المهذّب

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٧
الجزء ١ الجزء ٢

عنها زوجها ، ويقسم ميراثه بين مستحقيه من وراثه ، ويقتل من غير ان يستتاب ، فان لحق بدار الحرب ومات (١) وكان له أولاد كفار وليس له وارث مسلم ، كان ماله للإمام ، ومن كان كافرا ثم أسلم وارتد بعد إسلامه ، فإن يعرض عليه‌السلام (٢) فان عاد اليه ، والا قتل ، فان لحق بدار الحرب كان على زوجته ان تعتد منه عدة المطلقة ، ثم يقسم ميراثه بين المستحقين له من وراثه ، (٣) فإن عاد إلى الإسلام قبل انقضاء

__________________

(١) يظهر منه ان إرث الإمام له يكون بعد موته وارث غيره من ورثته المسلمين بمحض الارتداد ولعله لما ذكرناه قريبا من ان الامام ليس بوارث حقيقة الا ان يكون المراد بهذه العبارة إرث ما حصل له بعد الارتداد إذ الحق بدار الحرب وعلى كل فالمستفاد منه ومن الفرع التالي في المرتد الملي : ان المرتد مطلقا ليس كسائر الكفار في إرث الكافر منه إذا لم يكن له وارث مسلم بل يكون للإمام كما هو المشهور بين الأصحاب وان ما روى في الملي من إرث الكافر منه محمول على التقية كما في النهاية أو موهون بالشذوذ كما ذكره المحقق في الشرائع.

(٢) في هامش نسخة الأصل : أي فالحكم ان يعرض وفي نسخة ( ب ) فإنه يعرض

(٣) ظاهره انه بعد لحوقه بدار الحرب تعتد زوجته وتقسم أمواله ونحوه في نهاية الشيخ لكن المشهور بين الأصحاب انها تعتد بنفس الارتداد وان أمواله باقية على ملكه لا تقسم قبل موته كما اختاره الشيخ أيضا في كتاب المرتد من خلافه ومبسوطه لخبر الحضرمي عن ابى عبد الله (ع) إذا ارتد الرجل المسلم عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة فإن قتل أو مات قبل انقضاء العدة فهي ترثه في العدة راجع الوسائل ج ١٧ الباب ٦ من موانع الإرث قلت ما ذكره المصنف في الأموال لا يخلو من قوة فإنه إذا لحق بدار الحرب فهو في حكم الحربي تزول عنه حرمة أمواله وانما تدفع الى ورثته لكونهم اولى بها بل لا يبعد ان يقال انها تزول عنه بعد ثبوت الارتداد وحكم الحاكم بجواز قتله وان لم يقتل لعارض لان الظاهر من النصوص زوال الحرمة عن مال الكافر وانه إذا حكم في دمه بزوالها بالكفر ففي ماله اولى ولا ينافيه الخبر المذكور ونحوه مما دل على ان ميراث المرتد إذا مات فلورثته لان هذا انما يقتضي بقائه على ملكه إذا لم يؤخذ منه بعد الارتداد والتفصيل لا يسعه المقام

١٦١

عدتها ، كان أملك بها ، وان عاد بعد انقضاء العدة لم يكن له عليها سبيل ، وكانت قد ملكت نفسها ، فان مات وهو كافر ولم يكن له وارث مسلم ، لان ميراثه لبيت المال.

« باب ميراث القاتل »

القاتل على ضربين : قاتل عمد ، وقاتل خطأ. فاما قاتل العمد فليس يرث شيئا من ميراث المقتول ، ولا من ديته ان قبل أولياؤه الدية ، ولدا كان ، أو والدا قريبا كان ، أو بعيدا ، زوجا كان أو زوجة ، ويكون ميراث المقتول وديته لمن عدا القاتل من ورثته ، قريبا كان ، أو بعيدا فان لم يخلف المقتول أحدا من الوراث إلا الذي قتله ، كان ميراثه لبيت المال ، ولا يعطى القاتل شيئا منه على حال.

وإذا قتل رجل ابنه ، لم يرثه ، فان كان للقاتل أب وابن ، كان الميراث للأب والابن دون القاتل ، يكون ذلك بينهما نصفين ، لأن الأب جد المقتول والابن اخوة فان قتل رجل أباه ، لم يرثه ، فان كان للأب أولاد غير القاتل ، كان الميراث لهم وان لم يكن له ولد غير القاتل وكان للولد القاتل ، ولد ، كان الميراث لهذا الولد دون أبيه القاتل.

واما القاتل خطأ فإنه يرث المقتول من ميراثه ، ولا يرث من ديته ولدا كان ، أو والدا ، أو ذا رحم ، أو زوجا ، أو زوجة.

ومن قتل وليس له من الوراث الا وارث كافر ، كان ميراثه لبيت المال ، فإن أسلم الكافر كان الميراث له ، وكان له أيضا المطالبة بالدم فان لم يسلم وكان المقتول عمدا ، كان الامام وليه ، وهو مخير بين ان يقيد به القاتل ، وبين أخذ الدية ليجعلها في بيت المال ، وليس له العفو عنه ، لأنه ليس بحق له ، وانما هو حق المسلمين (١).

__________________

(١) كما في النص المعتبر المعمول به بين الأصحاب وقد يتوهم ان هذا مناف لما تقدم من ان ميراث من لا وارث له للإمام (ع) ويدفعه جواز ان تكون للدية أو القصاص خصوصية في ذلك وقد فصل الكلام هنا في مفتاح الكرامة في أوائل الجزء الثامن وينبغي مراجعته.

١٦٢

فاذا كان على المقتول دين ، قضى عنه من ديته ، كما يقضى عنه من ميراثه ، سواء كان المقتول مقتولا عمدا ، أو خطأ ، وقاتل العمد إذا كان مطيعا بالقتل ، لم يجز ان يمنع ميراث المقتول ، وذلك مثل ان يقتل الإنسان غيره بأمر الإمام ، أو يقتل أباه أو ولده أو أخاه وهو كافر ، أو من البغاة على الامام.

