تبصرة الفقهاء - ج ٢

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-001-3
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٩٩

بعدي يستقلّون ذلك فأولئك على خلاف سنّتي ، والثابت على سنّتى معي في حظيرة القدس » (١).

ويستفاد منه كراهة الزيادة إلّا أنّ مفادها ما إذا استعمل ذلك لا ما إذا حصلت على سبيل الاتفاق. وكيف كان ، فحصول الحسنة مع الزيادة لا يخلو عن إشكال.

وهل يندرج فيه ماء الاستنجاء وغيره من الأداة؟ ظاهر صحيحة المعتضدة المتقدمة وغيرها ذلك ، ويحتمل التفصيل بين ما يقارن الفعل ويدرج في أفعال الغسل وما يفارقها كما إذا استنجى (٢) أولا ثمّ اغتسل بعد مدّة طويلة.

وأمّا إزالة سائر النجاسات من البدن فالظاهر خروجها من ذلك. ولا يبعد بناء الأمر في ذلك على التخمين دون التحقيق ، سيّما مع البناء على نفي الاستحباب مع الزيادة ؛ إذ لا يصحّ العلم به إذن إلّا بالوزن أو الكيل. والالتزام باعتبارهما في أداء السنّة بعيد جدا.

ولا فرق في ذلك بين غسل الجنابة وغيرها من الأغسال.

ويظهر من بعض الأخبار اعتبار الزيادة عليه في غسل الحيض ، ففي ( صا ) (٣) عن محمّد بن الفضيل قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الحائض كم يكفيها من الماء؟ قال : « فرق » (٤).

والفرق مكيال معروف بالمدينة تسع ستة عشر رجلا يكون ثلاثة أصواع ، وعلى هذا فالبون بعيد بين هذا الغسل وغيرها من الأغسال.

و (٥) يكره الاستعانة في الغسل على نحو ما مرّ في الوضوء.

وكذا يكره الوضوء بالماء المسخن في الشمس بالتفصيل الّذي مرّ بيانه ، وكذا يكره عمله.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٤.

(٢) في ( ألف ) : « سيجي‌ء » ، بدلا من « إذا استنجى ».

(٣) أي الإستبصار.

(٤) الاستبصار ١ / ١٤٨.

(٥) في ( ألف ) : « أو ».

١٦١

البحث

في بيان الأغسال المسنونة

وهي إمّا زمانيّة أو غيرها.

والأخير إمّا غائيّة أو سببيّة.

والأقوال إمّا أن يكون غايتها دخول المكان ـ وتسمّى مكانيّة ـ أو غيرها ـ وقد تسمّى فعليّة ـ ، فهذه أقسام أربعة.

١٦٢

تبصرة

[ في غسل الجمعة ]

من الأغسال الزمانيّة غسل الجمعة ، ورجحانه في الجملة ممّا قام عليه إجماع الأمّة.

ولا فرق فيه بين آتي الجمعة وغيره عند أصحابنا ، ولبعض العامّة قول باختصاصه بالأوّل. وهو باطل بإجماعنا.

والمعروف بين الأصحاب هو استحبابها ، بل لا يظهر فيه مخالف ( منهم من زمن المفيد إلى ما بعد زمن الشهيد الثاني ، بل ولا يعلم فيه مخالف ) (١). ممّن تقدّم على المفيد أيضا.

نعم ، قد يعزى إلى الكليني (٢) والصدوقين (٣) القول بالوجوب لعقده الباب في الكافي بعنوان الوجوب.

وذكر الصدوق (٤) في [ ... ] (٥) أنّه من السنّة الواجبة.

وأنت خبير بأنّ ذلك بمجرده لا يفيد ذهابهم إلى الوجوب ؛ لعدم ثبوت اصطلاحهم فيه على المعنى الجديد ، فلا يبعد حمله على إرادة مطلق الثبوت كما هو الوجه في جملة من الأخبار الواردة في المقام.

وكأنّهم عبّروا به محافظة على لفظ الأخبار الواردة فيه ، وفي كلمات الصدوق إشارات على ما قلناه.

__________________

(١) ما بين الهلالين زيدت من ( د ).

(٢) الكافي ٣ / ٤١.

(٣) علل الشرائع ١ / ٢٨٥.

(٤) من لا يحضره الفقيه ١ / ١١١ ، الهداية : ١٠٢.

(٥) هنا فراغ في النسخ المخطوطة الثلاثة.

١٦٣

وبالجملة فخلاف الجماعة فيه غير معلوم. وقد ذهب بعض متأخري المتأخرين إلى القول بالوجوب زعما دلالة الأخبار عليه مع ذهاب الجماعة المذكورين إليه. ومال إليه جماعة من المتأخرين كشيخنا البهائي (١) ومولانا التقي المجلسي وصاحب الذخيرة (٢) وغيرهم.

والحق هو الأوّل.

