المهذّب - ج ١

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب - ج ١

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢

ثم قلت : ان الاحتياط يتناول ما ذكرته ، فأمسك (١).

ثانيا ـ ما جاء في كتاب الطهارة ، عند ما إذا اختلط المضاف بالماء المطلق وكانا متساويين في المقدار ، فذهب القاضي إلى أنه لا يجوز استعماله في رفع الحدث ، ولا إزالة النجاسة ، ويجوز في غير ذلك ، ثم قال :

وقد كان الشيخ أبو جعفر الطوسي ـ رحمه‌الله ـ قال في يوما في الدرس : هذا الماء يجوز استعماله في الطهارة وازالة النجاسة.

فقلت له ولم أجزت ذلك مع تساويهما؟

فقال : إنما أجزت ذلك لان الأصل الإباحة.

فقلت : له الأصل وان كان هو الإباحة ، فأنت تعلم أن المكلف مأخوذ بأن لا يرفع الحدث ولا يزيل النجاسة عن بدنه أو ثوبه الا بالماء المطلق ، فتقول أنت بأن هذا الماء مطلق؟! فقال : أفتقول أنت بأنه غير مطلق؟.

فقلت له : أنت تعلم أن الواجب أن تجيبني عما سألتك عنه قبل أن تسألني بـ « لا » أو « نعم » ثم تسألني عما أردت ، ثم اننى أقول بأنه غير مطلق.

فقال : ألست تقول فيها إذا اختلطا وكان الأغلب والأكثر المطلق فهما مع التساوي كذلك؟

فقلت له : انما أقول بأنه مطلق إذا كان المطلق هو الأكثر والأغلب ، لأن ما ليس بمطلق لم يؤثر في إطلاق اسم الماء عليه ، ومع التساوي قد أثر في إطلاق هذا الاسم عليه ، فلا أقول فيه بأنه مطلق ، ولهذا لم تقل أنت بأنه مطلق ، وقلت فيه بذلك إذا كان المطلق هو الأكثر والأغلب ، ثم ان دليل الاحتياط تناول ما ذكرته ، فعاد الى الدرس ولم يذكر فيه شيئا (٢).

وهذا النمط من البحث والنقاش والأخذ والرد في أثناء الدروس يرشد الى

__________________

(١) المهذب كتاب الكفارات ج ٢ ص ٤١٩ و ٤٢٠.

(٢) المهذب ، كتاب الطهارة ج ١ ص ٢٤ ـ ٢٥

١

مكانة القاضي في درس الشيخ الطوسي وان منزلته لم تكن منزلة التلميذ بل كان رجلا مجتهدا ذا رأى ونظر ربما قدر على إقناع أستاذه وإلزامه برأيه.

٥ ـ ان الناظر في ثنايا كتاب « المهذب » يرى بأن المؤلف ـ المترجم له ـ يعبر عن أستاذ السيد المرتضى بلفظة « شيخنا » بينما يعبر عن « الشيخ الطوسي « بلفظة الشيخ أبو جعفر الطوسي » لا بـ « شيخنا » والفارق بين التعبيرين واضح وبين.

وهذا وان لم يكن قاعدة مطردة في هذا الكتاب الا انها قاعدة غالبية. نعم عبر في « شرح جمل العلم والعمل » عنه بـ « شيخنا » كما نقلناه.

٦ ـ ينقل هو رأى الشيخ الطوسي ـ رحمه‌الله ـ في مواضع كثيرة بلفظ « ذكر » أى قيل ، وقد وجدنا موارده في مبسوط الشيخ ـ رحمه‌الله ـ ونهايته.

ولا شك أن هذا التعبير يناسب تعبير الزميل عن الزميل لا حكاية التلميذ عن أستاذه وعلى كل تقدير فرحم الله الشيخ والقاضي بما أسديا إلى الأمة من الخدمات العلمية ، ووفقنا للقيام بواجبنا تجاه هذين العلمين ، والطودين الشامخين ، سواء أكانا زميلين أو استاذا وتلميذا.

استمرار الاجتهاد والمناقشة في آراء الشيخ :

لقد نقل صاحب المعالم عن والده ـ الشهيد الثاني ـ رحمه‌الله بأن أكثر الفقهاء الذين نشأوا بعد الشيخ كانوا يتبعونه في الفتوى تقليدا له لكثرة اعتقادهم فيه وحسن ظنهم به فلما جاء المتأخرون وجدوا أحكاما مشهورة قد عمل بها الشيخ ومتابعوه فحسبوها شهرة بين العلماء ، وما دروا أن مرجعها الى الشيخ وأن الشهرة إنما حصلت بمتابعته.

قال الوالد ـ قدس الله نفسه ـ : وممن اطلع على هذا الذي تبينته وتحققته من غير تقليد : الشيخ الفاضل المحقق سديد الدين محمود الحمصي ، والسيد رضي الدين ابن طاوس ، وجماعة.

وقال السيد ـ رحمه‌الله ـ في كتابه المسمى : بـ « البهجة لثمرة المهجة » : أخبرني

٢

جدي الصالح ـ قدس الله روحه ـ ورام بن أبي فراس ـ قدس الله روحه ـ أن الحمصي حدثه أنه لم يبق مفت للإمامية على التحقيق بل كلهم حاك. وقال السيد عقيب ذلك : والان فقد ظهر لي أن الذي يفتي به ويجاب على سبيل ما حفظ من كلام المتقدمين(١)

ولكن هذا الكلام على إطلاقه غير تام ، لما نرى من أن ابن البراج قد عاش بعد الشيخ أزيد من عشرين سنة ، وألف بعض كتبه كالمهذب بعد وفاة الشيخ وناقش آراءه بوضوح ، فعند ذلك لا يستقيم هذا القول على إطلاقه : « لم يبق مفت للإمامية على التحقيق بل كلهم حاك ».

وخلاصة القول أن في الكلام المذكور نوع مبالغة ، لوجود مثل هذا البطل العظيم ، وهذا الفقيه البارع.

