الكركي في عدة من كتبه ، وتلميذه في المسائل (١) الجعفرية.
رابعها : القول بوجوب المسح على تمام الوجه. وحكي القول به عن والد الصدوق. وذكر الشهيد (٢) أنّ (٣) في كلام الجعفي إشعارا به.
وفي مجمع البرهان (٤) : إنه أحوط.
خامسها : التخيير بين مسح الجميع والبعض إلا أنه لا يقتصر على أقل من الجبهة.
واختاره في المعتبر (٥) ، وحكى (٦) عن العماني الميل إليه.
وقرّبه في كشف الرموز (٧) ، واستحسنه في المدارك (٨).
وقد يرجع إلى القول المشهور في تعيين القدر الواجب ، فيكون الخلاف بينهما في استحباب الزائد.
وفيه تأمل.
ثم إن السبب في الخلاف اختلاف روايات الباب ، ففي معظم الأخبار ذكر مسح الوجه الظاهر في مسح جميعه ، وفي جملة منها ذكر المسح على الجبين (٩) مفردا في بعضها ومثنى في البعض.
وفي موثقة زرارة المسح على الجبهة على (١٠) ما رواها الشيخ (١١) في موضع.
__________________
(١) في ( ب ) و ( د ) : « شرح » بدل « المسائل ».
(٢) الذكرى ٢ / ٢٦٤.
(٣) في ( ألف ) : « الشهيدان » بدل : « الشهيد أنّ ».
(٤) مجمع الفائدة والبرهان ١ / ١٠٠.
(٥) المعتبر ١ / ٣٨٤.
(٦) زيادة في ( د ) : « فيه ».
(٧) كشف الرموز ١ / ٩٩.
(٨) مدارك الأحكام ٢ / ٢٣٤.
(٩) الإستبصار ١ / ١٧١ ، باب عدد المرات في التيمّم ح ٢.
(١٠) زيادة : « على » من ( د ).
(١١) الإستبصار ١ / ١٧٠ ، باب كيفية التيمّم ح ٣.
ورواه (١) الكليني في موضع آخر بإسناده عن الكليني (٢) بلفظ الجبين (٣) مكان الجبهة.
فالدليل على المشهور هو الرواية الأخيرة على إحدى روايتيها ، وهي كما ترى لا تنهض حجة عليه.
وقد يحتج عليه بالجمع بين الأخبار بحمل الجبينين والوجه على الجبهة ؛ إذ ليس المراد بالجبين خصوص معناه للإجماع على عدم الاكتفاء به ، وحمل الرواية على بيان بعض الممسوح في مقام البيان بعيد جدّا ، فلا بدّ من إخراجه عن ظاهره.
وحينئذ فليحمل على الجبهة بعلاقة المجاورة ؛ لانطباقه على الرواية المتقدمة ، وانجباره بفهم الأصحاب ، مضافا إلى ذكر الجبين مفردا في غير واحد منها.
ويؤيّده إطلاق (٤) الجبين على الجبهة في غير واحد من الأخبار الواردة في السجود ، و (٥) عليه يحمل (٦) إطلاق الوجه في الأخبار ، سيّما ما دلّ على الاكتفاء فيه بالبعض ، بل قضية ذلك الاكتفاء بمطلق البعض ، فيحمل على خصوص الجبهة في غيره ؛ للإجماع على وجوب مسحها.
مضافا إلى إطلاق الوجه على خصوص الجبهة في بعض أخبار السجود ، وعليه (٧) يحمل إطلاق الوجه في الأخبار سيّما مما دلّ على الاكتفاء فيه.
وأنت خبير بأن ذلك كله لا ينهض حجة على ذلك ؛ إذ حمل الجبين على مجموع الجبهة والجبين أقرب ، مضافا إلى إطلاق (٨) وروده بلفظ التثنية في بعضها ، بل هو كالصريح في خلاف ذلك ، مضافا إلى ورود مسح الوجه باليدين في عدّة من الأخبار ، والجبهة وحدها لا تزيد على
__________________
(١) في ( د ) : « رواها ».
(٢) كذا كرّر لفظ « الكليني » في المقام.
(٣) في ( د ) : « الجبينين ».
(٤) في ( ألف ) : « الخلاف ».
(٥) زيادة : « و » من ( د ).
(٦) في ( ب ) : « بحمل ».
(٧) لم ترد في ( د ) : « وعليه .. الاكتفاء فيه ».
(٨) لم ترد في ( د ) : « إطلاق ».
ثلاث أصابع أو أربع ، فيكون مسح الزائد لغوا.
والبناء على استحباب الزائد خلاف ظاهر تلك الروايات. ويؤيّد ذلك مراعاة الاحتياط لقضاء اليقين (١) بالفراغ ، فعلم بذلك قوة القول بلزوم انضمام الجبين إلى الجبهة.
وأما انضمام الحاجبين فلا دليل عليه سوى ما رواه مرسلا في الفقه ، وهي لا تنهض حجة في مثله إلا أن الأحوط مراعاته.
وأما القول باستيعاب الوجه فالوجه فيه ما عرفت من الروايات. وضعفه ظاهر بعد إعراض الأصحاب عن البناء على ظاهر إطلاقها ، وتنصيص الصحيح على خلافه ، ودلالة المستفيضة على تقييده ، مضافا إلى الإجماع المحكي على عدم وجوب استيعابه.
