المهذّب

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٧
الجزء ١ الجزء ٢

ممن تحيض ، والمدخول بها ولم تبلغ المحيض ، ولا في سنها من تحيض ، وطلاق التي لم تبلغ المحيض ، وفي سنها من تحيض ، والحامل المستبين حملها ، والآئسة من المحيض (١) وليس في سنها من تحيض والغائب عنها زوجها ، وطلاق الغلام وطلاق المماليك ، وطلاق المريض.

واما لو أحق الطلاق فضربان : أحدهما له مدخل في بعض ضروب الطلاق ويقتضي الفرقة والبينونة والأخر لا مدخل له في ذلك ، وان اقتضى الفرقة والبينونة أو كان كالسبب في ذلك ، فاما الأول من هذين الضربين فهو النشوز ، والخلع ، والمباراة ، والشقاق ، وقد سلف ذكر ذلك ، واما الثاني : فهو الظهار ، والإيلاء واللعان والارتداد ، وسيأتي بيان جميع ذلك فيما بعد.

« باب صفة طلاق السنة »

طلاق السنة : هو : ان يطلق الرجل زوجته وهو غير غائب عنها ، على الشروط التي سلف ذكرها من كونها غير حائض ، وكونها طاهرا في طهر لم يقربها فيه بجماع.

وغير ذلك مما قدمنا ذكره ، طلقة واحدة ، ويتركها حتى تخرج من عدتها فاذا خرجت منها ملكت نفسها ، ولم يكن له عليها بعد ذلك سبيل ، وكان خاطبا من الخطاب ومتى لم تخرج من عدتها كان أملك برجعتها وله ردها وإذا خرجت من العدة ، وأراد تزويجها لم يجز له ذلك الا بعقد جديد ، ومهر جديد ، فاذا تزوجها كذلك ودخل بها ثم أراد طلاقها ، فعل بها مثل ما فعله في الطلقة الاولى من استيفاء الشروط ، ويطلقها طلقة ثانية ، ويتركها حتى تنقضي عدتها ، فاذا خرجت منها كانت أملك بنفسها ، ولم يكن له عليها سبيل. فإن أراد بعد ذلك العقد عليها ، عقد عليها عقدا

__________________

(١) زاد هنا في هامش نسخة ( ب ) بعلامة التصحيح « وفي سنها من تحيض والايسة من المحيض ».

٢٨١

جديدا بمهر جديد ، فإن أراد طلاقها بعد ذلك ، فعل بها كما فعل في الطلقتين الأوليين من استيفاء الشروط ، وطلقها ، فاذا طلقها الثالثة ، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره

فان تزوجت بين الطلقة الاولى والثانية ، أو بين الثانية والثالثة ، زوجا بالغا تزويج دوام ، ودخل بها ، هدم هذا التزويج ما تقدم من الطلاق ، وكذلك إذا تزوجت على هذه الصفة بعد الطلقة الثالثة ، فإنه يهدم التطليقات الثلاث ، ويجوز لها الرجوع الى الزوج الأول بعقد جديد ومهر جديد ابدا.

« باب طلاق العدة »

طلاق العدة مخصوص بمن ترى دم الحيض ، وصفته ان يطلقها على الشروط السالف ذكرها ، فاذا طلقها كذلك ، راجعها قبل انقضاء عدتها ولو بيوم أو يومين ، فإذا أراد ان يطلقها طلقة ثانية ، جامعها ثم استبرأها بحيضة ، وطلقها الثانية ، كما طلقها الاولى على الشروط التي ذكرناها ، فاذا طلقها ، استرجعها قبل ان تنقضي عدتها ، فإذا أراد طلاقها جامعها ، ثم استبرأها بحيضة ، وطلقها طلقة ثالثة على الشروط التي تقدم ذكرها ، فاذا طلقها الثالثة ، فقد بانت منه في الحال ولم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، ولا يجوز لها ان تتزوج غيره أيضا حتى تنقضي عدتها ، فاذا قضتها ، وتزوجت زوجا بالغا تزوج دوام ، ودخل بها ، ثم طلقها ، أو مات عنها ، جاز لها الرجوع الى الأول بعقد جديد ومهر جديد ، فان راجعها كذلك وطلقها ثلاث تطليقات أخر ، كما قدمناه لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، فاذا تزوجت به على الصفة المقدم ذكرها ، وطلقها أو مات عنها ، جاز لها الرجوع اليه بعقد جديد ومهر جديد ، فان طلقها بعد ذلك ثلاث تطليقات أخر ، يكمل بها مع ما تقدم ذكره تسع تطليقات ، لم تحل له ابدا.

والزوج الذي يحلل رجوع المرية إلى الأول ، هو ان يكون بالغا حرا كان أو عبدا ، ويكون تزويجه بها تزويج الدوام ، ويدخل بها ، فان اختل شي‌ء من ذلك بان يكون غير بالغ ، أو كان بالغا ولا يدخل ، أو يكون بالغا وقد دخل بها ويكون التزويج

٢٨٢

متعة ، فإنه لا يجوز لها الرجوع الى الأول ، مع ذلك

واما المراجعة فأقل ما تحصل به ان يقبلها ، أو يلامسها ، أو ينكر طلاقها عند انقضاء عدتها ، فأي شي‌ء فعل من ذلك كان رجعة ، وان أراد المراجعة من غير هذا الوجوه ، بان يختار ذلك ويتلفظ بها كان أيضا رجعة ، والأفضل له ان يشهد على المراجعة شاهدين فان لم يشهد على ذلك كان جائزا ، الا ان الأفضل له.

والأحوط ما ذكرناه ، لأنه متى لم يشهد على ذلك ، وأنكرته المرأة وشهد له شاهدان بالطلاق حكم به لها ، وثبت عليه الطلاق ، ولم يكن له عليها سبيل ، وإذا راجعها وأراد ان يطلقها طلقة اخرى للعدة لم يجز له ذلك حتى يجامعها ، ويستبرئها بحيضة كما ذكرناه ، فان لم يجامعها أو عجز عن ذلك لم يجز له طلاقها للعدة ، فإن أراد طلاقها وهو كذلك ، طلقها للسنة.

