مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

ولا يجوز صيام ما لا يسلم فيه الشهر واليوم كشعبان خاصّة في المتتابعين.

والشيخ والشيخة إذا عجزا وذو العطاش الذي لا يرجى زواله يفطرون ويتصدّقون عن كلّ يوم بمدّ من طعام.

______________________________________________________

ومن أصاب ذنبا قال : استغفر الله.

وانه يكفى مرّة واحدة ، للأصل ، ولصدق الامتثال ، قال في الدروس : ويكفي مرّة واحدة بالنيّة.

(واما) دليل قوله : (ولا يجوز صيام إلخ) بمعنى عدم حصول التتابع به واعتقاد أنه كفّارة (فما) تقدم من الروايات مع أدلة وجوب التتابع

قوله : «والشيخ والشيخة إلخ» العطاش مرض لا يروى صاحبه ، ولعلّ المراد به هنا من يضرّه ترك الشرب.

والظاهر ان الأكل كذلك.

والقول المجمل فيهم ان الشيخ الكبير مثلا لو تضرّر عن الصوم بحيث يشق عليه مشقة لا يتحمّل مثلها يفطر ويتصدق عن كل يوم بمدّ ، ولا قضاء عليه الا إذا فرض زوال ما فيه ، فيمكن القضاء.

والظاهر أنه لو لم يكن قادرا أصلا ، فكذلك كما هو مذهب الشيخ في التهذيب وغيره.

وخصّ الفدية والتصدق بالأول ، الشيخ المفيد ره.

وقال في التهذيب : ما رأيت له دليلا ، فإن الأخبار تدل على العموم من غير فرق سوى ان يقال : ان الفدية كفّارة ، ولا كفارة مع العجز ، لان الفرض ساقط بالمرّة.

وهذا ليس بشي‌ء ، إذ لا بعد في الشرع إيجاب فدية بدل الصوم على تقدير

٣٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

عدم القدرة عليه فتأمّل.

واما الاخبار فهي صحيحة محمد بن مسلم ، عن ابى جعفر عليه السّلام في قول الله عز وجل (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) (١)؟ قال : الشيخ الكبير ، والذي يأخذه العطاش ، وعن قوله عز وجل (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) قال : من مرض أو عطاش (٢).

وصحيحة عبد الملك بن عتبة الهاشمي ـ الثقة ـ قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان ، قال : تصدق في كل يوم بمدّ حنطة (٣).

وحسنة عبد الله بن سنان ، قال : سألته ، عن رجل كبير ضعف عن صوم شهر رمضان؟ قال يصدّق (يتصّدق خ ل) كلّ يوم بما يجز من طعام مسكين (٤).

وصحيحة محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : الشيخ الكبير والذي به العطاش ، لا حرج عليهما أن يفطرا في رمضان ويتصدّق كل واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام ، ولا قضاء عليهما ، وان لم يقدرا فلا شي‌ء عليهما (٥).

وصحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل كبير

__________________

(١) في مجمع البيان ج ١ ص ٢٧٢ هكذا : (القراءة) قرء أبو جعفر ، ونافع ، وابن عامر فدية طعام مساكين على إضافة فدية إلى طعام وجمع المساكين ، وقرء الباقون : (فدية) منويّة طعام (رفع) مسكين موحدا مجرورا (انتهى) فهذا الخبر مطابق للقراءة الاولى ، والآية ـ في البقرة ١٨٤

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ٣ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٤ من أبواب من يصح منه الصوم والآية في سورة المجادلة ـ ٤

(٤) الوسائل باب ١٥ حديث ٥ من أبواب من يصح منه الصوم

(٥) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب من يصح منه الصوم

٣٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

يضعف عن صوم شهر رمضان؟ فقال يتصدق بما يجزى عنه طعام مسكين لكل يوم(١)

واعلم ان الظاهر من الاخبار هو العموم ، بل الظاهر هو العجز بالكليّة ، مع احتمال المشقة العظيمة الموجبة لسقوط الأداء والقضاء ، ويكون وجوب الفدية بالإجماع

قال في المختلف : لانه قيل : معنى قوله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) (٢) يعنى الّذين كانوا يطيقونه ، ثم لا يطيقونه من كبر ، ذكر ذلك في مجمع البيان (٣).

وتدل عليه رواية ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في قول الله عز وجلّ (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ)؟ قال : الذين كانوا يطيقون الصوم فأصابهم كبرا وعطاش أو شبه ذلك ، فعليهم لكلّ يوم مدّ (٤).

وان قيل للآية معنى آخر (٥) ليس هنا محلّه ، وتفسير (فمن لم يستطع صريح في ذلك وقريب منه صحيحة محمد بن مسلم : الشيخ الكبير (٦).