مدى صلته بالشيخ الطوسي :

قد عرفت مكانة الشيخ ومنزلته العلمية ، فقد كان الشيخ الطوسي ينظر اليه بنظر الإكبار والإجلال ، ولأجل ذلك نرى أن الشيخ ألف بعض كتبه لأجل التماسه وسؤاله

فها هو الشيخ الطوسي يصرح في كتابه « المفصح في إمامة أمير المؤمنين » بأنه ألف هذا الكتاب لأجل سؤال الشيخ ( ابن البراج ) منه فيقول :

سألت أيها الشيخ الفاضل أطال الله بقاءك وأدام تأييدك إملاء كلام في صحة إمامة أمير المؤمنين ، على بن أبى طالب ، صلوات الله عليه (٢)

كما أنه ألف كتابه « الجمل والعقود » بسؤاله أيضا حيث قال : أما بعد فأنا مجيب الى ما سأل الشيخ الفاضل ـ أدام الله بقاءه ـ ، من إملاء مختصر يشتمل على ذكر كتب العبادات (٣).

ونرى أنه ألف كتابه الثالث « الإيجاز في الفرائض والمواريث » بسؤال الشيخ

__________________

(١) معالم الدين ـ الطبعة الجديدة ـ المطلب الخامس في الإجماع ص ٤٠٨

(٢) الرسائل العشر ص ١١٧.

(٣) الرسائل العشر ص ١٥٥.

٣

أيضا فيقول : سألت أيدك الله إملاء مختصر في الفرائض والمواريث (١).

ولم يكتف الشيخ بذلك ، فألف رجاله بالتماس هذا الشيخ أيضا إذ يقول : أما بعد فانى قد أجبت الى ما تكرر سؤال الشيخ الفاضل فيه ، من جمع كتاب يشتمل على أسماء الرجال الذين رووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعن الأئمة من بعده الى زمن القائم عليهم‌السلام ، ثم أذكر من تأخر زمانه عن الأئمة من رواة الحديث (٢).

ويقول المحقق الطهراني في مقدمته على « التبيان » عند البحث عن « الجمل والعقود » : قد رأيت منه عدة نسخ في النجف الأشرف ، وفي طهران ، ألفه بطلب من خليفته في البلاد الشامية ، وهو القاضي ابن البراج ، وقد صرح في هامش بعض الكتب القديمة بأن القاضي المذكور هو المراد بالشيخ ، كما ذكرناه في الذريعة ج ٥ ص ١٤٥ (٣)

ويقول المحقق الشيخ محمد واعظ زاده في تقديمه على كتاب « الرسائل العشر » :

وفي هامش النسخة من كتاب « الجمل والعقود » التي كانت بأيدينا ، قد قيد أن الشيخ هو ابن البراج.

وعلى ذلك يحتمل أن يكون المراد من الشيخ الفاضل في هذه الكتب الثلاثة هو الشيخ القاضي ابن البراج ، كما يحتمل أن يكون هو المراد في ما ذكره في أول كتاب الفهرس حيث قال :

ولما تكرر من الشيخ الفاضل ـ ادام الله تأييده ـ الرغبة في ما يجرى هذا المجرى وتوالى منه الحث على ذلك ، ورأيته حريصا عليه ، عمدت الى كتاب يشتمل على ذكر المصنفات والأصول ولم أفرد أحدهما عن الأخر. ، وألتمس بذلك القربة الى الله تعالى ، وجزيل ثوابه ، ووجوب حق الشيخ الفاضل ـ أدام الله تأييده ـ ، وأرجو أن يقع ذلك موافقا لما طلبه ان شاء الله تعالى (٤).

ونرى نظير ذلك في كتابه الخامس أعنى « الغيبة » حيث يقول :

__________________

(١) الرسائل العشر ص ٢٦٩

(٢) رجال الشيخ ص ٢

(٣) التبيان ج ١ مقدمة المحقق الطهراني ص ( ث )

(٤) فهرس الشيخ ص ٢٤

٤

فانى مجيب الى ما رسمه الشيخ الجليل أطال الله بقاه ، من إملاء كلام في غيبة صاحب الزمان (١). وربما يحتمل أن يكون المراد من الشيخ في الكتاب الخامس ، هو الشيخ المفيد ، ولكنه غير تام لوجهين.

أولا : انه ـ قدس‌سره ـ قد عين تاريخ تأليف الكتاب عند البحث عن طول عمره حيث قال : فان قيل : ادعاؤكم طول عمر صاحبكم أمر خارق للعادات ، مع بقائه ـ على قولكم ـ كامل العقل تام القوة والشباب ، لأنه على قولكم في هذا الوقت الذي هو سنة سبع وأربعين وأربع مائة ...

ومن المعلوم ان الشيخ المفيد قد توفي قبل هذه السنة ب ٣٤ عاما.

أضف الى ذلك أنه يصرح في أول كتاب الغيبة بأنه ( رسمه مع ضيق الوقت وشعت الفكر ، وعوائق الزمان ، وطوارق الحدثان ) ، وهو يناسب أخريات اقامة الشيخ في بغداد ، حيث حاقت به كثير من الحوادث المؤسفة المؤلمة ، حتى ألجأت الشيخ الى مغادرة بغداد مهاجرا الى النجف الأشرف ، حيث دخل طغرل بك السلجوقي بغداد عام ٤٤٧ ، واتفق خروج الشيخ منها بعد ذلك عام ٤٤٨ ، فقد أحرق ذلك الحاكم الجائر مكتبة الشيخ والكرسي الذي يجلس عليه في الدرس ، وكان ذلك في شهر صفر عام ٤٤٨ (٢)

أضف الى ذلك أن شيخ الطائفة ألف كتابا خاصا باسم « مسائل ابن البراج » نقله شيخنا الطهراني في مقدمة « التبيان » عن فهرس الشيخ (٣).