« باب طلاق المدخول بها »

« وهي ممن تحيض »

هذا الطلاق قد تقدم بيانه فيما ذكرناه ، من صفة طلاق السنة والعدة ، ولا حاجة الى إعادته.

« باب طلاق التي لم يدخل بها »

« وهي ممن تحيض »

إذا أراد الرجل طلاق هذه الزوجة طلقها واحدة أي وقت أراد على الشروط التي قدمناه ذكرها الا الحيض فإنه يجوز ان يطلقها وهي حائض أو غير حائض فإذا طلقها فقد بانت منه في الحال فان كان بعد ذلك (١) كان خاطبا من الخطاب ، وجاز لها ان

__________________

(١) اى ان كان الطلاق بعد هذه الصفة

٢٨٣

تتزوج (١) بعد حال الطلاق ، وليس عليها عدة ، فإذا أراد مراجعتها لم يجز له ذلك الا بعقد جديد ، ومهر جديد ، فان راجعها (٢) وطلقها قبل الدخول بها ، فقد بانت منه أيضا بتطليقتين ، وهو بعد ذلك خاطب من الخطاب.

فإن أراد مراجعتها كان بعقد جديد ، ومهر جديد ، فان طلقها (٣) قبل الدخول بها ، طلقة ثالثة ، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره على الشرط الذي تقدم ذكره.

ومن طلق زوجته قبل الدخول بها ، فعلى ضربين اما ان يكون سمى لها مهرا أو لا يكون سمى لها مهرا ، فان كان الأول وجب لها عليه نصفه ، (٤) وان كان الثاني كان عليه ان يمتعها على قدر حاله ، فان كان موسرا ، كان ذلك جارية ، أو دابة ، أو ثوبا قيمته خمسة دنانير ، أو ما زاد على ذلك وان كان متوسط الحال ، فمن ثلاثة دنانير أو ما زاد عليها ، وان كان معسرا فدينار ، أو خاتم ، أو ما جرى مجرى ذلك.

ويعتبر في المتعة ما جرت العادة به من حال المرية والرجل.

« باب طلاق المدخول بها ، ولم تبلغ المحيض »

« ولا في سنها من تحيض »

إذا أراد الرجل طلاق زوجة له مدخول بها ، وهي لم تبلغ المحيض ، ولا في سنها من تحيض ، وحد ذلك تسع سنين (٥). فليطلقها اى وقت أراد طلاقها ، فإذا

__________________

(١) اى بهذا الرجل أو غيره

(٢) اى بعقد جديد

(٣) اى بعد ما راجعها

(٤) تقدم بعض التفصيل في ذلك في باب الصداق من النكاح

(٥) الصواب « دون تسع سنين » كما في النهاية ويدل عليه قول المصنف بعد ذلك : فان كان لها تسع سنين وزائدا وقد تقدم في النكاح باب ما ينبغي فعله عند العقد انه لا يجوز الدخول بالزوجة قبل بلوغها تسع سنين فان فعل وعابت كان

٢٨٤

طلقها بانت منه ، وصار عند ذلك خاطبا من الخطاب ، فان كان سمى لها مهرا ، وجب ذلك لها عليه على كماله ، وان لم يكن سمى لها مهرا ، كان لها مهر مثل نسائها ، ولا يتجاوز بذلك مهر السنة خمس مائة درهم ، فان كان لها تسع سنين وزائدا على ذلك ، ولم يكن حاضت بعد ، وأراد طلاقها ، فينبغي (١) له ان يصبر عليها ثلاثة أشهر ثم يطلقها بعد ذلك.

« باب طلاق التي لم تبلغ المحيض »

« وفي سنها من تحيض »

إذا كان للرجل زوجة لم تبلغ المحيض وفي سنها من تحيض ، وأراد طلاقها ، فينبغي له ان يستبرئها بثلاثة أشهر ، فإذا فعل ذلك ، طلقها ، ان اختار طلاقها.

« باب »

« طلاق الحامل المستبين حملها »

طلاق هذه المرية إذا أراد زوجها طلقها (٢) اى وقت شاء ، فاذا طلقها واحدة ، فهو أملك برجعتها ، ما لم تضع حملها ، فاذا استرجعها على هذا الوجه ، ثم أراد ان يطلقها طلاق السنة لم يجز له ذلك ، حتى تضع حملها ، فإن أراد ان يطلقها للعدة الطلقة التي قدمنا ذكرها جاز له ذلك ، وينبغي (٣) له إذا أراد ذلك ان يواقعها ، ثم

__________________

عليه ضمان عيبها ويفرق بينهما ولا تحل له ابدا ونحوه كلام الشيخ في النهاية وجماعة من الأصحاب فظاهرهم انه إذا لم يحصل بها عيب جاز إمساكها ووطأها بعد البلوغ لكن ذكر ابن إدريس في السرائر ان مرادهم هنا جواز الإمساك فقط مع حرمة وطأها أبدا وهو بعيد فراجع والله العالم.

(١) الظاهر ان المراد به هنا الوجوب كما في الباب التالي وما بعده

(٢) وفي نسخة طلاقها.

(٣) اى يجب كما تقدم آنفا.

٢٨٥

يطلقها ، فاذا فعل ذلك بانت منه بتطليقة (١) ، وهو أملك برجعتها ، فان استرجعها وأراد ان يطلقها ، واقعها ثم يطلقها بعد المواقعة ، فإذا فعل ذلك بانت منه بتطليقتين ، وهو أملك برجعتها ، فان استرجعها ثم أراد ان يطلقها الثالثة ، واقعها ثم طلقها ، فاذا طلقها الثالثة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، وليس لها ان تتزوج حتى تضع حملها ، فان كانت حاملا باثنين ، فهي تبين من بعلها بوضعها الأول ، الا انه لا تحل لها ان تتزوج حتى تضع الباقي من حملها.

« باب طلاق الآئسة »

« من المحيض وفي سنها من تحيض »

إذا كانت المرأة آيسة من المحيض وفي سنها من تحيض وأراد زوجها طلاقها فينبغي له أن يستبرئها بثلاثة أشهر فإذا استبرئها بذلك طلقها إن شاء وحد من كانت كذلك ان ينقص سنها عن خمسين سنة فإن أراد طلاقها من غير استبراء بما ذكرناه لم يجز له ذلك.

