تبصرة الفقهاء - ج ٢

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-001-3
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٩٩

وما يدلّ منها عليه ضعيف الاسناد ، وحمله على التقية في غاية القرب.

ففي رواية محمد بن خالد القسري ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخاف أن اصلّي الجمعة قبل أن تزول الشمس. قال : « إنما ذلك على المؤذّنين » (١) ؛ إذ من المعلوم أن إقامة الجمعة في تلك الأعصار لم يكن على طريقة أهل الخلاف وبعد أذان مؤذّنهم وتلبّسهم بالفعل كيف يمكن التأخير؟

والحجة في جواز الاكتفاء به للأعمى ونحوه عدم تمكنه عن العلم ، فيكتفي بالظن كما هو قالوه في مسألة القبلة ، وهذه الكلية ممنوعة (٢) كيف ، وحصول العلم له من شهادة القرائن وتعدد المخبرين ممكن في الغالب.

نعم ، لو فرض عدم تمكنه منه في بعض الأحوال كان خارجا عن محلّ الكلام ؛ إذ المقصود عدم جواز الاكتفاء به مع التمكن من العلم.

وعن بعض المتأخرين جواز التعويل على أخبار الثقة تعويلا على ما روي من اعتماد الكاظم عليه‌السلام في الحبس على أخبار من وكّله ليرصد له الوقت.

وما روي في الموثق كالصحيح : عن الباقر عليه‌السلام في رجل صلّى الغداة بليل غره من ذلك القمر ونام حتى طلعت الشمس فأخبر أنّه صلّى بليل ، قال : « يعيد صلاته » (٣).

فالتعويل عليه في القضاء يدلّ بالفحوى على التعويل عليه في الأداء.

ويضعّفه أن الرواية الأولى ضعيفة مع أنّها حكاية فعل لا عموم فيها ، فلعلّه عليه‌السلام لم يكن متمكنا من العلم أو يفيد إخباره اليقين بالوقت.

والثانية لم يذكر فيها خصوص التقية ، وتقييدها به ليس بأولى من تقييدها بحصول العلم.

على أنّ المفروض منها وقوع الفعل قبل الوقت.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ / ٣٧٩ ، باب جواز التعويل في دخول الوقت ، ح ٣.

(٢) زيادة : « ممنوعة » من ( د ).

(٣) الكافي ٣ / ٢٨٥ ، باب وقت الصلاة في يوم الغيم الريح ح ٤.

٥٤١

وهل يقبل فيه شهادة العدلين؟ وجهان مبنيّان على أن شهادتها هل تنزّل شرعا منزلة العلم إلا ما خرج بالدليل كما يدّعى استفادته من الأخبار لو يقتصر فيها على موارد الأدلّة ، وحيث لم يقم في المقام فيبنى فيها على العدم. وظاهر المحقق الكركي هو الأول ، فليتأمل.

٥٤٢

تبصرة

[ في التعويل على الظن مع عدم تمكن العلم ]

المشهور جواز التعويل على الظنّ مع عدم التمكن من العلم ، فلا يجب التأخير إلى أن يحصل اليقين.

وبه نصّ الفاضلان (١) والشهيدان (٢) وغيرهم.

وفي الكفاية (٣) والحدائق وغيرهما أنه المشهور.

وفي المدارك (٤) : إنه أشهر القولين ، بل قيل إنه اجماع.

وفيه في كتاب الصوم (٥) : إذ لا خلاف بين علمائنا ظاهرا في جواز الإفطار عند ظنّ الغروب إذا لم يكن للظانّ طريق إلى العلم ، وإنما اختلفوا في وجوب القضاء وعدمه إذا انكشف فساد الظنّ.

وفيه في كتاب الصلاة : إنه لا قائل بالفرق بين جواز الصلاة والإفطار.

وفي تعليق المدارك : إنه قائل بالفصل بين الصوم والصلاة ، وابن الجنيد لم يفرّق قطعا.

وفي الكفاية (٦) : إن ما ذكره من نفي الخلاف غير واضح ، فإنّ أكثر عباراتهم خالية عن التصريح بذلك.

قال : وظاهر التذكرة وجود الخلاف.

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ / ٥٠ ، منتهى المطلب ٤ / ١٣٢.

(٢) مسالك الإفهام ١ / ١٤٧.

(٣) كفاية الأحكام ١ / ٧٨.

(٤) مدارك الأحكام ٣ / ٩٨.

(٥) مدارك الأحكام ٦ / ٩٥.

(٦) كفاية الأحكام ١ / ٢٣٤.

٥٤٣

قلت : قد ذكر في التذكرة (١) أن الإمساك عن الإفطار حتى تتيقّن الغروب أحوط.

وقال أيضا : لو اجتهد وغلب على ظنّه دخول الليل فالأقرب جواز الأكل. ولا يدل ذلك على وجود الخلاف. غاية الأمر أنه يدل على تأمّل منه في الحكم.

