تبصرة الفقهاء - ج ٢

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-001-3
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٩٩

وفي الحدائق (١) : إنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ، مضافا إلى التسامح في أدلة السنن ، فالحكم المذكور مما لا تأمل فيه. وإنما يقع التأمّل في أمور :

منها : أن ظاهر الأخبار المذكورة ثبوت الحكم للمسافر ، فهل يعمّ الحكم من خاف عوز الماء في الحضر؟ وجهان ؛ ظاهر الأكثر ذلك ، بل ظاهر الحدائق عدم الخلاف فيه.

وعن الصدوق والشيخ في النهاية اعتبار السفر وقوفا مع الأخبار ، لكن الظاهر القطع لتنقيح المناط بملاحظة الخبرين الأولين سيّما الأول منهما خصوصا مع ملاحظة فهم الأصحاب.

وإنما وردت الأخبار في خصوص السفر لكون الغالب حصول العذر فيه دون الحضر.

ومنها : أنه هل يعتبر في جواز التقديم خصوص الإعواز كما هو مورد الأخبار أو يكتفى بمجرّد (٢) الفوات ولو من جهات أخرى؟ قولان :

والأوّل محكّي عن الصدوق والقاضي وابن سعيد والفاضلين والشهيد وابن فهد (٣) ؛ وقوفا فيما خالف الأصل على مورد النصّ.

والثاني محكي عن الشيخ في غير واحد من كتبه والحلي (٤) والفاضل (٥) في (٦) التذكرة (٧) والشهيد الثاني (٨) وولده.

وهو الأظهر لتنقيح مناط الحكم.

وربما يحمل عليه الأخبار وسائر فتاوى الأصحاب.

نعم ، ظاهر جماعة من المتأخرين الميل إلى الأوّل ؛ وقوفا مع ظواهر الأخبار. وربّما

__________________

(١) الحدائق الناضرة ٧ / ٣٩٢.

(٢) في ( ألف ) : « مجرّد ».

(٣) المهذب البارع ١ / ١٩٠.

(٤) السرائر ١ / ١٢٤.

(٥) كشف اللثام ١ / ١٣٧.

(٦) كذا ، والظاهر : « و » ، بدلا من « في ».

(٧) تذكرة الفقهاء ٢ / ١٤١.

(٨) مسالك الإفهام ١ / ١٠٥.

١٨١

يستفاد من الرواية الأولى أن قلة الماء يوم الجمعة ، ويعتبر الفصل فيه من تلك الجهة كافية في التقديم ، ولم يكن هناك خوف من تعذر الماء لكنّه خلاف ظاهر الفتوى ، فالقول به لا يخلو عن إشكال.

ومنها : أن الحكم هل يناط بخوف الإعواز أو التعذر أو أنه يعتبر فيه اليأس والتعذر أو المدار فيه على الظن؟ وجوه. فالأول هو المشهور بل كاد أن يكون إجماعا كما ذكره بعض الأجلة.

والثاني محكي من الشيخ والفاضل. وعن الفاضل أيضا في بعض كتبه اعتبار الظن تارة والخوف أخرى ، و (١) كان الأظهر الأول ؛ إذ هو الأظهر من سياق الأخبار ، بل عليه المدار في ما شأنه ذلك من سائر الموارد.

ومنها : أنه هل يعتبر في جواز التقديم حصول العذر في خصوص وقت الأداء أو لا بدّ من شموله لوقت القضاء إما مطلقا أو لخصوص ما بعد الزوال من الجمعة؟ وجوه : نصّ الشهيدان على الأول.

وقد يستفاد ذلك أيضا من إطلاق جماعة منهم حيث علّقوا الحكم بخوف الفوات أو الإعواز.

وقد يستفاد من إطلاق جماعة اختيار الأخير حيث اشترطوا وجود العذر في يوم الجمعة الظاهر في تمام النهار. ويعلّل الوجهان بأن قضية الأدلة اعتبار العذر في يوم الجمعة ، فيعمّ جميعه مع احتمال انصرافه إلى المتعارف الشائع أعني وقت الأداء أو الوجهان متقاربان ، وقضية الأصل المنع من التقديم إلا في مورد اليقين بشمول الدليل ، وهو ما لو عمّم العذر تمام النهار.

ومنها : أنه لا يجري الحكم المذكور في ليلة الخميس لخروجه عن النصوص.

وهل يجري في ليلة الجمعة؟ قولان. وعن الشيخ والفاضل وظاهر المحقق والشهيد أنه

__________________

(١) في ( ألف ) : « أو ».

١٨٢

كذلك ، وعن ظاهر المعظم خلافه.

وهو الأظهر لخروجه عن مدلول النص مع الأولوية. وقد مرّ نظيره في قضائه ليلة السبت.

والتفصيل بين المقامين باختيار القول بالعدم هناك والقول بالإلحاق هنا ؛ نظرا إلى ظاهر الأولوية.