« باب طلاق الآئسة »

« من المحيض وليس في سنها من تحيض »

إذا كانت المرأة آيسة من المحيض وليس في سنها من تحيض وحد ذلك ان يكون سنها خمسين سنة ، أو أكثر من ذلك ، وأراد زوجها طلاقها ، طلقها اى وقت شاء ، فاذا طلقها بانت منه في الحال ، وكان بعد ذلك خاطبا من الخطاب.

« باب طلاق الغائب عنها زوجها »

الرجل الغائب عن زوجته ، إذا أراد طلاقها ، فان كان لما خرج عنها كانت

__________________

(١) الصواب « بتطليقتين » وجملة « وهو أملك ـ الى ـ بتطليقتين » زائدة أو المراد من قوله : فاذا فعل ذلك هو الطلاق الأول فيكون ما بعده تكرارا لما قبله وهو بعيد

٢٨٦

طاهرة في طهر ، لم يقربها فيه ، بجماع ، طلقها اى وقت شاء.

وان كانت طاهرة طهرا ، قد قربها فيه بجماع ، وأراد طلاقها لم يجز له ذلك حتى يمضى لها ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر (١) ثم يطلقها بعد ذلك ، اى وقت شاء ، وإذا أراد طلاقها طلقها ، طلقة واحدة ، فإذا فعل ذلك كان أملك برجعتها ما لم تخرج من عدتها ، وهي ثلاثة أشهر ، ان كانت ممن تحيض ، فاذا راجعها فينبغي له ان يشهد على المراجعة ، فان لم يشهد على ذلك ، وبلغ الزوجة الطلاق ، ثم اعتدت وكملت عدتها ، لم يكن له عليها سبيل ، تزوجت ، أو لم تتزوج الا بعقد جديد ، ومهر جديد فان طلقها واشهد على طلاقها ، ثم قدم من غيبته ، ودخل بها ، واقام معها وجاءت بولد ، ثم ادعى انه كان طلقها ، لم يقبل دعواه في ذلك ، إلا ببينة (٢) وان أحضر بينة كان الولد لاحقا به.

وإذا كان له أربع نسوة ، وغاب عنهن ، ثم طلق واحدة منهن ، وأراد ان يتزوج غيرها ، لم يجز له ذلك حتى يمضي التي طلقها تسعة أشهر ، لأن في ذلك مدة الأجلين : وضع الحمل وفساد الحيض.

وإذا كان لرجل زوجة ، وهي معه في البلد ، غير انه ، لا يصل إليها بالجملة ، كان حكمه حكم الغائب عن زوجته إذا أراد طلاقها : في انه ، يصبر الى ان يمضي ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر ، ثم يطلقها اى وقت أراد طلاقها.

__________________

(١) الظاهر ان المراد ان أقل ما يمضى شهر وهو حده الواجب والأكثر منه الى ثلاثة أفضل وأحوط وذلك لاختلاف النصوص ومقتضى الجمع بينهما ما ذكر كما في الوسائل وجواهر الكلام وقيل فيه غير ذلك فراجع.

(٢) في نهاية الشيخ : لم يقبل قوله ولا بينته ونحوه في الشرائع وغيره وذكر في جواهر الكلام انه لم يظهر لنا مخالف فيه والأصل فيه خبر سليمان بن خالد كما في الوسائل الباب ١٥ من أقسام الطلاق فالظاهر ان صواب المتن « ولا بينته » مضافا الى انه لو قبلت منه لا يلحق به الولد أيضا.

٢٨٧

« باب طلاق الغلام »

الغلام إذا كان يحسن الطلاق ، وكان سنه عشر سنين ، أو أكثر من ذلك ، وأراد الطلاق ، كان ذلك جائزا ، وكذلك يجوز صدقته ، وعتقه ووصيته ، وان كان سنه أقل من عشر سنين ، أو يكون ممن لا يحسن الطلاق ، لم يحز طلاقه ، ولم يجز أيضا لوليه ان كان له ولي أن يطلق عنه الا ان يكون قد بلغ ، وهو مع ذلك فاسد العقل ، فإنه إذا كان كذلك جاز لوليه ان يطلق عنه.

« باب طلاق المماليك »

إذا كان للعبد زوجة حرة فطلاقها ثلاث تطليقات ، فان كانت الزوجة مملوكة ، كان طلاقها طلقتين ، فان طلقها واحدة ، ثم عتقا جميعا بقيت معه على تطليقة واحدة ، (١) فإن عتقا قبل ان يطلقها شيئا ، كان حكمها في الطلاق ، كحكم الحرة في ان طلاقها ثلاث تطليقات ، وان كانت للحر زوجة مملوكة ، فطلاقها تطليقتان ، فاذا طلقها كذلك لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره فإن وطأها سيدها؟ لم تحل للزوج بذلك ، ولا تحل له (٢) الا بان يدخل بها ، ويطلقها ، أو يموت عنها ، فاذا كان كذلك

__________________

(١) يعنى ان لها طلقة اخرى ثانية ثم لا تحل له حتى تنكح زوجا كغير المعتقة كما صرح المصنف بذلك في الفرع التالي وهذا هو المشهور لكن المذكور في النصوص الواردة فيه كما في الوسائل الباب ٢٨ من أقسام الطلاق : انها كانت عنده على واحدة وهذا يمكن ان يكون المراد به بقاء الطلقة الاولى وانه لا يهدمها الإعتاق كما يهدمها الإسلام لو كانت مشركة فأسلمت بعدها فلا ينافي ان يكون لها طلقتان أخريان بصيرورتها حرة كما عن ابن الجنيد لعموم الآية وهو الأقوى.

(٢) فيه سقط والصواب : « ولا تحل له الا بان تدخل في مثل ما خرجت منه من الزوجية فإذا اشتراها الزوج الذي طلقها لم يحل له أيضا وطأها حتى يزوجها من رجل يدخل بها ثم يطلقها أو يموت عنها » كذا في هامش نسخة ( ب ) لكن بعد تصحيح ألفاظه بملاحظة المعنى ومراجعة النهاية والنصوص الواردة فيه كما في الوسائل الباب ٢٦ مما ذكر.

