأصول والاخبار الصحيحة وحملها (٧) الشيخ على الاختيار وعدم الضرورة والأوّل على حال

__________________

(١) أورده في الفقيه في باب آداب الصائم إلخ ولم ينقله في الوسائل ، ولعله لاحتمال كون هذه الجملة من فتوى الصدوق لا جزء من الرواية كما أشرنا إليه سابقا

(٢) الظاهر أن ذكر هذه الرواية واللتين بعدها لبيان الدليل على قول الماتن رحمه الله : (وغيره) عطفا على الخاتم وقوله قده فيما سيأتي : ويدل على جواز خصوص مص الخاتم إلخ قرينة وشاهد على هذا

(٣) الوسائل باب ٣٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٣٧ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) الوسائل باب ٣٧ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) يعنى يذوقه ولكن لا يبلعه

(٧) يعني صحيحة سعيد الأعرج

١٢٢

ومضغ العلك ،

______________________________________________________

الضرورة وكأنّه بعيد ، والشهرة (١) مؤيّدة الأول ، فتأمّل.

ويدل على جواز خصوص مصّ الخاتم ، صحيحة عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في الرجل يعطش في شهر رمضان ، قال : لا بأس بأن يمصّ الخاتم (٢).

ورواية يونس بن يعقوب قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : الخاتم في فم الصائم ليس به بأس ، فأما النواة فلا (٣).

ومثلها صحيحة منصور بن حازم (٤) في الكافي.

والظاهر أن المراد بالنواة هي التي عليها أثر التمر ومع البلع والاجتناب أولى خصوصا في الذوق ، للصحيحة (٥)

وعلى تقدير القول بما قاله الشيخ فالظاهر عدم التعدي عن الذوق الى المضمضة ومثلها

قوله : «ومضغ العلك» (٦) ويمكن جعل ما مرّ دليلا على جوازه وعدم الإفساد به كما هو مذهب الأكثر.

__________________

(١) يعنى ان الشهرة على الجواز مطلقا ولو في حال الاختيار يؤيد الحمل الأول الذي ذكرناه وهو النهي عن الابتلاع لا الذوق

(٢) الوسائل باب ٤٠ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ٤٠ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٤٠ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ولفظ الحديث هكذا : قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الرجل يجعل النواة في فيه وهو صائم؟ قال : لا ، قلت : فيجعل الخاتم؟ قال : نعم واعلم ان هذا الخبر من الفقيه فقول الشارح قده : في الكافي لعل الاشتباه من النساخ لا منه قده والله العالم

(٥) يعني صحيحة سعيد الأعرج

(٦) العلك كحمل كل ما يمضغ في الفم من لبان وغيره والجمع علوك وأعلاك وبفتح العين

١٢٣

والطعام للصبي ، وزقّ الطائر ، والاستنقاع للرجل في الماء ،

والحقنة بالجامد على رأى ،

وابتلاع النخامة والبصاق ، إذا لم ينفصل عن الفم ، والمسترسل من

______________________________________________________

ورواية (١) أبي بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن الصائم يمضغ العلك؟ قال : نعم (٢) ونقل عن الشيخ في بعض كتبه القول بالتحريم قال في زيادات التهذيب ـ بعد نقل رواية أبي بصير المتقدمة ـ قال محمد بن الحسن : هذا الخبر غير معمول عليه (انتهى).

وليس له (٣) دليل واضح الّا ان يقال : بانفصال الأجزاء ووصوله الى الحلق ولا شك في التحريم والإفساد مع ما يوجب (٤) ، ولا نزاع في ذلك.

وينبغي عدم النزاع في الجواز مع إلقاء الريق.

قوله : «والطعام للصبي إلخ» وهو عطف على العلك ، ودليله قد مرّ.

وكذا دليل زقّ الطّائر وكذا الاستنقاع في الماء ، ولعلّ المراد استنقاع الرجل ، ويمكن الأعم الّا انه يكون للمرأة مكروها

قوله : «والحقنة بالجامد على رأى» قد مرّ تحريم المائع وعدم تحريم الجامد مثل الشياف ، وقيل : بالكراهيّة ، ولعل دليلها هو الخروج عن الخلاف وما يشعر بعموم المنع فتأمل

قوله : «وابتلاع النخامة إلخ» قد مرّ تفصيله ودليله.

__________________

المضغ (مجمع البحرين)

(١) عطف على المعنى يعنى يمكن جعل رواية أبي بصير دليلا

(٢) الوسائل باب ٣٦ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) يعنى للقول بالتحريم

(٤) يعنى يوجب انفصال الاجزاء ووصولها الى الحلق

١٢٤

الفضلات من الدماغ من غير قصد.

ولو قصد ابتلاعه أفسد.

وفعل المفطر سهوا لا يفطر (لا يفسد ـ خ).

ولو كان عمدا أو جهلا أفسد.

