المهذّب

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٧
الجزء ١ الجزء ٢

ولا يعقد النكاح والقمر في العقرب ويستحب الاشهاد والإعلان بذلك والفرح والمسرة والوليمة أيضا وسنذكرها فيما بعد.

ويجوز للرجل النظر الى وجه المرية التي يريد العقد عليها والى محاسنها وجسمها من فوق ثيابها ، فان لم يكن مريدا للعقد عليها لم يجز له شي‌ء من ذلك وكذلك يجوز له في الأمة التي يريد ابتياعها فان لم يرد ابتياعها لم يجز له شي‌ء من ذلك أيضا.

« في آداب الغشيان »

وإذا زفت المرأة الى الرجل ودخل عليها فيستحب له ان يكون على وضوء ويصلى ركعتين وكذلك يستحب لها أيضا ان تفعل مثل ذلك ثم يضع يده على ناصيتها ويمسحها ويدعو فيقول : اللهم ارزقني إلفها وودها ورضائها لي وارزقها ذلك منى واجمع بيننا على أحسن اجتماع وأيمن ائتلاف فإنك تحب الحلال وتكره الحرام والخلاف.

فإذا أراد الجماع فيسمى الله تعالى ويدعو بما قدر عليه ويقول : اللهم على كتابك تزوجتها وفي أمانك أخذتها وبكلماتك استحللت فرجها فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا ولا تجعله شرك شيطان ، وأفضل أوقات الزفاف والدخول بالزوجة ، الليل وأفضلها للاطعام النهار.

ويكره للرجل ان يجامع زوجته في ليلة خسوف القمر ويوم كسوف الشمس وفيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس وفيما بين غروبها الى مغيب الشفق ووقت الريح السوداء والصفراء والزلازل وأول ليلة من الشهر ، الأشهر رمضان وفي محاق الشهر ، فقد روى عن الباقر (١) عليه‌السلام انه قال : والذي بعث محمدا (ص) بالنبوة واختصه بالرسالة واصطفاه بالكرامة ، لا يجامع أحد منكم في وقت من هذه الأوقات

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٢ من أبواب مقدمات النكاح

٢٢١

فيرزق ذرية فيرى فيها قرة عين.

ولا يجوز لرجل ان يدخل بزوجته قبل بلوغها تسع سنين ، فان فعل ذلك وعابت ، كان عليه ضمان عيبها ويفرق بينهما ولا تحل له ابدا.

ويكره للرجل ان يجامع مستقبل القبلة أو مستدبرها أو يجامع وهو عريان أو هو في سفينة وإذا كان مسافرا وقدم على زوجته فإنه يكره له ان يجامعها ليلا حتى يصبح ، ويكره للرجل إذا احتلم ان يجامع زوجته حتى يغتسل فان لم يفعل ذلك توضأ وضوء الصلاة.

ويكره للرجل النظر الى فرج امرأته وكذلك يكره للرجل أيضا الجماع في بيت يكون فيه صبي ينظر اليه أو غير صبي ، ويكره له النظر إلى المجامعة فقد روى عن على (ع) انه يورث العمى. (١)

ويكره الكلام عند الجماع فقد روى عن الباقر (ع) انه يورث الخرس ، (٢) ويكره إتيان النساء في احشاشهن. (٣)

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٩ و ٦٠ من مقدمات النكاح والظاهران المراد انه يورث العمى والخرس في الولد كما في بعض أخبارهما وربما يحتمل الأعم للزوجين والمراد بالكلام غير ذكر الله والدعاء.

(٢) الوسائل الباب ٥٩ و ٦٠ من مقدمات النكاح والظاهران المراد انه يورث العمى والخرس في الولد كما في بعض أخبارهما وربما يحتمل الأعم للزوجين والمراد بالكلام غير ذكر الله والدعاء.

(٣) في هامش نسخة الأصل هنا « كلام الشيخ العمد ابى جعفر أيضا على الكراهة وروى عن المرتضى انه أفتى على إباحته ( هنا كلمة غير مقروءة ) ذكر ان مذهب المرتضى في هذه المسألة بخلاف ما أسند اليه والمذهب في هذه المسألة هو مذهب السلف وأصحاب الحديث من طائفتنا فإن كتبهم مشحونة بتحريم ذلك وقد نص الشيخ أبو جعفر بن بابويه القمي على تحريمه في عامة كتبه حتى قال : اما الإيقاب فهو الكفر بالله.

وهذا هو الصواب في الفتوى والطريق الى التقوى فإن الإباحة والتحليل في هذه المسألة يجر الى جهالات ويفضي الى محالات ومع هذا كله فإنه سوء الأدب وشناعة المذهب فالواجب البراءة منه » قال مراجع هذا الكتاب للصحيح والتعليق

٢٢٢

ولا يجوز للرجل ان يترك وطأ زوجته أكثر من أربعة أشهر ، ويكره له العزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها ، فإن أذنت له فيه لم يكن به بأس ، فأما الأمة : فإنه يجوز العزل عنها على كل حال ، وإذا لم يتمكن الرجل من ماء ليغتسل به فإنه يكره له الجماع فان خاف على نفسه فعله.

واما الوليمة التي وعدنا ذكرها فهي وليمة العرس ، وانما سميت بذلك لان فيها اجتماع الزوجين ، وحكى عن ثعلب ان الوليمة طعام العرس وهي عندنا مستحبة وذكر بعض الناس انها واجبة وحضورها مستحب ، فان كانت وليمة لذمي فقد ذكر انها لا يجوز للمسلم حضورها ، وقال بعضهم يجوز ذلك والأول أحوط.

وإذا حضرها إنسان وكان صائما تطوعا فيستحب له الإفطار ، وان كان صومه واجبا لم يجز له الإفطار.

__________________

عبد الرسول الجهرمى هذه الحاشية ليست من المصنف لخلو سائر النسخ عنها وعدم تناسب مضمونها له وكلام الشيخ ابى جعفر يعني الطوسي عليه الرحمة على الكراهة مذكور في المبسوط والنهاية.

