المهذّب

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٧
الجزء ١ الجزء ٢

وإذا حلف لا يأكل لبنا فأكل سمنا لم يحنث فإن أكل زبدا وكان في الزبد لبن ظاهر حنث؟ وان لم يكن فيه لبن أو كان مستهلكا لم يحنث.

« باب كفارة نقض النذر والعهد »

. كفارة نقض النذر والعهد عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا؟ وهذه الكفارة يجب على وجه التخيير أي شي‌ء فعله المكفر منها كان مجزيا له فان عجز عن جميع ذلك كان عليه صوم ثمانية عشر يوما؟ فان لم يقدر على ذلك أطعم عشرة مساكين أو كساهم؟ فان لم يقدر على ذلك تصدق بما قدر عليه ، فان لم يقدر على شي‌ء على وجه من الوجوه استغفر الله تعالى ولا يعود الى مثل ذلك.

« باب كفارة الظهار والإيلاء ».

هذه الكفارة عتق رقبة ، فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فان لم يقدر على ذلك اطعم ستين مسكينا؟ وهي واجبة على الترتيب فلا يجوز للمكفر أن يعدل عن العتق الى الصوم الا بعد العجز عن العتق ، ولا يجوز له العدول عن الصوم إلى الإطعام الا بعد العجز عن ذلك ، فان عدل عن العتق الى الصوم أو عدل عن الصوم إلى الإطعام من غير عجز عن ذلك لم يجزأه وكان عليه ان يكفر بما وجب عليه أولا فأولا على الترتيب الذي ذكرناه دون التخيير.

فان جامع المظاهر قبل التكفير كان عليه كفارة أخرى (١) الى ان يكفر؟واما كفارة الإيلاء فهي كفارة اليمين وقد سلف ذكرها.

« باب كفارة الحلف بالبرائه من الله

أو رسوله أو أحد الأئمة عليهم‌السلام »

هذه الكفارة مثل كفارة الظهار؟ فان لم يقدر على كفارة الظهار كان عليه كفارة يمين.

__________________

(١) زاد في هامش نسخة ( ب ) هنا « وكلما جامع قبل التكفير كان عليه كفارة أخرى.

٤٢١

« باب كفارة من أفطر في يوم من شهر رمضان متعمدا »

« أو أفطر بعد الزوال في يوم يقضيه عن يوم من شهر رمضان »

كفارة من أفطر متعمدا في يوم من شهر رمضان ، عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا؟ وهذه الكفارة تجب على وجه التخيير ، ايها فعل المكفر كان ذلك مجزيا له.

فأما كفارة من أفطر بعد الزوال في يوم يقضيه عن يوم من شهر رمضان فهي كفارة من أفطر في يوم من شهر رمضان وقد ذكر (١) ان كفارة ذلك كفارة يمين.

وروى انه ليس عليه شي‌ء؟ (٢) والذي قدمناه أحوط على كل حال ، فإن أفطر في هذا اليوم قبل الزوال لم يكن عليه شي‌ء.

« باب كفارة قتل العمد والخطاء »

كفارة قتل العمد هي عتق رقبة وإطعام ستين مسكينا وصوم شهرين متتابعين بعد عفو أولياء الدم عن القود ورضاهم بأخذ الدية.

وهذه الكفارة تجب على الجمع ولا يجوز الاقتصار على واحد منها ، فان اقتصر المكفر على واحدة منهما لم يجزئه ذلك ولم يكن مكفرا.

واما كفارة قتل الخطاء فهي عتق رقبة فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين فان لم يقدر على ذلك فإطعام ستين مسكينا؟ وهذه الكفارة تجب على الترتيب الذي ذكرناه ولا يجوز على وجه التخيير.

__________________

(١) ذكره الشيخ في النهاية.

(٢) الوسائل الباب ٢٩ من أبواب أحكام شهر رمضان من كتاب الصوم قلت النصوص الواردة في التكفير خاصة بالجماع دون ما دل على عدمه فيمكن الجمع بينهما بذلك ودعوى عدم الفرق بين الإفطار بالجماع وغيره مجازفة لا سيما وقد ورد في الصحيح منع المسافر شديدا عن الجماع دون غيره مستدلا فيه بأن السنة لا تقاس كما في الوسائل الباب ١٣ من أبواب من يصح منه الصوم.

٤٢٢

« باب كفارة من وطأ زوجته أو أمته في الحيض »

إذا وطأ رجل زوجته في أول الحيض كانت كفارته عن ذلك دينارا واحدا قيمته عشرة دراهم جيادا ، وان وطأها في وسط الحيض كفر عن ذلك بنصف دينار ، وان وطأها في آخره كفر عن ذلك بربع دينار وقد سلف ذكر ذلك.

واما كفارة وطء الأمة في الحيض فهي ثلاثة أمداد من طعام يدفعها المكفر إلى ثلاثة مساكين لكل واحد منهم مد واحد.

« باب كفارة العجز عن صوم الشهرين المتتابعين »

كفارة من عجز عن ذلك ، صوم ثمانية عشر يوما ، فان لم يستطع ذلك تصدق عن كل يوم بمد من طعام ، فان لم يقدر على ذلك استغفر الله تعالى ولم يكن عليه شي‌ء بعد ذلك.

« باب كفارة من تزوج امرأة في عدتها »

كفارة هذا المتزوج في العدة خمسة أصوع من دقيق بعد ان يفارقها. (١)

« باب كفارة من نام عن صلاة العشاء الأخيرة »

إذا نام الإنسان عن صلاة العشاء الأخيرة حتى جاز نصف الليل كانت كفارته عن ذلك صوم اليوم الذي يصبح من تلك الليلة فيه.