______________________________________________________

ودليل قوله : «ولو قصد إلخ» ظاهر ممّا تقدم.

قوله : «وفعل المفطر سهوا» وقد مرّ دليله أيضا ، وأنّ الناسي في مطلق الصوم معذور ولا يضر صومه فعل المفطر ويصح صومه للأخبار (١).

قوله : «ولو كان عمدا أو جهلا أفسد» قد مرّ أن العمد مع الاختيار والعلم مفسد ، وموجب للقضاء والكفارة.

واما الجاهل فكونه معذورا مطلقا محتمل للرواية (٢) ، وللأصل ، ولكونه كالناسي وهو مذهب ابن إدريس وظاهر التهذيب كما مرّ.

كالافساد الموجب للقضاء والكفارة لصدق فعل المفطر الموجب لهما وإخلاله لهما بالواجب ، وتقصيره لترك التعلّم الممكن.

وإيجاب القضاء فقط أعدل لعدم ثبوت كلّية إيجاب الكفّارة في كل مفطر على كل حال ، وللرواية الدالة على عدم شي‌ء عليه بحملها على الكفارة للجمع بين الأدلّة.

مثل رواية زرارة وابى بصير قالا جميعا : سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان ، وأتى أهله وهو محرم وهو لا يرى الّا ان ذلك حلال له ،

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٩ حديث ٩ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٣٠ حديث ١ من أبواب الخلل من كتاب الصلاة ولكن دلالة الرواية المشار إليها على حكم الجاهل على نحو العموم ويحتمل ان يريد به في خصوص الصوم هو الرواية الآتية بعيد هذا مثل رواية زرارة وابى بصير الآتية

١٢٥

والإكراه على الإفطار غير مفسد.

______________________________________________________

قال : ليس عليه شي‌ء (١) والأصل (٢) ، وكون العلم شرطا للتكليف فافطاره ليس بحرام لعدم التكليف ، ويمكن عدم وصول وجوب التعلم اليه.

(ولما) مرّ مرارا من كون الجاهل معذورا ، مثل الناس في سعة ممّا لا يعلمون (٣).

(ولأنّ) عدم شي‌ء على الناسي لعدم علمه بالحال فهو في الجاهل أعظم.

(ولعدم) صدق أدلة الكفارة لتقييدها بالإفطار متعمدا ، والظاهر عدم صدق ذلك على الجاهل ، إذ المتبادر من الإفطار عمدا كونه على سبيل العلم بأنه مفطر مع عدم جوازه ، ولا شك إنّه أحوط ، وأحوط منه إتيان الكفارة أيضا فتأمل.

قوله : «والإكراه على الإفطار غير مفسد» دليله واضح ، وهو عدم التكليف عقلا ونقلا مثل (وعما استكرهوا) (٤).

ويؤيده ما يدل على وجوب الكفارة على المكره زوجته دونها ، سواء قلنا : عليه كفارتها أيضا أم لا.

والظاهر عدم الفرق بين أن يؤجر في حلقه المفطر وعدمه ممّا يسوغ له الإفطار به ، بمثل الضرب الذي لا يتحمل ، وخوف القتل ، والمواعدة على ذلك.

ويدل عليه ما يدل على جواز الأكل للتقيّة ـ روى في الفقيه صحيحا ، عن عيسى بن ابى منصور الذي وثقه النجاشي ، ومدحه في الخلاصة أنه من أهل الجنّة ،

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) عطف على قوله قده : وللرواية الدالة إلخ وكذا باقي المعطوفات

(٣) مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٢١٨

(٤) الوسائل باب ٣٠ حديث ٢ من أبواب الخلل من كتاب الصلاة ولفظ الحديث هكذا : محمد بن على بن الحسين قال : قال النبي صلّى الله عليه وآله : وضع عن أمتي تسعة أشياء ، السهو والخطأ ، والنسيان ، وما اكرهوا عليه إلخ

١٢٦

وناسي غسل الجنابة ، الشهر ، يقضي الصلاة ، والصوم على رأى.

______________________________________________________

وفي آخر الفقيه أيضا بأنه خيار في الدنيا وخيار في الآخرة ـ أنه قال : كنت عند ابى عبد الله عليه السّلام في اليوم الذي يشك فيه فقال : يا غلام اذهب فانظر (هل صام الأمير) (١) أم لا فذهب ثمّ عاد فقال : لا ، فدعا بالغداء فتغدّينا معه (٢).

قال الصادق عليه السّلام : لو قلت : إنّ تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا (٣) وقال عليه السّلام : لا دين لمن لا تقيّة له (٤).

وهذه تدل على مبالغة زائدة في التقيّة حيث بعث الغلام لينظر.

