المهذّب

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٧
الجزء ١ الجزء ٢

بهبة المرأة نفسها ، لان ذلك انما كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصا يوضح ذلك قوله تعالى ( خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) وذلك : ان فاطمة بنت شريح وهبت نفسها له عليه‌السلام فاباحه الله تعالى ذلك دون غيره من سائر الناس.

ولا يجوز النكاح أيضا بالعارية ولا بلفظ الإباحة والتحليل ، ولا يجوز أيضا على اجارة ، مثل ان يعقد الرجل على المرأة ان يعمل لها ولوليها أياما معينة أو سنين معلومة ، ومن خطب على غيره وكان كفؤا وبذل مهر السنة فلم يزوجه ، كان عاصيا لله تعالى.

وإذا عقد إنسان نكاحا على أكثر من مهر السنة ، كان عليه الوفاء به على كماله ومن عقد على امرأة كان الأفضل له ، ان لا يدخل بها حتى يقدم لها من مهرها شيئا ، ويكون الباقي دينا عليه ، فان لم يقدم لها منه شيئا فليكن من غيره على سبيل الهدية ليطيب له ( ليطلب ـ خ ل ) بذلك الاستباحة لها ، فان لم يفعل وجعل المهر في ذمة ودخل بها من غير تقديم شي‌ء من ذلك كان جائزا ، الا ان الأفضل ما قدمناه.

__________________

(١) الأحزاب ٥٠ قلت يدل عليه أيضا نصوص مستفيضة كما في الوسائل الباب ٢ من أبواب عقد النكاح ثم انه روى في الكافي باب نوادر من أواخر النكاح بطريق حسن ان التي وهبت نفسها وبسببها نزلت الآية كانت انصارية ولكن في كتب التفسير والتراجم اختلفوا فيها كثيرا كما صرح بهذا الاختلاف في الاستيعاب وأسد الغابة في ترجمة غزيلة بنت جابر وكأنه لتعدد الواهبات بعد نزول الآية كما يستفاد من التراجم والاخبار وربما لم يكن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقبلهن لنفسه وما في المتن من أنها فاطمة بنت شريح ففيه أولا ان الظاهر مما حكاه في المبسوط عن معمر بن المثنى ان هذه المرأة قرشية تزوجها صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما وهبت نفسها فكأنه لم يقبلها هبة وثانيا انها غير معروفة في أزواجه ولا في الصحابة ولم يذكرها في الاستيعاب وأسد الغابة وانما حكى في الإصابة ومستدرك الحاكم ج ٤ ص ٣ عن ابى عبيدة أي معمر بن المثنى انه ذكرها في أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والله اعلم.

٢٠١

وإذا سمى الزوج المهر ودخل بالزوجة قبل ان يدفع إليها منه شيئا (١) كان عليه مهر المثل ولا يتجاوز بذلك السنة المحمدية.

وإذا دخل الرجل بامرأته وادعت عليه المهر بعد الدخول (٢) وكانت تدعي أنها جعلت دينا عليه ، كان عليها البينة ، فان لم يكن لها بينة كان عليه اليمين ، فان لم تدع ذلك لم يلتفت الى قولها.

« فيما إذا لم يسم المهر »

ومن تزوج امرأة على كتاب الله وسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يسم مهرا ، كان مهرها مهر السنة بغير زيادة ولا نقص ، فان تزوج على حكمها فحكمت بدرهم أو بأكثر منه ، الى ان يبلغ خمس مائة درهم ، كان حكمها ماضيا ، فان حكمت بأكثر من خمس مائة درهم لم يجز حكمها وردت الى الخمس مائة.

فان تزوجها على حكمه ، كان ماضيا في أي شي‌ء ذكره قليلا كان أو كثيرا ، ولم يجر حكمه إذا جاوز مهر السنة مجرى حكمها إذا جاوزت ذلك ، لأنها لما حكمته كان عليه ان لا تمنعه نفسها إذا أتاها بشي‌ء ما ، ولم يكن لها إذا حكمها ان يتجاوز

__________________

(١) زاد هنا في نسخة ( خ ) وهامش نسخة ( ب ) بعلامة التصحيح « كان باقيا في ذمته ووجب عليه الوفاء به ، وان أعطاها شيئا ولم يكن سمى لها مهرا ودخل بها لم يكن لها سوى ما قبضته منه قبل دخوله بها ، وإذا تزوج الرجل ولم يسم لها مهرا فدخل بها قبل ان يدفع إليها شيئا » ونحوه في نهاية الشيخ وزاد فيها بعد قوله وجب عليه الوفاء به « وكذلك ان قدم لها من المهر شيئا ثم دخل بها كان الباقي في ذمته » وما ذكراه فيمن لم يسم لها وأعطاها شيئا قبل الدخول هو المشهور بين الأصحاب وكذا عدم التجاوز عن مهر السنة في الأخير لكنهما خلاف القاعدة ويظهر من الشهيد الثاني في المسالك منعهما وهو الأقرب.

(٢) حاصله انه إذا تنازعا بعد الدخول في أداء المهر فالقول للزوج بأدائه ومقتضى القاعدة ان يكون للزوجة بعدمه مع اليمين فإن الأصل معها والزوج يدعى خلافه فعليه البينة كما ذكره المصنف في جواهره فقوله هنا كالنص الوارد فيه

٢٠٢

مهر السنة ، وهذا مما فسره الباقر عليه‌السلام (١).

وإذا عقد رجل على امرأة نكاحا وسمى لها مهرا ولأبيها شيئا أخر ، لم يلزمه ما سماه لأبيها ، وما سماه لها من المهر كان لازما له.

وإذا أطلق زوجته قبل الدخول بها بعد قبض الصداق وكان الصداق تالفا وكان له مثل ، كالأسمان ( كالأثمار ـ خ ل ) والادهان والحبوب وما أشبه ذلك كان له نصف المثل ، وان كان لا مثل له كالعبد والثوب وما أشبههما ، كان له نصف القيمة.

فإن كان الصداق قائم العين ، لم يلحقه زيادة ولا نقص ، كان له نصفه ، وان كان نقص نقصان قيمة مثل ان يكون بصيرا فعمي (٢) أو سليما فزمن ( فمرض ـ خ ل ) أو ما أشبه ذلك ، كان مخيرا بين أخذ نصفه أو أخذ نصف القيمة ، وان لم يكن النقصان نقصان قيمة كان له نصفها.

