تبصرة الفقهاء - ج ٢

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-001-3
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٩٩

وقد ورد في الرواتب اليومية وغيرها من المندوبات نظير ذلك ، بل ما هو أعظم منه في مقام التأكيد في الحنث كما لا يخفى على المتتبّع في الأخبار.

مضافا إلى قيام بعض الشواهد فيها على ذلك كتقييد التأخير بقصد مخالفة السنّة والوقت كما في بعض الأخبار المذكورة.

وروى عمر بن يزيد ، عن الصادق عليه‌السلام أنه سأله عن وقت المغرب؟ قال : « إذا كان أرفق بك وأمكن لك في صلاتك وكنت في حوائجك فلك أن تؤخرها إلى ربع الليل » (١).

فإنّ سياق الرواية صريح في أن مبنى الأمر في ذلك على الندب حتى أنّه بمجرد ذلك يرتفع الوجوبان أو تأكده مع ما ورد من التأكيد في أمر المغرب ، فثبت ذلك في غيرها بالأولى.

وفي رواية أخرى له عنه عليه‌السلام : « أكون مع هؤلاء وأنصرف من عندهم عند المغرب فآمر بالمساجد فأقيمت الصلاة ، فإن أنا نزلت أصلي معهم لم أستمكن من الأذان والإقامة وافتتاح الصلاة؟ فقال : « ائت منزلك وانزع ثيابك إن أردت أن تتوضأ فتوضأ وصلّ فإنك في وقت إلى ربع الليل » (٢).

ودلالتها على ما ذكر كما لسابقه ، بل هي أوضح منها في الدلالة.

وفي التأكيدات الواردة في المواظبة على الوقت الأول إشارة إلى ذلك كالصحيح : « الصلوات المفروضات في أول وقتها إذا أقيم حدودها أطيب ريحا من قضيب الآس حين يؤخذ من شجرة في طيبه وريحه وطراوته ، فعليكم بالوقت الأول » (٣).

وفي صحيحة أخرى : « اعلم أن أول الوقت أبدا أفضل فعجّل الخير ما استطعت » (٤).

وعن الصادق عليه‌السلام : « لفضل الوقت الأول على الآخر خير للرجل من ولده وماله » (٥).

__________________

(١) الإستبصار ١ / ٢٦٧ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ٢٥.

(٢) تهذيب الأحكام ٢ / ٣١ ، باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها ، ح ٤٢.

(٣) ثواب الأعمال : ٣٦.

(٤) الكافي ٣ / ٢٧٤ ، باب المواقيت أولها وآخرها وأفضلها ، ح ٨ وفيه : « فعجل بالخير ».

(٥) الكافي ٣ / ٢٧٤ ، باب المواقيت أولها وآخرها وأفضلها ، ح ٧.

٤٨١

وفي خبر آخر : « إن أفضل الوقت على الآخر كفضل الدنيا على الآخرة » (١).

وعن أبي سلام العبدي قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت له : ما تقول في رجل يؤخر العصر متعمدا؟ قال : « يأتي يوم القيامة موتورا أهله وماله » ، قال : قلت : جعلت فداك! وإن كان من أهل الجنة؟ قال : « وإن كان من أهل الجنة ». قال : قلت : فما منزلته في الجنة؟ قال : « موتور أهله وماله يتضيف أهلها ليس له فيها منزل » (٢).

وقد روى أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام : « إنّ من صلى صلاة العصر فأخّرها حتى تصعر الشمس وتغيب ليس له أهل ولا مال في الجنة » (٣).

ورواه أيضا عن الباقر عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فإنّ سياق هذه الأخبار ظاهر في الاستحباب سيما الأخبار الأخيرة ، فإن ذكر كونه باعثا على نقص بعض النعم في الجنة في مقام الحث عليه كالصريح في عدم الحرمة.

ويؤيّد ما ذكرناه فهم الأصحاب وموافقتها لظاهر الكتاب كما مرّ ومخالفتها لمعظم العامة وموافقة المنع لمذاهبهم. مضافا إلى الأصل ؛ إذ ليس نزاع النازع إلّا في المنع لا في اشتراط العمل لما عرفت من الاتفاق على الأدائية إلّا من ظاهر البعض.

وهو مدفوع بصراحة النصوص في خلافه.

وفي الأعذار المجوّزة للتأخير من السفر والمطر والمرض وشغل يضرّ تركه بدينه أو دنياه ، كما ذكره في المبسوط (٤) ، ويقتضيه إطلاق العذر الوارد في الأخبار ، بل مقتضاه أعمّ من ذلك إشارة إلى ما ذكرناه ؛ إذ لو كان الأمر مبنيّا على الوجوب لما اكتفى في تركه بأدنى شي‌ء من

__________________

(١) الكافي ٣ / ٢٧٤ ، باب المواقيت أولها وآخرها وأفضلها ، ح ٧ وفيه : « كفضل الآخرة على الدنيا ».

(٢) ثواب الأعمال : ٢٣١ وفيه : « يؤخر صلاة العصر متعمدا؟ ».

(٣) المحاسن ١ / ٨٣ والرواية فيه : عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « ما خدعوك عن شي‌ء فلا يخدعوك في العصر صلها والشمس بيضاء نقية فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الموتور أهله وماله المضيع لصلاة العصر ما قلت : وما الموتور أهله وماله؟ قال : لا يكون له في الجنة أهل ولا مال. قلت : وما تضييعها؟ قال : يدعها والله حتى تصفر الشمس وتغيب.

(٤) المبسوط ١ / ٧٢.

٤٨٢

الأعذار مضافا إلى الشهرة العظيمة بين الأصحاب وفهمهم ذلك من روايات الباب ، بل حكى عليه في الغنية (١) والسرائر (٢) الإجماع.