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ٩ من أبواب من يصح منه الصوم

(٢) البقرة ـ ١٨٤

(٣) في مجمع البيان ج ١ ص ٢٧٤ هكذا : اما المعنىّ بقوله : الذين يطيقونه ففيه ثلاثة أقوال (الى ان قال) : و (ثالثها) أن معناه وعلى الذين كانوا يطيقونه ثم صدوا بحيث لا يطيقونه ولا نسخ فيه ، عن السدى ، وقد رواه بعض أصحابنا ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ان معناه وعلى الذين كانوا يطيقون الصوم ثم أصابهم كبرا وعطاش وشبه ذلك فعليهم كل يوم مدّ وروى على بن إبراهيم بإسناده عن الصادق عليه السّلام : وعلى الذين يطيقونه فدية من مرض في شهر رمضان فأفطر ثم صحّ فلم يقض ما فاته حتى جاء شهر رمضان آخر فعليه ان يقضى ويتصدق لكل يوم مدّا من طعام (انتهى)

(٤) الوسائل باب ١٥ حديث ٦ من أبواب من يصح منه الصوم

(٥) لعلّه إشارة الى ما نقلناه آنفا من مجمع البيان من خبر على بن إبراهيم بإسناده عن الصادق عليه السّلام فلاحظ.

(٦) الوسائل باب ١٥ حديث ٣ من أبواب من يصح منه الصوم

٣٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر أنّ المراد بالضعف عن الصوم في الاخبار الأخر هو العجز عنه كما يدل عليه التعدي ب (عن) (١).

وان الظاهر هو إجزاء مدّ واحد كما هو مقتضى الشريعة السهلة ، والأصل ، ومذهب الأكثر ، ومفاد أكثر الاخبار (٢) وحصول الشبع به غالبا ، والتصريح به في بعض الاخبار في إطعام (طعام خ) مسكين الذي في الآية ظاهر فيه أيضا.

ويحمل ما يدل على الزيادة وان كان صحيحا صريحا على ذلك ، مثل صحيحة محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام وذكر الحديث (٣) الا انه قال ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدّين من طعام ، لما مرّ.

وقد حمل الشيخ في التهذيب الأوّل (٤) على العجز.

لعلّ الأوّل (٥) أولى ، ولهذا ذكره في الاستبصار ، لقلّة التصرف في الاخبار ، وأولويّة المجاز من التقدير المذكور ، ولما مرّ.

ويدل على المطلبين (٦) جميعا روايته المحمولة على الاستحباب ، لعدم وجوب الصوم على الولد والقرابة ، كأنّه بالاتّفاق.

__________________

(١) كما في حسنة عبد الله بن سنان المتقدمة آنفا فراجع الوسائل باب ١٥ حديث ٥ من أبواب من يصح منه الصوم

(٢) لاحظ باب ١٥ حديث ١ ـ ٤ ـ ٥ ـ ٦ ـ ١١ و ١٢ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٢ من أبواب من يصح منه الصوم وفيه وكذا في التهذيب : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام ، نعم في الاستبصار : سمعت أبا جعفر عليه السّلام كما هنا

(٤) اى الاخبار الأولة الدالة على الاكتفاء بمدّ واحد على صورة العجز عن المدّين

(٥) اى الحمل على استحباب المدين مطلقا ويشهد له انه حمله في الاستبصار على ذلك فإنه بعد نقل صحيحة محمد بن مسلم الدالة على المدين قال : فلا ينافي الأخبار الأولة ، لأن هذه الرّواية (صحيحة محمد بن مسلم) يمكن حملها على ضرب من الاستحباب والأولة على الفرض والإيجاب (انتهى)

(٦) المذكورين وهما كون المراد من الضعف ، العجز عن الصوم ، وكون مقدار الصدقة مدّا

٣٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وهي رواية أبي بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : قلت له : الشيخ الكبير لا يقدر ان يصوم؟ فقال : يصوم عنه بعض ولده ، قلت : فان لم يكن له ولد؟ قال : فادنى قرابته ، قلت : فان لم يكن له قرابة؟ قال : يتصدق بمدّ في كلّ يوم ، فان لم يكن عنده شي‌ء فليس عليه شي‌ء (١) يشعر به (٢) ما ورد في التصدق عن الثلاثة الأيام في الشهر حيث قال : ان كان عن الكبر أو العطش فبدل كل يوم مدّ (٣).

وان الظاهر أنّ ذا العطاش يقتصر على سدّ الرمق ، ودفع الضرورة ، لأن الظاهر أن المقصود دفع الضرر الحالي فيجب الاختصار على ذلك.

ويدل عليه رواية عمار ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في الرجل يصيبه العطاش حتى يخاف على نفسه ، قال : يشرب بقدر ما يمسك رمقه ، ولا يشرب حتى يروى (٤) وفيها إشارة الى ان ذلك انما يكون سببا للإفطار مع خوف التلف فيفهم كون الكبر كذلك للمقارنة بينهما (٥).

وان الظاهر ان الضرر العظيم فيهما (٦) كذلك ، وهو ظاهر.