__________________

محمول على ما إذا كانت العادة جارية بأداء المهر كلا أو بعضها قبل الدخول كما هو المتعارف في بعض البلاد ويظهر من الاخبار فإن قول المرأة حينئذ مخالف لظاهر الحال فتكون مدعية وظاهر المصنف انه إذا لم تدع المرأة ان هذا المهر جعلته دينا في ذمة الزوج لم يسمح الى قولها حتى بتحليف الزوج لها.

وهذا خلاف ظاهر النص المشار اليه وعموم ان اليمين على من ادعى عليه والله العالم.

(١) رواه في المستدرك الباب ١٨ من أبواب المهور عن دعائم الإسلام مرسلا عنه عليه‌السلام لكن الظاهر ان المراد به كيف يجوز حكمه عليها بما أراد في طرف القلة ولا يجوز حكمها عليه بأكثر من مهر السنة مع ان مقتضى العدل ان يكون الزوج كالمرأة فلا يجوز حكمه عليها بأقل من مهر السنة فقال عليه‌السلام لأنها لما حكمته كان عليها ان لا تمنعه نفسها إذا أتاها بشي‌ء ما يعنى ان ما ذكر للزوج جاء من هذا الحكم الثابت في محله بالسنة ورواه في الوسائل أيضا في الباب ٢١ من أبواب المهور بالإسناد عنه عليه‌السلام لكن التعليل المذكور فيه مغاير لما ذكر هنا.

(٢) العمى والزمن وما أشبههما من نقص العين فالمراد بالعبارة انه إذا نقص

٢٠٣

وإذا أصدقها شيئا من الحيوان وطلقها قبل الدخول بها ، وكان الحيوان وقت تسليمه إليها حاملا ، كان له الرجوع إليها بنصف ما أعطاها ونصف الحمل ، وان كان حمل عندها كان له نصف ما أعطاها دون الحمل.

فان وهبت الزوجة لزومها الصداق قبل طلاقه ، كان له إذا طلقها الرجوع عليها بنصف ذلك.

وإذا طلقها قبل الدخول بها ولم يكن سمى لها مهرا ، كان عليه ان يمتعها بمملوك أو دابة أو ما جرى مجرى ذلك ان كان موسرا ، وان كان فقيرا فبخاتم أو ما جرى مجراه ، وان كان متوسطا فبثوب أو ما أشبهه.

وإذا عقد على امرأة وخلي بها وارخى الستر فلم يدخل بها حكم عليه لها بجميع المهر على ظاهر الأمر ، ولم يكن للمرأة ان تأخذ منه الا نصف المهر ، فإن أمكنه إقامة البينة على انه لم يدخل بها ، مثل ان يكون بكرا فتنظر فتوجد كذلك ، لم يحكم عليه الا بنصف المهر.

وإذا مات الرجل قبل الدخول بها ، كان على وارثه ان يدفع الى الزوجة من التركة المهر على كماله. والأفضل للزوجة ان لا تأخذ الا نصفه ، فان لم تفعل وأخذته على كماله كان جائزا.

وإذا ماتت المرأة قبل الدخول بها ، كان لأوليائها نصف المهر ، (١) وان

__________________

العين فان كان موجبا لنقص قيمتها كان مخيرا والا فله نصف العين وعبارة المبسوط هكذا وان كان ناقصا نقصان عين لا نقصان قيمة مثل ان كان بصيرا فعمي وهذا أوضح ولعله كان المتن كذلك لكن لا يلائم قوله : وان لم يكن النقصان إلخ الا ان يكون هذا أيضا صوابه : وان كان النقصان نقصان قيمة أي سوقية ثم ان المراد بقيمة الناقص هنا قيمته غير ناقص ويأتي تفصيله في المتن قريبا.

(١) المعروف ان في المسألة قولين استقرار المهر كاملا بموت أحدهما مطلقا والتنصيف كذلك وظاهر المصنف هو التفصيل بين موت الزوج وموت الزوجة

٢٠٤

ماتت المرأة بعد الدخول ولم تكن قبضت المهر من زوجها ولا طالبته به ، جاز لورثتها المطالبة به وأخذه وترك ذلك أفضل.

وإذا كان له امة فتزوج بها ، على ان جعل عتقها صداقها ، ثم طلقها قبل الدخول بها. لم يكن لها عليه شي‌ء (١) وذكر ان لها عليه نصف قيمتها والاولى ما ذكرناه.

وإذا اختلفت المرأة وزوجها في مبلغ المهر ولم يكن لأحدهما بينة ، كان القول : قول الزوج مع يمينه.

وإذا تزوج امرأة على حكمها ، وطلقها قبل الدخول بها ، كان لها نصف ما

__________________

فالكامل في الأول والتنصيف في الثاني ونحوه في نهاية الشيخ لكن المحقق في النكت وجماعة حملوا كلامهما في الثاني على ما إذا كانت الزوجة غير ذات ولد فيكون التنصيف لاستحقاق الزوج نصف مهر الزوجة بالإرث وهذا بعيد سيما بملاحظة ما ذكراه بعد ذلك من انه إذا ماتت بعد الدخول كان لورثتها المطالبة بمهرها فإنه في هذا الفرض أيضا إذا كانت غير ذات ولد كان لزوجها النصف بالإرث والنصوص الواردة في المسئلتين كثيرة وهي في موت الزوج متعارضة وفي موت الزوجة متفقة على التنصيف فالمصنف رحمه‌الله تعالى أبقى نصوص الزوجة بحالها وحمل نصوص الزوج بالتنصيف على الافضيلة لكن الأقوى هو التنصيف مطلقا والله العالم.