« باب كفارة من ترك صلاة الكسوف »

كفارة من ترك هذه الصلاة هي الاغتسال وقضاء الصلاة بعد ذلك؟! وهذه الكفارة انما يثبت بشرط العمد لترك هذه الصلاة مع احتراق جميع القرص.

__________________

(١) ذكره جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في النهاية لكن المذكور في النص تزوج امرأة ولها زوج وفيه أيضا ان هذا إذا لم ترفع القضية الى الامام أي الحاكم والله العالم.

٤٢٣

« باب كفارة من نظر الى المصلوب بعد ثلاثة أيام »

كفارة النظر الى المصلوب هي استغفار الله تعالى من ذلك والاغتسال ، وهذه الكفارة إنما تفعل إذا مضى الإنسان إلى المصلوب متعمدا وقاصدا الى ذلك وقد مضى له مصلوبا ثلاثة أيام ، فإن نظر اليه على خلاف ما ذكرناه لم يكن عليه شي‌ء.

« باب كفارة من يشق ثوبه في موت ولده أو زوجته »

هذه الكفارة هي كفارة يمين ، فان شق ذلك في موت والد أو والدة أو أخ وما أشبه ذلك لم يكن عليه شي‌ء.

« باب كفارة لطم المرأة وجهها في مصاب أو جزها لشعرها في ذلك »

الكفارة على هذا الفعل هي كفارة يمين وليس يلزم الا بشرط : وهو ان تلطم المرأة وجهها في مصاب وتخدشه حتى تدميه ، فان لم ينته الى هذا الحد فلا كفارة عليها.

فان جزت شعرها في ذلك ، كانت الكفارة فيه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا أو صوم شهرين متتابعين.

« باب كفارة قتل السيد مملوكه أو ضربه فوق الحد »

كفارة هذا القاتل لمملوكه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا مخيرا في ذلك (١) وعليه مع ذلك التوبة فاما كفارة ضربه له فوق الحد فهي عتقه له إذا فعل ذلك.

__________________

(١) ظاهره ما إذا قتله عمدا أو أعم منه ومن الخطاء لكن الظاهر من بعض النصوص كما في الوسائل الباب ٢٩ من أبواب الكفارات أنه في العمد يجب الجمع بين هذه الخصال كقتل غير العبد وهو الظاهر من المصنف أيضا فيما يأتي من القصاص

٤٢٤

« باب يلحق بما ذكرناه من الكفارات »

إذا وجب على المكفر صيام شهرين متتابعين في شي‌ء من الكفارات فصام الشهر الأول ومن الشهر الثاني ، شيئا آخر ثم أفطر لغير علة كان مخطئا (١) وجاز له ان يبنى على ذلك ويتمم الشهر وان كان صام الأول ولم يصم من الثاني شيئا وأفطر ، كان عليه استئناف الصوم من اوله؟! وكذلك : يجب عليه إذا أفطر في بعض أيام الشهر الأول وان أفطر قبل ان يصوم من الشهر الثاني شيئا (٢) لعلة كان له ان يبنى على ما مضى

ومن وجبت عليه كفارة مرتبة وعجز عن العتق ثم انتقل الى الصوم فصام شيئا ثم قدر على عتق الرقبة جاز له إتمام الصوم ولم يلزمه الرجوع الى العتق؟ فان رجع الى العتق وعدل عن الصوم كان أفضل.

فأما ما يلزم المحرم من الكفارات على جناياته فقد سلف ذكره في كتاب الحج فمن احتاج الى المعرفة بذلك نظره في الموضع الذي ذكرناه.

__________________

(١) ظاهره من الخطاء هنا الإثم لكن يظهر من بعض نصوصه عدمه قال في الشرائع وهل يأثم مع الإفطار فيه تردد أشبهه عدم الإثم.

(٢) الظاهر ان مراده أعم مما إذا صام الأول كله أو بعضه وذلك لإطلاق النصوص والتصريح بالثاني في بعضها كما في الوسائل الباب ٣ من أبواب بقية الصوم الواجب.

٤٢٥

« كتاب الأطعمة والأشربة والصيد والذباحة »

قال الله تعالى « إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً » الآيات (١)

وروى عن النبي (ص) انه قال : من أهون أهل النار عذابا ابن جذعان فقيل له ولم ذلك يا رسول الله قال : كان يطعم الطعام (٢).

وعنه (ع) : ان أعرابيا قال له يا رسول الله علمني عملا أدخل به الجنة ، فقال له : اطعم الطعام وأفش السلام وصل بالليل والناس نيام؟ قال : لا أطيق ذلك قال :فهل لك إبل قال : نعم قال : فانظر بعيرا منها فاسق عليه أهل بيت لا يشربون الماء الا غبا (٣) فلعلك لا ينفق (٤) بعيرك ولا يتحرق (٥) سقاؤك حتى يجب لك الجنة.

__________________

(١) سورة الدهر الآية ـ ٥

(٢) النصوص الواردة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام في فضل إطعام المسلم وخصوصا المؤمن وتأكد ذلك وكذا سقيهم وإضافتهم كثيرة جدا متضافرة يصعب إحصائها وهي مبثوثة في الوافي والبحار والوسائل ومستدركها في كتاب العشرة وفعل المعروف والأطعمة وغيرها وربما عقدوا لها عدة أبواب بمناسبة خاصة واما الاخبار النبوية المذكورة في المتن فقد رواها مع غيرها في دعائم الإسلام ج ٢ كتاب الأطعمة ورواها عنه في المستدرك في موارد مختلفة تناسب أبوابها.

