تبصرة الفقهاء - ج ٢

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-001-3
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٩٩

الفجر إلى طلوع الشمس » (١).

وفي رواية عبيد بن زرارة كما مرّ : « ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس » (٢).

وفي صحيحة علي بن يقطين : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر وتظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعها (٣) أو يؤخرهما؟ قال : « يؤخرهما » (٤).

فإنّ ظاهر سياقها جواز التأخير إلى ما بعد ظهور الحمرة ، فبعد ظهوره جوازه إلى طلوع الشمس ؛ إذ لا قائل بالفصل.

مضافا إلى الأصل ، ولا قائل (٥) ظاهرا بخروج وقته مع تعمد التأخير.

غاية الأمر أن يكون عاصيا ، فالأصل عدمه حتى يثبت خلافه.

وهو غير ظاهر بعد ملاحظة الأخبار.

فإيراد (٦) بعض المتأخرين (٧) عليه بما حاصله (٨) أن تحديد الأوقات أمر توقيفي ، فلا معنى للرجوع فيه إلى الأصل ، وإنما يرجع فيه إلى الروايات ، والقدر الثابت منها للمختار الامتداد إلى انتشار الصبح والإسفار ، فلا وجه لهذه الأصالة. وهل هي إلا مصادرة؟ بيّن الاندفاع ؛ لما عرفت من عدم خروج الوقت بالنسبة إلى المختار أيضا ، وإن (٩) عصى بالتأخير.

نعم ، ولو (١٠) قيل بخروج الوقت بالنسبة إليه وصيرورته قضاء فيتساوى إتيانه في بقية

__________________

(١) الإستبصار ١ / ٢٧٥ ، باب وقت صلاة الفجر ، ح ٩.

(٢) الإستبصار ١ / ٢٦٠ ، باب آخر وقت الظهر والعصر ، ح ٨.

(٣) في ( د ) : « أيركعهما ».

(٤) وسائل الشيعة ٤ / ٢٦٦ ، باب امتداد وقت ركعتي الفجر بعد طلوعه ، ح ١.

(٥) في ( د ) : « اذ لا قائل ».

(٦) في ( ألف ) : « ما يراد ».

(٧) في هامش ( د ) : « صاحب الحدائق ».

(٨) في ( ب ) : « حاصل ».

(٩) في ( ألف ) : « إن » بلا واو.

(١٠) في ( د ) : « لو ».

٥٢١

الوقت أو تأخيره إلى غيره تمّ (١) ما ذكره إلا أنه مما لا قائل به قطعا.

ويؤيّده بعد ذلك الإجماعين المذكورين والشهرة المعلومة بين الأصحاب حتى أن جماعة من القائلين بالفرق بين وقت المختار ( والمعذور في غيرها من الصلوات قالوا هنا بعدم الفرق.

حجة الشيخ ومن وافقه على امتداد وقت المختار ) (٢) إلى الإسفار ظواهر عدة من الأخبار كالصحيح : « لكلّ صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما ، ووقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ، ولكنه وقت لمن شغل أو نسي أو سها أو نام » (٣).

وفي صحيحة اخرى : « وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ، ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا لكنه وقت لمن شغل أو نسي أو نام » (٤).

ومن ذلك الروايات الواردة في بيان إتيان جبرئيل بالأوقات ، ففي غير واحد منها أنه :

« أتاه في اليوم الثاني حين نور الصبح ، فأمره فصلّى الصبح. ثم قال : ما بينهما وقت » (٥).

وفي آخر أنه : « أتاه من الغد ، فقال : اسفر الفجر فاسفر. ثم قال : ما بين هذين الوقتين وقت » (٦).

وفي صحيحة ليث المرادي : أفلنا في (٧) وقت إلى أن تطلع شعاع الشمس؟ قال : « هيهات! أين تذهب وتلك صلاة الصبيان » (٨).

ورواه الشيخ عن أبي بصير المكفوف باختلاف ما ، وفيه : « ألست في وقت من تلك

__________________

(١) في ( ألف ) : « ثمّ ».

(٢) ما بين الهلالين زيدت من ( د ).

(٣) الإستبصار ١ / ٢٧٧ ، باب وقت صلاة الفجر ، ح ١٤.

(٤) الكافي ٣ / ٢٨٣ ، باب وقت الفجر ، ح ٥.

(٥) الإستبصار ١ / ٢٥٧ ، باب اول وقت الظهر والعصر ، ح ٤٩.

(٦) وسائل الشيعة ٤ / ١٥٨ ، باب أوقات الصلوات الخمس ، ح ٨.

(٧) زيادة : « في » من ( د ).

(٨) من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٣٠ وفيه : « أفلسنا في وقت ».

٥٢٢

الساعة إلى أن تطلع الشمس؟ فقال : لا ، إنما تعدها صلاة الصبيان. ثم قال : لم يكن يحمد الرجل أن يصلي في المسجد ثم يرجع فينبه أهله وصبيانه » (١).

والظاهر اتحاد الخبرين وإن اشتمل الثاني على زيادة واختلاف في المتن.