أساتذته :

لا شك أن ابن البراج ـ رحمه‌الله ـ أخذ أكثر علومه عن أستاذه السيد المرتضى

__________________

(١) الغيبة ص ٧٨.

(٢) لاحظ المنتظم لابن الجوزي ج ٨ ص ١٧٣ ، الكامل لابن الأثير ج ٨ ص ٨١.

(٣) التبيان ص أ ـ ب. ونص به أيضا العلامة الطباطبائي في فوائده الرجالية لاحظ ج ٣ ص ٢٣٣

٥

رحمه‌الله ـ وتخرج على يديه ، قال السيد بحر العلوم الفوائد ج ٣ص ١٣ « وقد تلمذ على السيد المرتضى وأخذ عنه العلم والفقه ، الجم الغفير من فضلاء أصحابنا وأعيان فقهائنا منهم. والقاضي السعيد عبد العزيز بن البراج ». وحضر بحث شيخ الطائفة على النحو الذي سمعت ، غير أننا لم نقف على أنه عمن أخذ أوليات دراساته في الأدب وغيره

وربما يقال أنه تتلمذ على المفيد ، كما في « رياض العلماء » (١) وهو بعيد جدا ، لان المفيد توفي عام ٤١٣ ه‍ ، والقاضي بعد لم يبلغ الحلم لأنه من مواليد ٤٠٠ أو بعام قبله ، ومثله لا يقدر على الاستفادة عادة من بحث عالم نحرير كالمفيد ـ رحمه‌الله ـ

وقد ذكر التستري صاحب المقابيس أنه تلمذ على الشيخ أبى الفتح محمد بن على بن عثمان الكراجكي. أحد تلاميذ المفيد ثم السيد، ومؤلف كتاب « كنز الفوائد » وغيره من المؤلفات البالغة ثلاثين تأليفا (٢).

وقال في الرياض ناقلا عن المجلسي في فهرس بحاره : ان عبد العزيز بن البراج الطرابلسي من تلاميذ أبى الفتح الكراجكي ، ثم استدرك على المجلسي بان تلميذه هو القاضي عبد العزيز بن أبى كامل الطرابلسي ، لا عبد العزيز بن نحرير (٣) غير أن التستري لم يذكر على ما قاله مصدرا ، نعم بحسب طبع الحال فقد أخذ عن مثله.

وربما يقال بتلمذه على ابى يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري ، صهر الشيخ المفيد وخليفته ، والجالس محله الذي وصفة النجاشي في رجاله بقوله : بأنه متكلم فقيه قيم بالأمرين جميعا (٤).

__________________

(١) رياض العلماء ج ٣ ص ٤١٣.

(٢) ريحانة الأدب ج ٥ ص ٤٠.

(٣) رياض العلماء ج ٣ ص ١٤٢

(٤) النجاشي ص ٢٨٨ ، وهذا الشيخ هو الذي اشترك مع النجاشي في تغسيل السيد المرتضى ، يقول الشيخ النجاشي عند ترجمة المرتضى : وتوليت غسله ومعى الشريف أبو يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري وسالار بن عبد العزيز ، وبذلك يظهر أنه كان حيا عام وفاة المرتضى ، وهو ٤٣٦ ه‍ فلا يصح القول بأنه قد توفي عام ٤٣٣ ، بل هو توفي اما في ٤٤٣ ، أو ٤٦٣ والأخير هو الحق الحقيق بالتصديق لاحظ مقال العلامة الحجة السيد موسى الزنجاني دام ظله في مجلة « نور علم » العدد ١١ و ١٢.

وليعلم أن الشيخ أبا يعلى غير محمد بن على بن حمزة الطوسي المشهدي ، وهو الذي يقول فيه الشيخ منتجب الدين : فقيه ، عالم ، واعظ له تصانيف منها : الوسيلة ، الواسطة ، الرائع في الشرائع ، المعجزات ، مسائل في الفقه ، ( البحار ج ١٠٢ ص ٢٧١ ).

٦

ولم نقف على مصدر لهذا القول ، سوى ما ذكره الفاضل المعاصر الشيخ كاظم مدير شانه‌چى في مقدمة كتاب لشرح ( جمل العلم والعمل ) للقاضي ابن البراج.

وربما عد من مشايخه أبو الصلاح تقى الدين بن نجم الدين المولود عام ٣٤٧ والمتوفى عام ٤٤٧ ، عن عمر يناهز المائة ، وهو خليفة الشيخ في الديار الحلبية ، كما كان القاضي خليفته في ناحية طرابلس.

كما يحتمل تلمذه على حمزة بن عبد العزيز الملقب بسلار المتوفى عام ٤٦٣ ، المدفون بقرية خسروشاه من ضواحي تبريز ، صاحب المراسم ولم نجد لذلك مصدرا وانما هو وما قبله ظنون واحتمالات ، وتقريبات من الشيخ الفاضل المعاصر « مدير شانه‌چى » وعلى ذلك فقد تلمذ المترجم له على الشيخ أبى عبد الله جعفر بن محمد الدوريستى الذي هو « ثقة عين ، عدل ، قرأ على شيخنا المفيد ، والمرتضى علم الهدى » (١)

وقد ذكر الفاضل المعاصر من مشايخه عبد الرحمن الرازي ، والشيخ المقرئ ابن خشاب ، ونقله عن فهرس منتجب الدين ، غير أنا لم نقف على ذلك في فهرس منتجب الدين وانما الوارد فيه غير ذلك. (٢)

فقد قال الشيخ منتجب الدين : الشيخ المفيد أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الحسين النيسابوري الخزاعي ، شيخ الأصحاب بالري ، حافظ ، ثقة ، واعظ ، سافر في البلاد شرقا وغربا ، وسمع الأحاديث عن المؤالف والمخالف ، وقد قرأ على السيدين : علم الهدى المرتضى ، وأخيه الرضى ، والشيخ أبى جعفر الطوسي ، والمشائخ :

__________________

(١) فهرس منتجب الدين ص ٢١٥ ـ ٢١٦.