ويدل عليه (٧) أيضا رواية مفضل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبد الله

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ١١ من أبواب من يصح منه الصوم

(٢) اى بالاكتفاء بالمد الواحد

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٨ من أبواب الصوم المندوب والحديث منقول بالمعنى

(٤) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من أبواب من يصح منه الصوم

(٥) اى بين ذي العطاش والكبير بمعنى ان كل واحد منهما يخاف على نفسه

(٦) يعني في ذي العطاش والكبير يعني انهما لم يخافا على أنفسهما لكن يوجب الصوم الضرر العظيم عليهما فهو بحكم الخوف على النفس

(٧) اى على لزوم الاكتفاء بسدّ الرمق

٣٢٥

ثمّ إن تمكّنوا قضوا.

والحامل المقرب ، والمرضعة القليلة اللبن ، وذو العطاش الذي يرجى زواله يفطرون ويقضون مع الصدقة

______________________________________________________

عليه السّلام : ان لنا فتيات وشبّانا (فتيانا وبنات خ ل) لا يقدرون على الصيام من شدة ما يصيبهم من العطش؟ قال : فليشربوا بقدر ما تروى به نفوسهم وما يحذرون (١).

وان الظاهر عدم القضاء لعدم الدليل ، ولعدم ظهور بطلان الصوم ، بل الظاهر أن الصوم في حقهم ذلك.

ويدل عليه الترك (٢) في الروايات مع وجوب البيان ، والاختصار على سدّ الرمق فالظاهر عدم الفرق بين من يرجى زواله وغيره في وجوب الفدية وعدم القضاء وان زال العذر ، ويبعد الفرق بان يجب على الأول ، القضاء دون الفداء ، والعكس على الثاني كما قاله البعض ، لعدم ظهور الدليل ، وظاهر ما مضى هو العموم

وظاهر المتن مع حذاذة (٣) مّا ، الفداء والقضاء مطلقا مع التمكن لفوت الأداء مع إمكان القضاء.

ويؤيد القضاء على المريض (فَعِدَّةٌ ، مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ) (٤) ، فيه تأمّل ، ولا شك انه أحوط

واما دليل وجوب القضاء والفداء على الحامل المقرب ، والمرضعة القليلة

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٢) يعنى يدل على عدم وجوب القضاء ترك التعرض لوجوب القضاء مع كون المقام مقام البيان

(٣) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة بالطبع الحجري والصواب الحزازة بالزائين

(٤) البقرة ـ ١٨٤

٣٢٦

ويكره التملّي للمفطر والجماع. وحدّ المرض المبيح للرّخصة ما يخاف معه الزيادة بالصوم.

______________________________________________________

اللبن فهو صحيحة محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان لأنهما لا تطيقان الصوم ، وعليهما أن تتصدق كل واحد منهما في كل يوم تفطر فيه بمدّ من طعام ، وعليهما قضاء كل يوم فيه تقضيانه بعد ، واخرى عن محمد بن مسلم مثلها (١) قيّد البعض هذا بما إذا كان الخوف على الولد ، واما إذا كان على أنفسهما فالمتجه عدم الكفارة ، وهذا التقييد غير بعيد كما يشعر به لفظة (قليلة اللبن).

ولكن الظاهر عدم الفرق كما يشعر به لفظة (لأنهما لا يطيقان إلخ) ولان عذرهما ليس بأكثر من عذر الكبر والعطاش ، وقد كان الفداء هناك واجبا ، وكذا هنا ، بل ينبغي بالطريق الأولى ، فإنه إذا كان يجب عليهما الفداء للغير فلانفسهما بالطريق الأولى ، وفيه تأمل.

واعلم ان لا بعد في إيجاب الكفّارة على الام من جهة حفظ ولدها ، مع انّها انتفعت هي بالإفطار ، وهو ظاهر.

ويمكن كون الفداء من مال الولد ، وعلى تقدير عدمه من مال الوالد ، لكنه بعيد للزوم الخروج عن النصّ بالاجتهاد.

ويمكن اطّراد هذه الأحكام في مطلق الصوم المعيّن ، ويؤيّده ما قلناه من التصدق في المندوب

قوله : «ويكره التملي إلخ» قد مرّ تحقيق كراهة التملي ، والجماع ، وكذا تحقيق حد المرض المبيح ، فتذكّر

__________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ١ من أبواب من يصح منه الصوم

٣٢٧

وشرائط قصر الصلاة والصوم واحدة. ولا يحلّ الإفطار حتى يتوارى الجدران ، ويخفى الأذان ، فيكفّر لو أفطر قبله.

______________________________________________________

قوله : «وشرائط قصر الصلاة إلخ» قد مرّ الإشارة الى ذلك كلّه وتحقيقه ، وان المعتبر هنا أحدهما أو هما ، وانه لو أفطر قبله ينبغي عدم الكفارة مطلقا ، سواء كان السفر ضروريا وغيره كما هو مقتضى الدليل ، وهو عدم إفطار الصوم الواجب المعيّن عليه في نفس الأمر الموجب للكفارة ولا موجب غيره وقد حصل العلم به بعد ذلك وقد مرّ فرق المصنف في القواعد بين السفر الضروري وغيره.