وفي رواية الزهري المنقول في الاحتجاج عن صاحب الزمان عليه‌السلام : « ملعون ملعون من أخّر الغداة إلى أن ينقضي النجوم » (٢).

وفي كتاب أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى أمراء البلاد : « وصلاتهم الغداة والرجل يعرف وجه مصاحبه » (٣) وكأنه عليه‌السلام أراد به أول ما يعرف فيه ذلك.

وهذه الروايات كما ترى ليس صريحة في المنع عن التأخير ، فليحمل على الاستحباب جمعا بينها وبين الأخبار المتقدمة المنجبرة بعمل الأصحاب.

وفيها أيضا شواهد على الاستحباب كلفظ « لا ينبغي » ، والاكتفاء بمطلق الشغل ولو كان غير ضروري ، فإن الظاهر عدم مزاحمة مثله (٤) للواجب بخلاف المندوب ، وكذا عدّه من صلاة الصبيان شاهد على كونه من أفعال الناقصين دون العاصين ، على أن في كلام الشيخ في التهذيب (٥) ما يدلّ على (٦) ارتفاع الخلاف في ذلك حيث قسّم الواجب إلى ما يستحق بتركه العقاب وما يكون الأولى فعله ولا يستحق بالاخلال به العقاب وإن استحق ضربا من اللوم ، وذكر أن المراد بالوجوب هنا ليس المعنى الأول ، فهذا كالصريح في إرادة الاستحباب فإن حمل كلام غيره عليه ارتفع الخلاف ، وقد أشرنا إليه عند بيان حال الوقتين.

ثم إنّ هذه الأخبار هي الشاهدة على انتهاء وقت الفضيلة بذلك ، والظاهر إطلاق الأصحاب على تحديد وقته الأول فضليّا كان أو اختياريا بذلك.

__________________

(١) الإستبصار ١ / ٢٧٦ ، باب وقت صلاة الفجر ، ح ١٣.

(٢) وسائل الشيعة ٤ / ٢٠١ ، باب تأكد استحباب تأخير العشاء حتى تذهب الحمرة المغربية ، ح ٧.

(٣) نهج البلاغة ٣ / ٨٢ الخطبة ٥٢ وفيه : « وصلوا بهم الغداة والرجل يعرف وجه صاحبه ».

(٤) في ( ألف ) : « مثل ».

(٥) تهذيب الأحكام ٢ / ٤١.

(٦) ليس في ( د ) : « على ».

٥٢٣

ثم هذه الروايات المذكورة مختلفة في التعبير عن الحدّ المذكور ، فإن في بعضها اعتبار أن يتجلل الصبح السماء ، وفي آخر تنوير الصبح ، وفي بعضها الإسفار ، وفي بعضها انقضاء النجوم.

والظاهر تقارب الجميع.

والمعبّر به في كلام جماعة من الأصحاب كالفاضلين (١) (٢) والشهيدين (٣) (٤) وغيرهم التحديد بظهور الحمرة المشرقية.

والظاهر أنهم بنوا على المقاربة (٥) بين الامور المذكورة ؛ فعبّروا بالعلامة المبيّنة ، ولا بأس به إلا أنه قد يختلف (٦) الحال في الحمرة بحسب الأوقات ، فربما يتقدم على المذكورات لبعض العوارض السماوية ، فالقول حينئذ بانقضاء وقت الفضيلة مع عدم حصول الاسفار الذي هو المناط في الحمل ـ على ما دلّت عليه الأخبار ـ محلّ إشكال ، بل الأظهر خلافه ؛ وقوفا مع ظواهر تلك الروايات وحملا لكلام الأصحاب على الغالب.

ثم إنّ هنا إشكالا أورده الفاضل الشيخ محيي الدين ابن تاج الدين علي الشهيد الثاني كما حكاه بعض الأفاضل ، وهو أنّ الأخبار قد دلّت على أنّ بقاء الحمرة المشرقية دليل على عدم غيبوبة الشمس ، فينبغي أن يكون ظهورها دليلا على بروزها.

فأجاب عنه الشهيد بعد إرجاع الأمر إلى النصّ أن (٧) دلالة الحمرة (٨) المشرقية على بقاء الشمس في الجهة الغربية لا يقضي بدلالتها عليها في الجهة المشرقية ، فهي إذن كالشفق الغربي في عدم دلالته على بقاء الشمس في جهته.

__________________

(١) كشف الرموز ١ / ١٢٧.

(٢) كشف اللثام ١ / ١٦١.

(٣) البيان : ٤٩.

(٤) مسالك الإفهام ١ / ١٤٤.

(٥) في ( د ) : « مقارنة ».

(٦) في ( ب ) : « يخلف ».

(٧) في ( ألف ) : « أن لا ».

(٨) في ( ب ) : « لحمرة ».

٥٢٤

قلت : الأصوب في تقرير الإيراد أن يقال : إنه كما جعل الحمرة المشرقية دليلا على بقاء الشمس في الجهة الغربية فينبغي أن يكون ظهورها في جهة المغرب دليلا على طلوع الشمس في الجهة المشرقية ، فكيف لم يعتبروا هنا سوى ظهور القرص؟ وحينئذ فلا يتّجه في ردّه جواب الشهيد.