والإجماع المنقول عن الخلاف والتذكرة والاستصحاب هنا ليس على ما ينبغي ؛ لعدم وضوح ما ذكره من الاجماع والاستصحاب لو تمّ في المقام جرى في المقامين ، وكذا الأولوية وعدم ظهور المخالف الناص في المقام لا يفيد شيئا مع ظهور خلافه من المعظم كما ذكر.

ومنها : أنه لو قدم الغسل في الخميس ثم تمكّن منه قبل زوال الجمعة ففي استحباب إعادته وجهان. وقد أفتى الصدوق والعلامة (١) في جملة من كتبه والشهيد وابن القطان وابن فهد وجماعة من المتأخرين بالأول. ولا يظهر منهم قائل بالوجه الأخير.

والوجه فيه الرجوع إلى الإطلاقات.

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ / ١٧٥.

١٨٣

تبصرة

[ في غسل عيد الفطر وعيد الأضحى ]

من الأغسال الزمانية غسل يومي العيدين الفطر والأضحى بلا خلاف فيه. [ و ] قد حكى الاجماع عليه جماعة منهم ابن زهرة (١) والفاضلان والشهيد وسبطه.

ويدل عليه مضافا إلى ذلك ، المعتبرة المستفيضة المشتملة على الصحاح الكثيرة. وفي الموثق : « غسل يوم الفطر ويوم الأضحى سنّة لا أحب تركها » (٢).

وفي الصحيح : عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر؟ قال : « سنّة وليس بفريضة » (٣).

وفي آخر : « الغسل في سبعة عشر موطنا وعدّ منها العيدين » (٤).

إلى غير ذلك ، وربّما يشعر كلام الصدوق في الهداية (٥) اختيار الوجوب في غسل الأضحى إلا في منى حيث ذكر رواية القاسم بن الوليد المشتملة على ذلك. قال : « وروى أن غسل العيدين سنّة » (٦) إلا أنه كما ترى ليس فيها دلالة ظاهرة على ذلك ، مع إمكان حمله الرواية على الاستحباب المذكور كما هو المتعيّن بقرينة الأخبار المذكورة وغيرها.

مضافا إلى الإجماع المعلوم والمنقول.

ثم إن ظاهر كثير من الأصحاب على أن وقته تمام النهار من طلوع الفجر إلى الغروب.

__________________

(١) غنية النزوع : ٦٢.

(٢) الاستبصار ١ / ٤٥١.

(٣) الكافي ٣ / ٤١ ، باب وجوب الغسل يوم الجمعة ، ح ١.

(٤) من لا يحضره الفقيه ١ / ٧٧.

(٥) كذا ، ولعلّه : « الفقيه ».

(٦) من لا يحضره الفقيه ١ / ٥٠٧.

١٨٤

واستظهره في المدارك (١) ، وهو الظاهر ؛ لظاهر الإطلاقات المذكورة وغيرها المعتضدة بإطلاق الإجماعات المحكيّة.

ويومي إلى الأول أيضا إطلاق رواية قرب الإسناد ، بإسناده عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام : « إن اغتسل يوم الفطر والأضحى قبل الفجر لم يجزه وأن اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه » (٢).

وفي موثقة عمار ، عن الصادق عليه‌السلام : « فإن (٣) مضى الوقت فقد جازت صلاته » (٤).

وربما يستشعر منه انقضاء وقت الغسل بانقضاء وقت الصلاة حيث لم يأمره عليه‌السلام بالغسل بعد انقضاء وقت الصلاة. و (٥) يوهنه احتمال كون السؤال مسبوقا لاستعلام حال الصلاة. وحينئذ فترك ذكر الغسل في الجواب لا يفيد انقضاء وقته.

نعم ، في رواية الفقه دلالة عليه حيث قال : « إذا طلع الفجر من يوم العيد فاغتسل » (٦) ، وهو أول أوقات الغسل.

ثم إلى وقت الزوال إلا أنها لضعفها لا تنهض مقيدة لتلك الإطلاقات المعتبرة.

وعن الحلي والفاضل في المنتهى (٧) أن وقته إلى الصلاة. وعزاه في ذكرى الشيعة إلى ظاهر الأصحاب مع استظهار امتداده بامتداد النهار ؛ أخذا بإطلاق اليوم كلام الأكثر كما ترى خال عن التقييد ، فنسبة المذكورة لا يخلو عن تأمّل.

قال : ويتخرج من تعليل الجمعة أنها إلى الصلاة أو إلى الزوال الذي هو وقت صلاة

__________________

(١) مدارك الأحكام ٢ / ١٦٥.

(٢) قرب الاسناد : ١٨١.

(٣) زيادة في ( د ) : « عن الرجل ينسى أن يغتسل يوم العيد حتّى يصلّي قال : إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة ».

(٤) الإستبصار ١ / ١٠٣.

(٥) زيادة : « و » من ( د ).

(٦) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٣١.

(٧) منتهى المطلب ١ / ٢٤١.

١٨٥

العيد.

وكأنّه أشار به إلى رواية العلل التي رواها محمد بن سنان. ودلالتها على المطلوب غير ظاهر ؛ إذ لا إشارة فيها إلى حصر العلة واطرادها مع ذكر علة أخرى فيها أيضا.