نعم ، الظاهر أن الإسكافي إذا لم يقل بالاكتفاء به في الصلاة فالظاهر معه أيضا عن الإفطار ، فالاستناد إلى خلافه مع تصريح صاحب المدارك به ونصّه على عدم الفعل بالفرق بين الأمرين أولى.

وكيف كان ، فالمحكي عن الإسكافي (٢) في المقام عدم جواز الاكتفاء بالظن حيث قال : ليس للشاكّ يوم الغيم ولا غيره أن يصلّي إلا عند تيقّنه بالوقت ، وصلاته في آخر الوقت مع اليقين خير من صلاته مع الشك.

وهو كما ترى غير صريح في المنع.

وفي صلاة المدارك (٣) : إن المسألة محلّ تردّد. وقول ابن الجنيد لا يخلو عن قوّة.

والأظهر الأول ؛ لظواهر عدّة من الأخبار المعتضد بفتوى معظم الفرقة :

منها : ما ورد في الصوم من جواز الإفطار حينئذ. ومن الظاهر اتّحاد وقت الإفطار والصلاة ، فإذا ثبت به الوقت ثبت بالنسبة إلى الأمرين. مضافا إلى ما عرفت من الإجماع ، ففي رواية أبي الصباح : عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيمة ، فأفطر ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب؟ فقال : « قد تم صومه ولا يقضيه » (٤).

وفي صحيحة زرارة : في رجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثم تبصر الشمس بعد ذلك؟ فقال : « ليس عليه قضاء » (٥).

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ٦ / ٧٤.

(٢) نقله عنه في مختلف الشيعة ٢ / ٤٧.

(٣) مدارك الأحكام ٣ / ٩٩.

(٤) من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٢٠ ، باب حكم الصائم يصبح جنبا أو يحتلم نهارا ح ١٩٠١ ، وفيه : « غيم فافطر ».

(٥) تهذيب الأحكام ٤ / ٣١٨ ، باب الزيادات ح ٣٦.

٥٤٤

والظاهر أن المفروض كون ظنه في المقام مع حصول غيم في السماء مثلا ؛ إذ هو الغالب في الفرض المزبور ، فينطبق على محل البحث.

وفي صحيحته الأخرى : « وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيته بعد ذلك وقد صلّيت (١) أعدت (٢) الصلاة ومضى صومك » (٣).

وفي دلالة الأخيرة على المطلوب مناقشة ظاهرة ؛ إذ لم يفرض فيها حصول الظن بالوقت ، فقد يكون على سبيل اليقين ، ولا إطلاق فيها حتى يستند إلى قول الاستفصال ؛ إذ المقصود فيها بيان حال الصلاة إذا وقعت على مقتضى أمر الشرع في الظاهر ، فانكشف الخلاف بعد ذلك.

مضافا إلى عدم فرضه في صورة عدم التمكّن من العلم كما هو المقصود.

إلا أن يقال بظهور إطلاقه في فرض الأمرين.

ومن الغريب مناقشة صاحب المدارك في دلالته ؛ لاحتمال أن يراد بمضي الصوم فساده.

وهو كما ترى.

ومنها : ما دل على الاعتماد على صياح الديك ، ففي الخبر : « إني مؤذن فإذا كان يوم غيم لم أعرف الوقت؟ فقال : إذا صاح الديك ثلاثة أصوات ولاء فقد زالت الشمس ودخل وقت الصلاة » (٤).

وفي الصحيح : عن ابن أبي عمير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لرجل من أصحابنا :

ربما اشتبه الوقت علينا في يوم الغيم؟ فقال : « تعرف هذه الطيور التي تكون عندكم يقال لها الديكة؟ » فقلت : نعم. قال : « إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس ـ أو قال ـ

__________________

(١) في ( ألف ) : « هليت ».

(٢) في المصدر : « أعد ».

(٣) الكافي ٣ / ٢٧٩ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ح ٥.

(٤) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٢٣ ، باب مواقيت الصلاة ح ٦٧٠.

٥٤٥

فصلّه » (١).

وفي ذلك إشارة إلى الاكتفاء بالظن ولو كان ضعيفا ؛ إذ الظن الحاصل من مجرّد ذلك في غاية الضعف.

ومنها : رواية سماعة : سألته عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم نر الشمس ولا القمر ولا النجوم؟ قال : « اجتهد رأيك وتعمّد القبلة جهدك » (٢).

فإنّ إطلاقه يعطي الاكتفاء بالاعتماد في الوقت والقبلة.

وما في المذكورات من ضعف في الإسناد منجبر بالشهرة بل إطباق الأصحاب ، على ما سمعته من عبارة المدارك (٣).

حجة المنع الأخذ بالأصل ؛ لعدم قيام دليل صالح على اعتبار الظنّ فيه ، مضافا إلى الإطلاقات المتقدّمة الدالّة على اعتبار اليقين بدخول الوقت ، وخصوص رواية اسماعيل بن جابر : « إن الله إذا حجب عن عباده عيّن الشمس التي جعلها دليلا على أوقات الصلاة ، فموسّع عليهم تأخير الصلاة ليتبيّن لهم الوقت بظهورها ، ويستيقنوا أنها قد زالت ».