٢٨٨

حل له وطؤها بالملك ، فان طلقها واحدة ثم أعتقت بقيت معه على طلقة واحدة ، وان تزوجها بعد ذلك ، وطلقها طلقة ثانية ، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.

« باب طلاق المريض »

لا يجوز طلاق المريض ، فان طلق كان طلاقه واقعا ، وورثته الزوجة ما بينه وبين سنة ، ان لم يبرأ من مرضه ولا تتزوج (١) المرأة ، فإن برأ المريض ، ثم مرض بعد ذلك ، ومات لم ترثه المرأة ، وكذلك ان تزوجت المرأة بعد خروجها من عدتها ، لم يكن لها منه ميراث ، فان لم تتزوج ، ومضى لها سنة ويوم ، لم يكن لها بعد ذلك ميراث ، وهو يرث المرأة ما دامت في العدة ، فإن خرجت منها لم يكن له ميراث ، ولا فرق في ذلك (٢) بين ان يكون التطليقة أوله ، أو ثانية ، أو ثالثة.

وإذا أعتقت الأمة تحت عبد وهي مريضة ، فاكتسبت مالا ، وأعتق العبد كان لها الخيار ، فان اختارت الفسخ بطلت الزوجية ، وان ماتت لم يرثها (٣) ولم ترثه هي أيضا ، والصغيرة إذا زوجها أخوها ، أو عمها ، ثم بلغت مريضة ، واختارت الفسخ ، لم يرث واحد منها الأخر.

__________________

(١) الصواب « ولم تتزوج »

(٢) أي في إرث الزوجة منه في السنة واما إرثه منها في العدة فهذا الكلام يوهم عدم الفرق المذكور فيه أيضا وأظهر منه كلام الشيخ في النهاية لكن الوجه اعتبار كونها في العدة الرجعية والظاهر ان مرادهما أيضا ذلك كما ذكره المحقق في نكت النهاية وينبغي في المقام استثناء المختلعة والمبارأة والمستأمرة فإنهن لا يرثن من الزوج وان مات بمرضه في السنة للنص.

(٣) المراد بهذا الفرع وما بعده ان حكم الإرث المذكور خاص بطلاق المريض فلا يلحق به فسخ الزوجة المريضة إن ماتت في مرضها لحرمة القياس عندنا بل الظاهر انه لا يلحق به فسخ الزوج المريض ولا غير الفسخ من أسباب زوال النكاح كاللعان وحدوث التحريم بينهما برضاع ونحوه كما صرح بذلك كله في جواهر الكلام في كتاب الطلاق.

٢٨٩

« باب الرجعة »

« قال الله تعالى ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ) » (١) أراد بذلك رجعتهن ، والرد هو الرجعة ، ( وقال تعالى ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) » (٢) فبين بذلك ان الطلاق مرتان ومعناه طلقتان ، ثم قال تعالى ( فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ ) بان يراجعها لأن الإمساك هاهنا هو الرجعة.

وقال تعالى ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) (٣).

وقال في موضع آخر ( أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) (٤) ) فخير بين الإمساك الذي هو الرجعة ، وبين المفارقة.

وقال تعالى ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ) الى قوله لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا (٥) يعني الرجعة ، فالرجعة معلوم جوازها من الشرع على كل حال ، فاذا كان كذلك فالاعتبار في الطلاق بالزوجة ان كانت حرة فثلاث تطليقات ، وان كانت امة فتطليقتان ، سواء كانت تحت حر ، أو عبد ، وعدة المرأة تكون بالأقراء ، أو بالحمل أو بالشهور ، فاذا كانت عدتها بالأقراء ، أو بالحمل ، قبل قولها في انقضاء عدتها ، فاذا قالت : قد خرجت من العدة ، قبل قولها في ذلك مع يمينها ، لأنها مؤتمنة على فرجها ، لقوله تعالى ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ ) (٦) ).

يريد الحيض ، والحمل ، كذلك جاء في التفسير ، (٧) فان ادعت ما يمكن

__________________

(١) البقرة آية ٢٢٨

(٢) البقرة ٢٢٩.

(٣) البقرة ٢٣١

(٤) الطلاق ٢.

(٥) الطلاق آية ١.

(٦) البقرة ٢٢٨.

(٧) كما في مجمع البيان عن الامام الصادق (ع) قال قد فوض الله الى النساء ثلاثة أشياء الطهر والحيض والحبل ونحوه في تفسير على بن إبراهيم لكن لا يظهر منه النسبة الى الامام عليه‌السلام وفي تفسير العياشي عنه (ع) فسره بالحمل فان صح الأول كان هذا بيانا للفرد كما في كثير من الاخبار الواردة في تفسير الآيات.

٢٩٠

صدقها قبل قولها مع يمينها ، (١) وان ادعت ما لا يمكن صدقها فيه ، لم يقبل قولها ، لان كذبها قد علم وتحقق ، فاما كيفية ما يمكن كونها صادقة فيه ، فجملته انه لا يخلو من ان تكون من ذوات الأقراء ، أو من ذوات الحمل ، فان كانت من ذوات الأقراء ، فاما ان تكون حرة أو امة ، فان كانت حرة فطلقها في حال طهرها ، فإن أقل ما يمكن فيه انقضاء عدتها ستة وعشرون يوما ولحظتان ، تبيين ذلك : انه ربما طلقها في آخر جزء من طهرها ، فاذا مضى جزء وراث الدم ثلاثة أيام وعشرة أيام طهرا ، وثلاثة أيام بعد ذلك دما ، فيكون قد حصل لها قرءان في ستة عشر يوما ولحظة ، فإذا رأت بعد ذلك عشرة أيام طهرا ، ثم رأت بعد ذلك لحظة دما ، فقد خرجت من العدة ، فتكون الجميع ستة وعشرين يوما ولحظتين. وأقل ما يمكن ان تنقضي به عدة الأمة ثلاثة عشر يوما ولحظتان ، (٢) فاذا ادعت المرأة انقضاء عدتها في أقل من المدة التي ذكرناها ، لم يقبل قولها ، لان ذلك لا يمكن بمجرى العادة وان كانت عدتها بالوضع فأقل ما يمكن ان تضع فيه ثمانون يوما ، لأنه يحتمل ان يتزوجها الرجل ، فيدخل بها ، وتحبل فتبقى النطفة أربعين يوما ، ثم تصير علقة أربعين يوما ثم تصير مضغة ، فإن وضعت ما يتصور فيه خلقة آدمي يومين (٣) المضغة ، لأنها مبتدء خلق البشر ، فان

