المهذّب

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٧
الجزء ١ الجزء ٢

وإذا تزوج صبي صغير امرأة ، فمات عنها ، كان عليها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا ، سواء كانت حاملا (١) أو غير حامل ، وسواء ظهر بها حمل بعد وفاة الزوج أو كان موجودا مع حال وفاته ، فان لم تعتد عنه ، وكان الحمل لا حقا بإنسان وطأ شبهة ، أو رجل تزوجها تزويجا فاسدا ، كان النسب يلحقه. وتكون معتدة عن ذلك الوطأ بوضع الحمل ، وتنقطع العدة بالشهور (٢) ، لأنه لا يصح ان يكون معتدة عن رجلين في حالة واحدة ، فإذا انقضت العدة بوضع الحمل اعتدت حينئذ بالشهور فان كان الحمل من زنا لم يقطع الاعتداد بالشهور في حال الحمل ، والزناء لا يقطع حكم العدة ، لأنه لا عدة له.

وإذا كان الباقي من ذكر المجبوب قدر الحشفة من ذكر السليم في تمكنه إيلاجه ، كان حكمه حكم السليم ، يلحقه النسب وتعذر زوجته بالأقراء ، وبوضع الحمل فان كان جميع ذكره مقطوعا يلحقه النسب ، لان الخصيتين إذا كانتا باقيتين فالانزال ممكن ، ويمكنه ان يساحق وينزل ، فان حملت عنه اعتدت بالوضع ، وان لم تكن حاملا اعتدت بالشهور ، ولا يمكن ان تعتد بالأقراء ، لان عدة الأقراء انما تكون عن طلاق بعد دخول (٣) والدخول متعذر من جهته.

فاما الخصي الذي قطعت خصيتاه وبقي ذكره ، فان حكمه حكم الفحل ، يلحقه

__________________

ذيله انه ان مات أحدهما في هذه المدة يرثه الأخر ومقتضاه ان تكون بتمامها عدة رجعية فلو مات الزوج فيها ولو قبل آخرها بيوم تلزمها عدة الوفاة من الموت فتمتد الى أكثر من تسعة عشر شهرا وقد أورد في جواهر الكلام على هذا الخبر بما لم أجد له محصلا فراجع وتأمل.

(١) اى من إنسان آخر شبهة أو زنا كما يأتي تفصيله.

(٢) أي أربعة أشهر وعشرا.

(٣) ظاهر النصوص ان أصل الاعتداد انما يكون بعد الدخول من غير فرق بين ما هو بالأقراء أو الشهور وعلى فرض وجوبه بالسحق أيضا لقوله تعالى « ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ » فمقتضى إطلاق الدليل تحققه أيضا بكليهما في محلهما.

٣٢١

النسب وتعتد منه المرأة بالأقراء والحمل ، لأنه لا يصح منه استيلاد بمجرى العادة. (١)

وإذا كانت المرأة آيسة من المحيض ومثلها لا تحيض ، لم يكن عليها عدة مثل الصغيرة التي لا تحيض مثلها ، لم تكن عليها عدة.

وإذا تزوج عبد امة وطلقها بعد الدخول طلقة ، ثبت له عليها الرجعة ، لأنه قد بقي لها طلقة. فإن أعتقت في أثناء العدة ، ثبت لها خيار الفسخ كما سلف لأنها في معنى الزوجات ، فان اختارت الفسخ انقطع حق الزوج من الرجعة ، وكان لها ان تبنى على عدتها عدة الحرة لا عدة امة ، ولا يجب عليها استئناف هذه العدة.

وإذا طلق الرجل زوجته طلقة رجعية ، وجرت في عدتها ، ثم راجعها ، انقطعت عدتها بالرجعة ، لأنها تصير فراشا ، فان طلقها بعد ذلك بعد الدخول بها ، كان عليها استئناف العدة ، وان لم يكن دخل بها استأنفتها أيضا ، فإن خالعها ، ثم تزوجها ، ثم طلقها ، استأنفت أيضا العدة (٢) ولم يجز لها ان تبنى على ما تقدم.

__________________

(١) هذا التعليل لا يناسب ما قبله فإنه إذا لم يصح منه استيلاد لم يجز ان تعتد منه بالحمل فالظاهر ان فيه سقطا ولعله كما في المبسوط « وان كان قطع ذكره وأنثياه لا يلحقه نسب ولا تعتد منه بالأقراء والحمل » ثم انه تقدم في عيوب النكاح ان الذي قطعت خصيتاه وبقي ذكره قادر على الوطأ دون الأنزل فإلحاق الولد به لما ذكره جماعة من الأصحاب في باب اللعان وغيره من احتمال تكونه منه بمحض الإدخال فيشمله « الولد للفراش » وهذا مشكل جدا لان مقتضى العادة والفطرة كما في الآيات والاخبار ، ان الولد من نطفة الرجل فلا محل للاحتمال المذكور والا لجرى في السحق بدون الانزال ونحوه أيضا لجواز تكونه منه بذلك بإذن الله تعالى وقاعدة الفراش ناظرة الى غير ذلك.

(٢) في هامش نسخة ( ب ) هنا تعليقة لعلها من صاحب النسخة وهي : ظاهره عدم الفرق بين ان يكون طلاقه إياها بعد الدخول بها أو قبله وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشيخ لا عدة عليها ان كان قبل الدخول وتحل للأزواج في الحال وبه قال داود لان عدة المخالعة قد انقضت بالتزوج والطلاق الثاني لا يوجب العدة لأنه قبل المسيس وقال الشافعي لا عدة عليها للطلاق لكنها تكمل عدة الطلقة الخلعية وهو أقرب الوجوه انتهى

٣٢٢

وإذا كان لرجل زوجتان ، أو أكثر منهما، وطلق منهما واحدة غير معينة ، ثم مات قبل التعيين للمطلقة ، فإن كانتا غير مدخول بهما ، وجب على كل واحدة منهما ان تعتد أربعة أشهر وعشرا احتياطا ، وان كانتا مدخولا بهما ، وكانتا حاملين اعتدت كل واحدة منهما أبعد الأجلين ، وان كانتا غير حاملين ، وكان الطلاق رجعيا كان على كل واحدة منهما عدة أربعة أشهر وعشرا ، وان كان الطلاق بائنا ، وهو معين ، ولم يكن مضى بعد مدة ، وطلق ومات عقيب الطلاق ، كان على كل واحدة منهما ان تعتد ما يقارب من ثلاثة أقراء ، أو أربعة أشهر وعشرا ، للاحتياط ، وان كان قد مضى بعض العدة ، بأن يكون قد حاضت كل واحدة منهما حيضة ، ثم توفي عنها زوجها ، كان على كل واحدة منهما أن تأتي بأطول الأمرين غير معين (١) ، فان طلق واحدة غير معينة ، فيقال. افرض الطلاق في أيهما شئت ، فإذا فرض في إحداهما طلقت ، والأخرى على الزوجية ، وعليها ابتداء العدة في وقت الطلاق ، كما لو كان الطلاق معينا ، فان اختلفت حال الزوجتين ، وكانت الواحدة منهما مدخولا بها ، والأخرى ليست كذلك ، أو الواحدة منهما حاملا ، والأخرى ليست كذلك ، اعنى غير حامل ، أو إحداهما رجعية ، والأخرى بائنة ، كان على كل واحدة منهما ان تأتي بالعدة ، كما يجب عليها ان يأتي بها لو كانت على صفة صاحبتها.