وقد عزي القول به إلى الإسكافي والسيد (٣) والديلمي وابن زهرة (٤) والحلي (٥) والفاضلين (٦) والآبي وقوم من أصحاب الحديث. واختاره عامة المتأخرين إلا من شذّ.

وقد تبيّن مما قرّرناه ضعف القول بكون أحد الوقتين للمختار والآخر للمعذور والمضطرّ ، كما عن جماعة من القدماء منهم الشيخان (٧) والقاضي (٨) والحلبي (٩) والطوسي (١٠).

وقوّاه من المتأخرين صاحب المفاتيح ، واختاره صاحب الحدائق (١١) ؛ أخذا بظواهر الأخبار الأخيرة وما بمعناها.

وقد عرفت ما فيه.

وقد يحمل كلام جماعة من هؤلاء على ما يوافق المشهور ، فقد نصّ الشيخ في المبسوط (١٢) بأن الوقت الأول أفضل من الأوسط والأخير ، غير أنه لا يستحق عقابا ولا ذما وإن كان تاركا فضلا إذا كان لغير عذر.

وعنه أيضا في محل اليوم والليلة : ولا ينبغي أن يصلي آخر الوقت إلا عند الضرورة لأن

__________________

(١) غنية النزوع : ٧١.

(٢) السرائر ١ / ١٩٦.

(٣) الناصريات : ١٩٢.

(٤) غنية النزوع : ٧٠.

(٥) السرائر ١ / ١٩٦.

(٦) المعتبر ٢ / ٢٩ ، تحرير الأحكام ١ / ١٨٠.

(٧) المقنعة : ٩٤.

(٨) المهذب ١ / ٧١.

(٩) الكافي للحلبي : ١٣٧.

(١٠) الوسيلة : ٥٧.

(١١) الحدائق الناضرة ٦ / ٢٠.

(١٢) المبسوط ١ / ٧٧.

٤٨٣

الوقت الأول أفضل مع الاختيار.

ومن هنا احتمل بعض المتأخرين ارتفاع الخلاف من البين ، وهو وإن أمكن بالنسبة إلى جملة من عبائرهم إلا أنه لا يتمّ بالنسبة إلى بعضها كعبارة الخلاف حيث نصّ بمخالفة السيد وغيره. وكذا ما حكي عن الاسكافي والحلبي كما سيجي‌ء.

ثم إنّه (١) لو أخّر المختار إلى آخر الوقت الأخير فالظاهر الاتفاق على بقاء الوقت.

وقد حكى الاتفاق عليه في كشف اللثام (٢).

وقد دلّ نصوص كثيرة (٣) على بقاء الوقت ، فغاية الأمر الجمع بحصول العصيان مع تعمّد التأخير [ كما ] عن العماني (٤) أنه بعد ما بين وقت المختار والوقت الآخر ، قال : فإن أخّر المختار الصلاة من غير عذر إلى آخر الوقت فقد ضيّع صلاته وبطل عمله. وكان (٥) عند آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين إذا صلّاها في آخر وقتها قاضيا لأمور في الفرض في وقته. وظاهره خروج الوقت بالنسبة إلى المختار.

ويظهر ذلك من الحلبي أيضا حيث حكي عنه القول بإجزائه عن أصحاب الأعذار خاصّة ، فإن حمل كلام هذين على ظاهره فهو بمكان من الوهن كما لا يخفى.

__________________

(١) زيادة : « إنّه » من ( د ).

(٢) كشف اللثام ٣ / ١٩.

(٣) في ( ب ) : « الكثيرة ».

(٤) فقه ابن أبي عقيل العماني : ١٥٧.

(٥) في ( ألف ) : « كان » بدون الواو.

٤٨٤

تبصرة

[ في وقت الظهر ]

أول وقت الظهر زوال الشمس بالإجماع المعلوم والمنقول من جماعة منهم السيد (١) والشيخ (٢) والفاضلان (٣) وغيرهم ، بل ربما يدّعى كونه من الضروريات.

ويدلّ عليه بعد ذلك الآية الشريفة ؛ إذ الدلوك هو الزوال.

وقد نصّ عليه في الخبر المفسّر له والأخبار المستفيضة بل المتواترة كالصحيح : « إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر » (٤).

وحكي عن ابن عباس (٥) وغير واحد من العامة : « في مسافر صلّى قبل الزوال أنه يجزيه ».

وهو مخالف لاتفاق الأصحاب ، بل نصّ الفاضلان على أن الخلاف بين العامة قد انقرض أيضا.

وقد ورد في كثير من أخبارنا تحديد أول وقت الظهر بما بعد الزوال ، ففي بعضها اعتبار مضيّ (٦) القدم عنه. وفي بعضها مضيّ (٧) القدمين. وفي بعضها الذراع وغيرها.

وهي محمولة على الفضل من جهة حال المتنفّل.

__________________

(١) الناصريات : ١٨٩.

(٢) الخلاف ١ / ٢٥٦.

(٣) المعتبر ٢ / ٢٧ ، تذكرة الفقهاء ، ٢ / ٣٠٠.

(٤) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢١٦ ، باب مواقيت الصلاة وقت صلاة الظهرين ح ٦٤٨.

(٥) رياض المسائل ١ / ١١٣.

(٦) في ( ألف ) : « معنى ».

(٧) في ( ألف ) : « معنى ».

٤٨٥

وفي الصحيح : « أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ » قلت : لم جعل ذلك؟ قال : « لمكان النافلة » (١).

