المهذّب

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٧
الجزء ١ الجزء ٢

وإذا ابتاع مملوكة ولم يسلم ثمنها إلى البائع ، ثم أعتقها وتزوجها ، ومات عنها ، ولم يترك موروثا من المال غيرها ، ردت في الرق لبائعها ، فإن كانت قد حملت ، كان الحمل رقا له ، وكان عتقه ونكاحه كلاهما باطلا. وان كان قد ترك موروثا يحيط بثمن رقبتها ، كان على الوارث دفع ثمنها إلى بائعها وكان عتقه ونكاحه صحيحين ، ولم يكن لأحد عليها سبيل ، فان كانت حاملا ، كان الحمل حرا لا سبيل لأحد عليه.

وإذا أعتق عبده عند موته ، وعليه دين ، وكان ثمن العبد ضعفي ما عليه من الدين ، كان عتقه ماضيا ، وإذا استسعى العبد في قضاء ما على سيده من الدين. وان كان ثمن العبد أقل من ضعفي الدين كان العتق باطلا.

وإذا كان له من المماليك جماعة ، فأعتق منهم الثلث ولم يعين ذلك ، استخرج بالقرعة ، فمن خرج اسمه كان حرا.

وإذا أعتق مملوكة له حاملا من غيره ، كان حملها معتقا ، فان استثناه من الحرية لم يثبت له رق مع مضى الحرية في امه.

وإذا مات وترك مملوكا ، وشهد بعض الوراث ان سيده الميت أعتقه ، نظر فان كان مرضيا وشهد معه غيره بما شهد به ، انعتق المملوك ، ولم يكن لأحد عليه سبيل ، وان لم يكن مرضيا ، مضى العتق في حصة منه ، واستسعى المملوك فيما بقي منه.

وإذا نذر عتق رقبة مؤمنة. ثم أراد عتق صبي غير بالغ ، كان ذلك جائزا.

وإذا أبق المملوك وأراد سيده عتقه في الكفارة ، كان جائزا إذا لم يعلم بموته.

وإذا مات العبد وعليه دين نظر فان كان سيده اذن له في الاستدانة ، كان عليه قضاءه ، وان لم يكن اذن له في ذلك ، لم يجب عليه القضاء.

__________________

الناذر فيما مر أول عدد يملكه وفي هذا يمكن كون المراد أول بطن تلده ولذا كان ظاهر النص والفتوى عدم الفرق بين ولادتهما في آن واحد أو متعاقبا.

٣٦١

وإذا أعتق عبده عن دين (١) وكان عليه عتق رقبة واجبة لم يكن مجزئا عنه.

وإذا بلغ الغلام عشر سنين ، جاز عتقه وصدقة إذا كان على وجه المعروف.

وإذا كان له مملوك ، وكان يقوم بأحواله ويحسن اليه ، فأراد البيع ، (٢) كان سيده مخيرا في ذلك ، ولم يجب عليه بيعه.

وإذا اوصى بعتق رقبة غير معينة ، جاز له ان يعتق رقبة ، ذكرا كان أو أنثى.

وإذا كان عبد بين ثلاثة : لواحد منهم نصفه ، والأخر سدسه ، فأعتق صاحب النصف وصاحب السدس ملكيهما معا في وقت واحد ، اشتريا نصيب الثالث ، وكان عليهما قيمة الثلث بينهما ، (٣) لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ (٤) من أعتق شركا له من عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبد ، قوم العبد قيمة العدل ، فاعطى شركائه حصصهم ، وعتق العبد ، فعلق الضمان بأن أعتق شركا له من عبد ، وقد اشتركا (٥) في هذا المعنى ، فكانا سواء في الضمان.

وقد ذكرنا فيما تقدم ان من ملك أحد أبويه أو من لا يجوز عليه نكاحه من أقاربه انعتق عليه في الحال ، ولم يلحق بذلك ما يتعلق به (٦) ، لان ذلك الموضع اقتضى

__________________

(١) الصواب « عن دبر » يعني إذا دبر مملوكه لم يجزه عن عتق وجب عليه في كفارة ونحوها وان كان ذلك بعد موته كما في النص.

(٢) أي أراد العبد من سيده ان يبيعه والمذكور في النص فلا يبعه ولا كرامة له اى لا يجب إجابته.

(٣) أي نصفين وان اختلف ملك المعتقين كما في هامش نسخة ( ب ) وتقييده بوقت واحد لأنه إذا أعتق أحدهما نصيبه أولا ، ضمن نصيب الآخرين.

(٤) رواه مسلم في كتابي العتق والايمان من صحيحه ومضمونه موجود في اخبار الخاصة كما في الوسائل الباب ١٨ من العتق وفي بعضها التقييد بما كان قصده الإضرار كما تقدم في المتن والمراد بالشرك في الخبر ، النصيب.

(٥) اى صاحب النصف وصاحب السدس.

(٦) اى ذكرنا فيما تقدم أصل المسئلة ولم نتعرض لما يتعلق بها من الفروع لان المناسب هناك هو الإجمال المذكور.

٣٦٢

إيراده على الجملة التي ذكرناها.

ونحن نذكر الان ما يتعلق بذلك ، ومن (١) إذا ملك مما ذكرناه وانعتق عليه فلا يخلو من ان يملك جميعه أو بعضه فاذا كان ملك جميعه ينعتق عليه وكذلك إذا ملك بعضه انعتق بعضه لأن الذي يقتضي عتق الجميع ، يقتضي عتق البعض ، فاذا ملك بعضه ، عتق عليه ذلك البعض ، فاذا صح عتقه نظر فان كان معسرا ، لم يقوم عليه نصيب شريكه ، وان كان موسرا وكان قد ملكه باختياره ، قوم عليه ذلك لأنه يملكه مع العلم بأنه يعتق عليه وان ملكه بغير اختياره مثل ان ورث ذلك البعض ، فإنه لا يقوم عليه الباقي ، لأن القدر الذي عتق عليه ، لم يقصد به إدخال الضرر على شريكه (٢).

وإذا أعتق بعضه بغير قصد مالكه الى الضرر لم يقوم عليه كما لو اوصى بعتق نصف مملوك ، فإنه ينعتق بعضه بعد وفاته ، ولا يقوم على الوارث الباقي من الرق ، لأنه لا صنع له في عتق الذي انعتق منه.