وإذا طلق الرجل زوجته ، واستحقت السكنى في منزله ، وباع الزوج هذا المنزل ، فان كانت تعتد بالأقراء أو بالحمل لا يصح البيع ، لأن مدة استحقاق البائع مجهولة ، واستثناء مدة مجهولة في البيع غير جائز ، وان كانت تعتد بالشهور ، كان

__________________

ما في الهامش ويأتي بعد ذلك انه إذا تزوجها في عدتها انقطعت العدة أي بالنسبة إلى خلعها فلا ينافي حكمه هنا بالاستئناف للطلاق الذي بعده كما مر في الطلقة الرجعية

(١) في المسئلة هنا اضطراب وكذا في المبسوط وهي كالمسألة التالية مبنية على صحة طلاق إحداهما مبهما من غير تعيين لها في القصد كبيع أحد العبدين كذلك وهذا مما افتى به الشيخ والمصنف لكنه خلاف المشهور بل التحقيق كما في جواهر الكلام فراجعه في شروط المطلقة وفي فروع عدة الوفاة.

٣٢٣

البيع صحيحا ، فان استحقت المرأة السكنى في منزله وحجر عليه ، كانت هي أحق بالسكنى من الغرماء ، لان السكنى يختص بعين الدار ، وحقوقهم غير مختصة بها ، فان كان قد حجر عليه ، ثم طلقت المرأة ، واستحقت السكنى ، كانت هي أسوة الغرماء ، لان حقهم متقدم على حقها فلم يجز تقديمها عليهم لكن يسوى بينها وبينهم

وإذا طلقت المرأة وهي في منزل لا يملكه زوجها، اما بان يكون مستعارا أو مستأجرا ويتضيق انقضاء مدة الإجارة عند حال الطلاق ، فإن رضي صاحب المنزل بإقرارها فيه كان على الزوج إسكانها فيه ، وان لم يرض بذلك أو طلب أكثر من اجرة مثله ، لم يلزم الزوج ان يسكنها فيه وسقط حق الزوجة من سكنى الدار بعينها ، وثبت حقها من السكنى في ذمة زوجها. فان كان موسرا كان عليه ان يستأجر لها موضعا بقدر سكنى مثلها في أقرب المواضع من الموضع الذي كانت فيه ان تمكن من ذلك وان كان معسرا وعليه ديون ، كانت الزوجة تستحق السكنى في ذمته والغرماء أيضا يستحقون ديونهم في ذمته ، فان كان طلقها بعد الحجر ، ضربت مع الغرماء بقدر حقها من السكنى ، وان كان الطلاق قبل الحجر ثم حجر عليه ، فان المرأة تضرب مع الغرماء في حقها ، لان حقها وحقهم متساو في الثبوت في الذمة.

وإذا أمر الرجل زوجته بالانتقال من المنزل الذي هي ساكنة فيه الى منزل آخر فانتقلت ببدنها ولم تنقل مالها وعيالها ثم طلقها ، كان عليها العدة في المنزل الثاني دون الأول ، والاعتبار بالمنزل الذي تكون مقيمة فيه لا بالمال والعيال (١).

وإذا أمرها بالانتقال من منزلها الى منزل آخر ، فخرجت من المنزل الأول الى الثاني وعادت الى الأول لنقل مالها أو بعض حوائجها ثم طلقها ، فإنها تعتد في المنزل الثاني الذي انتقلت إليه ، لأنه قد صار منزلا لها ورجوعها إلى الأول انما كان لحاجة فاذا أمرها بالانتقال من منزلها الذي تسكنه الى منزل آخر فخرجت من الأول ولم

__________________

(١) يعنى انها لو نقلت مالها وعيالها الى المنزل الثاني ولم تنتقل ببدنها فإنها تعتد في الأول.

٣٢٤

تصل الى الثاني حتى طلقها وهي بين المنزلين ، كان عليها ان تعتد في الثاني لأنها مأمورة بالانتقال اليه.

وإذا أمرها بالخروج من بلدها الى بلد آخر ثم طلقها ، فان كان طلاقه لها حصل قبل خروجها من منزلها ، اعتدت في منزلها ، لان الطلاق صادفها وهي مقيمة فيه. وان كان طلقها بعد فراقها لمنزلها ولم تفارق بنيان البلد ، كان عليها الرجوع الى منزلها الأول وتعتد فيه ، لأنها لم تفارق البلد.

وان كان خروجها لأنه اذن لها في الحج أو الزيارة أو النزهة ولم يأذن في إقامة مدة مقدرة ففارقت البلد وطلقها ، لم يلزمها الرجوع الى منزلها ، لأنه ربما كان الطريق مخوفا وتنقطع عن الرفاق. فإذا أرادت الرجوع كان لها ان تعتد في منزلها. وان تعذر في وجهها (١) وكان اذن لها في النزهة أو الزيارة ، كان لها ان تقيم ثلاثة أيام (٢) فإذا قضتها أو قضت الحج ، ولم تجد رفقة (٣) وكان الطريق أمنا وعلمت من حالها انها إذا رجعت الى البلد أمكنها ان تقضى ما بقي من عدتها ، وجب ذلك عليها ، وان كانت لا تتمكن من ذلك (٤) لزمها الرجوع ، لأنها مأمورة وليست مأمورة بالإقامة.

فإن كان أمرها بالإقامة في البلد الأخر مدة معينة أو شهرا معينا ، أو شهرين معينين ، ففارقت بلدها وطلقها ، فإنه ان كان طلقها قبل وصولها الى البلد الأخر ، كان حكمها كما ذكرناه في طلاقه لها بين المنزلين. وان كان طلقها بعد وصولها اليه ، جاز لها ان تقيم فيه المدة التي أذن لها بالمقام فيها.