وما روى عن المرتضى رحمه‌الله في إباحته موجود في انتصاره وما حكاه عن ابن بابويه من كفر الإيقاب فالمراد به الإتيان بالرجال كما في الاخبار ولعل ما في سائر كتب الأصحاب أيضا كذلك نعم تشديده في هذا العمل وان الطريق الى التقوى تركه حق لا ينبغي الإغضاء عنه للنهى عنه في النصوص كما في الوسائل الباب ٧٢ من مقدمات النكاح.

ففي بعضها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان محاش النساء على أمتي حرام والمحاش هي الأدبار ومقتضى الجمع بينه وبين ما دل على الجواز هو الكراهة الشديدة على ان في بعضها تقييد الجواز برضا الزوجة ولذا كان المختار عدم الجواز بدون ذلك هذا مع ما فيه من الخبث والدنائة وتضييع النطفة وإيذاء الزوجة المسلمة التي أكد الشارع في إكرامها وانه ربما يورث المرض الشديد كالعمى في الرجل والجرح في المرأة ويورث نفرتها عنه وربما ادى الى الفراق بينهما وغير ذلك من أسباب التنزه والله العالم.

٢٢٣

وإذا كان في الدعوة شي‌ء من الملاهي والمناكير أو شرب خمر على المائدة أو ضرب البرابط والمزامير وغير ذلك الا الدف إذا لم يقل عليه هجو (١) ، وعلم المدعو ذلك لم يجز له حضورها فاذا علم انه إذا حضر (٢) قدر على ازالة ذلك ، استحب له الحضور ليجمع بين الإجابة إلى الحضور وبين ازالة المنكر ، فان لم يعلم ذلك الا بعد حضوره وامكنه إزالته فعل ذلك وان لم يمكنه ذلك وجب عليه الخروج من موضع ذلك ، فان لم يمكنه الخروج جلس وليس عليه شي‌ء في سماع ذلك إذا لم يتعمد الاستماع له.

وإذا رأى صورة ذات أرواح في الموضع منصوبة ، فلا يدخله ، وان كانت توطأ لم يكن بدخوله بأس ، وان كانت صورة شجر لم يكن بذلك بأس ، وكذلك صورة كل ما ليس له روح ، فاما نثار السكر واللوز في ذلك فهو جائز ولا يجوز لأحد ان يأخذ منه شيئا إلا بإذن صاحبه أو بان يعلم منه ذلك بشاهد وانه اباحه ، وترك أخذه أولى على كل حال ومن أخذ منه شيئا مع العلم بإذن صاحبه في أخذه أو إباحته لذلك ، فقد ملكه بالأخذ له والحيازة كما يملك الطعام.

__________________

(١) في نسخة ( خ ) « هجر » بالراء وعلى كل ، ظاهر المصنف جواز الدف في الأعراس إذا لم يقل فيها ذلك وظاهر الشيخ في المبسوط في هذا الباب عدم جوازه لعدم استثنائه ذلك وقال في كتاب الوصايا : ان اوصى فقال أعطوه دفا من دفوفي فإنه تصح الوصية لأن الدف له منفعة مباحة لما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدف وعلى مذهبنا لا يصح لان ذلك محظور استعماله انتهى.

(٢) بل الظاهر وجوبه حينئذ لوجوب ازالة المنكر بكل ما قدر عليه كما هو مقتضى أدلة النهي عن المنكر.

٢٢٤

« باب القسمة بين الأزواج »

قال الله تعالى « قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ » (١) يعنى من الحقوق التي لهن على الأزواج من الكسوة والنفقة والمهر وغير ذلك : وقال « الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ » (٢) يعني أنهم قوامون بحقوق النساء التي لهن على الأزواج.

وقال « وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ » (٣) وقال « وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ » (٤) يعنى ان لكل واحد منهما ما عليه لصاحبه يجمع بينهما من حيث الوجوب ، ولم يرد بذلك ان للزوجات على الأزواج مثل الذي للأزواج على الزوجات من الحقوق ، لان الحقوق مختلفة فحقوق الزوجات الكسوة والإنفاق عليهن والسكنى والمهر ، وليس يجب شي‌ء من ذلك للأزواج على الزوجات ، وحقوق الأزواج على الزوجات ، التمكين من الاستمتاع وهذا مخالف للآخر كما تراه فليس المراد الا ما ذكرناه.

وإذا كان عند الرجل من الأزواج أكثر من واحدة فالأفضل له ان يعدل بينهن فيبيت عند كل واحدة بينهن ليلة ولا يجب عليه مجامعتها في تلك الليلة بل يجوز له ترك ذلك ، فان لم يرد العدل بينهما وكان له زوجتان لم يجز له ان يبيت عند الواحدة منهما أكثر من ثلاث ليال ويبيت عند الأخرى ليلة واحدة.

وان كان عنده ثلاث نسوة ، كان له ان يبيت عند واحدة منهن ليلتين ويبيت عند كل واحدة من الاثنين ليلة ، ليلة ، فإن كان عنده أربع نسوة لم يجز له المبيت عند كل واحدة أكثر من ليلة ليلة ، ويسوى بينهن في ذلك فان اختارت واحدة منهن ترك ليلتها لأخرى ، كان ذلك جائزا.

وإذا عقد رجل على أمرية كانت بكرا جاز له ان يفضلها بالمبيت عندها سبع

__________________

(١) « الأحزاب » ـ ٥٠

(٢) النساء ـ ٣٤

(٣) النساء ـ ١٩.

(٤) البقرة ـ ٢٢٨.

٢٢٥

ليال ، ثم يعود إلى التسوية بين جميع أزواجه بعد ذلك ، (١) فان كان عنده زوجتان إحداهما حرة : والأخرى امة : كان للحرة ليلتان وللأمة ليلة واحدة ، وان كانت عنده امة بملك يمين مع حرة لم يكن لها مع الحرائر قسمة ، وكذلك اليهودية والنصرانية مع الزوجات المسلمات ، (٢) لان الحكم كل واحد منهما حكم الأمة.