وأيضا ظاهر ما تقدم هنا ، وفي القواعد أيضا عدم الكفارة مطلقا ولى تعجب عن (١) الأصحاب ، أنهم بنوا المسألة الفرعيّة على المسألة الأصوليّة مع قولهم فيها بعدم الوجوب والتكليف وقالوا هنا بالكفارة.

لعله للإفطار الممنوع منه ، وكونه صوما ظاهرا ، والظاهر عدم ذلك كما مرّ تحقيقه فتذكّر.

واعلم انه قد زاد بعض شرطا آخر في قصر الصوم ، وهو تبييت نيّة السفر بالليل ، ومع ذلك ان لم يخرج الّا بعد الزوال أوجب الصوم والقضاء أيضا ، وهو مذهب الشيخ المفيد.

واكتفى البعض بصدق اسم السفر وان كان قبل الغروب بقليل ، وهو مذهب على بن بابويه ، ومختار ابن إدريس بعد قوله أوّلا بقول الشيخ المفيد.

والتي رأيتها من الاخبار التي يجب العمل بها ـ بعد ثبوت وجوب العمل بالخبر الواحد ـ وأشار إليه المصنف أيضا حيث قال في المختلف : وأصلح ما بلغنا تلك (٢) ،

هي صحيحة الحلبي ـ في الفقيه ، وهي حسنة لإبراهيم في الكافي والتهذيب

__________________

(١) هكذا في النسخ والصواب (من) بدل (عن)

(٢) قال في المختلف ج ٢ ص ٦١ طبع قديم ـ بعد نقل صحيحة الحلبي وصحيحة محمد بن مسلم : ما هذا

٣٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والاستبصار ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام انّه سئل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صائم؟ قال : فقال : ان خرج من قبل ان ينتصف النهار فليفطر وليقض ذلك اليوم وان خرج بعد الزوال فليتم يومه (صومه خ ل) (١).

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم ويعتدّ به من شهر رمضان (٢).

وصحيحة رفاعة بن موسى ـ في زيادات التهذيب ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يريد السفر في رمضان ، قال : إذا أصبح في بلده ثم خرج ، فان شاء صام وان شاء أفطر (٣)

وهي مؤيّدة بأخبار أخر كثيرة ، مثل حسنة عبيد بن زرارة ـ لإبراهيم ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام في الرجل يسافر في شهر رمضان يصوم أو يفطر؟ قال : ان خرج قبل الزوال فليفطر ، وان خرج بعد الزوال فليصم ، وقال : يعرف ذلك بقول على عليه السّلام : أصوم وأفطر حتى إذا زالت الشمس عزم علي يعنى الصيام (٤) وموثقته عنه عليه السّلام ، قال : إذا خرج الرجل في شهر رمضان بعد الزوال أتّم الصيام ، فإذا خرج قبل الزوال أفطر (٥).

__________________

لفظه واعلم انّ هذا الحديث (محمد بن مسلم) وحديث الحلبي هو أصحّ ما بلغناه من الأحاديث في هذا الباب مع حديث رفاعة وسيأتي (انتهى)

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب من يصح منه الصوم

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٧ من أبواب من يصح منه الصوم

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ٣ من أبواب من يصح منه الصوم

(٥) الوسائل باب ٥ حديث ٤ من أبواب من يصح منه الصوم

٣٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

هذه كلّها دليل مذهب الشيخ المفيد إلّا صحيحة رفاعة.

واما دليل مذهب الشيخ فهو اخبار أخر غير صحيحة ولا صريحة في تفصيل مذهبه مع إمكان التأويل.

واما دليل ابن بابويه فهو عموم قوله تعالى (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ) (١).

ويؤيده أن المريض يفطر متى وقع له ذلك ، وكذا عموم الأخبار الصحيحة الكثيرة الدّالة على الإفطار ، مثل خيار أمتي من (الذين خ ل) إذا سافروا أفطروا (٢) وكان عليه السّلام إذا سافر في شهر رمضان أفطر وقد تقدمت.

ولا يعارضه مثل (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) لكونه مخصوصا بغير المسافر والمريض ، لأدلته ، وان أمكن المناقشة بأنه لم لا يجوز تخصيص تلك (إذا خ) بما إذا كان السفر قبل الشروع في الصوم فتأمّل.

ويمكن حملها على المفصل من الاخبار المعتبرة الكثيرة كما يقتضيه الأصول.

فمذهب الشيخ المفيد ليس ببعيد ، بل أقرب من الكلّ.