(١) في هامش نسخة ( ب ) بعلامة البدل « لم يكن له عليها » في الموضعين وهو أظهر وعلى كل لا خلاف بيننا في جواز ان يعتق الرجل أمته ويتزوجها ويجعل عتقها صداقها للنصوص الكثيرة من الخاصة والعامة كمامر في الباب السابق ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تزوج صفية كذلك فاذا طلقها قبل الدخول كان للزوج ان يرجع إليها بنصف ثمنها أو نصف رقبتها مملوكا للنصوص كما في الوسائل الباب ١٥ من نكاح العبيد والإماء مضافا الى قوله تعالى « فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ » ويأتي من المصنف أيضا التصريح بذلك في باب السراري وملك الايمان فالمراد بما ذكره هنا غير ظاهر والله العالم.

٢٠٥

حكمت به ما لم يتعد ذلك مهر السنة كما قدمناه ، وان كان تزوجها على حكمه وطلقها قبل الدخول بها كان لها نصف ما حكم به كائنا ما كان ، فان مات الزوج أو الزوجة قبل ان يحكما ، لم يثبت مهر وكان للزوجة المتعة.

وإذا عقد الرجل على دار أو خادم ولم يعين كل واحد منهما ، كان للزوجة دار ، وسط من الدور وكذلك الخادم ، وان عقد على مهر مسمى واعطى الزوجة به عبدا آبقا ومعه شي‌ء آخر ورضيت بذلك وطلقها قبل ان يدخل بها ، كان عليها ان يرد عليه نصف المهر ويكون العبد لها ، وان لم يكن دفع إليها شيئا سوى العبد لم يكن ذلك صحيحا ، وكان عليه نصف المهر.

وإذا تزوج امرأة وجعل مهرها جارية مدبرة ، ورضيت الزوجة بذلك وطلقها قبل الدخول بها ، كان لها من خدمتها يوم ، وله من خدمتها يوم فاذا مات المدبر انعتقت المدبرة ولم يكن للزوجة عليها سبيل.

وإذا أمر إنسان غيره بان يعقد له على امرأة ومات الآمر وكان عقد عليها قبل موته ، كان لها المهر والميراث وكان عليها العدة منه وان كان عقد عليها بعد موته ، كان العقد باطلا.

وإذا عقد رجل على أمرية وجعل المهر مملوكا وسلمه إليها فزاد في ثمنه (١) وطلقها قبل الدخول بها ، كان له الرجوع عليها بنصف ثمن المملوك في اليوم الذي تسلمته فيه ولم يكن له شي‌ء فيما زاد من ثمنه.

وإذا عقد الرجل نكاحا وشرط للزوجة في الحال شرطا يخالف الكتاب والسنة ،

__________________

(١) الظاهر ان المراد بذلك ان يزيد في صفة المملوك كالكبر فيزيد به ثمنه لا زيادة سعره من جهة السوق وذلك للتصريح بذلك في الخبر الذي هو مستند هذا الحكم كما في الوسائل الباب ٢٤ من أبواب المهور وقد ذكر المحقق في الشرائع انه لو نقصت قيمته أو زادت لتفاوت السعر كان له نصف العين قطعا إذ لا نظر الى القيمة مع بقاء العين.

٢٠٦

مثل ان لا يتزوج عليها ولا يتسرى ولا يتزوج بعد موتها أو ما أشبه ذلك ، كان الشرط باطلا ، والنكاح ماضيا ، وكان له ان يتزوج ويتسرى ، فان شرط لها ان يكون الوطئ بيدها لم يصح ذلك ، وذكر (١) انها ان شرطت عليه ان لا يقتضها لم يكن له ذلك إلا بأمرها والاولى ما ذكرناه.

وإذا عقد على امرأة وأصدقها نخلا قد اطلع ولقح وطلقها قبل الدخول بها ، كان لها نصف الأصل ونصف الثمن ، (٢) وان كان سلمه إليها قبل ان يلقح ، فلقحته وحمل عندها وطلقها قبل ان يدخل بها ، لم يكن له الا نصف قيمته يوم دفع إليها ، وان كانت الزيادات قد هلكت كلها ، كان له ان يأخذ نصف ما دفعه إليها.

وإذا حصلت الماشية عند الزوجة وتوالدت ونقصت ، (٣) ثم طلقها قبل الدخول بها ، كان مخيرا بين ان يأخذ نصفها على ما هي عليه ، وبين أخذ نصف قيمتها يوم دفعها اليه (٤).

__________________

(١) ذكره الشيخ في النهاية للنص كما في الوسائل الباب ٣٦ من أبواب المهور لكن لا يبعد كون المراد به نكاح المتعة كما يشير اليه ما في خبر آخر انها تشترط ان لا يدخل بها لخوف الفضيحة ويؤيده ما في بعض اخبار التمتع بالأبكار انه لا يقتضها لأجل العار والاقتضاض بالقاف والضاد ازالة القضة بالكسر أي البكارة وقد يقال بالفاء الموحدة.

(٢) الصواب « نصف الثمر » كما في نسخة ( خ ).

(٣) زاد هنا في نسخة ( خ ) وهامش نسخة ( ب ) تصحيحا « بالولادة » فالمراد نقص قيمتها بذلك.

(٤) الصواب « إليها » ومعنى قيمتها كذلك قيمتها غير ناقص ويستفاد منه ومن الفروع التالية ضمنا انه إذا اختلفت قيمتها من جهة السعر فالاعتبار بيوم القبض ان كان النقص بعده وبيوم التزوج ان كان قبله وذكر في المبسوط في الأول انه أقل الأمرين من يوم التزوج ويوم القبض وكذا إذا تلفت العين عندها فراجعه لدليله ج ٤ ص ٢٧٧.

٢٠٧

ومتى حدث بالمهر عند الزوج عيب من غير فعله وطلقها قبل الدخول بها ، كانت مخيرة بين أخذ نصفه ناقصا وبين أخذ نصف قيمته يوم تزوجها به ، وان كان الذي حدث به من فعله كانت مخيرة بين ان تأخذ نصفه ناقصا وتضمينه نصف النقصان وبين تركه وتضمينه نصف القيمة ، وان كان ذلك من فعل أجنبي فهي بالخيار أيضا ، ان أرادت أخذت نصفه ناقصا واتبعت الجاني بنصف النقصان ، وان أرادت أخذت من الزوج نصف القيمة.

فإن كان المهر مقبوضا فأصابه هذا العيب عندها من فعلها ، أو بأمر سماوي قبل طلاقها كان الزوج مخيرا بين أخذ نصفه ناقصا وبين تضمينها نصف القيمة يوم قبضته ، وان كان العيب من فعل أجنبي لم يكن له سبيل على المهر (١) وتضمينها نصف القيمة يوم قبضته.