ويجوز للرجل ان يفضل بعض أزواجه على بعض في النفقة والكسوة ، والعدل بينهن والتسوية في ذلك أفضل على كل حال ، والصحيح والمريض في القسمة سواء وإذا أراد المريض ان يقيم عند بعض أزواجه لم يكن له ذلك الا ان يأذن له فيه ولا فرق بين المسلم والذمي في ما قدمناه.

وإذا سافر الرجل مع بعض الزوجات ثم قدم وسئله الباقيات ان يقيم عند كل واحدة منهن أيام سفره ، لم يكن لهن ذلك ، ولا يحتسبن بأيام سفره عليه ، بل يستقبل العدل بينهن ويبتدء بمن لها الحق ، وكذلك إذا لم يسافر بإحداهن معه وجب إذا انصرف ان يبتدء بصاحبة الحق ، وإذا أراد الرجل السفر ببعض أزواجه واذن (٣) له في واحدة بعينها كان جائزا ، وان لم يأذن له أقرع بينهن فمن أصابها منهن السهم خرج بها معه.

وإذا نكح في سفره زوجة غير الزوجة التي سافر بها معه ، كان لها ما للتي يتزوج بها في الحضر ان كانت بكرا أو ثيبا ، ولا تحتسب التي (٤) سافر بها من ذلك بشي‌ء.

__________________

(١) زاد هنا في نسخة ( خ ) وهامش نسخة ( ب ) بعلامة التصحيح « وان كانت ثيبا جاز له ان يفضلها بثلاث ليال ثم يرجع الى التسوية بين أزواجه »

(٢) اى كان للمسلمة ليلتان ولليهودية أو النصرانية ليلة كما صرح به في خبر البصري المروي في الوسائل الباب ٧ من أبواب ما يحرم بالكفر مضافا الى ما ذكره المصنف بقوله لان حكم كل واحد منهما حكم الأمة فإنه إشارة الى ما ورد في عدة نصوص منها ما في الوسائل الباب ٨ مما ذكر.

(٣) بصيغة الجمع المؤنث

(٤) في نسخة ( خ ) « ولا يحتسب للتي » وعلى كل ، المراد انه إذا أدى في سفره حق الجديدة البكر سبعا أو الثيب ثلاثا لا يقضى بمثلها للتي سافر بها أو لا.

٢٢٦

وإذا كان لرجل زوجتان أو أكثر إلى أربع فأقام عند إحداهن شهرا وهن ممسكات عنه ثم خاصمنه في ذلك ، كان عليه ان يستقبل العدل بينهن ، وما فات كان هدرا وهو فيما فعل من ذلك آثم ، وعلى الحاكم نهيه عن ذلك وان يأمره بالعدل ، وان عاد الى ذلك ورأى أدبه كان له ذلك.

وإذا لم يكن للرجل إلا زوجة واحدة ، كان عليه المبيت عندها ليلة واحدة من اربع ليال ، وله ان يفعل في الثلاث الأخر ما شاء فيما كان مباحا له ، فان كان له زوجتان كان له ان يخص الواحدة منهما في ثلاث الليالي ، ويقسم للأخرى ليلتها وكذلك الحكم : إذا كان له ثلاث نسوة قسم لكل واحدة منهن ليلتها ، واختص بالرابعة من أراد منهن اختصاصا بها ، فان كانت أزواجه أربعا لم يجز له ان يفضل واحدة منهن على الأخرى.

وإذا كان عنده أكثر من زوجة كان له ان يغشى بعضهن دون بعض ، وليس عليه الا المبيت عند كل واحدة منهن في ليلتها ويقيل عندها ، فان لم ينشط للجماع لم يكن عليه شي‌ء ، فان وجه نشاطا للجماع فلا ينبغي له ان يدعها ويخص نفسها لغيرها.

وإذا كان عنده زوجة الى ثلاث وتزوج بكرا اقام عندها سبع ليال وان كان ثيبا فثلاث ليال ثم يستقبل القسمة بعد ذلك والتسوية بينهن فيها.

وإذا دخل عليه بكران في ليلة واحدة أو ثيبان أو بكر وثيب أقرع بينهما ، فأيهن خرج سهمها بدأ بها وأوفاها أيامها ولياليها ثم رجع الى الأخرى ولا يستحب له إذا أقام عند بكر أو ثيب ان يقعد عن صلاة الجماعة ، ولا بر كان يفعله ، ولا إجابة دعوة المؤمن ولا شهود الجنازة.

وإذا كان له زوجة أمة فأقام عندها يوما ثم أعتقت لم يقم عند الحرة الأخرى إلا يوما واحدا وان أقام عند الحرة يوما واحدا ثم أعتقت الأمة يحول عنها إلى المعتقة

وإذا كان عنده زوجة واحدة وكان يصوم النهار ويقوم الليل ولا يجعل لها

٢٢٧

حظا ، فاستعدت عليه ، فإنه يؤمر بان يبيت عندها ليلة من اربع ليال أو ان ينظر لها (١)

وإذا تزوج امرأتين على ان يقيم عند الواحدة منهما يوما وعند الأخرى يومين ثم طلبت التي لها اليوم ان تعدل عليها ، كان لها ذلك ولم يلزمها الشرط الذي شرطته الا ان يكون الرجل يعجز عن زوجتين أو تكون ذميمة الخلق فيميل عليها ويريد طلاقها أو تكره (٢) هي ذلك فتصالحه على ان يأتيها وقتا بعد وقت أو يوما في أيام أو على ان يترك لها حظها من ذلك فيكون جائزا.

ويجوز للرجل ان يترك بعض القسم للمرأة أو كله إذا طابت نفسها بذلك ، فان رجعت فيه كان عليه العدل عليها أو فراقها وكذلك إذا وهبت له ذلك فأقام عند غيرها أياما ثم بدا لها أن يستأنف العدل من يوم علم ، وإذا قال لا أفارقها ولا اعدل عليها اجبر على العدل عليها ولم يجبر على فراقها.