ويدفعه (٤) أن الأصل والإطلاق لا يقاوم الدليل الخاص (٥) ، والرواية المذكورة مع ما فيها من الضعف في الإسناد غير دالّة على وجوب التأخير. غاية الأمر دلالتها على رجحان التأخير إلى اليقين.

ثم إن الأخبار المذكورة فرض كون المانع من استعلام الوقت حصول المانع في السماء ، وأما إذا كان من جهة عدم تمكن المكلف من الاستعلام لمنع مانع ونحوه ، فظاهر جماعة من الأصحاب أنه كذلك ؛ إذ لم يفرّقوا بين الصورتين ، وفي استفادته من الأخبار إشكال إلا أن

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٥٥ ، باب المواقيت ح ٤٧ ، وفيه : « الطيور التي عندكم بالعراق ».

(٢) الكافي ٣ / ٢٨٤ ، باب وقت الصلاة في يوم الغيم والريح ومن صلّى لغير القبلة ح ١.

(٣) انظر : مدارك الأحكام ٣ / ١٣٢.

(٤) في ( ألف ) : « يدفعه » بدون الواو.

(٥) في ( ألف ) : « الحاصل ».

٥٤٦

يدّعى تنقيح المناط في المقام.

هذا كلّه إذا أمكن تحصيل اليقين بالتأخير ، أما مع عدمه فالظاهر أنه مجال للتأمّل في الاكتفاء بالظنّ. ولو لم يمكن تحصيل الظنّ أيضا ففي وجوب تكرار الصلاة بحيث يحصل معه اليقين بأداء كل فعل في وقته أو التخيير أو سقوط الأداء ؛ أخذا بأصالة براءة الذمة في الوقت الأخير الحاضر ولأن الوقت شرط في الصحة ، فمع الشك فيه لا يصحّ الفعل ، بل لا يشرع وجوه أشبهها الأخير.

وإن دار الأمر بين وقتي الصلاتين كالظهرين والعشاءين أو الصبح والظهرين مثلا وجب الإتيان بالأمرين لتحصل اليقين بالفراغ بعد اليقين بالاشتغال.

٥٤٧

تبصرة

[ في الصلاة قبل دخول الوقت ]

لا تصحّ الصلاة قبل دخول الوقت عالما عامدا ، وإن دخل عليه الوقت في الصلاة ؛ إجماعا معلوما ومنقولا في التذكرة (١) والمهذب البارع (٢) وغيرهما.

وربما يوهم عبارة النهاية (٣) بالخلاف فيه حيث قال : من صلّى الفرض قبل دخول الوقت عامدا أو ناسيا ثمّ علم بعد ذلك وجب عليه إعادة الصلاة وإن كان في الصلاة لم يفرغ منها بعد ثم دخل وقتها فقد أجزأت عنه.

وهي محمولة على بيان التفصيل في خصوص الناسي كما حملها في المختلف (٤) أو أراد (٥) بالعامد الظانّ القاصد للفعل كما حكي عن جماعة في حملها (٦).

ويدلّ على حمله على أحد الوجهين أنه نصّ بعد ذلك متصلا به أنه لا يجوز لأحد أن يدخل في الصلاة إلا بعد حصول العلم بدخول وقتها أو أن يغلب على ظنّه ذلك.

ويدلّ عليه ـ بعد ما عرفت من الإجماع ـ النصوص المستفيضة ، وحيث إنها الأصل في عدة من الأحكام الآتية لا بأس بالإشارة إلى عدة منها :

منها : صحيحة عمر بن يزيد : « ليس لأحد أن يصلّي صلاة إلا لوقتها .. » إلى أن قال :

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ٢ / ٣٨٠.

(٢) المهذب البارع ١ / ٣٠١.

(٣) النهاية : ٦٢.

(٤) مختلف الشيعة ٢ / ٤٦.

(٥) في ( ألف ) : « وأراد ».

(٦) في ( ب ) : « وحملها ».

٥٤٨

« وكلّ فريضة إنما تؤدي إذا حلّت » (١).

ومنها : الصحيحة المتقدمة فيمن غره القمر في معرفة الفجر.

وفي صحيحة اخرى : أيزكّي الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة؟ قال : « لا ، أيصلّي الاولى قبل الزوال؟ » (٢).

وفي الصحيح أنه فيمن (٣) صلّى لغير القبلة أو في (٤) غيم لغير الوقت؟ قال : « يعيد » (٥).

وفي الموثق : « من صلّى في غير وقت فلا صلاة » (٦).

وفي موثقة اخرى : « إياك أن تصلّي قبل أن تزول الشمس ، فإنك إن تصلّي في وقت العصر خير لك من أن تصلّي قبل الزوال » (٧).

وفي مرسلة الفقيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ما تقدم ذكره .. إلى غير ذلك.