فظهر بذلك أيضا ضعف القول بالتعبّد ، مضافا إلى أن الصلاة ممّا يترك في كثير من الأحوال ، فلا معنى لإناطة التوقيت به ، واعتبار العذر (١) فيه خلاف الظاهر ، والبناء على اعتبار الزوال لا يظهر قائل به وإن احتمله الشهيد كما عرفت.

ثم إنّه لا شكّ في أفضل إيقاعه عند الصلاة كما يستفاد من رواية العلل ، ونصّ عليه جماعة ، مضافا إلى ما فيه من الخروج عن الخلاف.

ولا يبعد القول بأفضلية ما قبل الزوال مطلقا ؛ أخذا برواية الفقه المذكورة.

هذا ، وفي الموثقة المذكورة أوّلا دلالة على مطلوبية الغسل لأجل الصلاة.

وربّما زعم بعضهم دلالتها على كون الغسل المذكور من الأغسال الغائية دون الزمانية ، وأنت خبير بأنه لا دلالة فيها على نفي كونه زمانيا ، غاية الأمر أن يجمع بين الأمرين ويقال فيه لحصول الجهتين كما هو الأظهر إلا أنهم لم يذكروا في غير الأغسال الفعلية ، لكن هذه الرواية ظاهرة الدلالة عليه ، فلا بأس في القول به.

ومنها : غسل يوم عرفة كما نصّ عليه كثير من الأصحاب كالصدوقين والمفيد والحلبي والقاضي وابن زهرة والحلي والفاضلان والشهيدان وغيرهم.

وعن الغنية والمدارك الإجماع على استحبابه. وعدّه جماعة من الأغسال المشهورة.

ويدلّ عليه الصحاح المستفيضة وغيرها كصحيحة عبد الله بن سنان : « الغسل في أربعة عشر موطنا ... » وعدّ منها يوم عرفة (٢).

وصحيحة محمد بن مسلم : « الغسل في سبعة عشر موطنا .. » وعدّ منها يوم عرفة (٣).

__________________

(١) في ( ألف ) : « العدو ».

(٢) الخصال : ٤٩٨.

(٣) الخصال : ٥٠٨.

١٨٦

ولا فرق فيه بين من كان في الموقف وغيره للإطلاقات وخصوص رواية عبد الرحمن بن سيّابة عن الصادق عليه‌السلام : عن غسل يوم عرفة في الأمصار؟ فقال : « اغتسل أينما كنت » (١).

ثم إن ظاهر الإطلاقات كون تمام اليوم وقتا للفعل.

وفي رواية الفقه (٢) توقيته بما قبل الزوال.

ومنها : غسل يوم التروية ، للصحيحين العادّين له من مواطن الغسل. وقد نصّ عليه جماعة من الأصحاب كالصدوق والفاضل والشهيدين وغيرهم.

ومنها : غسل يوم الغدير ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة على المعروف المحكي عليه الإجماع ، وهو يوم الذي عقد فيه البيعة لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام.

قيل : وكان (٣) حساب المنجمين يوم التاسع عشر من الشهر المذكور إلا أنه لم ير الهلال ليلة الثقلين بمكة.

واستحباب الغسل فيه مذكور في كلام جماعة من الأصحاب ، بل الإجماع محكي عليه في التهذيب والغنية والروض.

ويدلّ عليه ما رواه الشيخ في الضعيف عن الصادق عليه‌السلام : « من صلّى قدر (٤) ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن يزول مقدار نصف ساعة » (٥) إلى أن قال : « ما سأل الله حاجة من حوائج الدنيا والآخرة (٦) إلا قضيت له (٧) كائنة ما كانت ».

والرواية طويلة معروفة بين الأصحاب.

وردّه الصدوق وشيخه محمد بن الحسن بن الوليد لكنّه من طريق محمد بن موسى

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ / ٣٠٩ ، باب استحباب غسل يوم عرفة ح ١.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٥.

(٣) في ( د ) زيادة : « على ».

(٤) في المصدر : « فيه ».

(٥) تهذيب الأحكام ٣ / ١٤٣ ، باب صلاة الغدير ، ح ١.

(٦) في المصدر : « حوائج الآخرة ».

(٧) ليس في المصدر : « له ».

١٨٧

الهمداني.

وقد أثبتناه من كتاب نوادر الحكمة إلّا أن ضعفها منجبر بالشهرة عندنا ، بل قال بعض الأجلاء : إنه لا رادّ لها سوى الشيخين المذكورين ، مضافا إلى أنه من السنن التي تتسامح في أدلتها.

وهذه الرواية كما ترى تقيّد بوقت استحبابه بخصوص الوقت المعلوم.

وروى ابن طاوس في الإقبال عن أبي الحسن الليثي ، عن الصادق عليه‌السلام في حديث ذكر فيه فضل يوم الغدير ، قال : « فإذا كان صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل في صدر نهاره » (١).

وهذه يعطي التوقيت بأول النهار ، وظاهر الإجماعات المحكية وإطلاق كثير من الطائفة يعطي إطلاق توقيته بالنهار.