(٢) وقد رفعنا رسالة في هذا الموضوع الى الفاضل المعاصر « مدير شانه‌چى » فتفضل بالجواب مصرحا بأن الحق انهما من تلاميذه لا من مشايخه.

٧

سالار ، وابن البراج ، والكراجكي ـ رحمهم‌الله جميعا ـ وقال أيضا : الشيخ المفيد عبد الجبار بن عبد الله بن على المقرئ الرازي فقيه الأصحاب بالري ، قرأ عليه في زمانه قاطبة المتعلمين من السادة والعلماء ، وقد قرأ على الشيخ أبى جعفر الطوسي جميع تصانيفه وقرأ على الشيخين سالار وابن البراج (١).

عام تأليف الكتاب :

قد ذكر القاضي في كتاب الإجارة تاريخ اشتغاله بكتابة باب الإجارة وهو عام ٤٦٧ (٢). فالكتاب حصيلة ممارسة فقهية ، ومزاولة طويلة شغلت عمر المؤلف مدة لا يستهان بها ، وعلى ذلك فهو ألف الكتاب بعد تخلية عن القضاء لأنه اشتغل بالقضاء عام ٤٣٨ ومارسها بين عشرين وثلاثين عاما ، فعلى الأول كتبها بعد التخلي عنه ، وعلى الثاني اشتغل بالكتابة في أخريات ممارسته للقضاء.

وعلى ذلك فالكتاب يتمتع بأهمية كبرى ، لأنه ـ رحمه‌الله ـ وقف في أيام توليه للقضاء على موضوعات ومسائل مطروحة على صعيد القضاء ، فتناولها بالبحث في الكتاب وأوضح أحكامها ، فكم فرق بين كتاب فقهي يؤلف في زوايات المدرسة من غير ممارسة عملية للقضاء ، وكتاب يؤلف بعد الممارسة لها أو خلالها.

ولأجل ذلك يعتبر الكتاب الحاضر « المهذب » من محاسن عصره.

تلاميذه :

كان شيخنا المترجم له يجاهد على صعيد القضاء بينما هو يؤلف في موضوعات فقهية وكلامية ، وفي نفس الوقت كان مفيدا ومدرسا ، فقد تخرج على يديه عدة من الأعلام نشير الى بعضهم :

__________________

(١) بحار الأنوار ج ١٠٢ ـ فهرس الشيخ منتجب الدين ـ ٢٤٢.

(٢) راجع الجزء الثاني ، كتاب الإجارة ص ٤٧٦ قال : إذا استأجر دارا فقال المؤجر وهو مثلا في رجب : أجرتك هذه الدار في شهر رمضان ، أو كان في مثل هذه السنة وهي سنة سبع وستين وأربع مائة ، فقال : أجرتك هذه الدار سنة ثمان وستين وأربع مائة ، الى آخره.

٨

١ ـ الحسن بن عبد العزيز بن المحسن الجبهاني ( الجهيانى ) المعدل بالقاهرة فقيه ، ثقة ، قرأ على الشيخ أبى جعفر الطوسي ، والشيخ ابن البراج ـ رحمهم‌الله جميعا (١).

٢ ـ الداعي بن زيد بن على بن الحسين بن الحسن الأفطسي الحسيني الاوى ، الذي عمر عمرا طويلا كما ذكره صاحب المعالم في إجازته الكبيرة ، وهو يروى عن المرتضى ، والطوسي ، وسلار ، وابن البراج ، والتقي الحلبي جميع كتبهم وتصانيفهم وجميع ما رووه وأجيز لهم روايته (٢).

٣ ـ الشيخ الامام شمس الإسلام الحسن بن الحسين بن بابويه القمي ، نزيل الري المدعو حسكا ، جد الشيخ منتجب الدين الذي يقول نجله في حقه : فقيه ، ثقة ، قرأ على شيخنا الموفق أبى جعفر ـ قدس الله روحه ـ جميع تصانيفه بالغري ـ على ساكنه السلام ـ وقرأ على الشيخين : سلار بن عبد العزيز ، وابن البراج جميع تصانيفهما (٣)

٤ ـ الشيخ المفيد أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين النيسابوري الخزاعي

٥ ـ الشيخ المفيد عبد الجبار بن عبد الله بن على المقرى الرازي ، وقد توفي بطرابلس ، ودفن في حجرة القاضي ، كما حكى عن خط جد صاحب المدارك ، عن خط الشهيد وكان حيا الى عام ٥٠٣ (٤).

وقد عرفت نص الشيخ منتجب الدين في حق الرجلين.

٦ ـ الشيخ أبو جعفر محمد بن على بن المحسن الحلبي ، فقيه ، صالح ، أدرك الشيخ أبا جعفر الطوسي ـ رحمه‌الله ـ (٥).

وقال في « الرياض » : انه يظهر من اجازة الشيخ على الكركي للشيخ على الميسي وغيرها من المواضع ، انه يروى عن القاضي عبد العزيز بن البراج ـ

__________________

(١) فهرس منتجب الدين المطبوع في الجزء ١٠٢ من البحار ص ٢١٩.

(٢) المستدرك ج ٣ ص ٤٤٤ ، طبقات أعلام الشيعة في القرن الخامس ص ٧٥.

(٣) فهرس منتجب الدين المطبوع في بحار الأنوار ج ١٠٢ ص ٢١٩.

(٤) طبقات أعلام الشيعة في القرن الخامس ص ١٠٣ و ١٠٧.

(٥) فهرس منتجب الدين المطبوع في بحار الأنوار ج ١٠٢ ص ٢٦٥.

٩

قدس الله روحه ـ الشيخ أبو جعفر محمد بن محسن الحلي (١) وينقل عنه.

وقال في تلك الإجازة في مدح ابن البراج هكذا : الشيخ السعيد الفقيه ، الحبر العلامة ، عز الدين ، عبد العزيز بن البراج ـ قدس الله سره ـ (٢).