وإذا اوصى لصبي أو مجنون لكل واحد منهما بمن يعتق عليه ، مثل ان اوصى لأحدهما بأحد آبائه ، وللآخر (٣) بأحد أبنائه ، فهل يجب على وليه القبول لذلك أم لا يجب ذلك عليه ، فإنه ينظر فيه فان كان في الموضع الذي لا يقوم عليه ، (٤)

__________________

(١) كان الصواب « ومن ذلك » اى ومما يتعلق بها انه إذا ملك إلخ.

(٢) ونحوه في المبسوط الا انه قال لأنه لا صنع له في عتق ما عتق منه لكنه قال في الخلاف : يقوم عليه ما بقي ان كان موسرا وحكى عن الشافعي انه لا يقوم عليه لأنه بغير اختياره ثم استدل لما اختاره بإجماع الفرقة واخبارهم والظاهر ان قول المصنف : وإذا أعتق بعضه إلخ من متممات الاستدلال المذكور فهو كبرى لما قبله وقوله كما لو اوصى إلخ تمثيل له بالوصية بعتق بعض المملوك وانه لا يقوم الباقي على الوارث لما ذكر.

(٣) اى المجنون كما في المبسوط وذلك لان الصبي لا يكون له ابن.

(٤) ذكر في المبسوط تفصيل الذي يقوم عليه والموضع الذي لا يقوم عليه.

٣٦٣

قبل الولي له ذلك ، وان كان في الموضع الذي يقوم عليه ، لم يقبل ذلك له.

« باب الولاء »

انما يثبت الولاء لسبب ، والسبب ضربان :

أحدهما : العتق ، والأخر : تضمن الجريرة :

فأما ما سببه العتق فهو ولاء كل من أعتق تطوعا لوجه الله فمن أعتق لذلك ، كان ولاءه لمن أعتقه وجريرته عليه ، فان كان سيده في حال عتقه قد تبرأ من جريرته ، واشهد على ذلك شاهدين ، وجعلها سائبة ، فإنه لا يكون ولاءه له ، ولا ضمان جريرته عليه.

وولاء أولاد المعتق (١) وان سفلوا لمن أعتق آبائهم إذا كانوا أحرارا في الأصل فإن كانوا معتقين (٢) ، كان ولاءهم لمن أعتقهم دون الذي أعتق آبائهم.

وإذا مات المعتق (٣) ورث ولاء مواليه أولاده الذكور دون الإناث ، فان لم يكن له أولاد ذكور ، وكان له بنات ، كان ولاء مواليه لعصبته دون غيرهم ، لأنهم هم الضامنون لجريرته.

وإذا كان المعتق امرأة (٤) ، ولها موال وعصبة وأولاد ذكور وإناث. كان ولاء مواليها لعصبتها دون أولادها ، وإذا كان للمعتق أخ لأبيه ، أو لأبيه وامه وعصبة ، كان ميراثه لأخيه ، وكذلك ان كان له أبوان ، فإن ولاء مواليه لأبويه دون عصبته ،

__________________

(١) بفتح التاء على صيغة المفعول.

(٢) اى من غير مولى الأب كما إذا تزوج الأب بأمة لغير مولاه وشرط مولاها كون الولد رقا له.

(٣) على صيغة الفاعل.

(٤) اى وماتت إذ لا إشكال في كون الولاء لها في حياتها والعصبة هم الذكور المتقربون الى الميت بأبيه وظاهر العبارة التالية أنهم غير الاخوة لكن يمكن كون المراد تقديمهم على سائر العصبة.

٣٦٤

لأن العصبة انما يأخذ الميراث إذا لم يكن غيرهم ، أو يكون الذي خلفهم الميت إناثا (١).

واما ما سببه تضمن الجريرة : فهو ولاء كل معتق كان سائبة ، وتوالى الى غيره تضمن جريرته ، والمعتق انما يكون سائبة بأن يعتق في شي‌ء من الكفارات الواجبة ، أو يتبرأ معتقه من جريرته ، فاذا كان كذلك ، كان سائبة لا ولاء لأحد عليه ، الا ان يتوالى هو الى من يضمن جريرته ، فيكون ولاءه له. فان لم يتوال الى إنسان حتى مات ، وخلف موروثا ، كان لبيت المال ، ولا يصح هبة الولاء على وجه من الوجوه ، وكذلك بيعه لا يصح على حال من الأحوال. (٢)

« باب التدبير »

الشروط التي يصح التدبير معها هي شروط العتق ، وقد تقدم ذكرها. واما صفته فهو ان يقول الإنسان لمملوكه : « أنت رق في حياتي وحر لوجه الله بعد وفاتي » فإذا قال كذلك ، صح التدبير ، سواء كان هذا القول في صحة أو مرض. وكذلك ، صح التدبير ، سواء كان هذا القول في صحة أو مرض.

وكذلك لو قال : « أنت حر لوجه الله إذا مت ، أو ان مت ، أو ان حدث بي حدث

__________________

(١) مقتضاه انه لو خلف الام وحدها لا ترث من ولائه ولا يبعد الإشكال في إرثها مع الأب أيضا كما في جواهر الكلام لظهور بعض النصوص في اختصاص إرث الولاء بالرجال كمامر في المتن بالنسبة إلى الأولاد واعلم ان مسائل إرث الولاء طويل الذيل وكثير الخلاف وما في المتن موافق لنهاية الشيخ.

(٢) وهنا سببان آخران للولاء أحدهما إذا اشترى عبد بمال الزكاة وأعتق فولاية للمستحقين للزكاة كما في النص والثاني إذا أسلم كافر على يد مسلم فولاية لهذا المسلم لكن الأول ملحق بولاء العتق المذكور غايته انه لا يلزم فيه إعتاق الشخص والثاني خلاف المشهور بل الإجماع المحكى كما في المبسوط والخلاف لكن وردت به اخبار من الخاصة والعامة أوردناه في التعليق على ميراث جواهر الكلام والله العالم.

٣٦٥

الموت ، أو أنت محرر أو أنت عتيق بعد موتي ، أو أنت مدبر » ويريد بذلك عتقه بعد موته ، أو ما أشبه ذلك من الألفاظ ، كان جاريا مجرى الأول.