وفي عمر بن حنظلة : « ألا أنبئك بأبين من هذا؟ » قال : قلت : بلى جعلت فداك. قال : « إذا زالت الشمس فقد وقع وقت الظهر إلا أنّ بين يديها سبحة وذلك إليك ، فإن أنت خفت فحين تفرغ من سبحتك وإن طولت فحين تفرغ من سبحتك » (٢).

وبمعناها أخبار أخر في إسماعيل الجعفي : « وإنما جعل الذراع والذراعان لئلّا يكون تطوع في وقت فريضة » (٣).

وبمعناه غيره. وقد يوهم ذلك عدم دخول وقت الفريضة قبله (٤). وهو محمول على إرادة الفضيلة أي الأفضل في حقّ المتنفّل الاشتغال بها وتأخير (٥) الفريضة إلى ذلك ، فجعل بعض من وقت الفريضة للنافلة لئلا تقع في الوقت المعدّ لخصوص الفريضة.

وعليه يحمل ما في الهداية (٦) من أن وقت الظهر بعد الزوال قد مال على أحد وجهيه ، فليس ذلك خلافا في المسألة.

نعم ، في مكاتبة عبد الله بن محمد : روى بعض مواليك عنهما يعني الصادقين عليهما‌السلام : « إن وقت الظهر على قدمين من الزوال ووقت العصر على أربعة أقدام » (٧) إلى آخره (٨) ، ففيها دلالة على وقوع الخلاف فيه بين الأصحاب في ذلك الزمان ، وذهاب البعض إلى دخول وقت الظهر

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢١٧ ، باب وقت الفضيلة والإجزاء ح ٦٥٣.

(٢) الإستبصار ١ / ٢٤٩ ، باب اول وقت الظهر والعصر ح ٨٩٦ ـ ٢٣.

(٣) الإستبصار ١ / ٢٥٥ ، باب اول وقت الظهر والعصر ح ٩١٦ ـ ٤٣.

(٤) في ( ب ) : « قبل ».

(٥) زيادة في ( ب ) : « الفضيلة ».

(٦) الهداية : ١٢٩.

(٧) في ( د ) زيادة : « من الزوال فإن صليت قبل ذلك لم يجزك وبعضهم يقول يجزي ، ولكن الفضل في انتظار القدمين والأربعة أقدام ».

(٨) الإستبصار ١ / ٢٥٤ ؛ باب اول وقت الظهر والعصر ح ٩١٢ ـ ٣٩.

٤٨٦

بعد مضي القدمين إلا أنه لا يعرف كون القائل به من أرباب الأنظار.

وفي قوله بذلك شهادة على جموده على ظواهر الأخبار من غير ملاحظة للكتاب وسائر ما ورد عن العترة الأطهار.

وكيف كان ، فخلافه ساقط من بعض الأخبار (١).

هذا ، وأما آخر وقته الأول فقد اختلف فيه الأخبار وكلام علمائنا الأبرار ، ولهم في ذلك أقوال :

الأول : ما هو المشهور من تحديده بصيرورة ظلّ كل شي‌ء مثله ، وعزي القول به إلى جماعة من المتقدمين وسائر المتأخرين ، بل حكى في المسالك (٢) الشهرة عليه.

الثاني : ما حكي عن السيد في المصباح والشيخ في النهاية (٣) وغيره من أن آخر وقت الظهر لمن لا عذر (٤) له أربعة أقدام ، وهي أربعة أسباع الشخص.

وفي خبر (٥) الشيخ في المصباح (٦) والاقتصاد (٧) (٨) بينه وبين صيرورة ظلّ كل شي‌ء مثله.

وهو إن حمل على التخيير رجع إلى الأول ، وإلّا كان وقفا بين القولين.

ويرجع إلى هذا القول ما حكي عن الحلبي (٩) (١٠) من أن آخر وقت المختار الأفضل أن يبلغ الظلّ سبعي القائم ، وآخر وقت الإجزاء أن يبلغ الظلّ أربعة أسباعه ، وآخر وقت المضطر أن يصير الظلّ مثله.

__________________

(١) في ( د ) : « ساقط بعض عن الاعتبار » ، ولعله : « ساقط من عين الاعتبار ».

(٢) مسالك الإفهام ١ / ٢٣٣.

(٣) النهاية : ٥٩.

(٤) في ( ألف ) : « عذر ».

(٥) في ( د ) : « خير ».

(٦) مصباح المتهجد : ٢٦.

(٧) في ( ب ) : « الانتصار » بدل : « الاقتصاد ».

(٨) الاقتصاد : ٢٥٦.

(٩) في ( ب ) : « الحلّي ».

(١٠) الكافي للحلبي : ١٣٧.

٤٨٧

الثالث : ما حكي عن المفيد (١) من أن وقت الظهر بعد الزوال إلى أن يرجع الفي‌ء سبعي الشخص. وإليه يرجع ما حكي عن العماني (٢) من أن آخر وقت الظهر زوال الشمس إلى أن ينتهي الظلّ ذراعا واحدا قدمين.

والظاهر اتحاد المقدارين ، وإنما الاختلاف في الاعتبار. قال : فإن جاوز ذلك فإن دخل الوقت الآخر.

ويدلّ على الأول الروايات المستفيضة المعتضدة بالعمل :

منها : ما رواه الشيخان بإسنادهما ، عن يزيد بن خليفة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا لا يكذب علينا ». قلت : ذكر أنك قلت : إن أول صلاة افترضها الله على نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر ، وهو قول الله عزوجل : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ .. ) (٣) ، فإذا زالت الشمس لم يمنعك إلا سبحتك ثم لا تزال في وقت إلى أن يصير الظلّ قامة وهو آخر الوقت ، فإذا صار الظلّ قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت العصر حتى يصير الظلّ قامتين بذلك (٤) المساء. فقال : صدق » (٥).

