منتهى الدّراية في توضيح الكفاية - ج ٨

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج

منتهى الدّراية في توضيح الكفاية - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: نمونه
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٥٢

وعدم (١) قبولها التجزئة ، لا يمنع (٢) من حصولها بالنسبة إلى بعض الأبواب بحيث يتمكن بها من الإحاطة بمداركه (٣) ، كما (٤) إذا كانت هناك ملكة الاستنباط في جميعها. ويقطع (٥) بعدم دخل ما في

______________________________________________________

(١) معطوف على «بساطة» ومفسّر لها ، لأنّ عدم قابلية التجزئة والتقسيم من شئون الكيفيات النفسانيّة.

(٢) خبر «وبساطة» وردّ لأوّل الوجهين على منع التجزي في الاجتهاد. وقد عرفت توضيحه بقولنا : «وقد ردّ المصنف هذا الوجه بما حاصله : «أنّ التجزي ...».

(٣) أي : بمدارك بعض الأبواب ، وضميرا «حصولها ، بها» راجعان إلى الملكة.

(٤) متعلق بـ «يتمكّن» يعني : أنّه لا فرق بين المجتهد المطلق والمتجزي بالنسبة إلى مورد قدرته على الاستنباط ، فكما أنّ المجتهد المطلق محيط بجميع ما هو دخيل في استنباط حكم المسألة ، فكذا المتجزّي محيط بكل ما له صلة باستخراج الحكم الشرعي في المسألة التي له ملكة استنباط حكمها.

(٥) يستفاد من هذه العبارة ـ تلويحا لا تصريحا ـ الوجه الثاني على امتناع التجزي ، وهو منسوب إلى بعض كالعضدي ، وقد حكى صاحب المعالم هذا الوجه عن المانعين بقوله : «ان كل ما يقدّر جهله يجوز تعلقه بالحكم المفروض ، ولا يحصل له ظن عدم المانع من مقتضي ما يعلمه من الدليل». وحاصله : أنّ الحجة في حق المجتهد هو الظن بالحكم الشرعي ، ولا يحصل هذا الظن للمتجزي ، لقوّة احتمال دخل ما لا يعلمه ـ من أمارة أو أصل ـ في المسألة التي يجتهد فيها. وهذا بخلاف المجتهد المطلق ، فإنّه يضعف هذا الاحتمال بالنسبة إليه ، لإحاطته بالكل وكونه خبيرا بجميع المقدمات التي يبتني عليها الاستنباط ، فاحتمال دخل أمر آخر في المسألة إما ضعيف وإمّا معدوم بنظره ، لأنّه يتفحّص بالمقدار الموجب للاطمئنان بعدم ما له الدخل.

وعليه فهذا الوجه مانع عن القول بإمكان التجزي ، لا من جهة بساطة الملكة ، بل من جهة توقف الاستنباط الصحيح على ملكة مطلقة يتمكّن بها من تحصيل الحجة على كل حكم شرعي.

٤٢١

سائرها (١) به أصلا ، أو (٢) لا يعتني باحتماله ، لأجل الفحص بالمقدار اللازم الموجب للاطمئنان بعد دخله (٣) كما في الملكة المطلقة (٤) ، بداهة (٥) أنّه

______________________________________________________

وقد دفعه المصنف بأنّ عدم حصول الظن للمتجزي خلاف الفرض ، لأنّ مفروض البحث هو حصول القطع بعدم دخل ما في سائر الأبواب في الباب الّذي يكون له ملكة استنباطه ، أو الاطمئنان بعدم دخله فيه بسبب الفحص بالمقدار اللازم ، كما يحصل هذا الاطمئنان للمجتهد المطلق. وإلّا فلو فرض عدم حصول الاطمئنان بالحكم الشرعي للمتجزي لم يكن استنباطه حجة لا على نفسه ، ولا على غيره ، بل لا يصدق عليه الاستنباط أصلا.

وهذا الجواب حكاه صاحب المعالم عن القائلين بقبول ملكة الاجتهاد للتجزية بقوله : «وأجاب الأوّلون بأن المفروض حصول جميع ما هو دليل في تلك المسألة بحسب ظنه ، وحيث يحصل التجويز المذكور يخرج عن الفرض» وناقش هو فيه ، فراجع (١).

(١) أي : عدم دخل سائر الأبواب ببعض الأبواب أصلا ، والأولى تبديل «به» بـ «فيه» خصوصا بقرينة قوله : «ما في سائرها» وإن ورد الباء بمعنى «في» أيضا.

(٢) معطوف على «يقطع» يعني : أن المتجزي إمّا يقطع بعدم دخل ما في سائر الأبواب ، وإمّا يطمئنّ بعدم دخله ، ومنشأ عدم اعتناء المتجزي بعدم دخل ما في سائر الأبواب هو الفحص بالمقدار اللازم الموجب للاطمئنان ، فقوله : «لأجل بيان لوجه عدم الاعتناء.

(٣) أي : بعدم دخل ما في سائر الأبواب.

(٤) حيث يقطع صاحبها أو يطمئن بعدم دخل استنباط حكم في استنباط حكم آخر.

(٥) تعليل للقطع بعدم الدخل أو الاطمئنان بعدمه ، وحاصله : عدم اعتبار الإحاطة الفعلية بمدارك جميع المسائل في استنباط مسألة واحدة مع الملكة المطلقة ، فكما يحصل الظنّ للمجتهد المطلق كذلك يحصل للمتجزي ، وكما لا يعتبر استحضار مدارك جميع المسائل فعلا في استنباط مسألة للمجتهد المطلق ، وكذلك لا يعتبر ذلك في استنباطها للمتجزّي.

__________________

(١) معالم الأصول ، ص ٢٣٣

٤٢٢

لا يعتبر في استنباط مسألة معها (١) من الاطّلاع فعلا على مدارك جميع المسائل ، كما لا يخفى.

الثاني (٢) : في حجية ما يؤدّي إليه

______________________________________________________

والسرّ في ذلك هو : أنّ الأخبار المرويّة عن أهل بيت الوحي «عليهم الصّلاة والسّلام» ـ التي هي عمدة مدارك الأحكام ـ قد بوّبها أرباب الجوامع الحديثية وربما قطّعوا رواية واحدة على أبواب متفرقة ، لاشتمالها على أحكام متعددة ، ومع ذلك أشار صاحب الوسائل إلى ما تقدم وما يأتي من الأخبار التي لها نحو تعلّق بحكم المسألة ، ومع هذا الجهد البليغ لا يظن بوجود رواية في كتاب الحدود مثلا مرتبطة بباب الطهارة ـ من دون إشارته إلى موضعها في باب الطهارة ـ حتى تتجه دعوى احتمال دخل تلك الرواية بالمسألة التي تصدّى المجتهد لاستنباطها.

(١) أي : مع الملكة المطلقة ، والظاهر زيادة كلمة «من» لأنّ «الاطلاع» نائب فاعل «لا يعتبر».