وإذا دفع إليها بالمهر شيئين فتلف أحدهما دون الأخر فإن كان شابههما بقيمة ، كان له نصف القيمة ، وان كان المهر غير الشيئين وكان دفعهما إليها على وجه الرهن فتلف أحدهما من غير جناية منها عليه ، كان من ماله وعليه نصف ما فرض لها.

وإذا قبضت الزوجة المهر وطلقها زوجها قبل الدخول بها ، فزاد المهر في يدها أو نقص كان لها زيادته وعليها نقصانه كما قدمناه ، وترد نصف ما قبضته يوم قبضته الا ان تريد ان زاد في يدها ان تعطيه النصف زائدا ، أو يريد زوجها ان يأخذ النصف ناقصا ويتراضيان على ذلك فيكون جائزا : ولا فرق في ذلك بين ان يكون المهر عبدا أو امة أو شاة أو غير ذلك من الحيوان.

__________________

(١) يعنى ليس مخير أبين أخذ نصف المهر ناقصا وأخذ نصف قيمته غير ناقص بل يتعين له الثاني وقد حكى هذا التفصيل عن المصنف في المسالك وجواهر الكلام موجها له في الأخير بما لا مجال لنقله وتوضيحه والاشكال عليه فراجع المسئلة الثالثة من الطرف الثالث من بحث المهور.

٢٠٨

وإذا كان المهر جارية وكانت في يد الزوج فأعتقها لم يصح عتقه لها فان طلقها بعد ذلك ، كان له نصفها ولم يصح عتقه كما ذكرناه ، وان كانت المرأة هي التي أعتقتها جاز عتقها فيها فان طلقها قبل الدخول كان له الرجوع عليها بنصف قيمتها.

وإذا أصدقها نخلا أو شجرا ولم يسلم ذلك إليها حتى أثمرت في يده فجعل الثمر في « برانى » (١) أو « جرار » أو « حوب » أو « قرب » أو « جلال » أو ما جرى مجرى ذلك كان لها أخذه ، وكان له نزعه من تلك الأوعية ان كان نزعه لا يضر بالثمر فان كان إذا نزع نقص الثمر ، كان لها ان تأخذه وتنزع عنه الأوعية وتأخذ ما نقص لأنه تعدى ما فيه الا ان يتطوع بتلك الأوعية فلا تأخذ منه غير ذلك.

وإذا عقد الرجل نكاح المرأة في السر ثم عقداه في العلانية بمهر يخالف الأول ، كان الثابت هو الأول ، وإذا اتفقا على مهر وتواعدا به من غير عقد ، فقالت له المرأة حملتني في حال العقد بذكر ما هو أكثر منه فذكر ذلك لزمه ما عقد به العقد ولم يلتفت الى ما تواعدا به لان العقد وقع صحيحا سرا كان أو علانية.

وإذا تزوج أربع نسوة بعقد واحد بألف ، كان العقد والمهر الصحيحين ، وكان لكل واحدة منهن ربع الالف.

وإذا عقد لولده على أمرية وأصدقها صداقا ، فان كان الولد موسرا كان المهر في ذمته دون والده ، لان النكاح له ، وان كان الولد معسرا كان ذلك لازما للوالد.

وإذا طلقها الولد قبل الدخول بها ، فاما ان يكون الصداق مقبوضا عنه من الوالد أو غير مقبوض فان كان مقبوضا عاد نصفه الى الولد دون الوالد ، لان الوالد لما ضمن عنه هذا الصداق وقضاه عنه كان بمنزلة هبته له وقبضه له من نفسه ، ثم قضى ما لزم ولده من الصداق بمال الولد فكأن الولد أصدق واقبض فإذا طلقها عاد

__________________

(١) الظاهر انها أوعية الثمار كما ان الضمائر المذكورة في العبارات التالية من جهة التذكير والتأنيث مشتبهة في النسخ وقد ضبطتها على حسب ما يناسب المقام في الظاهر والله العالم.

٢٠٩

اليه نصفه دون والده ولم يجز لوالده ان يسترجعه من الولد ، وإذا لم يكن الوالد أقبضها شيئا وطلقها الولد قبل دخوله بها ، فان الولد (١) قد برئت ذمته من نصف الصداق وبقي عليه نصفه.

فإن أصدقها الوالد عينا قائمة مثل العبد ، فقال تزوج ابني بنتك بهذا العبد من مالي ففعل ، كان ذلك صحيحا ، فان طلقها الولد قبل دخوله بها ، عاد نصفه الى الولد ولم يكن لوالده ان يرجع عليه به.

فان كان الولد كبيرا فتزوج وأصدق لنفسه لزم المهر في ذمته ، فتبرع (٢) الوالد وقضاه عنه ، ثم طلقها الولد قبل دخوله بها ، عاد نصف الصداق الى الولد ، ولم يجز لوالده الرجوع عليه به.

« في تزوج المحجور عليه »

وإذا تزوج المولى عليه كالمحجور عليه لسفه أو مجنون أو مراهق كان النكاح باطلا ، فان كان قبل الدخول لم يكن عليه شي‌ء ، وان كان بعد الدخول وكانت عالمة بحاله ، لم يكن لها شي‌ء ، لأنها رضيت بتسليم نفسها مع علمها بحاله فقد أتلفت بضعها على نفسها بذلك وان لم تكن عالمة بحاله كان عليه لها مهر المثل.

والمعتبر في مهر المثل بنساء المرية هو من كان منهن من عصبتها كالأخت من جهة الأب أو من جهة الأب والام وبناتها والعمة وبناتها وما أشبه ، فأما الأم وما هو من جهتها فلا معتبر به في ذلك ، وقد كان : أبو جعفر الطوسي (٣) من أصحابنا يعتبر ذلك والأقوى عندي ما ذكرته ، لأن المرأة أم الولد يكون من عرض المسلمين تحت الرجل

__________________

(١) في نسخة ( ب ) و ( خ ) « فان الوالد » والصواب بمقتضى ما ذكر أولا انه ان كان الولد موسرا كان النصف الباقي عليه وان كان معسرا كان على الوالد.