ويؤيده وجوب إتمام الصوم المستفاد من الآية المتقدمة (٣) ، والنهي عن ابطال العمل (٤) ، والاخبار (٥) الصحيحة الدّالة على اتحاد حكم الصلاة والصوم في القصر والإتمام إلّا ما استثنى بدليل ، ووجوب الجمع بين الأدلّة ، والظاهر عدم الخلاف في وجوب الإفطار لو سافر قبل الزوال مع تبييت السفر ليلا ، وكون الأمر

__________________

(١) البقرة ـ ١٨٤

(٢) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٦ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) وهي قوله تعالى (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ) البقرة ـ ١٨٤

(٤) المستفاد من قوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ)

(٥) راجع الوسائل باب ١٠ من أبواب صلاة المسافر من كتاب الصلاة

٣٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

للأجزاء ، يدلّ على عدم وجوب القضاء لو سافر بعد الزوال وصام ، فقول الشيخ بوجوب القضاء مع ذلك بعيد.

هذا كله واضح ـ الحمد لله ـ الّا انه بقي المنافاة بين خبر رفاعة (١) والاخبار المفصّلة (٢) ، فيمكن حملها على الاستحباب بمعنى أن المسافر متى خرج في نهار رمضان كان مخيّرا بين الإفطار والصوم ، واختياره الصوم يكون مستحبا بعد الزوال كالافطار قبله ، لوجوب الجمع بين الاخبار الصحيحة.

ويمكن تأويل خبر رفاعة ، لأنه واحد وغير مشهور القائل لو كان ، بخلاف ما تقدم من الاخبار الكثيرة المعمولة مع ظاهر الكتاب والشهرة العظيمة في المذهب من تحريم الصوم في السفر ووجوب الإفطار.

وهو أن يقال : يمكن أن يكون المراد به (ان شاء صام) أنّه ان شاء أبطل السفر ورجع عن نيته وصام ، وان شاء التزم وأفطر كما قيل مثل ذلك في الاخبار الدالة على التخيير بينهما إذا كان بينه وبين أهله ضحوة النهار مثلا

مثل حسنة رفاعة بن موسى ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يقدم (يقبل ـ يب) في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنه سيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع النهار؟ فقال : إذا طلع الفجر وهو خارج ولم يدخل اهله فهو بالخيار ان شاء صام وان شاء أفطر (٣) وغيرها :

بانّ (٤) المراد ان أراد الصوم لم يفطر ويتمّ ممسكا حتى يدخل أهله وصام ،

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٥ من أبواب من يصح منه الصوم

(٢) لاحظ روايات باب ٥ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب من يصح منه الصوم

(٤) متعلق بقوله قدّس سره : كما قيل مثل ذلك

٣٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

وان أراد يفطر قبله فلا يكون صائما الّا انه مخيّر في تلك الحالة بين الصوم والإفطار لتحريم الصوم قبل وصول محل الترخص ووجوبه بعده ، فتأمّل.

وان (١) يكون المراد الصوم إذا لم يتحقق السفر المبيح الا بعد الزوال ، والإفطار إذا تحقق قبله.

وهذا ليس ببعيد كثيرا عند من تأمل ونظر في تأويلات الشيخ ره ، لان خبر رفاعة فيه دلالة على جواز الإفطار مطلقا إذا سافر ، وعلى جواز الصوم أيضا كذلك وقد ثبت عندنا في الأدلة المتقدمة ما يدل على عدم جواز الإفطار إذا كان السفر بعد الزوال وجوازه بل وجوبه قبله بالتفصيل وكذا على تحريم الصوم وجوازه وجواز الإفطار ووجوبه ، فمرجع مضمون الأدلّة إلى التعارض بين المجمل والمفصّل وقد ثبت في الأصول حمل الأول على الثاني فصار مذهب الشيخ المفيد المشهور جيّدا ، مع دفع التعارض بين الاخبار المتضادّة.

وبقي استبعاد صحّة الصوم وإسقاط القضاء مع تبييت نيّة السفر ليلا لأنّ مرجعه إلى صحّة الصوم وإسقاط القضاء به مع عدم نيّة الصوم ، إذ من في قصده السفر من الليل غدا لا يمكن منه نيّة الصوم حقيقة ، وهذا الذي اقتضى ان يقال : بوجوب القضاء.

وقال المصنف في المختلف : ليس ببعيد من الصواب ، إذ لم يتحقق فيه شرط الصوم وهو النيّة.

ويمكن ان يقال : لا استبعاد بعد ورود النص بالصحّة كما مرّ من الأمر بالصوم وإتمامه من الكتاب والسنة ، والشهرة مع اقتضائه الاجزاء والاسقاط وان فرض عدم النيّة لأن اعتبارها انما يثبت (ثبت خ ل) على تقديره من الشارع ،

__________________

(١) عطف على قوله قده : أن يكون المراد به ان شاء صام

٣٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فإذا صرّح بعدمه ، فلا استبعاد.

على انهم يوجبون نيّة الصوم في هذه الصورة ليلا ويجعلونه صوما حقيقيّا ، إذ يوجبون بإفطاره كفّارة إفطار الصوم ، لأنه أفطر الصوم ، ويقولون بصحته من غير قضاء على الظاهر على تقدير عدم اتفاق السفر مع جريان الدليل بعينه.