٢ ـ حجية رأي المتجزّي لعمل نفسه

(٢) هذا هو الموضع الثاني مما يتعلّق بالتجزّي في الاجتهاد ، وهو حجية آرائه التي استنباطها من الأدلّة في حق نفسه ، وأنه هل يجوز العمل بها أم عليه الاحتياط أو الرجوع إلى مجتهد مطلق؟ وليكن محل النزاع هنا ما إذا لم يحصل للمتجزّي القطع بالحكم الشرعي من استنباطه ، فلو حصل له القطع بالحكم فلا معنى للنزاع في حجيته في حقه ، لأنّ حجية القطع ذاتية لا تقبل التصرف الشرعي.

وكيف كان فحاصل ما أفاده المصنف فيه هو : أنّ هذه المسألة وإن كانت محل الخلاف كالخلاف في أصل إمكان التجزّي ، إلّا أنّ الصحيح هو حجية آرائه لعمل نفسه ، وذلك لأنّ مقتضى أدلة حجية مدارك الأحكام ـ التي استنبطها المجتهد المتجزّي منها ـ هو حجية رأيه ، ضرورة أنّ أدلّة حجية الخبر الواحد ـ من الآيات والروايات وبناء العقلاء ـ وكذا أدلة اعتبار الظواهر لا تختص بالمجتهد المطلق ، بل مقتضى عمومها أو إطلاقها هو

٤٢٣

على المتصف به (١) ، وهو (٢) أيضا محل الخلاف إلّا أن (٣) قضية أدلة المدارك حجيته (٤) ، لعدم اختصاصها (٥) بالمتصف بالاجتهاد المطلق ، ضرورة (٦)

______________________________________________________

حجيتها بالنسبة إلى كل من ثبت اعتبارها عنده.

وعليه فإذا استنبط المتجزّي حلية شرب التتن مثلا ـ من ظواهر الآيات أو الروايات أو حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان ـ فلا وجه لعدم حجية هذه الفتوى بعد كونها مستنبطة من الظواهر أو حكم العقل اللذين لا يختص اعتبارهما بالمجتهد المطلق. ومع فرض إحراز المتجزّي للحكم وعلمه به لا وجه لرجوعه إلى مجتهد مطلق ، لعدم كونه من رجوع الجاهل إلى العالم حتى تشمله أدلة التقليد.

(١) أي : المتصف بالتجزّي في الاجتهاد ، وهذا في قبال حجية آراء المتجزّي على الآخرين ، حيث يأتي في الموضع الثالث البحث عنها ، ولو قال : «على نفسه» كان أخصر وأوضح. وضمير «إليه» راجع إلى الموصول المراد به الحكم الشرعي.

(٢) أي : حجية آراء المتجزّي ـ كأصل إمكان التجزّي ـ محل الخلاف ، والأولى تأنيث الضمير ، لرجوعه إلى «حجية».

(٣) استدراك على قوله : «محل الخلاف» وبيان لوجه حجية آراء المتجزّي لعمل نفسه ، وقد تقدم توضيحه بقولنا : «وحاصل ما أفاده المصنف فيه هو ...».

(٤) أي : حجية ما يؤدّي إليه استنباط المتجزّي. والمراد بالمدارك هو مثل خبر الواحد والإجماع المنقول وظواهر الألفاظ من الكتاب والسنة ، والمراد من «أدلة» هو الوجوه المستدلّ بها على اعتبار الخبر الواحد وظواهر الألفاظ وغيرهما ، وأقوى تلك الوجوه هو سيرة العقلاء ـ الممضاة ـ على العمل بخبر الثقة والظواهر.

(٥) يعني : لعدم اختصاص أدلة المدارك بالمجتهد المطلق ، فمثل آيتي النبأ والنفر والأخبار المتواترة إجمالا على العمل بخبر العدل ـ بل مطلق الثقة ـ وكذا بناء العقلاء تقتضي حجية الخبر الواحد على كل من جاءه النبأ أو جاءه الخبران المتعارضان ، ومن المعلوم شمول هذا للمجتهد المتجزّي على حدّ شموله للمجتهد المطلق.

(٦) تعليل لقوله : «عدم اختصاصها» والوجه في عدم الاختصاص ما عرفته من إطلاق

٤٢٤

أنّ بناء العقلاء على (١) حجية الظواهر مطلقا ، وكذا (٢) ما دلّ على حجية خبر الواحد ، غايته تقييده (٣) بما إذا تمكّن من دفع معارضاته كما هو (٤) المفروض.

الثالث (٥) : في جواز (٦) رجوع غير المتصف

______________________________________________________

أدلّة اعتبار الخبر الواحد والظواهر.

(١) خبر «أنّ بناء» يعني : يكون بناء العقلاء على حجية الظواهر مطلقا سواء كان المستظهر مجتهدا مطلقا أم متجزّيا.

(٢) معطوف على «بناء العقلاء» يعني : أنّ أدلة حجية الخبر تدل على حجيته مطلقا ، لا لخصوص المجتهد المطلق.

(٣) يعني : غاية الأمر تقييد إطلاق أدلة حجية المدارك بما إذا تمكّن من دفع معارضات الخبر الواحد الّذي يعتمد عليه المتجزّي في مقام الاستنباط. وحاصله : أنّ أدلّة اعتبار الأمارات مطلقة من حيث شمولها للمجتهد المطلق والمتجزّي ، لكنها مقيّدة بما إذا تمكّن المجتهد الّذي جاءه الخبر من الفحص عن معارضه وعن كل ما يزاحم حجيته ، ولو ظفر بمعارضه فلا بدّ من قدرته على علاج التعارض بتقديم أحدهما على الآخر ، أو التخيير ، فمن لم تكن له هذه القدرة لم تكن أدلة حجية الخبر والظواهر شاملة له ، ومن المعلوم أنّ هذه القدرة جهة مشتركة بين المطلق والمتجزّي ، إذ لولاها لم يكن الشخص مجتهدا ولا عارفا بأحكامهم عليهم‌السلام.

(٤) أي : كما أن التمكن من دفع المعارضات هو المفروض.

٣ ـ رجوع المقلّد إلى المتجزّي

(٥) هذا هو الموضع الثالث مما يتعلّق بالتجزّي في الاجتهاد ، والبحث فيه في أمرين أحدهما : في جواز رجوع الجاهل إلى المتجزّي وتقليده إيّاه ، وثانيهما : في نفوذ قضائه في المرافعات.

(٦) هذا شروع في الأمر الأوّل ، وحاصله : أنّه كما كان أصل إمكان التجزّي وحجية

٤٢٥

به (١) إليه في كل مسألة اجتهد فيها ، وهو (٢) أيضا محلّ الإشكال من (٣) أنه من رجوع الجاهل إلى العالم ، فتعمه (٤) أدلّة جواز التقليد. ومن دعوى (٥)

______________________________________________________

آراء المتجزّي في حق نفسه محل إشكال وخلاف ـ على ما تقدم في الموضع الأوّل والثاني ـ فكذا مسألة جواز تقليد العامي من المتجزّي محل بحث وإشكال ، فقد يقال : بجواز رجوع العامي إليه ، لشمول أدلة جواز التقليد له ، فإنّ المتجزّي عالم بالأحكام الشرعية التي استنبطها من الأدلّة ، وعارف بالحلال والحرام ، فلا بد من القول بجواز رجوع العامي إليه ، لترتب الحكم على موضوعه الفعلي بلا ريب.

