المهذّب

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٧
الجزء ١ الجزء ٢

كان ذلك على الإمام لأنه عاقلته ، فان كان سيده شرط عليه ان يكون له ولاؤه كان على السيد ما يتعلق بذمته.

وإذا اوصى هذا المكاتب كانت وصيته ماضية بمقدار ما تحرر منه في ثلثه وباقي ذلك لورثته ومردودة بمقدار ما بقي منه رقا ، وإذا ركبه دين تعلق بذمته بمقدار ما تحرر منه يطالب به إذا أعتق أو من الذي يكسبه في اليوم الذي يختص به أو بمقدار ما تحرر منه فاما بمقدار ما بقي منه رقا فإن استدانه بإذن مولاه فعلى مولاه قضاؤه عنه وله ان يقضى ذلك من كسبه الذي يصيبه بمقدار الرق وان كان استدانه بغير اذن مولاه تعلق بكسبه جميعه ويقضى منه دين الغرماء ويكون ما يبقى بينه وبين سيده على حساب الحرية والرق.

وإذا كاتب مملوكة وتحرر بعضها منها لم يجز له وطؤها ، (١) فإن وطأها كان عليه الحد بمقدار ما تحرر منها ودرى عنه بمقدار ما بقي ، وعليها مثل ذلك : فإن أكرهها لم يكن عليها شي‌ء ، وهذه المكاتبة (٢) لا يجوز لها ان تتزوج إلا بإذن سيدها ، فان تزوجت بغير اذنه كان النكاح باطلا. فان تزوجت باذنه وأدت شيئا من مكاتبتها ورزقت أولادا ، كان حكم ولدها حكمها (٣) يسترق منهم بحساب ما بقي من ثمنها ويعتق بحساب ما انعتق؟ وهذا المكاتب لا يجوز على سيده زكاة الفطرة عنه ، فان كان مشروطا عليه لزمه ذلك.

« تم كتاب العتق والتدبير »

__________________

(١) بالملك أو بعقد التزويج لما تقدم في أوائل باب المكاتبة وظاهر المصنف هنا وفيما تقدم جواز الوطئ ان لم يتحرر منها شيئا مطلقة كانت أو مشروطة والمعروف بين الأصحاب عدم الجواز مطلقا لضعف الملك وربما يظهر ذلك من مطاوي المتن.

(٢) بل كل امة مكاتبة كما تقدم في أوائل الباب المذكور لوضوح انها مملوكة لا تقدر على شي‌ء.

(٣) أي إذا تزوجت بمملوك واما إذا تزوجت بحر كان ولدها منه حرا كما صرح به هناك.

٤٠١

كتاب الايمان

قال الله تعالى ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ ) (١) وقال ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ) (٢) وقال تعالى ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها ) (٣) وقال ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (٤).

وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال بئس القوم يجعلون ايمانهم دون طاعة الله (٥) وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تحلفوا بابائكم ولا بالأنداد « بالأجداد ـ خ ل » ولا تحلفوا الا بالله ولا تحلفوا بالله الا وأنتم صادقون (٦).

وعن على عليه‌السلام انه قال اتقوا اليمين الكاذبة فإنها منفقة للسلعة ، ممحقة للبركة

__________________

(١) المائدة : ٨٩

(٢) آل عمران : ٧٧

(٣) النحل : ٩١

(٤) الفتح : ١٠

(٥) مستدرك الوسائل الباب ٧ من كتاب الايمان

(٦) سنن ابى داود باب كراهية الحلف بالآباء من الايمان وفيه ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد.

٤٠٢

ومن حلف يمينا كاذبة فقد اجترأ على الله فلينتظر عقوبته (١).

فاليمين الشرعية عند أهل البيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تكون الا بالله أو بأحد أسمائه الحسنى؟ وكل يمين كانت بغير ما ذكرناه فليست يمينا صحيحة ، ولا يستقر لها حكم في حنث ولا كفارة فلو حلف بالنبي أو بالكعبة أو بما أشبه ذلك من المخلوقات كلها أو بالبراء ( بالبرء خ ـ ل ) من الله تعالى أو من النبي أو الأئمة أو أحدهم عليهم‌السلام أو من القرآن أو ما جرى مجرى ذلك : لم يكن يمينا صحيحة.

اليمين ضربان : أحدهما : يجب الكفارة عليها ، والأخر لا يجب عليها ذلك : فاما الأول : فمثل ان يحلف ان لا يخل بواجب أو لا يرتكب قبيحا ثم يخل بالواجب أو يرتكب القبيح فيجب عليه الكفارة ، أو يحلف ان يفعل ما وجب فعله أو ما الاولى فعله في دينه أو دنياه ثم لا يفعل ما حلف على ان يفعله مما وجب عليه أو أخل بما الاولى ( به ـ خ ل ) فعله فعليه الكفارة ، أو يحلف ان لا يفعل شيئا بتساوي فعله وتركه ثم يفعله فعليه الكفارة.

فإن حلف ان لا يأكل ولا يشرب من لحم أو لبن شاة أو غيرها لم يجز له ان يأكل من لحمها ولا يشرب من لبنها وكذلك : لا يأكل ولا يشرب من لحم أولادها أو ألبانهن ، فإن أكل من ذلك أو شرب وهو غير محتاج اليه (٢) كان عليه الكفارة

فإن حلف على ان لا يفعل (٣) شيئا من المحرمات مثل قتل إنسان غير مستحق للقتل أو غصب ماله أو ظلمه أو يؤذى مؤمنا أو غير ذلك مما يحرم عليه فعله فليترك جميع ذلك ولا كفارة عليه؟ أو يحلف ان يفعل شيئا لا ينفعه في دينه أو دنياه مثل ان يبيع شيئا الاولى ان يمسكه أو يمضي في شي‌ء الاولى ان لا يمضى فيه أو يطالب بحق هو له على غيره الاولى ان لا يطالبه فليترك جميع ذلك وليس عليه كفارة ، أو

__________________

(١) المستدرك الباب ٣ من كتاب الايمان

(٢) اى وان كان محتاجا فلا كفارة كما يأتي.