ويمكن ان يكون الشارع اكتفى بمثل هذه النيّة التي لا جزم فيها ، بل مجرد التخيّل أو مقيّد بعدم اتفاق السفر المضرّ للصوم ، إذ لا يمكن الا ذلك ، وله نظائر كثيرة ، وغالب الاحتياطات منه ، فافهم.

وقد فهم منه عدم المنافاة بين قصده السفر غدا وتكليفه بالنيّة ، وما في جوابه إذا رجعت (١) تعرف.

ومثله جواز الصوم مع علمه بان من يضيفه أحد غدا ، فتأمّل.

فيبعد رجوع المصنف عن القول بقول الشيخ المفيد أوّلا في المختلف ذاهبا الى هذا ، حيث يفهم من قوله المتقدم ، كبعد قوله بعد ذلك فيه بالتخيير إذا سافر بعد الزوال لحمل رواية رفاعة عليه مع عمومها ، بل ظهورها في ما قبل الزوال ، مع إمكان ما قلناه فتأمّل.

واعلم أيضا أنّ الظاهر عموم الحكم في جميع الصيام المعيّن ، لعدم الفرق ، ولعموم مثل صحيحة الحلبي (٢).

ويمكن إخراج نحو النذر المقيّد بالسفر ، لاستثنائه بدليله المتقدم وبطلان الصوم المطلق الغير المعيّن ، لعموم الأدلّة ، وحمل الخصوص على صوم الشهر ، والمعيّن.

وفيه تأمل لعدم المقتضي ، فتأمل ، فإن اللحاق أوضح.

__________________

(١) أي إذا رجعت الى أصل البحث وأدلته تعرف عدم المنافاة بين قصده إلخ وما في جوابه

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب من يصح منه الصوم

٣٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

قد يفهم من هذه الأدلّة المتقدمة من الكتاب والسنّة والإجماع في الجملة ، جواز السفر في شهر رمضان ، إذ قد فهمت جواز الإفطار فيه ، بل وجوبه فيه في الجملة وقد ثبت عندهم عدم جوازه في السفر الحرام مطلقا والاستثناء وتخصيص ما تقدم بالسفر الضروري ، غير ثابت ، فافهم.

ويدل عليه الأصل ، وارادة اليسر ، وعدم ارادة العسر (الضيق خ ل) والاستصحاب وبعض الاخبار أيضا.

مثل رواية عبد الله بن جندب قال : سأل أبا عبد الله عليه السّلام عباد بن ميمون وانا حاضر عن رجل جعل على نفسه نذر صوم وأراد الخروج في الحج ، فقال عبد الله بن جندب : سمعت من زرارة ، عن ابى عبد الله عليه السّلام انه سأله عن رجل جعل على نفسه (نذر صوم) (١) يصوم (يصومه خ ل) فحضرته نيته في زيارة ابى عبد الله عليه السّلام؟ قال : يخرج ولا يصوم في الطريق ، فإذا رجع قضى ذلك (٢)

وصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام انه سئل عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم فقد مضى منه أيام فقال : لا بأس أن يسافر ويفطر ولا يصوم (٣).

وصحيحته ، عن أحدهما عليهما السّلام في الرجل يشيّع أخاه مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة قال : ان كان في شهر رمضان فليفعل ، قلت : أيّما أفضل ، يصوم أو يشيّعه؟ قال : يشيّعه ، ان الله عز وجلّ قد وضعه عنه (إذا شيّعه ـ ئل) (٤).

ورواية سعيد بن يسار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل

__________________

(١) نذرا صوما ـ خ

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٥ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب من يصح منه الصوم

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ٦ من أبواب صلاة المسافر من كتاب الصلاة

٣٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

يشيّع أخاه في شهر رمضان فيبلغ مسيرة يوم أو مع رجل من اخوانه أيفطر أو يصوم؟ قال : يفطر (١).

ورواية زرارة عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قلت : الرجل يشيّع أخاه في شهر رمضان اليوم واليومين قال : يفطر ويقضى قيل له : فذلك أفضل أو يقم ولا يشيّعه؟ قال : يشيّعه ويفطر ، فان ذلك حق عليه (٢).

وما في صحيحة حماد بن عثمان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : قال رجل من أصحابي جاء خبره من الأعوص (٣) وذلك في شهر رمضان أتلقّاه وأفطر؟ قال : نعم ، قلت : أتلقّاه وأفطر أو أقيم وأصوم؟ قال : تلقاه وأفطر (٤) وغيرها.

ولا يبعد كون الإقامة أفضل لصحيحة الحلبي ـ في الفقيه ، وهي حسنة في الكافي ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يدخل عليه شهر رمضان ، وهو مقيم لا يريد براحا (٥) ، ثم يبدو له أن يسافر فسكت ، فسأله غير مرّة ، فقال : يقم أفضل الّا ان يكون له حاجة لا بدّ له منها أو يتخوف على ماله (٦).