ومنها : أحمد بن عمر ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن وقت الظهر أو العصر؟. فقال : « وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلى أن يذهب الظلّ قامة ووقت العصر قامة ونصف إلى قامتين » (٦).

ومنها : صحيحة البزنطي سألته عن وقت صلاة الظهر أو العصر؟ فكتب : « قامة للظهر وقامة للعصر » (٧) ، بحملها على كون مجموع القامة وقتا له.

__________________

(١) المقنعة : ٩٢.

(٢) فقه ابن أبي عقيل العماني : ١٥٧ ، وفيه : « أو قدمين ».

(٣) الإسراء : ٧٨.

(٤) في ( د ) : « فذلك ».

(٥) الكافي ٣ / ٢٧٣ ، باب وقت الظهر والعصر ح ١ والإستبصار ١ / ٢٦٠.

(٦) الإستبصار ١ / ٢٤٧ ، باب أول وقت الظهر والعصر ح ٨٨٣ ـ ١٠.

(٧) الإستبصار ١ / ٢٤٨ ، باب أول وقت الظهر والعصر ح ٨٩٠ ـ ١٧.

٤٨٨

وفي محمد بن حكيم ، قال : سمعت العبد الصالح عليه‌السلام وهو يقول : « إن أوّل وقت الظهر زوال الشمس وآخر وقتها قامة من الزوال ، وهو أول وقت العصر قامة وآخر وقتها قامتان ». قلت : والشتاء (١) والصيف سواء؟ قال : « نعم » (٢).

وفي معاوية بن وهب ، عن الصادق عليه‌السلام في حكاية إتيان جبرئيل عليه‌السلام بالأوقات تصريح به حيث ذكر أنه « أتاه حين زالت الشمس فأمره (٣) فصلّى ، ثم أتاه من الغد حين زاد في الظلّ قامة فأمره فصلّى الظهر ». وذكر نحو ذلك بالنسبة إلى سائر المواقيت. ثم قال « ما بينهما وقت » (٤).

وليس في معظم الأخبار التي ذكر فيه القدم والقدمان والذراع والذراعان ونحوها معارضة لذلك ؛ إذ ليس فيها تحديد لآخر الوقت ، وإنما ذكر ذلك تحديدا لوقت النوافل وبيانا لعدم تأخير الفرائض لأداء النوافل بما يزيد على ذلك ، وليس فيها دلالة على تحديد وقت الفريضة.

كيف ، وقد ذكر فيها أداء الفريضة بعد مضيّ ذلك المقدار ، ولا ينطبق على شي‌ء من الأقوال المذكورة ، فالأمر في جملة منها بفعل الفريضة بعد مضيّ ذلك ليس محمولا على التعيّن ، ويشهد له ملاحظة ما ذكرناه من الأخبار وغيرها.

نعم ، في رواية ابراهيم الكرخي ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام أنه سأل (٥) عن وقت الظهر؟ قال : « إذا زالت الشمس ». فقلت : متى يخرج وقتها؟ فقال : « من بعد ما يمضي من أولها أربعة أقدام ، إن وقت الظهر ضيّق ليس كغيره » إلى أن قال : فقلت له : لو أن رجلا صلّى الظهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام كان (٦) عندك غير مؤدّ لها؟ فقال : « إن كان تعمّد ذلك

__________________

(١) في ( د ) : « في الشتاء ».

(٢) الإستبصار ١ / ٢٥٦ ، باب أول وقت الظهر والعصر ح ٩١٧ ـ ٤٤. وفيه : في الشتاء.

(٣) لم ترد في ( ب ) : « فأمره ».

(٤) الإستبصار ١ / ٢٥٧ ، باب أول وقت الظهر والعصر ح ٩٩٢ ـ ٤٩.

(٥) في ( د ) : « سأله ».

(٦) في ( د ) : « أكان » ، وما في ( د ) موافق للمصدر.

٤٨٩

ليخالف السنّة والوقت ، لم يقبل منه » (١).

وفي رواية الفضل بن يونس ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في المرأة ترى الطهر قبل الغروب كيف تصنع بالصلاة؟ قال : « إذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام لا تصلّي إلا العصر ؛ لأن وقت الظهر دخل عليها وهي في الدم ، وخرج عنها الوقت وهي في الدم » (٢).

وهاتان الروايتان مستندا القول الثاني.

وفيه : أن الأولى مع ضعف إسنادها لا يقاوم ما ذكر من الأخبار. ولا يبعد حملها على مزيد الفضيلة بالنسبة إلى الحدّ المذكور.

وفي موثقة ذريح المحاربي أنه قال بعض القوم لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنا نصلّي الأولى إذا كانت على قدمين والعصر على أربعة أقدام. فقال عليه‌السلام : « النصف من (٣) ذلك أحب إليّ » (٤) ، فدلّ على أفضليّة القدم للظهر. فكذا الحال في الأربعة أقدام بعد حملها على ذلك.

وأما الثانية فمع الطعن في إسنادها لاشتماله على الفضل بن يونس بأنها مع معارضتها للأخبار المذكورة وعدم مقاومتها لها ، معارضة للروايات الكثيرة الدالّة على بقاء الوقت في الجملة إلى الغروب أو مقدار أربع ركعات إليه.

وأما القول الثالث فلم نقف له على حجة ظاهرة.

نعم ، في مكاتبة محمد بن الفرج : « إذا زالت الشمس فصلّ سبحتك ، وأحبّ أن يكون فراغك من الفريضة والشمس على قدمين » (٥).