(٣) أي ليس لهم ماء الا قليل فيشربون يوما ويوما لا

(٤) نفقت الدابة اى هلكت

(٥) الظاهر انه بالخاء المعجمة من الخرق بمعنى الشق وفي الدعائم لا يتمزق وهو بمعناه.

٤٢٦

وقال (ص) : لا يضيف الضيف الا كل مؤمن ومن مكارم الأخلاق قرى الضيف وحد الضيافة ثلاثة أيام فما كان أكثر من ذلك فهو صدقة.

وقال : من أكل طعاما لم يدع إليه فإنما يأكل في جوفه شعلة من نار.

وقال الصادق (ع) لبعض أصحابه ما يمنعك ان تعتق كل يوم رقبة قال لا يحتمل ذلك مالي جعلت فداك قال : فأطعم كل يوم رجلا مؤمنا ، موسرا كان أو معسرا؟ ان الموسر قد يشتهي الطعام وذكر باقي الحديث (١).

« باب أقسام الأطعمة والأشربة »

الأطعمة ضربان :حيوان وغير حيوان ـ والحيوان على ثلاثة أضرب : مباح ومحرم ومكروه.

فالمباح هو كل ما كان ذكيا من الإبل والبقر والغنم والطير الحلال أكله ويتميز ذلك بذكرنا ما لم يحرم اكله (٢) وسيأتي ذكر ذلك بمشيئة الله تعالى ومن ذلك (٣) ما كان جلالا واستبرأ بعد ذلك الجلال من الإبل بأربعين يوما ، والبقر بعشرين يوما ، والحمل والشاة بعشرة أيام ، وكل ما شرب من هذه الأجناس خمرا ثم ذبح غسل بالماء (٤)؟

__________________

(١) دعائم الإسلام في الباب المذكور والوسائل الباب ٢٦ و ٢٩ من الأطعمة والبحار باب إطعام المؤمن من كتاب العشرة على اختلاف يسير في لفظه ولم أجد للحديث باقيا في آخره

(٢) الصواب « ما يحرم »

(٣) اى من المباح الحيوان الجلال بعد الاستبراء لكن يأتي انه مكروه فكأنه أراد بالمباح هنا أعم منه

(٤) اى غسل لحمه واما ما في بطنه فيأتي انه لا يحل بالغسل وزاد في هامش نسخة ( ب ) هنا « وكل ما شرب من ذلك بولا غسل ما في بطنه »

٤٢٧

وكل ما شرب من ذلك يسيرا من لبن امرأة ولم يشتد بذلك (١) وكل ما كان من الطير جلالا يأكل العذرة وحدها أو يأكلها مع غيرها ، واستبرأ البط وما جرى مجراه بخمسة أيام والدجاج وما يجرى مجراه بثلاثة أيام.

واما المحرم : فهو الميتة وكل ما لم يتحرك منه شي‌ء بعد الذبح وان سال منه الدم وكل ما لم يسل منه دم (٢) والمنخنقة والمتردية والموقوذة بحجر أو غيره والنطيحة وكل ما كانت الذكاة ممكنة منه فضرب أو طعن فمات من ذلك وما اكله السبع وما قتله غير كلب المسلم المعلم من الكلاب وكل ما ذكاه كافر وكل ما ذكي في غير موضع الذكاة وما قطع من الحيوان قبل الذكاة وما قطع من ذكي الحيوان قبل ان يبرد بالموت وكل ما كان في بطن ما شرب خمرا من ذلك ، غسل بعد الذكاة أو لم يغسل وكل ما وطأه إنسان من الأجناس الثلاثة السالف ذكرها وينبغي إحراقها بالنار وكل ما شرب من لبن خنزيرة واشتد بذلك وكل ما كان من نسل ذلك وأولاده أبدا ما تناسلت وتوالدت.

والفيل والثعلب والأرنب والسبع والنمر والفهد والكلب والخنزير والدب والقرد والسنور والسلحفاة والضب واليربوع والفار والحيات والعقارب والخنافس والنمل والسرطان وبنات وردان والزنابير وفراخها والنحل والسنجاب والفنك والسمور والقنفذ وكل ذي ناب ومخلب من الوحوش وكل ما يصف من الطير وكل ما كان صفيفه أكثر من دفيفه ان كان مما يصف ، ويدف والنسر والعقاب والحدأة والرخمة وكل ما كان له مخلب من الطير وكل ما ليس له حوصلة من ذلك ولا قانصة

__________________

(١) الظاهر ان المراد ان هذا مباح ليس بمكروه بخلاف ما إذا اشتد فإنه مكروه غير محرم كما صرح به في النص

(٢) يعنى ان غير الميتة إذا ذبح ولم يتحرك بعد الذبح منه شي‌ء من عينه أو رجله أو تحرك ولم يجر منه دم فهو بحكم الميتة.

٤٢٨

والخطاف (١) والخفاش والطواويس.

واما المكروهة : فهو كل ما شرب من الأجناس الثلاثة لبن خنزيرة دفعة واستبرأ سبعة أيام (٢) ويطعم فيها العلف ان كان يأكله أو يسقى اللبن ان كان يشربه والخيل والبغال والحمير أهلية كانت أو وحشية. والحبارى والهدهد والصرد والقنابر والصوام والشقراق والغراب وكل ما كان جلالا يأكل العذرة وحدها أو يأكلها مع غيرها ثم استبرأ بعد ذلك الانعام والبط والدجاج بما تقدم ذكره وغير ذلك من الطير بيوم وليلة.

واما ما ليس بحيوان فيما ( مما ـ خ ل ) تقدم ذكره فعلى ثلاثة أضرب : محرم ، ومكروه ، ومباح.