ومما قلنا يظهر الوجه في القول بالتخيير ، والوجه في ضعفه.
__________________
(١) زيادة في ( د ) : « بالشغل اليقين ».
تبصرة
[ في التيمّم قبل الوقت ]
لا خلاف بيننا في عدم صحة التيمّم للصلاة قبل وقتها ، واختلفوا في صحته (١) لها بعد دخول (٢) وقتها (٣) قبل تضيّق (٤) العمل بالأصل أو بالعارض على أقوال :
أحدها : المنع مطلقا. وهو المعروف بين الأصحاب ، وقد حكي الشهرة عليه في كلام جماعة.
وعن السيد (٥) والشيخ (٦) حكاية الإجماع عليه. وقد حكي القول به عن المفيد والسيد والشيخ في أكثر كتبه ، والديلمي والحلبي والحلي (٧).
ثانيها : القول بالجواز كذلك. وحكي القول به عن الصدوق ، وظاهر الجعفي. وقوّاه العلامة (٨) في غير واحد من كتبه. واستقر به في البيان (٩). واختاره غير واحد من المتأخرين.
ثالثها : التفصيل بين العذر المرجوّ الزوال وغيره. وحكي القول به عن الإسكافي واستجوده المحقق (١٠) ، واختاره العلامة (١١) في عدة من كتبه. وإليه ذهب جماعة من المتأخرين.
__________________
(١) في ( ب ) : « صحّتها ».
(٢) في ( ب ) : « دخوله ».
(٣) في ( ب ) : « الوقت ».
(٤) في ( ألف ) : « تفسير ».
(٥) الناصريات : ١٥٧.
(٦) الخلاف ١ / ١٤٦.
(٧) السرائر ١ / ١٣٥.
(٨) تحرير الأحكام ١ / ١٤٧.
(٩) انظر البيان : ٣٤.
(١٠) انظر المعتبر ١ / ٣٨٢.
(١١) تذكرة الفقهاء ١ / ١٣٧.
حجة القول الأول بعد الإجماع والاحتياط : الروايات المشتملة على المعتبرة المستفيضة كالصحيح : « إذا لم تجد الماء وأردت التيمّم فأخّر التيمّم إلى آخر الوقت ، فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض » (١). وبمعناه موثقة ابن بكير.
وفي موثقته (٢) الأخرى المروية في قرب الإسناد : سألت الصادق عليهالسلام عن رجل أجنب فلم يصيب الماء ، أيتيمم؟ قال : « لا حتى آخر الوقت ، فإن فاته الماء لم تفته الأرض » (٣).
وفي الصحيح : « إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإن خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصلّ في آخر الوقت ولا قضاء عليه ، وليتوضأ لما يستقبل » (٤).
مضافا إلى اعتضادها بالشهرة بين الأصحاب ، ومخالفتها لما هو المعروف بين الجمهور.
وحجة القول الثاني بعد الأصل والإطلاقات الكثيرة الآمرة بالتيمم عند فقد الماء أو عدم الوصلة إليه أو خوف العطش أو حصول المرض وغير ذلك ، ظاهر الآية الشريفة والأخبار المستفيضة الدالّة على أن من تيمّم وصلّى ثم وجد الماء في الوقت لم يلزمه إعادة الصلاة.
وفيها ما يدلّ على التفصيل بين وجدانه في الوقت وخارجه ، ففي الصحيح : قلت للباقر عليهالسلام : وإن أصاب الماء وقد صلّى بتيمم وهو في وقت؟ قال : « تمت (٥) صلاته ولا إعادة عليه » (٦).
وفي الموثق : سألت الصادق عليهالسلام عن رجل تيمم وصلّى ثم بلغ الماء قبل أن يخرج الوقت؟ فقال : « ليس عليه إعادة الصلاة » (٧).
__________________
(١) الكافي ٣ / ٦٣ ، باب وقت الذي يوجب التيمّم ، ح ١.
(٢) في ( ب ) : « موثقة ».
(٣) قرب الإسناد : ١٧٠.
(٤) الإستبصار ١ / ١٥٩ ، باب إن المتيمم إذا وجد الماء لا يجب عليه اعادة الصلاة ، ح ٥٤٨ ـ ١.
(٥) في ( ألف ) : « وقت » بدل : « تمّت ».
(٦) الإستبصار ١ / ١٦٠ ، باب إن المتيمم إذا وجد الماء لا يجب عليه اعادة الصلاة ، ح (٥٥٢) ٥.
(٧) الإستبصار ١ / ١٦٠ ، باب إن المتيمم إذا وجد الماء لا يجب عليه إعادة الصلاة ، ح ٥٥٥ ـ ٨.
وفي [ آخر ] : سألت الصادق عليهالسلام عن الرجل في السفر لا يجد الماء تيمم وصلّى ثم أتى الماء وعليه شيء من الوقت ، يمضي على صلاته أم يتوضأ ويعيد الصلاة؟ قال : « يمضي على صلاته ، فإنّ رب الماء هو رب التراب » (١).
وبمعناه موثقة عليّ بن أسباط ، عن عمّه ، عن الصادق عليهالسلام (٢).
