المهذّب

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٧
الجزء ١ الجزء ٢

جاز له تزويجها ، ولا يجوز لإنسان أن يزوج ابنته لمخالف له في ذلك مع الاختيار

وإذا وجد الرجل امرأة فقيرة ولها أصل ودين فلا ينبغي ان يمتنع من نكاحها لما عليه من ذلك والأفضل للرجال ان يختار والولود من النساء ، وان كانت شوهاء قبيحة المنظر ويجتنب العقيم منهن وان كانت حسناء ويستحب التزويج بالأبكار لما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه قال : إنهن أطيب شي‌ء أفواها ، وأدر شي‌ء أخلاقا وأحسن شي‌ء أخلاقا وافتح شي‌ء أرحاما (١) ويكره التزويج بالسودان من الزنج وغيرهم إلا النوبة.

ويكره التزويج بالاكراد وكذلك التزويج بالمجنونة.

ويجوز الوطي بملك اليمين من غير ان يطلب منها الولد ، ويجوز ان يتزوج الرجل امراة يعلم منها ارتكاب الفجور إذا تابت منه ، وإذا عقد على امراة كانت قد زنت ولم يعلم ذلك ثم علم به بعد العقد وكان قد دخل بها ، كان عليه المهر بما استحل من فرجها ، ثم ان أراد ان يمسكها أمسكها وان أراد طلاقها ، طلقها وان كان لم يدخل بها ، كان له الرجوع بالمهر على وليها.

ونكاح الحمقاء مكروه وقد روى ان صحبتها بلاء ، وولدها ضياع (٢)

__________________

(١) رواه الشيخ كذلك في النهاية وفي التهذيب باب اختيار الأزواج كما في نسخته المطبوعة لكن في الوافي حكى عنه أطيب شي‌ء أخلافا وأحسن شي‌ء أخلاقا وافتح شي‌ء أرحاما مقتصرا على هذه الثلاث ونحوه في نسخة ( خ ) من المتن وللخبر ألفاظ أخر كما في الوسائل الباب ١٧ من مقدمات النكاح والا خلاف جمع خلف بالكسر اى الضرع وقال ابن إدريس في السرائر حيث أورد الخبر بتمامه : افتخ بالخاء المعجمة بمعنى ألين وأنعم لكن في مجمع البحرين أورده في الحاء المهملة وفسره كالمجلسي عليه الرحمة في المرآة بكثرة النسل وهذا انسب بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعده : اما علمتم أني أباهي بكم الأمم يوم القيمة حتى بالسقط وانه في رواية الكافي زاد عليه وأنشفه أرحاما والنشف قلة الرطوبة.

(٢) وسائل الشيعة ج ١٤ ، كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح والباب ٣٣

١٨١

وينبغي لمن أراد التزويج ، ان يتزوج للدين والسنة ، ولا يتزوج للرياء والسمعة وإذا أراد التزويج استخار الله في ذلك يقول : « اللهم انى أريد النكاح فسهل لي من النساء أحسنهن خلقا وخلقا وأعفهن فرجا وأحفظهن لنفسها ودينها وأمانتي عندها » ثم يفعل ما يريد منه.

« باب في ذكر من يحرم نكاحه من النساء ومن يحل منهن »

المحرمات من النساء على ضربين :

أحدهما : يحرم بالنسب ، والأخر : يحرم بالسبب ، فالذي يحرم بالنسب الام وان علت والبنت وان نزلت وبنات الأخ وان نزلن وبنات الأخت وان نزلن أيضا والعمة والخالة وان علتا (١).

واما الذي يحرم بالسبب فعلى ضربين :

أحدهما : يحرم العقد عليه على كل حال ، والأخر يحرم عليه في حال دون حال والذي يحرم العقد عليه على كل حال هو كل من جرى في الرضاع مجرى من ذكرنا تحريمه بالنسب.

ويلحق بذلك أيضا كل امراة عقد عليها الأب أو الابن ومملوكة الأب أو الابن إذا جامعاها أو قبلاها بشهوة أو نظرا منها الى ما يحرم على غير مالكها النظر اليه ، وأم الزوجة سواء دخل بابنتها أو لم يدخل وبنت المدخول بها ، فان عقد عليها ولم يدخل بها جاز العقد على البنت (٢) وهذا الحكم أيضا ثابت في المتعة.

__________________

(١) بأن كانت عمة أو خالة لأب الإنسان أو امه أو جده أو جدته لأبيه أو امه واما عمة العمة أو خالة الخالة فقد لا تكون كذلك كما إذا كانت عمة الإنسان أختا لأبيه من جهة الأم فقط أو كانت خالته أختا لأمها من جهة الأب فقط فالظاهر عدم حرمة عمة هذه العمة وخالة هذه الخالة عليه.

(٢) اى بعد فراق أمها كما يأتي قريبا.

١٨٢

فاما ملك اليمين فإنه إذا وطئ الرجل مملوكة (١) له حرم عليه وطؤ بناتها بالملك والعقد أيضا فان لم يطأ الام جاز له وطؤ البنت وان كانت أمها باقية في ملكه ، والمعقود عليها ليست كذلك ، لأنه إذا لم يدخل بالأم لم يجز له العقد على البنت الا بعد مفارقتها.

والمرأة المزني بها يحرم على أب الزاني بها وعلى ابنه ، العقد عليها ، فان كان زنى بها بعد ان عقد الأب أو الابن عليها ، فإنه لا يبطل العقد.

وإذا ملك الرجل جارية ووطئها ثم وطئها ابنه بعد وطي الأب لها لم يحرم بذلك على الأب وطؤها ، فإن كان ابنه وطئها قبل وطي الأب لها حرم وطؤها على الأب.

وإذا كان للمرأة زوج ، أو كانت في عدة من زوج له عليها رجعة ، وفجر بها رجل في شي‌ء من ذلك حرم على الذي فجر بها العقد عليها ابدا.

وإذا طلق رجل زوجته تسع تطليقات للعدة وقد تزوجت فيما بينها بزوجين حرمت عليه ابدا.

وإذا لا عن رجل امرأته فرق بينهما ، ولم تحل له بعد ذلك ابدا.

