تبصرة الفقهاء - ج ٢

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-001-3
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٩٩

البحث الخامس

في الوضوء الاضطراري

تبصرة

[ في وضوء مقطوع اليد ]

من قطعت يده ممّا دون المرفق وجب عليه غسل الباقي بلا خلاف ؛ لعدم سقوط الميسور بالمعسور ، ولعدم سقوط (١) الوضوء قطعا ولا يعلم البراءة إلّا مع غسل الباقي ، وللإجماع عليه كما هو معلوم من فتاواهم ، ومنقول في شرح التهذيب وغيره.

وقد يستدلّ عليه أيضا باستصحاب وجوب غسله قبل القطع.

وقد يناقش فيه بأنّ وجوب غسله أوّلا في ضمن الكلّ ، فمع سقوطه لا وجه لاستصحاب حكم البعض.

وفيه تأمّل لا يخفى.

وفي الحدائق (٢) : الظاهر أنّه لا خلاف في وجوب غسل الباقي ، ولعله الحجّة. ثمّ تأمّل في استفادة الحكم من غير الإجماع ، فعلى أصله ينبغي تأمّله في ثبوت الحكم.

وهو كما ترى.

ولو قطعت من فوق المرفق سقط غسله إجماعا كما في النهاية (٣) وغيرها ؛ لفوات متعلّقه.

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « ولعدم » وهنا سقطت لفظة « سقوط » من ( ألف ).

(٢) الحدائق الناضرة ٢ / ٢٤٤.

(٣) نهاية الإحكام ١ / ٣٨.

٤١

وعن جماعة منهم الفاضل في المنتهى (١) (٢) والشهيد في الذكرى (٣) استحباب غسل الباقي من عضوه ؛ للصحيح الآتي (٤).

ويضعّف بإجمال الرواية كما ستعرف.

وربّما يؤيّد ذلك بعض (٥) الإطلاقات ، وهو أيضا ضعيف.

وعن الشيخ (٦) استحباب مسحه.

وفي التذكرة (٧) أنّه يستحب مسح موضع القطع بالماء. ولم نعرف مستندهما.

ولو قطعت من المرفق فلا ينتقل الحكم إلى العضد بلا خلاف فيه سوى ما حكي من الإسكافي من وجوب غسل العضد. والمحكي من عبارته ليس صريحا في ذلك.

واستظهر في المختلف (٨) حمله على الندب ، واستصوبه.

وقد يحتجّ للوجوب ببعض الإطلاقات ، وهي مستفيضة جدّا. وحملها على الندب مستند الأصحاب.

ولا يخلو أيضا من تأمّل ؛ لعدم تعيّن حملها عليه كما ستعرف.

وقد يكتفى فيه بمجرّد الفتوى ، والخروج عن ظاهر الخلاف.

وهل يجب غسل محلّ القطع من المرفق؟ وجهان ، بل قولان.

وربّما يبنى ذلك على أنّ وجوب غسل المرفق أصليّ أو تبعيّ من باب المقدّمة ، فعلى الأوّل يتعيّن الوجوب لبقاء محلّه بخلاف الثاني ؛ لسقوط وجوب المقدمة بعد فوات ذيها.

__________________

(١) منتهى المطلب ١ / ٥٩.

(٢) زيادة في ( د ) : « والنهاية ».

(٣) الذكرى : ٨٥.

(٤) زيادة « ويضعف » من ( د ).

(٥) في ( د ) : « ببعض ».

(٦) المبسوط ١ / ٢١.

(٧) تذكرة الفقهاء ١ / ١٧.

(٨) مختلف الشيعة ١ / ٢٨٧.

٤٢

والأقوى وجوب غسل ذيها (١) لظاهر الصحيح : عن رجل قطعت يده من المرفق قال :

« يغسل ما بقي من عضده » (٢).

بحمله على غسل ما بقي من محلّ الفرض بين عضده ؛ ليكون الموصول عهديّا ، وقوله « من عضده » بيانا له.

وكأنّ حمله عليه أوفق بالقواعد مضافا إلى توقّف اليقين بالفراغ عليه.

__________________

(١) في ( د ) : « غسله » بدل « غسل ذيها ».

(٢) الكافي ٣ / ٢٩ ، باب حد الوجه الذي يغسل والذراعين وكيف يغسل ، ح ٩.

٤٣

تبصرة

[ في وضوء التقيّة ]

من الوضوء الاضطراري وضوء التقيّة ، وهو في الجملة ممّا لا خلاف فيه. والكلام فيه من (١) مقامين :

[ المقام ] الأوّل

في جواز إتيان الفعل على غير النحو المشروع من جهة التقيّة

والظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه ، بل وفي وجوبه إذا كان هناك خوف على نفسه أو عرضه أو نفس مؤمنة أو عرضها وكذا لو خيف من إيذائهم له أو لهم كقلع العين أو قطع اليد أو الضرب الشديد أو الحبس ونحوها.

وفي وجوبه للضرب الخفيف أو الحبس اليسير وجهان بالنسبة إليه.