وفي صحيحة يعقوب بن يقطين : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجل تيمم وصلّى فأصاب بعد صلاته ماء ليتوضأ (٣) ويعيد الصلاة ، أم يجزيه صلاته؟ قال : « إذا وجد الماء قبل أن يمضي الوقت توضّأ وأعاد ، فإن مضى الوقت فلا إعادة عليه » (٤).
فهذه الأخبار وما بمعناها صريحة الدلالة على صحة التيمّم في السعة ، وحملها على وقوع التيمّم في السعة على ظنّ الضيق أو وقوعه لغير الصلاة الواجبة مما تضيق وقته بعيد جدّا لا داعي إليه سوى ظواهر الأخبار المتقدمة.
وحملها على الندب أظهر جدّا من الحمل المذكور ؛ لسهولة الخطب في حمل الأمر والنهي على الندب أو الكراهة.
وفي تلك الأخبار ما يومي إلى الكراهة ، ففي قوية محمد بن حمران ، عن الصادق عليهالسلام : قلت له : رجل تيمم ثم دخل في الصلاة وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ، ثم يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة؟ قال : « يمضى في الصلاة » (٥).
واعلم أنه ليس ينبغي لأحد أن يتيمم إلا في آخر الوقت ، فإنه مع إيماء لفظة « لا ينبغي » إلى الكراهة لا يخلو عن ظهور فيها بمقتضى المقام ، حيث أطلق الحكم بصحة الصلاة الواقعة بالتيمم المفروض ، ولو لا البناء على الصحة لوجب الاستفصال سيّما مع استظهار وقوعه في
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ / ٣٦٩ ، باب عدم وجوب إعادة الصلاة الواقعة بالتيمم ، ح ١٣.
(٢) تهذيب الأحكام ١ / ١٩٥ ، باب التيمّم واحكامه ح ٣٧.
(٣) في ( د ) : « أيتوضّأ » بدل : « ليتوضّأ ».
(٤) الإستبصار ١ / ١٦٠ ، باب إن المتيمم إذا وجد الماء لا يجب عليه اعادة الصلاة ، ح ٥٥١ ـ ٤ باختلاف يسير.
(٥) الإستبصار ١ / ١٦٦ ، باب من دخل في الصلاة يتيمم ثم وجد الماء ، ح ٥٧٥ ـ ١.
السعة.
ومما يؤيد القول المذكور عدّة من الإطلاقات المشتملة على الصحاح الدالّة على صحة الصلاة الواقعة بالتيمم من غير حاجة إلى الإعادة بعد وجدان الماء الشاملة لما إذا وقع التيمّم في السعة من غير استفصال في الجواب ، مع إطلاق السؤال ، بل ظهوره في غير الضيق :
منها : صحيحة العيص ، عن رجل يأتي الماء وهو جنب وقد صلّى؟ قال : « يغتسل ولا يعيد الصلاة » (١).
وصحيحة محمد بن مسلم ، عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد وصلّى ثم وجد الماء؟ فقال : « لا يعيد إن ربّ الماء ربّ الصعيد ، وقد فعل أحد الطهورين » (٢).
وفي التعليل إيماء إلى اتحاد حكم الترابية والمائية ، ففيها تأييد للحكم المذكور من تلك الجهة أيضا كغيرها من الأخبار الدالّة عليها كعموم التشبيه في قوله : « إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا » (٣) ، أو عموم المنزلة في قوله : « إنما هو بمنزلة الماء » (٤).
ونحو ذلك ، مضافا إلى إطلاق ظاهر رواية السكوني الدالّة على الاكتفاء بالطلب في الغلوة أو الغلوتين عدّة من الروايات الحاكمة بصحة الصلاة الواقعة بالتيمم إذا وجد الماء في أثنائها ، وفي غير واحد منها التفصيل بين الدخول في الركوع وعدمه.
وحملها على صورة وقوع التيمّم في الضيق بعيد عن ظواهرها. فبملاحظة جميع ذلك يظهر ضعف القول الأول.
و (٥) مجرد اعتضاد تلك الأخبار بمخالفة العامة والشهرة المدعاة لا يقضي بترجيحها ، والاستناد إلى الإجماع موهون بشهرة الخلاف فيه.
__________________
(١) الإستبصار ١ / ١٦١ ، باب الجنب إذا تيمم وصلى هل تجب عليه الإعادة أم لا ، ح ٥٥٦ ـ ١.
(٢) تهذيب الأحكام ١ / ١٩٧ ، باب التيمّم وأحكامه ح ٤٥.
(٣) الكافي ٣ / ٦٦ ، باب الرجل يكون معه الماء القليل في السفر ويخاف العطش ح ٣.
(٤) تهذيب الأحكام ١ / ٢٠٠ ، باب التيمّم وأحكامه ح ٥٥.
(٥) في ( ب ) : « بمجرّد » بدل « ومجرّد ».
حجة القول الثالث الجمع بين الأخبار المذكورة مع إشعار معظم ما دلّ على المنع في السعة برجاء حصول الماء بعد ذلك ، فيقيّد سائر الإطلاقات بخصوص ذلك ، بل لا دلالة واضحة فيها على الجواز في غير تلك الصورة ؛ إذ ليست مسوقة لبيان ذلك.