(٣) الصواب « على ان يفعل ».

٤٠٣

يحلف ان لا يفعل ما يجب عليه فعله مثل ان لا يقضى دينا أو لا يرد وديعة أو لا يشكر منعما أولا ينصف من نفسه أولا يصلى ولا يصوم أولا يزكى ماله أو لا يحج فليفعل ذلك ولا كفارة عليه.

أو ان يحلف ان لا يفعل ما الاولى فعله في دينه أو دنياه مثل ان لا يحسن الى أحد أولا يصلى نافلة أو لا يصوم تطوعا أولا يصل أحدا من الإخوان أولا يسعى في شي‌ء من حوائجهم أولا يعينهم ولا يساعدهم أولا يتجر لمعيشته مع حاجته الى ذلك أولا يبتاع لأهله شيئا في ابتياعه مصلحة لهم أولا يسكن دارا وبه حاجة الى سكناها أو لا يبنيها وهو مضطر إلى بنائها أو ما جرى مجرى ذلك ، فليفعله ولا كفارة عليه.

ومن كان عنده وديعة فطالبه بها ظالم فلينكرها وليحلف عليها ويورى في نفسه ما يخرج به من كونه كاذبا ، ولا يلزمه كفارة بل يكون مثابا على ذلك؟ فان حلف على ما ذكرناه ولم يكن ممن يحسن التورية وكانت نيته حفظ الامانة فليس عليه كفارة

وإذا حلف على ماض مثل ان يقول والله ما فعلت كذا وكان قد فعل ذلك فليس عليه كفارة وهو مستحق للعقاب ويجب عليه ان يستغفر الله تعالى ولا يعود الى مثل ذلك

وليس للولد يمين مع والده ولا للمملوك مع سيده ولا لزوجة رجل معه ، فان حلف واحد من هؤلاء على شي‌ء مما ليس بواجب ولا قبيح ، جاز للأب حمل ابنه على خلافه ، ولا كفارة عليه وكذلك : القول في العبد وسيده والمرأة مع زوجها.

وإذا حلف على ما يدفع به ضررا أو أذية عن نفسه أو عن بعض المؤمنين لم يلزمه على ذلك كفارة بل يكون مثابا عليه؟ وإذا استحلف السلطان الجائر أصحابه وأعوانه على ظلم المؤمنين وحلفوا له على ذلك وجب عليهم ترك الظلم وترك الوفاء بما استحلفوا عليه ولا كفارة عليهم في ذلك.

وإذا حلف على غيره (١) ان يبتاع له شيئا أو يمضى معه الى بعض المواضع أو يأكل منه أو يشرب أو يسير معه في طريق أو ما جرى مجرى ذلك فلم يفعل له ذلك

__________________

(١) اى قال له مثلا : أسألك بالله ان تفعل لي كذا كما يأتي تصريحه بذلك أيضا

٤٠٤

لم يجب عليه كفارة؟ فإن حلف عليه ان يركب له دابة أو يقطع معه شجرا أو يحمل معه حملا فلم يفعل لم يجب عليه كفارة.

وإذا وهب له أحد أبويه شيئا ثم مات الواهب وطالبه الوارث به ، جاز له ان يحلف بأنه كان ابتاعه منه ودفع اليه ثمنه ولم يكن عليه كفارة ولا اثم.

وإذا كان عليه دين فطالبه به صاحب الدين فلم يقدر على قضائه لإعساره ودافعه عنه وأحضره إلى الحاكم وخاف من الإقرار له به لئلا يحبسه (١) عليه فيضر ذلك به وبأهله ، جاز له ان يحلف عليه ويورى في يمينه ويعزم على قضائه إذا أيسر ، ولا يلزمه كفارة على ذلك ولا اثم؟ فان لم ينو قضاه كان مأثوما.

وإذا علم صاحب الدين حالة من ذكرناه من العجز ، لم يجز له استحلافه ولا حبسه؟ فان علم بعجزه عن أداء ما عليه من ذلك ، واستحلفه أو حبسه كان مأثوما؟

وإذا حلف ان لا يبتاع لأهله شيئا بنفسه جاز له ان يبتاعه ، وليس عليه كفارة ولا اثم؟ وإذا حلف على ان مملوكه حر خوفا من ان يأخذه منه ظالم لم ينعتق بذلك ولم يجب عليه كفارة.

وإذا حلف لزوجته ان لا يتزوج عليها ولا يشترى مملوكة يطأها أو يتسرى بها لا في حياتها ولا بعد وفاتها ، جاز له ان يتزوج ويشتري الجارية ويتسرى بها ولا كفارة عليه في ذلك ولا اثم.

وإذا حلفت المرأة لزوجها ان لا تتزوج بعد طلاقه لها وبينونتها منه أو بعد موته كان لها ان تتزوج ، ولم تكن عليها كفارة ولا اثم في ذلك.

وإذا كان عليه دين فحلف لصاحبه ان لا يخرج من البلد الا بعلمه ، وكان لا يقدر على قضاء دينه وخاف من مطالبته له ان أقام في البلد ، وان أعلمه بخروجه اعتقله أو حبسه واستضر هو واهله بذلك جاز له الخروج من غير أعلامه بذلك وليس عليه كفارة ولا اثم في ذلك.

__________________

(١) الأصح « ان يحبسه ».

٤٠٥

وإذا حلف ان لا يأكل ولا يشرب من لحم أو لبن شاة أو غيرها ، فأكل أو شرب من ذلك وهو محتاج اليه لم يكن عليه كفارة؟ وإذا حلف ان يؤدب مملوكه بضرب ، جاز ان لا يضربه وليس عليه كفارة.