وإذا عقد المحرم على امرأة وهو عالم بتحريم ذلك فرق بينهما ولم تحل له ابدا فان لم يكن عالما بهذا التحريم فرق بينهما وجاز له العقد عليها بعد الإحلال.

وإذا قذف رجل امرأته وهي صماء أو خرساء فرق بينهما ولم تحل له ابدا.

ومن فجر بغلام فأوقب حرم عليه العقد على امه وابنته وأخته.

وإذا عقد الرجل على امرأة في عدتها وهو عالم بذلك فرق بينهما ولم تحل له ابدا وان لم يكن دخل بها ، ولا فرق بين ان يكون العدة عدة الطلاق ، أو عدة الوفاة وان لم يكن عالما بذلك فرق بينهما ، وإذا انقضت العدة ، جاز له بعد ذلك العقد عليها ان لم يكن دخل بها وإذا كانت المرأة عالمة بذلك حرم عليه الرجوع

__________________

(١) في نسخة ( خ ) وهامش نسخة ( ب ) تصحيحا : حرم عليه وطي أمها على كل حال ويجوز ان يملكها ولا يطأها وإذا وطي الام بالملك حرم عليه إلخ.

١٨٣

الى هذا الزوج تعقد آخر وإذا لم يكن عالما بذلك وكان قد دفع إليها المهر كان له الرجوع عليها به ، وان عقد عليها وهي في عدة ودخل بها فرق بينهما ولم تحل له ابدا ، سواء كان عالما بذلك أم لم يكن عالما به ، وكان لها المهر (١) بما استحل من فرجها وعليها عدتان إحداهما : تمام العدة من الزوج الأول ، والعدة الأخرى : من الزوج الثاني.

وإذا جاءت بولد لأقل من ستة أشهر ، كان لاحقا بالزوج الأول ، وان كان لستة أشهر أو أكثر كان للثاني.

واما من يحرم العقد عليه في حال دون حال فهو كل امرأة لها زوج ، فإنه يحرم على الرجل العقد عليها وهي في حباله ، فان طلقها الزوج ، أو مات عنها جاز له العقد عليها ، فان كان من ذوات العدد ، فبعد خروجها من العدة التي لزمتها.

وكل أختين من الحرائر ، فإنه يحرم الجمع بينهما في عقد نكاح غبطة أو متعة في زمان واحد ، فان تزوج بهما بلفظ واحد في وقت واحد ، كان مخيرا في إمساك الواحدة منهما (٢) وتخلية الأخرى ، فإن عقد على واحدة منهما ، ثم عقد على الأخرى بعد ذلك ، كان عقده على الثانية باطلا ، فان وطئ الثانية فرق بينهما ، وحرم عليه الرجوع الى الأولى حتى تخرج التي وطئها من عدتها منه.

فان عقد الرجل على امرأة ثم عقد على أمها أو أختها (٣) جاهلا بذلك فرق

__________________

(١) ظاهره عدم الفرق في استحقاق المهر ووجوب العدة بين صورة العلم والجهل لكن الظاهر انه ان كانا عالمين فلا مهر ولا عدة لأنهما زانيان وان كان الرجل عالما فلها المهر ولا عدة عليها وان كانت المرأة عالمة فبالعكس كما ذكره الشيخ في المبسوط في كتاب العدد في فصل اجتماع العدتين.

(٢) اى بالعقد الأول كما هو ظاهر النص وعن جماعة من الأصحاب بطلان العقد وطرح النص بالضعف أو حمله على تجديد العقد.

(٣) كذا في نسخ المتن وفي النهاية : والظاهر ان ذكر الأخت تكرار ويحتمل ان يكون من سهو القلم وصوابه « أو ابنتها » لورود النص فيها أيضا كما في الوسائل في الوسائل

١٨٤

بينهما ، فان جاءت بولد لحق به ، وحرم عليه الرجوع الى الأولى حتى تقضى التي وطأها عدتها منه ، ومن طلق زوجة له طلاقا رجعيا حرم عليه العقد على أختها حتى تنقضي عدتها ، وإذا انقضى أجل الزوجة المتمع بها جاز العقد على أختها في الحال وقبل انقضاء عدتها ، وقد روى (١) ان ذلك لا يجوز حتى تقضى العدة وهو الأحوط ، ويجوز العقد على أخت زوجته في حال موت هذه الزوجة.

ويحرم عليه الجمع بين الأختين المملوكتين في الوطأ ، فاما في الملك فهو جائز ، لأن حكم الجمع بينهما في الوطأ حكم الجمع بينهما في العقد ، فان ملكها ووطأ واحدة منهما ، حرم عليه وطؤ الأخرى حتى تخرج الموطوئة عن ملكه بهبة أو بيع أو غير ذلك ، فإن وطأ الأخرى بعد وطئه لتلك وكان عالما بذلك وتحريمه عليه ، حرمت الاولى عليه حتى تموت الثانية.

فإن أخرج الثانية عن ملكه ، وقصد بإخراجها الرجوع الى الأولى لم يجز له ذلك ، فإن أخرجها لغير ذلك جاز له الرجوع الى الاولى ، وان لم يكن عالما بتحريم ذلك عليه ، كان له الرجوع الى الأولى إذا أخرج الثانية من ملكه.

ويحرم على الرجل إذا كان حرا ان يجمع في العقد بين أكثر من أربع حرائر ، أو أمتين ، ويجوز له الجمع في العقد بين حرتين وأمتين أو حرة وأمتين ، ويجوز له الجمع ما شاء بملك اليمين مع العقد على اربع حرائر.

فإذا كان عند رجل ثلاث زوجات وعقد على اثنتين في حال ، كان مخيرا في

__________________

في الباب ٨ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة في الخبر ٦ لكن مقتضاه الاكتفاء باستبراء الرحم وهو يحصل بحيضة نعم في خبر آخر ورد في خصوص الأخت والام كما في الباب ٢١ مما ذكر اعتبار انقضاء العدة ولا يبعد حمل الأول أيضا عليه وعلى كل ، ظاهرهما حرمة الرجوع الى الأولى بدون ذلك كما اختاره الماتن لكن عن جماعة حمله على الكراهة والأول أقوى.