وربّما يستفاد من بعض الأخبار المنع بالنسبة إلى ذلك وما أشبهه كقوله عليه‌السلام : « التقية في كلّ شي‌ء يضطر إليه ابن آدم فقد أحلّه الله » (٢). ولا صراحة فيها على خلاف ما قلناه.

ولو خاف على ماله أو مال مؤمن غيره فالظاهر وجوب التقيّة. وفي الحقير منه أيضا وجهان أقواهما ذلك بالنسبة إلى الغير.

وقد يتخيّل جواز الترك إذا خاف على ماله ففيه مطلقا ؛ لجواز صرفه مجانا إلّا أنّ الأظهر من أدلّة التقيّة ذلك.

نعم ، ربّما يتقوّى الاحتمال المذكور فيما إذا لم يكن ذلك مضرّا بحاله.

__________________

(١) في ( د ) : « في ».

(٢) الكافي ٢ / ٢١٩ ، باب التقية ، ح ١٨.

٤٤

وفي البناء عليه إشكال ، وإن جاز له صرف ذلك في رفع التقيّة عنه قطعا.

ويثبت الحكم مع اليقين بالضرر وظنّه ، بل بمجرّد (١) الخوف من حصوله من غير فرق بين حصوله حالا أو غيره ولو بعد زمان طويل ، ولا بين كون المتّقى منه من الخاصة أو العامّة أو من سائر الفرق ، وإن كان هناك فرق في مسألة الصحّة كما سيجي‌ء.

ولا بين الخوف (٢) بنفسه أو بالإبلاغ إلى غيره ، ولا بين القطع باطلاعه عليه أو الظن به أو مجرّد الخوف من اطلاعه.

ولا يجوز التقيّة لجلب المنفعة مع الأمن من المضرّة ، ولو قيل بجوازه من جهة تحصيل الوجاهة عندهم بذلك يستعين بها على استخلاص المؤمنين وقضاء حوائجهم كان حسنا ، بل لا يبعد القول بوجوبه في بعض فروضه.

وقد يستفاد ذلك من بعض الإطلاقات.

ولو كان في تركه الحضور في جماعة غير العدول منّا مطلقا لوجاهته بين الناس وتعريض نفسه لهم احتمل إجراء التقيّة ، ويجري نحوه في المواظبة.

ثالثها : الفصل بين ما نصّ على جواز التقيّة فيه بالخصوص وما جاز فيه من جهة العموم على الطاعات والاشتغال بنوافل العبادات إلّا أنّه أشير الإشارة إليه.

وهل يشترط فيه عدم المندوحة أو لا؟ قولان ، اختار الأوّل منهما في المدارك (٣) لانتفاء الضرورة الباعثة عليها ، فيرتفع الحكم. مضافا إلى مخالفته للأصل ، فيقتصر فيه على موضع اليقين ؛ أخذا بالبراءة اليقينيّة.

وذهب جماعة من المحقّقين منهم الشهيدان (٤) والمحقّق الكركي (٥) إلى الأوّل ؛ أخذا بظواهر

__________________

(١) في ( د ) : « ومجرّد » بدل « بمجرّد ».

(٢) زيادة في ( د ) : « فيه ».

(٣) مدارك الأحكام ١ / ٢٢٣.

(٤) البيان : ١٠ ، روض الجنان : ٣٧.

(٥) جامع المقاصد ١ / ٢٢٢.

٤٥

الأخبار بل صريحها المشتملة على الحثّ الأكيد في الحضور معهم في جماعاتهم والاجتماع إليهم في صلواتهم مع استلزام ذلك لترك بعض الواجبات قطعا.

كيف ولو وجب مراعاة التخليص لأشير إليه في الروايات ، وورد الأمر بها بحسب الأوقات ، مع أنّ الأخبار على عكس ذلك ، فالظاهر جواز التقيّة مع وجود المندوحة أيضا وإن لم يستدع التراخي في الوقت.

نعم ، لو أمكنه الستر وهو في مكانه بحيث يأتي بالواجب من دون شعورهم كأن يمسح رجله حين غسله بحيث لا يشعر به قوي القول بوجوبه. ويحتمل ضعيفا إجراء عمل التقيّة فيه مجرى الصحيح. وهو بعيد جدا.

هذا بالنسبة إلى التقيّة من العامّة ، وأمّا غيره من الفرق فيشترط عدم المندوحة في جواز الفعل قطعا إلّا مع إمكان الإتيان بالصورة المختصّة إن جوزناها مع اختيار أمكن التخلّص بوجهين لزم مراعاة الأخفّ ، فلو دار [ .. ] (١).

المقام الثاني

في أجزاء الفعل المعمول على جهة التقيّة وعدمه

وقضية الأصل فيه فساد العمل ، لوقوعه على غير النحو المشروع.