فاما المحرم : فهو السمايم القاتلة اجمع والنجاسات كلها وكل طعام وقع فيه دم الا ان يكون يسيرا فيقع في قدر فإنه ينبغي ان يهراق ما فيها ويغسل ثم يغسل اللحم ويعاد طبخه بغير ما كان معه من المرق أو غيره ، وكل طعام أو دهن مائع وقع فيه شي‌ء من ميتة ذوات الأنفس السائلة أو وقع فيه وزغ أو عقرب الا ان يكون جامدا فيلقى ما حول ذلك ويستعمل الباقي منه.

ومؤاكلة الطعام مع الكفار وكل طعام مائع باشره كافر أو جعل في إناء كان يستعمله كافر في طعام أو غيره من غير ان يغسل ، وكل طعام جعل في شي‌ء من أواني الخمر قبل ان يغسل الإناء ثلاث مرات ويجف بعد الغسل ، وكل طعام في آنية ذهب أو فضة حتى يزال من ذلك الى غيره ، والطين إلا تربة الحسين عليه‌السلام فإنه يجوز

__________________

(١) في نسخة ( ب ) هنا « القطاف » وزاد عليه في هامشه « والخطاف » وفي نسخة الأصل بعد ذلك « الخشاف » مكان « الخفاش » وهو بمعناه كما في القاموس.

(٢) لعل المراد ان الكراهة بعد الاستبراء فبدونه يحرم بالدفعة فاعتبار الاشتداد فيما تقدم انما هو للحرمة المطلقة ويحتمل كون المراد انه بالدفعة يكره وترتفع الكراهة بالاستبراء والنصوص الواردة في الباب غير خال من الإجمال.

٤٢٩

استعمال اليسير منه للشفاء من الأمراض ، وكل عجين عجن بماء نجس وكل خبز يخبز من ذلك العجين ، وبيض ولبن ما لا يحل أكل لحمه ، وكل ما استوى طرفاه من البيض (١).

واما المكروه من ذلك : فهو كل طعام باشره جنب أو حائض إذا كانا ممن لا يؤمن منه بعد ( ترك ـ خ ل ) التحفظ من النجاسة وكل ما أكل الفجار ( الفار ـ خ ل ) منه وأكل البصل والثوم مطبوخا ونيا لمن يريد دخول المساجد ، وكل بيض يوجد في بطن ميتة كان يجوز أكل لحمها ، وكل لبن يوجد في ضرعها وحرير البقل (٢) وطعام اللحاط ( الفجأة ـ خ ل ) وكل طعام لم يدع الإنسان اليه (٣) وطعام الولائم القبائح (٤) والخبز المقطع بالسكين.

واما المباح فضربان : حبوب وغير حبوب وجميعها هو كل ما عدا ما ذكرناه من محرم ومكروه.

« باب الأشربة »

هي على ثلاثة أضرب : محرم ، ومكروه ، ومباح ، فالمحرم هو الخمر بعينها

__________________

(١) أي إذا كان مشتبها انه من الطير الحلال أو الحرام كما في غيره من كتب الأصحاب.

(٢) هذا وما بعده وما بعد كلمة الولائم لم اعرف ضبطها ومعناها ولم يكن مجال واسع للمراجعة التامة.

(٣) تقدم في الاخبار النبوية في أول كتاب الأطعمة ان هذا شعلة من النار ونحوه في اخبار الإمامية كما في الوسائل الباب ٦٣ من أبواب الأطعمة المحرمة وهما نصان في الحرمة مضافا الى المنع عن التصرف في مال الغير بغير اذنه فلعل مراد المصنف هنا ما إذا أحرز رضا صاحبه بشاهد الحال كالصديق حيث تضمنت الآية بجواز الأكل من بيته لكنه قد لا يخلو من مذلة واستخفاف كما ورد انه ينبغي للمؤمن ان لا يخرج من بيته حتى يطعم فإنه اعزله الوسائل الباب ٦٢ من آداب المائدة.

(٤) في بعض النسخ : السابح وفي بعضها : النتاج.

٤٣٠

والمسكر من كل شراب وان اختلفت ضروبه وأنواعه ، من عنب كان أو زبيب أو تمر أو عسل أو حنطة أو شعير أو غير ذلك.

والفقاع وكل مائع من النجاسات مثل الأبوال وغيرها ، وكل ما كان من المائعات الطاهرة فنجس ببعض النجاسات ، والشرب فيما لا يجوز الأكل منه من أواني الذهب والفضة وغيرهما وقد تقدم ذكر ذلك والعامرة ( والمعاقرة ـ خ ل ) (١) بما كان من الأشربة الحلال مثل الماء وشرب الجلاب والورد وما أشبه ذلك من الأشربة الحلال.

واما المكروه فهو شرب الماء في الليل قائماً والعب والنهل في نفس واحد والشرب من كسر الكوز ومما يلي اذنه ، والشرب في حال الاتكاء وشرب الماء المالح وشرب المياه الكبريتية والماء الآجن وكل ما تغير لونه أو طعمه أو رائحته بغير نجاسة واما المباح فهو كل ما عدا ما ذكرناه.

« باب ما يتعلق بذلك »

إذا كانت قدر على نار وهي تغلي فوقع فيها خمر وكان قليلا فإنه يهراق ما فيها ويجوز غسل اللحم وأكله بعد ذلك وان كان كثيرا فإنه يهراق ما فيها ولا يؤكل شي‌ء منه والأحوط في الوجهين جميعا ان لا يؤكل من ذلك شي‌ء على وجه.