(٢) كان الصواب « فان تبرع ».

(٣) في نسخة ( خ ) : وقد كان الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي وغيره من أصحابنا إلخ.

٢١٠

الشريف النسب ، مثل الرجل يكون من ولد الحسن أو الحسين عليهما‌السلام فيتزوج بالمرئة من العامة ليس لها نسب ولا حسب.

فالمعتبر في نسائها من كان من عصبتها لما ذكرناه ولا يتجاوز بالمهر معها خمس مائة درهم فان زاد عليها لم يجز أكثر من ذلك ويعتبر أيضا في ذلك النساء اللواتي في بلدها ، وبمن هو في سنها أيضا لأن المهر يختلف باختلاف السن ويعتبر أيضا بعقلها وحمقها لاختلاف المهر أيضا بذلك ويعتبر أيضا بجمالها وقبحها وبيسارها وإعسارها وبادبها والبكارة والثيبوبة وبكل ما يختلف المهر لأجله.

والاعتبار في النساء بما ذكرناه ينبغي ان يكون بالأقرب منهن إلى المرية المستحقة لمهر المثل لأنهن أشبه بها ، فان فقدت العصبة اعتبر بذوي الأرحام ، فإن فقد ذلك اعتبر بنساء أقرب البلدان الى بلده ، فان كان الذي يجب عليه مهر المثل من عشيرتها خفف عنه ، فان لم يكن من عشيرتها ثقل عليه ، لان الاعتبار يكون هكذا.

وإذا تزوج رجل امرأة وأصدقها ألفا ودفع إليها ألفا وثوبا (١) أو عبدا ، ويختلفان فتقول المرأة : دفعته الى هدية ، ويقول الرجل بل دفعته إليك مهرا ، كان القول قوله بغير يمين هذا إذا كانا متفقين على القبض بالإطلاق ، مثل ان يدفعه إليها فتقبضه وهما شاكان (٢) لأنه لم ينطق بمهر ولا هدية وان اختلفا فقالت المرأة قلت لي خذي هذا هدية أو قالت هبة ، وقال بل قلت خذيه مهرا كان القول قوله على كل حال. (٣)

__________________

(١) في نسخة ( خ ) والمبسوط « أو ثوبا » وهو اطهر

(٢) في نسخة ( خ ) « مشاركان » وهذا انسب فقوله : « لأنه لم ينطق » متعلق به أي انهما في الدعوى مشتركان بعدم النطق بمهر أو هدية وانما اختلفا في قصده ولذا لا يمين عليه إذ لا يصح لغيره دعوى قصد عليه.

(٣) لكن عليه اليمين في هذا الفرض لأنه مدعى عليه كما ذكره المصنف في جواهره.

٢١١

وإذا زوج الرجل ابنته وهي رشيدة وأراد قبض مهرها ، فان كانت ثيبا ، لم يكن له ذلك إلا بإذنها ، وان كانت بكرا كان له قبضه إذا لم تنهه عن قبضه فان نهته عن ذلك لم يجز له القبض ، وان كانت مولى عليها لصغر أو سفه مع الكبر أو جنون كان له قبض ذلك.

وإذا شرط الرجل في النكاح خيار الثلاث (١) وكان ذلك في أصل العقد كان النكاح باطلا لأنه عقد يلزم نفسه ، ولا يصح فيه خيار الشرط ، وان كان الشرط في المهر مثل ان يقول أصدقتك هذه الدار على ان لك الخيار في المهر ثلاثا كان العقد صحيحا والمهر لازما ، والخيار ثابتا لقول النبي عليه‌السلام المؤمنون عند شروطهم. (٢)

وإذا عقد الرجل على النكاح على أمرية وضمن أبوه لها النفقة عليها سنين لم يصح ذلك لان النفقة لا يجب عندنا بالعقد ، وانما يجب يوما بيوم ، ولا يصح هذا الضمان لأنه ضمان لما لم يجب.

وإذا عقد على أمرية نكاحا وسمى فيه مهرا إلى أجل معين وشرط انه ان أحضره في الأجل والا كان العقد باطلا ، كان العقد ثابتا والمهر في ذمته وان تأخر عن الوقت الذي ذكره والنفقة واجبة عليه.

وإذا عقد على أمرية وشرط لها في حال العقد ان لا يخرجها من بلدها ، كان الشرط صحيحا ، ولم يجز له إخراجها الى بلده ، وان شرط انه ان أخرجها الى بلده

__________________

(١) أي ثلاثة أيام كما صرح بذلك الشيخ في الخلاف في مسئلة الخيار في الصداق وقد حكى فيه أيضا في مسئلة شرط خيار الثلاث في النكاح عن أبي حنيفة انه يبطل الشرط ويصح النكاح فكان تعرض المصنف للمسئلة هنا وفي جواهره والشيخ في المبسوط لأجل ذلك.

(٢) رواه الخاصة والعامة وقد ورد في اخبار الخاصة بأسانيد كثيرة في عدة مسائل كاشتراط الخيار في البيع واشتراط شي‌ء للمرأة في النكاح واشتراط رد المكاتب الى الرق ان عجز وغير ذلك ولفظه في غالبها المسلمون وفي نادر المؤمنون كما في الوسائل الباب ٢٠ من المهور.

٢١٢

كان مهرها عليه مائة دينار وان لم يخرجها كان المهر خمسين دينارا ثم أراد إخراجها الى بلده ، وكان بلده في ديار الإسلام ، كان الشرط صحيحا ، وان كان في ديار الشرك لم يلزمها الخروج اليه ، وكان عليه المهر كاملا.

وإذا أعتق إنسان عبده وشرط عليه في حال العتق ان يزوجه جاريته ، فان تزوج عليها أو تسرى ، كان له عليه شي‌ء معين (١) ، فتزوج العبد أو تسرى ، كان ما شرط لسيده لازما.

وإذا عقد الرجل نكاحا على أمرية وشرط ان لا نفقة لها عليه وكان النكاح : نكاح دوام كان النكاح صحيحا والشرط باطلا وكانت النفقة واجبة عليه وان كان نكاح متعة : كان العقد والشرط صحيحين ولم يكن للمرأة عليه نفقة.