ويدلّ عليه بعد الإجماع عليه محصلا ومنقولا في كلام جماعة كالخلاف (٣) في غير موضع منه والغنية (٤) وظاهر التهذيب وشرح الجمل (٥) ، ونفي الخلاف عنه في ظاهر الوسيلة (٦) والسرائر (٧) ، الأصل مع عدم نهوض دليل على الوجوب كما ستعرف.

والقول بعدم صحة الإسناد إلى الأصل لإثبات الاستحباب كما يظهر من بعض ، الأفاضل ـ نظرا إلى أنّ الثابت بالإجماع هو القدر المشترك بين الحكمين ، ومع نفي الوجوب بالأصل ينتفي الرجحان الحاصل في ضمنه على فرضه ؛ إذ لا بقاء للجنس مع انتفاء الفصل وأصل البراءة لا يقضي بكون الرجحان الثابت هو الحاصل في ضمن الاستحباب ؛ إذ ليس شأنه إلّا نفي الحكم خاصّة ـ مدفوع بأنّ أصالة البراءة ليس من شأنها إفادة الواقع ، وإنّما قضيّتها إثبات الحكم في الظاهر.

ومن الظاهر ثبوت الاستحباب الظاهري بهما في المقام ؛ إذ من (٨) الحكم ببراءة الذمّة من الوجوب والقطع بحصول الرجحان فعلا كما هو معلوم بالإجماع ـ بل الضرورة ـ يثبت الاستحباب الظاهري ، وإن احتمل كونه ظاهر [ ا ] واجبا في الواقع.

__________________

(١) مشرق الشمسين : ٣٣٥.

(٢) ذخيرة المعاد ١ / ٦.

(٣) الخلاف ١ / ٢٢٠.

(٤) غنية النزوع : ٦٢.

(٥) الرسائل العشر : ١٦٧.

(٦) الوسيلة : ٥٤.

(٧) السرائر ١ / ١٢٤.

(٨) في ( د ) : « مع ».

١٦٤

ونظير ذلك كثير منها ما إذا قطع بإتلافه أحد شيئين لغيره مع اختلافهما في القيمة ، فإنّه يحكم بضمانه لأقلّ القيمتين من جهة الأصل ، مع أن الكلام المذكور بعينه جار فيه.

ويدلّ عليه أيضا عدّة من الروايات منها صحيحة علي بن يقطين : عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر؟ قال : « سنّة وليس بفريضة » (١).

والقول بأنّ السنّة أعم من الندب مدفوع بأنّ ظاهر السؤال وقوعه عن نفس الحكم لا عن خصوصيّة كونه ثابتا بالكتاب أو السنّة ؛ إذ لا يتعلّق به غرض يعتدّ به.

مضافا إلى أن ذلك لم يكن يخفى على مثل علي بن يقطين مع جلالته ليحتاج إلى السؤال ؛ لوضوح عدم وروده في الكتاب ، وعدم توهّم أحد كونه فرضا بالمعنى المذكور.

مضافا إلى استحباب الغسلين الآخرين المنضمّين إليه إجماعا ، فيشهد ذلك بكون الثالث أيضا كذلك ، وأنه المراد بالسنّة ؛ لاتّحاد الجواب عنها.

بل قد يدّعى أظهريّة السنّة في المندوب ، فتحمل عليه إلا أن تقوم قرينة على خلافه.

وقريب من هذه الصحيحة صحيحة زرارة : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن غسل الجمعة؟ فقال : « سنّة في السفر والحضر إلّا أن يخاف [ المسافر ] (٢) على نفسه القر » (٣) (٤).

ويقاربهما مرسلة المفيد عن الصادق عليه‌السلام : « غسل الجمعة والفطر سنّة في السفر والحضر » (٥).

ومنها : رواية علي بن حمزة ، عن غسل العيدين أواجب هو؟ فقال : « هو سنّة ». قلت : فالجمعة؟ قال : « هو سنّة » (٦).

ودلالتها على المطلوب أوضح من الأخبار السابقة ، كما لا يخفى.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ / ١١٢.

(٢) ما أدرجناه من المصدر.

(٣) في مخطوطات الأصل : « القود » ، ولا معنى له. وما أدرجناه من المصدر.

(٤) تهذيب الأحكام ٣ / ٩.

(٥) المقنعة : ١٥٨.

(٦) الكافي ٣ / ٤١ ، باب وجوب غسل يوم الجمعة ، ح ١.

١٦٥

ومنها : قوية الفضل ، عن الرضا عليه‌السلام فيما كتب للمأمون من شرائع الدين غسل يوم الجمعة سنّة وعدّ عدّة من الأغسال وقال : « هذه الأغسال سنّة ، وغسل الجنابة فريضة ، وغسل الحيض مثله » (١).