وهي مع عدم انطباقها على المدّعى لا تدلّ على انتهاء الوقت الأول به ، سيّما على القول بكون الوقت الأول للمختار كما هو المعزى إلى القائل المذكور.

__________________

(١) الإستبصار ١ / ٢٥٨ ، باب آخر وقت الظهر والعصر ح ٩٢٦ ـ ١.

(٢) قرب الإسناد : ٣١٣.

(٣) في ( ب ) : « الضعف عن » ، وما في المتن موافق للمصدر.

(٤) الإستبصار ١ / ٢٤٩ ، باب أول وقت الظهر والعصر ح ٨٩٧ ـ ٢٤.

(٥) الإستبصار ١ / ٢٥٥ ، باب أول وقت الظهر والعصر ح ٩١٤ ـ ٤١.

٤٩٠

وربّما يستدلّ عليه بأخبار الذراع والقدمين. وقد عرفت أنها لا تدلّ على ذلك بوجه ؛ إذ لا دلالة فيها على بيان الغاية إلا أن يقال : إن ترك النافلة والبدأة بالفريضة شاهد على تضيّق وقت الفريضة (١) أو السعة حتى يسقط رجحان النافلة ، ويتعيّن الإتيان بالفريضة.

وفيه : أنه مع عدم انطباقه على المقصود ليس في تلك الرواية (٢) إشارة إلى ذلك ، وإنما هو استنباط محض لا حجة فيه.

ثم إن المراد بالقامة هو قامة الشاخص وفاقا للأكثر ، وقد حكى الشهرة عليه جماعة منهم فخر الإسلام (٣) والشهيد (٤) وبعض المتأخرين.

وفي كلام الفاضلين (٥) والمحقق الكركي (٦) وغيرهم إسناده إلى الأكثر ؛ إذ هو الظاهر من لفظ القامة المذكورة في الروايات المتقدّمة ، وحمل القامة فيها على مقدار ما بقي من الظلّ بعيد عنها جدّا.

وما قيل من أن ذلك كأنه كان اصطلاحا معهودا مما لا شاهد له أصلا ، بل الظاهر من الأخبار خلافه ، مثل ما ورد في المستفيضة من أن اعتبار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان من المسجد ، وكان ارتفاعه حينئذ بمقدار القامة.

فكان يعتبر بمضيّ (٧) الذراع والذراعين ، مضافا إلى أنه قد ورد في زرارة : « إن كان ظلّك مثلك فصلّ الظهر » (٨).

غير أن محلّ السؤال خصوص الصيف.

__________________

(١) في ( د ) : « الفضيلة ».

(٢) في ( ب ) و ( د ) : الروايات ».

(٣) إيضاح الفوائد ١ / ٧٣.

(٤) الذكرى : ٣٥٨.

(٥) المعتبر ٢ / ٤٨ ، مختلف الشيعة ٢ / ٣٨.

(٦) جامع المقاصد ٢ / ١٢.

(٧) في ( ألف ) : « بمعنى ».

(٨) الإستبصار ١ / ٢٤٨ ، باب أول وقت الظهر والعصر ، ح ٨٩١ ـ ١٨.

٤٩١

وفي رواية ابن بكير أنه عليه‌السلام قال لأبي بصير أن يقول (١) لزرارة : « صلّ الظهر في الصيف إذا كان ظلّك مثلك » (٢).

ففيهما تأييدا للاعتبار بالشاخص.

وما ورد في غير واحد من الروايات من تفسير القامة بالذراع كما في رواية علي بن حنظلة : « القامة والقامتان الذراع والذراعان في كتاب » (٣) ، ورواية علي بن حمزة المروية (٤) بطريقين : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « القامة هي الذراع » (٥) ، فلا ينافي ما ذكرناه ؛ لإمكان فرض الشاخص ذراعا كما يشهد له رواية ابن أبي حمزة عن الصادق عليه‌السلام أنه قال له أبو بصير : كم القامة؟ فقال : « ذراع ، إنّ قامة رجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت ذراعا » (٦).

كيف ، وحمل القامة على الذراع بنفسها مما لا يساعد عليه العرف ولا اللغة.

وعن الشيخ في التهذيب (٧) والمهذّب (٨) والشرائع (٩) والإيضاح (١٠) أن العبرة بمماثلة الباقي من الظلّ. وعزاه في الأخير إلى كثير من الأصحاب.

ويدلّ عليه مرسلة يونس ، عن الصادق عليه‌السلام ، وهي مع ضعف إسنادها لا يخلو متنها عن إجمال بل ظاهرها لا يخلو من اختلال.

ويمكن توجيهها على بعض الوجوه ، ومع ذلك فلا يوافق القول المذكور ، ومع الغضّ عن ذلك كلّه فلا تقاوم ما ذكرناه من ظواهر الأخبار المؤيّدة بالشهرة والاعتبار لما هو واضح من

__________________

(١) في ( ألف ) : « تقول ».

(٢) وسائل الشيعة ٤ / ١٥٠ ، باب وقت الفضيلة للظهر والعصر ونافلتهما ، ح ٣٣.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٣ ، باب اوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها ، ح ١٥ وفيه : « كتاب علي عليه‌السلام ».

(٤) في ( د ) زيادة : « عنه ».

(٥) الإستبصار ١ / ٢٥١ ، باب أول وقت الظهر والعصر ، ح ٢٨.

(٦) الإستبصار ١ / ١٥١ ، باب أول وقت الظهر والعصر ، ح ٢٩.

(٧) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٣.

(٨) المهذب البارع ١ / ٢٩١.

(٩) شرائع الإسلام ١ / ٤٧.

(١٠) إيضاح الفوائد ١ / ٧٣.