وإذا دبر مملوكه على ما ذكرناه فهو مملوك ما دام السيد حيا ، وللسيد الرجوع في تدبيره وبيعه وهبته وغير ذلك ، أو يجعله صداقا ، والتدبير جار مجرى الوصية ، فإن بدا له تغييرها ( فان بدلها بغيرها ـ خ ل ) قبل موته ، بطل منها ما رجع فيه ، وان تركها حتى مات ، كانت ماضية من الثلث ، فان مات السيد ولم يرجع عن التدبير ، كان من الثلث ، فان زاد عليه ، استسعى المدبر في ما يبقى ، فان نقص عن ذلك كان معتقا.

ويستحب لمن دبر مملوكه ان يشهد على تدبيره له ، وكذلك ان رجع في تدبيره ، وليس ذلك بواجب عليه ، ويجوز لسيد المدبر ان يبيع خدمته ، وإذا ثبت (١) على تدبيره ولم يرجع عنه ، فيشترى المشترى كذلك ، فيخدمه أيام حياته الذي دبره : فاذا مات ، عتق من الثلث.

وإذا كان له جارية مدبرة ، جاز له وطؤها ، وولد المدبرة الذي تأتي به (٢)

__________________

(١) الصواب « إذا ثبت » بدون الواو كما في المختلف عن هذا الكتاب فهو قيد لما قبله كما ان الصواب في السطر التالي « حياة الذي » وبالجملة ظاهر المصنف وجماعة كالشيخ في كتبه انه إذا لم يرجع المولى عن تدبيره قولا أو عملا ببيع العبد ونحوه جاز له بيع خدمته ما دام حيا فاذا مات صار العبد حرا لظاهر النصوص كما عن الوسائل الباب ٣ من أبواب التدبير ولا مانع من إطلاق البيع مجازا على نقل الخدمة ومن اغتفار الجهالة هنا لجهالة موت المولى تعبدا كما في باب السكنى والعمرى فلا داعي لحمل النص وكلام الأصحاب على الإجارة مدة معينة ثم مدة أخرى وهكذا.

(٢) اى من غير مولاها كما إذا زوجها بعبد أو حر وشرط كون ولدها له ومورد النص هو التزويج بالحر ولم يذكر فيه هذا الشرط لكنه محمول عليه لوضوح عدم الرقية بدونه.

٣٦٦

في حال كونها مدبرة ، كهيئتها ، ويجرون مجراها يعتقون بعتقها ، ويكونون رقا برقها ما تمادى السيد في التدبير ، وله ان يرجع عن تدبيرها دونهم ، ولا يجوز له نقض تدبير الأولاد ، وانما له نقض تدبير الام دونهم.

وإذا اشترى المدبر جارية بإذن سيده فولدت منه أولادا ، ثم مات المدبر قبل سيده ، كان ما خلفه من مال ومتاع وأم ولده لسيده ، فاذا مات السيد انعتق الأولاد بعد ذلك.

وإذا دبر ما في بطن أمته دون الام ثم مات ، كان الولد مدبرا إذا وضعته قبل ان يمضي ستة أشهر من وقت التدبير ، فاذا وضعته بعد ان يمضي ستة أشهر ، (١) لم يجبر الورثة على عتقه ، ويستحب لهم ان لا يبطلوا العتق عما وضعته الأمة ، إلا إذا جاوز تسعة أشهر.

وإذا باع السيد أمته التي دبرها (٢) في بطنها من غير ان يستثني ولدها ، كان بيعه لها رجوعا عن تدبير ما في بطنها.

وإذا دبر أمته وهو لا يعلم انها حامل ، ولم يذكر في تدبيره ما في بطنها كان التدبير لهما ، (٣) وكذلك : ان حدث الحمل بعد التدبير ، كانا جميعا مدبرين ويعتقان معا من الثلث فان كان قيمتهما أكثر من الثلث ولم يجز الورثة ذلك سعيا في الزيادة.

__________________

(١) قيل لاحتمال تأخر الحمل عن التدبير وانما توهم المولى وجوده قلت ظاهرهم أعم مما علم بوجوده كما هو الغالب فلعله كان ذلك منصوصا لم يصل إلينا.

(٢) الصواب « دبر ما في بطنها » كما عن بعض النسخ أو « دبرها وما في بطنها » والحكم المذكور صالح لهما.

(٣) من قوله : « وإذا دبر الى ما في بطنها » زيادة في هامش نسخة ( ب ) تصحيحا وحكاه في المختلف أيضا عن المصنف كذلك ومقتضاه انه لو كان عالما بحملها ودبرها كان الولد رقا والمذكور في النص عكس ذلك كما ذكره الشيخ في النهاية وحكاه أيضا في المختلف عن المصنف قبل النقل الأول والله العالم.

٣٦٧

ويجوز له تدبير حصته من مملوكه (١) فان مات الذي دبر حصته في مملوك كان بمنزلة الذي يعتق الحصة في العبد (٢).

وإذا قال لمملوكه أنت حر ان حدث بي موت في مرضى هذا أو في سفري هذا ، لم يكن ذلك تدبيرا إذا صح أو قدم؟! وكذلك : ان قال له أنت حر بعد موت زيد ، فان مات السيد قبل موت زيد ، كان للوارث بيع المملوك.

وإذا قال كل مملوك لي حر بعد وفاتي كان جميع ما في ملكه في حال هذا القول منه مدبرا ، وما يملكه بعد ذلك لا يدخل في التدبير.

وإذا قال له أنت حر إذا جاءت سنة كذا أو شهر كذا أو يوم كذا ، فحضر الوقت الذي ذكره وهو في ملكه ، كان حرا وله ان يرجع في ذلك كله بان يخرجه من ملكه ببيع أو هبة أو غير ذلك كما له الرجوع في تدبيره.

وإذا قال له متى ما قدم زيد فأنت حر ، ومتى ما صح عمرو من مرضه فأنت حر كان له بيعه قبل قدوم زيد أو ان يبرء عمرو ، فان قدم هذا أو برأ هذا من مرضه وهو في ملكه عتق عليه.

وإذا قال كل عبد لي حر بعد وفاتي وكان له شقص في عبد لم يدخل الشقص في التدبير الا ان يكون إرادة فان اراده دخل في ذلك ، وان قال العبد المدبر لسيده عجل لي العتق ولك الف درهم فقال نعم وأعتقه ، كان ذلك عتقا على مال وهو حر وعليه الالف وبطل التدبير.