(١) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

١٨٥

إمساك إحداهما وتخلية الأخرى ، فإن عقد عليهما بلفظ واحد ثم دخل بواحدة منهما ، كان عقد المدخول بها ثابتا ، (١) وعقد التي لم يدخل بها باطلا ، فان عقد عليهما بلفظ قدم فيه ذكر اسم الواحدة منهما على الاسم الأخرى ودخل بالتي قدم اسمها ، كان عقدها ثابتا ، (٢) كان نكاحها باطلا ، وكان عليها العدة لأجل الدخول بها.

وإذا كان عند رجل اربع زوجات وطلق واحدة منهن طلاقا يملك فيه الرجعة ، حرم عليه العقد على اخرى حتى تنقضي عدة المطلقة فإن كان الطلاق بائنا جاز له العقد على أخرى في الحال.

وان كان ذميا وكان عنده أكثر من اربع زوجات فأسلم فعليه ان يختار منهن أربعا فيمسكهن ان أراد ذلك وخلي سبيل ما زاد على الأربع ، والرجل إذا كان مملوكا حرم عليه الجمع في العقد بين أكثر من حرتين أو أربع إماء ويجوز له العقد على حرة وأمتين ولا يجوز له العقد على حرتين وامة.

واما ما يحرم من الرضاع فقد ذكرنا فيما تقدم ، انه يحرم منه ما يحرم بالنسب وإذا عقد الرجل على طفلة رضيعة وله زوجة ، فأرضعت هذه الطفلة حرمت عليه الطفلة الرضيعة وامرأته التي أرضعتها.

وإذا كان لرجل زوجتان فارضعتا هذه الطفلة ، حرمت عليه الطفلة والزوجة

__________________

(١) ظاهره ان الدخول بها بمنزلة الاختيار وان لم يكن بقصده كما إذا كان جاهلا بتحريم أزيد من اربع ونظيره الدخول بالمطلقة في العدة الرجعية حيث ورد انه رجوع لكن لم أجد هنا دليلا عليه ولا تعرضا له في كتب الأصحاب سوى الشيخ في النهاية حيث ذكر فيها مثل ما في المتن ويمكن حمل كلامهما على ما إذا قصد به الاختيار والله العالم.

(٢) الصواب : كان عقدها ثابتا وعقد الأخرى باطلا وان دخل بالتي ذكر اسمها ثانيا كان نكاحها باطلا إلخ كما في نسخة ( خ ) وهامش نسخة ( ب ) تصحيحا وهو المذكور في النص.

١٨٦

التي ارضعتها أولا ، ولم تحرم التي أرضعتها ثانيا.

ومن عقد على طفلتين رضيعتين ، وكان له زوجتان ، فأرضعت الزوجة الواحدة الطفلتين ، حرمت الطفلتان عليه والتي أرضعتها ، فإن أرضعت الزوجتان الطفلتين حرم عليه الجميع (١).

ولا يجوز للمسلم العقد على مشركة ، عابدة وثن كانت ، أو يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو غير ذلك على اختلافهم في الشرك ، لان ذلك محرم عليه الا في حال الضرورة الشديدة فإنه إذا كان ذلك جاز له العقد على اليهودية والنصرانية ، ولم يجز له العقد على الباقيات في حال من الأحوال ، ومن عقد على يهودية أو نصرانية فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير.

ويجوز وطؤ اليهودية والنصرانية بملك اليمين (٢) ، وقد ذكر جواز وطئ المجوسية بالملك أيضا وقيل انه مكروه وترك ذلك أحوط.

وإذا كان الرجل يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا (٣) وله زوجة فأسلم ولم تسلم زوجته فإمساكها ووطؤها جائزا له بالعقد الأول ، فإن أسلمت الزوجة ولم يسلم الرجل

__________________

(١) هذا إذا أرضعت إحدى الزوجتين احدى الطفلتين المعقود عليهما وأرضعت الأخرى الثانية فإنه داخل فيما تقدم واما إذا أرضعت كلتا الطفلتين ثم أرضعتهما الزوجة الأخرى كما هو المترائى من العبارة فبناء على ما ذكرناه آنفا في مسئلة الزوجتين وطفلة واحدة ، عدم حرمة الزوجة الثانية هنا أيضا لعدم الفرق بين الطفلة الواحدة والمتعددة ثم ان للمسئلة هنا تفاصيل كثيرة من حيث كون اللبن للزوج وعدمه والدخول بالزوجة وعدمها أوردها العلامة رحمه‌الله في التذكرة ومختاره حرمة الزوجة الثانية مطلقا طرحا للنص الذي ورد بعدمها في الطفلة الواحدة.

(٢) وكذا بنكاح المتعة في غير حال الضرورة كما يأتي في بابه.

(٣) يأتي في باب نكاح المشركين ان المجوسي كالوثني في فسخ نكاحه في هذا الفرض إلا إذا كانت زوجته يهودية أو نصرانية وانه المدار في بقاء النكاح إذا أسلم زوجها حتى في اليهودي والنصراني فراجع.

١٨٧

لم يكن له عليها سبيل وتعتد منه ، فإن أسلم قبل ان تنقضي العدة كان أملك بها ، وان أسلم بعد انقضاء ، العدة لم يكن له عليها سبيل ، وكذلك الحكم في جميع الكفار فإن أسلم واحد منهم بعد انقضاء عدة زوجته وأراد العقد عليها ، كان كغيره من الخطاب وإذا كانت مخيرة في العقد عليها منه ، أو الامتناع من ذلك.

ويحرم العقد على الناصبة المعروفة بالنصب ، ويجوز العقد على من لا يعرف منها ذلك ، ويحرم تزويج المؤمنة بالمخالف لها في الاعتقاد ولا يجوز تزويجها إلا بمؤمن مثلها.

وإذا لم يكن للمرأة زوج وفجر بها رجل حرم العقد عليها ما دامت مصرة على الفجور فان أظهرت له التوبة من ذلك والإقلاع عنه جاز له العقد عليها ويعتبر اقلاعها عن ذلك ، بان تدعوها الى الفجور فتمتنع منه.

وإذا فجر رجل بامرئة حرم عليه العقد على أمها وبنتها من النسب والرضاع على كل حال فان قبلها أو لامسها من غير جماع أو ما جرى مجرى ذلك ، جاز له العقد على الأم أو البنت ومن فجر بأم زوجته أو ابنتها ، لم تحرم عليه بذلك زوجته.