ويمكن الاحتجاج له برواية الفقه حيث ذكر فيه « أن الغسل ثلاثة وعشرون وعدّ منها غسل يوم غدير خم » (٢) فإن ظاهر نسبة الغسل إلى اليوم يعطي جواز إيقاعه في أيّ جزء منه. وهو الأظهر ؛ للتسامح في أدلة السنن سيّما مع اعتضاده بما ذكر إلا أن الأفضل منه الوقتان المذكوران.

وعن الإسكافي توقيته (٣) بطلوع الفجر إلى قبل صلاة العيد.

ونفى عنه البعد بعض الأجلّة.

وربّما يستفاد من الرواية المشهورة مطلوبيّته لأجل الصلاة فيكون من الأغسال الفائتة أيضا.

ومنها : غسل يوم المباهلة على ما ذكره كثير من الأصحاب ، منهم الشيخ (٤) في جملة من

__________________

(١) إقبال الأعمال ٢ / ٢٨٠.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٢.

(٣) في ( ب ) : « توفيقة ».

(٤) المقنعة : ٥١.

١٨٨

كتبه ، والديلمي والطوسي (١) والحلي (٢) وابن سعيد والفاضلان والشهيدان (٣) (٤) وابن فهد (٥) وغيرهم.

وفي المعتبر (٦) أن العمل به مشهور.

وفي الغنية (٧) الإجماع على استحباب غسل المباهلة. وهو يحتمل فعل المباهلة ويومها.

وكأنّ الأظهر الأخير بقرينة حكاية الإجماع عليه ؛ لعدم معروفيّة الأوّل بين الأصحاب.

وقد ورد وجوب غسل المباهلة في موثقة سماعة ، وهو يحتمل الوجهان المذكوران.

والأظهر بحسب العبارة هو الأول إلا أن يجعل شهرة الأخير بين الأصحاب قرينة على إرادته.

وكيف كان ، ففي رواية الإقبال المعروفة في خبر المباهلة : « إذا أردت ذلك فابدأ بصوم ذلك اليوم شكرا لله واغتسل والبس أنظف ثيابك » (٨) الخبر.

وفي (٩) رواية الشيخ في المصباح عن الكاظم عليه‌السلام : « يوم المباهلة اليوم الرابع والعشرون من ذي الحجة تصلى في ذلك اليوم ما أردت » .. إلى أن قال : « وتقول وأنت على غسل الحمد لله ربّ العالمين » الدعاء دلالة على ذلك.

مضافا إلى انجبارهما بعمل الجماعة.

ثم ما تضمّنه الرواية المذكورة من كونه اليوم الرابع والعشرين هو المشهور بين

__________________

(١) المبسوط ١ / ٤٠.

(٢) السرائر ١ / ١٢٥.

(٣) مسالك الإفهام ١ / ١٠٦.

(٤) البيان : ٤.

(٥) المهذب البارع ١ / ١٩٠.

(٦) المعتبر ١ / ٣٥٧.

(٧) غنية النزوع : ٦٢.

(٨) إقبال الأعمال ٢ / ٣٥٤.

(٩) لم ترد في ( د ) : « في ».

١٨٩

الأصحاب على ما ذكره الشهيدان في الذكرى (١) والروض (٢) وصاحبا الذخيرة (٣) وكشف اللثام (٤) وغيرهم.

وفي جامع المقاصد (٥) أنه الأشهر.

وحكى في الإقبال قولا بأنه الواحد والعشرون وآخر بأنه السابع والعشرون ، وذكر أن أصح الروايات أنّه يوم الرابع والعشرين ، وبملاحظة ما ذكرنا يتبيّن قوة القول المذكور.

ولا مستند ظاهر للقولين الآخرين.

ومنها : يوم المولود ، وهو السابع عشر من ربيع الأول على المعروف بين الأصحاب ، وعن الكليني (٦) أنه الثاني عشر منه ، وبه (٧) رواية وهو المعروف بين العامة ، فالأظهر البناء على الأول.

واستحباب الغسل فيه مذكور في كلام جماعة (٨) من أجلاء الأصحاب.

وقد نصّ عليه الطوسي وابن طاوس والشهيد وابن فهد وجماعة.

وعدّه في الوسيلة من المندوب بلا خلاف.

وأسنده في كشف الالتباس إلى الرواية ، وذلك كاف في ثبوت حكم الاستحباب.

مضافا إلى أنه من جملة الأعياد ، وقد حكى الشيخ الإجماع على استحباب الغسل في الأعياد.

ومنها : غسل يوم المبعث كما نصّ عليه جمع كثير من الأصحاب كالشيخ في عدّة من كتبه

__________________

(١) الذكرى : ٢٤.

(٢) روض الجنان : ١٨.

(٣) ذخيرة المعاد ١ / ٧.

(٤) كشف اللثام ١ / ١٤٢.

(٥) جامع المقاصد ١ / ٧٥.

(٦) الكافي ١ / ٤٣٩ ، باب مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ووفاته.

(٧) زيادة : « به » من ( د ).