وإذا كان على سيد المدبر دين ، يحيط بجميع ماله جاز بيع المدبر في ذلك الا انه لا يباع فيه الا بعد ان لا يوجد له قضاء الا ببيعه؟! أو يقول السيد أبطلت التدبير.

وإذا ارتد المدبر ولحق بدار الحرب ثم عاد الى سيده بالملك الأول فتاب

__________________

(١) أي إذا كان مشتركا بين اثنين أو أكثر.

(٢) تقدم انه لو أعتق حصته ضمن حصة شريكه في الجملة فهنا أيضا يضمنها في تركته ويأتي قريبا انه من الثلث.

٣٦٨

كان تدبيره ثابتا (١) ، ولو أخذ أسيرا فأخذه سيده قبل القسم أو بعده كان على تدبيره؟! فان ارتد سيده ولحق بدار الحرب وعاد تائبا قبل ان يحكم الحاكم بقسمة ماله كان على تدبيره ، لان ذلك جار مجرى موته (٢).

وإذا دبر أمته ووطأها وولدت ، كانت أم ولد وتنعتق بموته.

وإذا قال لعبده المدبر إذا أديت الى ألف درهم الى سنة ، فأنت حر لم يبطل التدبير بذلك؟! فإن أدى المال في الأجل عتق ، وان مات السيد قبل ان يؤديه عتق بالتدبير.

وإذا دبر عبده ثم خرس فلم يتكلم حتى مات كان على تدبيره فإن أشار بإشارة يفهم منها رجوعه عن تدبيره (٣) في حال الغلبة على عقله لم يصح رجوعه؟! وكان المملوك باقيا على تدبيره.

وإذا دبره وهو مغلوب على عقله ، ثم تاب ( آب ـ خ ل ) اليه عقله ، ولم يجدد له تدبيرا كان تدبيره باطلا.

وإذا أثبت المملوك على سيده شاهدين بأنه دبره ، والسيد ينكر ذلك ، قيل له ان أردت فارجع عن تدبيره (٤) ، كان عليهم البينة بما ادعوه! ولا يجوز في ذلك

__________________

(١) يأتي ان إباق العبد مبطل لتدبيره ولحوقه بدار الحرب إباق كما في المبسوط وغيره.

(٢) التعليل لا يناسب ما قبله والظاهر ان فيه سقطا ولعله « وان كان ارتد عن فطرة صار حرا » وذلك لما تقدم في آخر باب اللعان من ان هذا المرتد بحكم الميت في قسمة ماله بين الورثة وبينونة زوجته واعتدادها عدة الوفاة ولذا قال في المسالك وربما قيل بانعتاقه بالارتداد عن فطرة تنزيلا له منزلة الموت انتهى ثم ان تقييد المصنف في الأول بقبل حكم الحاكم لأجل انه إذا كان بعده زال عنه الملك فيبطل تدبيره.

(٣) في هامش نسخة ( ب ) هنا « أو كتب كتابا بذلك كان كرجوعه عنه باللفظ وإذا دبره وغلب على عقله فرجع عن تدبيره ».

(٤) في هامش نسخة ( ب ) هنا « وليس عليك شي‌ء فان أقام الشاهدين بعد وفاة سيده فادعى الوارث رجوعه عن تدبيره » ونحوه في المبسوط مع تفصيل زائد.

٣٦٩

شاهد واحد ، ويمين المدعى للوارث (١) ولا للملوك؟! فإن أنكر الورثة التدبير ولم يكن للمملوك بينة حلف الورثة ما علموا (٢) أن أباهم دبره فاذا حلفوا كان رقيقا؟فان نكلوا عن اليمين عتق من الثلث ولهم استحلافه إن أرادوا منه ذلك ، فان حلف بعض الورثة ونكل بعض عتق منه نصيب من نكل عن اليمين ولم يعتق نصيب من حلف.

وإذا كاتب السيد مدبره لم يبطل التدبير بالمكاتبة فإن أدى الكتابة قبل موت سيده عتق وبطل التدبير ، وان مات سيده قبل وكان يخرج من الثلث عتق وبطلت منه السعاية؟! وان لم يخرج من الثلث عتق منه ما خرج منه ويبطل عنه من مال الكتابة بقدر ما عتق منه ويسعى ما بقي؟! وان مات السيد وليس له من المال غيره ولم يكن ادى من الكتابة شيئا عتق منه الثلث وسعى في ثلثي القيمة ان شاء أو ثلثي الكتابة.

وإذا دبر مكاتبه كان المكاتب مخيرا بين نقض الكتابة ويبقى مدبرا وبين المضي على الكتابة؟! فان مات وليس له مال غيره ، سعى في الأقل من ثلثي المكاتبة ( القيمة والكتابة ـ خ ل ).

وإذا كان له عبدان فكاتبهما مكاتبة واحدة على الف درهم وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه ثم دبر أحدهما ومات السيد عتق المدبر ورفعت حصته من المكاتبة وأخذ الوارث بحصة الأخر أيهما شاءوا فإن أخذ بها المدبر رجع بها على صاحبه.

وإذا كان العبد بين اثنين فدبر أحدهما نصيبه كان نصيبه مدبرا وليس عليه

__________________

(١) يعني إذا كان المدعى للرجوع هو الوارث وجب عليه شاهدان ولا يكفى شاهد واحد ويمينه وكذا ان كان المدعى للتدبير هو المملوك والوجه فيه ان الشاهد الواحد ويمين المدعى انما يكتفى به في الأموال فقط دون مثل المقام.

(٢) اى يحلفون على نفى العلم بتدبير الأب ولا يلزمون بالحلف على نفى تدبيره.

٣٧٠

لشريكه قيمة فان مات فعتق نصف العبد كانت بقية القيمة من الثلث ، فان لم يكن في الثلث فضل كان مخيرا بين ان يعتق وبين ان يستسعى (١).

وليس للمدبر ولا لام الولد مال وما يكون معهم من ذلك فهو لساداتهم حتى يعتقوا.

وإذا دبر ذمي مملوكه فأسلم المملوك قيل له ان أردت الرجوع في التدبير بعناه عليك وان لم ترده حيل بينك وبينه وادى خراجه إليك حتى تموت فيعتق أو تستسعيه ان اتفق معك على ذلك أو ترجع فنبيعه (٢).