ويدلّ على كون السنّة فيها بمعنى النّدب مضافا إلى بعض الوجوه السابقة الحكم بكون غسل الحيض فريضة مع عدم ثبوته بالكتاب ، فيدلّ على كون الفرض فيه بمعنى الواجب ، فيكون السنّة فيه بمعنى النّدب.

ونحوها صحيحة يونس ، عن بعض رجاله ، عن الصادق عليه‌السلام قال : « الغسل في سبعة عشر موطنا ، منها : الفرض ثلاثة ». فقلت : جعلت فداك ما الفرض منها؟ قال : « غسل الجنابة وغسل من مسّ ميتا وغسل الإحرام » (٢).

والظاهر اندراج غسل الجمعة في الباقي ؛ إذ هو من الأغسال المعروفة المتداولة أقسامه على الرجال والنساء بعد تركه في المقام.

وعدّ منها غسل الجمعة ، ثم قال : « والفرض من ذلك غسل الجنابة والواجب غسل الميّت والإحرام والباقي سنّة » (٣).

وهو صريح في الاستحباب ، وفيه شهادة على كون السنّة في سائر الأخبار بمعنى الندب لكشف الأخبار بعضها عن بعض وفيها أيضا.

وقد روي : « أن الغسل أربعة عشر وجها : ثلاث منها غسل واجب مفروض .. » إلى أن قال : « وأحد عشر غسلا سنّة » وعدّ منها غسل الجمعة (٤).

ومنها : ما دلّ على أن غسل الجمعة جعل تتميما للوضوء كما جعلت النوافل تتميما

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ / ٣٠٥ ، باب حصر انواع الغسل واقسامه ، ح ٦.

(٢) الإستبصار ١ / ٩٨.

(٣) بحار الأنوار ٧٨ / ١٣ ، باب علل الأغسال وثوابها ، ح ١٦.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٣.

١٦٦

للفرائض وصيام النافلة متمما (١) لصيام الفريضة كالقوي المتكرّر في عدّة من الأصول المعتبرة : كيف صار غسل الجمعة واجبا؟ فقال : « إنّ الله تعالى أتمّ صلاة الفريضة بصلاة النافلة وأتمّ صيام الفريضة بصيام النافلة وأتمّ وضوء الفريضة بغسل يوم الجمعة » (٢).

وسياق الرواية كالصريح في الاستحباب.

ومنها : رواية جابر عن الباقر عليه‌السلام : « ليس [ عليها ] (٣) غسل الجمعة في السفر ويجوز لها تركه في الحضر » (٤) لدلالتها على عدم وجوب الغسل عليهنّ ، مطلقا. فيفيد عدم وجوبه على الرجال أيضا لعدم القائل بالفصل.

ومنها : خبر أبي البختري ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لعلي عليه‌السلام : « يا علي! على الناس في كلّ سبعة أيام الغسل ، فاغتسل في كلّ جمعة ولو أنّك تشترى الماء بقوت يومك وتطويه ، فإنّه ليس شي‌ء من التطوع أعظم منه » (٥).

وفي غير ما ذكرناه من الأخبار أيضا أخبار عدة تشهد للاستحباب كما لا يخفى على المتتبّع.

وما في بعض هذه (٦) من الضعف في الإسناد مجبور بالأصل ، وحمل الأصحاب بل الإجماع واعتضاد بعضها بالبعض ، مضافا إلى أنه لو كان الغسل المذكور واجبا لما كان يخفى على آحاد الورى ؛ لعموم البلوى به وتكرّره في كلّ أسبوع ، بل كان حاله في الوجوب أوضح من غسل الجنابة مع أنّ الأمر فيه بالعكس ؛ إذ لو تنزّلنا عن دعوى الاتفاق على الندب فلا أقلّ من الشهرة العظيمة القريبة من الإجماع.

وقد استفاض نقل الشهرة عليه في كلامهم ، وقد نصّ عليها في المختلف وكشف الالتباس

__________________

(١) في ( ألف ) : « متمماة ».

(٢) الكافي ٣ / ٤٢ ، باب وجوب الغسل يوم الجمعة ، ح ٤.

(٣) في مخطوطات الأصل : « على النساء ». وما أدرجناه من المصدر.

(٤) الخصال : ٥٨٦.

(٥) بحار الأنوار ٧٨ / ١٢٩ ، باب فضل غسل الجمعة ، ح ١٨.

(٦) زيادة في ( د ) : « الأخبار ».

١٦٧

وكشف اللثام والذخيرة والبحار وغيرها.

فبملاحظة ذلك كلّه لا ينبغي مجال لاحتمال الوجوب كما لا يخفى.

حجة القول بالوجوب : الروايات المستفيضة المشتملة على المعتبرة :

منها : الروايات الحاكمة بوجوبه كالصحيح : « الغسل يوم الجمعة على الرجال والنساء في الحضر وعلى الرجال في السفر ».