(٨) في ( د ) : « جملة » بدل « جماعة ».

١٩٠

والحلبي (١) والطوسي والحلي وابن طاوس والفاضلان والشهيدان (٢) (٣) وابن فهد (٤) والصيمري وغيرهم.

وفي الغنية الإجماع (٥) عليه.

وعدّه في الوسيلة من المندوب بلا خلاف.

وعن العلامة والصيمري إسناده إلى الرواية.

وفي الشرائع (٦) والنافع عدّة من الأغسال المشهورة.

فبملاحظة ذلك كله يتعيّن القول بثبوته وإن ترك ذكره في كتب الصدوق والمفيد والقاضي وغيرهم.

ومنها : غسل يوم دحو الأرض ، أعني الخامس والعشرين من ذي القعدة (٧). ذكره الشهيد في جملة من كتبه ، وفي الذكرى : ذكره الأصحاب. وذكره أيضا بعض من تأخر عنه ، وليس له ذكر في سائر كتب الأصحاب ، ولا له أثر في الروايات.

نعم ، أثبت الإسكافي الغسل لكل زمان شريف كما سيجي‌ء ، ولا ريب أنه من الأزمنة الشريفة إلا أنه أيضا لا مستند له في الظاهر.

ومنها : الغسل للتاسع من ربيع المولود ، وقد حكي ذلك من فعل أحمد بن إسحاق القمي معلّلا بأنه يوم عيد ، بل هو من الأيام الشريفة العظيمة لما وقع فيه من الواقعة التي فيها قطع أصل الضلالة إلا أن ذلك خلاف المعروف بين علماء التاريخ ، بل خلاف ما ذكره أكثر الأصحاب ، مضافا إلى أن مجرد ذلك لا يثبت استحباب الغسل كما لا يخفى.

__________________

(١) الكافي للحلبي : ١٣٥.

(٢) البيان : ٤.

(٣) شرح اللمعة ١ / ٦٨٥.

(٤) المهذب البارع ١ / ١٨٩.

(٥) غنية النزوع : ٦٢.

(٦) شرائع الإسلام ١ / ٣٧.

(٧) في ( ب ) : « ذي الحجّة ».

١٩١

ومنها : غسل ليلة النصف من رجب كما نصّ عليه جمع كثير من الأصحاب كالشيخ والطوسي والحلي والفاضلين وابن سعيد والشهيد وابن فهد وغيرهم.

وعدّه في الوسيلة من المندوب بلا خلاف.

وفي الذكرى وغير واحد من كتب الشهيد الثاني أنه مشهور.

وذكر المحقق وابن فهد والصيمري أنه من الأغسال المشهورة :

ولم نجد عليه نصّا في الأخبار إلا الرواية الآتية ، وهي غير دالة عليه بالخصوص.

نعم ، أسنده وغيره في نهاية الإحكام وغيرها إلى الروايات.

ومنها : غسل أول رجب ووسطه وآخره ؛ لما ذكره في الإقبال أنه وجد في كتب العبادات عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله ووسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولادته » (١). وإرساله لا يمنع عن العمل به في المندوبات ولا يبعد حصول الغسل في الوسط بالفعل السابق فلا حاجة إلى النسبة.

ومنها : غسل الليلة النصف من شعبان كما ذكره جماعة من الأصحاب.

وعن الوسيلة والغنية الإجماع عليه.

ويدل عليه رواية أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « صوموا شهر شعبان واغتسلوا ليلة النصف منه ، ذلك تخفيف من ربّكم ورحمة » (٢). وهو مذكور في رواية الفقيه أيضا.

ومنها : غسل الليلة الأولى من شهر رمضان لعدة من الأخبار ، فعن الصادق عليه‌السلام : « من أحبّ أن لا يكون به الحكمة فليغتسل أول ليلة من شهر رمضان » (٣).

وعنه عليه‌السلام : « من اغتسل أول ليلة من شهر رمضان في نهر جار ويصبّ على رأسه ثلاثين كفّا من الماء طهر إلى شهر رمضان من قابل » (٤).

__________________

(١) إقبال الأعمال ٣ / ١٧٣.

(٢) وسائل الشيعة ٣ / ٣٣٥ ، باب استحباب غسل ليلة النصف من شعبان ، ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٣ / ٣٢٥ ، باب ما يستحب من الاغسال في شهر رمضان ، ح ٥.

(٤) وسائل الشيعة ٣ / ٣٢٥ ، باب ما يستحب من الاغسال في شهر رمضان ، ح ٤.

١٩٢

ومنها : غسل الليلة الخامسة عشر منه ، فعن الصادق عليه‌السلام : « يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف » (١).

وعليه الإجماع وللمستفيضة المتكثرة ، منها الصحيح : « الغسل في ستة عشر موطنا .. » ، وعدّ منها الليلة المذكورة.

ومنها : غسل الليلة السابعة عشر ، وعن الرضا عليه‌السلام فيما كتب للمأمون من شرائع الدين : « وأول ليلة من شهر رمضان وليلة سبعة عشرة » (٢). وعليه الإجماع في الوسيلة والغنية.