ومجرّد الأمر به من جهة الخوف لا يقضي بصحّة الفعل ؛ إذ الأمر إنّما يقتضي الإجزاء بالنسبة إلى ذلك الأمر ، وقيام أمر التقيّة مقام الأمر الأوّل غير معلوم ، فيقتصر في الصحّة على مورد الدليل.

وهو بالنسبة إلى التقيّة من أهل الخلاف ممّا لا شبهة فيه من غير فرق بين فرقهم.

والظاهر عدم الفرق بين الناصب منهم وغيره وإن حكم بكفر الأوّل.

وأمّا سائر الملل المخالفة للإسلام فالظاهر عدم صحّة التقيّة منهم وإن وجبت ، وكذا في

__________________

(١) الكلام مبتور هنا في النسخ المخطوطة.

٤٦

التقيّة من سائر (١) فرق الشيعة كالإسماعيليّة والفطحيّة وأضرابهم.

وفي التقيّة عن الزيديّة مع متابعتهم في الفقه للعامّة وجهان أقواهما ذلك ، بل هو المعيّن.

ولو اتّقى من غير العامّة من جهة خوف الوصول إليهم فالظاهر الصحّة ، ولو كان من (٢) الاثني عشريّة.

ثمّ إنّ الظاهر صحّة الفعل في جميع الأفعال (٣) البدنيّة من الوضوء والصلاة والحج وغيرها ، فلا يجب قضاؤها بعد ارتفاع التقيّة. وفي المتعلّقة بالمال وجهان أظهرهما العدم.

نعم ، مع عدم حصول التفريط فيه ينبغي الضمان من جهة أخرى مع وجوب التقيّة.

ولو كانت للتقيّة (٤) لا في التقيّة من جهة نفس الفعل ، بل في ملاحظة بعض الشرائط كطهارة الماء ففي الصحّة إشكال كما إذا توضّأ بسؤر اليهودي.

وقضية الأصل كما عرفت الفساد.

ولو تعلّقت التقيّة بإزالة الأخباث ففي الحاجة بإزالة الأحداث وجه كان أوجههما العدم جريا على الأصل.

ولو ارتفعت التقيّة بعد الفعل قبل خروج الوقت ففي وجوب الإعادة وجوه ثالثها التفصيل المذكور في المسألة السابقة ؛ إجراء لما نصّ عليه بالخصوص حكم الواقع.

وإليه ذهب المحقّق الكركي ، قال : ولا أعلم خلافا بين الأصحاب في عدم وجوب الإعادة في الصورة الأولى.

والأقوى عدم وجوب الإعادة مطلقا ؛ أخذا بظاهر الروايات.

وحكم المحقّق الكركي بثبوت القضاء أيضا في الصورة الثانية بناء على ثبوت دليل على القضاء لكونه بأمر جديد. وقضية ذلك فساد العمل ، بل ذلك صريح كلامه.

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « من سائر ... في التقيّة ».

(٢) لفظة : « من » وردت في ( د ) فقط.

(٣) في ( ب ) و ( د ) : « الأعمال » بدل : « الأفعال ».

(٤) في ( ب ) و ( د ) : « التقيّة ».

٤٧

وهو كما ترى.

ولو زالت في أثناء الفعل ففي لزوم العفو إلى ما أدّاه على وجه التقيّة وعدمه وجهان أظهرهما الأخير.

٤٨

تبصرة

[ في عدم التمكن من إيصال الماء إلى تمام العضو ]

إذا لم يتمكّن من إيصال الماء ( إلى تمام العضو فإمّا أن يكون ذلك لقصور في الماء أو لوجود مانع من إيصال الماء إلى الجميع لا يمكن دفعه سواء كان خارجيّا أو في العضو كخاتم لا يمكن إخراجه ولا تحريكه أو جرح أو قرح أو كسر في العضو يتضرّر بإيصال الماء إليه مجبّرة بالجبائر ونحوها ، فهاهنا مسائل :

أحدها : أن يكون ذلك لقصور الماء ) (١). ولا شبهة إذن في الانتقال إلى التيمّم أو الوضوء اسم لمجموع الأفعال ، وعدم التمكّن من بعضه بمنزلة عدم التمكّن من الجميع ؛ لارتباط بعضها بالبعض.

والظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه.

وجريان قاعدة عدم سقوط الميسور بالمعسور في مثله مع عدم ثبوته كليّا غير ظاهر ؛ لعدم التمكّن من شي‌ء منه ، لعدم اعتبار الهيئة الاجتماعيّة في الصحّة.

ثانيها : أن يكون لمنع المانع الخارجي ، والظاهر انتقال الحكم حينئذ إلى التيمّم لما عرفت.

ولو منعه عن التيمّم أيضا كلّا أو بعضا فالظاهر أنّه كفاقد الطهورين.

ثالثها : أن يكون لوجود حاجب في العضو لا يمكن إزالته من غير أن يكون هناك قرح أو جرح ونحوهما.

والظاهر (٢) سقوط غسل ما تحته.

وهل يكفي إذن بغسل ما عداه أو لا بدّ من المسح عليه إلحاقا له بالجبيرة أو يجب غسل

__________________

(١) ما بين الهلالين لم ترد إلّا في ( د ).