وروى ـ في زيادات التهذيب ـ بالإسناد ، عن خلاد بن عمارة ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : دخلت على ابى العباس في يوم شك وأنا اعلم أنّه من شهر رمضان وهو يتغدّى فقال : يا أبا عبد الله عليه السّلام ليس هذا من أيّامك ، قلت : يا أمير المؤمنين ما صومي إلّا بصومك ، ولا إفطاري إلّا بإفطارك ، قال فقال : ادن فدنوت فأكلت وانا اعلم انه والله من شهر رمضان (٥).

قوله : «وناسي غسل الجنابة الشهر يقضي الصلاة والصوم على راى» هذه المسألة من المشكلات والمذكور هو مذهب الأكثر.

وقال ابن إدريس : بعدم وجوب قضاء الصوم ، فالرّأي اشارة اليه.

والذي يدلّ على الأول (٦) ، اشتراط الطهارة في الصوم كالصلاة.

__________________

(١) أصام السلطان أم لا؟ خ

(٢) الوسائل باب ٥٧ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ٥٧ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٥٧ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) الوسائل باب ٥٧ حديث ٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) يعني عدم وجوب القضاء

١٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالنسيان سقط الإثم والكفارة لرفع النسيان (١) ، فبقي الصوم في ذمته فيجب القضاء لثبوته في كل صوم فات الا ما استثنى ، وليس هذا منه.

ولا ينتقض بصوم النائم بعد العلم بالجنابة ، فإنّه لا يلزم القضاء للنص (٢) كما قاله الشهيد في الشرح.

وصحيحة الحلبي ـ في الزيادات ـ (٣) قال : سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان؟ قال : عليه أن يقضى الصلاة والصوم (٤).

ورواية إبراهيم بن ميمون قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان ثم نسي أن يغتسل حتى يمضى لذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان؟ قال : عليه قضاء الصلاة والصوم (٥).

ولا يضرّ عدم صحّة سند هذه (٦) ، لأنها مؤيّدة ، مع أنها مذكورة في الفقيه المضمون. (٧)

__________________

(١) الوسائل باب ٣٠ حديث ٢ من أبواب الخلل من كتاب الصلاة

(٢) تعليل لقوله قده : (ولا ينتقض) يعنى ان الحكم بعدم وجوب القضاء هناك للنصّ كما يستفاد من عبارة الشهيد الثاني في شرح الشرائع وشرح اللمعة

(٣) يعنى زيادات التهذيب

(٤) الوسائل باب ٣٠ حديث ٣ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٥) الوسائل باب ٣٠ حديث ١ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٦) يعني رواية إبراهيم بن ميمون

(٧) قال الصدوق ره في ديباجة الفقيه : ما هذا لفظه : ولم اقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه وقصدت إلى إيراد ما افتى به واحكم بصحته واعتقد فيه انه حجة فيما بينى وبين ربّى ـ تقدس ذكره وتعالت قدرته ـ وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع (انتهى)

١٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال فيه بعد نقلها : وروى في خبر آخر (١) : ان من جامع في أوّل شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أنّ عليه أن يغتسل ويقضى صلاته وصومه الّا ان يكون قد اغتسل للجمعة ، فإنه يقضى صلاته وصيامه الى ذلك اليوم ولا يقضى ما بعد ذلك (٢).

وهذه صريحة في الدلالة على التداخل مع قصد أحد الأغسال فقط وان كان المنوي هو المندوب

قيل : ويؤيده وجوب القضاء على من انتبه بعد النوم جنبا ونام ثانيا فانتبه وطلع الفجر ، والكفارة (٣) ، أيضا على من نام بعد ذلك (أيضا معتبر) (٤) وإن انتبه وطلع الفجر عليه.

وقد يعذر ذلك في الكفارة لعدم النص ، وقول الأصحاب مع عدم دليل واضح على ذلك كما مرّ

وقد يفرّق بين الانتباهات في الليلة الواحدة مع العلم بالجنابة والنوم عمدا وان كان بنيّة الغسل ، وبين ما نحن فيه (٥) بعدم العلم حال النوم لنسيانه ، وبعدم الوقوع في الليلة الواحدة.

__________________

(١) الظاهر ان غرض الصدوق من نقلها عقيب رواية ابن ميمون بيان انها معارضة لرواية إبراهيم بن ميمون الدالة على ان مجرد مضىّ جمعة لا يوجب اعادة الغسل بخلاف هذا الخبر فإنه يدل على ذلك

(٢) الوسائل باب ٣٠ حديث ٢ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٣) يعني يؤيده وجوب الكفارة أيضا

(٤) هكذا في النسخ كلها ولعل الصواب هكذا : (والكفارة أيضا على من نام أيضا وانتبه وطلع الفجر عليه)

(٥) حاصله ان الفارق عدم علم الصائم في مسئلتنا حال النوم في الانتباهات المتعددة في الليالي الأخر بخلاف ما هناك فإنه مسبوق بالعلم وان الانتباهات في هذه المسألة لم تقع في الليلة الواحدة بخلاف ما هناك لوقوعها في الليلة الواحدة

١٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن أن يقال : ان ذلك مؤيّد بما ذكره في المعتبر (١) بناء على ما قاله الأصحاب في الانتباهات فلا يرد عليه مثل ما مرّ وأنه لا يجري في اليوم الأول كما أورده في الشرح (٢).