ولمكاتبة محمد بن الفضل البغدادي الى ابى الحسن العسكري : جعلت فداك يدخل شهر رمضان على الرجل فيقع بقلبه زيارة الحسين عليه السّلام ، وزيارة أبيك

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٧ من أبواب صلاة المسافر

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب صلاة المسافر

(٣) في الحديث جائني خبر من الأعوص ، هو بفتح الهمزة والواو بين المهملتين موضع قريب من المدينة وواد بديار بأهله وفي بعض النسخ من الاعراض جمع عرض بإعجام الضاد وضم المهملة وراء في الوسط ، وهي رسانيق أهل الحجاز (مجمع البحرين)

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب صلاة المسافر

(٥) يقال : ما برح من مكانه اى لم يفارقه (مجمع البحرين)

(٦) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب من يصح منه الصوم

٣٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ببغداد فيقيم في منزله حتى يخرج عنه شهر رمضان ، ثم يزورهم أو يخرج في شهر رمضان؟ فكتب : لشهر رمضان من الفضل والأجر ما ليس لغيره من الشهور ، فإذا دخل يوما فهو المأثور (١)

فيمكن حمل ـ ما فهم منه أنّ التشييع والاستقبال أفضل من الزيارة ـ على المبالغة أو كونها بالنسبة الى بعض الأشخاص لحصول أمر ، مثل ان يكون في تركه عليه ضرر أو غيظ المتلقى.

ويؤيّده أنه لو لم يفعل لفات بالكلّية بخلاف الزيارة مثلا ، فإنها تستدرك وان لم يكن في العيد مثلا مع عظم ثوابه كما ادّعى الشيخ إبراهيم بن سليمان في صوميّته حيث قال : ولا بأس به بعد ثلاثة وعشرين يوما منه والتجنب مطلقا أولى حتى انه ورد في الحديث المعتبر رجحان الصوم على السفر لزيارة الحسين عليه السّلام في زيارة عيد الفطر مع الثواب الجزيل الذي لا يكاد يوصف.

ولكن ما رأيت الخبر في ذلك بخصوصه ، ولا اعرف اعتبار الخبر (٢) ، وهو الذي ذكرته فيما تقدم وليست بصحيحة ، ولا حسنة ، ولا موثقة ، بل ضعيفة وهو اعرف مع احتمال حصول ثواب أعظم من ذلك في الصوم خصوصا مع الميل إلى الزيارة وتركها حرمة لصوم الشهر.

وكذا يحمل على الكراهة ما يدل على التحريم ، مثل رواية أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الخروج إذا دخل شهر رمضان؟ فقال : لا الّا فيما أخبرك ، خروج (خروجا ـ يب) إلى مكّة أو غزو (غزوا ـ يب) في سبيل الله ، أو مال

__________________

(١) الوسائل باب ٩١ حديث ١ من أبواب المزار من كتاب الحج

(٢) إشارة إلى خبر على بن أسباط عن رجل عن ابى عبد الله (ع) فراجع الوسائل باب ٣ حديث ٦ من أبواب من يصح منه الصوم

٣٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

تخاف هلاكه ، أو أخ تريد وداعه (١) وانه ليس أخا من الأب والأمّ (٢).

ورواية الحسين بن المختار ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا يخرج في رمضان الّا للحج أو العمرة أو مال يخاف عليه الفوت أو لزرع يحين حصاده (٣).

مع عدم صحّة سندهما ، ـ وان ادعى في المختلف صحّة الأولى ـ لوجود القاسم بن محمد (٤) ، كأنه الجوهري الواقفي أو اشتراكه ، وعلى بن أبي حمزة ، كأنه البطائني لانه قائد أبي بصير ، وهو يحيى بن القاسم ، والظاهر أنّ كليهما ضعيفان خصوصا الأوّل ، وما اعرف وجه ما قاله في المخ وهو اعرف.

وجه ضعف الثانية أيضا ظاهر لمن نظر فيه في زيادات التهذيب (٥).

على ان الاولى غير صريحة في التحريم ، بل الثانية أيضا.

ورواية أبي بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : قلت له : جعلت فداك يدخل علىّ شهر رمضان فأصوم بعضه فيحضرني زيارة قبر ابى عبد الله عليه السّلام ، فأزوره وأفطر ذاهبا وجائيا أو أقيم حتى أفطر وأزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين؟ فقال : أقم حتى تفطر ، قلت له : جعلت فداك فهو أفضل؟ قال : نعم اما تقرأ في كتاب الله (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (٦).