والحربي إذا دخل دار الإسلام بأمان فدبر عبدا له كان جائزا؟! فإن أراد الرجوع الى دار الحرب لم يمتنعا ( لم يمنعا ـ خ ل ) من ذلك؟! فإن أسلم المدبر قيل للحربي إن رجعت في التدبير بيع عليك ولم يمنع من ذلك وان لم ترجع خارجناه لك (٣) ومنعناك خدمته فإن أردت العودة الى بلدك وكلت بخراجه إن شئت من يقبضه فاذا مت كان حرا وان اتفقت معه على السعاية سعى لك في قيمته ، فان كان التدبير حصل في دار الحرب وخرج مستأمنا والعبد معه فأسلم العبد بيع عليه على كل حال.

وإذا دبر المرتد مملوكه وتاب قبل ان يحكم الحاكم في ماله جاز تدبيره ،

__________________

(١) لعل المراد ان الشريك الأخر مخير بين ان يبطل عتق النصف المدبر وبين ان يبقيه ويستسعى العبد في نصيبه وذلك لما مر هنا من ان تدبير الشريك لحصته بمنزلة إعتاقه وقد مر في الإعتاق انه ان كان موسرا ضمن حصة شريكه وان كان معسرا بطل إعتاق حصته ومن المعلوم ان عدم فضل في الثلث كالإعسار لكن تقدم هناك أيضا انه ان كان قصده من إعتاق حصته ، القربة صح على كل حال ويستسعى العبد في الباقي ومقتضاه ان يكون المقام كذلك.

(٢) صححت عبارات مسئلة من المختلف وجواهر الكلام.

(٣) المخارجة الضريبة وهي يضرب المولى على عبده شيئا معينا من كسبه في كل يوم فيكسب العبد لنفسه بما أراد ويؤدى الى مولاه ما ضرب عليه وهو المسمى. بالخراج هنا وما زاد عليه فهو له وهي جائزة شرعا إذا كان كسبه يفي بنفقته وخراجه

٣٧١

وان لحق بدار الحرب أو قتل أو قسم ماله كان تدبيره باطلا.

وإذا مات سيد المدبر وفي يده مال افاده قبل موت سيده كان ميراثا لورثة سيده ، فان قال أفدته بعد موت سيدي كان القول قوله مع يمينه وعلى الوارث البينة بأنه أفاد ذلك المال قبل موت سيده ، فان قامت البينة على المال أو بعضه أخذ واما ما قامت البينة عليه (١) ، فان قال المدبر كان في يدي في حياة سيدي لغيري وانما ملكته بعد وفاة سيدي ، كان القول قوله مع يمينه الا ان تثبت البينة بأنه كان في يده في حياة سيده يملك سيده.

وإذا كان المملوك بين شريكين فيه قد أعتق أحدهما نصيبه ودبر الأخر بعده نصيبه ، فان كان المعتق موسرا ضمن الذي (٢) دبر قيمة حصته ، والعبد حر وولاؤه له ، وان كان معسرا كان الذي دبر نصيبه مخيرا بين ان يعتق أو يستسعى العبد في قيمة حصتة

وإذا مات السيد وخلف امة مدبرة ومعها ولد (٣) ، فقال الوارث ولدته قبل التدبير وقالت هي ولدته بعد التدبير فالقول قول الوارث لأنها تدعي إخراج شي‌ء من ملكهم ، فإن أقامت المدبرة البينة ، بأن الولد ولدته بعد التدبير كان حرا.

وإذا دبر إنسان في حال صحته رقيقا بعضهم قبل بعض وفي مرضه آخرين كذلك واوصى بعتق آخرين بأعيانهم ، ابتدأ بالوصية الاولى (٤) الى ان يستغرق الثلث ، فان اشتبه عليه الأمر في ذلك استعمل القرعة.

وإذا دبر امة فولدت أولادا بعد التدبير ثم مات فعجز الثلث عن قيمتهم عتق

__________________

(١) اى لم تقم البينة على انه استفاد هذا المال في حياة السيد وانما قامت على انه كان في يده في حياته.

(٢) الصواب « ضمن للذي » لما تقدم في العتق من ان الشريك إذا أعتق نصيبه من العبد ضمن قيمة الباقي لشريكه.

(٣) اى وهو مملوك وقد تقدم انه ان ولدته بعد تدبيرها فهو أيضا مدبر.

(٤) اى التدبير لما تقدم من انه جار مجرى الوصية في خروجه من الثلث ومقتضى المتن ان يكون تنجيز العتق في مرض الموت أيضا كذلك.

٣٧٢

من كل واحد ما يحتمله الثلث من جميعهم ، ويستسعى في قسطه من الزيادة لأنهم كلهم بمنزلة عتقه واحدا من جملة الثلث ولا يجرون مجرى الذين ذكروا في باب القرعة (١)

وإذا دبر ما في بطن جاريته من الحمل كان جائزا؟! فإذا كانت الأمة بين شريكين فدبر أحدهما ما في بطنها فان ولدته لأكثر من ستة أشهر لم يحكم بتدبيره؟! وان ولدته لأقل من ستة أشهر حكم بذلك.

وإذا قال أحدهما ما في بطنك حر بعد وفاتي وقال الأخر للأمة أنت حرة بعد وفاتي فولدت لأقل من ستة أشهر ، كان الولد مدبرا بينهما وحصة الذي دبر الام مدبرة مع الام والولد؟! فان ثبت على ذلك ومات رجع شريكه بقيمة نصف الأم في ثلثه ان كان فيه فضل أو ما كان فيه واستسعى الأم في باقي نصف قيمتها؟! فان ماتا جميعا ثابتين على تدبيرهما لم يكن لأحد من الورثتين رجوع على الآخرين في نصف قيمة الام (٢) ان كان في ثلثه فضل لذلك ولا استسعوا الأم في نصف قيمتها.

ولا يجوز عتق المدبر في شي‌ء من الكفارات الواجب فيها العتق الا بعد ان ينقض تدبيره وإذا أبق المدبر بطل تدبيره؟! فان رزق ولدا في حال إباقه أو مالا ثم مات سيده كان جميع ما خلفه من مال وولد لوارث المدبر له وإذا حصل للمدبر مال كان ذلك لسيده يفعل فيه ما شاء فان باعه كان له أخذ ما معه من ذلك.