٧ ـ عبد العزيز بن أبى كامل القاضي عز الدين الطرابلسي ، سمى شيخنا المترجم له ، يروى عن المترجم له ، والشيخ الطوسي ، وسلار ، ويروى عنه عبد الله بن عمر الطرابلسي كما في « حجة الذاهب » (٣).

٨ ـ الشيخ كميح والد أبى جعفر ، يروى عن ابن البراج (٤).

٩ و ١٠ ـ الشيخان الفاضلان الأستاذان ابنا المؤلف : أبو القاسم (٥) وأبو جعفر اللذان يروى عنهما الراوندي والسروي وغيرهم (٦).

١١ و ١٢ ـ أبو الفتح الصيداوي وابن رزح ، من أصحابنا (٧) هؤلاء من مشاهير تلاميذ القاضي وقفنا عليهم في غضون المعاجم وليست تنحصر فيمن عددناهم.

وقال السيد بحر العلوم : وله كتاب الموجز في الفقه قرأ عليه الفقيه شمس الإسلام الحسن بن الحسين بن بابويه (٨) والشيخ الفقيه الحسين بن عبد العزيز (٩) وشيخ الأصحاب عبد الرحمن بن أحمد الخزاعي (١٠) وفقيه الأصحاب عبد الجبار بن

__________________

(١) ووصفه الشيخ منتجب الدين : بالحلبي كما نقلناه آنفا.

(٢) رياض العلماء ج ٣ ص ١٤٤

(٣) طبقات أعلام الشيعة في القرن الخامس ص ١٠٦

(٤) طبقات أعلام الشيعة في القرن السادس ص ٤.

(٥) وبما أن كنية القاضي هو أبو القاسم ، فلازم ذلك ان يكون اسم ابنه القاسم لا أبا القاسم ، ومن جانب آخر فإن التسمية بنفس القاسم وحده بلا ضم كلمة الأب إليه قليل في البيئات العربية ، فيحتمل وحدة الكنية في الوالد والولد.

(٦) المقابيس ص ٩٠.

(٧) رياض العلماء ج ٣ ص ١٤٣ و ١٤٥.

(٨) وهو جد الشيخ منتجب الدين المدعو بـ « حسكا » تجد ترجمته في فهرس منتجب الدين

(٩) ترجمة الشيخ منتجب الدين في فهرسه ص ٤ وقال : « الموفق الشيخ أبو محمد الحسين بن عبد العزيز بن الحسن الجهانى المعدل بالقاهرة فقيه ثقة قرأ على الشيخ ابى جعفر الطوسي والشيخ ابن البراج »

(١٠) ترجمه الشيخ منتجب الدين في فهرسه ص ٧ ونص على تلمذه على ابن البراج

١٠

عبد الله الرازي (١) وعبيد الله (٢) بن الحسن بن بابويه (٣).

وفي خاتمة المطاف ننبه على أمور :

١ ـ انه كثيرا ما يشتبه الأستاذ بالتلميذ لأجل المشاركة في الاسم واللقب ، فتعد بعض تصانيف الأستاذ من تآليف التلميذ.

قال في « رياض العلماء » : وعندي أن بعض أحوال القاضي سعد الدين عبد العزيز ابن البراج هذا ، قد اشتبه بأحوال القاضي عز الدين عبد العزيز بن أبى كامل الطرابلسي (٤). ويظهر من الشهيد الأول في كتابه « الأربعين » في سند الحديث الثاني والثلاثين ، وسند الحديث الثالث والثلاثين مغايرة الرجلين.

قال الشهيد الأول في سند الحديث الثاني والثلاثين : حدثنا الشيخ الامام قطب الدين أبو الحسين القطب الراوندي ، عن الشيخ أبى جعفر محمد بن على بن المحسن الحلي(٥)

قال : حدثنا الشيخ الفقيه الامام سعد الدين أبو القاسم عبد العزيز بن نحرير بن البراج الطرابلسي ، قال : حدثنا السيد الشريف المرتضى علم الهدى أبو القاسم على بن الحسين الموسوي ، الى آخره ، وفي سند الحديث الثالث والثلاثين. حدثنا الشيخ أبو محمد عبد الله بن عمر الطرابلسي ، عن القاضي عبد العزيز بن أبى كامل الطرابلسي ، عن الشيخ الفقيه المحقق أبى الصلاح تقى بن نجم الدين الحلبي ، عن السيد الامام المرتضى علم الهدى. الى آخره (٦).

ولاحظ الذريعة ج ٣٢ ص ٤٩٢ فلا شك ـ كما ذكرنا ـ فإن القاضي عبد العزيز

__________________

(١) لاحظ المصدر نفسه.

(٢) لاحظ المصدر أيضا ص ١٥.

(٣) الفوائد الرجالية ج ٣ ص ٢٣.

(٤) رياض العلماء ج ٣ ص ١٤٣ و ١٤٥.

(٥) وقد عرفت أن الصحيح هو « الحلبي ».

(٦) الأربعون للشهيد ، في شرح الحديث الثاني والثلاثين والثالث والثلاثين ص ٢٣ ـ ٢٤ فيظهر من السندين مغايرة الرجلين وتعاصرهما.

١١

ابن أبى كامل تلميذ القاضي بن نحرير.

٢ ـ يظهر من غضون المعاجم أن بعض ما ألفه القاضي في مجالات الفقه كان مركزا للدراسة ، ومحورا للتدريس ، حيث أن الشيخ سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي ـ الشهير بالقطب الراوندي ـ كتب بخطه اجازة لولده على كتاب « الجواهر في الفقه » لابن البراج عبد العزيز وهذه صورتها :

قرأه على ولدي نصير الدين أبو عبد الله الحسين ـ أبقاه الله ومتعني به ـ ، قراءة إتقان ، وأجزت له أن يرويه عن الشيخ أبى جعفر محمد بن المحسن الحلبي عن المصنف (١).

ولم تكن الدراسة لتقتصر على كتاب « الجواهر » ، بل كان كتابة الأخر وهو ( الكامل ) كتابا دراسيا أيضا.