٤٩٢

حصول الاختلاف الشديد على التقدير الآخر قد يبقى مسمّى الظلّ مما لا يكاد يسع الصلاة ، وقد يبقى أزيد من مقدار الشاخص ، وبطء زيادة الظلّ في الأول لا يعادل لزيادة مقدار الظلّ في الثاني بل لا نسبة له ، فتوهّم ارتفاع الفارق (١) البيّن بين الأمرين بذلك كما زعمه بعض الأفاضل ليس على ما ينبغي.

على أنه قد لا يبقى من الظلّ مقدار يسع الصلاة بل قد ينتفي بالمرّة ، فلا يبقى محلّ للتقدير.

ثم إن العبرة بوصول الظلّ الزائد إلى ما يماثل الشاخص لا بمجموع الظلّين كما قد يستظهر من الإطلاق.

ويدلّ عليه مع ذلك الروايتين الأخيرتين (٢) من الأخبار المذكورة في اعتبار القامة مضافا إلى ما في الثاني من الاختلاف الفاحش ، وأنه قد يكون الباقي من القامة ما لا يسع مقدار الصلاة أو يكون الباقي بمقدارها (٣) أو زائدا عليها فلا يقبل للتقدير المذكور.

هذا ، وأوّل وقته الثاني بعد انقضاء وقته الأول (٤) إلى أن يبقى الغروب مقدار أداء العصر على المعروف من مذهب الأصحاب ، بل لا يعرف فيه مخالف سوى ما مرّ حكايته عن الحلبي من تحديده آخر وقت المضطرّ بصيرورة الظلّ مثل الشاخص. وهو إن حمل على ظاهره فضعيف جدا مخالف للنصوص المستفيضة الكثيرة المتلقّاة بالقبول عند الفرقة.

وفي صحيحة زرارة : « ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس » (٥).

وقريب منهما رواية عبيد بن زرارة ، فلا بدّ من تقييدهما (٦) على اختصاص العصر بمقدار أدائها كمرسلة داود بن فرقد في بيان آخر وقت الظهر : « حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي

__________________

(١) في ( ب ) و ( د ) : « التفاوت ».

(٢) كذا ، والصحيح : « الروايتان الأخيرتان ».

(٣) في ( ألف ) : « بمقداره ».

(٤) في ( ب ) : « الأولى ».

(٥) الكافي ٣ / ٢٧٦ ، باب وقت الظهر والعصر ، ح ٥.

(٦) زيادة في ( ب ) و ( د ) : « بما دلّ ».

٤٩٣

أربع ركعات ، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر » (١).

وقوية الحلبي بل صحيحته على الأصح : « وإن هو خاف أن يفوته يعني الظهر فليبدأ بالعصر ولا يؤخّرها فتفوته ، فتكون قد فاتتاه جميعا ، ولكن يصلّى العصر فيما قد بقى من وقتها ثم ليصلّ الأولى بعد ذلك على أثرها » (٢).

مضافا إلى الشهرة العظيمة بل لا يعرف قائل منهم هنا بالاشتراك ، وإن ظهر من الصدوق قوله به في الأول ، فقد صرح في المقام بخلافه فما نسب إليه القول بالاشتراك بالنسبة إلى الآخر مما لا وجه له.

ثم إنه قد يذكر في بعض العبارات التحديد ببقاء الأربع وفي بعضها ببقاء الثمان. ولا خلاف في الحقيقة لاعتبار الغاية في الأول وملاحظة البداية في الثاني.

وهو ظاهر.

__________________

(١) الإستبصار ١ / ٢٦١ ، باب آخر وقت الظهر والعصر ، ح ١١.

(٢) الإستبصار ١ / ٢٨٨ ، باب من فاتته صلاة فريضة فدخل عليه وقت صلاة اخرى فريضة ، ح ٣.

٤٩٤

تبصرة

[ في وقت العصر ]

المعروف بين الأصحاب أن أول وقت العصر بعد مضي مقدار أداء أربع ركعات عن الزوال ، وآخر وقته الأول صيرورة ظلّ كل شي‌ء مثليه ، وآخر وقته (١) الآخر إلى الغروب ، فالكلام هنا في مقامات :

أما الأول : فظاهر الصدوق في الفقيه اشتراك وقت الصلاتين من أول الزوال. وحكى ذلك عن والده أيضا.

وعزا السيد في الناصريات (٢) إلى أصحابنا أنهم يقولون : إنه إذا زالت الشمس ودخل وقت الظهر والعصر إلا أن الظهر قبل العصر.

ثم حقّق المقام باختصاص الظهر بالأربع ما بعد الزوال ، ثم يشترك الوقتان.

وظاهر ذلك حمل كلام الأصحاب على ذلك.

قال العلامة (٣) بعد نقل كلامه : وعلى هذا يزول الخلاف.

وكيف كان فكلام الصدوق في الفقيه ليس صريحا فيما عزي إليه ؛ إذ لم يذكر فيه سوى الرواية الدالّة عليه. وهي بظاهره دالّة على الاشتراك في الأول والأخير. وقد نصّ في مقام آخر على اختصاص مقدار الأربع الأخيرة بالعصر فقد يقول بمثله في الأول مع أن تلك الصحيحة ليست صريحة في ذلك ، فيحتمل أن تكون محمولة عنده على نحو آخر الوقت.

وبالجملة ، فخلافه في المسألة غير معلوم وإن قضى به ظاهر كلامه.

__________________

(١) في ( ألف ) : « وقت ».

(٢) الناصريات : ١٨٩.

(٣) مختلف الشيعة ٢ / ٧.

٤٩٥

ثم إن الروايات [ التي ] يستظهر منها ذلك مستفيضة بل كادت أن تكون متواترة كصحيحة زرارة : « إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر » (١).