ولا يجوز لرجل العقد على امرأة تكون زوجته عمتها أو خالتها من جهة النسب أو الرضاع الا برضاهما فان رضيتا ذلك كان جائزا ، وان لم ترضيا ولم يفسخ الزوج العقد ، كان لهما اعتزاله ، فاذا اعتزلته كل واحدة منهما واعتدت ثلاثة أقراء ، كان ذلك فراقا بينهما ، واغنى عن الطلاق.

ولا يجوز لرجل العقد على امة وعنده زوجة حرة إلا برضاها فان عقد على الأمة من غير رضا زوجته الحرة ، كان العقد فاسدا ، وان امضته الحرة كان ماضيا ولم يكن لها بعد ذلك خيار ، وان لم ترض بذلك كان لها اعتزال الزوج فاذا اعتزلته واعتدت أيضا ثلاثة أقراء كان ذلك فراقا بينهما واغنى عن الطلاق.

ومن عقد على حرة وامة في حال واحدة كان العقد على الأمة باطلا ، وكان عقد الحرة ماضيا وان عقد على حرة وعنده امة هي زوجة ، ولم تعلم الحرة بذلك

١٨٨

كانت مخيرة بين الصبر عليها وبين الاعتزال وينتظر بها مدة العدة ، فإذا انقضت عدتها ، كان ذلك فراقا بينهما ، فان رضيت لم تكن لها بعد ذلك خيار.

وإذا وجد الرجل الطول الى العقد على الحرة ، كره له العقد على الأمة (١) فان لم يجد الطول الى ذلك ، جاز له العقد على الأمة ، ولم يكن ذلك مكروها فان عقد عليها مع وجود الطول. كان تاركا للأفضل ، وكان العقد ماضيا.

ويكره للرجل العقد على القابلة ، وعلى بنتها ، ويكره للرجل الجمع بين أمرية قد عقد عليها وبين أمرية أبيها ، أو وليدته ، إذا لم تكن أمها.

ويكره ان يزوج ابنه ابنة أمرية كانت زوجته ، قد دخل بها إذا كانت البنت قد رزقت بعد مفارقتها له ، وليس ذلك بمحظور ، وان كانت البنت رزقت قبل عقد الرجل عليها ، كان جائزا على كل حال.

ويجوز للرجل ان يتزوج وهو مريض ، فان دخل بالزوجة ، ومات ، كان العقد ماضيا ، وصح التوارث بينهما ، وان مات قبل الدخول بها ، كان العقد باطلا ، ولم يصح بينهما توارث على حال.

وإذا أقام رجل بينة على العقد على أمرية ، وأثبت أخت تلك المرية بينة بأنها امرأة الرجل ، كانت البينة ، بينة الرجل ، (٢) أو يكون مع بينتها قد دخل بها ، فان ثبت لها أحد هذين الأمرين ، بطلت بينة الرجل.

ويكره للرجل تزويج ضرة أمه التي كانت مع غير أبيه ، وإذا عقد رجل على أمرية وحضر رجل آخر فادعى انها زوجته ، لم يلتفت الى دعواه ، الا ان تثبت بذلك بينة.

__________________

(١) يأتي في أول باب نكاح الإماء هنا انه غير جائز لكنه ان عقد عليه يصح العقد.

(٢) زاد هنا في نسخة ( خ ) وهامش نسخة ( ب ) تصحيحا « دون بينة المرأة الا ان تكون بينة المرأة قبل بينة الرجل » وهو الصواب الموافق للخبر ولقول المصنف : « فان ثبت لها أحد هذين الأمرين ».

١٨٩

باب ما يحرم من النكاح بالرضاع

« وما لا يحرم به ، وما يتعلق بذلك »

الرضاع يحرم معه النكاح ، هو كل رضاع أنبت اللحم وشد العظم ، فان لم يعلم ذلك اعتبر بعشر رضعات متواليات لا يفصل بينهن برضاع أمرية أخرى.

فان لم ينضبط العدد في ذلك كان الاعتبار فيه برضاع يوم وليلة ، لا يرضع المولود فيها امرأة أخرى ، وان يكون الرضاع في مدة الحولين ، وكل رضاع اختلفت فيه هذه الشروط مثل ان يكون مما لا ينبت لحما ولا يشد عظما ، أو يكون أقل من عشر رضعات. أو يحصل العشر رضعات ويكون قد فصل بينهن برضاع امرأة أخرى ، أو يكون يوما وليلة وقد أرضعت المولود في شي‌ء منهما امرأة أخرى ، أو يكون أقل من يوم وليلة لمن لا يراعى العدد ، أو يكون الرضاع حصل بعد انقضاء الحولين ، سواء قد فطم الطفل أو لم يفطم أو يكون الرضاع بلبن غير الفحل أو يكون بلبن در أو غير ذلك مما يخالف ما ذكرناه (١) فإنه لا يحرم النكاح معه.

ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، والمعنى في ذلك : ان المرأة إذا أرضعت بلبن بعل لها ، صبية ، حرمت عليه وعلى امه (٢) وأجداده من جهة أبيه وامه وان علوا ، وفي بنيه وبنى بنيه وان سفلوا وان أرضعت هذه المرأة غلاما ، حرمت هي عليه وأولادها المنتسبون إليها بالولادة دون الرضاع وأولاد البعل الذي رضع بلبنه المنتسبون اليه بالولادة والرضاع من هذه المرية وغيرها ولا يتزوج الرجل بابنته من الرضاعة ولا بنات ابنه ولان سفلوا. ولا بأخته من الرضاعة ولا بعماته وخالاته من الرضاعة ، ولا يجمع بين أختين له من الرضاع.

ويجوز ان يتزوج الرجل بالمرئة التي أرضعت ابنه وكذلك يزوجها من بنيه غير الذي أرضعت ، لأنها ليست اما لهم ، وانما هي أم أخيهم الذي أرضعته ، ولا تحرم

__________________

(١) لم يذكر فيما تقدم الا مقدار الرضاع واشتراط الحولين.

(٢) الصواب « على أبيه » كما في هامش نسخة ( ب ) بعلامة البدل.