(٢) زيادة في ( د ) : « فيه ».

٤٩

ظاهره تنزيلا له منزلة العضو؟ وجوه.

ولو كان عدم التمكّن من رفعه لمنع الظالم احتمل جريان الحكم المذكور وإلحاقه بالصورة الثانية أيضا.

ولو كان ذلك في معظم العضو أو جميعه ففي جريان الحكم المذكور إشكال.

والأحوط المسح على ظاهره وغسله أيضا ، والإتيان بالتيمّم.

ولو كان ذلك في موضع المسح كما إذا لم يتمكّن من نزع الخفّين ( مسح عليه ، وعزا ذلك إلى ظاهر الأصحاب.

ويدلّ عليه قويّة أبي الورد ، وقد ذكر المسح على الخفّين ) (١). فقلت : فهل فيهما رخصة؟ فقال : « لا إلّا من عدوّ تتّقيه أو ثلج تخاف على رجليك » (٢).

مضافا إلى إطلاق غير واحد من أخبار الجبائر الشاملة لموضع المسح كما سنشير إليها ، فالتأمّل في ذلك من جماعة من المتأخرين ـ استضعافا للرواية السابقة ، فينتقل الحكم إلى التيمّم لتعذر الوضوء بتعذر بعضه كما مرّ ـ ليس على ما ينبغي.

رابعها : أن يكون على العضو المغسول جبيرة يمنع من جرى الماء تحته ، فإن أمكن نزعه وجرى الماء على العضو مع إمكان تضرّره بالتطهير إن كان ( نجسا وجب نزعه وإلّا مسح عليه إن كان طاهرا أو لا يكتفي بغسل ما حوله على المعروف بين الأصحاب ) (٣). بل كاد أن يكون إجماعا ، بل الظاهر انعقاد الإجماع عليه كما حكاه غير واحد منهم إلّا ما يوهمه عبارة الفقيه من جواز الأمرين.

ولا حاجة فيه ؛ لحكمه صريحا بالأوّل وإسناده الثاني إلى الرواية.

__________________

(١) ما بين الهلالين لم ترد إلّا في ( د ).

(٢) الإستبصار ١ / ٧٦ ، باب جواز التقية في المسح على الخفّين ح ١.

(٣) ما بين الهلالين ممّا لم نجده إلّا في ( د ) ، ويا ليتها كانت هذه النسخة في أيدينا بدو الأمر ، لا بعد ما أكملنا العمل فوجدناها ، وهي أصح النسخ وأتقنها.

٥٠

نعم ، مال إليه جماعة من المتأخرين منهم صاحب المدارك (١) قال : لو لا الإجماع على وجوب مسح الجبيرة لأمكن القول بالاستحباب ، والاكتفاء بغسل ما حولها.

والوجه فيه إطلاق الصحيح حيث قال عليه‌السلام بعد حكمه بغسل ما ليس عليه الجبائر : « وتدع ما سوى ذلك ممّا لا تستطيع غسله ولا نزع الجبائر ولا يعيب بجراحته » (٢).

وروى في الفقيه مرسلا.

وكذا في الفقيه عن الصادق عليه‌السلام : « في الجبائر إنّه يغسل ما حولها » (٣).

ويحتمل ذلك أن يكون اشارة إلى هذه الصحيحة.

وأنت خبير بأنّ ذلك لا يقاوم النصوص المستفيضة الحاكية بمسح الجبائر ونحوها ؛ إذ غاية ما نقضه الصحيحة سقوط غسلها ، ولا دلالة فيها على انتفاء المسح إلّا من جهة عدم الذكر ، فلا يقاوم ما دلّ بصريحه عليه.

مضافا إلى اعتضاده بعمل الأصحاب ، بل وإجماعهم ، فاحتمال الاكتفاء بغسل ما حولها مع قطع النظر عن الإجماع ضعيف أيضا كاحتمال حمل مسح الجبائر على الغسل الخفيف كما ذكره في النهاية ؛ إذ لا داعي إليه سوى (٤) إعطاء الجبيرة حكم محلها ، وهو ممّا لا يقوم حجّة ليصحّ الخروج به عن ظواهر النصوص مع مخالفته لفهم الأصحاب.

ثمّ إنّه لا فرق في الحكم بين الجبيرة وغيرها كالخرقة الّتي يتعصّب بها الجرح أو الخيوط ، وكذا الدواء الموضوع عليه ، وقد ورد غير واحد منها في النصوص.

وهل يجب تحفيفها متى أمكن ليقلّ الفصل بين اليد والممسوح؟ وجهان أحوطهما ذلك.

وظاهر الإطلاقات حيث لم يصرّح فيها به عدمه.

ويجب استيعابها لقيامها مقام غسل محلّها الّذي يجب استيعابه ، وتوقّف اليقين بالفراغ

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ / ٢٣٨.