والموثّق عن غسل الجمعة؟ فقال : « واجب في السفر والحضر إلّا أنه [ رخص ] (١) للنساء في السفر لقلّة الماء » (٢).

والخبر أو الصحيح : عن الغسل يوم الجمعة؟ فقال : « واجب على كلّ ذكر وأنثى عبد أو حرّ » (٣).

ومنها : الصحيح : عن النساء أعليهنّ غسل يوم الجمعة؟ فقال : « نعم » (٤).

وفي آخر : « اغتسل يوم الجمعة إلا أن تكون مريضا أو تخاف على نفسك » (٥).

وفي المرسل : « لا يترك غسل الجمعة إلا فاسق » (٦).

إلى غير ذلك من الأخبار ، وهي كما ترى غير واضحة الدلالة على الوجوب ؛ لعدم صراحة لفظ الوجوب في الوجوب المصطلح ، بل ولا ظهوره فيه ، فهي بأجمعها محمولة على الندب بقرينة تلك الأخبار ، وفهم الأصحاب منها ذلك وهو كاف في المقام.

مضافا إلى اعتضادها بما عرفت من الأصل والإجماع وعمل الطائفة وغيرها ممّا مرّ.

__________________

(١) في مخطوطات الأصل : « أرخص ». وما أدرجناه من المصدر.

(٢) الكافي ٣ / ٤٠ ، باب انواع الغسل ، ح ٢.

(٣) الكافي ٣ / ٤١ ، باب وجوب الغسل يوم الجمعة ، ح ١.

(٤) تهذيب الأحكام ١ / ١١٢.

(٥) تهذيب الأحكام ٣ / ٢٣٨.

(٦) بحار الأنوار ٧٨ / ١٢٩ ، باب فضل غسل الجمعة ، ح ١٧.

١٦٨

تبصرة

[ في وقت غسل الجمعة ]

الأظهر أنّ وقت غسل الجمعة من طلوع الفجر الثاني إلى الزوال.

أما الأول (١) فلا خلاف فيه بين الأصحاب ، ويدل عليه الإجماع محصّلا ومنقولا في الخلاف (٢) وغيره ، والإطلاقات وخصوص المستفيضة ، منها : الصحيح : « إذا اغتسل بعد الفجر للجمعة؟ قال : « نعم » (٣).

وأما الثاني (٤) فهو المعروف بين الأصحاب. وبه أفتى الشيخ (٥) والقاضى والحلّى (٦) والفاضلان وابن سعيد والشهيدان (٧) وابن فهد (٨) والصيمرى والمحقّق الكركى وغيرهم.

ويتراءى من ملاحظة عبائرهم في المقام أقوال أخر في المسألة.

منها : تحديد آخره بما قبل الزوال. وربّما يستفاد ذلك من عبارة الشيخ في طهارة الخلاف (٩) حيث قال : يجوز غسل الجمعة من عند طلوع الفجر يوم الجمعة إلى قرب الزوال و ( د ) ( واحتجّ عليه بإجماع الفرقة. ونحوه عبارة الصدوق في الفقيه حيث ذكر فيه من وقت

__________________

(١) أي أن بداية وقت غسل الجمعة طلوع الفجر الثاني ( الفجر الصادق ).

(٢) الخلاف ١ / ٢٢٠.

(٣) الكافي ٣ / ٤١٨ ، باب تزين يوم الجمعة ، ح ٨.

(٤) أي أن نهاية وقت غسل الجمعة هي الزوال.

(٥) النهاية : ١٠٤.

(٦) السرائر ١ / ١٢٤.

(٧) مسالك الإفهام ١ / ١٠٥.

(٨) المهذب البارع ١ / ١٨٩.

(٩) الخلاف ١ / ٢٢٠.

١٦٩

طلوع الفجر يوم الجمعة إلى قرب الزوال ) (١).

ولا يبعد حملها على ما هو الغالب من إيقاع ذلك قبل الزوال بشى‌ء يسير ؛ إذ اتصاله بالزوال بعيد جدّا ؛ إذ ربّما يكون في تأخره كذلك وقوع بعض أجزائه بعد الزوال.

ومنها : تحديده بصلاة الجمعة. وهو الظاهر من الشيخ في صلاة الخلاف (٢) حيث قال : وقت غسل [ يوم ] (٣) الجمعة ما بين طلوع الفجر الثاني إلى أن يصلّى الجمعة.

ثمّ احتج على ذلك أيضا بإجماع الفرقة. والأظهر ارجاعه إلى المشهور بحمله على أوّل وقتها المحدود بالزوال. ويشهد له في عبارته الاولى مع حكايته الإجماع في المقامين والبناء فيه على العدول لا يخلو عن بعد ، بل في حكايته المذكورة إشارة إلى كون المقصود من كلامه ما هو المشهور.

ومنها : امتداد الوقت بامتداد النهار. وربّما يستفاد ذلك من إطلاق جماعة من القدماء كما في المقنعة وجمل الشيخ والاقتصاد والمراسم والكافي والوسيلة والغنية وبعض كتب العلامة والشهيد.