فان وقع فيها دم ، وكان قليلا وغلى جاز أكل ما فيها بعد ان تغلي (٢) وان

__________________

(١) كان الصواب هو المعاقرة كما في نسخة الكافي لأبي الصلاح الحلبي المطبوعة جديدا ولم أجد ذلك في غيره من كتب الأصحاب فلعلها من العقار بالعين المضمومة والقاف بمعنى الخمر فالمراد شرب الحلال تشبها بشربها كان يظهر نشاط السكر ولعله لذا حكى الشهيد رحمه‌الله في قواعده عن بعض الأصحاب انه لو شرب المباح متشبها بشارب المسكر فعل حراما ويحتمل أيضا كون المراد المغالبة ففي لسان العرب : معاقرة الشراب مغالبته يقول انا أقوى على شربه فيغالبه فيغلبه.

(٢) الظاهر ان الصواب « بعد ان يغسل » كما تقدم آنفا

٤٣١

كان كثيرا لم يجز أكل شي‌ء منها وقيل ان هذا انما جاز في الدم بغير غسل اللحم لان النار تحمل (١) الدم ولان اللحم لا يكاد يعرى منه وقد جاز اكله بعد الغسل مع انه كذلك : والأحوط عندي في الوجهين جميعا ان لا يؤكل من ذلك شي‌ء.

وإذا وقع شي‌ء من ذوات الأنفس (٢) السائلة في شي‌ء نجسة فإن كان ما وقع فيه مائعا مثل الزيت والشيرج وما أشبه ذلك من الادهان لم يجز استعماله في أكل ولا غيره (٣) الا في الاستصباح به تحت السماء ، ولا يجوز الاستصباح به تحت السقف ولا ما يستظل به الإنسان فإن كان جامدا مثل السمن والزبد وما أشبه ذلك القى ما يكون حول الميتة وجاز أكل الباقي بعد ذلك.

وإذا مات مالا نفس له سائلة مثل الجراد وبنات وردان والخنافس وما أشبه ذلك في شي‌ء من الأطعمة والأشربة أو غيرها جامدا كان ما وقع فيه ذلك أو مائعا فإنه لا ينجس به على ما ذكرناه فيما تقدم ، ويجوز استعماله في الأكل والشرب وغير ذلك

ولا يجوز الأكل والشرب مع الكفار ولا استعمال آنيتهم الا على ما قدمناه ، ويجوز استعمال ما باشروه بأيديهم من الحبوب وما جرى مجراها مما لا يقبل النجاسات.

وأواني من يشرب الخمر والمسكر لا يجوز استعمال شي‌ء منها حتى يغسل ثلاث مرات بالماء ويجفف

وإذا مات شي‌ء من ذوات الأنفس السائلة في قدر وهي تغلي أهريق ما فيها وكان الحكم في اللحم مثل ما ذكرناه في الدم من الغسل والأكل؟ وكل طعام أكل

__________________

(١) عن بعض النسخ « تحل » ولعل الصواب « تحيل » كما في النهاية من الإحالة التي هي من المطهرات والموجود في النص « تأكل الدم » وهو بمعناها

(٢) اى ميتتها لقوله بعد ذلك : القى ما حول الميتة

(٣) كالتدهن كما صرح به في النهاية

٤٣٢

منه سنور فجائزا كله وكذلك : ما شرب منه الا ان يكون في أكله أو شربه كان فيه اثر دم من حيوان اكله.

وإذا نجس الماء بوقوع شي‌ء من النجاسات فيه ثم عجن به عجين وخبز لم يجز أكله إلا في حال الضرورة الشديدة التي تخاف معها على تلف النفس ، فإنه يجوز ان يؤكل منه مقدار ما يمسك الرمق فاما في غير ذلك فلا يجوز أكل شي‌ء منه ، وقد وردت رواية بجواز اكله (١) وذكر فيها ان النار قد طهرته والأحوط ما قدمناه.

ويجوز شرب أبوال الإبل للتداوي بذلك وكذلك شرب ألبانها على كل حال وكذلك ألبان الأتن وأكل ما يعمل من ألبانها أيضا على كل حال.

وكل عصير لم يغل فإنه حلال استعماله ، فان غلى لم يجز استعماله على حال والغليان الذي معه لا يجوز استعماله هو ان يصير أسفله أعلاه بالغليان فان صار بعد ذلك خلا جاز استعماله وقد تقدم ذكر ذلك

فاذا طبخ العصير على النار وغلى ولم يذهب ثلثاه لم يجز استعماله؟ فان ذهب ثلثاه وبقي ثلثه جاز استعماله؟ وحد ذلك ان يصير حلوا يخضب الإناء ، ومن كان يستحل شرب العصير إذا طبخ فلم يذهب منه الثلثان فلا يجوز ان يؤتمن على طبخه ولا يسمع قوله فيه.

ومن خاف على نفسه من العطش جاز له ان يشرب من الخمر أو المسكر مقدار ما يمسك رمقه وإذا كان في الدواء شي‌ء من المسكر لم يجز التداوي به الا ان لا يكون له عنه مندوحة والأحوط تركه

ولا يجوز ان يسقى بشي‌ء من البهائم والأطفال شيئا من الخمر والمسكر ويجوز شرب النبيذ الذي لا يسكر مثل ان يلقى التمر أو الزبيب في الماء المر أو المالح وينقع فيه الى ان يحلو فان تغير لم يجز شربه.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الماء المطلق وفيه أكلت النار ما فيه وفي خبر آخر يباع ممن يستحل الميتة كما في الوسائل الباب ١١ من الأسئار وفي ثالث يدفن ولا يباع فالاحتياط في محله

٤٣٣

وما يستعمل من الأواني في الخمر وهو خشب ، فلا يجوز استعماله في شي‌ء من المائعات ، وما كان مثل الجرار من النحاس والصفر أو الفخار أو الكيزان (١) التي تجري هذا المجرى فإنه يجوز استعماله بعد غسله بالماء ثلاث مرات.