وصحيحة عبيد بن زرارة المتقدمة.

ورواية مالك الجهني : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين » (٢).

ونحوه (٣) رواية منصور بن يونس (٤) .. إلى غير ذلك إلا أنها كما عرفت غير صريحة في ذلك ، وحملها على المشهور غير بعيد ، سيّما مع فهم الأصحاب منها ذلك. مضافا إلى أنه قد صرّح في كثير منها بأن هذه قبل هذه ، فإن الحكم ( بتقدم أحدهما على الآخر قد يفيد اختصاص الأول بالأول حيث يتعيّن إيقاعه فيه بمقتضى الحكم ) (٥) بالتقدّم (٦).

ولا يرد ذلك بالنسبة إلى سائر الأوقات لإمكان وقوع الظهر قبله ، فيكون ذلك الوقت قابلا للعصر. وهو معنى التوقيت وإن لم يجز الاتيان بالظهر (٧) من جهة الترتيب ؛ إذ ذلك المنع لا يقضي بانتفاء التوقيت كما أنه لا يجوز الإتيان بالصلاة بعد دخول الوقت قبل أن يتطهر ؛ فإن المنع من التلبّس بها في تلك الحال لا يقضي بخروجه عن الوقت كما لا يخفى.

فالقول بأن ذلك لا يقضي اختصاص الأولى بالأول ، وإنما يفيد الحكم بالترتيب المحض على ما ذكره بعض الأفاضل كما ترى.

على أنه يحتمل أن يكون المراد به تقدم الأول على الآخر في الوقت ، فالمقصود أنه إذا زالت الشمس دخل الوقتان (٨) إلا أن الظهر يتقدم وقتها على العصر ، فيفيد اختصاص الأول

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢١٦ ، باب مواقيت الصلاة صلاة الظهرين ح ٦٤٨.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢١٥ ، باب مواقيت الصلاة صلاة الظهرين ح ٦٤٦.

(٣) في ( ب ) : « نحو ».

(٤) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٤٤ ، باب المواقيت ح ٣.

(٥) ما بين الهلالين لم ترد إلّا في ( د ).

(٦) في ( ألف ) : « بالتقيّد ».

(٧) في ( ب ) : « به الظهر ».

(٨) في ( ألف ) : « الوقت ».

٤٩٦

بها.

وكيف كان ، ففي مرسلة داود بن فرقد المتلقّاة بالقبول عند الأصحاب تنصيص بذلك ، وهي كافية في إثبات المقصود.

وفيها : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات ( فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من غروب الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات ) (١) فيقيّد بها إطلاق تلك الروايات كما هو قضية مقابلة المطلق بالمقيد والنصّ بالظاهر ، مع ما عرفت من عدم وضوح دلالتها على خلافه.

وهي بعد انجبار ضعفها بعمل الأصحاب وحكاية الإجماع عليه من الغنية (٢) والسرائر (٣) والمعتبر (٤) والمنتهى (٥) وكشف اللثام (٦) لا يقصر عن الصحاح.

فمؤاخذة الأصحاب بذلك كلّه [ التي ] وقع من البعض ليس على ما ينبغي.

وما ذكره بعض المتأخرين من حمله على بيان الوقت المختص بالظهر عند التذكر لا مطلقا ؛ نظرا إلى أن الاضافة لا يقتضي أكثر من ذلك بمكان من الوهن ؛ إذ لا اختصاص لذلك بأول الوقت لجريانه بعينه في بقية الوقت ، فلا وجه لجعل البقية (٧) مشتركا بين الفرضين.

ومن الغريب أنه قال بجريان ذلك بالنسبة إلى العصر ، ومن الواضح أنه مع اشتراك الوقتين إلى الآخر يلزم الإتيان حينئذ بالظهر ؛ إذ هو المقدّم في التكليف ، وقد صرّح في الخبر بخلافه ، فكيف يمكن إجراء التوجيه المذكور فيه؟

__________________

(١) ما بين الهلالين مما أضيفت من ( د ).

(٢) غنية النزوع : ٦٩.

(٣) السرائر ١ / ١٩٥.

(٤) المعتبر ٢ / ٣٥.

(٥) منتهى المطلب ٤ / ٥٦.

(٦) كشف اللثام ٣ / ٢٠.

(٧) في ( ألف ) : « التقية ».

٤٩٧

وأعجب (١) من ذلك ما ذكره في الحدائق (٢) من أن الحمل المذكور أقرب إلى هذا الخبر مما أوّلوا به الأخبار الدالّة على القول الآخر ، مع أن ما عرفت من الحمل ليس خروجا مبنيّا على ظواهر تلك الأخبار ، بل قد يقال بظهور جملة منها فيه حسب ما أشرنا إليه.

هذا ، وعبارة الهداية دخول وقت العصر بعد مضيّ قدمين من الزوال. وكأنّه محمول على الاستحباب بناء على استحباب تأخير العصر عن وقت فضيلة الظهر ، وقد حكم فيه بأن وقت الظهر من الزوال إلى مقدار القدمين ، وإلا فلا يظهر قائل بمضمونه.

وأما المقام (٣) الثاني فالمعروف بين الأصحاب هو ما قدّمناه ، وعن العماني (٤) أنه يمتد إلى أن ينتهي الظلّ ذراعين ، فإذا جاوز ذلك فقد دخل الوقت الآخر.

وعن المفيد في المقنعة (٥) أنه يمتد وقتها إلى أن يتغير لون الشمس باصفرارها للغروب للمختار ، وجعل وقت المضطر والناسي إلى المغيب.

وعن السيد (٦) أنّه يمتدّ حتى يصير الظلّ بعد الزيادة ستّة أقدام للمختار.