وإذا أعطاها مالا على ان تترك له يومها لم يجز ذلك ، لأنه بمنزلة البيع وليس هاهنا عين مملوكة يتناولها البيع ولا يقع عليها ولا هو اجارة على عقد يقابله عوض ، وان حللته فوهب لها شيئا من غير شرط ، كان ذلك جائزا.

ولا يجوز للرجل الدخول في الليل على غير صاحبة القسم ، لان الليل هو القسم ، (٣) ويجوز ان يدخل على غيرها بالنهار وللحاجة (٤) ولا يفعل عندها فان

__________________

(١) كذا في النسخ ولعل المراد ان يحتسب لها ليلة من اربع ليال ليؤديها إليها بعد ذلك أو يرضيها عنها فتأمل.

(٢) الصواب « وتكره » بالواو وحاصل المسألة انه إذا شرط عليها في العقد ان لا يقسم لها لم يلزمها وان تزوجها فلم يرضها وأراد طلاقها جاز لها ان تصالحه بترك الفسم ونحوه كما في الوسائل الباب ١١ من أبواب القسم وغيره وظاهر المصنف انه لا يجوز لها الرجوع فيه بعد ذلك كما يقتضيه عموم نفوذ الصلح بخلاف الفرع التالي وتأتي مسألة المصالحة آخر الباب بتفصيل.

(٣) اى زمان القسم ولعل صواب الكلمة « المقسم » بالميم الزمانية.

(٤) كذا في النسخ بالواو فمقتضاه جواز ان يدخل على غيرها بالنهار

٢٢٨

أراد ان يأوي في النهار إلى منزله أوى إلى منزل صاحبة القسم ، ولا يستحب له ان يجامع زوجته في غير يومها ، فان فعل ذلك فعل مكروها ولم يجب عليه كفارة. (١)

وإذا مرض بعض الزوجات جاز ان يعودها نهارا فان فاتت (٢) لم يكن بأس بمقامه عندها حتى يواريها ثم يعود بعد ذلك الى صاحبة القسم وان ثقلت بالمرض لم يكن بمقامه عندها بأس حتى تخف أو تموت ثم توفي من بقي من أزواجه مثل ما اقام عندها.

وإذا عرض له شغل يمنعه من المبيت عند أزواجه ابتدأ عند فراغه بصاحبة القسم حتى يبتدء (٣) به عند عودته من السفر.

وإذا كان عند بعض أزواجه مريض أو متداو أو كانت الزوجة مريضة أو حائضا أو نفساء فذلك قسم ، يحتسب عليه به ، وإذا كان محبوسا وكان الزوجات يصلن اليه فعليه ان يعدل بينهن كما تكون ذلك عليه إذا لم يكن محبوسا.

وإذا أراد ان يكون له منزل لنفسه ثم ينفذ الى كل واحدة منهن فتأتيه يومها

__________________

مطلقا وبالليل لحاجة لكن الظاهر زيادة الواو والمراد اختصاص جواز الدخول عليها بالنهار لحاجة كما يظهر من الفروع التالية والمسألة محل اختلاف كما يظهر من المبسوط والشرائع والقواعد ثم قوله بعد ذلك ولا يفعل عندها كذا في نسخة الأصل فهو كناية عن الجماع.

وفي نسخة ( ب ) و ( خ ) « ولا يقعد عندها » وهذا أعم وفي عبارة المبسوط : ما لم يلبث عندها فيجامعها لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كذا كان يفعل انتهى وعلى كل فالظاهر ان مراد المصنف بذلك هو الكراهة كما يصرح بها في آخر العبارة والله العالم.

(١) الظاهر ان مراده بالكفارة قضاء الجماع لصاحبة القسم فإنه الذي وقع الكلام فيه وحكى عن بعض العامة وجوبه كما في المبسوط ليحصل العدل واما الكفارة بالمعنى المعروف فلا وجه لوجوبها هنا أصلا.

(٢) أي ماتت وهو الموجود في نسخة ( خ ).

(٣) في نسخة ( خ ) « كما يبتدء » وهو أصح كما ان الصواب أيضا « بها ».

٢٢٩

وليلتها كان ذلك له ، وعليهن ان تاتينه ومن امتنع منهن من ذلك كانت عاصية لبعلها تاركة لحقه ، ولم يجب عليه في ترك القسم شي‌ء ما دامت ممتنعة ، وكذلك : إذا كانت في منزله تسكنه فغلقت الباب أو امتنعت منه إذا حضر عندها أو هربت منه أو ادعت عليه طلاقا كاذبة فإنه يحل له تركها والقسم لغيرها وترك النفقة عليها الى ان تعود إلى التخلية بينه وبين نفسها وهذه ناشز وكذلك : إذا كانت المرأة أمة فمنعته نفسها أو منعه منها أهلها لم يكن لها قسم ولا نفقة حتى ترجع عن ذلك.

وإذا سافر سيد الأمة بها بغير اذن زوجها أو بإذنه سقطت عنه النفقة ، وإذا سافرت الحرة بإذن زوجها أو بغير اذنه لم يكن لها نفقة الا ان يكون هو الذي أشخصها وإذا كانت الزوجة رتقاء لا يقدر الرجل عليها قسم لها كما يقسم للحائض ، لان القسم على المسكن لا الجماع.

والخصى والعنين والمجنون ومن لا يقدر على الجماع الا بعنت شديد (١) أو لا يقدر عليه جملة لعلة أو لغير ذلك يجرى مجرى الصحيح القوى في ذلك ، وإذا كان رجل عند واحدة من نسائه ليلا فعرض له جنون في بعض الليل فخرج من عندها فعليه ان يوفيها إذا أفاق أو يستحلها فان جنت الزوجة وخرجت في بعض الليل لم يجب عليه ان يوفيها شيئا.

وإذا قسم الرجل من نسائه يومين أو ثلاثة لكل واحدة منهن ثم طلق منهن واحدة قد ترك لها القسم طلاقا بائنا فعليه ان يستحلها من قسمها ، فان كان طلاقا رجعيا وفاها ما فاتها ويقسم للمرأة التي قد اتى (٢) منها وكذلك المحرمة بأمره ولا يقربها. كذلك يفعل مع نسائه المحرمات (٣).