« فيما إذا بانت الزوجة ثيبا »

. وإذا تزوج امرأة على انها بكر فوجدها ثيبا ، جاز ان ينتقص من مهرها شيئا وليس ذلك بواجب.

ولا يجوز للرجل ان يتصرف في شي‌ء من مهر ابنته ولا أكل شي‌ء منه الا بإذنها.

وإذا مكنت المرأة الرجل من نفسها وسلمتها اليه وجبت نفقتها ، فان لم تمكنه من نفسها ولا سلمتها اليه ، فلا نفقة لها عليه.

وإذا ادعت المرأة على زوجها انه لا ينفق عليها ولم يكن معسرا ، ألزم النفقة عليها وان كان معسرا لم يلزم شيئا من ذلك ولم يحبس وترك الى ان يوسع الله عليه.

وإذا لم ينفق الرجل على زوجته ولا يكسوها ، وكان ذلك لفقر ، أو لأنه

__________________

(١) يعنى من المال كما في الخبر وفي خبر آخر زوجه ابنته وشرط عليه انه ان أغارها اى تزوج عليها أو تسرى ، يرده في الرق فقال عليه‌السلام له شرطه رواهما في الوسائل الباب ١٢ من كتاب العتق.

٢١٣

لا يمكنه ذلك انظر حتى يوسع الله عليه ويتمكن منه ، وان كان لغير فقر وهو متمكن منه وقادر عليه ، الزمه الحاكم النفقة عليها أو طلاقها.

وإذا ادعى الزوج انه دفع المهر الى زوجته وأنكرت ذلك ، كان عليه البينة فان لم يكن له بينة ، كان عليها اليمين بأنه لم يدفعها إليه (١).

« في عدم جواز تمكينها »

ولا يجوز للمرأة الامتناع من زوجها إذا قبضت مهرها ، فان كانت لم تقبضه كان بها الامتناع منه ، فان امتنعت منه بعد قبضه كانت ناشزا ، ولم يلزمه عليه ما دامت على النشوز.

ولا يجوز لولي المرأة العفو عن شي‌ء من المهر بعد دخولها بالزوج ، لأنه قد استقر لها بالدخول ، فإن أذنت له في ذلك كان جائزا ، ويجوز له العفو عن بعضه قبل الدخول بها.

وإذا أراد الرجل نقل المرأة من بلدها الى غيره ، كان لها الامتناع من ذلك حتى تستوفى مهرها ، وإذا أرادت المرأة ان تبرئ الزوج من مهرها كان ذلك جائزا فإن فعلته في صحتها كان ماضيا ، وان ابرأته منه في مرضها الذي تموت كان من الثلث وإذا كانت المرأة مريضة وليس لها شي‌ء غير مهرها ، لم يجز لها ان تبرئ زوجها في حال مرضها من جميعه ، فان فعلت ذلك سقط عنه الثلث وكان الباقي لورثتها.

ومن تزوج وهو مريض ودخل بالزوجة في حال مرضه كان العقد صحيحا ووجب المهر عليه فان لم يدخل بها كان العقد فاسدا ، وإذا مكنت المرأة زوجها من نفسها ودخل بها ، كان لها المطالبة بالمهر على كماله ، وليس يجوز لها ان تمنعه

__________________

(١) هذا إذا كان قبل الدخول أو بعده في غير ما كانت العادة جارية بأدائه قبله والا فقد تقدم ان القول قوله.

٢١٤

من نفسها بعد ذلك (١).

« باب نكاح الإماء والعبيد وما يتعلق بذلك »

قال الله تعالى ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ ) الاية (٢).

فأباح تعالى : من تضمنت الآية ذكره بشرطين ، وهما عدم الطول لنكاح الحرام ، والأخر : ان يخشى العنت ، وذكر ان العنت هو الزنا ، وروى عن على عليه‌السلام : انه قال لا يحل نكاح الإماء إلا لمن خشي العنت. (٣)

وعن الصادق عليه‌السلام انه قال : لا يتزوج الحر الأمة حتى يجتمع فيه الشرطان العنت وعدم الطول ، وإذا كان لإنسان امة لم يجز لغيره ان ينكحها الا بان لا يجد الطول الى نكاح الحرة أو يخشى العنت ، فان تزوج بامة وهو يجد الطول الى نكاح الحرة فقد خالف أمر الله وما شرط عليه ، (٤) ولا يبطل عقده على الأمة بل يكون عقده ماضيا ، وإذا لم يجد طولا لنكاح حرة وخشي العنت وأراد العقد على امة غيره فلا يعقد النكاح عليها إلا بإذن سيدها ، ويدفع الصداق الذي يتراضيان عليه اليه.

فاذا عقد عليها وجاءت بولد ، كان الولد حرا لا سبيل لأحد عليه ، فان شرط سيدها في حال العقد ان يكون الولد مملوكا له ، كان الشرط صحيحا ويكون الولد

__________________

(١) اى بعد التمكين لكن قال المصنف في جواهره وقد ذكر ان لها الامتناع هاهنا أيضا وهو الأقوى انتهى.

(٢) النساء ـ ٢٥

(٣) مستدرك الوسائل الباب ٤١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة وكذا الخبر التالي.

(٤) مقتضاه العصيان والحرمة التكليفية وهي غير منافية لصحته ان خالف في غير العبادات كالبيع وقت النداء وفي المسئلة خلاف وقد تقدم في أوائل كتاب النكاح هنا تصريح المصنف بكراهته دون الحرمة.

٢١٥

مملوكا له ولا يكون لأب الولد عليه سبيل.

وإذا عقد رجل على امة غيره بغير اذنه كان العقد باطلا ، فإن رضي به السيد بعد ذلك وأمضاه كان ماضيا وجرى في استباحة النكاح به مجرى عقد مستأنف.

وإذا استقر العقد على الأمة على ما قدمناه لم ينفسخ الا بطلاق الزوج لها أو عتق سيدها لها أو بيعها ، فإن أعتقها السيد والزوج مقيم على نكاحها ، كانت مخيرة بين إقراره على ذلك ، وبين فسخه ، سواء كان حرا أو عبدا ، فإن أقرته عليه لم يكن لها بعد ذلك خيار ، فان فسخته كان مفسوخا ، وان باعها سيدها والزوج أيضا مقيم على النكاح كان المشترى لها مخيرا بين إقراره على العقد وبين فسخه فإن أقره عليه لم يكن له بعد ذلك خيار وان فسخه كان مفسوخا.