وإذا حلف ان يقتطع مال غيره فلا كفارة عليه وان كان مأثوما بذلك ، وانما كفارته إيصال ذلك الى مستحقه؟ وإذا حلف ان لا يمس جارية غيره ابدا ثم ابتاعها لنفسه جاز له ان يطأها لأنه إنما حلف ان لا يمسها حراما.

وإذا أودع عند غيره مالا أو متاعا وأعلمه انه لإنسان معين ومات وطالبه الوارث به ، فان كان الموصى بذلك عنده ثقة جاز له ان يحلف على انه ليس عنده ويدفع ذلك الى صاحبه ولا كفارة عليه؟ فان لم يكن عنده ثقة ، دفع ذلك الى الوارث.

وإذا حلف وقال : والله لأقتلن زيدا وزياد قد مات أو قال : والله لأصعدن إلى سماء : وما أشبه ذلك لم يحنث بذلك ولا يلزمه كفارة ، وإذا حلف الإنسان بالله تعالى وهو كافر صحت يمينه ولم يصح منه الكفارة إذا حنث ، لأنها تفتقر إلى نية القربة والقربة لا تصح من الكافر لأنه لا يعرف الله تعالى وإذا لم يعرفه لم يصح ان يتقرب اليه بذلك :

وقد ذكر فيما تقدم ان اليمين لا يكون يمينا صحيحة الا بان يكون بالله تعالى أو بأحد أسمائه الحسنى فعلى هذا إذا حلف بالله كان يمينا.

وكذلك : إذا حلف بالرحمن الرحيم وأطلق وأراد اليمين بذلك كان يمينا؟ وكذلك : رب العالمين وجميع ما يشاركه (١) فيه غيره مثل رب وخالق ورازق وما أشبه ذلك ، وإذا حلف حالف به وأطلق ذلك ولم يقيد وأراد اليمين كما قدمناه كان

__________________

(١) اى يشاركه غيره في أصل الاسم فيقال رب العالمين لله تعالى ورب الدار لغيره فاصل الرب مشترك وهكذا الخالق والرازق لكن إطلاقها بدون إضافتها إلى شي‌ء كما إذا قال رب منصرف الى الله تعالى كما في المبسوط وان شئت قلت هذه الأسماء وما أشبهها على وجه الإطلاق لا يشاركه تعالى فيها غيره ولعله مراد المصنف فيكون صواب العبارة « مالا يشاركه ».

٤٠٦

يمينا؟ فان قيده برب الدار وخالق الحركة أو رازق الجند وما أشبه ذلك لم يكن يمينا على حال مثل ان يكون رب الدار وخالق الحركات ورازق الجند.

وإذا قال وعزة الله وجلال الله أو عظمة الله وأراد اليمين كان ذلك يمينا؟ فان قال وعلم الله وقدرة الله وأراد كونه عالما أو كونه قادرا وأراد بذلك اليمين كان يمينا؟ وان أراد المعنى الذي يكون العالم والقادر به عالما وقادرا لم يكن ذلك يمينا لأنه تعالى عالم لنفسه وقادر لنفسه.

فاذا قال أقسمت بالله وأراد بذلك اليمين كان يمينا؟ وان أطلق ذلك لم يكن يمينا لان قوله « أقسمت بالله » يحتمل ان يكون خبرا والخبر عن أنه اقسم متقدما لا يكون يمينا؟ فان لم يرد بذلك الخبر ونوى اليمين كان يمينا صحيحة.

وإذا قال لعمر الله ونوى اليمين بذلك كان يمينا (١) وإذا أطلق ولم ينو اليمين لم يكن يمينا؟ وإذا قال اعزم بالله لم يكن يمينا نوى بذلك اليمين أو لم ينو ، لان ذلك ليس من ألفاظ اليمين وإذا قال أسألك بالله أو قال اقسم عليك بالله لتفعلن كذا لم يكن يمينا.

وإذا قال والذي نفسي بيده ونوى اليمين كان ذلك يمينا لأنه روى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقسم بذلك كثيرا فيقول تارة « والله الذي نفسي بيده وتارة والذي نفس محمد بيده ».

وإذا قال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ونوى اليمين كان ذلك يمينا لأنه روى ان أمير المؤمنين على بن أبي طالب (ع) كان يقسم بذلك فيقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة وتردى بالعظمة.

وإذا حلف في النفي أو الإثبات واستثنى فقال : ان شاء الله سقط حكم اليمين بذلك ولم يثبت لها حنث ، وانما سقط ذلك بهذا الاستثناء إذا كان متصلا غير منفصل

__________________

(١) زاد هنا في هامش نسخة ( ب ) : وإذا قال تالله ونوى اليمين كان ذلك يمينا وإذا قال اشهد بالله ونوى بذلك اليمين كان يمينا.

٤٠٧

وذلك ان يأتي به نسقا من غير قطع الكلام ، أو يأتي به في معنى الموصول وهو ان يكون الكلام انقطع لانقطاع النفس أو الصوت اوعى (١) أو تذكر ، فاذا اتى به على هذا الوجه صح. وان فصل بينه وبين اليمين فصلا طويلا على غير ما ذكرناه ثم استثنى أو تشاغل بحديث آخر حين فراغه من اليمين سقط بحكم الاستثناء؟

فاذا كان الاستثناء بالمشية لا يصح في اليمين الا ان يكون موصولا كما ذكرناه فلا يصح أيضا الا ان يكون نطقا وقولا فان كان نية أو اعتقادا لم يصح وإذا اتى به قولا ونطقا لم يصح الا ان يقصد به الاستثناء وينوي ذلك ويعتقده ، فان لم يكن كذلك لم يصح؟

وإذا أراد ان يقول لا والله فسبق لسانه فقال بلى والله وهو غير منوي بذلك اليمين كان ما سبق به لسانه لغوا لا حكم له ولم يكن يمينا ، ولا يلزمه على ذلك شي‌ء وكذلك : ما جرى هذا المجرى من اللغو.

فاذا حلف وحنث لزمه الكفارة وهي متعلقة بالحنث ، فان قدم الكفارة على الحنث لم يجزئه ( لم يجزه ـ خ ل ) وكان عليه إعادتها.