__________________

(١) الظاهر ان المراد ما إذا أنكره الزوج كما في الشرائع والا فلا حاجة الى اليمين لقول الباقر (ع) العدة والحيض للنساء إذا ادعت صدقت وظاهر المصنف انه في أقل ما يمكن انقضاء العدة به أيضا يقبل قولها بيمينها وهو بعيد بل الوجه انه لا يقبل إلا بشهادة النساء لها وان لم ينكر عليها للنص كما في الوسائل الباب ٤٧ من أبواب الحيض وكأنه لكون الانقضاء به خلاف المتعارف وفي معرض التهمة.

(٢) فإن عدتها قرءان وتنقضي بالدخول في الحيضة الثانية وذكر جمع من الأصحاب انه يمكن نادرا ان يكون أقل وهو فيما إذا طلقها بعد وضع الحمل قبل النفاس بلحظة ثم رأته لحظة بناءا على كونه كالحيض في ذلك فعليه تنقضي في الحرة بثلاثة وعشرين يوما وثلاث لحظات وفي الأمة بعشرة أيام وثلاث لحظات.

(٣) في العبارة هنا وفي ذيلها تشويش ولعل صوابها هنا كما في المبسوط « فان

٢٩١

ادعت وضع الحمل دون ذلك كله. لم يقبل قولها ، لأنه غير ممكن ، وهذا وان كان قولا للمخالفين ، فالاحتياط يقتضي أن نقول به ، لأنها تخرج من العدة بذلك إجماعا ، ولأنه ليس لنا في ذلك نص معين ، فنقول بما يتضمنه فيه.

وإذا قالت وضعت الحمل وسرق ، أو مات ، صدقت في ذلك ، لأنها مؤتمنة عليه ، ولا تطالب بإظهار الولد.

وانما يقبل قولها في انقضاء العدة بالحمل ، فاما في إلحاق النسب والاستيلاد والطلاق إذا علق به (١) ، فلا يقبل قولها فيه ، بل يرجع ذلك الى الزوج ، فاذا قال هي ولدته وليس منى فإنه يلحقه نسبه لأجل الفراش الا ان ينفيه باللعان ، فان قال ما ولدته هي بل استوهبته ، أو سرقته ، أو التقطته ، أو أسرته (٢) لم يقبل قولها ، ويكون القول قوله مع يمينه ، لأن إقامتها البينة على انها ولدته ممكن لها ، فاذا لم تقمها كان القول قوله مع يمينه.

__________________

وضعت ما يتصور فيه خلقة آدمي أو مضغة حلت ولا فرق بين ما يتصور فيه خلقة آدمي وبين المضغة لأنها مبتدأ خلق البشر » قوله حلت اى للأزواج فهو عبارة عن الخروج من العدة وحكى في المختلف كلام المصنف والمبسوط وأسقط منهما هذه العبارة فقال بعد قولهما « ثم تصير مضغة » : فإن ادعت وضع الحمل الى آخره وكأنه أراد الاختصار وعلى كل يستفاد منهما ان أقل وضع الحمل صيرورة النطفة مضغة فلو سقط العلقة لم تنقص به العدة وهو الظاهر من الخبر الموثق كما في الوسائل الباب ١١ من أبواب العدد وروى في الكافي باب بدو خلق الإنسان من كتاب النكاح ان النطفة تكون في الرحم أربعين يوما ثم تصير علقة أربعين يوما ثم تصير مضغة فما في المتن والمبسوط من فقد نص على ما ذكر ممنوع.

(١) اى قال لها أنت طالق ان كنت حاملا فلا يثبت الطلاق بادعائها للحمل وقد تقدم ان التعليق في الطلاق غير جائز مطلقا فالمراد انه لو قيل بجوازه كما عن العامة.

(٢) عن بعض النسخ « اشترته »

٢٩٢

واما الأمة إذا أتت بولد وادعت انه من سيدها ، رجع الى السيد في ذلك ، فان قال هي ولدته وليس مني ، أو استوهبته أو التقطته أو سرقته أو ما أشبه ذلك كان القول قوله على كل حال ، لأنها ليست فراشا (١).

وإذا كانت معتدة بالشهور فطلقت كانت عدتها ثلاثة أشهر من وقت الطلاق فان كانت ممن توفي عنها زوجها ، فأربعة أشهر وعشر من وقت الوفاة ، لا يرجع في ذلك الى قبول القول ، لأنه مشاهد ، الا ان يختلفا ، فيقول الرجل طلقتك في شعبان ، تقول المرأة في رجب ، فيكون القول قوله مع يمينه ، لأن الأصل عدم الطلاق (٢) فان كان ذلك بالعكس ، فقال الزوج طلقتك في رجب ، وقالت المرأة بل في شعبان ، كان القول قولها ، لأنها تطول على نفسها العدة ، غير انه تسقط النفقة عن الزوج فيما (٣) زاد على ما أقربه الا ان تثبت بينة ، كما إذا اختلفا فقال الزوج طلقتك

__________________

(١) تعليل لقبول قوله : « ان قال ولدته وليس منى ».

وان هذا هو الفرق بين الأمة والزوجة ولكن يأتي من المصنف وغيره في باب إلحاق الأولاد ان الأمة أيضا فراش وقد أطال في جواهر الكلام في كتاب اللعان للجمع بين كلماتهم والنصوص في ذلك مختلفة والأقوى أنها فراش له بوطأها ولكن ادعى الإجماع على انتفاء ولدها عنه بنفيه دون لعانه وربما يلزمه الاحتياط أيضا في بعض الأحكام كما يأتي هنا وتقدم في بعض الأبحاث السابقة والله العالم.