وإذا جعل السيد خدمة عبده لغيره وشرط انه إذا مات المستخدم له كان حرا كان جائزا؟! فان مات المستخدم له كان حرا؟! فإن أبق هذا المملوك ولم يعد الا بعد موت من جعلت خدمته له ، لم يكن لأحد عليه سبيل؟ فان جعل سيده خدمته لنفسه مدة

__________________

(١) لأن القرعة انما تكون في مورد له واقع معين لكنه مشتبه كما في الفرع المتقدم أو لم يكن له واقع معين أصلا فيقرع لرفع التشاح أو مصلحة أخرى كما تقدم في من نذر عتق أول ما يملكه فملك جماعة دفعة واما في المقام فالمعتق معلوم وهو بعض من كل واحد من الأولاد إذا لم يف الثلث بجميعهم.

(٢) يظهر منه ان حصة الذي لم يدبر الام تسقط بتدبيره لحصته من ولدها إذا مات ثابتا على تدبيره ولم اعرف وجهه.

٣٧٣

من الزمان ثم يكون حرا بعد ذلك كان جائزا ، فإن أبق المملوك قبل انقضاء العدة انتقض التدبير (١) فان وجده ذلك كان مملوكا له يفعل به ما يشاء.

« باب جناية المدبر وعليه »

إذا جنى المدبر كان كالعبد ان شاء سيده تطوع عنه بإخراج أرش الجناية فإن فعل بعد (٢) ذلك لم ينقض التدبير فان لم يفعل كان عليه تسليمه وذلك رجوع عن تدبيره. فان كانت الجناية تستغرق رقبته بيع فيها ويدفع الى المجني عليه أرش جنايته ، فان نقص ثمنه عن الجناية لم يلزم سيده إتمام ذلك؟! فان كانت الجناية قليلة وثمن المدبر كثيرا قيل لسيده ان أردت أن تباع جميعه فيدفع الى المجني عليه أرش الجناية ويدفع إليك الباقي من الثمن فعلنا ، لأنه قد كان له بيعه من غير جناية منه ، وان أردت افتديته بما وجب في عتقه (٣) من الجناية ، وان أردت بيع منه بقدر أرش الجناية وكان ما بقي مدبرا بمنزلة العبد ما دام سيده حيا.

وإذا جنى على المدبر بتلفه أو بتلف بعضه فأخذ سيده قيمته أو أرش ما أصيب منه ، كان مالا من ماله ان اختار جعله في مثله ، وان اختار فعل فيه ما شاء فان كان الذي جنى عليه عبدا يسلم اليه والمدبر حي فهو على تدبيره ، والقول في العبد المسلم في جرح المدبر الى سيد المدبر كالقول فيما أخذ من أرش الجناية عليه من عين أو ورق فان شاء جعله مدبرا معه ، وان شاء باعه أو فعل به ما أراد.

وإذا جنى المدبر أو الجارية المدبرة جنايات يبلغ أرشها مأة من الإبل ، ولم

__________________

(١) يظهر منه ان هذا من قسم التدبير فيشمله ما دل على ان الإباق مبطل له والفرق بينه وبين ما قبله بالنص لكن الظاهر من تعريفهم له في أول الباب اختصاصه بالعتق بعد موته ولم أر نصا للمقام بل تقدم في العتق خلافه في فرع آخر يشبه هذا.

(٣) اى فعل السيد ذلك بعد الجناية

(٢) الأصوب « في عنقه » بالنون

٣٧٤

يكن قيمة الجاني خمسا من الإبل ، وللمدبر مال وولد فما له لسيده وليس للمجنى عليه فيه حق.

وإذا ضرب إنسان بطن امرأة مدبرة فألقت جنينها ميتا وماتت؟! كان في الجنين عشر قيمة امه يوم جنى عليها وفي الأم قيمتها وكان جميع ذلك للسيد يفعل فيه ما أراد؟فإن ألقت جنينا حيا ثم ماتت ومات كان فيها قيمتها وفي الجنين قيمته لأنه إذا كان حيا فحكمه حكم نفسه ، وإذا كان ميتا فحكمه حكم امه.

« باب المكاتبة »

المكاتبة جائزة في شرع الإسلام؟ بدليل قوله تعالى ( فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) (١) وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : « من أعان غارما أو غازيا أو مكاتبا في كتابته اظله الله يوم لا ظل الأظلة » (٢) فإذا كانت المكاتبة جائزة كما ذكرناه فكاتب إنسان مملوكه ذكرا كان أو أنثى على مبلغ معين من المال يؤديه إليه في نجوم معلومة كان جائزا؟ وهي ضربان أحدهما : مطلق والأخر : مشروط ، فاما المطلق : فهو ان يكاتب عبده أو أمته على مال معين في نجوم معلومة ولا يشرط عليه انه متى عجز كان ردا في الرق والمشروط ، هو ان يشرط على عبده أو أمته في حال المكاتبة انه ان عجز عن أداء ذلك كان ردا في الرق؟ وله جميع ما أخذ منه.

فاذا كاتب إنسان مملوكه مكاتبة مطلقة على ما بيناه ، وادى شيئا من مكاتبته ، انعتق منه بحساب ذلك ، ولم يكن لسيده عليه ، سبيل ، فان مات المكاتب وترك مالا وولدا ورث سيده منه بمقدار ما بقي له من العبودية ، وكان الباقي لولده إذا كانوا أحرارا؟ فإن كان المكاتب قد رزق ولدا بعد المكاتبة من مملوكة له كان حكم ولده كحكمه

__________________

(١) النور : ٣٣

(٢) مسند ابن حنبل ج ٣ ص ٤٨٧ ومستدرك الحاكم ج ٢ كتاب الجهاد ص ٨٩ بإسنادهما عن سهل بن حنيف باختلاف يسير في اللفظ وأورده في المبسوط عن سهل كما في المتن الا ان فيه « عاتقا » بدل « غارما »

٣٧٥

في انه يسترق مولى أبيه منه بقدر ما بقي على الأب ، فإن أدى الابن ما كان بقي على أبيه صار حرا ولم يكن لسيده عليه سبيل فان لم يكن له مال استسعاه سيد أبيه مما بقي على الأب فإذا أدى ذلك صار حرا وإذا أدى هذا المكاتب بعض مكاتبته كان ممن يرث ويورث بحساب ما عتق منه ، ويمنع الميراث بقدر ما بقي من الرق وكذلك : إذا اوصى له كانت الوصية ماضية بقدر ما تحرر منه ويمنع بقدر ما بقي من رقه.