« باب النذور والعهود »

إذا قال إنسان ان كان كذا فلله على كذا ثم ذكر صلاة أو صوما أو صدقة أو غير ذلك من أفعال البر ، كان ذلك نذرا صحيحا ووجب عليه الوفاء بما نذر فيه ولم يجز له الإخلال به ، ويفتقر في صحة ذلك الى النية؟ وكذلك : العهد فان تجرد واحد منهما من النية لم يكن لذلك حكم.

وان قال ان كان كذا فعلى كذا ولم يذكر الله تعالى لم يكن ذلك نذرا ، وكان مخيرا بين الوفاء به وبين تركه والأفضل الوفاء بذلك؟

__________________

(١) بكسر العين المهملة وتشديد الياء المثناة وهو العجز أو الفتور في التكلم كما في الحديث النساء عي وعورة فاستروا عيهن بالسكوت وعوراتهن بالبيوت.

٤٠٨

وليس ينعقد النذر على معصية ، فإذا نذر في شي‌ء من ذلك كان النذر باطلا.

وإذا لم يتلفظ بالنذر واعتقد انه ان كان كذا فلله على كذا (١) وان اعتقد انه إذا كان شي‌ء كان عليه كذا ولم يعتقد ذلك لله تعالى كان مخيرا بين الوفاء به وبين تركه والأفضل الوفاء به.

وإذا قال ان كان كذا فلله على المشي إلى بيته الحرام أو اهدى إليه بدنة أو احمل اليه كسوة أو ما أشبه ذلك ، فاذا حصل ذلك الشي‌ء كان عليه الوفاء بذلك.

وإذا قال ان كان كذا فلله على ان اهدى الى بيته طعاما لم يجب عليه الوفاء به لأن الهدى لا يكون الا من الإبل أو البقر أو الغنم؟

وإذا نذر ان يهدى الى البيت هديا ولم يسمه كان عليه ان يهدى ان من الإبل أو البقر أو الغنم لأن الهدى لا يكون الأمن ذلك كما قدمناه.

وإذا نذر لله تعالى انه متى كان كذا فعليه شي‌ء ولم يعين ذلك الشي‌ء كان مخيرا بين الصلاة والصوم أو الصدقة أو غير ذلك من أنواع القرب.

فاما المعاهدة فهو قول الإنسان عاهدت الله تعالى ان كان كذا فعلى كذا ويعتقد (٢) مثل ذلك؟ فان قال ذلك أو اعتقد وحصل الذي عاهد عليه كان عليه الوفاء بذلك عند حصول ما ذكره.

وإذا قال انا محرم بحجة أو عمرة ان كان كذا وكذا كان ذلك لغوا ولم يثبت له حكم.

__________________

(١) في هامش نسخة ( ب ) زاد هنا تصحيحا « كان الوفاء بذلك واجبا عليه إذا حصل ذلك الشي‌ء وكان هذا كقوله : ان كان كذا » ونحوه في نهاية الشيخ وحاصله انه إذا لم يتلفظ بنذره ولكنه نواه في اعتقاده كان ذلك بمنزلة القول فان كان نواه الله تعالى وجب الوفاء والا فهو أفضل.

(٢) الصواب « أو يعتقد » بقرينة ما بعده وما تقدم نحوه في النذر

٤٠٩

والنذر ضربان أحدهما : يجب الوفاء به والأخر : لا يجب الوفاء به ، فالذي يجب الوفاء به هو ان ينذر الإنسان انه متى فعل شيئا من الواجبات أو المندوبات أو المباحات كان عليه شي‌ء معين من صوم أو صلاة أو حج أو صدقة أو غير ذلك من أفعال البر فإنه متى فعل ذلك كان عليه الوفاء به.

وإذا نذر ان عوفي من مرضه أو عاد من سفره أو ربح في تجارته أو كفى سطوة ظالم أو تخلص من يده أو ما أشبه ذلك وحصل الشي‌ء الذي نذر فيه كان عليه الوفاء بما نذر ولم يجز له ان يخل به.

وإذا نذر عن ولد له غائب وهو مريض انه ان عوفي من مرضه كان عليه كذا وبلغه برؤه ، فإن كان برؤه حصل بعد النذر كان عليه الوفاء به ، وان كان حصل قبل النذر لم يلزمه الوفاء به.

وإذا وجب عليه نذر وكان قد علقه بشرط أو وقت معين كان عليه الوفاء به عند حصول الشرط أو الوقت المعين ، فان خالف في ذلك كان عليه الكفارة؟ وان لم يكن علفه بشرط ولا وقت معين كان ذلك ثابتا في ذمته الى ان يفي به.

وإذا نذر صوم شهر أو سنة أو أقل من ذلك أو أكثر ، وكان قد علق ذلك بوقت معين ولم يصمه فيه وجب عليه القضاء والكفارة؟ فان لم يكن علقه بوقت معين كان عليه الوفاء به اى وقت شاء الا ان الأحوط فعله على الفور والبدار دون التراخي فإن أخره لم يكن عليه كفارة.

وإذا كان عليه صوم نذر فمرض أو سافر ، فان كان النذر نذر الصوم على كل حال وجب عليه الصوم في السفر والمرض (١) وان لم يكن نذره على كل حال أفطر وكان عليه القضاء بغير كفارة.

__________________

(١) هذا الحكم في المرض غير معروف من الأصحاب لكنه قد يظهر من الخبر الوارد فيه للسفر حيث ذكرا فيه معا الا انه لم ينقل القول به عن أحد كما يستفاد من جواهر الكلام وغيره عند تعرضهم لهذا الخبر.

٤١٠

وقد ذكرنا فيما تقدم ان النذر لا ينعقد على معصية فإن نذر صوم يوم العيدين أو صوم يوم (١) فوافق ان يكون ذلك ، يوم العيدين وجب عليه إفطاره وليس عليه قضاء ولا كفارة.