وفيه أن مفاد تلك الروايات لزوم تأخير التيمّم مع احتمال تحصيل الماء بعد ذلك ، ولو كان بعيدا ، وهو غير رجاء الحصول ، فلا ينطبق على مقصودهم.
قلت : قوة الأخبار الدالّة على التوسعة في الجملة مع اعتضادها بما عرفت مما لا ينبغي الريب فيها ، مضافا إلى انتفاء الفائدة في التأخير مع القطع بعدم وجود الماء ، مع تفويت فضيلة أول الوقت ، وعدم وجود دليل واضح على اعتبار الضيق كذلك ، وبعد البناء على ضعف القول المذكور لا وجه لحمل الأخبار المذكورة إلا على صورة رجاء الحصول ؛ إذ القول بالتفصيل ظاهر سوى ذلك ، وإن استوجه الشهيد الثاني في الروض (١) التفصيل بين العلم وعدمه إلا أنه لم يفت به ، فيدور الأمر إذن بين القول بالتفصيل أو التوسعة المطلقة ؛ حملا لتلك الأخبار على الاستحباب.
وحينئذ فيبنى على ثبوته بمجرد الاحتمال كما هو ظاهر إطلاقها. والأول أحوط بل أقوى.
[ تنبيهات ]
وهاهنا امور ينبغي الإشارة إليها :
أحدها : ظاهر الأصحاب عدم الفرق بين كون العذر المسوغ للتيمم فقدان الماء أو سائر الأعضاء المسوغة من المرض ، ونحوه غيره ، فلا فرق بينهما على القولين.
وفي الروض (٢) : الإجماع منعقد على عدم التفصيل بالتأخير للفاقد دون المريض خائف الضرر ، بل الجواز مطلقا أو وجوب التأخير مطلقا مع الرجاء أو بدونه ، فالقول بالتفصيل
__________________
(١) انظر روض الجنان : ١٢٢.
(٢) روض الجنان : ١٢٢.
على هذا الوجه احداث قول مبطل لما حصل لنا الإجماع عليه. انتهى.
ويظهر من الحدائق (١) اختيار التفصيل المذكور ؛ استضعافا للإجماع المذكور ، وأخذا بظاهر الأخبار الدالّة على التضيق ؛ لاختصاص معظمها بفاقد الماء ، فيحمل مطلقها عليه ، ويبنى فيما عداه على التوسعة المطلقة ؛ أخذا بالإطلاقات وبما دلّ على فضيلة أول الوقت.
وهو كما ترى ؛ إذ مع الغضّ عن الإجماع المذكور لا داعي إلى حمل المطلق هنا على المقيّد لانتفاء المعارضة ، مضافا إلى ظهور تنقيح المناط ، فالوجه البناء على الإطلاق.
ومنه يظهر أيضا ضعف القول بإطلاق المضايقة.
ثانيهما : لو دخل وقت الصلاة وهو على تيممه ففي جواز .. (٢).
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٤ / ٣٦١.
(٢) العبارة مبتورة في النسخ المخطوطة.
الباب الخامس
في أحكام الأموات
وفيه مقدمة ومباحث وخاتمة :
المقدمة
في بيان أحكام المرض والاحتضار
تبصرة
[ في الصبر على المرض ]
يستحب الصبر على المرض وترك الجزع ، فإن المرض من مواهب الله سبحانه ومحنة على المؤمن.
روى الجابر الجعفي ، عن الباقر عليهالسلام أنه قال : « إذا أحبّ الله عبدا نظر إليه ، فإذا نظر إليه أتحفه من ثلاثة بواحدة : إما صداع وإما حمى وإما رمد » (١).
وعن رسول الله صلىاللهعليهوآله : « حمى ليلة كفارة سنة » (٢).
ونحوه عن الصادق عليهالسلام قال : « وذلك أن (٣) ألمها يبقى في الجسد إلى سنة » (٤).
__________________
(١) الخصال : ١٣.
(٢) وسائل الشيعة ٢ / ٤٠٣ ، باب استحباب احتساب المريض والصبر عليه ، ح ٢٢.
(٣) في المصدر : « لأن ».
(٤) علل الشرائع ١ / ٢٩٧.
وعنه عليهالسلام : « صداع ليلة تحطّ كلّ الخطيئة (١) إلا الكبائر » (٢).
وعنه عليهالسلام : « حمى ليلة كفارة لما قبلها وما بعدها » (٣).
وعنه صلىاللهعليهوآله : « إن المرض ينقى (٤) الجسد من الذنوب كما يذهب الكير خبث الحديد ، وإذا مرض الصبيّ كان مرضه كفّارة لوالديه » (٥).
وعن الصادق عليهالسلام : « من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها وأدّى إلى الله كانت له كفّارة ستّين سنة ». قال : قلت : وما قبلها بقبولها؟ قال : « صبر على ما كان فيها » (٦).
وعنه عليهالسلام : « أيّما رجل اشتكى فصبر واحتسب كتب الله له من الأجر أجر ألف شهيد » (٧).
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « للمريض أربع خصال يرفع (٨) الله عنه القلم ويأمر الله الملك يكتب له كلّ فضل كان يعمله في صحته ويتبع مرضه كل عضو في جسده فيستخرج ذنوبه منه ، فإن مات مات مغفورا له » (٩).