ويدلّ عليه أنه قبل دخول الوقت لا أمر بالفعل ، فلا يتحقق الامتثال ، ولا يسقط به التكليف المتعلّق به بعد دخول الوقت.

وقد ظهر من ذلك أن تقديم الفعل على الوقت قاض بفساد العمل ، وعدم حصول الامتثال ، من غير فرق بين صورة العمد والسهو والغفلة عن ملاحظة الوقت ، والجهل بالحكم أو الموضوع مع حصول الشكّ أو الظنّ المعتبر أو غير المعتبر إلا في صورة واحدة يأتي الإشارة إليها ؛ لاندراج (٨) الجميع في الأخبار المذكورة ، وقضاء الأصل المذكور بالفساد في الكلّ.

__________________

(١) الكافي ٣ / ٥٢٤ ، باب اوقات الزكاة ، ح ٨.

(٢) الكافي ٣ / ٥٢٤ ، باب اوقات الزكاة ، ح ٩.

(٣) في ( ب ) : « فمن ».

(٤) في ( د ) زيادة : « يوم ».

(٥) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٧٨ ، باب القبلة ، ح ٨٥٥.

(٦) الكافي ٣ / ٢٨٥ ، باب وقت الصلاة في يوم الغيم والريح ح ٦ وفيه : « فلا صلاة له ».

(٧) تهذيب الأحكام ٢ / ١٤١ ، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون ، ح ٧ ، وفيه : « قبل أن تزول ».

(٨) في ( ألف ) : « الاندراج ».

٥٤٩

ولمّا وقع الكلام في كلمات الأصحاب في عدّة من الصور المذكورة فلنشر إلى جملة منها :

منها : ما لو كان جاهلا بالحكم. وعن التذكرة (١) حكاية الإجماع على الفساد.

وعن المختلف (٢) أنه حكي عن السيد إسناده إلى محصّلي أصحابنا ومحقّقيهم.

وعن المهذب البارع (٣) والروض (٤) إسناده إلى الأكثر.

وعن الحلبي في (٥) الكافي (٦) النصّ على صحة صلاة الجاهل إذا دخل عليه الوقت وهو في الصلاة ؛ إذ لا خلاف ظاهر في فساد العمل مع وقوع الجميع خارجا عن الوقت المضروب كما ذكره في الحدائق.

وهو ضعيف لما عرفت.

ومن قضاء الأدلة المذكورة بالفساد مع اعتضادها بالشهرة وعدم وضوح دليل على الصحة ، وحملها على الظانّ على ما سيجي‌ء الكلام فيه قياس. والجهل لا يكون عذرا حتى في صورة العصيان إلا إذا كان جاهلا محضا بحيث يستحيل تعلّق التكليف به سقط عنه المعصية إلا أن ذلك لا يقتضي بالصحة.

نعم ، لو أوقعه الجاهل كذلك من دون مراعاة الوقت إلا أنه اتفق بمصادفة (٧) له في الواقع فالظاهر الصحة ؛ لموافقته للأمر وحصول قصد القربة (٨) سواء كان (٩) من جهة جهله بأصل الوقت أو في صحة الدخول مع الشكّ.

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ٢ / ٢٨٠.

(٢) مختلف الشيعة ٢ / ٤٦.

(٣) المهذب البارع ١ / ٣٠٢.

(٤) روض الجنان : ١٨٧.

(٥) في ( ألف ) : « و » ، بدل « في ».

(٦) الكافي للحلبي : ١٣٧.

(٧) في ( د ) : « بمصادفته ».

(٨) في ( د ) زيادة : « منه ».

(٩) في ( د ) زيادة : « ذلك ».

٥٥٠

وقد نازع في ذلك صاحب الذخيرة (١) فحكم بالبطلان نظرا إلى أن المقارنة الاتفاقية لا عبرة بها في الصحة ؛ إذ لو فرض أن أحد الجاهلين أوقع الفعل خارجا عن الوقت والآخر فيه فإنّ استحقاق الثاني للثواب دون الأول مخالف للعدل مع مساواتهما في الحركات الاختيارية ؛ إذ المفروض أن إيقاعه الثاني في الوقت والأول في خارجه مستندان (٢) إلى محض الاتفاق.

وهو كما ترى ، وله نظائر لا تحصى ، مع أن الفرق بين الصورتين ظاهر مما قلنا ؛ لموافقة فعل الثاني لما أمر به الشارع وقصد الامتثال والقربة ، فليس هناك شي‌ء يقضي بفساد فعله بخلاف ما إذا خالف شيئا من الأجزاء أو الشرائط المعتبرة أو كان متردّدا في الصحة وإيقاع قصد القربة ؛ إذ لا تأمل إذن في الحكم بالفساد.

وما يظهر من بعض المتأخرين البناء على الصحة في مثله أيضا فاسد ، وما يدّعى من دلالة بعض الإطلاقات عليه مما لا يمكن الركون إليه كما فصّل في محله.

ومنها : ما لو كان ناسيا ، فالمعروف فيه الفساد أيضا.