ولذلك نرى أن الشيخ أبا محمد عبد الواحد الحبشي ، من تلاميذ القاضي عبد العزيز بن أبى كامل الطرابلسي ، قرأ الكامل عليه.

والكامل من مؤلفات شيخنا المترجم له (٢).

٣ ـ نقل صاحب الرياض أنه تولى القضاء في طرابلس ، لدفع الضرر عن نفسه بل عن غيره أيضا ، والتمكن من التصنيف ، وقد عمل أكثر الخلق ببركته بطريق الشيعة ، وقد نصبه على القضاء جلال الملك عام ٤٣٨ ه‍ (٣).

٤ ـ وقال صاحب الروضات : ان من المستفاد من كتاب ( الدرة المنظومة ) لسيدنا العلامة الطباطبائي انه يعبر عن القاضي بالحافى ، ولم نجد له مصدرا قبله.

قال في منظومته :

وسن رفع اليد بالتكبير

والمكث حتى الرفع للسرير

__________________

(١) قد مضى أنه من تلاميذ القاضي.

(٢) طبقات أعلام الشيعة في القرن السادس ص ١٦٨.

(٣) رياض العلماء ج ٣ ص ١٥٢ وتأسيس الشيعة ص ٣٠٤

١٢

والخلع للحذاء دون الاحتفاء

وسن في قضائه الحافي الحفاء (١)

٥ ـ ان طرابلس بلد على ساحل البحر الأبيض المتوسط وهي جزء من لبنان الفعلي ، يقع في شماله ، وهي غير طرابلس عاصمة ليبيا ، والثانية أيضا تقع على البحر الأبيض.

تآليفه

خلف الترجم له ثروة علمية غنية في الفقه والكلام ، تنبئ عن سعة باعه في هذا المجال ، وتضلعه في هذا الفن.

وإليك ما وقفنا عليه من أسمائها في المعاجم :

١ ـ الجواهر : قال في رياض العلماء : رأيت نسخة منه في بلدة ساري ، من بلاد مازندران ، وهو كتاب لطيف ، وقد رأيت نسخة اخرى منه بأصفهان عند الفاضل الهندي ، وقد أورد ـ قدس‌سره فيه المسائل المستحسنة المستغربة والأجوبة الموجزة المنتخبة (٢)

٢ ـ شرح جمل العلم والعمل.

٣ ـ المهذب ـ وهو الكتاب الذي بين يديك.

٤ ـ روضة النفس.

٥ ـ المقرب في الفقه ( الذريعة ٢٢ ص ١٠٨ ).

٦ ـ المعالم في الفروع ( الذريعة ج ٢١ ص ١٩٧ ).

٧ ـ المنهاج في الفروع ( الذريعة ج ٢٣ ص ١٥٥ ).

٨ ـ الكامل في الفقه ، وينقل عنه المجلسي في بحاره ( الذريعة ج ١٧ ص ٢٥٧ ).

٩ ـ المعتمد في الفقه ( الذريعة ج ٢١ ص ٢١٤ ).

١٠ ـ الموجز في الفقه ، وربما ينسب الى تلميذه ابن أبى كامل الطرابلسي ( لاحظ الذريعة ج ٢٣ ص ٢٥١ ).

__________________

(١) روضات الجنات ج ٤ ص ٢٠٥ ـ لكن من المحتمل ان يكون « الحافي » مصحف « القاضي » لقرابتهما في الكتابة فلاحظ.

(٢) رياض العلماء ج ٣ ص ١٤٢.

١٣

١١ ـ عماد المحتاج في مناسك الحاج ( لاحظ الذريعة ج ١٥ ص ٣٣١ ).

ويظهر من الشيخ ابن شهرآشوب في « معالم العلماء » أن كتبه تدور بين الأصول والفروع كما أن له كتابا في علم الكلام.

ولكنه مع الأسف قد ضاعت تلك الثروة العلمية ، وذهبت إدراج الرياح ولم يبق الا الكتب الثلاثة : الجواهر ، المهذب ، شرح جمل العلم والعمل.

ويظهر من ابن شهرآشوب أنه كان معروفا في القرن السادس بابن البراج ، وهذا يفيد بابن البراج كان شخصية من الشخصيات ، حتى أنه نسب القاضي الى هذا البيت.

هذه هي كتبه وقد طبع منها « الجواهر » ضمن « الجوامع الفقهية » على وجه غير نقى عن الغلط ، فينبغي لرواد العلم إخراجه وتحقيق متنه على نحو يلائم العصر.

كما أنه طبع من مؤلفاته « شرح جمل العلم والعمل » بتحقيق الأستاذ كاظم مدير شانه‌چى.

وها هو « المهذب » نقدمه الى القراء الكرام ، بتحقيق وتصحيح وتعليق ثلة من الفضلاء ستوافيك أسماؤهم.

وقد كان سيدنا الأستاذ آية الله العظمى البروجردي ـ قدس الله سره ـ يحث الطلاب على المراجعة إلى المتون الفقهية المؤلفة بيد الفقهاء القدامى وكان يعتبر الشهرة الفتوائية على وجه لا يقل عن الإجماع المحصل.

وكان من نواياه ـ قدس‌سره ـ طبع بعض الكتب الفقهية الاصيلة منها :

١ ـ الكافي ، للفقيه أبى الصلاح الحلبي.

٢ ـ الجامع للشرائع ، ليحيى بن سعيد الحلي.

٣ ـ كشف الرموز ، للفقيه عز الدين الحسن بن أبى طالب اليوسفي الابى ، تلميذ المحقق وشارح كتاب « النافع » شرحا حسنا متوسطا وقد أسماه ـ كما عرفت ـ بـ « كشف الرموز ».

٤ ـ المهذب ، للقاضي ابن البراج.

١٤

وقد طبع الأول ـ بفضل الله ـ بتحقيق الشيخ الفاضل رضا استادى.