وقد روى في الدعائم مرسلا ، عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « أول وقت صلاة الفجر اعتراض الفجر في افق المشرق ، وآخر وقتها أن يحمر افق المغرب » (١).

وذلك قبل أن يبدو قرص الشمس في افق المشرق إلا أن الرواية ضعيفة متروكة ، بل الاتفاق منعقد على خلافها ، فلا بدّ من الاقتصار على مورد النصّ ، والبناء هنا على ظهور القرص ، والنصّ هو الفارق بين الأمرين.

والظاهر أن العبرة بظهور أول جزء منه كما هو الظاهر من الإطلاق في المقام دون المركز كما يعتبر أهل النجوم ولا تمامه.

كما قد يقال بأن تعليق الحكم على طلوعها يقضي باعتبار طلوع الجميع ، والعبرة بصدق طلوعها في ذلك المكان ، ولو كان بظهورها في المواضع المرتفعة الحاصلة فيه ، وإن كان خارجا عن المعتاد كالجبال العالية والأبنية المرتفعة جدّا كمنارة الإسكندرية ؛ لصدق الطلوع هناك في ظاهر العرف مع ظهور الشعاع عليها ، ولا يقدر وجود المرتفع مع عدمه.

والفارق بين المقامين هو العرف.

وقد ذكر في المبسوط (٢) تفريعا على القول باعتبار غيبوبة القرص في الغروب أنه لو رأى ضوءها في جبل عال ونحوه ، فإنه يصلّي المغرب ولا يلزمه حكم الطلوع.

وقضية ذلك عدم حكمه بالطلوع في المقام أيضا إلا أن ظاهره الميل إلى ما قلناه في كتاب الصوم منه حيث قال ـ بعد ما حكي عن بعض الأصحاب نحو ما حكيناه عنه ـ : إن الأحوط عندي مراعاة الغيبوبة عن الأبصار في كلّ ما يشاهده.

__________________

(١) دعائم الإسلام ١ / ١٣٩.

(٢) المبسوط ١ / ٧٤.

٥٢٥

تبصرة

[ في معرفة الزوال ]

يعرف الزوال بأمور :

منها : زيادة الظلّ بعد نقصانه ، كما دلّ عليه عدة من الأخبار (١) وهو واضح بحسب الاعتبار أو بحصوله بعد انعدامه كما يتفق في بعض الأحوال في البلاد الجنوبية التي يكون عرضها بقدر الميل الكلي أو دونه.

ومنها : ميل الشمس إلى طرف الحاجب الأيمن لمستقبل قبلة العراق ، كما ذكره جملة منهم الفاضلان (٢) والشهيد في البيان (٣) والمحقق الكركي (٤) وغيرهم.

وعزاه في جامع المقاصد إلى الأصحاب.

وعن المبسوط (٥) إسناده إلى الرواية.

وعن الشرائع (٦) والتحرير (٧) والإرشاد (٨) إطلاق استقبال القبلة من غير تقييد بقبلة العراق.

وكأنه هو المقصود.

__________________

(١) انظر وسائل الشيعة ٤ / ١٦٢ ، باب ما يعرف به زوال الشمس من زيادت الظلل بعد نقصانه ...

(٢) المعتبر ٢ / ٤٩ ، شرائع الإسلام ١ / ٤٧ ، تحرير الأحكام ١ / ١٧٨.

(٣) البيان : ٥٣.

(٤) جامع المقاصد ٢ / ١٣.

(٥) المبسوط ١ / ٧٣.

(٦) شرائع الإسلام ١ / ٤٧.

(٧) تحرير الأحكام ١ / ١٧٨.

(٨) ارشاد الاذهان ١ / ٢٤٣.

٥٢٦

وخصّه بعضهم بأطراف العراق الغربية كالموصل وما والاها.

وعن بعضهم أن هذه الأوساط العراق كالمشهدين الشريفين على مشرفها السلام وبغداد والكوفة والحلة.

قلت : والضابط في المقام هو استقبال نقطة الجنوب ، ولمّا كان قبلة الأطراف الغربية من العراق نقطة الجنوب أو ما يقاربها جدّا صحّت العلامة المذكورة بالنسبة إليها ، وأما ما عداها فإنما يعرف به بعدم الزوال. ولما لم يكن هذه العلامة كاشفة عن الزوال إلا بعد مضيّ زمان منه فلا ضير لو توسّع فيها وجعلت علامة لأهل العراق ؛ إذ قبلتهم إما نقطة الجنوب أو منحرفا عنه إلى المغرب بيسير.

غاية الأمر أن يكون في الثاني كاشفا عن سبق الزوال زيادة على الأول. ولما كان استخراج نقطة الجنوب متعسّرا عند العامة بل الخاصة أيضا في غالب الأحوال بني الأمر على ما هو معلوم عند الكلّ.

وقيّده العلامة في المنتهى (١) والنهاية (٢) بمن كان بمكّة إذا استقبل الركن العراقي.

وكأنه نظر إلى اتّساع الأمر في الجهة بالنسبة إلى سائر البلدان ، فلا ينكشف به الحال بخلاف من كان بمكّة.