وحكي القول به عن العماني والسيد والشيخ (٣) والفاضلين (٤) والشهيدين (٥) (٦) والمحقق الكركي (٧) وغيرهم.

وعن التذكرة (٨) حكاية الإجماع عليه.

وعن السيد (٩) أنه مذهب المحققين والمحصلين من الأصحاب.

__________________

(١) ذخيرة المعاد ٢ / ٢٠٩.

(٢) في ( د ) : « مستند » ، وفي ( ب ) : « مستندا ».

(٣) المبسوط ١ / ٧٤.

(٤) المعتبر ٢ / ٦٢ ، تحرير الأحكام ١ / ١٨٢.

(٥) في ( ب ) : « الشهيد ».

(٦) روض الجنان : ١٨٧.

(٧) جامع المقاصد ٢ / ٢٨.

(٨) تذكرة الفقهاء ٢ / ٣٨٠.

(٩) رسائل الشريف المرتضى : ٣٥ ، المسألة الرابعة.

٥٥١

وعن الروضة أنه الأشهر.

وفي الحدائق (١) : أنه المشهور بين المتأخرين.

وظاهر العبارة المتقدمة عن النهاية (٢) البناء على الصحة لو دخل عليه الوقت وهو في الصلاة.

وعن المختلف (٣) : أنّه منصوص الحلبي (٤) ، وظاهر كلام القاضي (٥). وحكي ذلك أيضا عن الشهيد في البيان.

واستدلّ للصحة بأن الناسي معذور ومخاطب بالفعل على نحو الظانّ ، فيثبت له الحكم الثابت فيه.

وهو كما ترى ؛ إذ حمله عليه قياس ، والحكم كما عرفت مخالف للأصل ، فلا بدّ فيه من الاقتصار على مورد النصّ. والظاهر أن محل الخلاف ما إذا دخل عليه الوقت في الأثناء ، وأما إذا وقع الجميع خارجا عنه ، فالظاهر عدم الخلاف في الفساد.

وقد نفى عنه الخلاف في جامع المقاصد (٦).

وفي الحدائق : إنه لا خلاف فيه ظاهر.

وفي جامع المقاصد (٧) إن المراد به ناسي مراعاة الوقت. قال : وأطلقه الشهيد على من جرت منه الصلاة حال عدم حضور الوقت بالبال وعلى ما اخترناه ، فالظاهر عدم الفرق بين ناسي الحكم بالنسبة إلى أصل التوقيت أو وجوب مراعاة الوقت وناسي الموضوع والذاهل عن الحكم على أحد الوجهين أو عن الموضوع إلا أن حمل كلام من حكم بالصحة على جميع

__________________

(١) الحدائق الناضرة ٦ / ٢٨٥.

(٢) انظر النهاية : ٦٢.

(٣) مختلف الشيعة ٢ / ٤٨.

(٤) الكافي للحلبي : ١٣٨.

(٥) انظر المهذب ١ / ٧١.

(٦) جامع المقاصد ٢ / ٢٨.

(٧) جامع المقاصد ٢ / ٢٨.

٥٥٢

ذلك غير معلوم.

ومنها : الظانّ بدخول الوقت مع جواز الاعتماد على الظنّ ، فإن انكشف وقوع الصلاة بتمامها خارجا عن الوقت فلا خلاف ظاهر عندنا في فساد الصلاة.

والأخبار المتقدمة وغيرها دالّة عليه.

ولو دخل عليه الوقت وهو في الصلاة ففي الحكم بالصحة قولان ، والأشهر الأظهر البناء عليها وفاقا [ ... ] (١).

وفي السرائر (٢) : به نطقت الأخبار المتواترة.

وفي كشف الرموز (٣) : إنه الأظهر بين الأصحاب.

وحكى الشهرة عليه جماعة منهم السيوري والمحقق الكركي (٤) والشهيد الثاني (٥).

وفي تعليق المدارك : إن عمل الأصحاب على خبر اسماعيل بن رباح.

وعن الاسكافي و (٦) العلامة في المختلف (٧) وابن فهد في الموجز والصيمري في كشفه الحكم بالفساد.

واختاره جماعة منهم ومن (٨) تأخر عنهم منهم الفاضل الأردبيلي (٩) وتلميذه وصاحب المفاتيح وغيرهم.

لنا قويّة اسماعيل بن أبي رباح ، عن الصادق عليه‌السلام قال : « إذا صلّيت وأنت ترى أنك في

__________________

(١) هنا بياض في الأصل.

(٢) السرائر ١ / ٢٠١.

(٣) انظر كشف الرموز ١ / ١٣٠.

(٤) انظر جامع المقاصد ٢ / ٢٩.

(٥) روض الجنان ١٨٧.

(٦) في ( ب ) و ( د ) زيادة : « والسيّد ».

(٧) مختلف الشيعة ٢ / ٤٦.

(٨) في ( د ) : « جماعة ممن ».

(٩) مجمع الفائدة والبرهان ٢ / ٥٣.

٥٥٣

وقت ولم يدخل الوقت فدخل وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك » (١).