وطبع « الجامع » للحلي وقامت بنشره مؤسسة سيد الشهداء بتحقيق ثلة من الأفاضل مع تقديمنا له.

وأما الثالث فسوف نقوم بتحقيقه وتصحيحه وطبعه بعد جمع مخطوطاته الأصلية من المكتبات ان شاء الله.

وها هو « المهذب » وقد حققت نصوصه بعد تحمل المشاق في جمع مخطوطاته الأصلية

وقد قام بهذا الجهد العلمي ـ الذي لا يعرف مداه سوى من له إلمام بتحقيق الكتب ـ لفيف من الفضلاء بين مستنسخ ومقابل ومحقق نصوصه ومستخرج أحاديثه الى غير ذلك من الأمور التي يقف عليها القارئ عند المراجعة وإليك أسماء محققي هذا الجزء :

١ ـ السيد أحمد القدوسي الطهراني ، ٢ ـ السيد محمد الكمارى ، ٣ ـ الشيخ محمد على المظاهري ، فشكر الله مساعيهم الجميلة.

وقام بالتعليق عليه وحل بعض معضلاته الأفاضل العظام :

١ ـ الشيخ على جاويدان.

٢ ـ السيد محمد الكاهاني الخراساني.

٣ ـ السيد على أصغر الموسوي.

فشكر الله جهودهم المباركة ولا يقوم بهذه المهمة العلمية الشاقة الا من له ولع بالعلم ، واهتمام بإحياء الآثار العلمية القديمة ولا يقف على مدى هذه الجهود الا من له إلمام بإحياء التراث العلمي.

ومؤسسة « سيد الشهداء عليه‌السلام العلمية » إذ تعتز بتقديم ثالث منشوراتها الى القراء الكرام وتأمل ان يقع لديهم موقع القبول والرضا.

وصف النسخ التي اعتمدوا عليها

وإليك وصف النسخ التي وقف عليها المحققون وعملوا على ضوئها وهي ثمان نسخ :

١ ـ نسخة فتوغرافية أخذت عن النسخة المحفوظة في مكتبة المرجع الديني الأعلى السيد آقا حسين الطباطبائي البروجردي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ وهي نسخة

١٥

جديدة مصححة كاملة ، جيدة الخط ، وكانت سنة استنساخها ١٣٤٨ الهجرية القمرية

٢ ـ نسخة جيدة غير مصححة ، وهي تشتمل على كتاب الإقرار الى كتاب المواريث ، وهي في خزانة كتب السيد العلامة الحجة الآية السيد آقا حسين الخادمى الأصفهاني ـ قدس الله سره ـ وليس فيها ذكر من سنة الاستنساخ.

٣ ـ نسخة غير كاملة ولا مصححة ، جيدة الخط ، من خزانة كتب الحجة الآية الحاج السيد مصطفى الصفائي الخوانسارى دام ظله ، وهي تشتمل على كتاب الطهارة الى كتاب الزكاة ، وليس فيها ذكر من سنة الاستنساخ.

٤ ـ نسخة غير كاملة ولا مصححة ، من خزانة كتب السيد المرجع الديني النجفي المرعشي دام ظله ، وهي تشتمل على كتاب الطهارة الى كتاب الزكاة ، ليس فيها ذكر من سنة الاستنساخ.

٥ ـ نسخة عتيقة غير مصححة ولا كاملة ، من خزانة كتب « جامعة طهران » ليس فيها ذكر من سنة الاستنساخ ، وهي تشتمل على كتاب الطهارة إلى آخر أبواب الصلاة.

٦ ـ نسخة كاملة جديدة جيدة الخط ، غير مصححة ، من مكتبة الخطيب المصقع الشيخ على أصغر مرواريد الخراساني ، وكانت سنة استنساخها ١٢٤١ الهجرية القمرية.

٧ ـ نسخة مكتبة « دار القرآن الكريم » في قم المشرفة ، لمؤسسها آية الله العظمى الكلبايكاني ، نسخت عام ١٢٥٦ ، وهي من أول كتاب الإجارة إلى آخر الكتاب.

٨ ـ نسخة مكتبة الروضة المقدسة الرضوية ، وهي نسخة ثمينة عتيقة جدا ، من كتاب الإجارة إلى آخر الكتاب ، وقد نسخت عام ٦٥١ الهجرية ، المحفوظة في الخزانة برقم ٢٥٩٨ ـ ٣٨٨ ، وعليها علامة وقف حبيب الله الواعظ.

قم ساحة الشهداء ـ مؤسسة الامام الصادق (ع)

جعفر السبحاني

تحريرا في ١٧ ربيع الأول ١٤٠٦

١٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الواحد القديم العزيز العليم ، الذي أنعم على عباده المكلفين ، وميزهم به من سائر المخلوقين ، إيثارا منه سبحانه وتعالى لنيلهم منازل الثواب ، والظفر بمراتبه في كريم المئاب ، وجعله وصلة لهم الى ذلك أصلا وفرعا وعقلا وشرعا ، ونصب عليه الدلائل الواضحات ، والحج البينات ، إزاحة لعللهم وغاية في الأنعام عليهم ، حمد المستبصرين الذاكرين ، وله الشكر على نعمة ابدا الآبدين ، وصلى الله على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد والأئمة من آله الطاهرين وسلم تسليما.