وقد يقال : بعدم جواز رجوع العامي إليه ، لأنّ أدلّة جواز التقليد إمّا لبّيّة وإمّا لفظية ، ولا إطلاق في شيء منهما ليشمل جواز الرجوع إلى المتجزّي ، أما الأدلة اللبيّة ـ وهي السيرة وبناء العقلاء ـ فمن الواضح إنه لا إطلاق لها حتى يتشبث به لإثبات جواز الرجوع إلى المتجزّي. وعليه فلا دليل على جواز الرجوع من هذه الجهة.

وأمّا الأدلّة اللفظية الدالة على جواز رجوع الجاهل إلى العالم فلا إطلاق فيها أيضا ، لأنّها إرشاد إلى السيرة العقلائيّة ، ويتعيّن الأخذ بالقدر المتيقن منها وهو رجوع الجاهل إلى المجتهد المطلق ، ويكون الشك في جواز الرجوع إلى المتجزّي مساوقا للقطع بعدم جوازه. وسيأتي ما هو الحق من القولين في التعليقة الآتية وفي مباحث التقليد «إن شاء الله تعالى».

(١) أي : غير المتصف بالتجزّي إلى المتجزّي.

(٢) أي : جواز الرجوع محل إشكال كما كان أصل إمكان التجزّي وحجية آرائه لنفسه محل إشكال أيضا.

(٣) هذا وجه جواز الرجوع ، وقد تقدم بقولنا : «فقد يقال بجواز رجوع العامي إليه ... إلخ».

(٤) يعني : فتعمّ أدلة جواز التقليد رجوع الجاهل إلى المتجزّي كما تعمّ الرجوع إلى المجتهد المطلق.

(٥) هذا وجه عدم جواز الرجوع ، وقد تقدم بقولنا : «وقد يقال بعدم جواز رجوع العامي

٤٢٦

عدم إطلاق فيها (١) ، وعدم (٢) إحراز أن بناء العقلاء أو سيرة المتشرعة على الرجوع إلى مثله (٣) أيضا (٤) ، وستعرف (٥) إن شاء الله تعالى ما هو قضية الأدلّة.

______________________________________________________

إليه ، لأن أدلة جواز التقليد ... إلخ».

(١) أي : في أدلة جواز التقليد ، وهذا إشارة إلى منع إطلاق الأدلة اللفظية الدالّة على جواز التقليد ، والعمدة منها بنظر المصنف هي الأخبار الدالة على جواز متابعة العلماء ، وأنّ للعوام تقليد الفقهاء ، ونحو ذلك ، فإنّ المأخوذ في موضوع هذه الأخبار مثل عنوان «الفقيه والعارف بالحلال والحرام» ومن المعلوم توقف صدقه على استنباط جملة معتدّ بها من الأحكام ، فلو كان ذا ملكة مطلقة ولم يستنبط شيئا ، أو استنبط شيئا يسيرا منها أشكل الحكم بجواز تقليده ، لعدم صدق «الفقيه» عليه. والمتجزّي أيضا كذلك ، فإنّ الشك في صدق «الفقيه» عليه كاف في منع الرجوع إليه.

ولا يخفى أنه لا منافاة بين ما أفاده هنا من الإشكال في عمل العامي بفتوى المتجزّي وما تقدّم في الموضع الثاني من حجية آرائه في حق نفسه. والوجه في عدم المنافاة : أنّ موضوع أدلة جواز التقليد هو الفقيه والعالم ونحوهما ، ومن المعلوم دوران الحكم مدار موضوعه ، ومع فرض الشك في صدق «العالم» على المتجزّي لا سبيل للحكم بجواز الرجوع إليه ، لكونه من التمسّك بالدليل مع الشك في موضوعه. وليست هذه الأدلة ناظرة إلى عمل المتجزّي برأي نفسه حتى يتوهم حرمة عمله بها ، بل هي ناظرة إلى عدم موضوعية المتجزّي لجواز رجوع العامي إليه ، فلا تهافت بين ما أفاده هنا وفي الموضع الثاني.

(٢) هذا إشارة إلى الأدلّة اللبّيّة على جواز التقليد ، فإنّ عدم الإطلاق فيها أوضح من الأدلة اللفظية.

(٣) أي : مثل المتجزّي ، والمراد بالمثل كل من لم يحرز قيام السيرة على الرجوع إليه كالمجتهد المطلق غير المستنبط لجملة وافية من الأحكام.

(٤) كما لا يحرز جواز الرجوع إليه من ناحية الأدلة اللفظيّة ، للشك في الإطلاق.

(٥) في الفصل الأوّل مما يتعلّق بمباحث التقليد.

٤٢٧

وأمّا جواز حكومته (١) ونفوذ فصل خصومته (٢) فأشكل (٣). نعم (٤) لا يبعد نفوذه فيما إذا عرف جملة معتدا بها واجتهد فيها ، بحيث يصح أن يقال في حقه عرفا : «انّه ممّن عرف أحكامهم» كما مرّ (٥) في المجتهد المطلق

______________________________________________________

قضاء المتجزّي

(١) أي : حكومة المتجزّي ، وهذا هو الأمر الثاني المبحوث عنه في الموضع الثالث ، ولم يعقد المصنف له موضعا مستقلّا من البحث ، وأجمل الكلام فيه ، لوضوح حكمه من المباحث السابقة. وحاصل ما أفاده فيه : أن نفوذ حكم المتجزّي أشد إشكالا من حجية فتواه على غيره ، لاحتمال اختصاص منصب القضاء بالمجتهد المطلق ، لكونه هو العارف بجلّ الأحكام ، فلا يصدق قوله عليه‌السلام في المقبولة : «عرف أحكامنا» إلّا على المجتهد المطلق ، فلا حظّ للمتجزّي من القضاء أصلا.

إلّا أن يقال : بما تقدم في نفوذ قضاء المجتهد المطلق الانسدادي على الحكومة من أنّه إذا عرف المتجزّي جملة معتدا بها ـ من الأحكام ـ بالاجتهاد صدق عليه «أنه ممن عرف أحكامهم عليهم‌السلام فيثبت له منصب القضاء.

(٢) هذا من إضافة المصدر إلى الفاعل ، وإلّا فالخصومة للمترافعين لا للمجتهد.

(٣) أي : أشدّ إشكالا من حجية فتواه على الجاهل. ووجه أشدية الإشكال هو : أنّ مقتضى سيرة العقلاء وفطرتهم على الرجوع إلى العالم هو حجية نظر المتجزّي أيضا كالمطلق ، إذ مناط السيرة كون المرجع عالما فيما يرجع إليه سواء علم غيره أم لا. وهذه السيرة لا تتوقف إلّا على الإمضاء. وهذا بخلاف القضاء ، فإنّ أدلة نفوذه هي الأدلّة اللفظية التي أناطت المنصب بصدق «الفقيه والعارف بالأحكام» ونحوهما.