__________________

(١) الصواب « فان نفذت في وجهها » كما في المبسوط أى مضت.

(٢) اى وان كان اذن لها في الحج فلها ان تقضيه كلما يدوم.

(٣) في المبسوط « ولم تجد رفقة وخافت في الطريق فلها ان تقيم لان ذلك عذر وان وجدت رفقة وكان الطريق أمنا » إلخ وكأنه أصوب من المتن.

(٤) اى من قضاء باقي العدة في منزلها بعد الرجوع

٣٢٥

وإذا أحرمت المرأة وطلقها الزوج ، وجبت العدة عليها، فان كان الوقت ضيقا تخاف من فوات الحج ان أقامت العدة ، كان عليها ان تخرج وتقضى حجها ثم ترجع لتقضى ما بقي عليها من العدة ان كان بقي عليها منها شي‌ء. فان لم يكن الوقت ضيقا وكان واسعا ، أو كانت محرمة بعمرة ، فليس تقيم وتقضى العمرة (١) ثم تحج وتعتمر.

فان طلقها ولزمتها العدة ثم أحرمت ، كان عليها ملازمة المنزل لقضاء العدة لأن وجوب العدة سابق ومتقدم لا حرامها ، وهي مفرطه في إدخال الإحرام عليها. فاذا قضت ما عليها من العدة وكانت محرمة بعمرة ، فإنها لا تفوت فتأتي بها ، فان كانت محرمة بحج فان لم تكن فاتها أتت به ، وان كان قد فات ، كان عليها ان تتحلل بعمرة وكان عليها القضاء (٢) من قابل.

وإذا أذن الرجل لزوجته في الخروج الى بلد وأطلق ذلك فخرجت ثم طلقها واختلفا فقالت الزوجة نقلتني ، وقال الرجل لم انقلك ، كان القول قول الرجل وعليها الرجوع الى المنزل وتعتد فيه ، لأنه اختلاف في نية الزوج وهو اعلم بما أراد ، فان مات واختلفت الزوجة مع ورثته ، كان القول قولها ، لأنهم استووا في الجهل بما أراد ، وظاهر قوله موافق لدعوى المرية لأن ظاهر امره لها بالخروج الى موضع كذا ، وظاهره النقلة (٣).

__________________

(١) الصواب « فإنها تقيم وتقضى العدة » كما في المبسوط.

(٢) اى قضاء الحج وقال في المبسوط : « عندنا ان كان حجة الإسلام وعندهم أي العامة على كل حال » قلت هذا قرينة على كون المراد بالمتن حجة الإسلام ثم انه تقدم ان المطلقة الرجعية تخرج في عدتها لحجة الإسلام مطلقا وللمندوب بإذن الزوج فيرد على ما ذكره هنا انه ان كان الحج واجبا وجب عليها الإحرام بعد الطلاق والمضي فيه وكذا ان كان مندوبا وقد أحرمت له بالاذن وان أحرمت بدونه كان باطلا لأنها بحكم الزوجة فلا يبقى مورد للقضاء ولا يبعد كون الحكم في العمرة أيضا كذلك.

(٣) تقدم ان المطلقة الرجعية إذا مات زوجها في العدة تستأنف عدة الوفاة

٣٢٦

وإذا طلقت البدوية أو مات عنها زوجها وكان لها السكنى (١) وجب عليها العدة في بيتها الذي تسكنه ، فان ارتحل جميع الحي ارتحلت معهم واعتدت في المكان الذي يرتحلون اليه ، لأنها لا يمكنها المقام بعدهم وحدها في الموضع الذي ارتحلوا منه. فان ارتحل الحي إلا أهلها وكان في أهلها منعة ، لم يجز لها ان ترتحل وكان عليها الإقامة معهم وتعتد ، لأنه يمكنها مع ذلك المقام في بيتها من غير ضرر يلحقها في مقامها لذلك. فان انتقل أهلها وبقي من الحي قوم فيهم منعة ، كانت مخيرة بين المقام وتعتد في بيتها وبين الخروج مع أهلها وتعتد حيث يرتحلون إليه لأن في تأخرها عليها ضررا باستيحاشها من أهلها. فان مات أهلها وبقي من الحي قوم فيهم منعة ، كان عليها المقام وتعتد.

وإذا طلق الرجل زوجته وهي في منزل تخاف من انهدامه واحتراقه أو وصول اللصوص اليه أو الدعار ، وأرادت الانتقال منه ، كان لها ذلك لان ما جاء فيه ( ما خافته فيه ـ خ ل ) عذر يبيحها ذلك.

وإذا وجب على المطلقة حق وكان يمكن استئفاءه من غير خروجها من منزلها لم يجز إخراجها لذلك ، لأنه يمكن استئفاءه مع مقامها في منزلها. فان كان عليها حق تجحده وكانت بارزة (٢) تدخل وتخرج. فإنها تخرج ويقام عليها (٣) ان وجب

__________________

فما في هذا الفرع كالفرع التالي مبني على استحقاق المتوفى عنها زوجها للسكنى وهو خلاف ظاهر المصنف فيما تقدم بل ظاهر المبسوط الإجماع على عدمه خلافا لبعض العامة ويمكن ان يكون نظر المصنف هنا الى استحقاقها لها في خصوص هذا الفرع لثبوته بالطلاق قبل الموت فيستصحب كما صرح به في المبسوط في مسئلة تقسيم الورثة للمنزل وهذا أيضا قد يكون مخالفا للنصوص الدالة على استئنافها عدة الوفاة لظهورها في ترتب جميع آثارها ومنها عدم الاستحقاق للسكنى كما في الشرائع.

(١) اى على القول بان لها السكنى كما في المبسوط.

(٢) اى ممن كانت عادته ورسمه البروز من بيتها كثيرا وعدم لزومها بيته غالبا.

(٣) اى الحد ، ان كان هو الحق عليها فالمراد بالحق فيما بعده الديون ونحوها.

٣٢٧

عليها ويستوفي ما عليها من حق. وان كانت غير بارزة لا تدخل ولا تخرج فان الحاكم يقيم عليها الحد في منزلها ويبعث من ينظر بينها وبين خصمها في بيتها.