وفي المدارك : لو لا الإجماع المنقول أو عدم وجود القائل لكان القول به متعيّنا.

وفي الذخيرة والبحار وغيرهما الميل إليه.

وعن العلامة في التحرير (٤) أن الأقرب بعد ظهر الجمعة نية القضاء.

وفيه إشارة إلى حصول احتمال بل قول آخر.

ولا يبعد حمل الإطلاقات المذكورة على ما هو المشهور ، فكأنهم اتّكلوا في ترك التقييد على ما هو المتعارف الشائع.

بقي الكلام في ميل الجماعة المذكورة ، وهو لا يقدح في الإجماع ؛ إذ من عادة هؤلاء

__________________

(١) لم ترد ما بين الهلالين في ( ألف ).

(٢) الخلاف ١ / ٦١٢.

(٣) ما أدرجناه زيادة من المصدر.

(٤) تحرير الأحكام ١ / ٨٧.

١٧٠

الجماعة التأمل فيما ذكره الأصحاب مع عدم وضوح المستند في (١) أنظارهم كما زعموه في المقام ، مع أنّ في جملة من الأخبار إشارة إليه :

منها : موثّقة سماعة : في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة أوّل النهار؟ قال : « يقضيه في آخر النهار ، فإن لم يجد فليقضيه يوم السبت » (٢).

بناء على ظهور القضاء فيما قابل الأداء سيّما مع مقارنته بالقضاء يوم السبت مع القطع بخروجه عن الوقت الموظف.

ومنها : موثقة عبد الله بن بكير : عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة؟ قال : « يغتسل ما بينه وبين الليل فإن فاته اغتسل يوم السبت » (٣) بناء على حمل السؤال على فواته في الوقت المعهود لإتمام النهار كما دلّ عليه الجواب.

وحمله على الأخير يوجبه الجواب بإرادة ما بينه وبين آخر الليل بعيد من العبارة ، والمعنى الأول أقرب إليها جدّا.

ومع حملها على ما ذكرنا ـ كما هو الظاهر منها ـ دلّ على خروج الوقت بانقضاء الزمان المعهود آخذا بظاهر لفظ « الفوات » مع تقرير الإمام عليه ، بل هو أظهر من مطلق التقرير لمكان عود الضمير إلى الجواب إلى الرجل الذي فاته الغسل يوم الجمعة ، فيكون بمنزلة كونه من كلام الإمام.

وقريب من هذه الرواية مرسلة الصدوق ، عن الصادق عليه‌السلام : « إن نسيت الغسل أو فاتك لعلّة فاغتسل بعد العصر أو يوم السبت » (٤) ، بل هي أظهر من جهة أخرى.

ومنها : ما دلّ على بيان الحكمة في (٥) غسل الجمعة ، فإنها يشبه في كون وضعه قبل الصلاة

__________________

(١) في ( ألف ) : « و » بدل « في ».

(٢) تهذيب الأحكام ١ / ١١٣.

(٣) تهذيب الأحكام ١ / ١١٣.

(٤) الهداية : ١٠٣.

(٥) زيادة في ( د ) : « وضع ».

١٧١

أو الزوال.

ومنها : رواية أبي بصير ، عن الرجل يدع غسل الجمعة ناسيا أو متعمّدا؟ فقال عليه‌السلام : « إذا كان ناسيا فقد تمّت صلاته وإن كان متعمّدا فليستغفر الله ولا يعد » (١).

فإنها ظاهرة بل صريحة في تقديمه على الصلاة.

وخبر مرسل عن أبي الحسن عليه‌السلام ، وقد مرّت الإشارة إليها.

فبملاحظة هذه الروايات مع اعتضادها بعمل الأصحاب والإجماع المحكي ـ بل المعلوم كما يظهر من فتاواهم حتى أنه حكي عليه في المعنى إجماع الناس مؤذنا باتفاق العامة والخاصة عليه ـ يظهر قوة ما ذكرناه ، مضافا إلى تأيّده بالاحتياط ، فيقيّد بها سائر الإطلاقات ، و (٢) لا تعارضها ما في الصحيح : « كان أبي يغتسل للجمعة عند الرواح ».

بناء على كون الرواح عديل الصباح ؛ إذ الظاهر ـ بل المتعيّن ـ كونه بمعنى الرواح إلى الجمعة ؛ إذ هو المنساق من العبارة ، وأنّ ظاهرها مداومة على ذلك ، ولا سيّما في التأخير فيداوم عليه.

فيظهر من جميع ذلك ضعف القول بامتداده طول النهار. ويضعّف الوجهان الأخيران (٣) مع عدم ظهور قائل بهما ، عدم انضباط الأول ، فلا يليق بالتحديدات الشرعية ، ومخالفته للأصل والإطلاقات مع عدم ظهور دليل عليه سوى ما قد نصّ دلالته عليه من قوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة : « وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال » (٤).