« باب آداب الأكل والشرب »

يستحب لمن أراد الأكل والشرب ان يغسل يديه قبل الأكل والشرب ويسمى الله تعالى عند ابتداء الأكل والشرب ويحمده عند الفراغ منهما ، فان كان ممن ينقل إليه ألوان كثيرة فيستحب له ان يسمى عند ابتدائه في أول كل لون منها فان قال في أول ذلك بسم الله على اوله وآخره أجزأ وإذا كان مع الإنسان غيره وسمى على المائدة واحد منهم أجزأ ذلك أيضا فالأول أفضل.

ولا يحضر الإنسان (٢) على مائدة يشرب عليها شي‌ء من الخمر أو المسكر أو الفقاع ولا يكثر من الأكل ولا يزيد على شبعه.

وإذا أراد شرب الماء فليشربه مقطعا في ثلاثة أنفاس ويسمى الله في أول كل دفعة من ذلك وعند الفراغ منها (٣) وينبغي ان يبتدئ صاحب الطعام بالأكل وهو آخر من يرفع يده منه ولا يأكل ولا يشرب بيساره إلا لضرورة ولا من كسر الكوز ولا من عند عروته وقد تقدم ذكر ذلك أيضا.

فإذا حضر الطعام في وقت صلاة فينبغي ان يبتدأ بالصلاة فإن حضر عند صاحبه قوم ينتظرون ذلك فينبغي الابتداء بالطعام فان كان وقت صلاة قد تضيق وجب الابتداء

__________________

(١) جمع الكوز وفي نسخة ( ب ) « الكسران » وكتب تحته بعلامة ( ظ ) اى الظاهر « الكاسات » وفي هامشها أيضا بعد كلمة الفخار « الأخضر أو غير الأخضر » وتقدم هنا مرتين اعتبار التجفيف بعد الغسل

(٢) ذكر هذا في الآداب قد يوهم الكراهة لكنه غير مراد قطعا لصراحة النصوص وكلمات الأصحاب بتحريمه

(٣) اى يحمده تعالى كما في النصوص

٤٣٤

بالصلاة على كل حال؟ ومن شرب ماء فليصمه ولا يعبه ، ومن شرب لبنا فليعبه ولا يتجرعه.

وإذا شرب الماء قال الحمد لله الذي سقانا عذبا زلالا برحمته ولا يسقينا ملحا أجاجا بذنوبنا. (١)

وإذا شرب اللبن قال : اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه ، وإذا أكل سمكا قال :اللهم بارك لنا فيه وأبدلنا به خيرا منه (٢)

« باب الصيد والذبائح »

قال الله تعالى « أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً » (٣)

وقال الله تعالى « أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ » (٤)

وقال تعالى « وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا » (٥) وقال تعالى « يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ ) الى قوله ( فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) » (٦)

فأباح تعالى : صيد البحر لكل واحد وأباح صيد البر الا لمن كان محرما ، واستفيد من ذلك جواز الاصطياد وأكل الصيد وجواز تعليم الجوارح للصيد

__________________

(١) كما في قرب الاسناد ص ١٢ وفيه : ولم يسقنا وكذا في الوسائل الباب ١٠ من الأشربة المباحة الا انه أسقط قوله : برحمته وقال في آخره : ولم يؤاخذنا بذنوبنا

(٢) في الوسائل الباب ٣٦ من الأطعمة المباحة كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل السمك قال ذلك وفي الباب ٥٥ لم يكن صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل طعاما ولا شرابا الا قاله الا اللبن فإنه كان يقول اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه ويظهر منه ان اللبن خير من جميع الأطعمة والأشربة ويقال ان فيه جميع ما يحتاج اليه البدن

(٣) المائدة ٩٦

(٤) المائدة ١

(٥) المائدة ٢

(٦) المائدة ٤

٤٣٥

والاصطياد وأكل ما يصيد ويقتل إذا كان كلبا معلما. (١)

والصيد ضربان : صيد البر؟ وصيد البحر؟ فاما صيد البر فعلى ثلاثة أضرب أولها : حلال اكله على كل حال ، وثانيها : محرم ، وثالثها : مكروه ، فاما الحلال اكله على كل حال فهو كل صيد أخذ بشبكة أو حبالات أو ما أشبه ذلك من آلات الصيد وأدركت ذكاته ، وكل صيد أخذه كلب معلم أو غير معلم أو فهد وكان المرسل له قد سمى الله تعالى (٢) عند إرساله وأدركت ذكاته.

وكل ما قتله كلب معلم وان لم يدرك ذكاته إذا كان المرسل له قد سمى الله تعالى عند إرساله ، وكلما أخذه أيضا كلب معلم سمى المرسل له عند إرساله (٣) فأكل منه وكان ذلك منه شاذا وهو غير معتاد لا كل الصيد.