(٢) الكافي ٣ / ٣٢ ، باب الجبائر والقروح والجراحات ، ح ١ وفيه : « ولا ينزع الجبائر ولا يعبث بجراحته ».

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ / ٤٧ ، باب حد الوضوء وترتيبه وثوابه ، ح ٩٤.

(٤) زيادة : « سوى » من ( ب ).

٥١

عليه.

وظاهر الرواية « فليمسح على جبائره » ونحوه ظاهر الصحيح وغيره ، وبذلك يظهر ضعف ما استشكله الشهيد في وجوب الاستيعاب من صدق المسح عليها بالمسح على جزء منها.

ولا يخفى أنّه خروج عن ظاهر الخبر ، مضافا إلى مخالفته لظاهر فهم المعظم على ما نصّ عليه جماعة من الأصحاب.

ولا فرق في الجبيرة بين الوضوء والغسل على ما نصّ عليه جماعة من الأصحاب.

وقد دلّ على ثبوتها فيه أيضا صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج. وعزاه في المنهى (١) إلى عامّة العلماء موميا إلى الإجماع عليه.

نعم ، ورد في روايات (٢) عدّة أمر المجدور أو صاحب القروح بالتيمّم بدل غسل الجنابة.

وعن المبسوط (٣) : من كان في بعض جسده أو بعض أعضاء طهارته ما لا ضرر عليه الباقي عليه جراح أو عليه ضرر في إيصال الماء إليه جاز له التيمّم ، ولا يجب عليه غسل الأعضاء الصحيحة ، وإن غسلها وتيمّم كان أحوط سواء كان أكثرها صحيحا أو عليلا. وإذا حصل على بعض أعضاء طهارته نجاسة ولم يقدر على غسلها لألم فيه (٤) صلّى ، ولا إعادة عليه.

مع حكمه في باب الوضوء بوجوب المسح على الجبائر مع عدم إمكان نزعها ، وكذا حكم هناك بغسل ما عليه الغسل من أعضائه والمسح على حائل فيما يتعذّر عليه ، وظاهر كلماته لا يخلو عن التدافع.

ويمكن الجمع بينهما بذهابه إلى التخيير بين الأمرين (٥) كما يومى إليه قوله : « جاز له

__________________

(١) منتهى المطلب ١ / ١٥٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٠٧ ، باب التيمم ح ٢١٧ ، الكافي ٣ / ٦٨ ، باب الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة ح ٢.

(٣) المبسوط ١ / ٣٥.

(٤) زيادة في ( د ) : « و ».

(٥) في ( ألف ) : « الأمر ».

٥٢

التيمّم » ، وكأنّه أخذه من الجمع بين ما دلّ على لزوم التيمّم عليه وما دلّ على مسح الجبيرة للصحيح : في الرجل يكون به القراح والجراح يجنب؟ قال : « لا بأس بأن لا يغتسل ويتيمّم » (١).

بجعله شاهدا على الجمع ؛ لظهوره في عدم التعيين.

وقد يخصّ كلامه الأوّل بصورة ظهور العضو و (٢) حصول المانع من إيصال الماء ، فيكون حكمه بالتخيير في تلك الصورة خاصّة.

وكيف كان ، فهو مخالف لظاهر الأصحاب ، مع عدم ظهور تامّ في الصحيح المذكور فيه ، فالأظهر حمل أخبار التيمّم على ما إذا تضرّر باستعمال الماء.

ويؤيّده ورودها أجمع في الغسل أو على صورة تكاثر القروح والجروح بحيث يشمل كثيرا من العضو إن قلنا بتعيّن التيمّم فيه أو التخيير.

وقد يؤيّده ذكر القروح والجروح في بعضها بلفظ الجمع المعروف (٣). ويحتمل حمل عبارة الشيخ عليه.

[ تنبيهات ]

وينبغي التنبيه لأمور :

منها : أنّه لو كانت الخرق ونحوها على غير الجرح والقرح والكسر لسائر أوجاع العضو ففي ثبوت الحكم فيه إشكال ، أظهرها ذلك مع عدم التمكّن من رفعها. والأقوى الانتقال إلى التيمّم وثبوت حكم الجبيرة على خلاف ، فيقتصر فيه على مورد الدليل. والأحوط الجمع.

ومنها : أنّه لو استوعبت الجبيرة أحد الأعضاء المغسولة أو جميعها أو معظم العضو ففي ثبوت حكم الجبيرة أو الانتقال إلى التيمّم أو التخيير وجوه ، والأحوط فيه الجمع.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ / ١٨٥ ، باب التيمم وأحكامه ، ح ٥.

(٢) زيادة « و » من ( د ).

(٣) في ( د ) : « المعرف ».

٥٣

ولو استغرقت الأعضاء الممسوحة فالظاهر أنّه لا إشكال في انتقال الحكم على ما فوق الجبيرة كما يؤذن به ما دلّ على الاجتزاء بالمسح على الخفّين من جهة برد ونحوه.