« باب من يستحق دية المقتول »

الذي يرث دية المقتول هو من كان يستحق ان يرث الميراث ، إلا الاخوة والأخوات من جهة الأم ، ومن يتقرب بها ، ويرث معها (١) الزوج والزوجة ، ولا يرث منها من يتقرب بالأب من الإناث (٢) واما الذكور فإنهم يرثون منها على كل حال ، فان لم يكن هناك الا من يتقرب بالأم ، أو من يتقرب بالأب من الإناث ، كان الميراث لبيت المال ، والزوج والزوجة يرث كل واحد منهما صاحبه ، من الدية ، كما يرث من التركة ، الا ان يقتل أحدهما الأخر ، فإنه إذا كان ذلك لم يرث من الدية ولا من التركة أيضا ، والمطلقة طلاقا رجعيا إذا قتلت ، ورث زوجها من تركتها ومن ديتها ، وان قتل الزوج ورثته أيضا مثل ذلك ، ما لم تنقض عدتها ، وعدتها هي

__________________

(١) الصواب « منها ».

(٢) ذكره الشيخ أيضا في رسالة الإيجاز وجنايات الخلاف ، والظاهر ان المراد بالأب هنا أعم منه ومن الأبوين وما حكاه في مفتاح الكرامة عن هذه الكتب الثلاثة من إرث الأخوات للأبوين من الدية لا أصل له وعلى كل لم يوجد وجه لمنع النساء المتقربات بالأب سوى دعوى ان الدية انما تكون لمن يتحمل الدية عن المقتول لو جنى في حياته خطاء كما يظهر من المفيد عليه الرحمة في ميراث المقنعة ورواه الشيخ في فرائض الخلاف في إحدى الروايتين عن على (ع) لكنها غير ثابتة ومنقوضة بإرث الام والزوجين من الدية والمشهور بين الأصحاب منع المتقرب بالأم مطلقا دون غيرهم واختاره المصنف أيضا في جواهره والشيخ في النهاية ، والموجود في النصوص منع الاخوة والأخوات للأم فقط والمسألة محل اشكال.

١٦٣

عدة المتوفى عنها زوجها ، فان انقضت عدتها لم يكن لها ميراث.

وان كان طلاقها طلاقا لا يملك فيه الرجعة ، لم يرث كل واحد منهما الأخر على وجه.

« باب ميراث ولد الملاعنة »

لا يرث ولد الملاعنة أباه ، ولا الأب يرثه ، ولا يرث أحدا من قرابة أبيه ، وهو يرث امه ، وكل من كان من أقاربها. وترثه امه ، ومن يتقرب إليه بالأم ، فإن أقر الأب به بعد اللعان ، ورث أباه ، ولم يرثه الأب على حال.

فان مات ولد الملاعنة ، وخلف أخوين أو أختين ، أو أخا وأختين (١) أحدهما أخا كان أو أختا من قبل الأب والام ، والأخر من قبل الام ، كان ميراث بينهما نصفين لان نسبه من قبل الأب غير معتبر ، وانما الاعتبار بما كان من قبل الأم.

فإن ترك ابن أخيه لامه ، وابنة أخيه (٢) لها ، كان الميراث بينهما نصفين.

فان ترك بنت أخيه لامه ، وابن أخته لها ، كان الميراث بينهما نصفين ، لان كل واحد منهما يأخذ نصيب من يتقرب به ، والذي يتقربون به من الأخ والأخت يتساوون في القسمة ، وكذلك ان ترك أخا وأختا (٣) وابن أخ وابن أخت وجد أو جدة ، كان الميراث بينهم أثلاثا متساوية ، كمثل ما قدمناه ، (٤) وعلى هذا الترتيب

__________________

(١) الصواب « وأختا ».

(٢) لعل الصواب « وابنة أخته لها ».

(٣) الظاهر ان الصواب « ترك أخا أو أختا أو ابن أخ أو أين أخت وجدا وجدة » أو الصواب أخا وأختا أو ابن أخ وابن أخت وجد أو جدة والا لم تتحقق القسمة أثلاثا مع ان ابن الأخ وابن الأخت لا يرث مع أخ أو أخت والمراد بالجد أو الجدة هو للام دون الأب.

(٤) اى ان كل واحد يأخذ نصيب من يتقرب به وفي نسخة النهاية « لمثل » وهو أظهر.

١٦٤

يجرى ميراث ولد الملاعنة ، فيتأمل ذلك.

« باب ميراث ولد الزنا »

يختلف في ميراث ولد الزنا ، فمنهم من يقول : ولد الزنا لا يرث أباه ، ولا امه ولا يرثه أبوه ولا امه ، ومنهم من يقول : يرث امه ومن يتقرب بها ، وترثه امه ، ومن يتقرب بها ، والأقوى عندي هو الأول ، لأن توريث الولد من الوالد يتبع صحة إلحاق الولد به شرعا ، فلما لم يجز هاهنا الحاقة به كذلك (١) من حيث حصل عن وطأ بغير عقد ولا شبهة عقد ، وكان ذلك قائماً (٢) كان الأقوى ما ذكرناه ، فأما انه لا يرث أباه ولا يرثه أبوه. فلا يختلفون فيه ، فلذلك قصرنا هاهنا الكلام في ميراث امه ، فاما ولد ولد الزنا ، فإنه يرث أباه ، ويرثه أبوه وكذلك زوجه أو زوجته.

« باب ميراث الحميل ، والأسير »

« والمفقود ، واللقيط. والمشكوك فيه »

الحميل هو الذي يجلب من بلاد الشرك ، ويتعارف منهم قوم بسبب (٣) يقتضي الموارثة ، فإنهم إذا كانوا كذلك ، قبل قولهم في ذلك من غير بينة ، وورثوا ، ويجرى هذا المجرى سائر من حصل في بلاد ، وهو غريب منه ، ومعه من يعترف بأنه والده أو ولده ، أو اخوه ، أو ما جرى هذا المجرى ، فإنه يقبل قولهم ، ويورثون عليه.

واما الأسير : فإذا كان أسيرا في بلاد الشرك أيضا ، (٤) ولم يعلم موته ، فإنه

__________________

(١) أي شرعا.

(٢) لعل المراد : إذا كان ذلك ثابتا وانه حصل عن زنا ولم يكن شبهة ولا فراش وفي نسخة ( ب ) قائماً في أمة.

(٣) المراد بسبب هنا أعم من النسب وفي نسخة ( ب ) كتب فوقه « نسب » بدلا.