اما بعد : فلو ساعدتنى الأقدار وأطاعني الإمكان والاختيار ، لكنت مستسعدا بالزيارة (١) والإيلام (٢) ، والقبول والإلهام بالحضرة القضوية التقية الخالصية ادام الله أيامها ما دام الجديدان ، وصرف عنها صرف الحدثان ، إذ كانت عضدا للمؤمنين ، وركنا من أركان الدين ومقرا للرئاسة والعدل ومحلا للنفاسة والفضل ، ولما كنت غير قادر على ما قدمته ولا متمكن مما ذكرته ، رأيت وضع كتاب ترتبته (٣)

__________________

(١) في بعض النسخ « بالزيادة » بدل « بالزيارة »

(٢) أو لم الرجل : عمل وصنع وليمة

(٣) كذا في النسخ والظاهر « رتبته »

١٧

مما يشتمل على أبواب الفقه : في الحلال والحرام والقضايا والأحكام ليكون مجددا لذكري عندها ، وعوضا عن مثوبى بها ، فوضعت هذا الكتاب لذلك وليكون عدة للإخوان ، كثرهم الله في الرجوع اليه ، للمعرفة بعباداتهم الشرعية وما عساه تلتبس عليهم في ذلك من المسائل الفقهية ، ومن الله سبحانه أستمد المعونة والتأييد والتوفيق والتسديد وهو حسبي ونعم الوكيل.

فصل : اعلم ان الشرعيات على ضربين :

أحدهما : أعم في بلوى المكلف بها والأخر ليس كذلك.

فإما الأعم : فهو الصلاة وحقوق الأموال والصوم والحج والجهاد.

واما ما ليس كذلك فهو ما عدا هذه والجملة منها.

والضرب الأعم أيضا ينقسم الى ما هو أعم في البلوى من باقيه والى ما ليس كذلك وهو ما عداها من هذا الضرب وإذا كانت الشرعيات تنقسم الى ما ذكرناه ، وكان الاولى تقديم ذكر الأعم على ما ليس كذلك وجب ان يقدم ذكر العبادات الخمس على جميع ما سواها من الشرعيات ، وهذا بعينه يقتضي تقديم ذكر الصلاة على حقوق الأموال والصوم والحج والجهاد ، وإذا وجب على ما ذكرناه تقديم ذكر الصلاة على الجميع ، وكان إيقاعها لا يصح الا بالطهارة وجب تقديمها عليها ، ونحن لذلك فاعلون بعون الله وحسن توفيقه.

كتاب الطهارة

قال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ، وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ

١٨

فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) (١).

وقال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (٢).

وقال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ، قُمْ فَأَنْذِرْ ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ، وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) (٣).

وإذا شرعنا في ذكر الطهارة فينبغي ان نبتدئ بذكر أشياء ، منها : ما الطهارة ومنها ما به يفعل ، ومنها أقسامها ، ومنها مقدماتها ، ومنها كيفياتها ، ومنها ما يوجب إعادتها ، ومنها ما يتبعها ويلحق بها.

فصل :

في بيان الطهارة الشرعية :هي استعمال الماء والصعيد على وجه يستباح به الصلاة أو تكون عبادة يختص بغيرها.

ما به يفعل الطهارة :

الذي يفعل به الطهارة شيئان : أحدهما بالماء ، والأخر بالصعيد ، ولما كان الصعيد انما يستعمل في حال الضرورة وعند عدم الماء أو فقد التمكن من استعماله وكانت الطهارة به بدلا من الطهارة بالماء وجب تقديم ذكر المياه عليه ونحن نقدم ذلك بمشيئة الله وعونه.

باب المياه وأحكامها :

قال الله تبارك وتعالى : ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ ) (٤)

وقال سبحانه ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ). (٥)

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سئل عن البحر ، فقال : هو الطهور ماؤه ، الحل

__________________

(١) المائدة : ٦

(٢) البقرة : ٢٢٢

(٣) المدثر : ١ ـ ٥

(٤) الأنفال : ١١

(٥) الفرقان : ٤٨

١٩

ميتته (١) فكل ماء نزل من السماء ، أو نبع من الأرض وكان مخزونا ، أو ماء بحر أو على اى وجه كان فهو على أصل الطهارة ما لم تعلم فيه نجاسة.

وهو على ضربين : طاهر ليس بمطهر ، وطاهر مطهر ، فاما الطاهر الذي ليس بمطهر فهو جميع المياه المستخرجة والمعتصرة وكل ماء مضاف منها ، مثل ماء الورد والآس والقرنفل (٢) والريحان والخلاف (٣) والزعفران وكل ما أشبه ذلك وجميع هذه المياه يجوز استعمالها في غير الطهارة فاما في الطهارة فلا يجوز ويلحق به في ذلك كلما خالطه جسم طاهر فسلبه إطلاق اسم الماء.

واما الطاهر المطهر ، فهو كل ما استحق إطلاق اسم الماء ولم يكن نجسا ، وهذا الماء ، هو الذي يجب استعماله في الطهارة ، ورفع الأحداث وازالة النجاسات عن الأبدان والثياب ، ويجوز في غير ذلك من شرب وما سواه ، فكل هذه المياه كما ذكرناه على أصل الطهارة ، والحكم بذلك فيها مستمر حتى تعلم ملاقاة شي‌ء من النجاسات لها.

وهي على ثلاثة أضرب : جار ، وراكد ليس من مياه الآبار ، ومياه الآبار.

فاما الجاري فمحكوم بطهارته حتى يتغير أحد أوصافه التي : هي الريح واللون والطعم من نجاسة ، فإذا صار كذلك حكم بنجاسته ولم يجز استعماله على وجه من الوجوه إلا في الشرب بمقدار ما يمسك الرمق عند الخوف من تلف النفس

واما الراكد الذي ليس من مياه الآبار فهو على ضربين : أحدهما ان يكون مقداره كرا أو أكثر منه ، والأخر ان يكون أقل من كر.

فاما ما كان مقداره كرا أو أكثر منه فليس ينجس بملاقاة شي‌ء من ذلك له الا

__________________

(١) الوسائل ، ج ١ ، الباب ٢ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٤ ، الا ان فيه « سئل عن الوضوء بماء البحر » وفي دعائم الإسلام ، ج ١ ص ١١١ : روينا. عن رسول الله ( صلى الله عليهم أجمعين ). وانه ذكر البحر ، فقال : هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته

(٢) القرنفل : ثمر شجرة كالياسمين ، والخلاف : شجر الصفصاف

(٣) القرنفل : ثمر شجرة كالياسمين ، والخلاف : شجر الصفصاف

٢٠