وهذه الرواية قد رمتها الجماعة بالضعف ؛ لجهالة اسماعيل المذكور.

وأنت خبير بأنها منجبرة بعمل الأصحاب ، مضافا إلى قوّة الرواية في نفسها ؛ لتقدم ابن أبي عمير الذي من أصحاب الإجماع على اسماعيل المذكور.

ومع ذلك فقد ذكر في شأنه أنه لا يروي إلا عن ثقة ، ففي روايته عنه إشارة إلى وثاقته ، مضافا إلى أن للصدوق في الفقيه (٢) طريقا إليه ، وهو يومي إلى جلالته على أن الرواية مذكورة في عدّة من الكتب المعتبرة ككتاب أحمد بن محمد [ بن ] عيسى ومحمد بن علي بن محبوب والغنية (٣) والكافي (٤) والتهذيب (٥) ، مع أنك قد (٦) عرفت إسناد الحلي ذلك إلى منطوق الأخبار الواردة (٧) المتواترة ، فدلّ ذلك على وجود أخبار اخر صريحة (٨).

وكفى به ناقلا لمضمونها ، ولو فرض توهّمه في دعوى التواتر فلا أقلّ من استفاضتها ، وهي كافية في المقام.

ويؤيّده أيضا مخالفة الحكم لمذهب (٩) أهل الخلاف ، مع أنه لا معارض لها سوى الإطلاقات ، وهي لا تقاوم النصوص.

وربما يستدلّ عليه أيضا بالأصل للحكم بصحة الفعل أولا يستصحب ، وبأن الأمر يقتضي الإجزاء.

__________________

(١) الكافي ٢ / ٢٨٦ ، باب وقت الصلاة في يوم الغيم الريح ، ح ١١.

(٢) انظر من لا يحضره الفقيه ٤ / ٤٤٢.

(٣) لم ترد في ( ب ) : « والغنية ».

(٤) الكافي ٣ / ٢٨٥ ، باب وقت الصلاة في يوم الغيم والريح ح ١١.

(٥) تهذيب الأحكام ٢ / ٣٥ ، باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها ٦١.

(٦) في ( ألف ) « إنك » بدلا من : « مع أنك قد ».

(٧) ليس في ( د ) : « الواردة ».

(٨) في ( د ) زيادة : « فيه ».

(٩) في ( د ) : « مذاهب ».

٥٥٤

وضعفهما ظاهر ؛ إذ كلّ من الصحة والأمر ظاهريّان في المقام ، فلا يحكم بمقتضاهما إلا مع بقاء الجهل بالواقع ، والقول باتحاد الواقع فيه مع الظاهر (١) كما يستفاد من البعض قول بالتصويب ، فلا يوافق مذهب الإمامية.

وإن اريد به الواقعي الثانوي كما هو التحقيق في الحكم الظاهري ، فهو غير الأولى ، ولا يتمّ له ما عناه ؛ إذ يجري فيه ما ذكرناه.

فالمعتمد في المقام هو النصّ المنجبر بما عرف (٢).

حجة القول بعدم الإجزاء الأصل المتقدم ؛ إذ المفروض وقوع بعض الفعل خارجا عن الوقت المضروب ، فيكون الإتيان به قبل تعلّق الأمر به بحسب الواقع ، وهو يقضي بانتفاء الصحة في الواقع ، وعدم امتثاله ما امر به في الواقع ، وإن حكم بالصحة ظاهرا لتعلّق الأمر به في الظاهر ، فيتعيّن الحكم بفساده بعد الانكشاف.

والأخبار المستفيضة الدالّة على فساد الصلاة قبل الوقت الشامل بإطلاقها للمقام.

وضعفها ظاهر ؛ إذ الأصل لا يعارض الدليل ، وكذا الإطلاق ما دل على التقييد.

على أنه قد يناقش في دلالته بعض تلك الإطلاقات على الفساد في المقام.

ثمّ إن الظاهر عدم الفرق بين ما إذا كان دخوله في الفعل مع الظنّ أو العلم بدخول الوقت ، وإن كان المفروض في الجملة (٣) من عبائرهم خصوص الظنّ ، وقد حمل الرأي المذكور في الرواية على الظنّ ، والظاهر خروج ذلك مخرج الغالب ؛ إذ انكشاف الخلاف في الغالب إنما يكون مع الظنّ ، وحمل الرأي في الرواية على خصوص الظنّ لا داعي إليه.

وكأنّ المراد به مطلق الاعتقاد الشامل للعلم أو الظنّ المعتبر ، بناء على اعتبار الظنّ في المقام كما تقدّم القول فيه. ومع الغضّ عن ذلك فلا يبعد دعوى ظهوره في العلم.

هذا كلّه إذا انكشف له الحال بعد الصلاة ، وأما إذا انكشف في أثنائها فإن تبيّن له قبل

__________________

(١) في ( د ) زيادة « أنه لظاهر ».

(٢) في ( د ) : « عرفت ».

(٣) في ( د ) : « جملة ».