__________________

(١) العنت هنا المشقة

(٢) الصواب « قد آلى منها » كما في نسخة ( خ ) من قوله تعالى ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ).

(٣) كالمظاهرة

٢٣٠

وإذا خافت المرأة من بعلها نشوزا وكان كارها لها وأراد طلاقها وهي كارهة للطلاق ، فقالت له أمسكني ولا تطلقني واترك لك مالي عليك من الصداق أو الأجر وأهب لك من مالي كذا وكذا ، وأحللتك من يومي وليلتي ونفقتي فما فعله من ذلك برضاها ، كان له جائزا إذا أخذه هبة منها من غير شرط يشرطه لها ، لان طلاقها مباح له متى اراده.

وإذا نشزت المرأة على زوجها جاز له ان يهجرها في المضاجع وفي الكلام ويضربها ولا يبلغ بضربها حدا ولا يكون ضربا مبرحا ويتوقى وجهها ولا يهجرها بترك الكلام أكثر من ثلاثة أيام ويهجرها في المضجع الى ان ترجع عن النشوز قلت مدته أو كثرت ، فاذا عادت عن ذلك ورجعت الى ما يجب له عليها كف عنها وعادت الى حقها. (١)

« باب التدليس في النكاح »

عقد النكاح ينفسخ بعيوب : منها ما يختص الرجل. ومنها : ما يختص المرأة ومنها : ما يصح اشتراك الرجل والمرأة فيه.

فاما ما يختص الرجل فهو الجب والعنت واما ما يختص المرأة فهو الرتق والقرن والإفضاء وكونها محدودة في الزنا.

واما ما يصح اشتراك الرجل والمرأة فيه فهو الجنون والجذام والبرص والعمى (٢) ، فاما الجذام والبرص فقد يظهر كل واحد منهما ظهورا لا يخفى على

__________________

(١) الكلام في نشوز المرأة على زوجها ونشوزه عليها يأتي بتفصيل في بابي النشوز والشقاق.

(٢) حكى في المختلف عن المصنف في الكامل أن الأخيرة مختصة بالمرأة

٢٣١

أحد ، وقد يكون يسيرا ويقع الخلف فيه بين انه جذام وبرص وبين انه بياض ليس كذلك ، فاما الذي لا يختلف فيه فليس فيه كلام.

واما المختلف فيه فيفتقر في المعرفة فيه الى شاهدين من المسلمين من أهل الطب ، فان نظراه وأخبرا بأنه جذام أو برص حكم فيه بالرد وان أخبرا بأنه ليس كذلك ، لم يحكم فيه بالرد فاذا صح الجذام والبرص على ما ذكرناه من الظاهر الذي لا يختلف فيه ومن المختلف فيه كان للذي إليه الرد ، ان يرد.

فإن أراد المقام على العقد والصبر ، كان ذلك جائزا له ، وان لم يرد ذلك واختار الفسخ كان ذلك له ، وفي الناس من قال لا يفسخ عليه الا الحاكم وعندنا ان ذلك جائز ويجوز أيضا ان يفسخ الرجل ذلك بنفسه ، وكذلك المرأة.

فإن اختلف المتزوجان فقال أحدهما : هذا جذام أو برص ، وقال الأخر : هو مرار كان القول : قول الزوج مع يمينه ان كان ذلك به ، أو القول : قول الزوجة مع يمينها ان كان ذلك بها حتى تقوم البينة بشاهدين من أهل الطب بأنه جذام أو برص ثم يكون الخيار بعد ذلك في الفسخ أو الرضا والصبر عليه.

واما الجنون فضربان : أحدهما يخنق ، والأخر : يغلب على العقل من غير حدوث مرض ، وهذا أكثر من الذي يخنق ، وأيهما كان حاصلا بأحد الزوجين ، كان للآخر خيار بين الفسخ والرضاء به والصبر عليه ، والقول : في الفسخ هل يكون بالحاكم أو بغيره ، يجرى على ما قدمناه في الجذام والبرص.

فاما ان غلب على العقل مرض غير ذلك فليس فيه خيار ، لا سيما إذا برء من مرضه وزال الإغماء ، فان زال المرض ولم يزل الإغماء ، كان ذلك كالجنون ،

__________________

هو المشهور بين الأصحاب لا سيما في العمى إذ لم ينقل جواز الفسخ به في الرجل عن غير المصنف هنا الا عن ابن الجنيد في اشعار كلامه مع انه خلاف مقتضى الأدلة الموجودة نعم في اشتراك الجذام والبرص وجه ذكره في المختلف وتبعه بعض المتأخرين ويظهر من المبسوط في ضمن مسائل الكفاية في النكاح.

٢٣٢

ولصاحبه الخيار بين الفسخ أو الرضا به ، وعندنا ان الجنون بالرجل إذا كان يعقل معه أوقات الصلوات فليس يتعلق به خيار.

فاما الجب : فمنه ما يمنع من الجماع ومنه : مالا يمنع منه فالأول : مثل ان جب جميعه أو بقي منه شي‌ء لا يجامع بمثله فللزوجة : هاهنا الخيار بين الفسخ أو الرضا به واما الأخر : فإن يبقى منه شي‌ء يمكن الإيلاج به في الفرج بمقدار غيبوبة حشفة الذكر فيه فهذه لا خيار لها معه ، لان جميع الأحكام الوطأ متعلقة بذلك واما العنين : فهو الذي لا يأتي النساء وسنذكر حكمه فيما بعد ،

فإن بان ان الزوج خصي : وهو مسلول الخصيتين فلا خيار لها في ذلك ، لان الخصى أكبر (١) من الفحل وانما لا ينزل ، وقد قيل : ان لها الخيار ، لان عليها فيه نقيصة وهو الأظهر ، لأن عقدها عليه عقد تناول رجلا سالما من العيب في هذا الشأن. (٢)

فإن بان أنه خنثى : وهو الذي له ما للرجل وما للمرأة فلا خيار لها مع ذلك إذا بان انه رجل لأنه يجامع كما جامع الرجل ، وانما في خلقته ما هو زائد ، ويجرى مجرى الإصبع الزائدة في انه لا تأثير له في شي‌ء من ذلك.