(٤) الظاهر ان هذه الكلمة زائدة أو مصحفة.

١٦٥

يورث ويوقف نصيبه الى حين حضوره ، أو يعلم موته (١) ، أو يمضى من الزمان مدة لا يعيش مثله إليها ، فان مات في هذه المدة من يرثه هذا المفقود ، فينبغي ان يوقف نصيبه منه حتى يعلم حاله ، ويسلم الباقي الى الباقين من الوراث.

فاما اللقيط : فان كان توالى الى أحد يضمن جريرته وحدثه ، كان ميراثه له وحدثه عليه ، وان لم يكن توالى الى أحد ، كان ميراثه لبيت المال ، وليس لمن التقطه ورباه من ميراثه شي‌ء ، فان طلب الذي رباه ما أنفقه عليه ، كان له ذلك ، ويأخذه من أصل تركته ، ويكون الباقي لبيت المال.

واما المشكوك فيه : فهو ان يطأ الرجل زوجته ، أو مملوكته ، ثم يطأها غيره في هذه الحال (٢) ، وتأتي بولد ، فإنه إذا كان كذلك ، لم يلحقه بنفسه لحوقا صحيحا ، بل يربيه وينفق عليه ، فاذا حضرته الوفاة ، عزل له من ماله ما يستعين به على حاله ، فان مات هذا الولد لم يكن له من ميراثه شي‌ء وكان جميعه لبيت المال ان لم يترك ولدا ولا زوجا ولا زوجة.

وإذا وطأ رجلان جارية مشتركة بينهما ، وجاءت بولد ، أقرع بينهما ، فمن خرج اسمه ، الحق الولد به ، وضمن للباقي من شركائه حصتهم ، وتوارثا.

فان وطأ اثنان في طهر واحد بعد انتقال الملك من الواحد منهما إلى الأخر ،

__________________

(١) زاد في هامش نسخة ( ب ) هنا « فان لم يعلم له موت ولا حياة فهو بمنزلة المفقود واما المفقود فإنه لا يقسم ماله الا ان يعلم موته » وهكذا في المبسوط.

(٢) يعنى حراما ويحتمل ان يكون المراد أعم منه ومن الشبهة وهذا الحكم ذكره الشيخ أيضا في النهاية هنا وهو بظاهره مخالف صريح لقانون « الولد للفراش » المتفق عليه بين الفريقين بالنصوص المستفيضة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لكن الظاهر ان المراد بما ذكراه هنا ما إذا غلب على الظن بأمارة انه ليس الولد منه كما يأتي في هذا الكتاب « باب إلحاق الأولاد » في أواخر كتاب الطلاق وهذا قد استدل له بأخبار لا تخلو من ضعف في سندها أو دلالتها مع اضطراب بينها ومخالفتها لغيرها فراجع كتاب النكاح من جواهر الكلام باب أحكام الأولاد.

١٦٦

كان الولد لا حقا بالذي هي عنده ، ويرثه ويرث (١) الأب ، والولد أيضا يرثه.

وإذا تبرأ إنسان من جريرة ولده عند إنسان ، (٢) ومن ميراثه ، ومات الولد ، كان ميراثه لعصبة أبيه (٣) ولم يكن لأبيه شي‌ء في ذلك على حال.

« باب ميراث المماليك والمكاتبين »

المملوك لا يملك شيئا يستحقه وراثه الأحرار لأن المال الذي يكون معه ، مال لمولاه ، وكذلك المدبر.

فاما المكاتب : فإنه ان كان مشروطا عليه ، كان حكمه حكم المملوك سواء وان لم يكن مشروطا عليه فإنه يرث ويورث بقدر ما ادى من مكاتبته من غير زيادة ولا نقص ، فان اشترط المكاتب على الذي كاتبه ان يكون ولاؤه له ، كان شرطه صحيحا ، (٤) فان شرط ان يكون ميراثه له دون ورثته ، لم يجز ذلك.

__________________

(١) الظاهر زيادة « ويرث » والصواب « ويرث الأب والولد أيضا يرثه » كما في عبارة النهاية.

(٢) الصواب « عند السلطان » كما في نسخة « ب » تصحيحا وللخبر الذي هو مدرك لهذا الحكم الوسائل ج ١٧ الباب ٧ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(٣) العصبة الرجال المتقربون بالأب والمذكور في الخبر المشار إليه أقرب الناس الى أبيه وهو شامل للنساء وهذا الحكم ذكره الشيخ أيضا في النهاية وحكى عن غيرهما لكن ذكر في الشرائع انه قول شاذ وحكى في السرائر ان الشيخ قد رجع عنه في حائرياته وقال ان الرواية به شاذة.

(٤) المكاتب ليس كالمعتق لأنه اشترى نفسه بمال فلا ولاء عليه لمولاه كالسائبة فيكون ميراثه للإمام إذا لم يكن له وارث كما ورد ذلك في الخبر ولكن إذا اشترط هو في عقد الكتابة أو اشترط عليه ان يكون ولائه لمولاه جاز لعموم « الشروط والنصوص الخاصة » فيرثه مولاه إذا لم يكن له وارث واما إذا اشترط عليه ان يكون ميراثه له مع وارث له فلا يجوز لكونه مخالفا للكتاب كما صرح به أيضا في بعض الاخبار.

١٦٧

وإذا كان العبد بين شريكين ، فأعتق أحدهما نصيبه فيه ، ومات وترك مالا ، كان نصفه للذي لم يعتق منه نصيبه ، والنصف الأخر لورثته ، فان لم يترك وارثا ، كان ذلك لمولاه الذي أعتقه على ما تقدم (١).

« باب ميراث الغرقى ، والمهدوم عليهم في وقت واحد ».