وإذا نذر عتق رقبة معينة أعتقها على كل حال سواء كانت مؤمنة أو كافرة؟فإن كانت غير معينة أعتق أي رقبة شاء بعد ان لا تكون كافرة.

وإذا نذر صوم حين من الدهر ولم يعين شيئا وجب صوم ستة أشهر فإن نذر صوم زمان ولم يعين شيئا كان عليه صوم خمسة أشهر.

وإذا نذر عتق كل مملوك قديم في ملكه ولم يعين شيئا أعتق كل عبد مضى عليه في ملكه ستة أشهر.

وإذا نذر صدقة مال كثير ولم يسم شيئا معينا كان عليه ان يتصدق بثمانين درهما أو ما زاد على ذلك.

وإذا نذر إخراج شي‌ء في وجه من وجوه البر ولم يذكر شيئا معينا ، كان مخيرا بين الصدقة على فقراء المسلمين المؤمنين وبين إخراجه في حج أو زيارة أو غير ذلك من وجوه البر؟

وإذا نذر الحج ماشيا أو زيارة مشهد من المشاهد الشريفة كذلك ، ثم عجز عن المشي كان له ان يركب ، ولا كفارة عليه ، فان ركب من غير عجز وجب عليه اعادة الحج أو الزيادة بأن يمشي ما ركب ويركب ما مشى ، وإذا اتى إلى نهر وأراد العبور فيه في زورق فينبغي ان يكون فيه قائماً ولا يجلس حتى يخرج الى البر

وإذا جعل دابته أو ثوبه أو مملوكه هديا للكعبة أو لبعض المشاهد كان عليه ان يبيع الدابة أو الثوب أو المملوك ويصرف ثمنه في بعض مصالح الكعبة أو المشهد وفي معونة الحاج والزوار؟

__________________

(١) كيوم الجمعة وقد ورد في بعض النصوص انه يصوم يوما بدله واختاره الشيخ في النهاية.

٤١١

وإذا نذر صدقة بدنانير أو دراهم على فقراء معينين أو في موضع معين وجب عليه فعل ذلك على ما عينه؟ ولم يجز له العدول عنه الى غيره؟! فان عدل الى غير ذلك كان عليه الإعادة على الوجه الذي عينه.

وإذا نذر صلاة معينة تطوعا في وقت معين كان عليه الوفاء بذلك في الوقت الذي عينه مسافرا كان أو حاضرا.

وإذا نذر الحج ان رزقه الله ولدا ورزق الولد ومات قبل ان يحج للولد (١) أو غيره عنه من صلب ماله.

وإذا نذر ولم يعين شيئا ، كان مخيرا بين صلاة ركعتين وبين صوم يوم واحد أو صدقة بدرهم أو أقل من ذلك أو أكثر؟

وإذا نذر في طاعة الصدقة بجميع ما يملكه كان عليه الوفاء بذلك ، فان خاف المضرة بخروجه من جميع ما يملكه قوم ذلك على نفسه وتصدق به شيئا بعد شي‌ء ويثبت ما يتصدق به الى ان يعلم الوفاء بذلك؟ فاذا علم برأت ذمته مما كان نذره. وإذا كان له عبد فنذر ان لا يبيعه ابدا ، لم يجز له بيعه احتاج الى ذلك أو لم يحتج اليه.

وإذا نذر الإحرام بحجة أو عمرة من مكان معين ، وجب عليه الوفاء بذلك وان كان المكان الذي عينه لا حرامه دون الميقات.

وإذا نذر الحج ولم يكن له مال له يحج به ، ثم حج من غيره ، كانت حجته مجزية عن ذلك الغير ، وعليه الحج إذا تمكن منه؟! وقد ذكر (٢) ان ذلك يجزأه

__________________

(١) الظاهر ان الصواب « ومات قبل ان يحج وجب ان يحج بالولد أو غيره عنه من صلب ماله » كما في نسخة ( ب ) وهامشها تصحيحا ونحوه في النهاية والمذكور في النص الذي هو مدرك هذا الفرع « انه : نذر ان رزق ولدا ان يحج به أو يحج عنه » فراجع الوسائل الباب ١٦ من كتاب النذر ونحوه في الباب ٢٩ من أبواب وجوب الحج الا ان فيه انه يحج عنه من ثلثه

(٢) ذكره الشيخ في النهاية لظاهر النص كما في الوسائل الباب ٢١ من كتاب النذر.

٤١٢

عن حجة النذر ، والصحيح ما ذكرناه.

وإذا نذر نذرا وعجز عن الوفاء به لم يكن عليه شي‌ء؟ وإذا كانت المرأة صائمة صوم نذر فحاضت فيه كان عليها ان تفطر ثم تقضى ذلك ولا شي‌ء عليها بعد القضاء.

واما ما لا يجب الوفاء به من النذر فهو ان ينذر انه متى فعل شيئا من القبيح كان عليه كذا شكرا لله تعالى : ثم فعل ذلك القبيح لم يجب عليه الوفاء بذلك؟ لأنه نذر في معصية وقد ذكرنا فيما تقدم : ان النذر لا ينعقد على معصية.

وإذا نذر انه متى لم يترك واجبا أو ندبا كان عليه كذا؟ وكذا : فليفعل الواجب أو الندب ولا شي‌ء عليه (١).

وإذا نذر انه ان فعل واجبا أو ندبا أو ربح في تجارة أو برء من مرضه ان برء مريض له أو تخلص من ظلم ظالم أو قدم من سفر وما أشبه ذلك فعل قبيحا ، مثل ان يقتل مؤمنا أو يترك واجبا أو يغصب مالا لغيره أو يفجر بامرأة أو ما جرى هذا المجرى كان عليه ان يترك ولا كفارة عليه.

واما المعاهدة : فإن الإنسان إذا عاهد الله تعالى : على ان يفعل (٢) ما الاولى ان يفعله في دينه أو دنياه أو لا يفعل ما الاولى ان يفعله ، فليفعل ما الاولى فعله ويترك ما الاولى تركه ولا كفارة.