ولا يخفى أنه ليس الركن العراقي موضوعا على نقطة الشمال ، وإنما بني فيما بين المشرق والشمال ، فلا ينكشف به الزوال إلا بعد حين كما هو الحال في العراق.

وفي الخبر : « أتاني جبرئيل عليه‌السلام ، فإذا في وقت الظهر حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الأيمن » (٣).

وكأنّه الرواية التي أشار إليها في المبسوط (٤) ، وكأنّه كان حينئذ مستقبل نقطة الجنوب.

__________________

(١) منتهى المطلب ٤ / ٤٣.

(٢) نهاية الإحكام ١ / ٣٣٥.

(٣) وسائل الشيعة ٤ / ١٦١ ، باب أوقات الصلوات الخمس وجملة من أحكامها ح ١٢.

(٤) المبسوط ١ / ٧٣.

٥٢٧

ومنها : ميل رأس الظلّ عن خطّ نصف النهار إلى جهة المشرق ، ويعرف ذلك بالدائرة الهنديّة.

هذا ، وقد روى الصدوق في الفقيه (١) والخصال (٢) بإسناده عن عبد الله بن سنان تعيين مقدار الظلّ الباقي حال الزوال بحسب أوقات السنة ليعرف الزوال بحسبه ، وهي من المتشابهات.

ومن المعلوم أن الظلّ الباقي يختلف بحسب البلدان ، وليس في الرواية ما يدلّ على تعيين البلد المفروض فيه ، ومع ذلك فالرواية غير مطابقة لقواعد الهيئة ، فالأولى التوقف فيها وإرجاع الأمر إلى قائله عليه‌السلام إن صحّ النقل.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٢٣.

(٢) الخصال : ٤٦٠.

٥٢٨

تبصرة

[ في معرفة المغرب ]

يعرف المغرب بذهاب الحمرة المشرقية ، على المعروف بين الأصحاب.

وبه قال العماني (١) كما هو المستفاد من عبارته المنقولة ، والشيخ (٢) وعلاء الدين الحلبي (٣) والطوسي (٤) والحلي (٥) والفاضلان (٦) والشهيدان (٧) والسيوري والمحقق الكركي (٨) وغيرهم.

وحكى الإجماع عليه في السرائر. وفي المعتبر (٩) : إن عليه عمل الأصحاب.

وفي التذكرة (١٠) : إنه المشهور وعليه العمل.

وحكاية الشهرة عليه مستفيضة حكاه في المختلف (١١) وكشف الالتباس وغاية المرام وإرشاد الجعفرية والروض (١٢) ومجمع البرهان (١٣) والحبل المتين (١٤) وغيرها.

__________________

(١) فقه ابن أبي عقيل العماني : ١٦٢.

(٢) المبسوط ١ / ٧٤.

(٣) اشارة السبق : ٨٤.

(٤) الوسيلة : ٨٣.

(٥) السرائر ١ / ١٩٥.

(٦) المعتبر ٢ / ٥١ ، شرائع الإسلام ١ / ٤٧ ، ارشاد الاذهان ١ / ٢٤٣.

(٧) البيان : ٤٩ ، روض الجنان : ١٧٩.

(٨) جامع المقاصد ٢ / ١٧.

(٩) المعتبر ٢ / ٥١.

(١٠) تذكرة الفقهاء ٢ / ٣١٠.

(١١) مختلف الشيعة ٢ / ٣٩.

(١٢) روض الجنان : ١٧٩.

(١٣) مجمع الفائدة والبرهان ٢ / ٢١.

(١٤) حبل المتين : ١٤٢.

٥٢٩

وفي كشف اللثام (١) : إنه مذهب المعظم.

وعن الصدوق في العلل (٢) والإسكافي والشيخ في المبسوط (٣) أن الاعتبار بغيبوبة القرص.

وتبعهم جماعة من المتأخرين منهم صاحب المعالم والكفاية (٤) ومفاتيح الشرائع (٥).

وقوّاه الفاضل الأردبيلي (٦) وتلميذه في المدارك (٧).

ونفى عنه البعد في الحبل المتين (٨). واحتمله صاحب الوافي في كلام الصدوق في الهداية (٩) ، والسيد في الميافارقيات ، والديلمي والقاضي (١٠) والمهذب (١١) وشرح الجمل.

وعن الصدوقين في الرسالة والمقنع (١٢) اعتبار ظهور ثلاثة أنجم. وهو بظاهره لا يوافق شيئا من القولين ، ولا يبعد إرجاعه إلى الأول ؛ إذ الغالب عدم الانفكاك بين الأمرين.

لنا : الأخبار الكثيرة المستفيضة المشتملة على غير واحد من الصحاح المعتضدة بعمل الأصحاب ، منها صحيحة يونس بن يعقوب : متى نفضي (١٣) من عرفات؟ فقال : « إذا ذهبت الحمرة من هاهنا ـ وأشار بيده إلى المشرق ـ إلى مطلع الشمس » (١٤).

__________________

(١) كشف اللثام ١ / ١٥٧.

(٢) علل الشرائع ٢ / ٣٤٩.

(٣) المبسوط ١ / ٧٤.

(٤) كفاية الأحكام ١ / ٧٧.