١٩٠

عليهم لأنها ليست زوجة لأبيهم ، (١) وانما حرم الله نساء الإباء وهذه المرأة ليست من الأب بسبيل ، وهكذا يجوز ان يتزوجوا بنتها التي هي رضيع أخيهم وولدها وولد ولدها وكذلك يتزوج الرجل بنات المرية التي أرضعت ولده وبناتهن أيضا ، لأنهن لم يرضعن من لبنه ولا بينه وبينهن قرابة من رضاع ولا غيره ، وانما يحرم نكاحهن على المرضع.

ويجوز للرجل ان يتزوج بنت عمه وابنة عمته من الرضاع وكذلك : يجوز له ان يتزوج بنت خاله وابنة خالته من ذلك أيضا ، لأنهن مباحات من النسب ، وإذا كن مباحات من ذلك ، كن مباحات من الرضاع ، ويجوز ان يتزوج بكل من أبيح نكاحه من النسب.

وإذا أرضعت المرأة طفلين ولكل واحد منهما اخوة وأخوات ولادة أو رضاعا من غير الذي رضعا بلبنه ، فإنه يجوز ان يزوج اخوة وأخوات الواحد منهما إلى اخوة وأخوات الأخر على ما قدمناه (٢) ، ولا يجوز التناكح بينهما بأنفسهما (٣) ولا بين

__________________

(١) حاصله ان الرضاع انما يثبت شرعا كون المرضعة أما لأخيهم وأم الأخ ليست في النسب عنوانا محرما بنفسه وانما تحرم عليهم لكونها اما لهم أو زوجة أبيهم وكلاهما لا يثبت بالإرضاع المذكور وهكذا الكلام في تزوجهم ببنت المرضعة سواء كانت رضيعة أخيهم أو غيرها وتزوج الرجل اى أبو المرتضع ببنات المرضعة اللاتي صرن أخوات لولده فان أخت الولد انما تحرم في النسب لكونها بنتا أو بنت الزوجة المدخول بها وكلاهما لا يثبت بالرضاع ولكن المعروف بين الأصحاب في الأخير حرمتهن عليه وعدها المحقق في النكت من المسلمات للنصوص الخاصة وفي بعضها التصريح بانهن بمنزلة ولدك وهكذا بنات بعل هذه المرضعة الذي هو صاحب اللبن ولادة ورضاعا وان لم يكن من هذه المرضعة نعم بنات المرضعة رضاعا من بعل آخر لا يحرمن على ابى المرتضع ويمكن حمل كلام المصنف على ذلك

(٢) بل تقدم آنفا انه يجوز ان يتزوج اخوة الواحد منهما بالآخر نفسه.

(٣) إلا إذا أرضعت أحدهما بلبن زوج والأخر بلبن زوج آخر فيجوز التناكح بينهما كما قال فيما تقدم وأولادها المنتسبون إليها بالولادة دون الرضاع.

١٩١

إخوتهما وأخواتهما من الجهة التي (١) رضعا بلبنه كما قدمناه.

وإذا ادعت امرأة انها أرضعت طفلا لم يلتفت الى دعواها في ذلك إلا ببينة يقيمها عليه.

وإذا ربت المرأة بلبنها جديا كره لحمه ولحم ما يكون من نسله وليس ذلك بمحرم كما هو في الناس (٢).

« باب في ذكر من يجوز له العقد في النكاح »

« ومن لا يجوز له ذلك »

النكاح بغير ولى ولا شهود عندنا جائز ، ولا خلاف في ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تزوج أم سلمة ، فزوجها منه ابنها عمر ، (٣) ، ولا خلاف أيضا في ان الابن لا ولاية له على الأم ، فكأنه عليه السلم تزوجها بغير ولى ، وأيضا فإنه عليه‌السلام أعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها ، (٤) والمعتق لا يكون وليا في حق نفسه.

__________________

(١) الصواب كما في نسخة ( ب ) و ( خ ) من جهة الرجل الذي رضعا بلبنه وقد تقدم هذا في قوله « وأولاد البعل المنتسبون اليه بالولادة والرضاع من هذه المرية وغيرها » والوجه في الحرمة فيهم أنهم اخوة وأخوات بلبن الرجل.

(٢) كان المراد بالناس هنا العامة لكن لم أظفر بفتواهم هنا وانها على الحرمة أو الحلية ليظهر المراد من تشبيه المصنف.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب عقد النكاح من كتاب النكاح وفيه انه زوجها إياه صلى‌الله‌عليه‌وآله عمر ابن أبي سلمة وهو صغير لم يبلغ الحلم ولكن في الإصابة والاستيعاب ان الذي زوجه سلمة بن أبي سلمة وان أخاه عمر ولد في السنة الثانية من الهجرة أو قبلها بقليل فلم يكن سنه قابلاً لذلك.

(٤) الوسائل الباب ١١ من أبواب نكاح العبيد والإماء والباب ٢٧ من أبواب مقدمات النكاح والبحار باب أحوال أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من مجلد تاريخه في الحديث ٢٠ وصحيح مسلم وجامع الترمذي باب إعتاق الأمة وتزويجها وغير ذلك مما ورد في كتب السير في واقعة خيبر وما ورد في فضائل أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر في الاستيعاب انهم لا يختلفون في ذلك.

١٩٢

فاذا كان الأمر على ما ذكرناه وكانت الحرة رشيدة ملكت كل عقد من نكاح وغيره.

وقد ذهب بعض أصحابنا الى ان البكر لا يجوز لها العقد على نفسها إلا بإذن أبيها وهو الأظهر في الروايات والأكثر في العمل به (١) وإذا تزوج من ذكرناه كان العقد صحيحا ماضيا ومتى طلق كان الطلاق واقعا.

والنسوان على ضربين أحدهما ثيبات ، والأخر أبكار ، فاما الثيب فإنها إذا كانت كبيرة رشيدة فإنها لا تجبر على النكاح ولا تزوج إلا بإذنها واختيارها ، فان كانت صغيرة (٢) كان لوليها تزويجها.