إذا غرق جماعة من الناس في وقت واحد ، أو انهدم عليهم موضع ، فمات جميعهم ، ويكونون يتوارثون ، ولا يعلم من الذي مات منهم قبل الأخر ، فالحكم في توريثهم ان يورث بعضهم من بعض من نفس تركته ، لا مما يرثه من الأخر ، يقدم الأضعف في استحقاق الميراث ، ويؤخر الأقوى في ذلك ، مثال ما ذكرناه ان نفرض انه غرق زوج وزوجة ، فنفرض موت الزوج أولا ، وتورث الزوجة منه ، لان سهمها في الاستحقاق أقل من سهم الزوج ، وذلك لان أكثر ما تستحقه الزوجة الربع ، وأكثر ما يستحقه الزوج النصف ، فهو أقوى حظا منها فيعطي الزوجة حقها منه ، والباقي لورثته ثم نفرض ان الزوجة ماتت ، فيورث الزوج منها ، فيدفع اليه حقه من نفس تركتها ، دون ما ورثته منه ، ويعطى وراثها الباقي.

ومثال ذلك (١) ، أب وابن ، فنفرض موت الابن أولا ، ويورث الأب منه ، لان سهمه السدس مع الولد ، (٣) ، والباقي للابن ، فهو أضعف منه. ويعطى ورثته الباقي من المال ، ثم نفرض أن الأب مات ، فيعطى الابن حقه ، والباقي لورثته ، فان فرضنا في هذه المسألة ان للأب وارثا ، الا ان هذا الولد اولى منه ، وفرضنا ان للولد وارثا ، الا ان الأب أولى منه ، فإنه يصير ميراث الابن لورثة الأب ، وميراث الأب لورثة الابن ، لأنا لو فرضنا موت الابن أو لا صارت تركته لأبيه ولو فرضنا موت

__________________

(١) اى على التفصيل المتقدم في باب ميراث الموالي وذوي الأرحام.

(٢) أي مثال آخر له.

(٣) اى مع وجود الولد للابن الميت والمراد بقوله والباقي للابن وقوله يعطى ورثته أيضا ، هذا الولد.

١٦٨

الأب (١) لصارت تركته لورثة الابن.

فان مات اثنان ، وخلف أحدهما ميراثا ، ولم يخلف الأخر شيئا ، فالذي خلف ميراثا يرثه الأخر ، وينتقل منه الى ورثته ، دون ورثة الذي خلف الميراث ، مثال ذلك أب وابن ، فإنا إن فرضنا ان الابن لم يترك شيئا ، فالأب ليس له منه حظ فاذا فرضنا بعد ذلك موت الأب ، ورثه الابن ، فصارت تركة الأب لورثة الابن ، وكذلك لو فرضنا ان للابن مالا وليس للأب شي‌ء ، فإنه إذا فرضنا موت الابن ، انتقلت تركته إلى الأب فإن فرضنا موت الأب بعد ذلك ، لم يكن له شي‌ء ، ينتقل الى الابن ، لأن الذي ورثه الابن (٢) لا يرث الابن منه ، على ما قدمناه ، فيصير ما ورثه من أبيه (٣) لورثته خاصة.

فإن غرق اثنان ليس لكل واحد منهما وارث إلا الأخر ، فإن ميراثهما لبيت المال (٤) فان كان لأحدهما وارث من ذي رحم (٥) أو مولى نعمة ، أو ضامن جريرة

__________________

(١) أي أولا ومعنى قوله صارت تركته لورثة الابن انها تصير للابن في الفرض ويلزمه ان تصير لورثته كما انه في الأب كذلك وفي هامش نسخة ( ب ) زاد بعد قوله موت الأب « بعد ذلك لصارت تركته للولد وصار ما كان ورثه من ابنه لورثته الأخر وكذلك لو فرضنا موت الأب » ونحوه في النهاية وهذا بمعنى ما ذكرنا إذ المراد بقوله بعد ذلك ان يفرض موت الأب أو لا بعد ما فرض موت الابن لا أن يفرض موته بعد موته وهكذا في الفروع الاتية.

(٢) الصواب : ورثه الأب كما في نسخة ( ب ) تصحيحا أو ورثه من الابن كما في النهاية أو يقرء ورثه بتشديد الراء من التوريث.

(٣) الصواب : من ابنه كما في النهاية أي ما ورثه الأب خاصة يكون لورثته

(٤) زاد في هامش نسخة ( ب ) هنا « لان ما ينتقل الى كل واحد منهما من صاحبه لا وارث له وما كان كذلك فهو لبيت المال ».

(٥) كما إذا غرق اخوان من أب ولأحدهما أخوال فإن ميراث من له الخال للآخر فينتقل الى بيت المال وميراث الأخر لمن له الخال ينتقل إلى خاله وكذا إذا كان له اخوة من أم لكن بالنسبة إلى الزائد عن ثلثهم وإذا غرق اثنان لأحدهما زوج أو زوجة فإن كان الأخر ابنا له كان لأحد الزوجين نصيبه الأدنى الربع أو الثمن والباقي للابن ينتقل الى بيت المال والا فله النصيب الأعلى والباقي للآخر.

١٦٩

أو زوج ، أو زوجة ، فإن ميراث الذي له وارث لمن ليس له وارث ، وينتقل منه الى بيت المال.

وإذا غرق اثنان في حال واحدة ، يرث الواحد الأخر ، والأخر لا يرثه ، فإنه لا يورث بعضهما من بعض ، ويكون ميراث كل واحد لورثته ، مثال ذلك : اخوان غرقا ، ولأحدهما أولاد ، وليس للآخر ولد ، ولا والدان ، فإنه إذا كان كذلك ، بطل هذا الحكم ، لأنه انما جعل ذلك بان يفرض توريث بعض من بعض (١) فاذا لم يصح ذلك فيه ، فالحكم ساقط.

فان مات اثنان حتف أنفهما ، لم يورث بعضهما من بعض ، ويكون ميراث كل واحد منهما لوارثه الحي ، لأن هذا الحكم جعل في الموضع الذي جوز فيه تقدم كل واحد منهما على الأخر (٢).

« باب ميراث المجوس »

المجوس يرثون بالأنساب والأسباب صحيحة كانت في شرع الإسلام ، أو غير صحيحة ، مثال ذلك : مجوسي مات ، وخلف زوجته وهي أخته ، فإنها يورث منه بالاخوة ، والزوجية ، فيكون تقدير ذلك في التوريث ان لها من المال الربع بالزوجية

__________________

(١) فيه ان مقتضى إطلاق النصوص عدم اشتراط إرث بعضهم بإرث الأخر منه بل صرح في بعضها بإرث من ليس له مال أصلا ممن له المال كما تقدم من المصنف ولذا مال بعض المتأخرين هنا أيضا الى التوريث لمن يرث دون الأخر الا انه ادعى بعض الإجماع على خلافه وذكر في مفتاح الكرامة انى تتبعت فما رأيت مخالفا سوى ما نقله المحقق الطوسي في الطبقات عن قوم.