وإذا طلق الرجل زوجته فاستحقت السكنى ولم يكن للرجل ذلك ، وجب عليه ان يستأجر لها منزلا. فان كان غائبا ، استأجر الحاكم من ماله لأنها استحقت السكنى فوجب ان يوفى ما تستحقه كالدين. فان لم يكن له مال ورأى الحاكم ان يقترض عليه ويستأجر لها ، فعل ذلك وكان دينا في ذمته ، فإن استأجرت ذلك بغير أمر الحاكم لها فيه مع القدرة على استئذانه ، كانت مطوعة ( متطوعة ـ خ ل ) ولم يكن لها الرجوع على الزوج بشي‌ء. فان لم تقدر على استئذان الحاكم جاز لها ذلك.

وإذا طلق زوجته وهي في منزلها (١) وأقامت فيه حتى كملت عدتها ولم تطالبه بأجرة ثم طلقها (٢) ، لم يلزمه ذلك ، لان الظاهر من سكونها (٣) التطوع بالمقام في منزلها فلم يجز لها المطالبة بالبدل.

فان استأجرت دارا وسكنتها ولم تطالبه بالأجرة حتى انقضت عدتها ثم طالبته بعد ذلك بها ، لم يلزمه ذلك ، لأنها انما تستحق اجرة السكنى على الزوج إذا سكنت حيث يسكنها ، فاما إذا سكنت هي حيث شاءت ، لم يكن لها عليه شي‌ء ، فان استأجرت منزلا أو سكنت في منزلها بعض العدة ولم تطالب ثم طالبت ، كان لها اجرة السكنى من وقت المطالبة ، ولا شي‌ء لها على ما تقدم من سكناها ، لأنها فيما تقدم ، سكنت حيث أرادت فلم تستحقق اجرة ذلك ، وفي المستقبل يسكنها زوجها حيث شاء فاستحقت الأجرة عليه.

وإذا اتفق السفر لرجل مع زوجته في سفينة وطلقها وكان له منزل غير السفينة يأوي اليه ، كان لها الخيار في الرجوع الى المنزل وتعتد فيه. وان لم يكن له منزل

__________________

(١) اى منزل نفسها غير الذي كان لزوجها.

(٢) الصواب « ثم طالبتها » أي الأجرة.

(٣) الاولى ان يكون بالتاء ( سكونتها )

٣٢٨

يأوي إليه غير السفينة كان حكمها حكم الدار ، وإذا كان لها (١) بيوت منفرد كل بيت منها بباب وغلق ، اعتدت في بيت منها. فان كانت كبيرة أو صغيرة وليس فيها بيوت وكان معها محرم ، فإنه (٢) يخرج من السفينة ويترك المرأة في بيتها حتى تعتد ، وان لم يكن معها محرم ، خرجت من السفينة واعتدت في أقرب المواضع إليها مثل الدار.

والمعتدة التي تستحق السكنى تلازم البيت ، وليس لها ان تخرج منه بغير حاجة ، فإن اضطرت الى الخروج بأن تخاف من غرق أو حرق أو هدم ، كان لها الخروج ، سواء كانت معتدة عن طلاق أو وفاة ، فان لم تكن مضطرة إلى الخروج لكن تريده لحاجة من ابتياع قطن أو بيع غزل ، جاز لها الخروج لذلك نهارا ولا يجوز لها ليلا (٣).

وعلى المعتدة من الوفاة الحداد وهو : تجنبها لكل ما يدعو الى أن تشتهي وتميل النفس اليه من مثل الطيب ولبس المطيب والخضاب وغير ذلك. فاذا تجنبت ذلك فقد حدت. فاما غير هذه المعتدة من المعتدات فلا يلزمها ذلك. والادهان على ضربين : طيب ، وغير طيب.

فاما الطيب فهو كدهن البنفسج والبان والورد ، وما جرى مجرى ذلك. وهذا لا يجوز للمعتدة استعماله في شعرها ولا بدنها.

__________________

(١) اى السفينة.

(٢) أي الزوج كما في المبسوط.

(٣) تقدم في أوائل الباب ان المتوفى عنها زوجها يجوز لها المبيت في غير الدار التي توفي فيها زوجها وانه لا نفقة لها من تركة زوجها وظاهره عدم استحقاقها السكنى كما ذكرناه آنفا وتقدم أيضا ان المطلقة الرجعية إذا دعته ضرورة إلى الخروج من منزلها أو أرادت قضاء حق فلتخرج بعد نصف الليل وتعود قبل الفجر فما ذكره المصنف في هذا الفرع لم أعرف له وجها والله العالم.

٣٢٩

واما الضرب الأخر : وهو ما ليس بطيب ، فهو كالشيرج والزيت ، وهذا لا يجوز استعمالها له في شعرها ، لان يرجله ويحسنه ، ويجوز ان تستعمله في بدنها لأنه ليس فيه طيب ولا زينة لها. فان كان لها لحية لم يجز لها ان تدهنها.

فاما الكحل الأسود الذي هو الإثمد فلا يجوز لها ان تكتحل به ولا ان تختضب حاجبيها ، لأنه زينة. فان احتاجت الى الكحل اكتحلت ليلا ومسحته نهارا. واما الأبيض الذي هو التوتيا فلها ان تكتحل به في الليل والنهار وعلى كل حال. واما الصبر فان النساء يكتحلن به لأنه يحسن العين ويطري الأجفان : والمعتدة ينبغي لها ان تجتنبه. واما الكلكون فلا يجوز لها استعماله لأنه زينة. وكذلك جميع ما يحسن به وجوه النساء من اسفيذاج وما جرى مجراه.

واما لبس الحلي فهي ممنوعة منه ، لأنه من الزينة. واما الثياب ففيها زينتان إحداهما تحصل بحسب ( بنفس ـ خ ل ) الثوب وهو ستر العورة وجميع البدن ، قال الله تعالى ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (١).

والزينة الأخرى تكون بصبغ الثوب وغيره ، وإذا أطلق كان المراد ، الثاني والأول هي غير ممنوعة منه. وما يحصل به الزينة من الصبغ على ضروب : منها ما يدخل على الثوب لنفى الوسخ عنه مثل السوداء والكحلى ، وهذا لا تمنع المعتدة منه. ومنها ما يدخل على الثوب لتزئينه مثل الحمرة والصفرة وغيرهما ، فالمعتدة ممنوعة من ذلك ، لأنه زينة. ومنها ما يدخل على الثوب ويكون مترددا بين الزينة وغيرها مثل صبغة أزرق واخضر ، فان كان ذلك مشبعا يضرب الى السواد ، لم تمنع المعتدة منه. وان كانت صافية يضرب إلى الحمرة فهي ممنوعة منه.

واما الملبوس من الثياب فان كان منه مرتفعا فاخرا مثل الديبقي والقصب والسابوري وغير ذلك مما يعمل من القطن والكتان والصوف والوبر ، فالمعتدة

__________________

(١) الأعراف ـ ٣١

٣٣٠

غير ممنوعة منه أيضا (١).