وفيه : أنها محمولة على إرادة التقديم اليسير من جهة الاطمئنان بوقوع جميعه قبل الزوال.

ويؤيده ما دلّ في الصلاة واختلاف الناس في اجتماع الشرائط وعدمه مع عدم اشتراط

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ١١٦.

(٢) زيادة « و » من ( د ).

(٣) كذا ، والصحيح : « الوجهين الأخيرين ».

(٤) الكافي ٣ / ٤١٧ ، باب التزين يوم الجمعة ، ح ٤.

١٧٢

الغسل بشي‌ء منها.

وما يستفاد من عدة من الأخبار من ارتباط الصلاة بالغسل المذكور لا يفيد بقاء وقته بعد الزوال أيضا ، مع أن الأغلب إيقاع الصلاة في أول الزوال.

هذا ، واعلم أنه قد نصّ جماعة من الأصحاب منهم الشيخان (١) والقاضي (٢) والحلي (٣) والفاضلان (٤) والشهيدان أنه كلّما قرب الغسل من الزوال كان أفضل. وعن ظاهر الخلاف وتذكرة الفقهاء (٥) الإجماع عليه.

وليس في الأخبار ما يفيد ذلك بصريحه (٦) سوى ما في الفقه الرضوي (٧) ؛ لوقوع العبارة المذكورة فيه بعينه ، وهو كاف في إثباته مع فتوى الجماعة به ، والتسامح في أدلة السنن.

وقد أفتى والد الصدوق بذلك في الرسالة فيما حكاه عنه ولده في الفقيه.

وقد ذكر الشهيد رجوع الأصحاب على فتاويه عند إعواز النصوص به (٨) ، مضافا إلى إشارة التعليل المذكور إليه.

ويومى إليه قوله في الصحيحة المتقدمة « وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال » لظهور القبليّة فيما يقاربه ، وللصحيحة الأخرى : « كان أبي يغتسل .. » (٩) إلى آخره ، بناء على أن الغالب فيه الرواح قريب الزوال.

نعم ، لو أراد البكور إلى المسجد لم يبعد القول باستحباب تقديمه عليه ليكون في المسجد

__________________

(١) النهاية : ١٠٤.

(٢) المهذب البارع ١ / ١٠١.

(٣) السرائر ١ / ١٢٤.

(٤) كشف اللثام ١ / ١٣٧.

(٥) تذكرة الفقهاء ٢ / ١٤١.

(٦) زياده : « بصريحه » من ( د ).

(٧) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٢٩.

(٨) لم ترد في ( ب ) : « به ».

(٩) وسائل الشيعة ٣ / ٣١٧ ، باب استحباب غسل الجمعة في السفر والحضر ، ح ٢٢.

١٧٣

على أتم الطهور ، ولئلا يحتاج إلى الخروج لأجل الغسل مع ما فيه من الزحمة في الجوامع العظام.

وفي غير واحد من الأخبار دلالة عليه كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من اغتسل يوم الجمعة ثم بكّر [ وابتكر ، ومشى ولم يركب ] (١) ودنى من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكلّ خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها » (٢).

ولو كان له حاجة إلى الخروج قبل الزوال لم يبعد إذن استحباب التأخير ؛ للإطلاق المتقدم. ولو اتّفق له ذلك مع تقديم الغسل على البكور ، لم يستحب له الإعادة.

__________________

(١) ما أدرجناه زيادة من المصدر.

(٢) بحار الأنوار ٧٨ / ١٢٧ ، باب فضل غسل الجمعة ، ح ١٣.

١٧٤

تبصرة

[ في قضاء الغسل ]

لو فاته الغسل في الوقت المقدر استحب قضاؤه في [ ... ] (١) بلا خلاف فيه بين الطائفة. وقد دلّ عليه النصوص المستفيضة.

نعم ، يوقع الكلام فيه في أمور :

أحدها : في وقته ، فقيل : إنه من الزوال إلى ليلة السبت ، ثم من أوّل يوم السبت إلى آخر النهار. ذهب إليه جماعة منهم الشيخ والحلي والفاضلان وابن سعيد والشهيد.

وقيل بانضمام ليلة السبت إلى ذلك أيضا. واختاره الفاضل في القواعد والشهيد في غير واحد من كتبه ، وابن فهد والمحقّق الكركي والشهيد الثاني وغيرهم.

وقيل باختصاصه يوم السبت. حكي القول به عن القاضي. و (٢) هو ظاهر الفاضلين والشهيد في الشرائع والتلخيص والنفلية. ووجّه الشهيد الثاني في شرح النفلية ذلك بأنه الموجود في النصوص ، ولذا اقتصر عليه.

وهو غريب.