وعنه صلىاللهعليهوآله : « إذا مرض المسلم كتب الله له كأحسن ما كان يعمله في صحته وتساقطت ذنوبه كما يتساقط ورق الشجر » (١٠).
وعنه صلىاللهعليهوآله : « أربعة يستأنفون العمل : المريض إذا برء والمشرك إذا أسلم » (١١) الخبر.
__________________
(١) في ( د ) : « خطيئة ».
(٢) ثواب الاعمال : ١٩٣.
(٣) الكافي ٣ / ١١٤ ، باب ثواب المرض ، ح ١٠.
(٤) في ( د ) : « ينغّي ».
(٥) بحار الأنوار ٧٨ / ١٩٧.
(٦) ثواب الاعمال : ١٩٣.
(٧) وسائل الشيعة ٢ / ٤٠٣ ، باب استحباب المرض والصبر عليه ح ٢٣.
(٨) في ( د ) : « يوقع ».
(٩) ثواب الأعمال : ١٩٣.
(١٠) ثواب الأعمال : ١٩٤.
(١١) دعائم الإسلام ١ / ١٧٩.
وعن الباقر عليهالسلام : « إن النبي صلىاللهعليهوآله قال لأصحابه يوما : ملعون كلّ مال لا يزكّى ، ملعون كل جسد لا يزكى ، ولو في كل أربعين يوما مرة. فقيل : يا رسول الله! أما زكاة المال فقد عرفناها ، فما زكاة الأجساد؟ قال : لهم أن يصاب بآفة. قال : فتغيّرت وجوه القوم الذين سمعوا ذلك منه ، فلمّا رآهم قد تغيّرت ألوانهم قال لهم : هل تدرون ما عنيت بقولي؟ قالوا : لا يا رسول الله! قال : الرجل يخدش الخدش وينكب النكبة ويعثر العثرة ويمرض المرضة ويشاك الشوكة وما أشبه ذلك » حتى ذكر في آخر حديثه « اختلاج العين » (١).
وعن الرضا صلىاللهعليهوآله : « ما سلب أحد كريمته إلا عوضه الله منه الجنّة » (٢).
وفي الأخبار المستفيضة (٣) أنّ المرض يطهّر المؤمن من الذنوب وأنه لا أجر فيه.
فعن أمير المؤمنين (٤) عليهالسلام : « المرض لا أجر فيه ولكن لا يدع على العبد ذنبا إلا حطّه وإنما الأجر في القول باللسان والعمل بالجوارح » (٥).
والظاهر أنه عليهالسلام أراد بذلك الأجر إن ما (٦) يترتب على إظهاره الشكر والصبر ونحوهما من الأعمال القولية أو الفعلية دون نفس المرض.
وقد روي عنه عليهالسلام أنه عاد سلمان فقال له : « يا سلمان! ما من أحد من شيعتنا يصيبه وجع إلا بذنب قد سبق منه ، وذلك الوجع (٧) تطهير له ». قال سلمان : فليس لنا في شيء من ذلك أجر خلا التطهير؟
قال علي عليهالسلام : « يا سلمان! لكم الأجر بالصبر عليه والتضرّع إلى الله والدعاء (٨) له بهما
__________________
(١) قرب الإسناد : ٦٨.
(٢) قرب الإسناد : ٣٨٩.
(٣) ثواب الأعمال : ١٩٢ ، قال : « إن المؤمن إذا حم حمى واحدة تناثرت الذنوب منه كورق الشجر ... ».
(٤) في ( د ) : « مولانا أمير المؤمنين ».
(٥) الأمالي للشيخ طوسي : ٦٠٢.
(٦) في ( ب ) : « إنما ».
(٧) في ( ألف ) : « الوجف ».
(٨) في ( د ) : « الدعاة ».
تكتب لكم الحسنات وترفع لكم الدرجات ، وأما (١) الوجع خاصّة فهو تطهير وكفّارة » (٢).
وروى السيد في النهج أنه عليهالسلام قال لبعض أصحابه في علة اعتلها : « جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيّئاتك ، فإن المرض لا أجر فيه ولكنه يحطّ السيئات ويحتّها حتّ الأوراق ، إنما الأجر في القول باللسان والعمل بالأيدي والأقدام » (٣).
وبنى السيد قدّس سره كلامه عليهالسلام على الفرق بين الأجر والعوض ، فإن الأجر إنما يكون في مقابلة الأفعال الاختيارية الصادرة من العبد ، والعوض أعم منه ، فقد يكون بإزاء فعل الله بالعبد من الآلام والأسقام.
وهذا التوجيه بعيد عن ظاهر الأخبار المذكورة إلا أنه يناسب الجمع بين الأخبار ؛ لدلالة الأخبار المستفيضة أيضا على حصول الأجر به ، فعن النبي صلىاللهعليهوآله : « يا على! أنين المريض تسبيح وصياحه تهليل ونومه على فراشه (٤) عبادة وتقلّبه جنبا إلى جنب فكأنما جاهد (٥) عدوّ الله ويمشي في الناس وما عليه ذنب » (٦).
وعن عبد الله بن أبي يعفور ، قال : شكوت إلى أبي عبد الله عليهالسلام ما التي من الأوجاع وكان سقاما (٧). فقال لي : « يا عبد الله! لو يعلم المؤمن ما له من الأجر في المصائب لتمنّى أن يقرض بالمقاريض » (٨).