فان ظهر انه عقيم وهو انه لا يولد له فليس لها خيار أيضا ، لأنه يجامع كما يجامع غيره ، وفقد الولد غير متعلق به لان ذلك من فعل الله تعالى.

واما الرتقاء فهي المرأة المسدودة الفرج ، فان كان مع ذلك يمكن دخول الذكر ولا يمنع منه فليس له خيار ، وان كان يمنع من ذلك كان له الخيار ، فإن أراد الزوج فتق ذلك كان لها منعه منه ، لان ذلك جراحة ، فإن أرادت هي إصلاح نفسها

__________________

(١) كذا في النسخ والصواب « أكثر » بالثاء المثلثة والمراد كما في المبسوط ان الخصي يولج ويبالغ أكثر من الفحل وانما لا ينزل.

(٢) مضافا الى التصريح بذلك في نصوص مستفيضة كما في الوسائل الباب ١٣ من أبواب العيوب في النكاح ويأتي هنا قريبا بعض أحكام المسألة.

٢٣٣

بذلك لا تمنع منه ، لأنه مما يداوي ويصلح بالدواء ، فان عالجت نفسها وزال عنها ذلك سقط خيار الزوج معه لان الحكم إذا تعلق بعلة وزالت العلة ، زال حكمها بزوالها.

واما القرن فذكر انه عظم في الفرج يمنع من الجماع وذكر (١) ان العظم لا يكون في الفرج ولكن يلحق المرأة عند الولادة حال تنبت اللحم في فرجها ، وهو الذي يسمى العفل (٢) يكون كالرتق سواء ، فان لم يمنع من الجماع فلا خيار للزوج وان منع منه كان له الخيار.

وإذا كان في كل واحد من الزوجين عيب وكان العيبان مختلفين ، مثل ان يكون في أحدهما برص أو جذام ، وفي الأخر جنون أو غير ذلك ، أو كان العيبان متفقين مثل ان يكون في أحدهما جنون وفي الأخر مثله أو يكون فيه جذام وفي الأخر مثله أو ما أشبه ذلك : كان لكل واحد منهما الخيار في الرد ، لأن في المردود عيبا يقتضي الرد.

إذا كان الذي به العيب هو الزوجة وأراد الرجل ردها ، وكان ذلك قبل الدخول بها سقط صداقها ، لان الفسخ من جهتها قبل الدخول وان كان ذلك بعد الدخول بها كان لها المهر بما استحل من فرجها ، فان كان لها ولى عقد نكاحها وكان عالما بذلك من حالها ، كان للزوج الرجوع عليه بذلك ، وان لم يكن عالما لم يلزمه شي‌ء.

فإن كان الرجل قبل دخوله بها دفع الصداق إليها كان له الرجوع عليها به ، وان لم يكن دفعه إليها لم يكن عليه شي‌ء.

« فيما لو حدث العيب بعد العقد »

وإذا حدث بالرجل أو المرية شي‌ء من هذه العيوب بعد ثبوت العقد واستقراره

__________________

(١) اى ذكره أهل الخبرة كما في المبسوط.

(٢) في هامش النسخة « العفل شي‌ء يخرج في فرج الناقة كالأدرة »

٢٣٤

ولم يكن حاصلا قبل العقد لم يجب (١) الرد منه الا ما ذكره أصحابنا من الجنون الذي لا يعقل معه صاحبه أوقات الصلوات ، والجب والخصى والعنت (٢) وقد قلنا فيما تقدم ان ذكرها سيأتي فيما بعد.

وإذا عقد الزوجان النكاح ، وفي أحدهما عيب علم به الأخر في حال العقد ورضي به ، لم يكن له بعد ذلك خيار في الرد على حال :

وليس يوجب الرد من العيوب شي‌ء غير ما ذكرناه ، ولا يرد العوراء ولا الزانية قبل العقد ، ولا المرأة إذا تزوجت على انها بكر فوجدت بخلاف ذلك (٣).

وإذا تزوجت المرأة رجلا على انه سليم فوجدته مجنونا ، كانت مخيرة بين المقام معه والصبر عليه وبين مفارقته ، فان حدث به جنون يعقل معه أوقات الصلوات لم يكن لها خيار ، فان كان لا يعقل ذلك ، كانت مخيرة بين المقام معه وبين فراقه ، فان اختارت فراقه ، كان على وليه ان يطلقها عنه (٤).

وان تزوجت المرأة رجلا على انه صحيح فوجدته خصيا ، كانت بالخيار بين المقام معه وبين مفارقته ، فان اختارت المقام معه لم يكن لها بعد ذلك خيار ، وان اختارت فراقه وكان قد خلا بها ، كان عليه المهر ، وعلى الامام ان يعزره على ذلك لئلا يعود الى مثله.

__________________

(١) اى لم يثبت ولعل الصواب « لم يجز »

(٢) لكن يأتي ان العنت إذا حدثت بعد الدخول لم يكن لها خيار بخلاف الجنون والظاهر ان الجب والخصاء في ذلك كالعنة.

(٣) لكن تقدم في باب الصداق ان في هذا الأخير يجوز للزوج ان ينقص من مهرها شيئا كما ورد في الوسائل الباب ١٠ من أبواب العيوب في النكاح.

(٤) ذكره الشيخ أيضا في النهاية وابن زهرة في الغنية وأنكر المحقق في نكته على النهاية والعلامة في المختلف ومن تأخر عنهما وجوب الطلاق هنا كغيره من العيوب لظاهر النص لكن ما ذكره الأولون أرجح واحتمال كون مرادهم من الطلاق معناه اللغوي أي رفع الحصر عن المرية وتخليتها كما في بعض اخبار العيوب بعيد.