(٢) وقوع الطلاق إجمالا معلوم فالمراد ان الأصل عدم وقوعه في رجب حيث اختلفا فيه فيلزمه الوقوع في شعبان ويترتب عليه امتداد العدة منها إلى ثلاثة أشهر هذا بناءا على القول بصحة الأصل المثبت وكأنه مختار المتقدمين واما بناء على عدمها كما عليه المتأخرون فيمكن استصحاب العدة المعلوم كونها في شعبان إجمالا إلى زمان الاختلاف لكن فيه اشكالا ليس هنا محل ذكره.

(٣) مقتضى تقديم قولها بالأصل المذكور ثبوت النفقة لها عليه فيما زاد أيضا كما في المعتدة بالأقراء وتنظيره بما إذا اختلفا في كون الطلاق قبل الدخول أو بعده فاسد لأن الأصل فيه عدم الدخول فيقدم قول الزوج ولعل مراد المصنف ان القول قوله على كل حال لان الطلاق فعله وهو أبصر بفعله لكن تؤخذ المرأة بقولها فيما

٢٩٣

قبل الدخول ، وتقول هي بعد الدخول ، فإنما يقبل قول الزوج في سقوط نصف المهر ، فيسقط عنه ، ويقبل قول الزوجة في وجوب العدة لأنه نصيبها ( يضرها خ ل ).

والمطلقة طلقة رجعية لا يحرم تقبيلها ولا وطؤها ، فمتى فعل زوجها ذلك ، كان رجعة ، وليس من شرط صحة الرجعة الاشهاد ، وانما هو احتياط ، واستحباب.

وإذا قال الرجل لامرأته ، راجعتك إن شئت لم يصح ، لأنه لا اعتبار هاهنا بمشيئتها.

وإذا كانت الزوجة أمة ، فطلقها طلقة رجعية ، وادعى انه كان راجعها وكذبته ، كان القول قوله فان صدقته فالقول قولها ويحكم بصحة الرجعة ، فان قال السيد كذبت هي ، وان الزوج ، ما راجعها لم يقبل ، لأن الرجعة استباحة بضع ، يتعلق بالزوجين ، وليس بزوج فلا يقبل ذلك منه.

وإذا طلقها طلقة رجعية ، واختلفا في الإصابة ، فقال الزوج طلقتك بعد ان أصبتك ولى عليك الرجعة ، ولك كمال المهر ، وعليك العدة ، وقالت المرأة طلقتني قبل ان تصيبني ، فليس على عدة ولا لك على رجعة ولى عليك نصف المهر كان القول قولها مع يمينها لان الطلاق إذا كان عن نكاح لا يعلم الإصابة به فيه ، فالظاهر وقوع الفرقة وحصول البينونة ، فإن ادعى الرجل الإصابة ، كان مدعيا لأمر باطن يريد ان يدفع به الظاهر ، فاذا حلفت سقطت دعواه ، وليس له عليها رجعة ، ولا تجب عليها العدة والسكنى ، والنفقة ، لا تجب عليه وان كان مقرا به ، لأنه ليس يقبل هذا الإقرار ، فلا حكم له ، وإذا كان المهر في يده كان لها عليه نصفه ، لأنها لا تدعي أكثر منه ، وان كان في يدها لم يجز للزوج ان يسترجع فيه النصف ، لأنه أقر بأن جميع المهر لها ، ولا يمكنه ان يسترجع شيئا لا يدعيه.

هذا إذا كان الزوج هو المدعى للإصابة ، وأنكرت الزوجة ذلك ، فاما ان

__________________

يرجع الى نفسها وهو بقاء العدة بالنسبة إلى حرمة التزويج وذلك لتضمن قولها الإقرار بذلك والله العالم.

٢٩٤

ان ادعت الزوجة الإصابة ، وأنكر الزوج ذلك ، مثل ان تقول طلقتني بعد الإصابة ويقول الزوج : طلقتك قبل الإصابة ، فهي معترفة بثبوت الرجعة والعدة ، وتدعى كمال المهر ، والزوج معترف بأنه لا رجعة له عليها ، ولا يجب له عليها عدة ، ولها عليه نصف المهر ، فان القول قوله مع يمينه ، لأن الأصل عدم الإصابة ، والظاهر ان الفرقة قد وقعت والبينونة حصلت ، وعليها البينة فيما تدعيه ، فان حلف سقطت دعواها ، وكان عليها العدة ، لأنها أقرت بوجوبها عليها ، ولا يجب لها سكنى ، ولا نفقة ، لأنها أقرت بأنها لا تستحقه (١) والمهر يجب نصفه ، سواء كان في يده ، أو في يدها ، لأنه حلف انه طلقها قبل الدخول ، فليس لها الا النصف ، فان كان دفع الجميع استرجع النصف ، فان تعلق (٢) في ذلك بالخلوة ، وان لها تأثيرا في ذلك لم يلتفت إليه ، لأن الخلوة لا تأثير لها هاهنا.

وإذا طلق الرجل زوجته ثلاثا مفترقات مشروعة ، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، ويصيبها ، ثم يطلقها ، أو يموت عنها ، وتعتد منه ، فتحل للأول حينئذ.

والخصى على ضربين : مسلوب (٣) ومجبوب ، فالمسلوب هو الذي سلب بيضتاه وبقي ذكره ، وهذا إذا تزوجت به ووطأها حلت للأزواج (٤) لأنه أولج ، وان كان لا ينزل ، والانزال غير معتبر به ( معتد به ـ خ ل ) في باب الإباحة ، لأنه لو التقى الختانان من السالم الصحيح ، ثم أكسل حلت للأول.

__________________

(١) هذا من سهو القلم فإنها مدعية للاستحقاق فدفعت عنه بإنكار الزوج ويمينه وكأنه اشتبه بالفرض الأول.

(٢) بصيعة المجهول اى ان تمسك أحد لاستحقاق جميع المهر لها بحصول الخلوة وان لها تأثيرا في ذلك كما عن بعض العامة.

(٣) الصواب « مسلول » باللاميين كما في المبسوط و « سلت » باللام المشددة والتاء المؤنثة وقد تقدم في باب التدليس في النكاح ان الخصي هو مسلول الخصيتين والمجبوب قسم آخر فما ذكره هنا مسامحة.