والحداد يلزم المرأة الحرة الكبيرة المسلمة ، والأمة إذا كانت زوجة ، والكافرة إذا مات زوجها ، سواء كان الزوج مسلما أو كافرا ، والصغيرة إذا مات زوجها عنها يأخذها وليها بذلك.

وإذا طلق الرجل زوجته ودخلت في العدة ، لم يجز لها ان تتزوج حتى تنقضي عدتها ، فان نكحت قبل ذلك بطل النكاح وليس تنقطع عدتها بنفس النكاح ما لم يدخل الثاني بها. لان الفراش لا يثبت بالنكاح الفاسد. فان فرق بينهما قبل الدخول ، لم يكن عليها للثاني عدة ، وعليها ان تمضى في عدتها عن الأول الى ان تكملها ثم يتأمل حالهما ، فان كانا عالمين بتحريم النكاح كان عليهما التعزير ، وان لم يكونا عالمين لم يكن عليها تعزير.

وان كان أحدهما عالما بذلك عزر دون الأخر ، فإن دخل الثاني بها وكانا عالمين ، كانا زانيين. وان كانا غير عالمين بتحريم النكاح أو الوطأ. فان الوطأ وطؤ شبهة لا يجب الحدية ويثبت به الفراش (٢). ويلحق النسب ، وتجب به العدة ،

__________________

(١) زاد في هامش نسخة ( ب ) « واما ما يعمل من الإبريسم مصبوغا كان أو غير مصبوغ فهو غير ممنوعة منه أيضا ».

(٢) المراد بالفراش هنا صيرورة المرية بالشبهة كالزوجة في أحكام منها : ما ذكره من انقطاع عدة الأول ومنها : انه لو زنى أحد بالموطوئة شبهة فولد منها ولم يعلم كون الولد لأيهما يلحق بالشبهة ومنها : انه لو وطأ شبهة زوجة الغير فولد منها أقرع بينهما بخلاف الزنا فإنه يلحق بالزوج ومنها : حرمة أم الموطوئة وبنتها على الواطئ ان قلنا باختصاص الحرمة بالوطأ الصحيح دون الزنا ونحو ذلك وهذا في الجملة وان كان معروفا بين الأصحاب كما في المبسوط وغيره لكنه غير ظاهر من النصوص وانما المذكور فيها وجوب العدة والمهر ولحوق النسب بمعنى انه لو علم عادة كون الولد من الشبهة يلحق بالواطى‌ء ويكون كولده من الزوجة بخلاف الزنا حيث انه ينفى عنه شرعا في الإرث ونحوه وقد حكى عن ابن إدريس نحو ما ذكرنا.

٣٣١

وتنقطع عدة الأول لأنها صارت فراشا للثاني ولا يجوز ان تكون معتدة عن الأول وهي فراش للثاني. ويجب عليها ان تأتي بكل واحدة من العدتين على الانفراد ولا يدخل إحداهما في الأخرى.

وان كان إحداهما عالما والأخر غير عالم ، فان كان الذي هو غير عالم هو الرجل ، والمرأة عالمة ، فهو وطؤ شبهة لأحد عليه. والمرأة تصير فراشا له ويلحقه النسب ، وتجب عليها العدة ، والمرأة زانية ، عليها الحد ولا مهر لها. وان كانت هي التي ليست عالمة والرجل هو العالم ، فالمرأة غير زانية ولا حد عليها ولها المهر ، والرجل زان يجب عليها الحد ولا يلحقه النسب ، ولا تجب له العدة.

وإذا اجتمع على أمرية عدتان وكانت (١) هي والزوج جاهلين ، أو كان الزوج جاهلا وكانت غير حامل تعتد بالأقراء أو بالشهور ، فإنها تكمل عدة الأول ثم تعتد عن الثاني. وإذا لم تكن اعتدت عن الأول بشي‌ء ، اعتدت منه بثلاثة أقراء ، أو ثلاثة أشهر. فإن كانت اعتدت عنه ببعض العدة ، فإنها تتم ذلك وتعتد عن الثاني عدة كاملة ، وانما قدمت العدة عن الأول لأنها سابقة.

فان كانت المرأة معتدة بالحمل فإنه إن لحق الحمل بالأول دون الثاني ، اعتدت منه عن الأول ، فإذا وضعت استأنفت عدة الثاني. وان لحق الحمل بالثاني دون الأول ، اعتدت به عن الثاني ثم تأتي بالعدة عن الأول ، أو باقيها ان كانت قد أتت ببعضها. فإن أمكن ان يكون الحمل من كل واحد منهما (٢) أقرع بينهما فمن

__________________

(١) بيان لسبب اجتماعهما عليها أي بأن كانت هي والزوج الثاني جاهلين.

(٢) بان كان لستة أشهر من وطأ الثاني ولا يزيد على أقصى الحمل من الأول ووجه القرعة أنها لكل مشتبه والمرأة فراش لهما كما وردت في ولد الجارية المشتركة لكن الأقوى هنا انه للثاني للنص كما في الوسائل الباب ١٧ من أحكام الأولاد وذكره المصنف في باب محرمات النكاح نعم لو وطأها في العدة شبهة بدون التزويج كان ما ذكر متجها لخروجه عن النص المذكور وجواز اختصاص التزويج الفاسد

٣٣٢

خرج اسمه الحق به واعتدت به عنه ثم استأنفت العدة من الأخر.

وإذا وطئ الرجل زوجته في العدة كانت ذلك منه رجعة وحكمنا بالمراجعة ، ويكون وطؤها بعد ذلك وطيا في الزوجية وينقطع حكم العدة.

وإذا كانت الزوجة مدخولا بها وخالعها زوجها ولزمتها العدة ثم تزوجها في عدتها ، انقطعت العدة.

وإذا طلقت الأمة ودخلت في العدة وباعها سيدها وهي معتدة ، كان البيع صحيحا. فان كان المشترى لها لم يعلم بذلك من حالها ، كان له الخيار ، لان ذلك نقص ، ويفوت الاستمتاع مدة العدة. فإن فسخ استرجع الثمن وردها على سيدها ، وان لم يفسخ لزمه البيع ولم يجز له وطؤها حتى تنقضي عدتها ، وإذا انقضت لم تحل له حتى يستبرأها. وكذلك الحكم إذا كان عالما بذلك من حالها. ولا يدخل الاستبراء في العدة لأنهما حقان مقصودان لآدميين.