ودليل ابن إدريس ، انعقاد الصوم ، الموافق للأمر المستلزم للإجزاء والأصل.

وعموم رفع النسيان.

على انه أجاب في المعتبر عن مثل ما مرّ (٣).

__________________

(١) وحيث أن هذه العبارة مجملة مهملة فالمناسب نقل عبارة المعتبر بعينها ليتضح مرامه قدس سرّه فإنه ره ـ بعد عنوان المسألة ونقل وجوب الصوم والصلاة عن الشيخ ره وجعل صحيحة الحلبي المذكورة دليلا له ـ قال ما هذا لفظه : وربما خطر التسليم لما تضمنت من قضاء الصلاة لأن الطهارة شرط لا يصحّ الصلاة مع عدمه ، عمدا وسهوا اما الصوم فلا يفسده الا ما يتعمّد لا ما يقع نسيانا ويمكن ان يقال : فتوى الأصحاب على ان المجنب إذا نام مع القدرة على الغسل ثم انتبه ثم نام وجب عليه القضاء سواء ذكر الاحتلام بعد ذكره الأول أو نسيه ، وإذا كان التفريط السابق مؤثرا في إيجاب القضاء فقط حصل هاهنا تكرر النوم مع ذكر الجنابة أول مرّة فيكون القضاء لازما كما كان هناك لازما خصوصا وقد وردت الرواية الصحيحة الصريحة المشهورة بذلك (فان قيل) انما وجب عليه القضاء في تكرّر النوم مع نيّة الاغتسال فيكون ذاكرا للغسل ويفرط فيه في كل نوم (قلنا) الذي ذكر نيّة الغسل بعض المصنفين ولا عبرة بقوله مع وجود النصوص مطلقة ، روى ذلك جماعة منهم ابن ابى يعفور عن ابى عبد الله في الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح؟ قال : يتم صومه ويقضى يوما آخر ، ومثله روى محمد بن مسلم وسماعة بن مهران وغيرهما (ولو قيل) : انما يلزم ذلك إذا تكرر النوم في الليلة الواحدة (قلنا) : كما عمل بتلك الاخبار في الليلة الواحدة فان لم يتعمد البقاء على الجنابة جاز ان يعمل بهذا الخبر في تكرر النوم في الليالي المتعددة ، ولا استبعاد في هذا الا ان يستبعد ذلك

(٢) فإنه قال في المسالك (بعد الإيراد بأنه كيف يتم الحكم بما هنا مع الحكم بعدم وجوب القضاء على من أصبح جنبا بعد النومة الأولى) : ما هذا لفظه فمقتضى ما هنا وجوب قضاء ذلك اليوم وهو مناف للاول (انتهى).

(٣) يعنى عن صحيحة الحلبي فإنه أجاب رحمه الله بقوله : وربما خطر التسليم لما تضمنت من قضاء الصلاة

١٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن وجوب قضاء اليوم الأوّل ، للإجماع المركب والخبر.

مع (١) عدم جريان المؤيّد (٢) ، الثابت في الخبر (٣) المقبول عند الأمّة المستلزم لرفع الاحكام ، ومن جملتها القضاء.

وعدم ثبوت هذه الاخبار عنده بالتواتر ، مع عدم علمه (٤) بالخبر الواحد.

وعدم ثبوت شرطيّة الطهارة في الصوم ، ولا يصحّ قياسه على الصلاة.

ويمكن ان يستدل له أيضا بما مرّ من الاخبار الصحيحة الدالة على صحّة صوم النائم جنبا مثل صحيحة العيص بن القاسم ـ في الفقيه وغيره ـ إنّه سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ، ثم يستيقظ ، ثم ينام قبل ان يغتسل؟ قال : لا بأس (٥) ومثلها صحيحة أبي سعيد القماط ـ مع زيادة قوله : (وذلك لأن جنابته كانت في وقت حلال) (٦) ـ وغيرها من الاخبار المتقدمة فتذكر.

مع أنها ظاهرة في عدم الغسل عمدا والنوم حتى أصبح وقد كان ذلك صريحا في بعض الاخبار الصحيحة ، فمع النسيان يصح ولا يقضى بالطريق الأولى.

ويبعد حملها على التقيّة ، أو على النوم عمدا بنيّة الغسل فانتبه وقد طلع الفجر ، وانه حينئذ لا قضاء.