واما الأبكار فان كانت الواحدة منهن صغيرة كان لأبيها وجدها ابى أبيها وان علا تزويجها ، وان كانت كبيرة لم يجز لأحد ان يتولى العقد عليها إلا أبوها أو جدها أبو أبيها الا ان يعضلاها فان عضلاها جاز لها ان يعقد على نفسها اى نكاح شاءت وتولى العقد عليها من أرادت من الرجال المسلمين وان كره أبوها أو جدها ذلك إذا عضلاها لم يلتفت الى كراهتهما له ، وعضلها هو ان لا يزوجاها بالأكفاء إذا خطبوها.

__________________

(١) وقال الشيخ في المبسوط الظاهر في الروايات ان للأب والجدان يجبرها على النكاح وفي أصحابنا من قال ليس له إجبارها عليه ولست اعرف به نصا انتهى.

وقال المحقق في الشرائع : وهل تثبت ولايتهما على البكر الرشيدة فيه روايات أظهرها سقوط الولاية عنها وثبوت الولاية لنفسها في الدائم والمنقطع.

قلت المسئلة من عويصات الفقه والنصوص فيها متضاربة كثيرا وفيها ستة أقوال سادسها لبعض المتأخرين وهو ثبوت الولاية لكل من الأب والبنت والأفضل لهما الاستئذان من الأخر وهذا هو الأقرب والله العالم.

(٢) بان ذهبت عذرتها بوطأ زوجها أو غيره أو بغير وطأ وقد حكى الشيخ في المبسوط عن قوم يعنى من العامة انه ليس لأحد إجبار هذه الصغيرة على النكاح حتى تبلغ وتستأذن.

١٩٣

وإذا كان الرجل فاسقا جاز ان يكون وليا للمرأة في النكاح ، سواء كان ممن له الإجبار كالأب والجد في حق البكر أو لم يكن له ذلك ، وليس من شرط صحة انعقاد عقد النكاح ، الشاهدان عندنا ، بل يصح ثبوته من دونهما ، وانما هو مستحب.

وذهب بعض أصحابنا إلى جواز عقد النكاح للمسلم على الكافرة ، وعلى هذا إذا عقد الذمي نكاح ابنته الكافرة على مسلم بمحضر من كافرين ، كان العقد صحيحا وولاية أصحاب الصنائع الدنية كالحجام والكناس والحراس ومن جرى مجراهم إذا كانوا عدولا ، صحيحة ، ويصح ولاية الضرير في النكاح ، لأنه ليس من شرط صحة عقده ، المشاهدة ، وإذا كان الأمر على ما ذكرناه في ترتيب النساء على الأولياء وأردت ترتيب الأولياء على النساء كان هذا الأولياء : أبا ، وجدا ، وأخا ، وعما ، وابن عم ، ومولى نعمة وحاكما.

فان كان أب وجد ، وكانت المرأة مجنونة أجبرها صغيرة وله تزويجها بإذنها إذا كانت كبيرة ، وان كان لها أخ ، أو ابن أخ ، أو عم ، أو ابن عم ، أو مولى نعمة لم يجبرها أحد منهم صغيرة كانت أو كبيرة (١) وإذا كانت عاقلة فهو كالعم.

إذا أوجب الولي عقد النكاح للزوج ، ثم زال عقله بجنون أو إغماء أو مرض بطل إيجابه ولم يجز للزوج القبول وكذلك لو استدعى الزوج النكاح فقدم القبول ، وقال زوجنيها ثم لحقه مثل ما قدمناه في الولي ، بطل القبول ولم يجز للولي الإيجاب.

وإذا لم يكن للمرأة الكبيرة أب ولا جد جاز لها العقد على نفسها ، وان كان لها ذلك فتستحب له ان لا يعقد عليها حتى يستأذنها ، فإن كانت بكرا ، وضحكت أو سكتت أو بكت كان ذلك رضي منها بالتزويج.

فان عقد عليها من غير ان يستأذنها كان عقده ماضيا ولم يجز لها خلافه ، ولا يجوز

__________________

(١) وفي نسخة اخرى. وان كانت.

١٩٤

لها إذا كانت بكرا ان يعقد على نفسها نكاح دوام ولا متعة إلا بإذن أبيها ورضاه فان فعلت ذلك ، كان العقد موقوفا على رضاه فان لم يرضه كان مفسوخا الا فيما قدمناه إذا عضلها.

وإذا كان لها أب وجد ، كان لكل واحد منهما العقد عليها ، والجد اولى بالتقدم في ذلك ، إذا حضرا جميعا له ، فان عقدا عليها في وقتين مختلفين ، كان العقد الأول هو الثابت والمتأخر باطلا وان عقدا عليها في وقت واحد ، كان الثابت عقد الجد دون عقد الأب ، وإذا اختاره أبوها رجلا واختار الجد غيره ، كان الثابت ما اختاره الجد دون الذي اختاره الأب.

وإذا كان الجد الذي هو أبو أبيها حيا ، وكان أبوها ميتا ، لم يجز له العقد عليها إلا بإذنها وتوكيلها له في ذلك ، لأنه مع فقد أبيه يجري مجرى غيره ممن لا ولاية له عليها إلا بإذنها وتوكيلها له وإذا كان لها جد وأخ ، فالأفضل لها إذا أرادت التوكيل في ذلك الا تعدل به عنهما ، ويستحب لها ان تجعل أمرها إلى الجد ولا تخالفه ، فإن أراد خلافها ، وكرهت هي ما اراده ، كان العمل على ما تريده هي دون ما يريده الجد.

وينبغي لها ان لا توكل في العقد عليها أباها أو غيره إذا كان كافرا وإذا كان لها اخوان فوكلتهما في العقد عليها ، فعقد الأكبر لرجل وعقد الأصغر لآخر ، كان الثابت ما عقده الأكبر ، وبطل عقد الأصغر ، فإن كان الذي عقد عليه الأصغر قد دخل بها ، كان نكاحه ماضيا ولم يكن للأكبر اعتراض عليه مع الدخول ، وان كان الأكبر سبق بالعقد ، كان لها المهر بما استحل من فرجها ، وترد إلى الذي عقد له الأكبر عليها بعد العدة ، فإن جاءت بولد من الذي كان دخل بها ، كان لا حقا بأبيه.