__________________

(١) تخاف هلاكه ـ يب

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٨ من أبواب من يصح منه الصوم

(٤) وسندها كما في الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا ، عن احمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن على بن أبي حمزة عن ابى بصير

(٥) وسندها كما في الزيادات هكذا : محمد بن على بن محبوب ، عن على بن السندي ، عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار

(٦) الوسائل باب ٣ حديث ٧ من أبواب من يصح منه الصوم

٣٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه تدل على التحريم ، وان المنع مفهوم من الآية الّا أنها غير صريحة ، والآية محتملة لمعنى آخر ومعارض بالأكثر والأصح والأشهر ، قال في المختلف : المشهور انه مكروه الى مضىّ ثلاث وعشرين يوما ، واستدل بالأصل ، وب (مَنْ كانَ مَرِيضاً) الآية (١) ، وبصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة (٢) ، وبرواية زرارة المتقدمة (٣) ، لكن نقله ، عن أبان بن عثمان (٤) والظاهر ابان بن عثمان عن زرارة كما في الكافي وصحيحة حماد بن عثمان. (٥)

ولا يخفى عدم دلالة ما استدل على تمام مطلوبه.

ولنختم أحكام الصّوم بذكر فوائد

الأولى : يكره له ان يستاك بسواك خصوصا بالرّطب ، وإخراج الدم في الجملة ، وقلع الضرس.

يدل عليها رواية عمار بن موسى ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في الصائم ينزع ضرسه؟ قال : لا ، ولا يدمي فاه ، ولا يستاك بعود رطب (٦).

وادعى المصنف الإجماع على كراهة إخراج الدم الضعيف بالفصد والحجامة ، وفي الروايتين (٧) دلالة عليه.

__________________

(١) وهي قوله تعالى (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ) ـ البقرة ١٨٤

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب صلاة المسافر

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب صلاة المسافر

(٤) يعنى نقل الحديث ، عن ابان بلا واسطة زرارة

(٥) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب صلاة المسافر

(٦) الوسائل باب ٢٦ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٧) هكذا في النسخ كلها ، والظاهر (وفي الرواية) بالافراد

٣٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وأيضا يدل على الأوّل حسنة الحلبي ـ لإبراهيم ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن الصائم يستاك ، قال : لا بأس به ، وقال : لا يستاك بسواك رطب (١) وحسنة عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام انه كره للصائم ان يستاك بسواك رطب ، وقال : لا يضرّ أن يبلّ سواكه بالماء ثم ينفضه حتى لا يبقى فيه شي‌ء (٢) وهذه تدل على عدم الإفطار بوضع الخرز الرطب وغيره في الفم ، وانه لو كان مبللا ببلل حرام مثل الريق على تقدير تحريمه لا يضر ، بل على ان البلل الحرام يجوز استعماله في المسح (٣) ونحوه فافهم والعجب أن الأصحاب ما ذكروا كراهة السواك ولو بالرطب ، بل نفوا ذلك الا قليل.

ويحتمل كراهة السواك مطلقا للرواية السابقة ، وحمل الرّطب على الشدّة وتخصيص الكراهة بالرطب ، وحمل المطلق على المقيّد به ، فتأمّل.

الثانية : يكره أيضا مباشرة النساء ، وادّعى عليه الإجماع في المنتهى مع وجود الدلالة في الرواية (٤) ،

وكذا قيل : بكراهة الاكتحال بما فيه مسك أو طعم يصل الى الحلق (٥) ، قال في المنتهى : وذهب إليه علمائنا (انتهى) وكذا يكره دخول الحمام مع الضعف للرواية (٦).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٢٨ حديث ١١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) يعني يدل الخبر على جواز استعمال البلل الحرام في مسح الوضوء ولا يبطل الوضوء به

(٤) راجع الوسائل باب ٣٣ و ٣٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) لاحظ الوسائل باب ٢٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) لاحظ الوسائل باب ٢٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٣٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ويكره بلّ الثوب للرواية (١) ، وظاهر الرواية أنه مع الماء الكثير بان لا يعصر (٢) ، واما مع العصر والبلّة القليلة فلا وقد مرّ.

الثالثة : يكره للمرئة الجلوس في الماء للرواية (٣) ، والخروج عن خلاف ابى الصلاح.

ينبغي العمل

بما روى في الفقيه ، عن جابر ، قال : قال أبو جعفر عليه السّلام لجابر : يا جابر من دخل عليه شهر رمضان فصام نهاره وقام وردا من ليله وحفظ فرجه ولسانه ، وغضّ بصره ، وكفّ أذاه ، خرج من الذنوب كيوم ولدته أمّه ، قال جابر : قلت له : جعلت فداك ما أحسن هذا من حديث؟ قال : ما أشدّ هذا من شرط؟ (٤) كذا في الفقيه.

وفي الكافي والتهذيب بإسناده ، عن ابى جعفر عليه السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لجابر بن عبد الله : يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره ، وقام وردا من ليله ، وعفّ بطنه وفرجه ، وكفّ لسانه خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر ، فقال جابر : يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : يا جابر ما أشدّ هذه الشروط (٥).

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) ففي خبر عبد الله بن سنان (المروي في الكافي) قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : لا تلزق ثوبك الى جسدك وهو رطب وأنت صائم حتى تعصره ـ الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) راجع الوسائل باب ٣ حديث ٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ١٨ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٥) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من أبواب آداب الصائم

٣٤٠