__________________

لأن الطهارة شرط لا تصحّ الصلاة مع عدمه عمدا وسهوا اما الصوم فلا يفسده الا ما يتعمد إلخ ما نقلناه آنفا

(١) هذا دليل رابع عن ابن إدريس لعدم وجوب قضاء الصوم في مسألة النسيان

(٢) يعنى المؤيد المذكور بقوله قده : وقيل : ويؤيده وجوب القضاء على من انتبه الى آخر ما تقدم آنفا

(٣) يعنى خبر الرفع

(٤) هكذا في النسخ كلها مخطوطة ومطبوعة والصواب (عمله)

(٥) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

وحمل البعض على عدم الإثم لا على عدم القضاء إذا أمكن.

مع انه يرد على الثاني (١) انه إذا لم يجب القضاء ـ حينئذ ينبغي عدم الوجوب مع النسيان (٢) بالطريق الأولى.

ويمكن أن يفرّق بأن العامد يقصد الانتباه والغسل قبل الفجر خصوصا إذا قيّدنا بكون عادته الانتباه على ما قيدوه كما مرّ بخلاف الناسي ، فإنه لم يقصد الغسل قبل الفجر أيضا وقد يكون لذلك دخل في الحكم ، ومثله غير بعيد.

وبأنه هنا قد كان جنبا في تمام النهار بخلاف صورة العمد ، فإنه كان في أوّل دخول النهار جنبا وهو نائم ، ولو فرض تركه في باقي النهار فلا يلزم وجوب القضاء عليه أيضا.

ويمكن كون ذلك (٣) مذهب الصدوق ، فإنّه يجوّز الدخول في الصوم جنبا مع إيجابه الغسل ، والظاهر كونه (٤) شرطا لصحّة الصوم عنده كما في غسل الاستحاضة على ما يقوله الأصحاب من اشتراط صومها بأغسالها النهاريّة أيضا فافترقا.

وبالجملة لا منافاة ، بين إيجاب القضاء مع الجنابة والنسيان طول الشهر للنصّ الصحيح (٥) الصريح في ذلك ، وبين عدمه على من ترك الغسل ونام ناويا له قبل الفجر مع تجويز الشارع النوم له حينئذ ، فاتفق الفجر للنص (٦) كذلك ، بعد

__________________

(١) الظاهر أنه قده يريد بالثاني ، الاستدلال الثاني وهو قوله : ويمكن ان يستدل إلخ يعنى ان صحيحة العيص لو حملت على صورة ترك الغسل عمدا ، فمع تركه نسيانا لا يجب القضاء بالطريق الاولى

(٢) الذي هو المفروض في المسألة

(٣) يعني عدم وجوب القضاء

(٤) يعنى الغسل من الجنابة

(٥) وهو صحيح الحلبي المتقدم نقله آنفا

(٦) وهو صحيح العيص المتقدم نقله آنفا وكذا صحيح ابى العباس المتقدم

١٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الجمع بين الاخبار المتقدمة ، نعم الجمع بينها مشكل جدا كما مرّ.

وكذا بين ما يدل (١) على عدم القضاء على الباقي في الليل جنبا عمدا الى طلوع الفجر وبين هذا الحكم (٢)

واما بالنسبة إلى حكمهم هناك بعدم القضاء في النائم عمدا ، وبالوجوب هنا فلا إشكال أصلا بعد صحّة الحكم.

فاستشكال الشهيد رحمه الله في الشرح بين حكمهم هناك وحكمهم هنا ليس بواضح وكذا دفعه (٣) بأمور بعيدة لا تكاد ان تتم.

وكذا ارتكاب أمور غير معلوم أنه قال به غيره فارجع وتأمل.

واما مذهب ابن إدريس فهو جيّد وهو بنائه على أصله (٤) لو تم ، مع أنّا (٥) نجده يذكر اخبارا ما وصل الى التواتر فتأمّل.

على انه يمكن تصحيحه مع قطع النظر عنه بحمل هذه الروايات على الاستحباب للجمع بين الأدلّة الّا انه بعيد لمقارنة الصوم بالصلاة ، ولا شك في كون الإعادة بالنسبة إليها واجبة ، فكذا الصوم على ان ما ذكره لا يصلح لهذا الحمل ـ فان

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) أي القضاء في فرض نسيان الجنابة

(٣) قال في المسالك ـ بعد الاستشكال المذكور : ما هذا لفظه : وأجيب بحمل ما هنا على الناسي ليلا بعد الانتباه أو على ما عدا النوم الأوّل على تقدير النسيان بعد فوات محلّ الغسل جمعا بين النصوص ـ ثم قال : ولعل مخالفة المصنف (يعنى صاحب الشرائع) في الحكم هنا لأجل ذلك حيث لم يجد قائلا بالتفصيل ولم يمكن القول بالقضاء مطلقا لمنافاته ما مرّ ، والله تعالى العالم (انتهى)

(٤) وهو عدم عمله بخبر الواحد وعدم حجيّته عنده

(٥) فكأنه اعتراض على ابن إدريس بأنه لا يستقيم على أصله ، فإنه يذكر كثيرا اخبارا غير متواترة قد عمل بها

١٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الأصل لا يقاوم الأدلّة ، وكذا خبر (رفع) (١) في عدم القضاء لعدم التصريح بعدم القضاء فيمكن تخصيصه بغيره بعد تسليمه (٢).