قلت كون الإجماع هنا حجة غير ظاهر والله العالم.

(٢) ظاهره انه في حتف الأنف لا يجوز احتمال تقدم موت أحدهما على الأخر وهو ممنوع نعم قد ورد فيه نص خاص بعدم التوريث وقد عمل به المشهور لكنه محل تردد.

١٧٠

والباقي بالاخوة ، ومثال أخر أيضا : مجوسية ماتت وخلف أخوين الواحد منهما زوجها فإن الأخ الذي ليس بزوج يورث بالاخوة ، والأخر يورث بالاخوة والزوجية ، فيكون تقدير ذلك بالتوريث ان له النصف بالزوجية ، والنصف الأخر يقسم بينه وبين الأخ الأخر.

وقال قوم من أصحابنا : بأن المجوس يورثون بالأنساب ، ولا يورثون بالأسباب إلا بما هو جائز في شرع الإسلام ، وقال الآخرون منهم بما ذكرناه أولا من انهم يورثون من الجهتين معا ، سواء كان ذلك مما هو جائز في شريعة الإسلام ، أو غير جائز فيها ، وهو الظاهر من المذهب.

« باب ميراث الخنثى »

إذا كان لإنسان ما للرجال وما للنساء ، اعتبرت حاله في هل هو ذكر أو أنثى ببوله ، فان خرج البول مما هو للرجال ، ورث ميراث الذكور ، وان خرج مما هو للنساء ، ورث ميراث الإناث ، فإن خرج البول منهما جميعا (١) ، ولم يسبق أحدهما الأخر ، كان الاعتبار في ذلك بانقطاعه فأيهما انقطع منه قبل الأخر كان التوريث بحسبه فان انقطعا جميعا في حال واحدة ، ورث ميراث الرجال والنساء ، بان يعطى نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى ، فإن دعت الحاجة الى من ينظر الحال في البول من مجيئه وانقطاعه ، فليحضر قوم عدول ويقف الخنثى خلفهم ، ويأخذ كل واحد منهم مرآة فيستقبله بها وينظر الشبح الذي فيها ، فمهما ادى نظره اليه كان الحكم له ، والتوريث بحسبه ، وقد ورد انه يعد أضلاعه (٢) ، فمن عمل به كان

__________________

(١) زاد في هامش نسخة ( ب ) هنا « كان الاعتبار بما سبق منهما فان سبق ما للرجال ورث ميراث الذكور وان سبق ما للنساء ورث ميراث الأنثى فإن خرج البول منهما جميعا ».

(٢) يعنى ان تساويا ورث ميراث المرأة وان زاد أحدهما على الأخر ورث ميراث الرجال كما في النهاية.

١٧١

جائزا ، فإن كان ممسوحا ، ليس له ما للرجال ، ولا ما للنساء ، فإنه يورث بالقرعة ، ويكتب على سهم عبد الله ، وعلى سهم امة الله ، فأيهما خرج ورث بحسبه ، والخنثى إذا تزوج من خنثى على ان الواحد منهما رجل ، والأخر امرأة ، من قبل ان يبين أمرهما أوقف النكاح الى ان يتبين ، فان مات أحدهما قبل بيان أمرهما لم يتوارثا.

وإذا كان له ما للرجال وما للنساء ، ودعت الحاجة الى ان يختن قبل ان يبين امره ، لم يجز ان يختنه رجل ولا امراة ، وينبغي ان يشترى له جارية من ماله تختنه ، فان لم يكن له مال اشترى ذلك له من بيت المال ، فاذا ختنته بيعت بعد ذلك ، وأعيد ثمنها الى بيت المال ، والخنثى إذا كان مملوكا ، وقال سيده ، « كل عبد لي وامة أحرار ، وكل مملوك لي حر » فإنه ينعتق بذلك من غير ان يعتبر له حال ، هل هو ذكر أو أنثى ، فإن قال : « كل عبد لي حر » لم ينعتق حتى يعتبر حاله في ذلك.

فان تبين انه رجل انعتق ، فان تبين أنه امرأة لم ينعتق ، فان قال : « كل امة لي حرة » لم ينعتق حتى يعتبر حاله ، فإن بان أنه امرأة أعتق ، وان بان انه رجل لم ينعتق ، فان مات من ذكرنا حاله ، كان ميراثه بالولاية على حسب ما تبين من حاله.

وإذا اوصى إنسان لحمل ، فقال ان كان ذكرا كان له مأة دينار ، وان كان أنثى ، كان له خمسون دينارا ، فولد خنثى ، أوقف الحكم فيه الى ان يبين امره فمهما بان منه كان الحكم بحسبه.

وإذا سرق الخنثى ، أو قذف ، أقيم عليه الحد ، فان قطع إنسان يده أو رجله أو فقأ عينه أوقفت الجناية حتى يبين أمره ، فإن بان انه رجل ، كان على الجاني نصف دية رجل ، وان كان امرأة ، كان عليه نصف دية امرأة.

وإذا ادعى الخنثى انه رجل أو انه امرأة لم يلتفت الى قوله في ذلك ووجب اعتبار حاله ، فمهما بان من امره كان العمل فيه بحسبه.

« باب ميراث من له رأسان »

إذا كان لشخص واحد رأسان على حقو واحد ، كان الاعتبار في هل هو حي

١٧٢

واحد ، أو حيان بان يترك حتى ينام ، ثم ينبه أحدهما ، فإن أنبته أحدهما ، ولم ينتبه الأخر ، ورث ميراث شخصين ، وان انتبها جميعا ، ورث ميراث شخص واحد.

« باب احتصار حساب الفرائض »

الأصل في ذلك سهام الفرائض ، وقد ذكرنا فيما تقدم انها ستة ، وهي : النصف والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسدس ، وبينا فيما تقدم من المستحق لهذه السهام مفصلا ، فإذا أردنا أن نذكر حساب الفرائض فينبغي ان تبين مخرج كل سهم منها ، لأنها كما قدمناه ، الأصل في ذلك ، فنقول : ان مخرج النصف من اثنين ومخرج الربع من أربعة ، ومخرج الثمن من ثمانية ، ومخرج الثلثين والثلث من ثلاثة ، ومخرج السدس من ستة.