(٤) الصواب « للأول »

٢٩٥

واما المجبوب فان لم يبق من ذكره شي‌ء ، كان الوطأ معدوما ، ولم يتعلق به اباحة ، فإن بقي مالا يتبين ، فليس يبيحها للأول ، لأنه لا يغيب ولا يدخل ، وان بقي قدر ما يغيب منه ، إذا أولج ويلتقي معه الختانان ، فان ذلك يبيحها للأول ، ولا فرق في ذلك بين ان يكون الزوج حرا والمرأة امة ، أو المرأة حرا والزوج عبدا ، أو كانا مملوكين ، أو حرين ، أو كانت ذمية.

الطلاق بالنساء (١) فان كانت امة فطلقتان ، وان كانت حرة فثلاث تطليقات ، سواء كان الزوج حرا أو عبدا ، فالحر إذا طلق زوجته الأمة طلقتين ، ثم ملكها لم تحل له الا بعد زوج يصيبها ، ولا يجوز له وطؤها بملك اليمين ، الا بعد ذلك أيضا.

وإذا قيل لرجل أطلقت امرأتك؟ فقال : نعم بمحضر عدلين لزمه الطلاق في الظاهر ، لان معنى قوله نعم ، اى نعم طلقتها ، فان كان صادقا لزمه الطلاق ظاهرا وباطنا ، وان كان كاذبا لزمه في الحكم ، ولم بلزمه فيما بينه وبين الله.

وإذا رجع زوجته بلفظ النكاح ، مثل ان يقول لها تزوجتك أو نكحتك ، كان رجعة ، إذا قصد ذلك.

وإذا تزوجت المطلقة ثلاثا بزوج ، فوجدها على فراشه ، فظن أنها أجنبية ، فوطأها حلت للأول ، لأن شرط الإباحة قد حصل وهو الوطؤ في نكاح صحيح ، والمطلقة ثلاثا إذا وجدها رجل على فراشه فظن أنها أمته أو زوجته ، فوطأها لم تحل للأول لأنه لم يطأها في عقد ، وإذا تزوجها الزوج الثاني إلى مدة ، كان ذلك متعة ، ولم يحل مع ذلك للأول.

__________________

(١) في نسخة ( ب ) « لا طلاق النساء » فهو تعليل للتعميم المذكور قبله والأصح ما في المتن كما في نسخة الأصل فالمراد ان في الطلقتين أو الثلاث يعتبر حال المرية من كونها امة أو حرة دون زوجها وقد مضت هذه المسائل في باب طلاق المماليك.

٢٩٦

« باب الظهار »

قال الله تعالى :

« ( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) (١) ».

وعن الصادق عليه‌السلام :

قال جاء رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله ظاهرت من امرأتي ، قال اذهب فأعتق رقبة ، قال ليس عندي ، قال فصم شهرين ، قال لا أستطيع ، قال اذهب فأطعم ستين مسكينا ، فقال : والذي بعثك بالحق لا اعرف بين لابتيها أحدا أحوج إليه مني ومن عيالي ، قال اذهب وكل واطعم عيالك ». (٢)

فالظهار محرم في الشريعة.

الا ترى قوله تعالى :

( الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللّائِي وَلَدْنَهُمْ ) الى قوله تعالى ( فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ) (٣) فبين في ذلك حكمه وذكر تحريمه بأنه قول منكر وزور ، ثم ذكر الكفارة فأوجب فيها عتق رقبة ثم صوم شهرين متتابعين ، ثم إطعام ستين مسكينا ، فان ذلك مرتب ، فثبت بذلك ، ان للظهار حكما في الشريعة ، وان الكفارة تتعلق بها فالظهار الحقيقي الذي ورد به الشرع هو ان يشبه الرجل جملة زوجته ، بظهر امه أو إحدى المحرمات عليه ، فيقول : أنت على كظهر أمي أو بنتي ، أو يذكر غيرهما من المحرمات عليه

__________________

(١) المجادلة ـ ٣

(٢) الوسائل ج ١٥ الباب ٢ من أبواب الكفارات وفيه بعد قوله : ستين مسكينا « قال ليس عندي فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انا أتصدق عنك فأعطاه تمرا لإطعام ستين مسكينا وقال اذهب وتصدق بها فقال والذي بعثك بالحق ما اعلم بين لابتيها أحدا أحوج إليه مني ومن عيالي قال فاذهب فكل واطعم عيالك » قوله بين لابتيها أي في المدينة لأن اللابة هي الحرة أي الأرض ذات الحجارة ، والمدينة المنورة بين لابتين عظيمتين وروى الشيخ في المبسوط نحو هذا الخبر بوجه ابسط.

(٣) لمجادلة ـ ٢

٢٩٧

كالأخت ، أو ابنتها ، أو العمة ، أو الخالة ، وما جرى مجرى ذلك ، فليس يصح حتى ينوي الرجل به التحريم ، ويشهد عليه شاهدين في مجلس واحد ، وتكون الزوجة طاهرا طهرا لم يقربها فيه بجماع ، فان اختل مما ذكرناه شي‌ء ، لم يصح الظهار ، وكذلك لا يقع صحيحا إذا كان مشروطا ، ولا يقع أيضا صحيحا ، إذا كانت المرأة حائضا ، ولا يقع إلا بزوجة مدخول بها ، حرة كانت أو امة.

فان كانت ملك يمين لم يقع بها ظهار ، وكذلك لا يقع بالتي لم يدخل بها ، ويقع بالزوجة إذا كانت حاملا ، فان قال لها أنت مني كظهر أمي ، أو أنت معي أو عندي أو ما جرى مجرى ذلك ، كان مظاهرا ، لان حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض ، وكذلك إذا قال نفسك على كظهر أمي ، أو جسمك أو بدنك أو ما جرى مجرى ذلك كان ظهارا فان شبه زوجته بعضو من أعضاء الأم غير الظهر ، مثل ان يقول أنت على كبطن أمي ، أو كفرج أمي ، أو كرأس أمي ، أو شبه عضوا من أعضاء زوجته بظهر امه ، مثل ان يقول فرجك أو رجلاك أو رأسك ، وما جرى مجرى ذلك ، وكذلك قوله رجلك على كرجل أمي أو بطنك على كبطن أمي ، أو فرجك على كفرج أمي ، وما أشبه ذلك ، ونوى الظهار كان بجميع ذلك مظاهرا.