وإذا عاهد الله : تعالى على ان لا يفعل قبيحا ولا يترك واجبا أو ندبا وفعل القبيح أو ترك الواجب أو الندب كان عليه الكفارة.

__________________

(١) تقدم في ذكر ما يجب الوفاء انه إذا نذر انه متى فعل واجبا أو مندوبا كان عليه كذا وكذا يجب الوفاء به إذا فعله والمراد بهذا النذر ترغيب نفسه على فعل الطاعة وهو عبادة واما في هذه المسئلة فالمراد به زجر نفسه عنه معصية.

(٢) الصواب كما في هامش نسخة ( ب ) تصحيحا « على ان يفعل واجبا أو ما يكون به طائعا فعليه الوفاء به فان لم يفعل كان عليه الكفارة وإذا عاهد الله سبحانه على ان يفعل ما الاولى ان لا يفعله في دينه أو دنياه » ونحوه في نهاية الشيخ.

٤١٣

« كتاب الكفارات »

الكفارات على ضروب : منها كفارة اليمين ومنها كفارة نقض النذور والعهود (١) ومنها : كفارة الحلف بالبراءة من الله تعالى أو رسوله أو أحد الأئمة عليهم‌السلام.

ومنها كفارة من أفطر في يوم من شهر رمضان متعمدا ومنها كفارة من أفطر بعد الزوال في يوم يقضيه عن يوم من شهر رمضان. ومنها كفارة قتل العمد ومنها كفارة قتل الخطاء ومنها كفارة وطء الزوجة أو الأمة في الحيض ، ومنها كفارة العجز عن صيام شهرين؟ومنها : كفارة من تزوج امرأة وهي في العدة؟ ومنها : كفارة من نام عن صلاة العشاء الأخيرة حتى صار نصف الليل ومنها كفارة من ترك صلاة الكسوف؟ ومنها : كفارة النظر الى المصلوب بعد ثلاثة أيام ومنها : كفارة من شق ثوبه في موت ولده أو أخيه؟ومنها كفارة لطم المرية وجهها في مصاب أو خدشة أو جزها لشعرها في ذلك.

ومنها : كفارة قتل السيد مملوكه أو كفارة ضربه له بما يزيده على الحد.

« باب كفارة اليمين »

كفارة اليمين : عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم؟ وهذه الكفارات واجبة على وجه التخيير دون الترتيب ، والحانث مخير في أي شي‌ء منها فعل كان مجزيا

وإذا أراد عتق الرقبة فينبغي ان يعتق من يكون على ظاهر الإسلام أو من يكون بحكم ذلك ذكرا كان : أو أنثى : صغيرا كان : أو كبيرا؟ ولا يجوز له عتق مدبر الا بعد ان ينقض تدبيره؟ ولا يجوز له أيضا ان يعتق مكاتبا قد أدى شيئا من مكاتبته.

__________________

(١) زاد هنا في هامش نسخة ( ب ) « ومنها كفارة الظهار ومنها كفارة الإيلاء »

٤١٤

ويجوز له ان يعتق المملوك الآبق إذا لم يعلم موته؟ ويجوز له أيضا عتق الأعور والأعرج والأشل ، ولا يجوز عتق مقعد ولا مجذوم ولا أعمى.

ولا ينبغي للحانث ان يعتق أم ولده في الكفارة أيضا ، وقد ذكر : (١) جواز ذلك والأحوط ما ذكرناه.

وإذا أراد إطعام عشرة مساكين فليطعم كل واحد منهم شبعه في يوم ، فان لم يقدر أطعمه مدا من طعام ويجوز جمعهم في موضع واحد وإطعامهم ذلك الطعام. ولا يجوز ان يكون جميع العشرة صغارا؟ وقد ذكر (٢) انه إذا لم يجد الا الصغار جعل كل اثنين منهم بواحد.

ولا يجوز ان يكونوا الا من فقراء المؤمنين أو من هو بحكمهم؟ فان لم يجد أحدا من هؤلاء بقي ذلك في ذمته الى ان يجدهم فيطعمهم وقد ذكر (٣) انه إذا لم يجدهم اطعم المستضعفين من المخالفين والأول أحوط.

وإذا لم يجد تمام العدد من المؤمنين ووجد بعضهم كرر على الموجودين حتى يستكمل العدد؟ وإذا لم يجد الا واحدا أطعمه في عشرة أيام يوما بعد يوم في كل يوم طعام واحد حتى يستكمل العدد ولا يجوز ان يطعم الناصبي شيئا من ذلك على حال

وأعلى ما يطعم الخبز واللحم وأوسطه الخبز والخل والزيت وأدناه الخبز والملح؟وان تمكن من إطعام ما هو ارفع من ذلك وفعل ، كان أفضل.

وإذا أراد كسوتهم دفع الى كل واحد منهم ثوبين إذا قدر على ذلك فان لم يمكنه وقدر على ان يكسو كل واحد ثوبا واحدا اقتصر على ذلك ، فان لم يقدر على شي‌ء من هذه الكفارات الثلاث صام ثلاث أيام متتابعات فان لم يقدر على الصوم استغفر الله ولا يعود الى اليمين.

والكفارة ( وكفارة اليمين خ ـ ل ) لا تجب الا بعد الحنث؟ فان كفر الحالف قبل

__________________

(١) ذكره الشيخ في النهاية من دون تقييد بعدم الوجدان.

(٢) ذكره الشيخ أيضا في النهاية.

(٣) ذكره الشيخ أيضا في النهاية.

٤١٥

الحنث لم يكن ذلك مجزيا له ووجب عليه إعادتها بعد الحنث؟ وإذا وجبت عليه الكفارة لم يجز له صرفها الا الى من لا يلزمه نفقته فاما من يلزمه نفقته فلا يجوز صرفها اليه.