وعنه عليهالسلام أيضا : « سهر ليلة في العلة التي يصيب المؤمن عبادة سنة » (٩).
__________________
(١) في ( د ) : « فأما ».
(٢) وسائل الشيعة ٢ / ٤٠٣ ، باب استحباب احتساب المرض والصبر عليه ، ح ٢٠.
(٣) نهج البلاغة ٤ / ١٢.
(٤) في ( د ) : « فراش ».
(٥) في ( د ) : « يجاهد ».
(٦) بحار الأنوار ٧٨ / ١٨٩.
(٧) في ( د ) : « مسقاما ».
(٨) الكافي ٢ / ٢٥٥ ، باب شدة ابتلاء المؤمن ، ح ١٥.
(٩) وسائل الشيعة ٢ / ٤٠٣ ، باب استحباب احتساب المرض والصبر عليه ، ح ٢١.
وعنه عليهالسلام : « إن الله تبارك وتعالى ليتعاهد المؤمن بالبلاء إما بمرض في جسده أو بمصيبة في أهل ومال أو مصيبة من مصائب الدنيا ليأجر عليها » (١).
وقال عليهالسلام : « ما من مؤمن إلا وهو يذكر في كل أربعين يوما ببلاء إما في ماله أو ولده أو في نفسه فيؤجر عليه ، وهو (٢) لا يدرى أين هو » (٣).
وعن أبي جعفر عليهالسلام : « حمى ليلة تعدل عبادة سنة ، وحمى ليلتين تعدل عبادة سنتين ، وحمى ثلاث تعدل عبادة سبعين سنة » (٤).
فعلى ما ذكرنا يكون المراد بالأجر في رواية ابن أبي يعفور مطلق العوض.
ويمكن الجمع بينها بإرادة ترتب الأجر في هذه الأخبار على الصبر وإظهار الشكر ونحوها دون نفس المرض حسب ما أشار إليه عليهالسلام في الرواية المتقدمة ، وكأنّ هذا أوفق بظاهر الأخبار في مقام المنع.
ويستحب له أيضا ترك الشكوى ، فعن النبي صلىاللهعليهوآله : « من مرض يوما وليلة فلم يشك إلى عوّاده (٥) بعثه الله يوم القيامة مع إبراهيم خليل الرحمن عليهالسلام حتى يجوز الصراط كالبرق اللامع » (٦).
ويظهر من غير واحد من الأخبار أن المراد بالشكوى تعظيم ما ابتلي به من المرض وتشديد أمره دون مجرّد بيان ما فيه.
فعن الصادق عليهالسلام : « إن الشكوى أن تقول قد ابتليت بما لم يبتل به أحد أو تقول لقد أصابني ما لم يصب أحدا وليس الشكوى أن تقول : سهرت البارحة وحممت اليوم ونحو
__________________
(١) كتاب المؤمن : ٢٢.
(٢) في ( د ) : « هم ».
(٣) بحار الأنوار ٦٤ / ٢٣٦.
(٤) الكافي ٣ / ١١٤ ، باب ثواب المرض ، ح ٩.
(٥) في ( د ) : « اعواده ».
(٦) من لا يحضره الفقيه ٤ / ١٦.
هذا » (١).
وعنه عليهالسلام : « ليست الشكاية أن يقول الرجل : مرضت البارحة (٢) ولكن الشكاية أن يقول ابتليت بما لم يبتل به أحد » (٣).
وقد ينزّل الخبران على أن مجرد الإخبار بالواقع ليس بشكاية ، وإنما الشكوى هو المشتكى (٤) عن حال المرض ، ولو كان ذلك بيان الواقع سواء كان بيان الواقع مقصودا له أيضا أو لم يتعلق قصده إلا بالشكاية ، بخلاف ما إذا لم يقصد إلا بيان الواقع.
ويستفاد من بعض الأخبار رجحان عدم الإظهار مطلقا ، فعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « من كتم مرضا (٥) أصابه ثلاثة أيام من الناس ، وشكى إلى الله عزوجل كان حقّا على الله أن يعافيه منه » (٦).
وعن الباقر عليهالسلام : « ألا اخبركم بخمس خصال هي (٧) من البر ، والبر يدعو إلى الجنة؟ » ، قلت : بلى. قال : « إخفاء المصيبة وكتمانها .. » (٨) الخبر.
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « أربعة من كنوز الجنة (٩) : كتمان الحاجة وكتمان الصدقة وكتمان المرض وكتمان المصيبة » (١٠).
وفي لفظ آخر عنه صلىاللهعليهوآله : « أربع من كنوز الجنة ... » وعدّ منها كتمان الوجع (١١).
__________________
(١) الكافي ٣ / ١١٦ ، باب حد الشكاية ، ح ١.
(٢) في المصدر زيادة : « أو وعكت البارحة ».
(٣) معاني الأخبار : ٢٥٣.
(٤) في ( د ) : « التشكي ».
(٥) في المصدر : « وجعا ».
(٦) الخصال : ٦٣٠.
(٧) ليس في ( ب ) : « هي ».
(٨) المحاسن ١ / ٩.
(٩) في المصدر : « البر ».