وإذا نامت امرأة على فراش رجل فظن أنها أمته ووطأها ثم ظهر انها امرأة حرة أجنبية ، كان هذا الوطؤ وطأ شبهة ليس فيه حد ، ويلحق النسب ويكون الولد حرا ويثبت مهر المثل. وعلى هذه الحرة ان تعتد عدة الحرة.

وإذا وجد رجل امرأة على فراشه وظن انها زوجته ثم ظهر انها امة لغيره وكان قد وطأها ، لم يجب في ذلك حد ، فاما المهر فيجب مهر المثل ويلحق النسب ، لأنه وطؤ شبهة ويكون الولد حرا لاعتقاده حريته ، ويكون عليه قيمته لسيد الأمة ، وتعتبر القيمة بحال الوضع لأنها حال الإتلاف ، وعليها عدة أمة لأنها امة وجوب العدة.

ويجب الاستبراء للأمة المشتراة ، وكذلك المسبية ، وتستبرئ كل واحدة

__________________

جهلا بالفراش كما يظهر من العلامة في التذكرة في الفصل الأول من ركن المحرمات ولا فرق في ذلك بين كون المراد بالفراش في الشبهة ما مر آنفا في شرح المتن أو خصوص لحوق الولد كما ذكرنا.

٣٣٣

منهما بقرء ، وكذلك المدبرة إذا مات سيدها فإنها تنعتق وتستبرئ بقرء (١) ، وكذلك أم الولد إذا مات عنها سيدها ، فإنها تعتد عنه عدة وفاة : أربعة أشهر وعشرا وان أعتقها في حياته اعتدت بثلاثة أقراء.

وإذا زوج أم الولد سيدها غيره حرم وطؤها على السيد. وإذا مات السيد وهي زوجة لم يجب عليها عنه استبراء ، وان لم يمت السيد أولا ومات الزوج ، كان عليها عدة وفاة مثل عدة الحرة : أربعة أشهر وعشرا. فان مات سيدها قبل انقضاء عدتها لم يجب عليها عنه عدة واستبراء ، وإذا انقضت عدتها عن الزوج قبل موت السيد ، عادت الى سيدها وليس عليه ان يستبرئها ، فان مات سيدها بعد انقضاء عدتها من الزوج ، لزمها الاستبراء عنه (٢).

وإذا مات سيدها وزوجها ولم يعلم الميت منهما أولا ، اعتدت أربعة أشهر وعشرا لأنه ان كان سيدها مات أولا ، فليس عليها منه عدة لأنها تحت زوج فاذا مات زوجها بعد ذلك ، كان عليها ان تعتد منه عدة الحرة للوفاة (٣) فإذا انقضت عدتها لم يكن عليها من السيد استبراء. هذا ان كان بين موتهما أقل من أربعة أشهر وعشر

__________________

(١) المعروف بين الأصحاب ان المدبرة التي وطأها المولى تعتد من وفاته بأربعة أشهر وعشر للنص الصريح وغيره وكونها كأم الولد ولم ينقل خلافه الا عن ابن إدريس فلعل مراد المصنف هنا غير الموطوئة كما يأتي حكمه بذلك في أمثالها

(٢) أي عن السيد وظاهره الاستبراء بقرء فيكون المراد ما إذا مات قبل ان يطأها والأوجب عليها عدة الوفاة كما مر وحكى في جواهر الكلام عن الشهيد الثاني رحمه‌الله تعالى : احتمال وجوب عدة الوفاة عليها مطلقا لا طلاق ما دل على اعتداد أم الولد بموت سيدها كما في الزوجة وهذا لا يخلو من قوة ويحتمل كون مراد المصنف هنا ذلك.

(٣) زاد في هامش نسخة ( ب ) هنا وفي المبسوط « وان كان الذي مات أو لا هو الزوج ، كان عليها ان تعتد منه عدة الوفاة » قلت هذا مبني على ما تقدم سابقا فيما علقناه ان أم الولد من السيد تعتد من موت زوجها بأربعة أشهر وعشر بخلاف غيرها

٣٣٤

فان كان بين موتهما أكثر من ذلك كان كما ذكرناه (١) وتعتد من وقت موت الثاني (٢) عدة الحرة احتياطا كما قدمناه.

وإذا ملك أحد أمة بابتياع وكان البائع قد وطأها لم يجز للمشتري وطؤها إلا بعد ان يستبرئها ، وكذلك ان أراد المشتري تزويجها لم يجز له وطؤها (٣) إلا بعد ان يستبرئها وكذلك ان أراد ان يعتقها ويتزوجها قبل الاستبراء لم يكن له ذلك وكذلك إذا اشتراها (٤) ووطأها وأراد تزويجها قبل الاستبراء لم يجز له ذلك.

وإذا ملك رجل أمة بهبة أو ابتياع أو إرث أو من غنيمة لم يجز له وطؤها حتى يستبرئها ، كبيرة كانت أو صغيرة بكرا أو ثيبا ، تحبل أو لا تحبل الا ان تكون صغيرة لا تحيض مثلها أو كبيرة كذلك ، فإنه ليس على هاتين استبراء.

وإذا باع إنسان أمة لا مرية وقبضتها المرأة ثم إعادتها إليه بإقالة كان الأحوط له ان لا يطأها حتى يستبرئها ، وان لم تكن قبضتها لم يكن عليه استبراء.

وإذا اشترى رجل امة فاستبرأت قبل ان يقبضها بحيضة ، ثم قبضها بعد ذلك لم يعتد بذلك الاستبراء ، فان وصاله بجارية وقبل الوصية بها ، ملكها بنفس القبول ، فإن استبرأت قبل ان يقبضها لم يعتد بذلك الاستبراء. فان ورث امة واستبرأها قبل القبض جاز له ان يعتد بذلك الاستبراء ، لان الموروث في حكم المقبوض (٥).

وإذا اشترى امة حاملا كان استبراؤها بوضع الحمل ، فان وضعت بعد لزوم

__________________

(١) اى فيما كان بينهما أقل وانما ذكره على حدة لمخالفة بعض العامة فإن قيل : مر آنفا انه ان كان موت السيد بعد خروجها عن عدة الزوج لزمها الاستبراء عن السيد أيضا قلنا هذا إذا كان موت الزوج معلوما فرجعت الى السيد بخلاف المقام.

(٢) مر ان عدة الوفاة من بلوغ الخبر فلعل المراد بالمتن أيضا ذلك.

(٣) الصواب « تزويجها ».

(٤) الصواب « استبرئها ».

(٥) قال في المبسوط : لجواز بيعه والتصرف فيه بخلاف المبيع.