(٥) في ( د ) : « والمفاتيح ».

(٦) مجمع الفائدة والبرهان ٢ / ٢١.

(٧) مدارك الأحكام ٣ / ٥٠.

(٨) حبل المتين : ١٤٢.

(٩) الهداية : ١٢٩.

(١٠) في ( د ) : « في ».

(١١) المهذب البارع ١ / ٢٨٨.

(١٢) المقنع : ٢٠٥.

(١٣) في ( د ) : « نغض ».

(١٤) تهذيب الأحكام ٥ / ١٨٦ ، باب الإفاضة من عرفات ، ح ١.

٥٣٠

مع ما دلّ عليه من الأخبار والإجمال ، على أن الغاية في المكث هو الغروب.

ومنها : صحيحة زرارة.

وفي رواية عمار الساباطي : « إنما أمرت أبا الخطاب أن يصلي المغرب حين زالت الحمرة من مطلع الشمس ، فجعل هو الحمرة التي من قبل المغرب ، وكان يصلي حين يغيب الشفق » (١).

وفي رواية محمد بن شريح ، عن الصادق عليه‌السلام : سألته عن وقت المغرب؟ فقال : « إذا تغيرت في الافق وقربت الصفرة وقبل أن تشبك النجوم » (٢).

وفي رواية يزيد بن معاوية المروية بطرق عدة : « إذا غابت الحمرة من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها » (٣).

وفي مرسلة ابن أبي عمير القوية : « وقت سقوط القرص ووجوب الافطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة وتتفقده (٤) الحمرة التي ترتفع من المشرق ، فإذا جازت فيه الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الافطار وسقط القرص » (٥).

وفي مرسلة ابن هشيم : « وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق ، وتدري كيف ذلك؟ » قلت : [ لا ، قال : ] (٦) « لأن المشرق مطل (٧) على المغرب هكذا ـ ورفع عينيه فوق يساره ـ فإذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا » (٨).

وفي مكاتبة عبد الله بن وضاح : سأله عن الصلاة والإفطار إذا توارى القرص وأقبل الليل ، ثم زاد الليل ارتفاعا وستر الشمس وارتفع فوق الليل حمرته وأذّن المؤذّنون أو أنه ينظر

__________________

(١) الإستبصار ١ / ٢٦٦ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ٢١.

(٢) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٥٧ ، باب المواقيت ، ح ٦١.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٥٧ ، باب المواقيت ، ح ٥٨.

(٤) في ( د ) : « وتتفقد ».

(٥) الكافي ٣ / ٢٧٩ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ٤ وفيه : « جازت قمة الرأس ».

(٦) الزيادة من المصدر.

(٧) في المخطوطات : « يبطل » ، وما أدرجناه من المصدر.

(٨) الكافي ٣ / ٢٧٨ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ١.

٥٣١

ذهاب الحمرة التي فوق الليل : « أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك » (١).

ويؤيد ذلك ما في رواية يعقوب بن شعيب : « مسوا بالمغرب قليلا ، فإن الشمس تغيب من عندكم قبل أن تغيب من عندنا » (٢).

وصحيحة بكر بن محمد ، عن الصادق عليه‌السلام : أنه سأله سائل عن وقت المغرب؟ فقال :

« إن الله يقول في كتابه لإبراهيم عليه‌السلام : ( فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي ) (٣) ، فهذا أول الوقت » (٤).

وأما حسنة شهاب : « إني احبّ إذا صليت المغرب أن أرى في السماء كوكبا » (٥) فإنه باعتبار رؤية الكوكب بخصوصه لا يظهر قائل به في تحقق الغروب ، فالظاهر حمله على ما يوافق ذهاب الحمرة ، فكأنّ التعبير عنه بذلك لأجل التقية ؛ نظرا إلى الاستيناس للحكم بظاهر الآية الشريفة.

وكذا الحال في اعتبار التمسّي بالمغرب ؛ إذ مجرد مسمّاه مما لم يعتبره أحد في المقام ، فيكون المناط هو ذهاب الحمرة على ما تضمّنه الأخبار المذكورة ، فهي كاشفة عن المراد من الروايات المذكورة ، فبملاحظة هذه الأخبار المتكثّرة المشتملة على المعتبرة المستفيضة المعتضدة بفتوى الطائفة وعملهم بها قديما وحديثا ـ حتى إذا صار من شعار الشيعة يعرفون به عند فرق العامة كحلية المتعة ومسح الرجلين ونحوهما ، مضافا إلى موافقته غالبا للحائطة ، لا يبقى تأمل في المسألة.

وعدم اعتبار مثله في الطلوع لانتفاء الدليل عليه هناك ، بل قيامه على خلافه من النصّ

__________________

(١) نهاية الأفكار ٢ / ٢٤٦ والإستبصار ١ / ٢٦٤ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ١٣.

(٢) الإستبصار ١ / ٢٦٤ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ١٢.

(٣) الأنعام : ٧٦.

(٤) الإستبصار ١ / ٢٦٤ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ١٤.

(٥) علل الشرائع ٢ / ٣٥٠.

٥٣٢

والإجماع لا يقضي بجريانها (١) في المقام مع قيام الدليل عليه هنا.