وإذا كان المكاتب عليه مشروطا على ما تقدم ذكره وعجز عن أداء ثمنه؟ وحد عجزه أن يؤخر نجما الى نجم أو يعلم من حاله انه لا يقدر على فك رقبته ، كان ردا في الرق ، وان كان قد أدى شيئا من مكاتبته كان لسيده.

ويستحب لسيده إذا عجز بتأخيره نجما الى نجم ( أو يعلم من حاله انه لا يقدر على فك رقبته ) (١) ان لا يرده الى الرق بل يصبر حتى يوفيه.

وإذا مات هذا المكاتب وخلف مالا وولدا؟ كان ما خلفه لسيده وكان ولده مملوكا له ، ( لسيده ـ خ ل ) وليس يجوز لهذا المكاتب التصرف في نفسه بتزويج ولا هبة مال ولا بعتق ما دام يبقى عليه شي‌ء من مكاتبته؟ وانما يجوز له التصرف في ماله بالبيع والشراء إذا اذن له سيده في ذلك.

وإذا كان مأذونا له في الاستدانة وحصل عليه دين كان على سيده ضمان ذلك؟

وإذا كان المكاتب مملوكة وكانت قد أدت من مكاتبتها شيئا حرم على مولاها وطؤها بملك اليمين ، لان بعضها قد تحرر ، ولا يجوز له العقد عليها لان بعضها ملك له ، فإن وطأها بعد ان أدت من مكاتبتها شيئا أقيم الحد عليه بقدر ما عتق منها ودرأ عنه بحساب ما بقي ويجب عليها مثل ذلك ان كانت طاوعته في ذلك ، فإن أكرهها على ذلك لم يكن عليها شي‌ء.

__________________

(١) بين القوسين زيادة في هامش نسخة ( ب ) وموجود في متن الأصل لكن عليه علامة الزيادة.

٣٧٦

فاذا فعل المكاتب (١) ما يجب عليه الحد به ، أقيم ذلك عليه بقدر ما انعتق منه حد الحرية وبقدر ما بقي منه رقا حد العبودية؟ وكل شرط يشرطه سيد المكاتب عليه فإنه يكون صحيحا ، الا ان يكون شرطا يخالف الكتاب والسنة ، فإنه يكون باطلا ، كما ان جميع ما يشرطه عليه إذا أعتقه؟ فإذا شرط ان ولائه له كان له ذلك دون غيره من سائر الناس.

وإذا أحضر المكاتب الى مولاه جميع ما كاتبه وقال له خذ منى جميع ذلك في دفعة واحدة كان مخيرا ان شاء أخذه وان شاء تركه؟ وإذا لم يكن المكاتب مشروطا عليه ثم عجز عن الوفاء كان على الامام عليه‌السلام ان يفك رقبته من سهم الرقاب.

وإذا كان المكاتب امة وتزوجت بغير اذن سيدها ، كان نكاحها باطلا ، وان كان باذنه وكانت قد أدت من مكاتبتها شيئا وجاءت بولد كان حكم ولدها كحكمها يعتق منه بحساب ما عتق منها ، ويسترق منه بحساب ما بقي من مكاتبتها إذا كان تزويجها بمملوك ، وإذا كان بحر كان ولدها حرا.

ويستحب للإنسان أن يكاتب مملوكه إذا علم ان له قدرة على أداء ثمنه ، اما من صناعة في يده أو غير ذلك؟ فان طلب المملوك المكاتبة ، (٢) يستحب لسيده أيضا ان يعينه على فك رقبته بشي‌ء من ماله من سهم الرقاب.

وإذا كاتب عبده فيستحب له ان لا يزيد في مكاتبته على القدر الذي هو ثمن له ، ومهما فعله معه من المعونة على فك رقبته كان له فيه ثواب جزيل (٣).

__________________

(١) اى غير المملوكة المذكورة بالنسبة إلى مولاها.

(٢) ظاهر الآية المباركة وجوب المكاتبة على السيد إذا طلبها العبد وكان فيه خير من القدرة والوفاء لكن ادعى إجماع الإمامية على استحبابها وهو المعروف بين فقهاء العامة خلافا لداود الظاهري وبعض التابعين وروى في دعائم الإسلام عن الامام الصادق عليه‌السلام ان الآية تعليم وليس بواجب.

(٣) كما في الخبر المتقدم في أول الباب مضافا الى قوله تعالى ( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) ـ النور ٣٣.

٣٧٧

وإذا تزوج وكاتب (١) بمعتقه لقوم وأولدها كان الولد تبعا لامه وعليه الولاء لمولى امه؟ لان عليها الولاء فإن أدى المكاتب وعتق ، جر الولاء الذي على ولده لمولى امه ، الى مولى نفسه ، وان عجز ورق استقر لمولى امه.

فان مات المكاتب واختلف سيده وسيد الام فقال : سيد المكاتب قد ادى وعتق وجر الولاء الذي على ولده وقال سيد الام : بل مات عبدا فلم يجر شيئا كان القول قول سيد الام والأصل بقاء الولاء ، والأصل بقاء المكاتبة والأصل انه لا عتق في المكاتب فلهذا كان القول قول سيد الأم فاما قبل وفاة المكاتب فان اعترف السيد بعتق المكاتب والأداء فيجر الولاء ويزول الاختلاف. وإذا كان لإنسان مكاتبان كاتبهما بعقد واحد أو بعقدين كل واحد منهما على الف ، فأدى أحدهما ألفا وعتق ثم أشكل عليه عتق المؤدى (٢) منهما لزمه ان يكرر ألفا (٣) لعله يذكر ذلك طول حياته وليس له فرض القبض في أحدهما بل عليه التذكر فقط؟ فان قال قد ذكرت ان هذا هو المؤدى منهما ، حكم بعتقه وبقي الأخر على الكتابة ، فان صدقه الأخر صح ذلك وان ادعى عليه انه هو الذي ادى اليه كان القول قول السيد ، لأن الأصل ان لا قبض (٤) وعليه اليمين لأنه يمكن صدق المدعى فيما يدعيه ويمينه على الثبات (٥) لأنها على فعل نفسه وان كانت على النفي فإنه لم يبين (٦) حتى مات قبل الثبات ، أقرع بينهما.