(٤) هذا استدراك على قوله : «فأشكل» وغرضه إثبات جواز تصدّي المتجزّي للقضاء إذا استنبط جملة وافية من الأحكام ، أو كانت موارد الإجماعات القطعية والأخبار المتواترة بمقدار توجب صدق الفقاهة والمعرفة.

(٥) في نفوذ قضاء المجتهد الانسدادي بناء على تقرير المقدمات بنحو الحكومة ، حيث قال : «إلّا أنّ يقال بكفاية انفتاح باب العلم في موارد الإجماعات والضروريّات من

٤٢٨

المنسدّ عليه باب العلم والعلمي في معظم الأحكام (*).

______________________________________________________

الدين أو المذهب ...».

__________________

(*) وتوضيح الكلام في هذا الموضع الثالث : أنّه قد ادّعي الإجماع على عدم جواز تقليد المتجزي ، وقد أفتى به جمع منهم السيد الفقيه صاحب العروة ، حيث قال في عداد شرائط مرجع التقليد : «وكونه مجتهدا مطلقا ، فلا يجوز تقليد المتجزّي» فإن تمّ الإجماع المدّعي فهو ، وإلّا فمقتضيات أدلة وجوب التقليد مختلفة كما سيظهر.

وينبغي تحرير محل النزاع أوّلا ، فنقول : إنّ التجزي في الاجتهاد في قبال المطلق منه لا يراد به إلّا ملكة الاستنباط لا استخراج الأحكام فعلا من الأدلة ، فمن يتمكن من استنباط جميع الأحكام حقيقة أو عرفا فهو مجتهد مطلق ، ومن ليس كذلك فهو متجزّ. وللملكة المتجزية مراتب بلحاظ إتقان المبادئ النظرية الدخيلة في الاستنباط ، فربّ متجزّ. يقارب المجتهد المطلق في الفضل ، وربّ متجزّ لا يقدر على استنباط عشر مسائل ، وبين الحدّين مراتب متفاوتة جدا.

وليس محل الكلام هو القادر على استخراج حكم مسألة أو مسألتين قطعا ، فإنّ العنوان المأخوذ في أدلة حجية الفتوى ونفوذ القضاء ـ على ما مرّ ـ هو الفقيه والعالم بالأحكام ، وهذا وإن لم يكن مرادفا للمجتهد المطلق كما أنّه لا يقابل المتجزّي ، إذ النسبة بين الفقيه وكل من قسمي الاجتهاد هو العموم من وجه ، فالفقيه من استخراج جملة وافية من أحكام أكثر أبواب الفقه بحيث يصدق على «العالم بالأحكام» بقول مطلق ، وصدقه كذلك منوط بمعرفتها بنحو الاستغراق العرفي ، وهذا قد يتصادق عليه المجتهد المطلق والمتجزي ، وإن كان بينهما فرق من جهة قدرة الأوّل على استنباط بقية الأحكام وعجز الثاني عنه.

وليكن محل الكلام هو المتجزي القادر على استنباط أحكام باب أو بابين من أبواب الفقه كمن استخرج أحكام كتاب القضاء فقط ، أو هي مع أحكام الشهادات ، كما يظهر من الاستدلال بمعتبرة أبي خديجة الآتية.

إذا عرفت محلّ النزاع ، فاعلم : أنّ مقتضى بعض أدلّة وجوب التقليد تعيّن الرجوع إلى المجتهد المطلق ، ومقتضى بعضها جواز الرجوع إلى المتجزي ، وبيانه : أنّه بناء على الانسداد واقتضائه بطلان غير التقليد من الطرق يجب على العامي الرجوع إلى عالم ما ، لكون النتيجة جزئيّة ، والمتيقن حينئذ

٤٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

هو الرجوع إلى المجتهد المطلق لا المتجزي. هذا مع الغض عما حقّق في محله من أن نتيجة المقدمات هي التبعيض في الاحتياط لا حجية قول الفقيه.

وبناء على الانفتاح يكون مقتضى الأدلّة اللفظية من الكتاب والسنة ـ على فرض صحة الاستدلال بها على وجوب التقليد ـ اعتبار الاجتهاد المطلق في مرجع التقليد ، لظهور آية النفر في وجوب الحذر عقيب إنذار الفقيه ، لا وجوبه عند إنذار كل منذر ، والفقيه هو العالم بجلّ الأحكام. وهذا ظاهر رواية التفسير أيضا من قوله عليه‌السلام : «فللعوام أن يقلدوه». وظهور آية السؤال من أهل الذّكر في موضوعية «أهل الذّكر» للحكم بوجوب السؤال منه مقدمة للعلم ثم الاعتقاد أو العمل به. وأمّا ظهور المقبولة «وعرف أحكامنا» في الاستغراق وعدم كفاية معرفة اليسير من أحكامهم فقد تقدم مشروحا.

وهكذا الحال في الأخبار الإرجاعية ، فإنّها تدلّ أيضا على اعتبار كون المرجع محيطا بجلّ الأحكام الشرعية ، وعدم كفاية العلم ببعضها ، ولفظ «الفقيه والعالم» وإن لم يرد في هذه الأخبار لكون السؤال في جملة منها عن وثاقة المرجع وأمانته في النقل ، إلّا أنّ اعتبار فقاهة المرجع إمّا لكونه من المرتكزات التي قرّرها الإمام عليه‌السلام وإمّا لكونه مما يدلّ عليه مناسبة الحكم والموضوع ، وعدم كون تمام الموضوع هو الوثاقة في نقل ألفاظ الرواية إلى السائل ، بل ورد في السؤال عن وثاقة يونس سن عبد الرحمن «آخذ عنه معالم ديني» فمفروض سؤال عبد العزيز بن المهتدي أنّ يونس عالم بمعالم الدين ، ومن المعلوم توقف صدق العالم بالدين على معرفة معظم أحكامه.

ويشهد لهذا أيضا أمره عليه‌السلام أبان بن تغلب بالجلوس في المسجد والإفتاء ، فإنّ الإفتاء في ذلك العصر وإن لم يكن بهذا الحدّ من الصعوبة والإعضال ، إلّا أنّه ليس مجرّد قراءة ألفاظ الروايات على عوامّ الشيعة ، مع ما فيها من المتعارضات والعام والخاصّ والمطلق والمقيد وغير ذلك مما يتوقف استفادة الحكم الشرعي منها على إعمال نظر فيها ، خصوصا وأنّ الإفتاء المأمور به لم يقيّد بباب دون باب ، وهذا طبعا منوط بالعلم بأكثر الأحكام الشرعية وبالفقاهة في الدين.