٢٣٥

وإذا تزوجت المرأة رجلا فوجدته عنينا انتظر به سنة واحدة ، فإن وطئ المرأة في السنة ولو مرة واحدة لم يكن لها خيار ، فان لم يصل إليها بوطأ في جميع السنة كان لها الخيار بين المقام معه وبين مفارقته ، فان اختارت المقام معه لم يكن لها بعد ذلك خيار ، وان اختارت مفارقته فارقته ، وكان لها نصف الصداق ولم يكن عليها عدة.

فان تزوجت المرأة بالرجل ووصل إليها بالوطأ ثم حدثت به العنت بعد ذلك لم يكن لها خيار ، وإذا لم يقدر الرجل على وطأ المرية وقدر على وطأ غيرها ، لم يكن لها عليه خيار.

بأن ادعى الرجل انه قد وصل الى المرية وأنكرت ذلك وكانت بكرا أمر من النساء الثقات من تنظر إليها فإن وجدت كذلك بطلت دعوى الرجل وان لم يكن كذلك بطلت دعواها ، وان كانت ثيبا كان القول قول الرجل مع يمينه ، وقد روى (١) ان المرأة إذا اختلف مع زوجها في ذلك وكانت ثيبا أمرت بان تحشو قبلها خلوقا ثم يؤمر الرجل بجماعها ، فان جامعها فظهر على ذكره اثر ذلك صدق ، وكذبت فان لم يظهر ذلك على ذكره ، صدقت المرأة ، وكذب الرجل.

وإذا تزوج رجل بامرأة على انها حرة فبان انها امة فان كان قد دخل بها وكانت هي المتولية لنكاحها منه ، كان له ردها ولها المهر بما استحل من فرجها ، (٢) وان كان غيرها هو الذي تولى العقد عليها وكان عالما بذلك ، كان له الرجوع عليه بالمهر فان لم يكن عالما بذلك لم يلزمه شي‌ء.

__________________

(١) الوسائل ج ١٤ الباب ١٥ من العيوب في النكاح.

(٢) تقدم في باب نكاح الإماء والعبيدان تزويج الأمة والعبد موقوف على اذن السيد والا كان فاسدا فالظاهر ان مراد المصنف هنا وفي المسألة التالية ما إذا كانا مأذونين كما صرح في المبسوط هنا بذلك والا لم يكن للأمة مهر ولا للحرة في المسألة التالية خيار.

٢٣٦

فان لم يكن الزوج دخل بها وكان قد دفع المهر إليها ، كان له مع ردها الرجوع بذلك على من دفعه اليه ، سواء كانت هي المدفوع إليها ذلك أو غيرها ، وان كان لم يدفع إليها شيئا من ذلك ، كان له ردها ولم يكن لها عليه مهر ولا غيره ، وإذا رد الرجل المرأة لما ذكرناه كان رده لها فراقه بينه وبينها ولا يفتقر مع ذلك الى طلاق.

وإذا تزوجت المرأة رجلا على انه حر فبان انه عبد ، كانت مخيرة بين إقراره على العقد وبين اعتزاله ، فان اختارت إقراره على ذلك لم يكن لها بعد ذلك خيار ، وان اعتزلته كان ذلك فراقا بينهما ، ثم انه اما ان يكون قد دخل بها أو لا يكون دخل بها ، فان كان قد دخل بها كان لها المهر بما استحل من فرجها ، وان لم يكن دخل بها لم يكن لها شي‌ء.

وإذا زوج ابنته على انها بنت مهيرة فوجدها بنت امة كان مخيرا بين ردها وبين إقرارها على العقد فان ردها وكان قد دخل بها كان عليه المهر ، (١) وان لم يكن دخل بها لم يكن عليه شي‌ء وقد ذكر (٢) ان المهر يجب لها على أبيها إذا لم يدخل الرجل بها والاولى ان ذلك غير واجب ، فإن أقرها على العقد لم يكن له بعد ذلك خيار.

وإذا كان له ابنتان إحديهما : بنت مهيرة والأخرى : بنت امة ، فزوج رجلا بنت الحرة

__________________

(١) ظاهره لزوم المسمى عليه سواء ردها أو قبلها فلا ينتقص منه شي‌ء بكونها بنت امة بخلاف ما تقدم في شرط البكارة.

(٢) ذكره الشيخ في النهاية وحكى في المختلف عن بعض الأصحاب انه مروي قلت ويؤيده ما ورد ان من زوجته امه امرأة فلم يقبل كان المهر على الام وما ورد انه إذا أمر رجلان ان يزوجه من أهل البصرة فزوجه من أهل الكوفة فردها لزم المأمور نصف المهر ولعل مراد الشيخ بالمهر هنا أيضا نصفه كما ذكرناه فيما علقنا على مسألة تزويج الام من هذا الكتاب في باب من يجوز له العقد فراجع.

٢٣٧

ثم ادخل الصداق عليه بنت الأمة كان للرجل (١) ردها عليه وان كان قد دخل بها ودفع إليها الصداق كان ذلك لها (٢) بما استحل من فرجها ، وان لم يكن دخل بها ولا دفع إليها صداقها (٣) لم يكن لها شي‌ء وكان على الأب ان يدفع الى الرجل البنت التي من الحرة وهي التي كان عقد له عليها ، وان كان الرجل قد دفع الصداق إلى الأولى لم يكن لهذه شي‌ء ووجب على أبيها في ماله صداقها دون الزوج ، وان كان الزوج لم يدفع الصداق إلى الأولى كان عليه دفعه الى بنت الحرة التي عقد له عليها ،

وإذا تزوج رجلان بامرأتين وأدخلت كل واحدة منهما على الذي ليس هو زوجها وعلما بذلك فيما بعد وجب رد كل واحدة منهما الى زوجها ان لم يكن الزوجان دخلا بهما ، وان كانا دخلا بهما كان لكل واحدة منهما المهر فان كان لهما ولى تعمد ذلك اغرم المهر (٤) ولا يدخل كل واحد من الزوجين بزوجته حتى

__________________

(١) اى يستحق الرد فلا ينافي وجوبه عليه لكونها غير زوجته كما في نكت النهاية.