وقيل بانضمام بعد العصر من يوم الجمعة إلى يوم السبت. وحكي القول به (٣) عن ظاهر الصدوقين.

والأقوى هو الأول ؛ للموثقتين المتقدمتين. وظاهرهما سيّما الثانية ثبوت القضاء بعد النهار مطلقا ، فالقول باختصاص القضاء بيوم السبت ساقط جدا ، والأمر بقضائه يوم السبت

__________________

(١) هنا نقص أو سقط في النسخ المخطوطة.

(٢) زيادة الواو من ( د ).

(٣) في ( ألف ) : « القولين » بدل « القول به ».

١٧٥

لا يقضي بعدم ثبوته يوم الجمعة.

والبناء باختصاصه القضاء بما بعد العصرية أيضا مدفوع بالإطلاق. والمرسلة المنقولة في الهداية (١) من الأمر بالاغتسال بعد العصر أو يوم السبت لا يفيد عدم المشروعية قبله.

ويمكن حملها كعبارة الصدوقين على ما هو الغالب من وجود الموانع من الاغتسال بعد الزوال من الاشتغال بالصلاة والتعقيب ونحوهما.

وثبوته ليلة السبت لم يقم عليه دليل ؛ لاختصاص الروايات بالسبت والجمعة. والأولوية المدعاة في محل المنع سيّما مع المخالفة للوقت المضروب.

ودعوى استصحاب جواز الفعل فاسد لثبوت الحكم فيما قبله مقيّدا ، فلا يصح استصحابه.

وشمول يوم السبت له بناء على إرادة مجموع اليوم والليلة منه لا وجه له مع عدم قيام قرينة عليه. وقد عرفت بما ذكرنا الوجه في الأقوال الأخر وضعفها.

ثانيها : مناط تشريع القضاء هل هو مطلق الفوات سواء كان عمدا أو سهوا أو نسيانا أو نحوها أو يختص بالتارك لعذر؟ وجهان ، بل قولان :

فظاهر الأكثر كالشيخ والقاضي والحلي والفاضلان وابن سعيد والشهيدان هو الأول. وفي غير واحد من كتبهم نسبته إلى المشهور.

واعتبر ابن فهد فيه قيام ضرورة على الترك. وعن ظاهر الصدوقين اعتبار العذر. والأظهر الأوّل ؛ لظاهر عدة من الأخبار :

منها : موثقة سماعة المتقدمة.

ومنها : الموثقة الأخرى حيث لم يؤخذ فيه العذر في ترك أصله ، واعتباره في ترك الغسل في قضائه في النهار محمول على بيان أفضلية قضائه في الجمعة على السبت أو أن السائل لمّا كان بصدد تدارك الغسل الفائت ، أمره فقضاؤه آخر النهار ثمّ استدرك على صورة عدم تمكنه منه

__________________

(١) الهداية : ١٠٣.

١٧٦

فأمره إذن بالقضاء يوم السبت.

وربما حمل الرواية على ظاهرها ، وبجعل القضاء يوم السبت منوطا بعدم التمكن منه بعد الزوال من الجمعة بخلاف قضائه في الجمعة ، فكأنه لقربه من وقت الأداء صار بمنزلته.

وربما يظهر القول به من الشيخ في النهاية (١) حيث أطلق القول به في قضائه بعد الزوال.

وقيّد (٢) قضاؤه في السبت بعد التمكن منه بعد الزوال.

واستشكل العلامة في التحرير (٣) في قضائه في السبت مع تركه تهاونا.

وأنت خبير بأن إطلاق موثقة ابن بكير الّتي هي أوضح إسنادا من سائر أخبار الباب دالّ على ثبوت القضاء مطلقا ، وليس في غيره ممّا يعادله في السند والدلالة ما يفيد التقييد ، فلا وجه للتأمّل في الحكم. مضافا إلى انجبار الإطلاق بالشهرة ، والظاهر الاعتبار ؛ إذ مع ثبوت القضاء لا يظهر وجه للفرق بين المتعمد وغيره.

ولا يبعد حمل عبارة النهاية على نحو الرواية ولذا عزا إليه المحقق وغيره القول المشهور.

وتعليق الحكم بالناسي في بعض الأخبار كأنه مبنيّ على الحثّ على الفعل حتى أنه لا ينبغي تركه من الناسي ، فذكر حكمه.

ويؤيده ما في تلك الرواية من الحثّ وأنه لا بد من الإتيان في السفر والحضر.

هذا ، ولو أدرك بعضا من وقت الأداء فهل يكون قضاء مطلقا أو أداء وقضاء؟ وجهان : أوجهها الأول ؛ لسقوط الأمر بالأداء ظاهر [ ا ] ، ويحتمل سقوط القضاء أيضا بناء على خروجه عن ظواهر الأخبار الدالة على ثبوت القضاء إلا أن الأظهر إذن دلالتها عليه بالفحوى ، فتأمّل.