« في نكاح الباكرة »

وإذا كانت البالغة ثيبا ، وهي مالكة لأمرها ، جائزة التصرف في جميع أحوالها ، غير مولى عليها ، وكان أبوها حيا أو ميتا ، كان لها ان تعقد على نفسها

١٩٥

على من شاءت من الأكفاء. فإن كان أبوها حيا ، كان الأفضل لها ان لا تعدل عن رأيه ، ولا تعقد على نفسها لأحد إلا باذنه.

وإذا وكلت المرأة إنسانا في العقد عليها من رجل معين. لم يجز له العقد لغيره ، فان عقد عليها لغيره ، كان ذلك باطلا ، وإذا عقدت المرأة على نفسها ، وهي سكرى كان العقد باطلا ، فإن أفاقت ورضيت ، كان ماضيا وان لم ترضه كان باطلا فان دخل الرجل بها وهي في حال السكر : ثم أفاقت وأقرته على النكاح ، كان ماضيا.

وإذا كان لرجل عدة بنات ، فعقد على واحدة منهن لرجل ولم يسمها له ولا للشهود. وكان الزوج قد رأى جميعهن ، كان القول في ذلك قول الأب ، ووجب عليه تسليم التي نوى العقد عليها عند عقد النكاح الى الرجل ، فان كان لم يرهن كلهن كان العقد باطلا.

وحد المرية التي يجوز لها العقد على نفسها ، (١) هو بلوغها تسع سنين أو أكثر من ذلك ، والذي بيده عقدة النكاح من الأب أو غيره ممن تجعل اليه المرأة ذلك وتوليه إياها ، يجوز له العفو عن بعض المهر ، ولا يجوز له العفو عن جميعه.

وإذا عقدت الام لابنها على المرأة ، كان مخيرا بين قبول العقد فسخه فان قبله كان ماضيا ، ووجب المهر عليه ، وان لم يقبله كان المهر على امه (٢)

__________________

(١) زاد هنا في نسخة ( خ ) وهامش نسخة ( ب ) بعلامة التصحيح ( وان تولى غيرها في ذلك ).

(٢) للنص كما في الوسائل الباب ٧ من عقد النكاح لكن اعرض عنه أكثر الأصحاب وحمله بعضهم على ما إذا ادعت الأم للوكالة لما ورد ان الوكيل إذا لم يكن له بينة على توكيله وأنكره الزوج ، لزمه نصف المهر وعلى كل ، لا يبعد ان يكون المراد بالمهر هنا أيضا نصفه لأنه الذي تستحقه المرأة قبل الدخول ولتحقيقه محل آخر

١٩٦

وان كانت المرأة غير بالغ لم يجز لأحد العقد عليها إلا الأب أو الجد أبو الأب في حياة أبيه ، فإن لكل واحد منهما ان يتولى العقد عليها من غير استئذان لها ، وليس لها إذا بلغت بعد ذلك اختيار ، وان كرهت لم يلتفت الى كراهتها ، وان تولى العقد عليها غير الأب أو الجد كان العقد باطلا (١) فان بلغت ورضيته كان ماضيا ، وان كرهت كان مفسوخا ، فإن ولى واحد منهما غيرهما العقد عليها كان جائزا.

وان عقد الأب عليها (٢) وكان كافرا أو الجد وهو كذلك كان العقد باطلا وان عقد عليها غير أبيها أو جدها بغير اذن من واحد منهما ، كان العقد موقوفا على رضاها إذا بلغت ، فان رضيته كان ماضيا ، وان لم ترضه كان مفسوخا.

وإذا عقد الأبوان على ولديهما ، وهما صغيران ، ثم ماتا قبل البلوغ فإنهما يتوارثان ، يرث الصبي الصبية ، وترث الصبية الصبي وان عقد عليهما غير أبويهما ان لم يكن لهما أبوان وكان (٣) لهما ذلك فلم يستأذنا في العقد وماتا قبل البلوغ ، لم يكن بينهما توارث.

فان مات الصبي بعد البلوغ والرضا بالعقد ، وترك مالا ، عزل عنه مقدار ما ترثه الصبية الى ان تبلغ ، فاذا بلغت ، عرض عليها العقد ، فان رضيت به استحلفت بالله انه لم يدعها الى الرضا به الطمع في الميراث ، فان لم تحلف ، لم تعط شيئا وان حلفت ، دفع إليها ذلك.

وإذا عقد رجل لابن له غير بالغ على جارية ، كان الخيار للابن إذا بلغ ، وإذا عقد الأب لابن له صغير نكاحا وسمى له مهرا ، ثم مات الأب ، وجب أخذ المهر من أصل تركته قبل القسمة الا ان يكون لابنه مال في وقت العقد ، فان المهر يؤخذ منه ، ولا يؤخذ من مال الأب شي‌ء على حال.

__________________

(١) يعنى غير ماض في حال فلا ينافي كونه موقوفا.

(٢) لعل المراد ما إذا كانت الصبية بحكم المسلم بان كانت أمها مسلمة أو كان كفر الأب بعد ولادتها لما تقدم من جواز عقد الذمي نكاح بنته الكافرة.

(٣) في نسخة ( خ ) « أو كان » وهو أصح.

١٩٧

« باب الصداق وأحكامه »

. قال الله تعالى ( وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً ) (١).

وقال تعالى ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (٢) وقال ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) (٣).

وقال النبي (٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله : أدوا العلائق قيل : يا رسول الله وما العلائق؟ قال : ما تراضى عليه الأهلون فجواز المهر ثابت بما ذكرناه والإجماع أيضا منعقد عليه وهو عندنا غير مقدر ، وسائر (٥) ما يجوز ان يكون ثمنا لمبيع أو اجرة لمكترى يصح ان يكون صداقا قليلا كان ، أو كثيرا.

ويستحب عندنا ان لا يتجاوز فيه السنة المحمدية خمس مائة درهم جيادا ويجوز ان يكون منافع الحر مهرا ، مثل ان يخدمها شهرا ، أو على خياطة ثوب ، أو على ان يخيط لها شهرا ، وكذلك البناء وما أشبهه ، وكذلك تعليم القرآن والمباح من الشعر.