وإذا عقد الرجل على امة غيره وهو عالم بذلك من حالها بغير اذن سيدها وجاءت بولد كان الولد مملوكا لسيدها ولم يكن للأب عليه سبيل.

وان عقد عليها على ظاهر الأمر ولم يثبت له بينة بأنها حرة ، وجاءت بولد كان الولد رقا لسيدها ، وعلى سيدها تسليم الولد إلى أبيه بالقيمة وعلى الأب ان يدفع الى سيدها قيمته ، فان لم يكن له مال استسعى في ذلك وان امتنع من ذلك دفعه الإمام (١) إلى سيد الأمة من سهم الرقاب ولا يسترق ولد حر ، وان كان الزوج قد دفع إليها مهرا لم يكن له (٢) عليها سبيل وكان له الرجوع

__________________

(١) أي قيمة الولد.

(٢) كذا في الأصل ونسخة ( ب ) ونهاية الشيخ لكن في نسخة ( خ ) لم يكن لها عليه » والموجود في النص الذي هو مدرك هذا الحكم كما في الوسائل الباب ٦٧ من نكاح العبيد والإماء قال عليه‌السلام : ان وجد مما أعطاها شيئا فليأخذه وان لم يجد شيئا فلا شي‌ء له وان كان زوجها إياه ولي لها ارتجع على وليها بما أخذت منه ثم ذكر (ع) العشر ونصفه لسيدها فعليه يكون المراد بالمتن ذلك والا فلا وجه لاستحقاقها ما أخذت مع بطلان تزويجها وللمسئلة صور أخرى أوردها العلامة في المختلف عن بعض الأصحاب.

٢١٦

بالمهر على وليها.

فان كانت بكرا ، كان لسيدها عشر قيمتها وان كانت ثيبا كان عليه نصف عشر قيمتها ، وان كان عقد عليها على ظاهر الأمر بشهادة شاهدين لها بالحرية وجاءت بولد كان الولد حرا ولم يكن لأحد عليه سبيل.

وإذا عقد حر على أمرية وظن أنها حرة بتدليس المتولي للعقد عليها ثم بان انها امة ، كان له الرجوع بالمهر على وليها ، فان جاء بولد كان حرا.

وإذا كانت المرأة حرة لم يجز لها ان تعقد على نفسها لعبد إلا بإذن سيده ، فان تزوجت به بإذن سيده وجاءت بولد كان حرا ، فان شرط السيد عليها ان يكون الولد رقا له كان الشرط صحيحا وكان الولد مملوكا لسيده ولم يكن لها عليه سبيل.

وإذا استقر عقد الحرة على العبد لم يبطل الا بطلاق العبد لها دون سيده أو ببيعه فان طلقها العبد كان طلاقه واقعا وان باعه كان المشترى له مخيرا بين إقراره على العقد وبين فسخه فإن أقره عليه لم يكن له بعد ذلك خيار ، فإن أعتقه سيده لم ينفسخ العقد وكان ثابتا ، ولم يكن للزوجة اختيار لأنها قد رضيت به وهو عبد وقد صار حرا فهي بالرضا به ، وهو كذلك أولى.

« في تزويج العبد بحرة بغير اذن سيده »

وإذا تزوج العبد بحرة بغير اذن سيده ، كان العقد موقوفا على رضا سيده فان فسخه كان مفسوخا وان أمضاه كان ماضيا ، ولم يكن له بعد ذلك فسخه ولا ينفسخ الا بطلاق العبد لها أو بيعه فان طلقها العبد وقع طلاقه ، ولم يكن لسيده عليه اختيار وان باعه سيده كان الأمر فيه على ما قدمناه ، وان جاءت بولد منه وكانت عالمة بأن سيده لم يأذن له في التزويج ، كان ولدها مملوكا لسيد العبد ، وان لم تكن عالمة بذلك كان ولدها حرا.

وإذا تزوجت الأمة بغير اذن سيدها بعبد ، وكان العبد مأذونا له في التزويج وجاءت بولد ، كان الولد رقا للسيد (١) وان لم يكن مأذونا له في التزويج ، كان الولد

__________________

(١) اى سيد الأمة كما في النهاية.

٢١٧

رقا لسيد الأمة وسيد العبد ، بينهما بالسوية.

ويجوز ان يزوج الإنسان عبده بجاريته ، فان زوجهما كان عليه ان يدفع إليهما شيئا من ماله يكون مهرا لها ، والفراق بينهما بيد سيدهما متى شاء فرق بينهما ، وليس للزوج طلاقها ، هنا على وجه من الوجوه ، فإذا أراد السيد ان يفرق بينهما امره باعتزالها ، وأمرها باعتزاله ويقول لها قد فرقت بينكما ويكون ذلك فراقا صحيحا.

فان كان العبد قد وطأها استبرأها بحيضة أو بخمسة وأربعين يوما ثم يطأها ان أراد وطأها ، وان لم يكن للعبد وطؤها ، جاز له ان يطأها في الحال من غير استبراء فان باعهما كان المشترى لهما مخيرا بين إقرارهما على العقد وبين فسخه ، فإن أقرهما عليه كان حكمه كحكم السيد الأول في ذلك ، وان فسخه كان مفسوخا.

فان باع السيد أحدهما كان ذلك فراقا بينهما ، ولا يثبت العقد الا بان يريد هو ثباته على الواحد الذي بقي عنده ، ويريد المشترى ثباته على الأخر الذي اشتراه ، فان لم يرد واحد من السيدين ثبات ذلك ، لم يثبت العقد بينهما ، فان جاء بينهما ولد كان رقا لسيد الأمة ، (١) وان أعتقهما جميعا كانت الزوجة مخيرة بين الرضا بالعقد الأول وبين فسخه ، فان رضيته كان ماضيا وان لم ترض كان مفسوخا.