٥٥٥

دخول الوقت فالظاهر فساد العمل ؛ لخروجه عن مدلول الرواية.

وقد عرفت مقتضى الأصل والعمومات فيه.

ولا فرق بين ما إذا أدركه الوقت إذا أتمّها على المعتاد أو توقّف ذلك على إطالة الصلاة.

وإن انكشف عليه بعد دخول الوقت ففيه وجهان ؛ من خروجه عن ظاهر النصّ المذكور ، ومن مشاركتها للأخرى في المعنى.

بل قد يقال بكونهما (١) أولى من بعض صورها ، بل قد يقال باندراجها في إطلاق الخبر أيضا.

__________________

(١) في ( ب ) : « بكونه ».

٥٥٦

تبصرة

[ في إدراك المكلّف من أول وقت الصلاة بمقدار الأداء ]

إذا أدرك المكلّف من أول الوقت بمقدار أداء الصلاة جامعا لشرائط الصحة استقرّ التكليف عليه ، فإن عرضه بعد ذلك مانع عن أداء الفعل مطلقا لزمه القضاء كما إذا طرأ الجنون أو إغماء أو جاءها حيض أو نفاس ونحوها وإن لم يدرك تمام الصلاة ، فلا قضاء عليه.

فالكلام هنا في المقامين :

الأول : في ثبوت القضاء في الصورة المذكورة ، ولا (١) يظهر فيه خلاف بين الأصحاب سوى ما يحكى عن المقنع (٢) من أنّها إذا طمثت بعد الزوال ولم تصلّ الظهر لم يكن عليها قضاؤها.

وقد تحمل على ما إذا لم يتّسع الوقت للصلاة وما تتوقف عليه.

وفي كشف اللثام (٣) : أنه إجماع في الظاهر.

وأسنده في المدارك (٤) إلى الأصحاب موذنا باطباقهم عليه.

ويدلّ عليه ـ بعد ذلك ـ العمومات الدالّة على لزوم قضاء الفائت خصوصا من الموثّق في امرأة دخلت وقت الصلاة وهي طاهرة ، فأخّرت الصلاة حتى حاضت. قال : « تقضي إذا طهرت » (٥).

__________________

(١) في ( ألف ) : « لا » بدون الواو.

(٢) المقنع : ٤٩.

(٣) كشف اللثام ١ / ٩٨.

(٤) مدارك الأحكام ٣ / ٩١.

(٥) الإستبصار ١ / ١٤٤ ، باب المرأة تحيض بعد أن دخل عليها وقت الصلاة ، ح (٤٩٣) ١.

٥٥٧

وفي رواية اخرى : عن المرأة طمثت (١) بعد ما تزول الشمس ولم تصلّ الظهر ، هل عليها قضاء تلك الصلاة؟ قال : « نعم » (٢).

فإنّ ظاهر الأول فرض عروض المانع بعد التأخير فكانت تدرك الصلاة لو لا التأخير ، وظاهر الخبر أن في تركها الصلاة في أول الوقت وعروض الحيض لها بعد ذلك ، فينطبقان على المقصود.

مضافا إلى ما عرفت من اعتضادهما بالعمل.

وظاهر كثير من الأصحاب اعتبار معنى مقدار الطهارة والصلاة ، فلا عبرة بإدراك مجرّد أفعال الصلاة من دون الطهارة.

وبه نصّ الفاضلان (٣) والشهيدان (٤) والمحقق الكركي (٥) وصاحب المدارك (٦) والكفاية (٧) وغيرهم.

وفي كشف اللثام (٨) : أنّه ظاهر الأكثر. وتوقّف فيه في نهاية الإحكام (٩) ؛ نظرا إلى توقف الصلاة عليها ، ومن إمكان تقديمها على الوقت. واستثنى فيه ما إذا لم يمكنه التقديم كالمستحاضة والمتيمم.

قلت : وعليه فينبغي استثناء غير القادر قبل الوقت على الماء وإن كان متمكنا منه في أول الوقت ، فلا يذهب عليك ضعف الوجه الأخير ؛ إذ إمكان التقديم لا يقضي بوجوبه عليه

__________________

(١) في ( د ) : « تطمث ».

(٢) الإستبصار ١ / ١٤٤ ، باب المرأة تحيض بعد أن دخل عليها وقت الصلاة ، ح (٤٩٤) ٢.

(٣) المعتبر ٢ / ٤٦ ، تحرير الأحكام ١ / ١٨٠ ، تذكرة الفقهاء ٢ / ٣٢١.

(٤) الذكرى ٢ / ٣٥٢ ، مسالك الإفهام ١ / ١٤٥.

(٥) انظر جامع المقاصد ٢ / ٤٥.

(٦) مدارك الأحكام ٣ / ٩١.

(٧) كفاية الأحكام ١ / ٢٨.

(٨) كشف اللثام ٢ / ١٣٢.

(٩) نهاية الإحكام ١ / ١٢٣.