(١٠) الأمالي ، للمفيد : ٨.
(١١) بحار الأنوار ٧٨ / ٢٠٨.
وربّما يظهر من بعض الأخبار رجحان الصبر على المرض والرضا به بحيث لا يريد من الله سبحانه رفع ذلك عنه ، فلا يدعو لنفسه برفع ذلك البلاء ، بل يكون راضيا بما رضي الله له. فعن الباقر عليهالسلام قال : « قال علي بن الحسين عليهالسلام : مرضت مرضا شديدا فقال أبي : ما تشتهي؟ فقلت : أشتهى أن أكون ممن لا أقترح على الله ربي ما يدبّره لي. فقال لي : أحسنت! ضاهيت إبراهيم الخليل عليهالسلام حيث قال جبرئيل : هل من حاجة؟ فقال : لا أقترح على ربي بل حسبي الله ونعم الوكيل » (١).
ولا ينافي ذلك استحباب الدعاء بالشفاء وكشف البلاء ، فإن ذلك مقام وذاك مقام آخر لكل منهما جهة أمرية.
ويستفاد من بعض الأخبار الرخصة في الشكاية إلى إخوانه المؤمنين ويخصّص المنع من الشكاية بغيرهم. فعن الصادق عليهالسلام : « إذا نزلت بك نازلة فلا ... » (٢).
وينبغي (٣) أن يتذكر الموت ليعزم على الطاعات وترك الأسواء ، فتغير حاله مما هو عليه إذا عافاه الله تعالى من مرضه. قال الصادق عليهالسلام : « إذا اشتكى العبد ثم عوفي فلم يحدث خيرا ولم يكف عن سوء لقيت الملائكة بعضها بعضا يعني حفظته. فقالت : إن فلانا داويناه فلم ينفعه الدواء » (٤).
وأن لا يراجع الأطباء في مرضه إلا عند الحاجة ، فقد روي عنه عليهالسلام : « تجنب الدواء ما احتمل بدنك الدواء (٥) فإذا لم يحتمل الدواء فالدواء » (٦).
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٦ / ٦٧.
(٢) تحف العقول : ٣٧٩ ، والرواية هي : « إذا نزلت بك نازلة فلا تشكها إلى أحد من أهل الخلاف ولكن اذكرها لبعض اخوانك ».
(٣) في ( د ) : « وينبغي له ».
(٤) الأمالي للشيخ الطوسي : ٥١٧.
(٥) في ( د ) : « الداء ».
(٦) وسائل الشيعة ٢ / ٤٠٩ ، باب استحباب ترك المداواة مع إمكان الصبر ، ح ٥.
وعن الكاظم عليهالسلام : « اتقوا (١) معالجة الأطباء ما اندفع الداء عنكم ، فإنه بمنزلة البناء قليله يجرّ إلى كثيره » (٢).
وأن لا يطرح نفسه على الأرض ويخلد إلى النوم على الفراش ما استطاع القيام ؛ لما في النهج عنه عليهالسلام أنه قال : « امش بدائك ما أمشى (٣) بك » (٤) قال : « لا تضطجع ما استطعت القيام مع العلة » (٥).
ويدعو بالدعوات المأثورة للمريض ولخصوص بعض الأمراض ، وأن يستشفي (٦) بالتربة الحسينية ـ على مشرّفها السلام ـ على الوجه المقرّر في محله ، وأن يستعمل الدواء عند الحاجة إليه.
فعن الصادق عليهالسلام : « إن نبيا من الأنبياء مرض ، فقال : لا أتداوى حتى يكون الذي أمرضني هو يشفيني. فأوحى الله عزوجل إليه : لا أشفيك حتّى تتداوى فإن الشفاء مني » (٧).
وأن يدعو لنفسه بالشفاء ، فعن العالم عليهالسلام أنه قال : « لكل داء دواء » فسئل عن ذلك ، فقال : « لكل داء دعاء » (٨).
وأن يتصدق بما تيسّر له ، فإن الصدقة من أعظم ما تدفع به البليّة.
« وأن يعطي السائل بيده ، ويأمر السائل أن يدعو له » (٩) كما روى الصادق عليهالسلام.
ويستحب السعي في قضاء حاجة المريض سيّما إذا كان من أهل بيته. فعن النبي صلىاللهعليهوآله :
__________________
(١) في المصدر : « ادفعوا ».
(٢) علل الشرائع ٢ / ٤٦٥.
(٣) في المصدر : « مشى ».
(٤) نهج البلاغة ٤ / ٧.
(٥) بحار الأنوار ٧٨ / ٢٠٤.
(٦) في ( د ) : « يستسقي ».
(٧) بحار الأنوار ٧٨ / ٢١٢ ومكارم الاخلاق : ٤١٧.
(٨) فقه الرضا عليهالسلام : ٢٠ ، وفيه : « وسألته عن ذلك ».
(٩) الكافي ٤ / ٣ ، باب فضل الصدقة ح ٩.
« من سعى لمريض في حاجة قضاها أو لم يقضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه » فقال رجل من الأنصار : بأبي أنت وأمي يا رسول الله! فإن كان المريض من أهل بيته أو ليس ذلك (١) أجرا إذا سعى في حاجة أهل بيته؟ قال : « نعم » (٢).