وإذا عقد إنسان لعبده على امة لغيره باذنه كان ذلك جائزا وكان طلاقها بيد العبد ، فان طلقها كان طلاقه جائزا كما قدمناه ولم يكن لسيده ان يطلق زوجته ، فإن

__________________

(١) يعني إذا لم يرد واحد منهما النكاح بينهما فجاء ولد لما قبل البيع فهو لسيد الأمة أي البائع ان باع العبد ، والمشترى ان باع الأمة لتبعية الولد لأمه في البيع ويحتمل ان يكون المراد انه للأول مطلقا لأنه كان ملكا له ويمنع التبعية واما احتمال ان يكون المراد انه إذا أجاز كلاهما النكاح بعد البيع ثم حصل منهما ولد بعد الإجازة فهو لصاحب الأمة مطلقا لأنه نماء ملكه كما في سائر الحيوانات فمندفع بما يأتي قريبا في نظيره من ان الولد للسيدين كما هو المشهور بين الأصحاب هنا وفيما يأتي وانما حكى عن ابى الصلاح الحلبي أنه لمولى الأمة للعلة المذكورة والله العالم.

٢١٨

باعه كان ذلك فراقا بينهما الا ان يختار المشتري إقراره على العقد ويريد ذلك أيضا سيد الجارية ، فان لم يرد واحد منهما ذلك كان العقد مفسوخا. وكذلك الحكم إذا باع سيد الجارية ، جاريته فإنه يكون فراقا بينهما ولا يثبت الا برضا سيدها ورضا سيد العبد ، فان لم يرض ذلك واحد منهما كان مفسوخا.

وإذا أعتق الإنسان جاريته كانت مخيرة بين الرضا بالعقد وبين فسخه حسب ما قدمناه وان أعتق السيد عبده لم يكن لسيد الجارية عليه خيار ولا يبطل العقد الا بعتقها أو بيعها فان جاء بينهما ولد ، كان على حسب ما يحصل الشرط بينهما فيه ، فان شرط سيد الجارية ان يكون الولد رقا له كان ذلك وان اشترط سيد العبد ذلك كان صحيحا ويكون الحكم منه على ما يستقر الشرط بينهما ، فان لم يكن جرى بينهما شرط في ذلك ، كان الولد بينهما بالسوية كما قدمناه (١).

وإذا كانت الأمة بين شريكين وكان أحدهما غائبا والأخر حاضرا ، فعقد الحاضر عليها النكاح لرجل ، كان ذلك باطلا فان رضيه الغائب كان ماضيا.

وإذا تزوج رجل امة بين شريكين ثم اشترى نصيب أحدهما حرمت عليه الا ان يبتاع النصف الأخر أو يرضى الشريك (٢) بالعقد فتحل له ، ويكون رضي الشريك

__________________

(١) تقدم ذلك فيما إذا تزوجت امة بغير اذن سيدها بعبد غير مأذون له في التزويج لكن الفرق ان التزويج هناك باطل وليس هنا كذلك وقد مر منا آنفا ما يفيد للمقام.

(٢) المعروف بين الأصحاب ان البضع لا يتبعض فلا يحل للرجل ان يملك نصف امة ويتزوج بنصفها الأخر لما ورد فيه من النص كما في الوسائل الباب ٤٦ و ٤١ من نكاح العبيد والإماء فما ذكره المصنف هنا غريب ونحوه في نهاية الشيخ ولذا ذكر المحقق عليه الرحمة في نكته على النهاية ان لفظة « أو » في قوله : أو يرضى بمعنى الواو أو هي من سهو الناسخ والمراد ان يرضى صاحب النصف الأخر بعقد البيع على نصفه وربما حمل على غير ذلك راجع اليه والى غيره من أحكام المسألة إلى جواهر الكلام في المسألة السابعة من قسم نكاح الإماء.

٢١٩

بالعقد ، عقدا مبتدءا ، وإذا كان أحد الزوجين مملوكا ومات واحد منهما ، لم يكن بينهما توارث لا يرث الرجل المرأة ولا المرأة الرجل.

وإذا زوج إنسان جاريته من رجل وفرض عليه مهرا (١) وباعها قبل ان يقبض المهر سقط المهر عن الزوج ، لان بيعها طلاقها ، وبذلك يزول ملك الزوج لبضعها وفساد العقد لم يكن من جهته ، وانما يكون من جهة غيره وهو سيد الجارية.

وإذا اذن السيد لعبده في نكاح حرة فنكح امة ، أو في نكاح امة فنكح حرة أو في نكاح امرأة معينة فنكح غيرها ، أو ان ينكح في بلد معين فنكح في غيره ، كان النكاح في جميع ما ذكرناه موقوفا على رضا سيده واذنه ، فمهما اذن فيه كان ماضيا ، وما لم يأذن فيه كان باطلا.

وإذا أطلق السيد الاذن لعبده في التزويج فقال : له تزوج بمن شئت كان صحيحا فاذا تزوج في بلده لم يكن لسيده منعه ممن تزوج به ، فان تزوج من بلد آخر كان له منعه من السفر ولا يجوز ان يسافر إلا بإذن سيده.

وإذا تزوج العبد بإذن سيده بحرة وأمهرها ألفا ، كان المهر في ذمة العبد يستوفي من كسبه ، فان ضمن السيد عنه ذلك صح الضمان ، وكان المال في ذمة السيد ولم يكن للنفقة مطالبة العبد بشي‌ء منه.

« باب ما ينبغي فعله عند العقد على النساء والدخول بهن »

إذا أراد الرجل عقد النكاح لنفسه فينبغي له ان يستخير الله تعالى ، بان يصلى ركعتين ويحمده تعالى ثم يدعو ، فيقول : اللهم انى أريد النكاح فسهل الى آخره (٢)

__________________

(١) الظاهر ان المراد ما إذا باعها قبل الدخول وعليه لا فرق بين قبض المهر كلا أو بعضا وعدمه وهذه المسألة مضطربة التحرير والحكم في هذا الكتاب والنهاية والمبسوط كما يأتي في باب السراري والايمان تحريرها بوجه آخر وما ذكره المحقق رحمة الله تعالى في الشرائع أوضح فراجع جواهر الكلام في المسألة الاولى من لواحق نكاح الإماء.

(٢) تقدم في أول كتاب النكاح هنا.

٢٢٠