وحمله عليه مقايسة في مقابلة النصّ.

احتجّوا بالإطلاقات المتكثرة الدالّة على دخول وقت المغرب بمجرد غروب الشمس ، وما دلّ على وجوبه عند وجوب القرص وغيبوبة الحاصلة عرفا ولغة بمجرد خفائه تحت الأرض واستتاره عن الابصار.

وفي الصحيح : متى يدخل (٢) وقت المغرب؟ فقال : « إذا غاب كرسيّها ». قلت : وما كرسيّها؟ قال : « قرصها ». فقلت : متى تغيب قرصها؟ قال : « إذا نظرت إليه فلم تره » (٣).

وروى أبان بن تغلب ، عن جماعة قالوا : أقبلنا من مكة حتى إذا كنّا بوادي الأخضر إذا نحن برجل يصلّي ونحن ننظر إلى شعاع الشمس ، فوجدنا في أنفسنا ، فجعل يصلّي ونحن ندعو عليه ونقول : هو شابّ من شباب أهل المدينة ، فلما أتيناه إذا هو أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام ، فنزلنا وصلّينا معه وقد فاتتنا ركعة ، فلما قضينا الصلاة قمنا إليه فقلنا له : جعلنا الله فداك! هذه الساعة يصلّى؟! فقال : « إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت » (٤).

وروى عبد الله بن زرارة عن الصادق عليه‌السلام أنه سمعته يقول : « صحبني رجل كان يمسي بالمغرب ويغلّس بالفجر ، وكنت أنا اصلّي المغرب إذا غربت الشمس واصلّي الفجر إذا استبان الفجر.

فقال لي الرجل : ما يمنعك أن تصنع مثل ما أصنع؟ فإن الشمس تطلع على قوم قبلنا وتغرب عنّا (٥) وهي طالعة على قوم آخرين بعد. فقلت : إنما علينا أن نصلي إذا وجبت الشمس عنا وإذا طلع الفجر عندنا وعلى أولئك أن يصلّوا إذا غربت الشمس عنهم » (٦).

__________________

(١) في ( د ) : « بجريانه ».

(٢) في ( ب ) : « حتى تدخل ».

(٣) الأمالي ، للصدوق : ١٣٩.

(٤) الأمالي ، للصدوق : ١٤١ وفيه : « بوادي الاجفر ».

(٥) في ( ألف ) : « عنها ».

(٦) الأمالي ، للصدوق : ١٤٠.

٥٣٣

والظاهر أن هذه الرواية لا تزيد على الإطلاق لاحتمال أن يراد بالغروب فيه هو المنكشف بذهاب الحمرة المشرقية.

وكأن الرجل كان يؤخّره عن ذلك لتعليله المذكور. وقد نقل التأخير عنه كذلك عن أبي الخطاب كما ورد في بعض أخبار الباب.

ولعلّ الرجل كان من جملة أتباعه.

والجواب : أما عن الأخبار المطلقة فحملها على المقيدة كما هو مقتضى القاعدة ، وأما ما اشتمل منها على التصريح فبحمله على التقية ؛ إذ ذلك مذهب العامة ، وعليه عملهم.

وهو أوضح محمل في المقام ، وعليه شواهد في الأخبار كما في المكاتبة المتقدمة وحسنة شهاب.

وفي رواية جارود : « ينصحون فلا يقبلون ، وإذا سمعوا الشي‌ء نادوا به أو حدّثوا بشي‌ء أذاعوه. قلت لهم مسّوا بالمغرب قليلا فتركوها حتى اشتبكت النجوم ، فأنا الآن (١) اصلّيها إذا سقط القرص » (٢).

وفيها أقوى شاهد على حمل تلك الأخبار على التقية ، مضافا إلى ما عرفت من موافقتها للمشهور بين الأصحاب في الفتوى والعمل.

ويستفاد من رواية أبان بن تغلب المذكورة كون ذلك شائعا مشهورا بين أصحاب الأئمة عليهم‌السلام كما أنه الآن كذلك.

وما يقال في الجمع بين الأخبار من حمل هذه على دخول الوقت وتلك على فضيلة التأخير مع مخالفته لظاهر المذهب مدفوع بالأخبار الدالّة على فضيلة المبادرة إليها إذا دخل وقتها ، والتأكيدات الواردة في ذلك ، ففي [ حديث : ] « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يؤثر على صلاة المغرب شيئا إذا غربت الشمس حتى يصلّيها » (٣).

__________________

(١) في ( د ) : « إلّا أن ».

(٢) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٥٩ ، باب المواقيت ، ح ٦٩.

(٣) وسائل الشيعة ٤ / ١٨٩ ، باب تأكد استحباب تقديم المغرب في أول وقتها ، ح ٩.

٥٣٤

وفي المرسل : « ملعون من أخّر المغرب طلب فضلها » (١).

وقد ورد في المستفيضة : « أن لها وقتا واحدا بخلاف باقي الفرائض » (٢). وفي غير واحد منها أن وقتها وجوبها تأكيدا في المبادرة إليها ، فتأمل جدّا (٣).

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ / ٣٣ ، باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها ، ح ٥١.