ويدلّ على الأول بعد اشتهاره بين الأصحاب والإجماع المحكي عليه من الغنية عدة من الروايات المشتملة على اعتبار القامتين. وقد تقدمت الإشارة إلى جملة منها ، ومنها حديث إتيان جبرئيل بالأوقات.

وفيه أنه « أتاه في اليوم الأول حين زاد الظلّ قامة فأمره فصلى العصر. ثم ذكر أنه أتاه [ من الغد ] (٧) حين زاد في الظلّ قامتان فأمره فصلى العصر. ثم إنه قال (٨) بعد ذلك : « ما بين

__________________

(١) في ( ألف ) : « عجيب ».

(٢) الحدائق الناضرة ٦ / ١٠٦.

(٣) زيادة : « المقام » من ( د ).

(٤) فقه ابن أبي عقيل العماني : ١٥٧.

(٥) المقنعة : ٩٣.

(٦) نقل عنه في المعتبر ٢ / ٣٨.

(٧) الزيادة من المصدر.

(٨) في ( ألف ) و ( ب ) : « قال إنّ ».

٤٩٨

الوقتين وقت » (١).

وما يستفاد منها من عدم دخول وقت فضيلة العصر إلا بعد خروج وقت فضيلة العصر لا ينافي الاحتجاج بها في المقام أنه لو لم يمكن (٢) إرجاعها في ذلك إلى سائر الأخبار فحملها على التقية في ذلك لا يقضي بحملها عليها في غيره ، مع عدم حصول داع إليه ؛ لما عرفت من عدم دلالة سائر الأخبار على ما يخالفه ؛ لما أشرنا إليه من عدم دلالة أخبار الذراعين والقدمين والأقدام الأربعة على بيان آخر الوقت إلا أنّ في بعض منها دلالة على خلافه كما سنشير إليه.

ولا قائل بمضمونه إلا من شذوذ من الأصحاب ، وهي في نفسه لا تقاوم ما ذكرناه فضلا عن اعتضاده بالعمل كما عرفت.

ومع ذلك يمكن حملها على الأفضليّة ، وهي لا ينافي ما ذكرناه.

فظهر بذلك ضعف ما استشكله بعضهم في الاحتجاج بما ذكرناه من الأخبار من موافقتها لمذاهب العامة ، فينبغي حملها على التقية.

ويدلّ على مختار العماني مكاتبة محمد بن الفرج : « وأحبّ (٣) أن يكون فراغك من العصر والشمس على أربعة أقدام بعد كلّ قدمين ذراعا » (٤).

وليس فيها دلالة ظاهرة على المقصود ؛ إذ غايته إفادة الفضيلة ، وهي لا يقتضي التوقيت. وقد ورد نحوه في القدمين كما مرّ في ذريح المحاربي (٥).

وفي أخبار الذراعين دلالة على عدم فوت (٦) الفضيلة بتأخيرها إلى مضيّ الذراعين. وقد يحتج له منصور بن حازم ، عن الصادق عليه‌السلام : « صلّ العصر على أربعة أقدام » (٧).

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٥٢ ، باب المواقيت ح ٣٨.

(٢) في ( ألف ) : « لم يكن ».

(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ المخطوطة : « وجب ».

(٤) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٥٠ ، باب المواقيت ح ٢٨ ، ولم توجد فيه : « بعد كل قدمين ذراعا ».

(٥) الإستبصار ١ / ٢٤٩ ، باب أول وقت الظهر والعصر ح ٨٩٧ ـ ٢٤.

(٦) في ( ألف ) : « فرق ».

(٧) الإستبصار ١ / ٢٥٩ ، باب آخر وقت الظهر والعصر ، ح ٤.

٤٩٩

وفي رواية أخرى : « العصر على ذراعين فمن تركها حتى تصير إلى ستة أقدام فذلك التضييع » (١).

وهو كما ترى.

ولم نقف على حجّة المفيد ، وفي الأخبار دلالة بيّنة على خلافه. وكذا على مختار السيد.

وفي رواية سليمان بن جعفر : « آخر وقت العصر ستّة أقدام ونصف » (٢) ، وفي أبي بصير : « صلّ العصر يوم الجمعة على ستة أقدام » (٣) ، وشي‌ء منهما لا يطابق القول المذكور.

أما المقام الثالث فالذي ذكرناه هو الذي استقر عليه المذهب ، بل لا يعرف فيه مخالف صريح.

نعم ، ذكر الشيخ في الخلاف في الاستدلال على أن آخر وقته الأول المثلان : إن دليلنا على ما اعتبرناه أنّه مجمع عليه بين الفرقة أنّه من الوقت ، وما زاد عليه مختلف في كونه وقتا للأداء. وعنه في الجمل والخلاف (٤) : أنه (٥) آخر وقت العصر المثلان من غير نصّ إلى أن ذلك للمختار ، فقد يقيّد ذلك خروج الوقت بذلك.

وكأنّ الأولى حملها على بيان آخر وقت الفضيلة ، وإلا لم يثبت للعصر وقتان ، فالظاهر إذن عدم خلاف في امتداد وقته الثاني إلى الغروب. وقد دلّ عليه النصوص المستفيضة المعتضدة بالعمل.

__________________

(١) الإستبصار ١ / ٢٥٩ ، باب آخر وقت الظهر والعصر ، ح ٣ وفيه : فذلك المضيع.

(٢) الإستبصار ١ / ٢٥٩ ، باب آخر وقت الظهر والعصر ، ح ٢.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٥٦ ، باب المواقيت ح ٥٤.

(٤) الخلاف ١ / ٢٦١.

(٥) في ( د ) : « أنّ ».

٥٠٠