فإن كان في الفريضة مع النصف ثلث أو سدس ، كان من ستة ، وان اجتمع معه ثمن أو ربع ، فهي من ثمانية ، فإن اجتمع ثلثان وثلث ، كان من ثلاثة ، فإن كان فيها ربع وما يبقى ، أو ربع ونصف ، وما يبقى ، فهي من أربعة ، فإن كان فيها ثمن وما يبقى أو ثمن ونصف وما يبقى. فهي من ثمانية ، وان كان مع الربع ثلث أو سدس ، فهي من اثنى عشر ، وان كان مع الثمن ثلثان أو سدس ، كانت من أربعة وعشرين ، وإذا أردت إخراج السهام وقسمتها صحاحا ، فانظر الفريضة.

فإن كان فيها فرض مسمى ، إذا خرجته لمستحقه ، كان الباقي وفقا لباقي الوارث ، فاقسمه عليهم ، وليست هاهنا يحتاج الى ضرب السهام بعضها في بعض مثال ذلك : إنسان مات وخلف أباه وخمسة بنين فهذه من ستة ، لأن أقل عدد يخرج منه سدس صحيح هو ستة ، للأب السدس من ذلك سهم واحد ، ويبقى خمسة أسهم يقسم على البنين الخمسة ، لكل واحد منهم سهم ، ومثال أخر : امرأة ماتت وخلفت زوجها وثلاثة بنين فهذه من أربعة ، لأن أقل عدد يخرج منه ربع صحيح ، هو أربعة للزوج من ذلك الربع سهم ، ويبقى ثلاثة أسهم ، يقسم على البنين الثلاثة ، لكل واحد منهم سهم.

١٧٣

فان لم تجد السهام وفقا على ما ذكرناه ، ووجدتها منكسرة ، إذ قسمتها فهي ضربان : أحدهما ان يكون فيها فرض مسمى ، وما بقي لمن يبقى ، والباقي ان يكون فيها فرض مسمى ، والباقي يرد على أهل تلك التسمية فإن كان ما يجده ينكسر وفيه فرض مسمى ، والباقي لمن يبقى ، وهو الضرب الأول فاخرج الفرض الأول لمستحقه.

فاذا وجدت الباقي ينكسر على من يبقى من الوراث ، فاضرب رءوسهم في أصل الفريضة ، ثم اقسم ذلك ، تجد السهام صحيحة ، مثال ذلك إنسان مات ، وترك أباه ، وثلاثة بنين ، فهذه من ستة ، لأن أقل عدد يخرج منه سدس صحيح هو ستة ، كما قدمناه ، يكون للأب من ذلك السدس سهم واحد ، ويبقى خمسة أسهم ، لا ينقسم على البنين الثلاثة على الصحة ، فالوجه في ذلك ان تضرب رءوسهم وهي ثلاثة في أصل الفريضة ، وهي ستة فيكون ثمانية عشر سهما للأب منها السدس ثلاثة أسهم ، ويبقى خمسة عشر سهما للبنين الثلاثة ، لكل واحد منهم خمسة أسهم.

ومثال آخر إنسان مات وترك أباه وأربعة بنين ، فهذه أيضا من ستة ، لأن فيها سدسا ، وهو سهم للأب ، تبقى خمسة أسهم ، لا تنقسم على الأربعة البنين ، فالوجه في ذلك ان تضرب رؤسهم وهي أربعة في ستة ، وهي أصل الفريضة ، يكون أربعة وعشرين سهما ، فللأب منها السدس أربعة أسهم ، ويبقى عشرون سهما للبنين الأربعة ، لكل واحد منهم خمسة أسهم فإن حصل في شي‌ء من ذلك زوج أو زوجة فليفرض ذلك ، كان رجلا مات وخلف زوجته وابنين ، فهذه من ثمانية ، للزوجة الثمن سهم واحد ، يبقى سبعة أسهم ، لا ينقسم على الابنين.

فالوجه في ذلك ان تضرب رؤسهما ، وهي اثنان في أصل الفريضة ، وهي ثمانية فيكون ستة عشر سهما ، للزوجة منها الثمن سهمان ، ويبقى أربعة عشر سهما للابنين ، لكل واحد منهما سبعة أسهم.

ومثال أخر : امرأة مات وتركت زوجها وابنين ، فهذه من أربعة للزوج الربع سهم واحد ، ويبقى ثلاثة أسهم ، لا تنقسم على الاثنين على الصحة ، فالوجه

١٧٤

في ذلك ان تضرب رؤسهما ، وهي اثنان في أصل الفريضة ، وهي أربعة ، يكون ثمانية أسهم للزوج منها الربع سهمان ، ويبقى ستة أسهم للابنين ، لكل واحد منهما ثلاثة

فإن فرضنا حصول زوج أو زوجة مع الأولاد والأبوين ، أو أحدهما ، كان العمل على ما نذكره ، نفرض ان رجلا مات وترك أبويه وزوجته وابنين ، فهذه من أربعة وعشرين ، لان ذلك أقل عدد يخرج منه سدسان صحيحان ، وثمن صحيح ، يكون للزوجة منها الثمن ثلاثة أسهم ، وللأبوين السدسان ثمانية أسهم ، يبقى ثلاثة عشر سهما ، لا تنقسم على الصحة على الابنين.

فالوجه في ذلك ان تضرب رؤسهما وهي اثنان في أصل الفريضة ، وهي أربعة وعشرون ، فيكون ثمانية وأربعين سهما للزوجة من ذلك ستة أسهم ، وهي الثمن ، وللأبوين السدسان ، ستة عشر سهما ، يبقى ستة وعشرون سهما للابنين ، لكل واحد منهما ثلاثة عشر سهما ، فان حصل في الفريضة مع البنين بنات فاجعل للابن بنتين.