(٢) انظر : الإستبصار ١ / ٢٤٥ ، باب ان لكل صلاة وقتين ، ح ٣.

(٣) في ( د ) : « جيدا ».

٥٣٥

تبصرة

[ في الحمرة ]

المراد بالسبق المعتبر آخر زواله فضيلة المغرب وأول فضيلة العشاء هو الحمرة كما دلّ عليه النصوص المستفيضة ففي الصحيح الشفق الحمرة فسأله عبد الله : أصلحك الله أن يبقى بعد ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض. فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إن الشفق إنما هو الحمرة وليس الضوء من الشفق » (١).

وفي الموثّق كالصحيح : الشفق الحمرة أو البياض؟ فقال : « الحمرة لو كان البياض كان إلى ثلث الليل » (٢).

فالبياض لا عبرة ببقائها ، وكذا الصفرة.

نعم ، إن كانت الصفرة شديدة بحيث يعدّ حمرة عرفا جرى عليه الحكم ، وإن شكّ في التسمية بنافيه على بقاء الحمرة ، ويعرف انتصاف الليل بانحدار الكواكب الطالعة أول الليل كما ذكره بعض الأصحاب.

وروى الصدوق ، عن محمد بن عمر بن حنظلة ، عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « لليل زوال كزوال الشمس ». قلت : فبأي شي‌ء نعرفه؟ قال : « بالنجوم إذا انحدرت » (٣).

وهي محمولة على النجوم الطالعة أول الغروب ، وإلّا لم يمكن (٤) استكشاف الانتصاف بمحض انحدارها عن وسط السماء.

__________________

(١) الكافي ٣ / ٢٨١ ، باب وقت المغرب والعشاء ، الآخرة ، ح ١١.

(٢) الكافي ٣ / ٢٨٠ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ١٠.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٢٧ ، باب معرفة زوال الليل ، ح ١.

(٤) في ( د ) : « يكن ».

٥٣٦

وربما يحمل الانحدار فيها على مقاربة الغروب ، فيراد بها النجوم العالية في جهة المشرق ، فهو إذن علامة تخمينية يحصل القطع منها بعد مضيّ مدة من الانتصاف.

والوجه الأول أقرب إلى التحقيق إلا أنه لا يستعلم به الحال كذلك إلا مع العلم بكون مدار ذلك الكوكب نظير مدار الشمس بحيث يكون قوس نهاره مساويا لقوس ليل الشمس ؛ إذ لو كان أقصر منه حصل الانتصاف بعد الانحدار ، وإلّا كان الانتصاف مقدّما عليه. وربما يطلع الفجر قبله فيحصل العلم بالانتصاف في أوائل حصوله من العلامة المذكورة يتوقّف على ما قلنا إلا أن العلم بها من الأمارات الظاهرة مشكل ، فيشكل إثبات الانتصاف به إلا بعد مضي مدة منه.

وقد يعرف ذلك بملاحظة طلوع الفجر أو غروبه أو قيامه على حسب اختلاف ليالي الشهرة كما قرّره.

وهو أيضا ممّا يختلف بحسب أحوال القمر ، فالعلم منه بالانتصاف إنما يكون بعد مضي مدة منه. وقد يستعلم ذلك بملاحظة مواضع الكواكب حال الغروب وحين طلوع الفجر ، فيجعل ما بينهما وقتا للانتصاف.

ومن الظاهر أنّ تعيين الوسط في الحس على سبيل التخمين. وهو أيضا مما يختلف باختلاف الليالي ، فلا يحصل منها أيضا إلّا بعد (١) مدة.

ومما ذكرنا ينقدح احتمال الاكتفاء في الانتصاف بالظن كما اكتفي به في معرفة سائر الأوقات عند وجود المانع في السماء.

وفيه ضعف ؛ إذ هو مخالف للأصل ، فيقتصر فيه على مورد الدليل.

وأقرب وجوه العلم بالانتصاف على سبيل التحقيق الرجوع إلى الاصطرلاب والساعات المضبوطة ، وهو مما لا يتمكن منه عامة الخلق ، وإنما يكون ذلك حجّة بعد حصول اليقين منها.

__________________

(١) في ( ألف ) : « لأبعد ».

٥٣٧

الثاني

في بيان الأحكام

تبصرة

[ في اليقين بدخول الوقت ]

يجب تحصيل العلم بدخول الوقت في التلبس بالعمل ، فلا يصحّ الفعل مع الجهل بالحال أو الظن به وإن وافق الواقع إذا تمكن من اليقين.

ولا يجوز التعويل حينئذ على الظن على المشهور بين الأصحاب.

وعن مجمع البرهان (١) وكشف اللثام (٢) حكاية الإجماع عليه.

وفي المدارك (٣) : إنه مذهب الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا إلا أنه حكى بعد ذلك خلاف المحقق في جواز التعويل على أذان الثقة.

ويدلّ عليه ـ بعد ما ذكر ـ أصالة عدم حجية الظن في غير ما قام الدليل عليه ، وعدم تحقق التكليف ، فكيف يصحّ قصد الامتثال والتقرّب.