وبهذا يظهر أن المقصود من الإرجاع إلى رواة الأحاديث في المقبولة وغيرها ليس الإرجاع إلى من روى صرف الوجود من أحاديثهم عليهم‌السلام حتى يستأنس منه حجية فتوى المتجزّي ، كيف؟

٤٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

والمفروض في المقبولة اختلاف الحاكمين في الشبهة الحكمية وهي الدين أو الميراث ، ومن المعلوم أنّ المنصوب في هذا الموارد لفصل الخصومة والنزاع هو المجتهد المطلق خصوصا بقرينة «عرف أحكامنا». ولا إطلاق في قوله عليه‌السلام : «روى حديثنا ، وإنما كان ذكره للتنبيه على استناد القاضي إلى روايتهم عليهم‌السلام في قبال قضاة العامة الذين أوجب انحرافهم عن باب مدينة علم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استنادهم إلى غير رواياتهم عليهم‌السلام الموجب لوقوعهم في التّيه والحكم بخلاف ما أنزل الله تعالى على نبيه وآل بيته المعصومين عليهم‌السلام.

فالمتحصل : أن الأدلّة اللفظية تقتضي اعتبار الاجتهاد المطلق في مرجع التقليد. نعم في خصوص معتبرة أبي خديجة كلام سيأتي التعرض له «إن شاء الله» هذا كله حال الأدلة اللفظية.

وأمّا بناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم فقيل : إنّه استقرّ على عدم الفرق في الرجوع إلى المجتهد بين المطلق والمتجزّي ، لوحدة المناط وهو الخبروية ، «لوضوح أن جاهلهم بشيء يرجع إلى العالم به وإن لم يكن له معرفة بغيره من الأمور ، فتراهم يراجعون الطبيب الأخصّائي بالعيون مثلا وإن لم يكن له خبرة بغيرها من الجهات ، وكذلك من له معرفة ببعض المسائل دون بعض وإن كان قليلا. بل قد يقدمون نظر المجتهد المتجزّي على قول المجتهد المطلق عند المعارضة ، كما إذا كان المتجزّي أعلم من المجتهد المطلق ، لممارسته ودقته في العلوم العقلية ، وكونه أقوى استنباطا منه فيما يرجع إلى تلك المباحث من المسائل كوجوب مقدمة الواجب وبحثي الضد والترتب وغيرها ، وإن لم يكن له قوة بتلك المثابة في المسائل الراجعة إلى مباحث الألفاظ كغيرها» (١)

ويدلّ على كفاية مطلق الاجتهاد في مرجع التقليد وعدم اعتبار الاجتهاد المطلق فيه معتبرة أبي خديجة عن الصادق عليه‌السلام : «إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا [قضايانا] فاجعلوه بينكم ، فإنّي قد جعلته قاضيا ، فتحاكموا إليه». وتقريبه هو ما أفاده سيّدنا الأستاذ «قده» بقوله : «وكونها في القضاء لا يمنع من الاستدلال بها في المقام ، لأنّ منصب القضاء منصب الفتوى ، ولا عكس ، فما دلّ على عدم اعتبار شيء في القاضي يدل على عدم اعتباره في المفتي» (٢). وعليه تكون هذه الرواية المعتبرة إمضاء للسيرة الجارية على جواز رجوع الجاهل إلى العالم من دون اعتبار كونه عالما مطلقا.

__________________

(١) التنقيح في شرح العروة الوثقى ، ١ ـ ٢٢٣

(٢) مستمسك العروة الوثقى ، ١ ـ ٤٤

٤٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

أقول : لا ريب في بناء العقلاء على مراجعة الخبير المتجزّي في الجملة ، وتقديم قوله ـ في ظرف المخالفة ـ على قول من له إحاطة بأبواب أخرى من الفنّ ، ومثاله المعروف هو الطبيب الأخصّائي بالقياس إلى العالم بالطبابة العامة ، إذ لا شك في تقديم رأي الأوّل على الثاني عند المعارضة. لكن التنظير به لما نحن فيه من مساواة قول المتجزّي للمجتهد المطلق أو تقديم قوله عليه لا يخلو من شيء ، إذ مورد البحث في المقام وجود مجتهدين مثلا أحدهما متجزّ في باب القضاء ، والآخر مطلق له القدرة على استنباط تمام أبواب الفقه ، وفي خصوص كتاب القضاء تتوفر القدرة اللازمة لاستخراج أحكامه لكلّ منهما ، وإن أمكن كون أحدهما أكثر مهارة من الآخر في استنباط ذلك الباب.

وهذا بخلاف الطبيب ، فإنّ الطبيب الأخصّائي ـ في عضو أو جهاز من أجهزة البدن ـ له الخبرة بأمراض مورد اختصاصه بما يكون الطبيب العام فاقدا لتلك الخبرة قطعا ، وفي مثله يقدّم قول المتجزّي بلا شك ، وأين هذا من المجتهد المطلق والمتجزّي في باب من أبواب الفقه؟ فان مفروض البحث قدرة المتجزّي على استنباط أحكام مورد اجتهاده من إعمال قواعد عامة أو جمع بين المتعارضات ونحوها كما يقتدر المجتهد المطلق على استنباطها.

والواقع أنّ إحراز سيرة العقلاء والمتشرعة على العمل بقول المتجزي في الأحكام الشرعية مع وجود المجتهد المطلق مشكل ، خصوصا مع ما فيها من الاهتمام الّذي ليس في الشئون الدنيوية ، فان المهم في باب التقليد تحصيل المؤمّن من العقاب المحتمل بعد العلم الإجمالي بالتكاليف الالتزامية في الشريعة المقدسة ، فلو كان المتجزّي أعلم في بابه من المطلق أمكن دعوى بنائهم على مراجعته ، وإلّا فمع فرض المساواة لا تخلو دعوى بنائهم على الرجوع إليه من تردّد.

هذا كله بناء على ثبوت صغرى رجوعهم إلى المتجزّي من أهل الخبرة في الدين ، والمهم حينئذ إمضاء هذا البناء العملي ، وقد عرفت أن سيّدنا الأستاذ «قده» اعتمد على ظهور معتبرة أبي خديجة في كفاية التجزّي في الاجتهاد للتصدي لمنصب القضاء ، وما ثبت له ثبت للفتوى أيضا ، ولا عكس.

وتحقيق هذا الأمر منوط بالنظر في جهتين ، الأولى : في ما يستفاد من متن المعتبرة ، الثانية : في النسبة بينها وبين سائر الأدلّة اللفظية الظاهرة في اعتبار الاجتهاد المطلق.

أمّا الجهة الأولى فمحصلها : أن هذه المشهورة رواها ثقة الإسلام الكليني بلفظ «من قضائنا»

٤٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

ورواها الشيخ ـ كما في الوسائل ـ بلفظ «من قضايانا» وعلى كلّ منهما فإمّا أن تكون حرف الجر للتبعيض أو للبيان ، والاستدلال بها على كفاية الاجتهاد في باب القضاء للتصدي لهذا المنصب الشامخ منوط بدلالة الرواية على كفاية معرفة جملة من أحكام القضاء ، إمّا بأن يقال في مدلولها : «يعلم شيئا هو قضاؤنا» أي يعلم خصوص ما ورد عنهم عليهم‌السلام في باب القضاء من موازين الحكم. وإمّا أن يقال : «يعلم شيئا من طبيعة قضائهم عليهم‌السلام ويكون حرف الجر للتبعيض بناء على صحته في المقام ، لعدم كون الأفراد أبعاض الطبيعة.