مثال ذلك : رجل مات وترك أبويه وزوجة وثلاثة بنين وبنتا فالفريضة من أربعة وعشرين ، فصح منها سهام الوالدين والزوجة ، وتنكسر سهام الأولاد ، فتضرب عددهم وهو سبعة ، لأن بنتا وثلاثة بنين بمنزلة سبع بنات في أصل الفريضة ، فيصير مائة وثمانية وستين ، منها سهم الزوجة أحد وعشرون ، وسهم الأب ثمانية وعشرون ، وكذا سهم الام ، فيبقى أحد وتسعون ، يكون لكل ابن أربعة أسهم ، وللبنت سهمان.

ثم اضرب ذلك على ما بيناه ، واما الضرب الأخر : وهو ان يكون في الفريضة فرض مسمى ، والباقي رد على أهل تلك التسمية ، فمثاله ان نفرض ان إنسانا هلك وخلف أبويه وبنتا ، فهذه من ستة ، لأن فيها نصفا وسدسا للأبوين منها السدسان ، وللبنت النصف ثلاثة أسهم ، ويبقى سهم يرد على الأبوين منها والبنت بحسب سهامهم ، وهي خمسة ، فان شئت جعلتها من خمسة ، واستغنيت عن الضرب ، فيكون للأبوين منها سهمان وللبنت ثلاثة أسهم ، وهذا اولى وأقرب من الضرب.

فإن أردت ان تضرب ذلك ، فاضرب سهامهم ، وهي خمسة ، في أصل الفريضة وهي ستة ، يكون ثلاثين سهما ، للأبوين منها سدسان عشرة أسهم ، وللبنت النصف

١٧٥

خمسة عشر سهما ، ويبقى خمسة أسهم يرد على الأبوين والبنت بحسب سهامهم ، فيكون للأبوين منهما سهمان ، لكل واحد منهما سهم ، وللبنت ثلاثة أسهم.

ومثال آخر : إنسان أخر مات ، وترك أباه وبنتين ، فهذه من ستة ، للأب منها السدس سهم واحد ، وللبنتين الثلثان أربعة أسهم ، ويبقى سهم واحد يرد على الأب والبنتين بحسب سهامهم ، وهي خمسة ، فان شئت جعلتها من خمسة أسهم ، وهو الاولى من الضرب ، والأقرب يكون للأب سهم واحد ، وللبنتين أربعة أسهم لكل واحد منهما سهمان ، وان أردت ضرب ذلك ، فاضرب سهامهم ، وهي خمسة في أصل الفريضة وهي ستة ، فيكون ثلاثين سهما للأب السدس خمسة أسهم لكل واحدة منهما سهمان.

فان اجتمع مع أصحاب الرد زوج أو زوجة ، لم يرد على الزوج والزوجة شي‌ء ، بل يدفع الى كل واحد منهما فرضه المسمى بغير زيادة عليه ، والباقي لمن يبقى من الوراث ، مثال ذلك : رجل هلك وترك أباه وزوجته وبنتا ، فهذه من أربعة وعشرين ، للزوجة منها الثمن ثلاثة أسهم ، وللأب السدس أربعة أسهم ، وللبنت النصف اثنا عشر سهما ، يبقى خمسة ، يرد على الأب والبنت بحسب سهامهم دون الزوجة ، فتنكسر على الأب والبنت.

فالوجه في ذلك ان تضرب سهامهما وهي أربعة من ستة ، يحق النصف والسدس في أصل الفريضة ، وهي أربعة وعشرون سهما ، فيكون ستة وتسعين سهما ، للزوجة من ذلك الثمن اثنا عشر سهما ، وللأب السدس ستة عشر سهما ، وللبنت النصف ثمانية وأربعون سهما ، يبقى عشرون سهما ، للأب منها خمسة أسهم ، وللبنت خمسة عشر سهما

ومثال آخر : امراة ماتت ، وتركت زوجها وأباها وبنتا ، فهذه من اثنى عشر للزوج الربع ثلاثة أسهم ، وللأب السدس سهمان ، وللبنت النصف ستة أسهم ، ويبقى سهم يرد على الأب والبنت بحسب سهامهما دون الزوج ، فينكسر عليهما ، فالوجه في ذلك ان تضرب سهامهما وهي أربعة ، يحق النصف والسدس من ستة في أصل الفريضة وهي اثنا عشر ، فيكون ثمانية وأربعين سهما ، للزوج منها الربع

١٧٦

اثنا عشر سهما ، وللأب السدس ثمانية أسهم ، وللبنت النصف أربعة وعشرون سهما ، يبقى أربعة أسهم ، للأب سهم واحد ، وللبنت ثلاثة أسهم.

فهذه جملة موجزة ، ولا نوضح عن الأصل في حساب الفرائض فليتأمل ، فإنها تكشف عن الغرض في ذلك بمشية الله تعالى.

فاما الناسخات فنحن نورد منها ما ينكشف به المراد منها ، فنقول : الأصل في ذلك ان تصحيح مسألة الميت الأول فإذا صححتها ، صححت مسئلة الميت الثاني ، ثم تقسم ما تختص بالميت الثاني من المسئلة الاولى على سهام مسئلته ، فان انقسمت فقد صحت المسئلتان جميعا مما صحت منه المسئلة في الميت الأول ، مثال ذلك : رجل مات وترك أبوين وابنين فهذه من ستة ، للأبوين السدسان سهمان ، وللابنين أربعة ، لكل واحد منهما سهمان.

فاذا مات أحد الابنين وخلف ابنين ، كان لكل واحد منهما سهم من هذين السهمين ، فقد صحت المسئلتان من المسئلة الأولى.

فان لم ينقسم المسئلة الثانية من المسئلة الاولى ، نظر في سهام المستحق للمسئلة الثانية ، واجمعها وأضربها في سهام المسئلة الاولى ، وقد صحت المسئلتان جميعا ، مثال ذلك المسئلة المقدم ذكرها ، فنفرض ان أحد الابنين مات ، وخلف ابنا وبنتا ، وكان له سهمان من ستة ، لا ينقسم على الصحة على الابن والبنت ، فاضرب سهم الابن وهو اثنان ، وسهم البنت وهو الواحد في أصل الفريضة للمسئلة الاولى وهي ستة ، فيكون ثمانية عشر ، يكون الأبوين منهما السدسان ، ستة أسهم ، ولكل واحد من الابنين ستة أسهم.