وكل ما اشترك في قتله من الكلاب المعلمة اثنان أو أكثر ولم يدرك ذكاته إذا كان صاحب كل كلب منها قد سمى عند إرساله ، وكل صيد ضرب بالسيف أو طعن برمح فقتله بذلك الضارب له أو الطاعن وكان قد سمى عند ضربه أو طعنة ، وكذلك ان ضربه أو طعنة فقطعه بنصفين وتحرك كل واحد منهما وخرج منه دم فان تحرك أحدهما وخرج منه دم دون الأخر فالمتحرك هو الحلال اكله دون الذي لم يتحرك ولم يخرج منه دم وكل صيد انقطعت ( قطعت ـ خ ل ) منه قطعة وأدركت ذكاة الباقي منه وكل ما اصابه سهم وان كان الرامي قصد غيره إذا سمى عند الرمي بسهم وكل صيد أخذ وتناهبه جماعة

__________________

(١) لفظة الجوارح في الآية عامة لكل ما يصيد فإنها من الجرح بمعنى الكسب لكن خصصها فقهاء الإمامية بالكلب لقوله تعالى ( مُكَلِّبِينَ ) كما في نصوص أئمتهم عليهم‌السلام

(٢) ظاهر المصنف هنا وفيما يأتي قريبا في آخر ذكر المحللات وفي ذكر المحرمات اعتبار التسمية في إرسال غير الكلب المعلم مضافا الى إدراك الذكاة والتسمية عندها ووجهه غير ظاهر ولم أجد نقله عن أحد.

(٣) من قوله : وكلما أخذه إلى هنا موجود في نسخة الأصل فقط وهو انسب بما بعده وقوله : وكان ذلك منه شاذا يعني إنما يحل الباقي منه إذا لم يكن معتادا للأكل فأكل منه نادرا كما يأتي أيضا.

٤٣٦

فأخذوه قطعا (١) وكل ما أخذ بباز أو ما جرى مجراه من الجوارح وأدركت ذكاته مع التسمية عند الإرسال وكل جراد أخذ حيا.

واما المحرم اكله من ذلك : فهو كل صيد أخذ بأي نوع من آلات الصيد كان ولم يدرك ذكاته أو قتله سهم ولم يكن الرامي له سمى عند رميه.

وكل صيد أخذ بالبندق أو الحجارة أو الخشب أو المعاريض أو ما جرى مجرى ذلك ومات فيه وكل فرخ اصابه سهم ولم ينهض بالطيران وان كان صاحب السهم قد سمى عند رميه ، وكل ما يصيده البازي أو غيره من الجوارح ولم يدرك ذكاته.

وكل صيد اصابه سهم ليس فيه حديدة فقتله وكل صيد رمى بأكبر منه فقتله وكل صيد قتله كلب غير معلم وكل صيد أكل منه كلب معلم وهو معتاد لأكل الصيد وكل ما اشترك في قتله غير واحد من الكلاب المعلمة وان كان صاحب أحدهم قد سمى عند إرساله ولم يسم صاحب الأخر عند إرساله وكل صيد قتله فهد ولم يدرك ذكاته وكل صيد انقلب ( انفلت ـ خ ل ) عليه كلب معلم من غير ان يرسله صاحبه عليه فقتله ، وكل صيد لم يسم الصائد عند إرساله ما يصيده به أو عند ذكاته ، وكل صيد أرسل عليه كلب فقتله وسمى عليه غير المرسل له ، وكل صيد غاب عن عين صاحبه ثم وجده بعد ذلك مقتولا ، وكل صيد رمى بسهم فسقط من موضع عال من جبل أو غيره أو وقع في الماء ومات ، وكل صيد ضرب بسيف فانقطع بنصفين ولم يتحرك واحد منهما ولا خرج منه دم ، فان تحرك أحدهما فقد تقدم ذكره ، وكل ما قطع من الصيد وهو حي وكل جراد وقع في الماء فمات فيه أو مات في الصحراء قبل أخذه أو كان في موضع فوقع فيه نار فاحترق ، وكل طائر ( صيد ـ خ ل ) مالك لجناحه

__________________

(١) ظاهره انه قطعه الجماعة بعد أخذه حيا قبل ان يقتل وكذا في النهاية لكن يمكن كون المراد ما إذا قطعوه بعد الاصطياد برمي ونحوه كما في النص وحمله في جواهر الكلام على ما إذا لم تكن حياته مستقرة

٤٣٧

يعرف صاحبه ، وكل طائر مخصوص الجناح (١) وصيد المحرم على المحل والمحرم وصيد المحل على المحرم ، وكل صيد لم يسم الصائد له عند أخذه ولا الإرسال عليه إذا كان لا يعتقد وجوب التسمية ناسيا كان أو غير ناس.

واما المكروه : فهو كل صيد لم يسم الصائد له عند أخذه والإرسال عليه ناسيا إذا كان يرى وجوب التسمية ، وكل صيد أكل منه كلب معلم ولم يكن معتادا لا كل الصيد وكل جراد لم يسم الصائد له عند أخذه.

واما صيد البحر فعلى ثلاثة أضرب؟ أولها : يحل أكله على كل حال؟ وثانيها : محرم؟ وثالثها : مكروه؟ فاما الحلال أكله على كل حال فهو كل سمك له فلس أخذه مسلم وأخرجه من الماء حيا أو أخرجه كافر وشاهد مسلم إخراجه له كذلك ، أو أخذ مجتمعا في حظيرة أو شبكة أو ما جرى مجرى ذلك واقام في الماء يوما وليلة وكان فيه ما قد مات في الماء ولم يجد السبيل الى تمييز ما مات منه فيه مما لم يمت.

وكل ما وجد منه على ساحل البحر والقى في الماء فرسب أصله ولم يطف عليه وكل ما كان منه جلالا واستبرأ ، واستبراؤه هو ان يجعل في ماء طاهر يوما كاملا ويطعم شيئا طاهرا.

واما المحرم : فهو كل سمك لا فلس له وكل سمك أخذه كافر ولم يشاهد مسلم إخراجه من الماء حيا ، وكل ما مات منه في الماء سواء كان موته فيه ابتداء أو اخرج منه وجعل في شي‌ء وأعيد إلى الماء فمات فيه ، وكل ما خالف ماله فلس من جميع الحيوان في الماء.