واما ما ذكرناه دليلا له فلا بد من الجمع بينه وبين ما تقدم وحينئذ لا يبقى حجّة كما تقدم وبالجملة انما الإشكال في الجمع بين الاخبار ـ الله الموفّق.

واما باقي الأغسال ، فالظاهر أنّ غسل المسّ لا دخل له في الصوم للأصل وعدم الدليل وقد مرّ البحث عن الحيض في الجملة (٣) والنفاس مثله.

وقد ادعى الإجماع في المنتهى في كون حكمهما واحدا ، وعلى ان الطهارة منهما شرط في الصوم بمعنى عدم صحته ، بل عدم جوازه مع الدم.

فلا يبعد عدم (٤) الإلحاق بالجنب في كون غسلهما شرطا للصوم قبل الدخول فيه كما مرّ ، بل مطلقا ، وقد مرّ الخبر (٥) الدال عليه في الجملة.

ويصحّ مع غسل الاستحاضة ، فإنها بحكم الطاهر مع الأغسال ، والظاهر عدم الخلاف وامّا اشتراط الصوم بها كما قيل بمعنى عدم شروعها في الصوم الّا مغتسلة ، فليس بثابت ، نعم يمكن توقف صحته على الأغسال النهارية بمعنى أنّها لو تركت الكلّ لم يصحّ صومها.

ويحتمل البعض أيضا (٦) لصحيحة على بن مهزيار ـ في زيادات التهذيب

__________________

(١) يعنى الحديث المعروف بحديث الرفع المصدّر بقوله صلّى الله عليه وآله : (رفع عن أمتي تسعة)

(٢) يعنى تسليمه سندا

(٣) راجع المجلد الأول من هذا الكتاب ص ١٥٠

(٤) هكذا في النسخ كلّها المخطوطة والمطبوعة ولعل الصواب إسقاط لفظة (عدم)

(٥) الوسائل باب ٢١ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) يعنى ترك بعض الأغسال بمعنى انها لو ترك بعض الأغسال لم يصحّ صومها فإن صحيحة ابن مهزيار تدل على أنّ ترك الغسل الذي لصلاتين كالظهرين أو العشائين يكفي في وجوب القضاء ولو كانت قد اغتسلت لفجرها

١٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والكافي ـ قال : كتبت اليه عليه السّلام : امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أوّل يوم من شهر رمضان كلّه ثم استحاضت فصلّت وصامت شهر رمضان كله من غير ان تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز (يصح خ ل) صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب عليه السّلام : تقضى صومها ولا تقضى صلاتها ، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله (عليه السّلام ـ كا ـ يب) كان يأمر (فاطمة ـ كا ـ يب) والمؤمنات من نسائه بذلك (١).

هذه ما تدل على الإلحاق في وجوب الغسل ليلا بمقدار الفعل ، وفي وجوب القضاء والكفارة بالترك كما قيل في الجنابة.

بل تدل على عدمه حيث يفهم وقوع ذلك عمدا مع أنّه ليس بموجب للكفارة ويحتمل كونه باعتبار ترك غسل الحيض أو النفاس أو باعتبار جميع الأغسال ، فلا يكون ترك واحد كذلك ، ولا تركه في الليل كذلك على انها مضمرة ، وأنّها تدل على عدم قضاء الصلاة ، وهو غير معقول ، وانها مشتملة على أمر فاطمة عليها السّلام (٢) بالقضاء ، وذلك لا يقع منها.

ويمكن ان يقال : الظاهر أنّ المرجع هو الامام عليه السّلام ، لما مرّ مرارا ، ولوجود لفظة (عليه السّلام) في الكافي والتهذيب ، وهو كالصريح في ذلك وأن يقال : المراد قضاء كل الشهر وذلك غير واجب في الصلاة لوجود أيّام الحيض فيه (أو) المراد تقضى صوم أيّام حيضها دون صلاتها.

وتدل عليه ، الاخبار الكثيرة الدالة على قضاء الحائض صومها دون صلاتها (٣). ويؤيّده وقوع أمر فاطمة عليها السّلام في تلك الأخبار مثل هذه ، وان المراد

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) نعم ، ولكن يحتمل كون المراد من فاطمة غير بنته صلّى الله عليه وآله

(٣) لاحظ الوسائل باب ٤١ من أبواب الحيض ـ من كتاب الطهارة

١٣٥

وانما تجب الكفارة في صوم رمضان ، وقضائه بعد الزوال ، والنذر المعيّن وشبهه ،

والاعتكاف الواجب لا غير.