(٢) ظاهره ان ذلك مهرها وان كان أقل من مهر المثل أو أكثر ولعله لأجل انه لما لم يكن لها مهر مفروض وانما كان للدخول بالشبهة فكلما دفع إليها وقت الدخول كان مما استحل به فرجها وقد تقدم نحوه في باب الصداق في الدخول بالزوجة إذا لم يفرض لها وأعطاه شيئا قبله خلافا للمتأخرين هنا كما في الشرائع والمختلف فأوجبوا لها مهر المثل مطلقا فان كان المدفوع أقل أتمه وان كان أكثر استرد منه.

(٣) هذا التقييد لا وجه له كما لم يذكر في النهاية إذ لو لم يدخل بها لم تستحق شيئا وان دفعه إليها فلعل ذكر المصنف له لكون الدخول مقارنا غالبا لدفع الصداق أو كان الصواب « أو » مكان الواو فالمراد حينئذ انه ان دخل بها ولم يدفع إليها لم يكن لها شي‌ء على الزوج بل كان مهرها وهو المثل على أبيها لتدليسه ان لم تكن هي عالمة كما هو المفروض والا فهي زانية لا مهر لها مطلقا.

(٤) هذه الجملة محرفة في النسخ فصححتها من النهاية والنص الوارد في الحكم كما في الوسائل الباب ٤٩ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ٢ فراجعه فان فيه زيادة.

٢٣٨

تقضى العدة ممن كان دخل بها.

وقد روى ان (١) الرجل إذا ادعى انه من قبيلة معينة وعقد له على امرأة على انه من تلك القبيلة ثم ظهر انه من غيرها ان عقده فاسد.

وإذا ارتدت المرأة لم ينعقد عليها نكاح لأحد من مسلم ولا كافر ولا مرتد مثلها لأنها لا تقر على ذلك ، وإذا وكل رجل غيره على ان يزوجه امرأة معينة فزوجها الوكيل من وليها فحضر الموكل فأنكر وحلف بطل النكاح (٢).

« باب نكاح المتعة »

قال الله تعالى ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلّا ما مَلَكَتْ ) الى قوله : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) الآية (٣).

وعن الأئمة عليهم‌السلام : لا ينبغي للمؤمن ان يخرج من الدنيا حتى يستعمل ذلك ولو مرة واحدة (٤) وعنهم عليهم‌السلام قالوا من استعمل ذلك لإحياء الحق وازالة دواعي الشيطان الى الفجور كتب الله له بذلك حسنات.

وإذا اغتسل منه خلق الله تعالى من كل قطرة يقطر من غسله ، ملكا يستغفر الله له الى يوم القيامة.

وصفة نكاح المتعة وشروطه على ضربين أحدهما : يجب ذكره في حال العقد والأخر : لا يجب والأفضل ذكره.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من العيوب في النكاح ففيه « قال تفسخ النكاح أو قال ترد » وعلى كل الظاهر ان المراد لها الخيار في الرد والقبول وكأنه مراد المصنف بالفساد كما مر منه غير مرة ذكر البطلان ومراده عدم المضي في الحال.

(٢) يعني في ظاهر الحكم فيجوز لها ان تزوج ولكن ليس للموكل فيما بينه وبين الله الا ان يطلقها كما ورد في الوسائل الباب ٤ من كتاب الوكالة وذكر فيه أيضا ان الوكيل يغرم لها نصف المهران لم يشهد على وكالته.

(٣) النساء ـ ٢٤

(٤) الوسائل ج ١٤ الباب ٢ من أبواب المتعة.

٢٣٩

فأما الواجب فهو تعيين الأجر والأجل ، واما ما لا يجب ، وان كان الأفضل ذكره؟ فهو سؤال المرية هل لها زوج أو هي في عدة منه أو معها حمل أم ليس معها ذلك وان له ان يضع الماء حيث يشاء ، وانه لا نفقة لها ولا سكنى وان عليها العدة.

فأما نفى التوارث فلا يثبت بينهما ولو اشترط (١) واما الولد فلا يجوز للرجل ان يشترط انه لا يلحق به على كل حال (٢) ولو اشترط لكان باطلا.

فمن أراد هذا العقد فينبغي ان يطلب امرأة صحيحة الولاية على نفسها عفيفة مؤمنة معتقدة للحق ، فاذا وجدها عرض عليها ذلك فقال : لها تمتعيني نفسك على كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله كذا وكذا يوما أو شهرا أو سنة بكذا وكذا من دراهم أو دنانير أو غيرها مما يتعين فيه قيمة ، على ان لي ان أضع الماء حيث شئت وانه لا نفقة لك على ولا سكنى وعليك العدة إذا انقضت المدة.

فإذا أجابت الى ذلك أعاد عليها القول ، فقال : متعيني نفسك على كتاب الله تعالى وسنة نبيه كذا وكذا يوما أو شهرا أو سنة ويعيد باقي الكلام ، فاذا اتى على آخره كما قدمناه ، وقالت : قد قبلت أو رضيت أو أجبتك الى ذلك قال : هو قد قبلت ورضيت.

فان قالت المرأة قد متعتك نفسي كذا وكذا بكذا وكذا وذكرت الشروط ،

__________________

(١) اى اشترط نفيه وحاصله ان التوارث بينهما ثابت لا يسقط باشتراط نفيه كالنكاح الدائم ويأتي من المصنف هنا ذكر ذلك ثانيا وحكاه في المختلف عن كامله أيضا كما حكى عنه في المسالك وغيرها ولولا ذلك لاحتملنا في المتن قويا ان كلمة « نفى » زيادة من سهو القلم لغرابة هذا الحكم إذ النصوص المستفيضة والفتاوى المحكية عن سائر الأصحاب مجمعة إجمالا على خلافه وان اختلفت في ثبوته وعدمه إذا اشترطا ثبوته أو لم يشرطا نفيه بل يظهر مما يأتي في آخر هذا الباب أيضا منافاته لما ذكره هنا وفي الموضع الثاني فلاحظه وما علقنا عليه والله العالم.

(٢) زاد في نسخة ( خ ) وهامش نسخة ( ب ) بعلامة التصحيح « لأنه يلحق به على كل حال ».

٢٤٠