ومنها : غسل ليالي القدر الثالث المعروفة بالإجماع ، حكاه بعض الأجلة. ويدلّ عليه الصحاح المستفيضة وغيرها.

ويستحب هناك غسل ثان في الليلة الثالثة بأن يغتسل مرّة في أول الليل وأخرى في آخره ؛ لما رواه في الإقبال بأسانيده إلى التلعكبري بإسناده إلى يزيد بن معاوية ، عن الصادق عليه‌السلام قال : « رأيته اغتسل في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان مرّة في أول الليل ومرّة في آخره » (٣).

ورواه الشيخ مضمرا باختلاف يسير في لفظه ، والظاهر أنّ كلّا منهما مستحب برأسه ، فيجوز الاقتصار على أحدهما ، ويؤدي وظيفة الغسل المطلق بأحدهما ، ويجوز الاقتصار على الغسل الواحد في الأثناء ، فيؤدي به وظيفة المطلق خاصة. أما لو أتى بالغسل الأول فالظاهر عدم جواز الإتيان بالمطلق ثانيا لأوانه.

ومنها : غسل الليلة الرابعة والعشرين منه لغير واحد من الأخبار ، منها ما رواه في الإقبال ، عن كتاب الحسين بن سعيد ، بإسناده عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « اغتسل في ليلة أربع وعشرين » (٤).

__________________

(١) إقبال الاعمال ١ / ٥٥.

(٢) وسائل الشيعة ٣ / ٣٠٥ ، باب حصر أنواعها ( الأغسال المسنونة ) وأقسامها ، ح ٦.

(٣) إقبال الأعمال ١ / ٣٧٥.

(٤) إقبال الأعمال ١ / ٣٨٨.

١٩٣

ومنها : الغسل في ليلة الخامس والعشرين وليلة السابع والعشرين وليلة التاسع والعشرين ، لما حكاه في فلاح السائل عن الشيخ ابن أبي قرّة (١) أنه قال « بعد ذكر غسل ليلة أربع وعشرين منه وليلة خمس وعشرين منه وليلة سبع وعشرين منه وليلة تسع وعشرين منه » ، وروي في ذلك روايات.

ومنها : الغسل في كلّ ليلة من العشر الأخير ؛ لما حكاه في الإقبال عن كتاب علي بن واحد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن الصادق عليه‌السلام قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يغتسل في شهر رمضان في العشر الاواخر في كل ليلة » (٢).

وعن كتاب الأعمال لأحمد بن عياش عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « لمّا كان أول ليلة من شهر رمضان قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنى عليه حتّى إذا كان أول ليلة من العشر قام وشمّر وشد المئزر وبرز من بيته واعتكف وأحيا الليل كله وكان يغتسل كلّ ليلة منه بين العشاءين » (٣).

وفي مرجع الضمير وجهان ؛ من ظهور التذكير في رجوعه إلى « الشهر » سيّما برواية الوسائل حيث ذكر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « كان إذا دخل العشر من شهر رمضان شمر .. » الخبر (٤) ؛ نظرا إلى قرينة المرجع.

ويؤيده أيضا تغيير الأسلوب من الماضي إلى المضارع وإقحام « كان » في البين. وكأنه لذا استظهره في حاشية الوسائل إرجاع الضمير على « الشهر » ، ومن ظهور السياق في رجوعه إلى « العشر » حيث إنه في بيان أحوالها.

ويؤيده حكاية تأنيث الضمير عن بعض النسخ ، وعلى فرض تذكيره فالأمر فيه سهل مضافا إلى موافقته للرواية السابقة.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٨ / ٢٢.

(٢) إقبال الأعمال ١ / ٣٥٨.

(٣) بحار الأنوار ٧٨ / ١٨.

(٤) وسائل الشيعة ٣ / ٣٢٦ ، باب ما يستحب من الأغسال في شهر رمضان ، ح ٦.

١٩٤

وكيف كان ، يدل على استحباب الغسل في العشر ، والظاهر اندراج الأغسال الخاصة بالليالي المخصوصة فيه ، فلا يستحب هناك غسل آخر من الجهة المذكورة.

نعم ، يتأكّد الاستحباب فيما اجتمعت فيه الوجهان.

ومنها : الغسل في كل ليلة من ليالي الإفراد منه كما نصّ عليه جملة من أجلة الأصحاب كالشيخ وابن طاوس والشهيدين وابن فهد والصيمري والمحقق الكركي وغيرهم.

قال الشيخ في المصباح (١) : وإن اغتسل في (٢) ليالي الإفراد كلها وخاصة ليلة النصف كان له فيه فضل كثير.

ويدل عليه ما ذكره في الإقبال من وجود الرواية المتضمنة لاستحباب الغسل في كل ليلة مفردة من الشهر.

وفي نقله رحمه‌الله مع اعتضاده بفتوى الجماعة. وذكر الشيخ كثرة فضله كفاية في ثبوت الاستحباب.

ومنها : الغسل في كل ليلة منه ولم نجد به مفت من الأصحاب.