ومنها : أنّه لو استوعبت الجبيرة محلّ الحاجة وغيرها ممّا لا يمكن بقاؤها على العضو بدونه فإن أمكن إجراء الماء إلى ما تحته من دون إضرار لزم ، وإلّا كفى المسح عليها. كذا أطلق العلّامة ، وهو كذلك ؛ نظرا إلى الإطلاقات إلّا أنّه مع خروجه معا حسا عن محلّ الحاجة لا يخلو عن إشكال.

ومنها : أنّه لو تضرّر بإيصال الماء إلى ما تجاوز الجرح أو الكسر ونحوها قوي جريان حكمها إليه ، فيمسح عليه مع شمول الجبيرة وما قام مقامه إيّاه وإلّا جرى فيه حكم المكشوفة في وجه قويّ إلّا أنّه مع بعد السراية يحتمل الانتقال إلى التيمّم ، فالأحوط فيه الجمع.

ومنها : أنّه لو أمكن تخفيف الخرق الموضوعة عليه فهل يجب ذلك أو لا؟ وجهان ، ظاهر الإطلاقات هو الأوّل ، والأحوط الثاني بل هو المتعيّن إذا كان زائدا على القدر المحتاج بحيث يعدّ لغوا.

ومنها : أنّه لو كان ظاهر الجبيرة نجسا وجب وضع خرقة طاهرة عليها ثمّ المسح عليها. كذا قالوه.

واستشكل فيه بعضهم نظرا إلى خروجه عن مدلول الأخبار ومخالفته لظاهر الاعتبار ؛ إذ الجبيرة لشدة انهباطها بالعضو نزلت منزلة الجزء منه كالشعر والظفر ، بخلاف الخرقة الجديدة الموضوعة عليه.

ويدفعه أنّه لا يمكن المسح على النجس قطعا ، فبعد البناء على عدم الاكتفاء بغسل ما حولها لابديّة من باب المقدّمة.

إلّا أن يقال بخروجه عمّا دلّ على لزوم المسح على الحائل ؛ لعدم إمكانه في المقام ، فيكتفى بغسل ما حوله ؛ نظرا إلى إطلاق صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج.

إلّا أنّ قضية اليقين بالفراغ الحكم بما قالوه.

ولو أمكن تطهير ظاهرها قدّم ذلك عليه ، وكذا لو أمكن رفع الخرقة الطاهرة مع طهارة

٥٤

ما تحته ، ولو أمكن الإبدال ففي لزومه كذلك وجهان.

ومنها : أنّه لو أمكن إجراء الماء إلى ما تحت الجبيرة من دون عسر أو أمكن نزعه كذلك لزمه أحد الأمرين.

وربّما يوهم بعض العبائر القول بوجوب النزع ، ولو أمكن أحدهما خاصّة تعيّن. وفي الموثق فيمن انكسر ساعده أو موضع من مواضع وضوئه فلا يقدر أن يحله لحال الجبيرة إذا جبر فكيف يصنع؟ قال : « إذ أراد أن يتوضّأ فليضع إناء فيه ماء ويضع موضع الجبيرة في الماء حتّى يصل الماء إلى جلده وقد أجزأه ذلك من غير أن يحلّه » (١).

وحمله الشيخ على الندب ، فيوهم ذلك ذهابه إلى عدم إجراء الماء تحت الجبيرة مع الإمكان ، وقد يحمل على مجرّد وصول الماء إلى البشرة من دون حصول الجريان بحمل الرواية عليه إلّا أنّه خلاف المنساق منها ، فإنّ ظاهرها حصول الغسل المطلوب بذلك.

خامسها : أن يكون العضو المئوف طاهرا غير مستعصب بخرقة ونحوها ، فذهب جماعة فيه أيضا إلى لزوم المسح مع الإمكان ، وإلّا وضع عليه خرقة طاهرة ومسح عليها.

وعزاه في الحدائق (٢) إلى الأصحاب ، وعلّل باشتمال الغسل على المسح وزيادة فيقتصر في السقوط على مؤدي الضرورة ، وحيث يتعذر المباشرة في المسح يقام الحائل مقام البشرة.

وضعف التعليل واضح ، ولذا ذهب جماعة من المتأخرين إلى الاكتفاء بغسل ما حولها.

وهو الأقوى للصحيح : من الجرح كيف يصنع به صاحبه؟ قال : « يغسل ما حوله » (٣).

وفي صحيحة أخرى : عن الجرح كيف أصنع به في غسله؟ قال : « اغسل ما حوله » (٤).

وفيها قبل ذلك التصريح بالمسح على الخرقة في القرح المعصّب ، ففيها إذن دلالة واضحة على فرض الجرح غير معصّب ، ولا شمول لما دلّ على اعتبار المسح لذلك لفرضه فيها وفي

__________________

(١) الإستبصار ١ / ٧٨ ، باب المسح على الجبائر ، ح ٥.

(٢) الحدائق الناضرة ٢ / ٣٧٧.

(٣) الكافي ٣ / ٣٢ ، باب الجبائر والقروح والجراحات ، ح ٢.