وعلى كل منهما يكفي كون القاضي مجتهدا في باب القضاء ، وحيث إنّ منصب القضاء هو منصب الفتوى أمكن القول بجواز العمل بفتوى المتجزّي.

أقول : لا بد من ملاحظة مدلول الرواية بناء على كلتا النسختين ، فبناء على نسخة الكافي «من قضائنا» قد يتجه ما تقدم من نفوذ قضاء المتجزّي في كتاب القضاء ، نعم لا تصدق معرفة طبيعة قضائهم عليهم‌السلام على معرفة مسألة أو مسألتين مثلا ، كما أنّ العارف بمسألتين من علم النحو أو الطب لا يصدق عليه أنه نحوي أو طبيب ، بل ظاهره معرفة جميع الأحكام.

وبناء على نسخة التهذيب «من قضايانا» فقد يشكل الأمر ، لأنّ الجمع المضاف من ألفاظ العموم ، فتعتبر معرفة جميع الأحكام بحيث يصدق الاستغراق العرفي ، ويتحد هذا المضمون مع مثل المقبولة الظاهرة في اعتبار الفقاهة والاجتهاد المطلق. ولا يجدي كون حرف الجر للتبعيض ، فان بعض الكثير كثيرا أيضا ، فإنّ علومهم عليهم‌السلام بحار ليس لها ساحل ولا يحيط بها بشر ، فلا بد من كون بعضها كثيرا أيضا ، فإنّ القطرة وإن كانت بعض البحر حقيقة ، إذ كل جزء من أجزاء المركب بعضه وإن كان قليلا ، إلّا أن صحة النسبة البعضية عرفا أمر آخر غير الصدق اللغوي والدقي العقلي ، فهي متقومة بكون البعض كثيرا في نفسه وبالنسبة إلينا ، وقد حكي أنه قيل لصاحب الجواهر أعلى الله مقامه الشريف عند احتضاره وانكشاف الغطاء عنه : «عنده شيء من علم جعفر عليه‌السلام مع أنّه من أعاظم الفقهاء وأعمدتهم وممّن وفقه الله تعالى لتحرير دورة كاملة من أمّهات المباحث الفقهية. وعلى هذا الاحتمال تكون معتبرة أبي خديجة موافقة للمقبولة ونحوها.

إلّا أنّه قد يعوّل على نقل الكليني باعتبار أضبطيته في مقام النقل ، وتقع المعارضة بينها وبين سائر الأدلة اللفظية ، إذ الأحكام الواصلة عنهم عليهم‌السلام في باب الخصومات ليست بكثيرة في نفسها.

هذا بعض الكلام في الجهة الأولى.

٤٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

وأمّا الجهة الثانية وهي بيان النسبة بين المشهورة ـ على فرض دلالتها على كفاية معرفة أحكام القضاء وفصل المرافعات ـ والمقبولة ونحوها مما ظاهره اعتبار الاجتهاد المطلق ، فنقول : بناء على ظهور المشهورة بدوا في نفوذ قضاء المتجزّي تقع المعارضة بينها وما بمضمونها كما في صحيحته الأخرى : «اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضيا» وغيرها مما استدل به على كفاية التجزّي في الاجتهاد ، وبين المقبولة : «وعرف أحكامنا» الظاهرة في معرفة مقدار معتد به من الأحكام.

والظاهر لزوم تقييد المشهورة بالمقبولة ، فإنّ معتبرة أبي خديجة وإن دلّت على كفاية العلم بشيء من قضائهم عليهم‌السلام في جواز التصدي لهذا المنصب ، إلّا أنّ مقتضى قوله عليه‌السلام في المقبولة : «وعرف أحكامنا» عدم كفاية العلم بمطلق الشيء من قضائهم في مشروعية القضاء في المرافعات ، وأنّ اللازم معرفة كثير من أحكامهم عليهم‌السلام ، خصوصا مع كونه عليه‌السلام في مقام نصب القاضي لفصل النزاع في الشبهة الحكمية التي تعارضت الروايات فيها كما هو مفروض سؤال عمر بن حنظلة من الاختلاف في الدين والميراث ، فلا يكفي في التصدي لهذا المنصب التلبس بصرف الوجود من رواية الحديث ، ما لم يبلغ مرتبة صدق «العالم والعارف بالأحكام» عليه.

هذا كله بناء على كون المشهورة كالمقبولة ناظرة إلى القاضي المنصوب بالنصب العام ، وإلّا فبناء على كون مفادها نصب قاضي التحكيم فلا معارضة لها مع المقبولة ، لتعدد المورد.

والإجماع على عدم اعتبار رواية جميع أحاديثهم عليهم‌السلام ولا النّظر في جميع حلالهم وحرامهم ـ لكفاية النّظر في الجملة المعتد بها ـ وإن كان صحيحا ، كما أنّ حمل المعرفة على الملكة خلاف ظهور المعرفة في الفعلية وتفكيك بين فقرات الرواية يأباه سياقها ، إلّا أنّ ذلك كله لا يوجب حمل «عرف أحكامنا» على الجنس الصادق على القليل والكثير ، حتى يقال بكفاية التجزّي في مقام القضاء ، وذلك لأنّ تعذر إرادة الاستغراق الحقيقي من معرفة أحكامهم وتعذر حمل المعرفة على الملكة لا يوجبان التنزّل إلى كفاية مطلق المعرفة الفعلية ببعض الأحكام ، بل يتعين الحمل على الجملة المعتدّ بها كما ذكرنا ، فما أفاده سيدنا الأستاذ «قده» في المستمسك عقيب كلامه المتقدم لا يخلو من خفاء.

وكيف كان فلو فرض سقوط المقبولة بالتعارض تعيّن القول باعتبار معرفة جملة وافية من أحكام

٤٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

الفقه ، وعدم كفاية التجزّي في خصوص باب القضاء فضلا عن التقليد فيه ـ كما ذهب بعض إلى ثبوته له تمسكا بالإطلاقات ـ والوجه فيه : أنّ منصب القضاء على ما يظهر من جملة من الأخبار لم يثبت بالأصالة إلّا لنبيّ أو وصي نبي كما في صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام فلا يشرع لغيرهما إلّا بالإذن منهما «عليهما الصلاة والسّلام» خصوصا أو عموما كنوّاب الغيبة ، فإنّ المأذون من قبلهما ينطبق عليه عنوان الوصي ولو عناية كوكيل الوصي ، غايته أنّ عهده في طول عهد الوصي ومن فروعه. وظاهر الصحيحة نفي الولاية العرضية عن غير النبي والوصي صلوات الله عليهما» لا نفى الولاية الطولية الحاصلة بالإذن ، والمتيقن ممن أذن له في القضاء هو المجتهد المطلق الجامع للشرائط ، ويشك في نفوذ قضاء غيره ، والأصل الأوّلي وإن اقتضى إباحته لكل مكلف ، إلّا أنّ مقتضى الأصل الثانوي المستفاد من النصوص عدم مشروعيته لمن لا أهليّة له.