نعم ، يدل عليه الرواية المتقدمة على الوجه الأول إلا أنه لعدم تعيّنه لا يثبت به الحكم المذكور.

ومنها : غسل ليلة الفطر ؛ للرواية المتكررة في عدّة من الكتب المعتمدة.

قلت : لا (٣) ينبغي لنا أن نعمل فيها؟ فقال : « إذا غربت الشمس فاغتسل » (٤) الخبر.

وقد يومي هذه الرواية الغسل عقيب المغرب ، ولا أقل من عدم إفادتها الاستحباب في مطلق الليل إلا أن المذكور في كلام جملة من الأجلة إطلاق الاستحباب. ولا بأس به.

وذكر ابن طاوس ورود رواية بكونه قبل الغروب إذا علم أنها ليلة العيد. ولا ريب أنّ

__________________

(١) مصباح المتهجّد : ٦٣٦.

(٢) ليس في المصدر : « في ».

(٣) في المصدر : « جعلت فداك فما ».

(٤) الكافي ٤ / ١٦٧ ، باب التكبير ليلة الفطر ويوميه ، ح ٣.

١٩٥

العمل على الأولى أولى.

ومنها : غسل ليلة الجمعة.ذكر [ ه ] بعض الحليين ، ولم نجد مستنده.

ومنها : غسل ليلة الأضحى على ما ذكره في الوسائل حيث عنون الباب باستحباب الغسل ليلة العيدين ويومهما إلا أنه لم يذكر في الباب ما يدل عليه. ولم نجد في الأخبار ما يومي إليه.

نعم ، ذكر هناك مرسلة ابن طاوس الماضية لا ريب أنها في خصوص الفطر.

ومنها : الغسل لكل زمان شريف من يوم وليلة على ما حكي عن الإسكافي القول به.

وربما يظهر من الفاضلين حيث علّلا استحباب غير واحد من الأغسال بشرف الزمان.

وهل المراد به مطلق الشرافة كمجموع شهر رمضان أو الأشهر الثلاثة ونحوها ، أو المراد به الشرافة الثابتة لخصوص ذلك الزمان كليلة الجمعة ويوم القدر ونحوهما؟ وجهان. وكيف كان ، فالأظهر عدم ثبوته لانتفاء الدليل عليه.

ومنها : غسل يوم النيروز. وقد نصّ عليه كثير من الأصحاب منهم الشيخ وابن سعيد والفاضل في عدة من كتبه والشهيد وابن فهد (١) والصيمري والمحقق الكركي وشيخنا البهائي وغيرهم.

ويدل عليه رواية المعلّى عن الصادق عليه‌السلام : « إذا كان يوم النيروز فاغتسل والبس أنظف ثيابك .. » (٢) الخبر.

وفي تعيين يوم النيروز اختلاف بين الأصحاب ، ولهم فيه أقوال ليس هذا محل إيرادها.

ومنها (٣) : أول يوم من السنة ؛ لرواية السكوني ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : « من اغتسل أول يوم من السنة في ماء جار وصبّ على رأسه ثلاثين

__________________

(١) المهذب البارع ١ / ١٩١.

(٢) وسائل الشيعة ٣ / ٣٣٥ ، باب استحباب غسل يوم النيروز ، ح ١.

(٣) زيادة في ( د ) : « غسل ».

١٩٦

غرفة كان دواء السنة » (١). رواها السيد في الإقبال ، وقد روى فيه أخبارا عدّة أن رأس السنة شهر رمضان ، وفيه بعد ذكر الرواية ( المتقدّمة وأنّ اوّل كلّ سنة أوّل يوم من شهر رمضان ، وهو يحتمل أن يكون من تتمّة الرواية ) (٢) وأن يكون من كلام السيد.

وذكر أيضا في الإقبال (٣) اختلاف الروايات في بيان أول السنة أنه محرّم أو شهر رمضان. قال : لكنّي رأيت [ من ] (٤) عمل من أدركته من علماء أصحابنا المعتبرين وكثيرا من تصانيف علمائهم الماضين أن أول السنة شهر رمضان على التعيين ، واحتمال الجمع بينهما باختيار (٥) الثاني في (٦) أول العام في عبادات الإسلام والثاني في التواريخ والمهام.

وعن الصدوق (٧) : أن أول الشهور عند أهل الحق شهر رمضان.

وبجميع ما ذكرنا يتقوى القول بكون المراد من أول السنة في الرواية المذكورة هو اليوم المذكور ، مضافا إلى ما عرفت من رواية نظيره في غسل أول ليلة منه.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ / ٣٢٦ ، باب ما يستحب من الاغسال في شهر رمضان ، ح ٧.

(٢) ما بين الهلالين مما لم ترد إلا في ( د ).

(٣) إقبال الأعمال ١ / ٣٢.

(٤) ما أدرجناه من المصدر.

(٥) في ( د ) : « باجتناب ».

(٦) لم ترد في ( د ) : « في ».

(٧) من لا يحضره الفقيه ١ / ٥٢٢.