وأن يطعمه ما يشتهيه إذا لم يكن مضرّا بحاله ، فعن النبي صلىاللهعليهوآله : « من أطعم مريضا شهواته أطعمه الله من ثمار الجنة » (٣).
ويكره أن يتمرض من غير علة.
قيل للصادق عليهالسلام : أيؤجر الخلق كلهم من الناس؟ قال : « ألق منهم التارك للسؤاك » .. إلى أن قال : « والمتمرّض من غير علة والمتشمّت (٤) من غير مصيبة » .. إلى أن قال : « وهو كما قال الله عزوجل : ( إِنْ هُمْ إِلّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) (٥) (٦).
__________________
(١) زيادة في ( د ) : « أعظم ».
(٢) وسائل الشيعة ٢ / ٤٢٨ ، باب استحباب السعي في قضاء حاجة الضرير والمريض ، ح ١.
(٣) بحار الأنوار ٧٨ / ٢٢٤ وفيه : « شهوته ».
(٤) في ( د ) : « متشعث ».
(٥) الفرقان : ٤٤.
(٦) الخصال : ٤٠٩ وفيه : « أترى هذا الخلق كله من الناس ».
تبصرة
[ في عيادة المريض ]
يستحب عيادة المريض ، فعن رسول الله صلىاللهعليهوآله : « من عاد مريضا نادى مناد من السماء باسمه : يا فلان! طبت (١) وطاب ممشاك تبوّأت من الجنة منزلا » (٢).
وعنه صلىاللهعليهوآله (٣) ما من رجل يعود مريضا ممسيا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح ، وكان له خريف في الجنة » (٤).
وعنه صلىاللهعليهوآله : « ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمشي ، وإذا عاده عشاء (٥) صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ، وكان له خراف في الجنة » (٦).
وعنه صلىاللهعليهوآله : « من عاد مريضا فله لكل خطوة خطاها حتى رجع إلى منزله سبعون ألف ألف حسنة ومحى (٧) عنه سبعون ألف ألف سيئة ، ويرفع له سبعون ألف ألف درجة ، [ و ] وكّل به سبعون ألف ألف ملك يعودونه في قبره ويستغفرون له إلى يوم القيامة » (٨).
__________________
(١) في ( د ) : « طيب ».
(٢) فقه السنة ١ / ٤٨٩ ؛ قرب الأسناد : ١٣.
(٣) زيادة : « وعنه صلىاللهعليهوآله » من ( د ).
(٤) وسائل الشيعة ٢ / ٤١٩ ، باب تأكد استحباب العيادة ، ح ٣.
(٥) في ( د ) : « مشاعا ».
(٦) بحار الأنوار ٧٨ / ٢٢١ ، باب ثواب عيادة المريض ، ح ٨.
(٧) في ( د ) : « يمحى ».
(٨) ثواب الأعمال : ٢٩٢.
وعنه صلىاللهعليهوآله : « يعير (١) الله عزوجل من عباده (٢) يوم القيامة ، فيقول : عبدي! ما منعك إذ مرضت أن تعودني؟ فيقول : سبحانك! أنت ربّ العباد لا تألم ولا تمرض. فيقول : مرض أخوك المؤمن فلم تعده ، وعزّتي وجلالي! لو عدته لوجدتني عنده ، ثم لتكفّلت بحوائجك فقضيتها لك ، وذلك من كرامة عبدي المؤمن وأنا الرحمن الرحيم » (٣).
وروي أن أبا موسى الأشعري عاد الحسن عليهالسلام فقال له علي عليهالسلام : « أما إنه لا يمنعنا ما في أنفسنا عليك أن نحدّثك بما سمعنا أنه من عاد مريضا شيّعه سبعون ألف ملك كلهم يستغفرون له إن كان مصبحا حتى يمسي وإن كان مساء حتى يصبح وكان له خريف في الجنة » (٤).
وعن مولانا الباقر عليهالسلام : « أيما مؤمن عاد مؤمنا خاض الرحمة خوضا فإذا جلس غمرته الرحمة ، فإذا انصرف وكّل الله سبعين ألف ملك كلهم (٥) يستغفرون له ويترحمون عليه ويقولون : طبت وطابت لك الجنة إلى تلك الساعة من غد ، وكان له ـ يا أبا حمزة ـ خريف في الجنة » قلت : ما الخريف جعلت فداك؟ قال : « زاوية في الجنة يسير الراكب فيها أربعين عاما » (٦).
وعن الصادق عليهالسلام : « من عاد مريضا في الله لم يسأل المريض للعائد شيئا إلا استجاب الله له » (٧).
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة المتجاوزة حدّ الإحصاء.
هذا ولنتمّم (٨) الكلام في المقام برسم امور :
__________________
(١) في ( ألف ) : « يصبر ».
(٢) في ( ب ) : « عياده ».
(٣) بحار الأنوار ٧ / ٣٠٤ ، باب خصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها ، ح ٧٥.
(٤) الأمالي ، الشيخ الطوسي : ٦٣٥.
(٥) ليس في ( د ) : « كلهم ».
(٦) الكافي ٣ / ١٢٠ ، باب ثواب عيادة المريض ، ح ٣.
(٧) ثواب الأعمال : ١٩٤.
(٨) في ( ب ) : « ولنتم ».