وهي في رمضان مخيّرة بين عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا أو صيام شهرين متتابعين.

______________________________________________________

بأمرها أن تأمر النساء بذلك (١).

قال الشيخ في التهذيب : قال محمد بن الحسن : انما لم يأمرها بقضاء الصلاة إذا لم تعلم أنّ عليها لكل صلاتين غسلا (أو) لا تعلم ما يلزم المستحاضة ، فامّا مع العلم بذلك والترك له على العمد ، يلزمها القضاء (انتهى).

هذا التأويل يدلّ على كون الجاهل عنده معذورا في الطهارة للصلاة دون الصوم ، اختار ذلك في الصوم ، لما تقدم (٢) من رواية زرارة وابى بصير ، فتذكر. فلا يكون شرطا للصلاة أيضا مطلقا وهو خلاف المشهور والاخبار ، وقد تقدمت (٣) في باب الطهارة.

على انّه حينئذ يلزم كونه معذورا في الصوم أيضا بالطريق الأولى الّا ان يحمل على علمها بوجوب الغسل للصوم دونها ، ولكنّه بعيد ، ولعل ما ذكرناه أقرب ، فتأمّل.

قوله : «وانّما تجب الكفّارة إلخ» الظاهر انه يريد حصر كفارة الصوم ،

__________________

(١) ما في صحيحة زرارة أو حسنته ، عن ابى جعفر عليه السّلام (في حديث) : ليس عليها ان تقضى الصلاة ، وعليها ان تقضى صوم شهر رمضان ، ثم اقبل على فقال : ان رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يأمر بذلك فاطمة عليها السّلام وكانت تأمر بذلك المؤمنات ـ الوسائل باب ٤١ حديث ٢ من أبواب الحيض

(٢) الوسائل باب ٢١ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم عن ابى بصير ولم نعثر الى الآن رواية عن زرارة دالة على معذورية الجاهل في الصلاة فتتّبع

(٣) راجع المجلد الأول من هذا السفر ص ١٥٠

١٣٦

ولو أفطر بالمحرّم وجب الجميع.

ولو أكل عمدا لظنه الإفطار بأكله سهوا ، أو طلع الفجر فابتلع ما في فيه كفّر.

والمنفرد برؤية هلال رمضان إذا أفطر كفّر وان ردّت شهادته.

______________________________________________________

فعدّ الاعتكاف بالتبع ، وان الوجوب في المذكورات وعدمه في غيرها مجمع عليه على الظاهر كما يفهم من المنتهى.

ودليل العدم ، الأصل أيضا مع عدم الدليل.

ودليل الوجوب ـ في شهر رمضان وقضائه بعد الزوال والنذر المعيّن ـ قد تقدم ودليل الاعتكاف سيجي‌ء.

وكذا النذر وشبهه.

وقد تقدم شرح قوله : «وهي في رمضان مخيّرة إلخ» وسيجي‌ء أيضا

قوله : «ولو أفطر إلخ» قد مرّ تفصيله وتحقيقه

قوله : «ولو أكل عمدا لظنه إلخ» الظاهر عدم وجوب الكفارة ، لما مرّ من كون الجاهل معذورا ، مع احتمال عدم القضاء أيضا كما في الناسي.

والظاهر أن مراد المصنف وجوب القضاء إذا كان عمدا سواء كان عالما أو جاهلا

قوله : «والمنفرد برؤية هلال رمضان إلخ» الحكم فيه أيضا ظاهر ، ويمكن استفادته من صحيحة على بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام ، قال : سألته عن الرجل يرى الهلال في (من خ ل) شهر رمضان وحده لا يبصره غيره إله أن يصوم؟ قال : (إذا (١) لم يشك فيه فليصم ، والا فليصم مع

__________________

(١) وفي الفقيه : (إذا لم يشك فليفطر والّا فليصمه مع الناس)

١٣٧

والمجامع مع علم ضيق الوقت عن إيقاعه والغسل يكفّر.

ولو ظنّ السعة مع المراعاة فلا شي‌ء ، وبدونها يقضى.

______________________________________________________

الناس) (١).

والظاهر أنه لو كان جاهلا يكون معذورا في الكفارة كما تقدم ، وأنه يريد به الرد على بعض العامة القائل بعدم وجوب الصوم عليه إذا (ان خ ل) ردّت شهادته.

وهذا حكم عجيب مثل حكم بعضهم بإباحة المال للغاصب العالم بفساد دعواه على تقدير حكم الحاكم بشهود الزور ، وهذا أعجب.

وأمثاله ليس بعجب ممن يترك النص ويعمل بالرّأي من القياس واستحسان عقله.