١٩٧

تبصرة

[ في الأغسال المكانية ]

وأما الأغسال المكانية :

فمنها : غسل دخول حرم مكّة ؛ للمعتبرة المستفيضة ، منها : الموثق العادّ للأغسال : « وغسل دخول الحرم يستحب أن لا تدخله إلا بغسل » (١).

ومنها : الصحيح : « الغسل في أربعة عشر موطنا .. » وعدّ منها دخول الحرم (٢) إلى غير ذلك.

والظاهر من الحرم فيها حرم مكة لانصراف الإطلاق إليه ، وبه نصّ كثير من الأصحاب ، وعليه الإجماع في الغنية. وفي الوسيلة أنه من المندوب بلا خلاف.

ومنها : غسل دخول حرم المدينة. نصّ عليه جماعة من الأصحاب منهم الصدوق في غير واحد من كتبه والشهيد وشيخنا البهائي ، ولم يذكره الأكثر.

والأظهر ثبوته للصحيحة المروية في عدة من الكتب المعتبرة : « الغسل في سبعة عشر موطنا .. » وعدّ منها : « وإذا دخلت الحرمين » ؛ وحمله على البلدين كما احتمله بعضهم بيّن الوهن.

ومنها : غسل دخول مكّة ؛ للمعتبرة المستفيضة والإجماع عليه محصّلا كما هو الظاهر ومحكيّا كما في الخلاف ، وفي الوسيلة أنه من المندوب بلا خلاف.

ومنها : غسل دخول المدينة ؛ للمعتبرة المستفيضة أيضا ، والإجماع الظاهر والمحكي في الغنية.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ / ٣٠٤ ، باب حصر انواعها ( الاغسال ) واقسامها ، ح ٣.

(٢) الخصال : ٤٩٨.

١٩٨

وفي الوسيلة أيضا أنه من المندوب بلا خلاف.

وقيّد المفيد استحباب الغسل لدخول البلدين من دخلهما لأداء فرض أو نفل. ولا نعرف مستنده.

ويدفعه إطلاق النصّ والفتوى ، والظاهر الرجوع في البلدين إلى العرف ، ويحتمل الرجوع إلى الموجود حال صدور الأخبار.

ومنها : الغسل لدخول مسجد الرسول ( صلى‌الله‌عليه‌وآله كما نصّ عليه الأصحاب للصحيحة المرويّة في عدّة من الكتب المعتمدة وفيها : « وإذا أردت دخول مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ... ». وفي الغنية الإجماع عليه ، وفي الوسيلة أنه من المندوب بلا خلاف.

ومنها : الغسل لدخول المسجد ) (١) الحرام. ولم نجد به نصّا إلا أنه منصوص في كلام الأصحاب. وقد حكي عليه الإجماع في الخلاف والغنية.

وفي الوسيلة أنه من المندوب بلا خلاف.

وقد يستدلّ له بفحوى الصحيحة المتقدمة المبيّنة للغسل لدخول مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث إنه أفضل منه.

وفيه تأمل.

وفي تلك الصحيحة : « الغسل لدخول البيت الحرام متصلا به حول مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله » ، فقد تكون في تقارنهما إشارة إلى إرادة المسجد منه.

وفيه أيضا تأمل ، ومع ذلك فالأظهر ثبوته تسامحا في أدلة السنن ، بل عن الجعفي القول بوجوبه.

وهو ضعيف جدا.

ومنها : الغسل لدخول الكعبة. ويدل عليه ـ بعد الإجماعين المحكيين وعده في الوسيلة من المندوب بلا خلاف ـ المعتبرة المستفيضة.

__________________

(١) الزيادة ما بين الهلالين من ( د ).

١٩٩

تبصرة

[ في الأغسال الفعلية ]

وأما الأغسال الفعلية :

فمنها : الغسل للإحرام. ومشروعيته في الجملة مما لا خلاف فيه بين الطائفة بل الامة. وأما استحبابه فهو المعروف من مذهب الأصحاب.

[ و ] قد حكى الإجماع عليه جماعة منهم الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية والعلامة في التذكرة.

وفي التحرير : أنه ليس بواجب إجماعا.

وفي المقنعة : أنه سنّة بلا اختلاف. قال : وكذلك غسل الإحرام للعمرة. وعدّه في الوسيلة من المندوب بلا خلاف.

وعن ظاهر المجالس : أنّ القول باستحبابه من دين الإمامية.

وفي التهذيب : أنه ليس بفرض عندنا.

وحكاية الشهرة عليه مستفيضة حكاها في المختلف والذخيرة وكشف اللثام وغيرها.

ونسب القول بالوجوب في المعتبر إلى شاذّ منّا.

وعن العماني القول بوجوبه. وهو الظاهر مما حكي عن الإسكافي في كيفية الإحرام.

وحكى الشهيد عن الصدوق أنه أطلق وجوب عدّة من الأغسال ، وعدّ منها غسل الإحرام.

وهو كما ترى غير صريح في الوجوب بالمعنى المصطلح ، بل ولا (١) ظاهر فيه بملاحظة

__________________

(١) زيادة : « لا » من ( د ).

٢٠٠