واما المكروه فهو كل ما (٢) في الماء ولم يتميز الميت منه في الماء مما لم يمت فيه لأنه ان تميز من ذلك لحق بباب المحرم وكل ما كان صيده في يوم الجمعة وكل

__________________

(١) لان قص الجناح علامة انه مملوك

(٢) في هامش نسخة ( ب ) « كل ما أخذ مجتمعا في شبكة أو حظيرة أو ما جرى مجرى ذلك وغلب في الظن موت بعضه في الماء »

٤٣٨

ما لم يسم الصائد له عنده ، والمارماهي والزهو والزمار والكنعت والربيثا والطمر والايلامى والطيراني.

« باب ما يحل من الذبائح وما يحرم منها ومن الميتة

والبيض والجلود »

لا يجوز ان يتولى الذبح الا من كان مسلما من أهل الحق فإن تولاه غير من ذكرناه من الكفار المخالفين لدين الإسلام أو من كفار أهل الملة على اختلافهم في جهات كفرهم لم يصح ذكاته ولم يؤكل ذبيحته وكذلك : ان تولاها من أهل الحق من تعمد ترك التسمية عند الذبح لم يصح ذكاته ولم يؤكل ذبيحته الا ان يكون في حال تقية.

وإذا أحسن الصبي أو المرأة الذبح وقويا عليه جاز أكل ذبيحتهما ، فان لم يحسناه لم يؤكل ذبيحتهما؟! والتسمية واجبة في الذبح فمن تعمد تركها كما ذكرناه لم يؤكل ذبيحته فإن أخل بها ناسيا جاز أكل ذبيحته وكيفية التسمية أن يقول الذابح بسم الله والله أكبر؟ ويجوز ان يقتصر على التسمية والأول أفضل.

واستقبال القبلة بالذبيحة أيضا واجب؟ فمن تعمد ترك ذلك لم يؤكل ذبيحته؟فان تركها ناسيا لم يكن بها بأس؟ والذباحة لا يجوز الا بالحديد ، فمن خاف من موت الذبيحة ولم يقدر على الحديد جاز ان يذبح بشي‌ء له حدة مثل الزجاجة والحجر الحاد أو القصب؟ والحديد أفضل واولى من جميع ذلك.

وذكاة ما يريد الإنسان ذكاته ( ذبحه خ ل ) لا يجوز إلا في الحلق ، فان ذبح في غير الحلق كان ذلك حراما ولم يؤكل ذبيحته؟ فان كان في حال لا يقدر فيها على ذبح ما يريد ذبحه مثل ان يكون عنده ثور قد استعصى عليه أو وقع في بئر أو ما أشبه ذلك أو جاموس قد ند وحمى نفسه من الوصول اليه ، جاز ان يذبح في غير الحلق ويؤخذ الثور والجاموس بالسيوف والحراب فاذا الحق وفيه حياة زكى على كل حال

٤٣٩

وما كان مما ينحر فإنه يجب ان ينحر في اللبة؟ فإن نحر في غيرها لم يجز أكله الا ان يكون قد استعصى فيجري حكمه مجرى ما تقدم ذكره في الثور والجاموس وكل ما نحر وكان مما يجب ذبحه أو ذبح وكان مما يجب نحره ، لم يؤكل الا ان يكون على الوجه الذي قدمناه.

وكل ما ذبح في حال الضرورة وكان مما ينبغي نحره أو نحر فيها وكان مما ينبغي ذبحه ، إذا أدرك وفيه حياة وجب تذكيته على كل حال فان تركت تذكيته حتى مات لم يجزأ كله.

ومن أراد الذباحة فلا يجوز ان يقلب السكين ويذبح بها الى فوق بل يبتدى بالذبح من فوق إلى أسفل ، ولا يجوز للذابح ان ينخع البهيمة حتى يبرد بالموت وذلك ان لا يفصل رأسها من جسدها ويقطع نخاعها وهو عظم في العنق ، فان سبقه السكين فابانت الرأس من الجسد لم يكن بأكل ذلك بأس؟ وإذا أراد ان ينحر من الإبل شيئا فينبغي ان يشد أخفافه إلى بطنه ( إبطيه خ ل ) ويطلق رجليه ثم ينحره ، وان أراد ان يذبح شيئا من البقر فينبغي ان يعقل يديه ورجليه ويطلق ذنبه

وان أراد ذبح شي‌ء من الغنم فينبغي ان يعقل يديه وفرد رجليه ويطلق رجله الأخرى ويمسك على صوفه أو شعره حتى يبرد ولا يمسك شيئا من أعضائه؟

وإذا أراد ذبح شي‌ء من الطير فينبغي ان يذبحه ويرسله ولا يعقله ولا يمسكه ، فان انفلت منه جاز ان يرميه بسهم ويكون حكمه حكم الصيد فاذا لحقه حياة ذكاه وإذا ذبحت ذبيحة ولم يتحرك منها شي‌ء لم يجز أكلها ، فإن تحرك شي‌ء منها مثل يدها أو رجلها أو ذنبها أو خفيها أو اذنها جاز أكلها

ومن ذبح بهيمة لم يجز ان يسلخها الا بعد ان تبرد بالموت فان سلخها قبل ذلك أو سلخ منها شيئا لم يجز أكلها ومن ذبح شاة أو غيرها ووجد في بطنها جنينا قد أشعر وأوبر ولم تنشش (١) فيه الروح فذكاته ذكاة امه وان لم يكن كذلك أو لم

__________________

(١) اى لم تسق فيه الروح من نش الدابة اى ساقها سوقا بالرفق وكان الروح

٤٤٠