وان كاتب السيد عبده على مال ، ثم ان السيد باع المال الذي في ذمة

__________________

(١) الصواب « إذا تزوج مكاتب » كما في المبسوط.

(٢) اى عتق أحدهما معينا وفي المبسوط « عين المؤدى منها » وهو أظهر.

(٣) اى يكرره في خاطره لعله يذكر المؤدى منهما ولعل الصواب « ان يتذكر ».

(٤) يمكن الخدشة في هذا الأصل بأنه معارض بمثله من الأخر لكنها تندفع بان القبض من الأخر ثبت شرعا باعتراف السيد.

(٥) الصواب « على البتات » اى القطع بنفي القبض منه لا على عدم العلم به.

(٦) الصواب « فان لم يبين »

٣٧٨

المكاتب لم يصح البيع ، لأن النهي ورد عن بيع ما لم يقبض وهذا بيع لما لم يقبض فلم يصح.

وإذا اشترى المكاتب من يعتق عليه بحق القرابة كالآباء ، والأمهات أو غيرهم بإذن سيده صح ذلك؟ وان كان بغير اذن سيده كان الشراء باطلا لأن في ابتياع من ذكرناه إتلافا للمال ، لأنه يخرج من يده شيئا ينتفع به ويمكنه التصرف فيه ويستبدل به مالا ينتفع به ولا يمكنه التصرف فيه وما كان كذلك كان إتلافا في الحقيقة.

ويجوز كتابة الذمي : للذمي؟ فإن كاتب نصراني : نصرانيا كانت كتابته صحيحة جائزة بما يجوز به كتابة المسلم للمسلم ، ويرد على الوجه الذي يرد عليه كتابة المسلم فاذا كاتب من ذكرناه عبدا وترافعا الى حاكم المسلمين حكم بينهما بحكم الإسلام فإن كانت الكتابة تجوز بين المسلمين أمضاها وان كانت لا يجوز ردها؟! لان الحاكم انما يجوز له ان يحكم بما يجوز له في دينه ، فاذا حكم بينهما وكانت الكتابة صحيحة أقرهما عليها وأمضاها؟ وان كانت فاسدة بأن يكونا عقداها على خمر ، أو خنزير ، أو شرط فاسد وكانا قد عقدا ذلك في حال كفرهما وتقابضا العوض وأسلما وترافعا الى حاكم المسلمين فإنه يقرهما على ذلك؟ لا بمعنى انه يحكم بصحته لكن لا يتعرض له ، ويجرى مجرى المتزوجة على مهر فاسد وتقابضا العوض في حال كفرهما وأسلما

فإن عقد الكتابة على خمر أو خنزير في حال الشرك ثم أسلما وتقابضا العوض بعد الإسلام فالحاكم يبطل ذلك ويرده؟! لان قبض الخمر والخنزير لا يجوز في حال الإسلام ، ويلزم في ذلك قيمة ما وقع عليه العقد عند مستحليه ، فان كان عقد الكتابة في حال الكفر ثم أسلما وترافعا قبل التقابض أو بعد قبض البعض كان القول في ذلك ما قلناه في المسئلة المتقدمة.

وإذا كان للكافر عقد مكاتبة ثم أسلم لم يقع عليه؟ لان العقد رفع سلطانه عنه وقد حصل فاما ان يسلم ثم كاتبه لم يصح ذلك (١).

__________________

(١) هذا الفرع كذا في النسخ ومعناه غير واضح والظاهر ان الصواب ما في

٣٧٩

وإذا كاتب الحربي عبده في دار الحرب ثم دخلا دار الإسلام بأمان أو مستأمنين (١) ثم كاتبه ، فما داما لا يترافعان الى الحاكم ويتحاكمان اليه؟ فلا ينبغي ان يعرض لهما بل يقرهما على ما فعلاه؟ فان ترافعا اليه حكم بينهما بحكم الإسلام ونظر في الكتابة ، فإن كانت صحيحة في الشرع أعلمهما صحتها وأقرهما عليها؟ وان كانت فاسدة أعلمهما فسادها وانه لا يجوز الإقرار عليها.

فان قهر العبد سيده على نفسه في دار الحرب ودخل دار الإسلام بأمان والسيد معه فقد ملك السيد وانفسخت الكتابة فيه وملك سيده بقهره إياه ويقر على ذلك لان دار الحرب دار قهر وغلبة ، من غلب وقهر فيها على شي‌ء ملكه ، فاما إذا دخلا دار الإسلام ثم قهر سيده على نفسه فإنه لا يقر على ذلك لان دار الإسلام دار انصاف وحق وليست دار قهر وغلبة.

وإذا كان للمسلم عبد فارتد العبد ثم كاتبه السيد ، جاز ذلك لأنه عقد معاوضة ويصح ذلك من المرتد؟ فإن أدى المال الى سيده عتق وصار حرا مرتدا؟ ويجب ان يستتاب ، فان تاب والا قتل فان عجز نفسه استرقه سيده ورده الى ملكه ، فإن أسلم والا قتل ، ويكون ماله لسيده ، وان قتل على الردة قبل ان يؤدى ، وقبل ان يعجز انفسخت الكتابة بقتله ويكون المال الذي في يده لسيده لأنه لما انفسخت الكتابة عاد الى ملكه.

__________________

المبسوط وهو هكذا « وإذا كان للكافر عبد فكاتبه ثم أسلم ( أي العبد ) فإنه لا يباع عليه لان القصد ازالة سلطانه وقد حصل فاما ان أسلم ثم كاتبه فعندنا لا يصح ».

(١) المستأمن طالب الأمان المسمى في عرف الحاضر باللاجى‌ء فالدخول بأمان أعم منه كما إذا دخل لا يصال مكتوب أو لطلب المسلمين له والظاهر ان هنا سقطا والصواب « أو دخلاه ثم كاتبه » والا فذكر المكاتبة بعد ما ذكرها أو لا قبل الدخول لا وجه له.

٣٨٠