واما الكفارة (١) إلى مسكين كان المستحب له ان لا يشترى ذلك منه؟

وإذا وجب على العبد كفارة كان فرضه فيها الصوم ولا فرق في ذلك بين ان تكون الكفارة مخيرا فيها مثل كفارة اليمين وبين ان تكون مرتبة مثل كفارة الظهار والقتل.

وإذا أراد العبد هذا الصوم وكان قد حلف وحنث بإذن سيده ، فإن أراد سيده منعه من ذلك لم يجز له منعه ، لأنه صوم لزمه باذنه؟ وان كان الحلف (٢) والحنث باذنه فليس له أيضا منعه منه.

وكذلك لو كان الحلف بإذن سيده والحنث بغير إذنه فإذا لزمه الصوم على ما ذكرناه وان اراده في وقت يضعف فيه بدنه منه كان لسيده منعه منه ، وان لم يكن كذلك لم يكن ( لم يجز ـ خ ل ) له منعه منه.

وإذا أعتقه سيده بعد اليمين وقبل الحنث فهو في الكفارة كالحر ، لان المعتبر بحال وجوب الكفارة وحال الوجوب عقيب الحنث وذلك قد حصل وهو حر؟ وإذا كان نصفه حرا ونصفه مملوكا وحلف ثم حنث ، فان كان معسرا بما فيه من الحرية

__________________

(١) كذا في النسخ ولعل صوابها « وإذا أدى الكفارة »

(٢) الظاهر ان الصواب « وان كان الحلف بغير اذنه والحنث باذنه » كما في المبسوط قال : لان التكفير بالحنث والوجوب عقيب الحنث ثم زاد عليه وان كان العقد اى الحلف والحنث معا بغير اذنه لم يكن له الصيام بغير إذنه لأنه ألزم نفسه صوما بغير اذنه انتهى قلت تقدم هنا في الايمان انه لا يمين للمملوك مع سيده كما ورد به النص الصحيح ومقتضاه بطلان حلفه بغير اذن السيد مطلقا فلا يتعلق به حنث ولا كفارة.

٤١٦

كان فرضه في الكفارة ، الصيام ، وان كان موسرا بما فيه من الحرية صح منه العتق والإطعام والكسوة في ذلك ولا يصح منه فيه الصوم.

وإذا حلف إنسان لا ادخل هذه الدار ثم دخلها أو شيئا منها أو غرفة منها حنث؟ولا فرق في ذلك بين ان يدخلها من الباب أو ينزل إليها من السطح ، فان كان سطحها محجرا ورقي عليه (١) لم يحنث وكذلك ان وقف على بدن ( برز ـ خ ل ) الحائط لم يحنث.

وإذا حلف لا أدخلنها فجلس في سفينة أو على شي‌ء فحمله الماء فادخله إليها أو القى نفسه في الماء فحمله فادخله إليها حنث؟ لأنه دخلها باختياره ، وإذا حلف لا دخلت هذه الدار وكان خارجا منها فابتدأ ودخلها حنث ولو كان فيها فاستدام المقام فيها لم يحنث.

وإذا حلف لا دخلت بيتا فدخل بيتا من أدم أو شعر أو وبر أو طين أو مدر فان كان بدويا ودخل ذلك حنث سواء دخل بيوت البادية أو الحاضرة. وان كان قرويا فدخل بيوت البلدان حنث وان دخل بيوت البادية (٢) وكان يعرفها حنث وان لم يعرفها لم يحنث.

وإذا حلف ان لا يأكل من طعام يشتريه زيد فاشترى زيد طعاما واشترى عمرو طعاما وخلطاه فأكل منه (٣) حنث لأنه لا يقطع (٤) على انه لم يأكل من طعام زيد

__________________

(١) ظاهره انه إذا لم يكن السطح محجرا ورقى عليه يحنث والظاهر عدم الفرق لعدم صدق دخول الدار به على كل حال كما في المبسوط

(٢) في نسخة ( ب ) هنا بعد البادية « أو الحاضرة » وفي نسخة الأصل كذلك لكن عليه علامة زيادة هذه الكلمة وهو الصواب لان بيوت الحاضرة هي بيوت البلدان

(٣) اى نصفه مثلا فما دونه

(٤) الاعتبار في تحقق الحنث بالقطع على الأكل منه لا بعدم القطع على انه لم يأكل منه كما يأتي قريبا في أكل الثمرة.

٤١٧

وقد ذكر (١) انه لا يحنث والأحوط ما قدمناه.

وإذا حلف ان لا يدخل دار زيد هذه فدخلها حنث سواء كان ملك زيد قد زال عنها أو لم يزل وإذا حلف ان لا يدخل دار زيد ولم يقل هذه فدخل دارا يملكها زيد حنث ، فلو ان ملك زيد زال عنها وصارت ملكا لغيره ودخلها لم يحنث.

وإذا حلف ان لا يلبس هذا الثوب وهو رداء فلبسه وهو رداء حنث وان لبسه ثوبا غير رداء لم يحنث.

فان حلف لا لبست هذا الثوب وأطلق فلبسه وهو رداء حنث وكذلك لو عمله ثوبا ولبسه يحنث أيضا.

وإذا حلف لا يدخل هذه الدار مطلقا فدخلها من بابها أو من غيره أو نزل إليها من السطح حنث لأنه دخلها فان حلف لا يدخلها من هذا الباب فدخلها منه حنث ، ولو غير بابها وجعلها من جهة أخرى ودخلها منه لم يحنث؟

وإذا حلف لا يدخل دار زيد فدخل دارا يملكها زيد حنث ، فان دخل دارا يسكنها زيد وهي غير ملك له لم يحنث.

وإذا حلف الا يدخل على زيد بيتا فدخل بيت عمرو وزيد فيه وهو عالم بذلك حنث ، فان كان غير عالم بذلك أو كان مكرها على دخوله لم يحنث.