(٤) الكافي ٣ / ٣٣ ، باب الجبائر والقروح والجراحات ، ح ٣.

٥٥

غيرها المعصّب ونحوها.

وقيامه عليه ممّا لا وجه له سيّما بعد ورود النصّ.

نعم ، قضية الاحتياط مراعاة ذلك.

ثمّ إنّ مورد الصحيحين وإن كان خصوص الجرح إلّا أنّ الظاهر عدم الفرق بينه وبين القرح والكسير وما شابههما.

وفي ثبوته لكلّ علّة مانعة من إيصال الماء وجهان أقواهما العدم عملا بالأصل. والأحوط الجمع بين الوضوء والتيمّم. وأمّا في الرمد ونحوه فالظاهر عدم التأمل في الانتقال إلى التيمّم ، ولو حصلت قرحة في العين بحيث سرت إلى خارجها ففي إلحاقها بالقروح وعدمه إشكال. والأحوط الجمع.

ولو كان في بعض أعضائه نجاسة لا يتمكّن من غسلها إمّا لإعواز الماء أو لمانع من الخارج انتقل الحكم إلى التيمّم.

سادسها : لو كانت الجبيرة في محلّ المسح جرى على ظاهره حكم المسح مع عدم إمكان رفعها وتطهير محلّها.

وفي البحار (١) الإجماع عليه ، فإن أمكن رفعها وتطهير محلّها لو كان نجسا وجب المسح عليه ، وإن تمكن من رفعها من دون تطهير محلّها فالظاهر إجراء المسح على الجبيرة. وكذا لو لم يتمكّن من المسح ولو لم يتمكّن من تطهيره إذن من جهة إعواز الماء قوي الانتقال إلى التيمّم إلى (٢) أن لا يتمكن من نزعه.

ويدلّ على الحكم إطلاق حسنة كليب الأسدي عن الرجل إذا كان كسيرا كيف يصنع بالصلاة؟ قال : « إن كان يتخوّف على نفسه فليمسح على جبائره وليصل » (٣).

__________________

(١) انظر بحار الأنوار ٧٧ / ٣٦٨.

(٢) في ( د ) : « إلّا ».

(٣) تهذيب الأحكام ١ / ٣٦٤ ، باب صفة الوضوء والفرض منه ، ح ٣٠.

٥٦

ونحوه إطلاق رواية عبد الأعلى (١).

وهل يجب إيصال الماء إلى البشرة لو أمكن؟ وجهان.

وعن بعض الأصحاب وجوبه ، وقد مرّ الكلام في نظيره.

سابعها : لا كلام ظاهرا في عدم وجوب إعادة الصلاة بعد ارتفاع العذر.

وفي البحار (٢) الإجماع عليه.

وفي إعادة الوضوء قول بالوجوب. ذهب إليه الشيخ (٣) والفاضلان (٤) ؛ اقتصارا في الاضطراري على حال الضرورة. والأقوى خلافه ؛ نظرا إلى ظاهر الإطلاقات ، وأنّ قضية ظاهر الأمر في المقام الإجزاء المطلق. ولا يجب عليه تأخير الصلاة إلى آخر الوقت مع اليأس عن زوال الاضطرار قطعا كما هو قضيّة الأخبار ، ومع رجائه ففيه وجهان أوجههما العدم.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ / ٣٦٣ ، باب صفة الوضوء والفرض منه ح ٢٧.

(٢) بحار الأنوار ٧٧ / ٣٧٥.

(٣) النهاية : ١٧.

(٤) شرائع الإسلام ١ / ١٨ ، تحرير الأحكام ١ / ٨٢.

٥٧

تبصرة

[ في وضوء المسلوس والمبطون ]

لا خلاف في استباحة المسلوس للصلاة بوضوئه ، وهل يكتفى به لما شاء من الصلاة أقوال ثالثها التفصيل ، فيجوز الجمع في الظهرين والعصرين خاصّة ذهب إليه في المنتهى (١).

واختاره جماعة من المتأخرين كصاحبي المدارك (٢) والحدائق (٣).

والأشهر بين الأصحاب عدم الاكتفاء به إلّا لصلاة واحدة ، وهو أحد قولي الشيخ (٤) والعلّامة (٥).

وهو الأظهر ؛ أخذا بظاهر إطلاق الآية وإطلاق ما دلّ على ناقضيّة البول خرج عنه ما أجمع على عدم جريان حكم الحدث بالنسبة إليه ، وهو المتيقّن من الأخبار الواردة فيه ولذا يحكم بوجوب المبادرة إلى الصلاة عقيب الوضوء ، مضافا إلى الاحتياط في البراءة لقضاء الشغل اليقيني (٦) بالفراغ مع عدم قيام حجّة ظاهرة من الأخبار على الاكتفاء به لما يزيد على الصلاة الواحدة.

ويؤيّده ما مرّ في الاستحاضة القليلة المشاركة في دم الحدث من لزوم الوضوء لكلّ صلاة.

__________________

(١) منتهى المطلب ٢ / ١٣٨.