__________________

(١) النساء ـ ٤

(٢) النساء ـ ٢٤

(٣) البقرة ـ ٢٣٧

(٤) في بعض النسخ « وروى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » كما في المبسوط والخير بهذا اللفظ لم أجده في اخبار الخاصة والعامة الا أنه أرسله في أم الشافعي في كتاب الصداق بنحو الجزم والقبول.

وروى في سنن الدارقطني ج ٣ باب المهر والبيهقي في كتاب الصداق بإسناد هما عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال أنكحوا الأيامى قيل ما العلائق بينهم يا رسول الله قال ما تراضى عليه الأهلون وأو رد هما ابن الأثير في النهاية في مادة علق وفسر العلائق بالمهور قال وعلاقة المهر ما يتعلقون به على المتزوج وعلى كل ، النصوص المصرحة بجواز كون الصداق ما تراضى به الناس أو الزوجان قليلا كان أو كثيرا مستفيضة كثيرة من طرق الخاصة والعامة كما في الوسائل الباب ١ من أبواب المهور وكنز العمال ج ١٦ وغيرهما.

(٥) اى جميع.

١٩٨

وروى أصحابنا ان الإجارة مدة لا يصح ان يكون صداقا ، لان ذلك مخصوص بموسى عليه‌السلام (١).

وإذا أصدق الرجل المرأة شيئا من تعليم القرآن فيجب ان يكون ذلك معينا ، وإذ أصدقها تعليم سورة عين عليها وكذلك : ان كان تعليم آيات منها ، لان ذلك يختلف ، فاما التعليم بالحرف الفلاني أو قراءة (٢) فلان فغير معتبر به عندنا.

فإن أصدقها تعليم سورة بعينها وهو لا يحفظها فان قال على ان أحصل لك ذلك كان صحيحا ، لأنه أوجبه على نفسه في ذمته ، وان قال على ان القنك انا إياها صح ذلك لأنه وجب في ذمته ، فليس يلزمه ، ان يكون مالكا وذكر انه لا يصح وهو الأحوط.

وإذا جعل صداقها إن يجيئها بعبدها الآبق فالأحوط انه لا يصح ، فإنه يجوز ان يجده ويجوز ان لا يجده ولها هاهنا مهر المثل.

وإذا أصدقها خياطة ثوب بعينه فهلك الثوب بطل الصداق ، وكان لها عليه مثل أجره خياطة ذلك الثوب ، وكذلك القول في كل مهر معين إذا هلك ، في انه يجب قيمته دون مهر المثل ، فان كان المهر فاسدا وجب مهر المثل ، ويستقر جميعه بالدخول ونصفه بالطلاق قبل الدخول :

__________________

(١) الوسائل ج ١٥ الباب ٢٢ من أبواب المهر ففيه « قلت فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين فقال عليه‌السلام ان موسى (ع) قد علم انه سيتم له شرطه فكيف لهذا بان يعلم ان سيبقى حتى يفي » ولا ريب ان ظاهره عدم الجواز بإجارة الزوج نفسه للمرأة أيضا لعدم علمه بالبقاء الى الوفاء لكن يحتمل ان يكون مراد الامام (ع) نفى جوازه بالإجارة لأبيها فإن المهر ملك للمرأة فقط كما صرح به في النصوص فالتعليل المزبور محمول على ضرب من التقريب والا فجعل المهر تعليم سورة من القرآن للمرأة أيضا كذلك مع انه قد صرح في عدة من الاخبار بجوازه.

(٢) ظاهره ان الحرف غير القراءة فلعل مراده بالحرف اللهجة كالترقيق والإشمام ولكن في المبسوط القراءة هي الحرف ويحتمل ان يكون صواب المتن « اى قراءة »

١٩٩

فان زمن الخياط أو تعطل ، وكان قد شرط لها خياطة ثوب لم يبطل الصداق وان كان شرط ان يخيطه هو بنفسه ، كان الصداق باطلا ، الا (١) انه علقة بشي‌ء معين وان كان الثوب والرجل سالمين فالحكم في ذلك على ما قدمناه. (٢)

وإذا أصدقها الرجل صداقا ملكت جميعه بالعقد وكان من ضمان الزوج ، فان هلك في يده قبل القبض ، كان من ضمانه ، وإذا قبضته كان من ضمانها ، وان كان له نماء وزيادة ، كان ذلك لها من حين ملكته بالعقد حتى دخل بها ، أو يطلقها.

ولا يصح المهر الا ان يكون مما يتملكه المسلمون مثل الدنانير ، والدراهم وماله قيمة من فضة ، أو ذهب ، أو دار ، أو عقار ، أو حيوان رقيقا كان ، أو غير رقيق أو ما جرى مجرى ذلك مما تقدم ذكره أو ما أشبهه فإذا قرر المتزوجان بينهما شيئا من ذلك ورضيا به مهرا ، كان مهرا صحيحا ، واما مالا يصح للمسلمين تملكه مثل الميتة ، ولحم الخنزير والخمر ، والشراب المسكر ، وما أشبه ذلك ، فلا يجوز ان يجعل مهرا ، ولا اجرا (٣) في النكاح ، فان عقر على شي‌ء منه كان باطلا (٤) فان تزوج ذمي يستحل ذلك بذمية على شي‌ء منه وأسلم قبل ان تقبضه الزوجة لم يجز له دفع ذلك إليها ، وكان عليه لها قيمته عند مستحيلة.

ولا يجوز نكاح الشغار ، وهو ان يزوج الرجل ابنته أو أخته لرجل على ان يزوجه الرجل ابنته أو أخته من غير صداق يستقر بينهما سوى ذلك ، ولا يجوز النكاح

__________________

(١) الصواب « لأنه » كما في نسخة ( ب ) والمبسوط ثم الظاهر ان الحكم هنا ان عليه اجرة مثل الخياطة كما في هلاك الثوب.

(٢) اى يستقر عليه جميع الخياطة بالدخول ونصفها بالطلاق قبله إذ ليس فيما تقدم غير ذلك مما يناسبه.

(٣) الأجر في النكاح هو المهر كما ورد في القرآن الكريم فلعل مراد المصنف هنا نكاح المتعة حيث ورد انهن مستأجرات

(٤) الظاهر ان المراد كان المهر باطلا فينتقل الى مهر المثل للمرأة كما تقدم

٢٠٠