وإذا حلف لا يسلم على زيد فسلم على جماعة فيهم زيد فان كان عالما به ولم يستثنه بقلبه حنث وان استثناه بقلبه لم يحنث؟ فان لم يكن عالما به لم يحنث ، ولا فرق في ذلك بين ان يكون جاهلا به أو كان عالما به ثم نسيه حين السلام عليهم.

وإذا حلف ليأكلن هذا الطعام غدا ولم يأكله في غد حتى غربت الشمس من غد حنث وكذلك : ان أكل بعضه اليوم أو بعضه غدا حنث.

وإذا حلف انه يقضيه دينه غدا فلم يقضه ذلك حتى غربت الشمس من غد

__________________

(١) حكاه في المبسوط عن قوم ولعلهم من العامة.

٤١٨

حنث ما لم يكن قد مات أو أكره على تأخيره فان قضى بعضه اليوم وبعضه غدا حنث.

وإذا حلف لا أكلت هذين الرغيفين أو لا لبست هذين الثوبين ، فأكل أحد الرغيفين أو لبس أحد الثوبين لم يحنث؟ فإن أكلهما أو لبسهما حنث ، فان حلف ليأكلن هذين الرغيفين أو ليلبسن هذين الثوبين فأكلهما أو لبسهما لم يحنث؟ وان أكل أو لبس أحدهما ولم يأكل ولا لبس الأخر حنث.

وإذا حلف لا كلمت زيدا وعمرا فكلم أحدهما حنث والفرق بين ما ذكرناه هاهنا وبين ما ذكرناه في الرغيفين والثوبين ان هناك : يمينا واحدا وهنا يمينان لان تقدير ذلك لا كلمت زيدا ولا كلمت عمرا ، وانما دخلت الواو نائبه مناب تكرير الفعل كأنه أراد ان يقول لا كلمت زيدا ولا كلمت عمرا فقال وعمرا.

وإذا حلف لا يأكل سمنا وكان السمن جامدا فأكله وحده أو مع الخبز حنث؟وان كان مائعا فأكله مع الخبز أيضا حنث وان شربه لم يحنث لأنه حلف ان لا يأكله فاذا شربه لم يحنث؟ فان كان الخبيص (١) معمولا بسمن فأكله وكان السمن ظاهرا فيه حنث وان كان مستهلكا لم يحنث.

وكذلك إذا حلف لا يأكل خلا فأكل مرقة (٢) فيها خل ظاهر فإنه يحنث وان كان مستهلكا لم يحنث.

وإذا حلف لا يأكل هذه الثمرة فوقعت في ثمرة فأكل جميعه إلا واحدة فإن تيقن انه قد أكل التي حلف عليها حنث. وان تيقن انه لم يأكلها لم يحنث وان أشكل عليه الأمر فيها لم يحنث لأن الأصل انه ما حنث ولا يحنث بالشك؟

وإذا حلف لا آكل هذه الحنطة أو من هذه الحنطة فأكلها على جهتها أو بعد ان طحنها وصارت دقيقا حنث لان العين الذي تعلقت اليمين بها واحدة.

وكان الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله قد قال : لي يوما في الدرس أن أكلها

__________________

(١) « الخبيص » الحلو المخبوصة خبص الشي‌ء بالشي‌ء أي خلط.

(٢) « المرق والمرقة » الماء الذي أعلى فيه اللحم فصار دسما.

٤١٩

على جهتها حنث؟ وان أكلها دقيقا أو سويقا لم يحنث؟! فقلت له ولم ذلك وعين الدقيق هي عين الحنطة وانما تغيرت بالتقطيع الذي هو الطحن؟ فقال : قد تغيرت عما كانت عليه وان كانت العين واحدة وهو حلف ان لا يأكل ما هو مسمى بحنطة لا ما يسمى دقيقا؟ فقلت : له هذا لم يجز في اليمين : فلو حلف لا أكلت هذه الحنطة ما دامت تسمى حنطة كان الأمر على ما ذكرت فإنما حلف ان لا يأكل هذه الحنطة أو من هذه الحنطة فقال على كل حال قد حلف ان لا يأكلها وهي على صفة وقد تغيرت عن تلك الصفة فلم يحنث فقلت الجواب هاهنا مثل ما ذكرته أولا وذلك : ان كنت تريد انه حلف ان لا يأكلها وهي على صفة انه أراد وهي على تلك الصفة فقد تقدم ما فيه فان كنت لم ترد ذلك فلا حجة فيه ، ثم يلزم على ما ذكرته انه لو حلف ان لا يأكل هذا الخيار أو هذا التفاح ثم قشره وقطعه وأكله إلا يحنث ولا شبهة في انه يحنث فقال :من قال : في الحنطة ما تقدم يقول في الخيار والتفاح مثله فقلت له إذا قال في هذا مثل ما قاله في الحنطة علم فساد قوله بما ذكرته : من ان العين واحدة اللهم الا ان شرط في يمينه انه لا يأكل هذا الخيار أو هذا التفاح وهو على ما هو عليه فان الأمر يكون على ما ذكرته؟ وقد قلنا ان اليمين لم يتناول ذلك ثم قلت له : على ان الاحتياط يتناول ما ذكرته فأمسك (١).

فإذا حلف لا يأكل شحما فأكل ما يجرى عليه اسم شحم حنث ، وإذا حلف الا يأكل (٢) رطبا فأكل من النصف (٣) فان كان أكل منه البسر لم يحنث وان أكله بجملته حنث لأنه أكل الرطب.

__________________

(١) قلت قول الشيخ هنا مثل ما ذكره المصنف آنفا في أكل السمن.

(٢) زاد هنا في هامش نسخة ( ب ) « تمرا فأكل رطبا أو رطبا فأكل بسرا أو بسرا فأكل تمرا لم يحنث فان حلف ان لا يأكل ».

(٣) لعل الصواب « المنصف » وهو كما في لغة العراق ما صار نصفه من جهة الرأس رطبا وبقي نصفه الأخر بسرا أحمر أو اصفر.

٤٢٠