وهو أسهل الطرق في الحكم ببطلان الوضوء من الماء المذكور ، وبه يندفع المحذور في الوضوء الاستحبابي ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : التنبيه الثالث (١).
الكلام في هذا التنبيه يعاكس الكلام في التنبيه المعقود لمسألة الاضطرار إلى بعض الأطراف ، فإنّ الكلام في ذلك التنبيه معقود لما إذا كان بعض الأطراف لا يمكن امتثال التكليف فيه لو كان منطبقاً عليه ، والكلام في هذا التنبيه معقود لما إذا كان بعض الأطراف لا يمكن مخالفة التكليف فيه لو كان منطبقاً عليه.
ثمّ إنّ عدم إمكان مخالفة التكليف ، وبعبارة أُخرى عدم القدرة على مخالفة التكليف في بعض الأطراف ، تارةً يكون من جهة عدم القدرة عقلاً ، وأُخرى من جهة عدم القدرة شرعاً ، وثالثة من جهة عدم القدرة عادة. يعني أنّ المخالفة في بعض الأطراف تارة تكون غير مقدورة عقلاً ، كما لو فرض حصول العلم الاجمالي بنجاسة أحد الاناءين بعد تلف أحدهما. وأُخرى تكون غير مقدورة شرعاً ، لكون أحدهما ملكاً للغير ولا يأذن في التصرّف فيه ، ونظيره ما لو علم إجمالاً بأنّه قد حصل الرضاع المحرّم إمّا بينه وبين زوجته أو امرأة خليّة ، أو بينه وبين عمّته مثلاً. وثالثة تكون المخالفة للتكليف في أحد الطرفين غير مقدورة عادة ، لكونه لا يتمكّن عادة من الحصول على ذلك الطرف.
أمّا القسم الأوّل أعني غير المقدور عقلاً كما في التلف ، فلا شبهة في كونه موجباً لسقوط العلم الاجمالي عن التأثير ، فلا يكون علماً بتوجّه خطاب بالاجتناب على كلّ تقدير ، فإنّه كما يكون التكليف بالاجتناب عمّا لا يقدر عقلاً الاجتناب عنه محالاً ، لكونه تكليفاً بغير المقدور ، فكذلك يكون التكليف
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٠ / الأمر الثالث.