٣٣٥

العقد وانقضاء الخيار ، وقع به الاستبراء (١).

وإذا عجزت المكاتبة وفسخ سيدها الكتابة ورجعت الى ملكه ، لم يحل له وطؤها حتى يستبرئها ، وكذلك إذا زوج أمته ثم طلقت (٢) وكذلك إذا ارتد السيد أو الأمة فإنها تحرم عليه فاذا عاد المرتد إلى الإسلام لم تحل له حتى يستبرئها.

وإذا اشترى مجوسية فاستبرأت وأسلمت لم تعتد بذلك الاستبراء لأنه لم تقع به استباحة الوطأ (٣) وكذلك ان اشترى مجوسية وكاتبها وأسلمت واستبرأت وهي مسلمة مكاتبة ثم عجزت نفسها ، لم تعتد بذلك الاستبراء لأنه لم تقع به استباحة الوطأ.

وكل جنس تعتد الحرة به فإن الأمة تعتد به الا أنهما تختلفان في مقداره ولا تتساويان في وضع الحمل (٤) واما الأقراء فالحرة تعتد بثلاثة أقراء ، والأمة تعتد بقرئين ، والأمة المسبية والمشتراة بقرء (٥) ، فاما المشهور فالمطلقة الحرة تعتد بثلاثة أشهر ، والأمة بخمسة وأربعين يوما ، واما المسبية والمشتراة فإنها تعتد بشهر. فان

__________________

(١) زاد هنا في هامش نسخة ( ب ) « وان وضعت في مدة الخيار اما خيار المجلس أو خيار الشرط لم يعتد به في الاستبراء وكأنه لعدم الملك قبل انقضاء الخيار كما يظهر من المبسوط.

(٢) اى قبل الدخول والا وجب عليها الاعتداد بما مر في أول الباب الا ان يكون المراد بالاستبراء هنا أعم على خلاف الاصطلاح.

(٣) بناءا على ما تقدم في النكاح من ان الأمة المجوسية لا يجوز للمالك وطؤها

(٤) الصواب : إلا في وضع الحمل.

(٥) وكذا سائر الإماء المذكورات هنا كالمرتدة والمكاتبة وظاهر المصنف في هذه المسائل ان الاستبراء من قسم الاعتداد وانه من الحقوق فلا يتداخل مع العدة إذا كانا لشخصين كما تقدم وليس عبارة عن تحصيل برأيه الرحم بترك وطئها كيفما اتفق وانه يعتبر فيه ان يكون لاستباحة الوطأ وان يقع في ملكه وقبضه وهذا كله يشكل استفادتها من النصوص وانما حكى عن بعض العامة ولذا قوى في المبسوط خلافه في أكثرها وزاد عليه في الشرائع وغيرها.

٣٣٦

انقطع دمها لعارض (١) استبرأت بخمسة وأربعين يوما.

ومن اشترى امة وادعى انها حامل وانه يستحق ردها فإنها تعرض على القوابل فان شهدن بأنها حامل كان له الرد ، فان صدق المشتري البائع في ان الحمل كان حاصلا في حال البيع كان له الرد على كل حال. فان اختلفا في ذلك ووضعت الحمل لأكثر من أقصى مدة من وقت العقد فيعلم انه من المشترى ويتحقق حدوثه بعد البيع فلا يملك به الرد ، وان أتت به لأقل من ستة أشهر من وقت البيع فيتحقق انه من البائع ويعلم انه كان في حال البيع فيكون له الرد. فإن أمكن ان تأتي به لأكثر من ستة أشهر دون أقصى مدة الحمل كان القول قول البائع مع يمينه لأن الأصل ان لا عيب.

وإذا باع رجل امة فظهر بها حمل فادعى البائع انه منه وانها أم ولده كان مضمون هذا الإقرار ، ان نسب الولد لا حق به وانها أم ولده وان البيع باطل ، فان صدقه المشترى في ذلك ثبت أنها أم ولده وانفسخ البيع ، وان كذبه فان لم يكن اقر فى حال البيع انه قد وطأها لم يقبل إقراره في هذه الحال ، لان الملك قد انتقل الى المبتاع في الظاهر فإقراره لا يقبل في ملك الغير. فإن أقر البائع في حال البيع انه وطأها فإذا أتت بالولد بعد الاستبراء لأقل من ستة أشهر فإن نسبه يلحق البائع بالإقرار المتقدم ويصير أم ولده وينفسخ البيع. فإن أتت به لأكثر من ستة أشهر من وقت الاستبراء لم يلحق البائع.

« باب المفقود وعدة زوجته »

إذا خرج رجل الى بلد وعلم انه مقيم فيه وانه حي فالزوجية بينه وبين زوجته باقية ولا يجوز لها ان تتزوج حتى يحصل لها العلم اليقين ( اليقيني ـ خ ل )

__________________

(١) اى من مرض أو رضاع كما تقدم فهي غير اليائسة التي لا تحيض في العادة وهي في سن الحيض فهذه تستبرأ بشهر والتي تحيض وتطهر عادة لكن ارتفع حيضها للمانع المذكور تستبرأ بخمسة وأربعين يوما وتقدم الفرق بينهما في انقضاء العدة للزوجة بثلاثة شهور.

٣٣٧

بموته. فان فقد ولم يعلم خبره ولا هل هو حي أو ميت لم يزل ملكه عن ماله ، فاما زوجته فإنها ما دامت ساكنة فأمرها إليها. فإن رفعت أمرها إلى السلطان أجلها من يوم رفعت خبرها إليه إلى أربع سنين ويبعث في الافاق من يبحث عن خبره ، فان عرف له خبر كان عليها ان تصبر ابدا. وان لم يعرف له خبر وانقضت اربع سنين وكان لهذا الغائب ولي ينفق عليها ، كان عليها الصبر ابدا. وان لم يكن له ولى فرق الحاكم بينهما فاعتدت عدة الوفاة ، فإن قدم الغائب في زمان العدة كان أملك بها وان قدم بعد انقضاء العدة لم يكن له عليها سبيل. فان قدم الغائب بعد موتها وكانت قد خرجت من العدة أو تزوجت لم يرثها على حال.

« باب إلحاق الأولاد بالإباء ، وأحكام ذلك »

إذا دخل رجل بزوجته وأتت بولد تام على فراشه لستة أشهر من اليوم الذي وطأها فيه ، كان عليه الإقرار به ولم يجز له إنكاره ولا نفيه عن نفسه. وان أتت به لأقل من ستة أشهر جاز له إنكاره (١) ونفيه عن نفسه ، فان نفاه عن نفسه ورافعته زوجته الى الحاكم ، كان عليه ملاعنتها (٢) فإن أقر الرجل به ثم نفاه بعد ذلك عن نفسه لم يكن لهذا النفي تأثر وكان الولد لازما له ولا حقا به.