٥٥٨

حينئذ ، فإذا لم يكن متطهرا لم يكن تعلق التكليف به مع فرض قصور الوقت يستقر في ذمّته فهو كتمكّنه من بعض الفعل من غير تفاوت.

نعم ، لو كان متطهّرا قبل الوقت لم يعتبر مضي (١) مقدارها قطعا ؛ لتمكنه إذن من العبادة.

وقد نبّه عليه العلامة في عدّة من كتبه والشهيدان وغيرهم.

ولا فرق بين علمه قبل الوقت بطروّ تلك الحال وعدمه لعدم وجوب الطهارة قبل الوقت مطلقا كما هو ظاهر الأخبار وفتاوى علمائنا الأخيار.

والظاهر أنه إجماع وإن لم يترك (٢) من مناقشة على بعض الوجوه.

نعم ، لو اتّسع الوقت للطهارة الاضطرارية دون الاختيارية فإن علم أو ظنّ ذلك فالظاهر لزوم الإتيان بها بالاضطرارية ، ولزوم القضاء مع تركها ، وإلّا ففي ثبوت القضاء بانكشاف التمكن حينئذ منها وجهان ، أقواهما العدم كما سيظهر الوجه فيه.

وهو ظاهر الأصحاب حيث إن إطلاقهم إدراك الطهارة في الصلاة (٣) في المقام فينصرف إلى (٤) ذلك إلا أنه مبنيّة على من كان فرضه التيمّم بحسب الظاهر.

ثم إنه نصّ جماعة منهم الشهيدان والمحقق الكركي (٥) على اعتبار التمكن من باقي شرائط الصلاة.

وناقشهم في كشف اللثام بعد قيام دليل عليه لتختصّ به العمومات.

والفرق بينها وبين الطهارة من وجهين :

أحدهما : من جهة توهّم (٦) توقف الصلاة عليها مطلقا دونها.

وثانيهما : أن وجوب الطهارة موقتة كالصلاة بخلاف غيرها.

__________________

(١) زيادة : « مضى » من ( د ).

(٢) في ( د ) : « لم يخل ».

(٣) في ( د ) : « والصلاة ».

(٤) زيادة : « إلى » من ( د ).

(٥) جامع المقاصد ٢ / ٤٥.

(٦) ليس في ( د ) : « توهم ».

٥٥٩

قلت : إن فرض علمه أو ظنّه بذلك فلا تأمل في سقوطها وثبوت القضاء مع الترك. وأما مع عدم ظنّه به فلا تأمل في سقوطها (١) فأيّ الثمرة لعدم توقف الفعل عليه مع الاضطرار؟ والمفروض تكليفه بعمل المختار وعدم صحة العمل فيه مع ترك شي‌ء منها.

وحينئذ فلا يندرج ذلك في الخبرين الدالّين على ثبوت القضاء حسبما عرفت في بيانهما.

وما دلّ على سقوط القضاء عن الحائض والنفساء والمجنون ونحوهما قاض بسقوطه في المقام ؛ إذ المفروض كون الثواب في أول الوقت من جهة طروّ أحد (٢) المذكورات ، وهو مقيّد لإطلاق ما دلّ على لزوم قضاء الفوائت.

والقول بأن تمكّنه من الإتيان به فاقد لتلك الشرائط مع حصول الاضطرار كما هو المفروض قاض بثبوت تكليفه به في الواقع ، وإن سقط عنه في الظاهر من جهة الجهل ، فيكون فواته إذن من تلك الجهة دون أحد تلك الأسباب ولا دليل إذن على سقوط القضاء ، مدفوع بأن الظاهر من ملاحظة العرف إسناد الفوات في الفرض المذكور إلى ما طراه من العارض ، فيندرج فيما دلّ على سقوط القضاء من جهته (٣) ، ومع الغضّ عنه فاندراجه فيما دلّ على ثبوت القضاء غير معلوم أيضا ، و (٤) قضية الأصل عدم الوجوب ، فتأمّل.

هذا (٥) ، مضافا إلى أن ظاهر كلام الأصحاب هو اعتبار إدراكه مقدار الصلاة المشروعة بحسب حاله.

هذا إذا كان مع انتفاء المكنة من الفعل باعتبار عدم اتّساع الوقت لإتيان نفس (٦) المقدمات من الطهارة وغيرها ، وأما إذا كان عدم المكنة من أداء المقدمة لعدم التمكن منه إلا بعد حين ؛ لعدم الماء في أوائل الوقت للطهارة أو التطهير ، فاتفق عروض المانع بعد مضيّ مدة

__________________

(١) خطّ على « فلا تأمل في سقوطها » في ( د ).

(٢) في ( ألف ) : « بل واحد » ، بدلا من : « طرو أحد ».

(٣) في ( ألف ) : « جهة ».

(٤) زيادة الواو من ( ب ).

(٥) لم ترد في ( ب ) : « هذا مضافا ... بحسب حاله » ، وفي ( ألف ) : « هذا إذا كان مضافا ... ».

(٦) في ( د ) : « لنفس ».

٥٦٠