هذا بعض الكلام في قضاء المتجزّي ، وقد عرفت أنّ الأقوى عدم ثبوت هذا المنصب لمطلق مراتب التجزّي ، لإناطته بصدق «الفقيه والعارف بالأحكام» وهو مما يتوقف على استخراج الكثير من أبواب الفقه الشريف ، ولذلك لا يثبت للمجتهد المطلق الّذي لم يستنبط الجملة المعتد بها.

وأمّا مسألة تقليد المتجزّي وحجية فتواه على غيره فقد عرفت استدلال سيدنا الأستاذ «قده» عليه «بأن منصب القضاء منصب للفتوى ولا عكس» والحكم في الأصل ـ أعني جواز تصدي المتجزّي لمنصب القضاء ـ وإن لم يكن واضحا عندنا ، إلّا أنّه على فرض تسليمه لم يتضح لنا التلازم بين منصب القضاء والفتوى دون العكس ، فان كلّا منهما لكونه نيابة عن المعصوم عليه‌السلام يتوقف على الإذن الخاصّ أو العام ، مع ما بين أحكام البابين من تفاوت.

وعليه يكون الأحوط ـ لو لم يكن أقوى ـ اعتبار الاجتهاد المطلق في مرجع التقليد ، والله أعلم بحقيقة الحال.

٤٣٥

فصل (١)

لا يخفى احتياج الاجتهاد إلى معرفة العلوم العربيّة (٢)

______________________________________________________

مبادئ الاجتهاد

(١) الغرض من عقد هذا الفصل الإشارة إلى مبادئ الاجتهاد ـ في الفقه الشريف ـ أعني بها العلوم التي يتوقف عليها ، وقد اختلفت كلماتهم في حصرها ، فعدّها بعضهم ستة ، وبعضهم اثني عشر علما ، وهي اللغة والنحو والصرف والمعاني والبيان والأصول والكلام والمنطق والتفسير ، والعلم بأحاديث الأحكام ، وبمواقع الإجماع ، والرّجال ، والرياضي الشامل للحساب والهندسة والهيئة. وأضاف بعضهم إليها أمورا أخر كعدم كونه بحّاثا وجريّا على الفتوى ومستبدا بالرأي وغير ذلك مما هو مذكور في المطولات. وربما يجمع بين القولين الأوّلين بتوقف حصول الملكة على الستة ، والاستنباط الفعلي على اثني عشر علما ، وكماله على أمور أخرى.

ولكن المصنف اقتصر هنا على دخل خصوص العلوم العربية في الجملة والتفسير كذلك وعلم الأصول ، وسيأتي.

(٢) هذا الاحتجاج مما لا إشكال فيه ، لتوقّف الاجتهاد على العلوم العربية توقّف ذي المقدمة على مقدماته الوجودية ، لكون عمدة أدلة الفقه ـ وهي الكتاب والسنة ـ عربية. والمراد بالعلوم العربية العلوم التي يكون موضوعها الألفاظ العربية من حيثيات مختلفة ، وهي علم اللغة والنحو والصرف والبلاغة والعروض.

أمّا توقّف الاستنباط على معرفة علم اللغة فواضح ، للزوم إحراز معاني المفردات

٤٣٦

في الجملة (١) ولو (٢) بأن يقدر على معرفة ما يبتني عليه الاجتهاد (٣) في المسألة بالرجوع إلى ما دوّن فيه ، ومعرفة (٤) التفسير كذلك.

______________________________________________________

الواردة في الأدلّة ، كلفظ الصعيد والغسل والمسح والمفازة والكعب والكفّ واليد والآنية والغناء ، ونحوها من الألفاظ التي تعلق بها حكم شرعي.

وأمّا توقفه على علم النحو فلأنه يعرف به معانيها التركيبية الحاصلة من تركيب العوامل اللفظية والمعنوية مع المعمولات ، فيلزم معرفة الفاعل والمفعول والحال والمبتدأ والخبر ونحوها مما يوجب اختلاف حركة الكلمة فيها اختلاف معانيها. ولا يلزم التبحر في جميع مباحثه مما لا دخل له في الاستنباط كمسألة «الإخبار بالذي» والفرق بين عطف البيان والبدل ، والمسألة الزنبورية.

وأمّا توقفه على علم الصرف ، فلأنّه تعرف به الهيئات المختلفة الطارئة على المادة ، وتصاريفها الموجبة لاعتوار المعاني المتشتتة عليها بالمضي والاستقبال والأمر وغيرها.

وأمّا علم البلاغة فليس له دخل بتلك بالمثابة وإن كان بعض مباحثه كمبحث الإنشاء والإخبار ، والقصر ونحوهما مفيدا. وتكثر فائدته لو قيل بترجيح أحد الخبرين المتعارضين بالأفصحيّة. وأمّا علم العروض الباحث عن القوافي والأوزان فلا دخل له أصلا في الاجتهاد.

(١) قيد لـ «معرفة» يعني : أن الاجتهاد في الفقه يتوقف على معرفة عدة من مباحث العلوم العربية ، لا على معرفتها بتمامها ، فتوقّف الاجتهاد على معرفة بعض مباحث علم اللغة والنحو والصرف واضح ، دون توقفه على معرفة علم العروض ، وجملة أخرى من مباحث النحو.

(٢) قيد للمعرفة ، يعني : أنّ تلك المباحث ـ التي يتوقف عليها الاستنباط من اللغة وجملة من مسائل النحو والصرف ـ لا يلزم على المجتهد معرفتها بالفعل وإيداعها في صدره ، بل يكفي ملكة الاقتدار عليها بمراجعة الكتب المدوّنة فيها.

(٣) أي : الاجتهاد الفعلي وهو استنباط الأحكام عن أدلتها.

(٤) معطوف على «معرفة العلوم العربية» وقوله : «كذلك» يعني : في الجملة ولو بأن

٤٣٧

وعمدة ما يحتاج إليه هو علم الأصول (١) ، ضرورة أنّه ما من مسألة إلّا ويحتاج في استنباط حكمها إلى قاعدة أو قواعد برهن عليها في

______________________________________________________

يقدر على معرفته بالرجوع إلى كتب التفسير. ووجه الحاجة إلى معرفة التفسير في الجملة هو معرفة آيات الأحكام التي هي خمس مائة آية على ما قيل ، وقد صنّف غير واحد من الأصحاب كتبا في هذا الموضوع. ولا بد للفقيه من مراجعة هذه الآيات وما ورد فيها من تخصيص وتقييد وبيان كي لا يتسرّع إلى الأخذ بظاهر الآية أو بظاهر الرواية التي قد تخالف الآية بوجه من الوجوه.