وإذا كان هذا الولد من زوجة متمتع بها كان عليه أيضا الإقرار به ولم يجز له نفيه وإذا كانت الزوجة غير مدخول بها ، وأو دخل بها الزوج وغاب عنها غيبة تزيد على مدة الحمل ، وجاءت بولد لم يكن والدا له وكان له نفيه عن نفسه. وان كانت له جارية لم يطأها ، أو كان قد وطأها ثم غاب عنها غيبة تزيد على مدة الحمل وجاءت بولد ،

__________________

(١) يمكن كون الجواز هنا بمعنى عدم المنع فقط فان الظاهر كما قيل وجوب النفي في هذه الحال حفظا للنسب عن الضياع وترتب المحرمات.

(٢) اللعان انما يكون إذا أمكن لحوق الولد به شرعا بان كان لستة أشهر أو أكثر فينفيه لما يعلم من نفسه بأمر غير ظاهر واما إذا كان لأقل فهو منتف عنه شرعا بلا لعان فلعل مراد المصنف ما إذا لم يكن له طريق إلى إثباته.

٣٣٨

لم يكن والدا له ووجب نفيه عن نفسه.

وإذا كان لرجل زوجة أو جارية وكان يطأهما ويعزل عنهما وجاءت واحدة منهما بولد ، وجب عليه الإقرار به ولم يجز له نفيه عن نفسه.

وإذا اشترك رجلان أو أكثر منهما في مملوكة ووطأها جميعهم في طهر واحد ثم جاءت بولد ، أقرع الحاكم بينهم فمن خرج اسمه كان الولد لاحقا به.

وإذا وطأ رجل مملوكة له وباعها من قبل ان يستبرئها ، ثم وطأها المشترى لها قبل ان يستبرئها أيضا ، وباعها هذا الثاني للآخر فوطأها أيضا قبل ان يستبرئها ثم جاءت بولد ، كان لاحقا بالذي عنده المملوكة.

وإذا طلق رجل زوجته ثم تزوجت (١) وجاءت بولد لأقل من ستة أشهر ، كان لاحقا بالزوج الأول. وان كان لستة أشهر كان لاحقا بالزوج الثاني.

وإذا باع رجل مملوكته ووطأها المشترى وجاءت بولد لأقل من ستة أشهر ، كان لاحقا بالمولى الأول. وان كان لستة أشهر كان لاحقا بالمولى الذي هي عنده.

وإذا وصل الخبر إلى المرية بطلاق زوجها لها أو بموته ثم اعتدت وتزوجت وجاءت بولد ثم جاء زوجها وأنكر الطلاق وعلم ان شهادة الذين شهدوا بطلاقه أو بموته كانت شهادة زور ، فرق بينها وبين الزوج الثاني ثم تعتد منه (٢) وتعود إلى الأول بالعقد المتقدم دون عقد جديد ويكون الولد لاحقا بالزوج الذي جاء منه ، وفرق بين المرأة وبينه (٣)

__________________

(١) اى بعد العدة كما في النص واما لو تزوجت فيها شبهة فقد تقدم من المصنف انه ان أمكن كونه لهما أقرع بينهما وذكرنا ما فيه.

(٢) اى عدة وطأ الشبهة وهي كعدة الطلاق ثلاثة أقراء أو ثلاثة شهور كما أشار إليه في مسئلة اجتماع العدتين.

(٣) اى بين الولد وكأنه لكون حضانته حينئذ لأبيه دونها لأنها متزوجة كما ورد ذلك فيمن طلق زوجته فتزوجت ثم انه ورد أيضا في نصوص المسئلة هنا ان المرأة لها المهر من الثاني بما استحل من فرجها ويضمن له شاهد الزور بسبب الغرور

٣٣٩

وإذا وطأ رجل امرأة فجورا فحملت منه ثم تزوجها ، لم يجز له إلحاق الولد بنفسه (١) وكذلك ان وطأ مملوكة لغيره فحملت منه ثم ابتاعها منه لم يجز له أيضا إلحاق الولد بنفسه.

وإذا وطأ رجل جاريته ووطأها بعده بلا فصل رجل آخر فجورا وجاءت بولد واشتبه الأمر عليه فيه كان لاحقا به. فان غلب على ظنه بشي‌ء من الأمارات انه ليس منه لم يجز له الحاقة بنفسه ولم يجز له أيضا بيعه. فان حضرته الوفاة ، وصى له بشي‌ء من ماله ولا يورثه ميراث الأولاد.

وإذا ابتاع رجل جارية حاملا ثم وطأها قبل ان يمضي لها أربعة أشهر وعشرة أيام ، لم يجز له بيع الولد لأنه غذاه بنطفته وعليه ان يدفع إليه شيئا من ماله ويعتقه. وان وطأها بعد مضى أربعة أشهر وعشرة أيام (٢) وكان يعزل عنها فإنه يجوز له بيع الولد أيضا.

وإذا كان لرجل زوجة أو جارية يتهمها بفجور وجاءت بولد لم يجز له نفى الولد وكان عليه الإقرار وانما يجوز له مع العلم بأنه ليس منه. وإذا كانت له مملوكة لم يطأها وجاءت بولد ، كان له بيعه على كل حال.

واعلم ان أقل الحمل (٣) أربعون يوما ، وهو مدة انعقاد النطفة وأقله بخروج

__________________

(١) زاد هنا في هامش نسخة ( ب ) « وكذلك ان وطأ مملوكة لغيره فحملت منه ثم تزوجها لم يجز له إلحاق الولد بنفسه »

(٢) عبارة النهاية هكذا « وان كان وطؤها بعد انقضاء الأربعة أشهر وعشرة أيام جاز له بيع الولد على كل حال وكذلك ان كان الوطؤ قبل انقضاء الأربعة أشهر وعشرة أيام الا انه يكون قد عزل عنها جاز له بيع ولدها » والظاهر ان المتن كان كذلك فوقع فيه سقط كما يشهد له لفظة أيضا في آخره والتعليل بالتغذية في اوله والذي ظهر لنا من النصوص انه في المدة المذكورة من حملها لا يجوز له وطؤها وبعدها يجوز مع الكراهة وفي كليهما ان عزل عنها يجوز بيع الولد والا فلا وفي المسئلة خلاف.

(٣) لعل الصواب « أول الحمل »

٣٤٠