فإن هلك الابن وترك ابنا وبنتا ، كان للابن من ذلك أربعة أسهم ، وللبنت سهمان ، وكذلك ان مات ثالثا أو أكثر من ذلك ، في أنك تصحح مسئلة كل ميت ثم اقسم ماله من مسائل الذين هلكوا قبله من السهام على سهام مسئلته ، فان انقسمت فقد صحت المسائل كلها ، وان لم يصح ، ضربت جميع مسئلته فيما صحت منه الذين ماتوا قبله فمهما اجتمع ، فقد صحت منه جميع المسائل.

١٧٧

كتاب النكاح

قال الله تعالى ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) (١) وقال : ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجا الآية (٢) وقال : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ) الايتان (٣) وقال : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً ) (٤) وقال : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) (٥).

وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم حتى بالسقط. (٦)

وقال : ومن أحب ان يكون على فطرتي فليستن بسنتي ، وان سنتي النكاح (٧).

وعن الصادق (ع) : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من أحب ان يلقى الله تعالى طاهرا مطهرا ، فليستعفف بزوجة. (٨)

واجمع المسلمون على ان التزويج مندوب اليه ، ومرغب فيه ، وان اختلفوا في وجوبه.

__________________

(١) النساء ـ ٣

(٢) الروم ـ ٢١.

(٣) النور ـ ٣٢ و ٣٣

(٤) الفرقان ـ ٥٤.

(٥) المؤمنون ـ ٥.

(٦) مستدرك الوسائل ، أبواب مقدمات النكاح ، الباب الأول.

(٧) مستدرك الوسائل ، أبواب مقدمات النكاح ، الباب الأول.

(٨) مستدرك الوسائل ، أبواب مقدمات النكاح ، الباب الأول.

١٧٨

« باب أقسام النكاح »

النكاح على ثلاثة أضرب :

نكاح غبطة مستدام غير مؤجل ، ونكاح متعة ، ونكاح بملك اليمين. فاما نكاح الغبطة المستدام غير المؤجل ، فهو نكاح لا يكون مؤجلا بمدة معلومة من أيام أو شهود أو سنين ويجب في ذلك النفقة ، ويلحق فيه الأولاد بالإباء ظاهرا ويستحب فيه عند العقد الاشهاد ، والإعلان ، وإذا ثبت لم ينفسخ الا بطلاق أو ما يقوم مقامه من أنواع الفرقة.

واما نكاح المتعة : فهو نكاح ينعقد بأجل معين ومهر معلوم ، وبذلك : يبين من النكاح المستدام ، فان عين فيه المهر ولم يذكر فيه الأجل ، وان سمى متعة لحق بالأول ، وكان نكاحا دائما ، وان ذكر الأجل ولم يذكر المهر كان فاسدا ، وان لم يذكر مهرا ولا أجلا كان باطلا أيضا ويشترك هو والنكاح المستدام في إلحاق الأولاد بابائهم ، واما نكاح ملك اليمين فيختص بوطي الإماء ممن يملكهن ، وأحكام جميع ذلك نبين فيما بعد.

« باب ذكر الكفاة في النكاح »

« ومن يرغب في نكاحه ومن لا يرغب فيه والاستخارة فيه »

الأحرار من المؤمنين يتكافئون في النكاح وان تفاضلوا في النسب والشرف ، كما يتكافئون في الدماء وان تفاضلوا في الشرف والأنساب ، فمن كان منهم عاقلا قادرا على نفقات الزوجات بحسب الحاجة مستطيعا للنكاح مأمونا على النفس والمال ليس بمرتكب للفجور والفواحش وليس به سفه من ( في ـ خ ل ) رأى وان كان حقيرا في نسبه وطلب الى غيره التزويج ورغب إليه فينبغي ان يزوجه فان لم يفعل كان عاصيا

١٧٩

مخالفا للسنة والاخبار (١) يمنع من ذلك لأجل نسبه ، كما روى عن الصادق (ع) ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله زوج امراة من بنى هاشم بن عبد مناف بن تميم الداري ، (٢) وزوج المقداد ضباعة بنت الزبير من عبد المطلب ، وقال : انما زوجها للمقداد ليتواضع النكاح ، فليتأسوا برسول الله ، وليعلموا ان أكرمكم عند الله أتقاكم (٣).

ومن كان له ابنة فإنه يكره له تزويجها ممن كان متظاهرا بشرب الخمور أو غيرها من الفسق ، فان زوجها منه كان النكاح جائزا ويكون بذلك تاركا للأفضل وإذا أراد الإنسان التزويج ، فينبغي ان يطلب ذات الدين والأبوة والأصل الكريم ، ولا ينبغي ان يتزوج المرأة لمالها أو لجمالها إذا لم يكن اعتقادها مرضيا ولم تكن كاملة العقل سديدة الرأي ، وقال النبي (ص) صلى‌الله‌عليه‌وآله : مالها يطغيها وجمالها يرديها (٤).

وقال الصادق عليه‌السلام من تزوج امرأة لجمالها أو مالها حرمه الله مالها وجمالها (٥).

ولا يتزوج امرأة مخالفة في الاعتقاد ، فان فعل ذلك كان النكاح ماضيا ، ويكون تاركا للأفضل ، وان كانت المرأة مستضعفة لا يعرف فيها نصبا ولا انحرافا عن الحق

__________________

(١) الكلمة هنا في نسخة الأصل غير واضحة وفي غيرها « ولا يجب ان يمتنع » لكن المناسب ان تكون « ولا يجوز » أو ما يقرب منه ويأتي في باب الصداق تقييده بان يبذل لها مهر السنة.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ٢٢ من مقدمات النكاح.

(٣) الوسائل ج ١٤ الباب ٢٦ من مقدمات النكاح وفيه انما زوجه لتتضح المناكح وليتأسوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وليعلموا أن أكرمهم عند الله أتقاهم وبمعناه في المستدرك في الباب المذكور عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ١٣ من مقدمات النكاح وزاد بعد فعليك بذات الدين

(٥) المقنعة للمفيد وزاد بعده ومن نكح للدين وفق الله له الخير والجمال والكمال وفي معناهما عدة أخبار في الوسائل ج ١٤ الباب ١٤ من مقدمات النكاح.

١٨٠