ولعلّ رواية أبي الجارود المروية في كتاب المحاسن ، قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجبن ، فقلت أخبرني من رأى أنّه يجعل فيه الميتة ، فقال عليهالسلام : أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم جميع ما في الأرض ، فما علمت أنّه ميتة فلا تأكله ، وما لم تعلم فاشتر وبع وكل » الحديث (١) أظهر فيما ذكرناه من العلم الاجمالي في الشبهة الموضوعية التحريمية الغير المحصورة ، أو الخارج عن الابتلاء بعض أطرافها من رواية ابن سنان ورواية ابن سليمان ، فتأمّل.
ولعلّ رواية ضريس مثل رواية المحاسن فيما ذكرناه ، وهي قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن السمن والجبن نجده في أرض المشركين بالروم أنأكله ، فقال عليهالسلام : ما علمت أنّه خلطه الحرام فلا تأكل ، وما لم تعلم فكله حتّى تعلم أنّه حرام » (٢).
قوله : فإنّ الأخباريين لا يقولون بالحرمة ، وإنّما قالوا بترك الاقتحام فيها لاحتمال الحرمة ، فتأمّل (٣).
لا يخفى أنّ الأخباريين وإن لم يقولوا بالحرمة بل قالوا بلزوم الاحتياط ، إلاّ أنّ هذا اللزوم ليس بعقلي ، بل هو عندهم شرعي ، وحينئذ تكون نسبته إلى الشارع قولاً بغير علم. ولو اعتمدوا في ذلك على الأخبار الآتية التي استدلّوا بها ، لقلنا إنّ قولنا بالبراءة الشرعية ليس قولاً بغير علم ، لاعتمادنا فيه على أخبار البراءة.
__________________
(١) المحاسن ٢ : ٢٩٦ / ب ٧٧ ( الجبن ) ح ١٩١٦ ، وسائل الشيعة ٢٥ : ١١٩ / أبواب الأطعمة المباحة ب ٦١ ح ٥ ( مع اختلاف يسير ).
(٢) وسائل الشيعة ٢٤ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ / أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٦٤ ح ١ ( مع اختلاف يسير ).
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ٣٧١.