فان قال لها أنت على كأمي ، أو مثل أمي ، كان ذلك كناية ، يحتمل مثل أمي في الكرامة ، ويحتمل مثلها في التحريم فالتحريم يرجع إليه ، فإن قال مثلها في الكرامة لم يكن ظهارا وان قال أردت مثلها في التحريم ، كان ظهارا ، وان أطلق لم يكن ظهارا ، لأنها كناية ، لم يتعلق الحكم بمجردها ، إلا ببينة.

فإن قال لها أنت على كظهر ابى ، لم يكن ظهارا ، نوى أو لم ينو ، فان شبه زوجته بإحدى جداته من قبل أبيه ، أو من قبل امه ، قريبة كانت أو بعيدة ، كان بذلك مظاهرا ، لأن الأم يطلق عليها حقيقة ومجازا ، وان كان في ذلك خلاف الا ان الظاهر عندنا ما ذكرناه ، فان شبهها بامرأة تحل له لكنها محرمة في الحال ، مثل المطلقة

٢٩٨

ثلاثا ، أو أخت امرأته أو عمتها أو خالتها (١) فإنه لا يكون مظاهرا ، فان شبهها بامرئة محرمة عليه على التأبيد غير الأمهات ، مثل البنات وبنات الأولاد من البنين ، والبنات والأخوات وبناتهن والعمات والخالات ، فعندنا انهن يجرين مجرى الأمهات.

فأما النساء المحرمات عليه بالرضاع والمصاهرة ، فالظاهر انه لا يكون بهن مظاهرا.

فاذا قال لزوجته ما ذكرنا ان الظاهر يقع به ، ويثبت معه التحريم مع الشروط التي بيناها في ذلك ، حرم عليه وطؤها ، ولم يحل له ذلك منها حتى يكفر ، فان واقعها مرة واحدة قبل ان يكفر ، كان عليه كفارة أخرى ، فإن واقعها أكثر من مرة ، كان عليه لكل مرة كفارة.

وإذا كان للرجل من الزوجات أكثر من واحدة ، فظاهر منهن في حال واحدة ، كان عليه لكل واحدة منهن كفارة ، وقد روى (٢) ان عليه كفارة واحدة ، والاحتياط يقتضي ما ذكرناه أولا.

وإذا ظاهر الرجل من زوجته مرة بعد اخرى ، كان عليه لكل مرة كفارة.

والكفارة الواجبة في الظهار ما تضمنته الآية ، وهو عتق رقبة فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فان لم يستطع ، فإطعام ستين مسكينا.

ولا يجزى للمظاهر الصوم الا بعد العجز عن العتق ، ولا يجزيه إطعام إلا بعد العجز عن الصوم ، فان كفر بواحدة ، وهو قادر على ان يكفر بما قبلها ، كان عليه ان يكفر بالكفارة المتقدمة ، دون ما يليها ، فان لم يكفر بواحدة من الثلاث الكفارات ، لم يجز له وطؤها ، وكان له القيام معها ، فان طلبت فراقه ورافعته الى الحاكم ، اجله ثلاثة

__________________

(١) بناءا على حرمة العقد عليهما كما عن العامة واما عند الإمامية فالمعروف انما هو حرمة إدخال بنت الأخ أو بنت الأخت على العمة والخالة من دون رضاهما كما تقدم في هذا الكتاب في باب المحرمات من النكاح دون إدخالهما على البنتين الأعلى قول نادر

(٢) الوسائل الباب ١٤ من كتاب الظهار.

٢٩٩

أشهر فإن كفر ، والا ألزمه طلاقها ، فان كان غير قادر على الكفارة ، لم يلزمه الطلاق (١).

وإذا أراد المظاهر الصوم ، فعليه ان يصوم شهرين متتابعين ، فان صام شهرا وصام من الثاني شيئا (٢) وأفطر ، كان له ان يبتدأ الصوم من أوله ، فإن أفطر قبل ان يتم صوم الشهر الأول لمرض ، جاز له البناء على ما تقدم.

وإذا دخل المظاهر في الصوم ، وقدر على الرقبة ، كان له المضي في صومه ، والأفضل له ان يعدل إلى الرقبة ، وإذا عجز عن الإطعام ، صام ثمانية عشر يوما ، فان عجز عن ذلك أيضا لم يجز له وطؤ زوجته التي ظاهر منها ، وبقي على ذلك الى ان يكفر ، والإطعام نصف صاع لكل رجل ( واحد ـ خ ل ).

وإذا طلق المظاهر زوجته قبل ان يكفر ، سقطت الكفارة عنه ، فان راجعها قبل ان تنقضي عدتها لم يجز له وطؤها حتى يكفر ، فان خرجت من عدتها وعقد عليها بعد ذلك عقدا جديدا لم يلزمه كفارة ، وجاز له وطؤها.

وإذا ظاهر العبد من زوجته ، كان ظهاره واقعا وكان عليه الكفارة ، والكفارة الواجبة عليه في ذلك صوم شهر واحد لا غير.

وإذا حلف الرجل بالظهار لم يلزمه حكمه ، ولا يقع الظهار الا مع الاختيار ، ولا يقع مع الإكراه ، ولا للغضب ، ولا السكر ولا في إضرار.

وإذا قال لزوجته أنت طالق كظهر أمي لم يقع بذلك ظهار ، نوى ذلك أو لم ينوه ، وكذلك لو قال أنت حرام كظهر أمي لم يكن ظهارا ، وإذا كان له زوجتان ،

__________________

(١) يأتي قريبا انه مع العجز عن الكفارة لا يجوز له وطؤها وظاهره عدم قيام الاستغفار مقام الكفارة فعدم إلزامه بالطلاق حينئذ ضرر عليها ومخالف لما دل على التفريق بينهما كما في جواهر الكلام.

(٢) الصواب كما في النهاية وهامش نسخة ( ب ) « كان له ان يصوم ما بقي عليه متفرقا وان لم يصم من الثاني شيئا وأفطر كان عليه ان يبتدأ إلخ فإنه الوارد في النصوص.

٣٠٠