قوله : «والمجامع مع علم إلخ» أي علمه بعدم بقاء الليل مقدار الجماع والغسل بعده وتبيّن الأمر بعده كما علم سواء وقع الجماع في الليل أو النهار بعد عدم سعيه (سعته خ ل) للغسل يجب عليه عند المصنف القضاء والكفارة ، لان حكمه حكم من ترك الغسل في الليل عامدا أو جامع نهارا.

وقد مرّ الكلام في الأصل (٢) ، ومع ثبوت ذلك ، ما أثبته غير بعيد.

اما لو علم كذبه ووقع كلاهما في الليل أو ظن وسعة الوقت للفعل والغسل ، والدخول في الصوم متطهرا ، واتفق الجماع أو الغسل في النهار فلا كفارة على الظاهر

لكن لو كان ظن الوسعة لمراعاته بنفسه الوقت أو بالشاهدين ، فلا قضاء

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان ، قال في الوسائل بعد نقل الخبر : ولا يخفى ان المفروض في رواية الصدوق الرؤية في آخر الشهر ، وفي رواية الشيخ الرؤية في أوّله والظاهر تعدّد الروايتين

(٢) وهو ترك الغسل بالليل والمجامعة في النهار كذا في هامش بعض النسخ

١٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

أيضا ، والا فمع القدرة على المراعاة ، الظاهر القضاء حينئذ.

وفي ظن الضيق مع ظهوره ، والقضاء أيضا بالطريق الاولى ، مع احتمال الكفارة أيضا ، وكلّها يعلم ممّا سبق ، واحتمال عدم القضاء مع ظن الوسعة مطلقا.

ويمكن فهمه في الجملة من رواية ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام ، عن وقت إفطار الصائم؟ قال : حين يبدو ثلاثة أنجم ، وقال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثم أبصر الشمس بعد ذلك؟ قال : ليس عليه قضاء (١) ، وقد مرّ مثله أيضا (٢).

الّا ان في الطريق (٣) (ابان) وان أظن انه (ابن عثمان) وأنه ممن أجمعت عليه ، وأنه لا بأس به لكنه فيه كلام.

ومضمون الخبر خلاف الأصل الممهّد وظاهر بعض الآخر (٤) وكلام الأصحاب ، مع اشتماله على كون دخول الوقت بثلاثة أنجم.

قال في التهذيب قال محمد بن الحسن : ما تضمنته هذه الرواية من ظهور ثلاثة أنجم لا يعتبر به ، والمراعى ما قد قدمناه من سقوط القرص ، وعلامته زوال الحمرة من ناحية المشرق ، وهذا كان يعتبره أصحاب أبي الخطاب لعنه الله (انتهى).

وهذا كله ممّا يضعف الاعتبار به ، فتأمّل.

__________________

(١) أورد صدره في الوسائل في باب ٥٢ حديث ٣ وذيله في باب ٥١ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٥١ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) يعني في طريق رواية زرارة فإن طريقها كما في التهذيب هكذا : احمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابان عن زرارة

(٤) يعني خلاف ظاهر بعض الاخبار الأخر ـ وفي بعض النسخ : وظاهر بعض الاخبار بدل (بعض الآخر)

١٣٩

وتتكرر بتكرر الموجب في يومين مطلقا أو في يوم واحد مع الاختلاف

______________________________________________________

قوله : «وتتكرر بتكرر الموجب إلخ» لا شك في وجوب تكرر الكفارة بتكرر موجبها في اليومين عند أصحابنا ، وقد ادعى عليه إجماعهم في المنتهى ويدل عليه أدلّتها.

واما تكررها بتكرر الموجب في يوم واحد ففيه خلاف ، فالبعض يوجبه مع توسط الكفارة.

والبعض مع اختلاف الموجب ، وهو مذهب المتن.

ويحتمل مع التوسط أيضا ان اتّحد وهو مختار المختلف.

والبعض يوجبه مطلقا حتى مع كل ازدراد ، وظاهر من مذهبه ، التكرار مع تكرر الوطي.

والبعض لا يوجبه أصلا ، وهو مذهب الشيخ والمصنف في المنتهى ، وهو الأظهر للأصل المناسب للشريعة السهلة السمحة وعدم الدليل.

ولظهور الأدلة الموجبة في ذلك حيث أوجب فيها أحد الأمور الثلاثة من غير تكرار فيها وعدم سؤال التعدد والوحدة مع الاحتمال فهو في قوّة العموم.

ولأنّ ورودها فيها بلفظ الإفطار ، وهو غير صادق في الفعل الموجب ثانيا لعدم الصوم فلا إفطار.

ولانه يصدق على تقدير التعدد انه كفّر عن الإفطار وان وقع كثيرا ، ولكن هذا انما لا يتم مع التوسط.

وإذا نظرت في الرواية عرفت ، ما أشرنا اليه.

وهي مثل صحيحة عبد الله بن سنان في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر؟ قال : يعتق نسمة (١).

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٤٠