مضافا إلى الأخبار ، ففي حسنة البزنطي المروي في المستطرفات عن نوادره : « إذا كنت شاكّا في الزوال فصلّ ركعتين ، فإذا استيقنت أنها قد زالت بدأت بالفريضة » (٤).

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ / ٥٢.

(٢) كشف اللثام ٣ / ٧٦.

(٣) مدارك الأحكام ٣ / ٩٧.

(٤) وسائل الشيعة ٤ / ٢٧٩ ، باب وجوب العلم بدخول الوقت ، ح ١.

٥٣٨

وفي رواية سماعة : « فإذا استيقنت الزيادة يعني زيادة الفي‌ء فصلّ الظهر » (١).

وفي مرسلة الفقيه : « لأن أصلّي بعد ما مضى الوقت أحب إليّ من أن اصلّي وأنا في شكّ من الوقت وقبل الوقت » (٢).

وفي رواية علي بن جعفر المروية في كتابه وغيره ، عن أخيه موسى عليه‌السلام : في الرجل يسمع الأذان فيصلّي الفجر ولا يدري أطلع أم لا ، غير أنه يظنّ لمكان الأذان أنه طلع؟ قال : « لا يجزيه حتى يعلم أنه قد طلع » (٣).

وفي رواية علي بن مهزيار للمكاتبة (٤) بعد بيان معنى الفجر : « ولا (٥) تصلّ في سفر ولا حضر حتى تتبينه (٦). فإنّ (٧) الله تعالى لم يجعل خلقه في [ شبهة من ] (٨) هذا [ فقال : ]( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٩) الخبر (١٠).

ويدلّ عليه أيضا أن الظن لا يؤمن معه من الخطأ ، وعدم إصابة الواقع فيقبح التعويل عليه عقلا. كذا ذكره العلامة.

وفي المدارك (١١) : إنه ضعيف جدا ؛ إذ القبح لا يقضي بقبح التعويل على الظنّ بل لا يأباه لو قام عليه دليل.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٧ ، باب اوقات الصلاة ، ح ٢٦ وفيه : « فإذا استبنت الزيادة فصلّ الظهر ».

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٢٣ ، باب مواقيت الصلاة ، ح ٦٧١.

(٣) مسائل علي بن جعفر : ١٦١.

(٤) في ( ألف ) : « للمكانية ».

(٥) في ( د ) : « فلا ».

(٦) كما في المصدر وغيره ، وفي المخطوطات : « يثبته ».

(٧) في النسخ المخطوطة : « قال » ، وما أدرجناه من المصدر.

(٨) الزيادة من المصدر.

(٩) البقرة : ١٨٥.

(١٠) الكافي ٣ / ٢٨٢ ، باب وقت الفجر ، ح ١ ، وفيه : « فإن الله تبارك وتعالى لم يجعل خلقه في شبهة من هذا فقال .. ».

(١١) مدارك الأحكام ٣ / ٩٧.

٥٣٩

قلت : الكلام في حكم العقل في المقام قبل قيام الدليل ، وهو مقصود العلامة ، وهو الذي يستقل العقل بقبحه ، ومنعه حينئذ مكابرة ، فتضعيفه لذلك ضعيف جدا.

وعن ظاهر الشيخين الاكتفاء بالظن مطلقا.

وعن المحقق في المعتبر (١) أنه إذا سمع الأذان من بعد يعرف منه الاستظهار قلّده (٢) لقوله : « المؤذن مؤتمن » (٣).

وقطع في الحدائق (٤) بجواز الرجوع إلى المؤذن ، ولو كان من المخالفين.

واكتفى في التذكرة (٥) بأذان الثقة للأعمى.

وحكي عن ظاهر الذكرى (٦) وجماعة من المتأخرين وعن بعض الأصحاب القطع بجواز تقليد العدل العارف للأعمى والعامي الصرف الذي لا يعرف الوقت والممنوع عن عرفانه لحبس أو غيره.

قلت : وهذا كلّه خروج عن مقتضى الأصل وظاهر النصّ ، فلا بدّ من قيام دليل عليه.

وربّما يحتجّ للشيخين برواية ابن رباح الآتية ، ودلالتها عليه غير ظاهرة مع ما فيه (٧) من المناقشة في الإسناد والمخالفة لما عرفت من الأخبار.

واحتجّ في الحدائق (٨) على اعتبار الأذان ولو من غير أهل الايمان بعدّة من الأخبار. والاستناد إليها في غاية الضعف ؛ لضعف استناد المعظم منها وعدم دلالة كثير منها على المقصود.

__________________

(١) المعتبر ٢ / ٦٣ وفيه : من ثقة يعلم منه الاستظهار قلده لقوله عليه‌السلام.

(٢) في ( ألف ) : « تلده ».

(٣) وسائل الشيعة ٥ / ٣٧٨ ، باب جواز التعديل في دخول الوقت ، ح ٢.

(٤) الحدائق الناضرة ٦ / ٢٩٦.

(٥) تذكرة الفقهاء ٢ / ٣٨٣.

(٦) الذكرى ٢ / ٣٩٣.

(٧) في ( د ) : « فيها ».

(٨) الحدائق الناضرة ٦ / ٢٩٦.

٥٤٠