(٢) مدارك الأحكام ١ / ٢٤٢.

(٣) الحدائق الناضرة ٢ / ٣٨٧.

(٤) المبسوط ١ / ٦٨.

(٥) تذكرة الفقهاء ١ / ٢٠٦.

(٦) زيادة في ( د ) : « اليقين ».

٥٨

وممّا ذكرنا يظهر ضعف ما احتجّ به للاكتفاء من أنّه لا دليل في (١) لزوم التجديد.

وحمله على المستحاضة قياس حيث عرفت أنّ قضية الأصل بالعكس ، فلا بدّ من نهوض دليل على الاكتفاء به.

وربّما يستدلّ له أيضا بموثقة سماعة : عن رجل أخذ يقطر من فرجه إمّا دم أو غيره؟ قال : « فتضع خريطه فليتوضأ وليصلّ » (٢).

فإنّما ذلك بلاء ابتلى به فلا يعيد إلّا من (٣) الحدث الّذي يتوضّأ عنه ؛ نظرا إلى ظهوره في كون الحدث نوعين ، فلا يكون البول حدثا بالنسبة إليه في صورة التقطير أو مطلقا كما احتمل ذلك في كلام القائل به.

إلّا أنّ الظاهر منه هو الأوّل ؛ لبعد الثاني عن الأدلّة جدّا.

وفيه : أنّ الرواية لا ظهور فيها فيما ذكر ، بل يحتمل أن يكون إشارة إلى عدم مانعية الدم لصحة الصلاة ، بل ربّما يستدلّ بظاهر إطلاقها على المختار.

حجّة التفصيل صحيحة حريز : عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « إذا كان الرجل يقطر منه البول أو الدم إذا كان حين الصلاة اتّخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثمّ علّقه عليه وأدخل ذكره فيها ثمّ صلّى ويجمع بين الصلاتين الظهر والعصر يؤخّر الظهر ويعجّل العصر بأذان وإقامتين ، ويؤخّر المغرب ويؤجّل العشاء بأذان وإقامتين » (٤).

وأنت خبير بأنّه لا دلالة ظاهرة في هذه الرواية على ذلك ؛ إذ ظاهر سياقها ورودها لبيان علاج سريان النجاسة والحكم بالعفو عنها في الصلاة ، وليس فيها ذكر الوضوء.

والعفو منها من جهة النجاسة لا يقضي بالعفو من جهة أخرى.

__________________

(١) في ( د ) : « على ».

(٢) تهذيب الأحكام ١ / ٣٤٩ ، باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح ١٩ مع اختلاف.

(٣) في ( ألف ) : « يعيدان الأمر من ».

(٤) من لا يحضره الفقيه ١ / ٦٤ ، باب ما ينقض الوضوء ، ح ١٤٦.

٥٩

ثمّ إنّهم نصّوا في المبطون بوجوب الوضوء لكلّ صلاة ، قال العلّامة قدس‌سره (١) ـ مع بنائه في المسلوس على التفصيل ـ : والوجه في الحكم ظاهر فيما بيّنّا ويأتي على القول بعدم وجوب التجديد هناك عدمه هنا أيضا. وضعفه ظاهر ممّا مرّ.

وينبغي التنبيه لأمور :

أحدها : الظاهر جريان الحكم المذكور فيمن يتواتر منه خروج الريح مع عدم التمكّن من حفظه ؛ إذ هو بمنزلة البول والغائط فلا يزيد حكمه عليها ، ولا وجه لسقوط الصلاة ولا تكليفه بالإعادة.

وأمّا من يتواتر منه النوم ففي جريان الحكم فيه إشكال. ويحتمل فيه سقوط الصلاة مع استيعاب الوقت.

ثانيها : الظاهر وجوب أخذ الحفظة في المبطون لاشتراكه للمسلوس في العلّة ، وإن لم يرد فيه نصّ مخصوص.

وهل يجب فيها إبدال الحفظة أو تطهيرها لكلّ صلاة؟ الظاهر العدم ؛ لظاهر إطلاق الروايات.

وربّما يشكل فيما تتم الصلاة فإن شمول الإطلاقات لها محلّ إشكال إلّا أن يقال بخروجها عن اسم اللباس.

ثالثها : لو كان لهؤلاء فترة تسع الطهارة والصلاة ، فالظاهر إذن مراعاتها للتمكن معها من الفعل الاختياري ، فلا يعدل إلى الاضطراري. ويحتمل القول بعدمه إذا كانت في وسط الوقت أو آخره ؛ لعدم التمكن منه في الأول ، فينتقل إلى بدله لاستظهار عدمه (٢) عموم البدليّة من الإطلاقات.

وهو ضعيف مع رجاء زوال العذر مخالف لما يقتضيه اليقين بالشغل.

نعم ، لو اتّفق حصول فترة في الأثناء ، فالظاهر عدم وجوب الإعادة.

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ / ٦٧.

(٢) لم ترد في ( د ) : « عدمه ».

٦٠