وأما لو أدرك بعضا من وقت القضاء فالظاهر سقوط الفعل كما إذا تمكّن منه قريب غروب الشمس يوم الجمعة أو السبت مما لا يسع الغسل.

__________________

(١) النهاية : ١٠٤.

(٢) في ( ألف ) : « قبل ».

(٣) تحرير الأحكام ١ / ٨٧.

١٧٧

نعم ، يتقوّى الأول جواز إكماله في الوقت الآخر على احتمال يأتي بيانه في المسائل الآتية إن شاء الله.

ولو أخّر بعضا من أفعال الغسل عن وقت الأداء عمدا أو سهوا فالأشبه جواز الإكمال في وقت القضاء ، وهل يختص القضائية بذلك الجزء أو يعمّ الجميع؟ وجهان.

ولو أخّره عن وقت القضاء فالظاهر فساد الغسل إلا أن يؤخره عن وقته الأول ، فيحتمل جواز الإكمال في وقته الآخر كما مرّ.

ثم الظاهر عدم ثبوت القضاء بعد يوم السبت أو بعده من أيام الجمعة ، ولا عامل بظاهره من الأصحاب.

وعن بعضهم احتمال البناء عليه للتسامح في أدلة السنن.

وضعّفه بعض الأفاضل بدلالة ظاهر الأدلة على نفيه.

وإنما يتسامح في أدلتها مع عدم قيام دليل على النفي.

قلت : ولم نجد في الأخبار ما يدلّ على نفي المشروعية منطوقا ولا مفهوما لا بمفهوم اللقب ، ولا حجة فيه.

نعم ، إطباق الأصحاب ظاهر على خلافه ممّا يوهن البناء عليه ، فتأمّل.

ثالثها : أفضل وقت (١) القضاء أوّلها (٢). وهو الظاهر من جماعة من الأصحاب منهم الشيخ والفاضلان والشهيد ؛ للموثقتين المذكورتين ، ولما فيه من المبادرة إلى الامتثال المطلوب في الشرع. مضافا إلى احتمال كونه من وقت الأداء واندراجه في جملة من الإطلاقات ، ولا يعارضه ما يظهر من جماعة من البناء فيه على المنع ؛ لضعف الاحتمال المذكور جدّا ؛ نظرا إلى أقسام الأدلّة الواضحة على فساده ، بخلاف الاحتمال المذكور.

وهل الأفضل من أوقاته ما قرب إلى الزوال أو ما بعد العصر؟ وجهان ؛ لما في الأول من المبادرة إلى الامتثال ، وفي الثاني من الاحتياط ؛ لما يظهر من الصدوقين من المنع من التقديم

__________________

(١) في ( د ) : « وقتي ».

(٢) في ( د ) : « أولهما ».

١٧٨

كما مرّ.

وقد يومي إليه المرسلة المتقدمة ، والأولى ترجيح التأخير.

وأما يوم السبت فظاهر الإطلاقات عدم الفرق بين أجزائه.

نعم ، لا يبعد القول بدلالة أخبار التقديم مهما أمكن من المبادرة إلى الخبر.

وعن جماعة منهم الشهيدان أن كلما قرب إلى الزوال من وقت القضاء فهو أفضل.

ولم نجد مستنده ، وكأنّه مبنيّ على استنباطه من الأداء.

ولا يخفى وهنه.

١٧٩

تبصرة

[ في تقديم غسل الجمعة ]

يستحب تقديم الغسل يوم الخميس لخائف إعواز الماء يوم الجمعة ، بلا خلاف فيه يعرف.

وقد نصّ عليه الصدوقان والشيخ والقاضي والحلبي (١) والفاضلان والشهيدان وغيرهم.

والأصل فيه ما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح ، عن الحسين بن موسى بن جعفر عليه‌السلام ، عن أمه ، وأم أحمد بنت موسى بن جعفر عليه‌السلام ، قال : كنّا مع أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام في البادية ونحن نريد بغداد ، فقال لنا يوم الخميس : « اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فإن الماء فيها غدا قليل » ، قالتا : فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة (٢).

ومرسلة محمد بن الحسين ، عن الصادق عليه‌السلام أنه قال لأصحابه : « إنكم تأتون غدا منزلا ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغد. فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة » (٣).

وفي رواية الفقه : « وإن كنت مسافرا وتخوّفت عدم الماء يوم الجمعة اغتسل يوم الخميس » (٤).

وضعف الأخبار المذكورة مجبور بالعمل بل الإجماع كما يظهر من كشف اللثام حيث عزاه إلى فتوى الأصحاب مؤذنا باتفاقهم عليه.

__________________

(١) في ( ب ) : « الحلّي ».

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ١١١.

(٣) تهذيب الأحكام ١ / ٣٦٥ ، باب الاغتسال وكيفية الغسل من الجنابة ، ح ٢.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٢٩.

١٨٠