(١) لا ريب في ما أفاده «قده». ولا يخفى أن توقف استنباط الأحكام الفرعية على علم الأصول أشدّ بكثير من توقفه على سائر العلوم ، فإنّ ملكة الاجتهاد لا تحصل إلّا بإتقان مسائل هذا العلم وصيرورته ذا رأي في أكثر مسائله. ووجه الحاجة إليه في الاستنباط الفعلي هو ما أشار إليه في المتن من ابتناء أكثر المسائل الفقهية عليه ، فإنّ أكثر الفقه يستنبط من أخبار الآحاد ، وبعضها من ظواهر الكتاب والإجماع والأخبار المتواترة. ولا بد من علم الأصول في إثبات حجية خبر الثقة أو العدل أو الموثوق به ، وكذا ظهور الكتاب بل مطلق الألفاظ ، لأنّه متكفل لإثبات الحجية. وكذا نحتاج إليه في مسألة تعارض الروايات لأجل العلاج وإثبات حجية واحد من المتعارضين تعيينا أو تخييرا.

وكذا في مسألة حجية الاستصحاب والإجماع وحكم تعارض الاستصحابين وتشخيص سببية أحد الشكين للآخر ، وحكومة أصله على الأصل الجاري في الشك المسببي ، وجريانه في التدريجات.

وكذا مباحث الاستلزامات كمسألة وجود التلازم بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها وعدمه ، واقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضد ، وجواز الترتب في تزاحم الضدين وعدمه ، وجواز اجتماع الأمر والنهي في واحد ذي عنوانين. وكذا يحتاج إلى علم الأصول لمعرفة ما يحقّق صغرى الظهور كباب المفاهيم والعام والخاصّ والمطلق والمقيد ، إلى غير ذلك من المسائل الأصولية المحتاج إليها في استنباط الأحكام الفرعية. ومع هذه الحاجة الشديدة إلى علم الأصول أورد أصحابنا المحدثون على الاحتياج إلى هذا العلم وجوها ضعيفة وشكوكا واهية تعرض في المتن لبعضها مع اندفاعه.

٤٣٨

الأصول ، أو برهن عليها مقدّمة في نفس المسألة الفرعية ، كما هو طريقة الأخباري (١). وتدوين (٢) تلك القواعد المحتاج إليها على حدة (٣) لا يوجب كونها بدعة (٤) ،

______________________________________________________

(١) فإنّهم حذرا من تصنيف كتاب مستقل في علم الأصول تعرّضوا بإيجاز لجملة من مباحث هذا العلم في مقدمة كتبهم الفقهية ، كصاحب الحدائق حيث أودع عدّة من مسائل العلم في مقدمة الحدائق. ولو كان المقصود من عدم تأليف كتاب في علم أنّ تأليفه يحسب بدعة عندهم فيرد عليهم : أنّه لم يفرّق في صدق البدعة إيداع مطالبه في كتاب مستقل أو في مقدمة كتاب فقهي.

(٢) مبتدأ خبره «لا يوجب» وهذا إشارة إلى أوّل الشكوك الواهية التي أبداها بعض المحدثين ، وحاصله : أنّ تدوين كتاب في علم الأصول بدعة ، لأنّ علم الأصول قد حدث تدوينه بعد عصر الأئمّة عليهم‌السلام ، ونقطع بأنّ قدماءنا وحاملي أخبارنا لم يكونوا عالمين بها ، وقد كانوا يتديّنون بدين أئمتهم عليهم‌السلام ، ويعملون بأخبارهم ، ومع ذلك قرّرهم أئمتهم على ذلك ، فاستمرّ ذلك إلى زمان ابن أبي عقيل وابن أبي جنيد ، ثم حدث بينهم علم الأصول. فهو بدعة وضلالة.

ويكفي في رد هذه الدعوى ما أشار إليه في المتن ، من أن عدم تدوين علم الأصول في عصر الحضور وتدوينه بعده ليس بدعة ، وإلّا لكان تدوين كثير من العلوم كالتفسير والتجويد والنحو والصرف وغير ذلك بدعة ، فهل يرضى المحدّث أن يتخيّل أن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه» لمّا أمر أبا الأسود الدؤلي بتدوين علم النحو وتأسيسه أمره بتأسيس بدعة؟ ولم يكن شيء من قواعده ثابتة؟ فان الالتزام بذلك في غاية البشاعة ، إذ من المسلّم وجود قواعد النحو قبل أمره صلوات الله عليه» إيّاه بتدوين النحو ، غاية الأمر أنها لم تكن مدوّنة قبله.

(٣) قيد لقوله : «وتدوين تلك القواعد» أي : تدوين تلك القواعد على حدة ، لا في مقدمة كتاب فقهي.

(٤) كما زعمها أصحابنا المحدثون.

٤٣٩

وعدم (١) تدوينها في زمانهم عليهم‌السلام لا يوجب ذلك ، وإلّا (٢) كان تدوين الفقه والنحو والصرف بدعة.

وبالجملة (٣) : لا محيص لأحد في استنباط الأحكام الفرعية من أدلتها

______________________________________________________

(١) مبتدأ خبره «لا يوجب» وهو تتمة للتوهم المزبور وليس توهما آخر ، ولو قال في تقرير هذه الشبهة : «وتدوين تلك القواعد المحتاج إليها على حدة مع عدم تدوينها في زمانهم عليهم‌السلام لا يوجب بدعة» كان أخصر وأبين للمطلب ، والأمر سهل.

(٢) هذا هو الجواب النقضي عن شبهة المحدثين ، يعني : وإن كان تدوين هذه القواعد في كتاب في زمن الغيبة بدعة لكان تدوين الفقه بدعة أيضا ، مع أنّ المحدثين بذلوا الجهد في الفقه وألّفوا فيه ، أفهل كان تأليف كتاب فقهي استدلالي بدعة بمجرّد أنّه لم يكن في عصر الحضور؟ أو هل يكون العمل بالقواعد النحوية بدعة لمجرّد أن تدوينها كان في عصر الغيبة وإن كانت القواعد معمولا بها حتى قبل ظهور الإسلام؟

وبالجملة : انّ مقصود المحدثين من دعوى «كون علم الأصول بدعة» إمّا أن يكون لعدم توقف استخراج الأحكام الفرعية عليه ، وإمّا لمنع تسمية هذه القواعد بعلم الأصول ، وإمّا لعدم صحة تدوينها بعنوان علم مستقل.

والكل واضح البطلان ، أمّا الأوّل فلما عرفت من توقف استنباط جلّ الأحكام على على الأصول ، وهذا في الجملة مما يعترف به المحدّث ، لأنه يتعرض لشيء من مباحثه في مفتتح الفقه ومدخله.

وأمّا الثاني فلأنه نزاع لفظي لا يليق بأهل الفضل بعد كون المسمّى محتاجا إليه عند الكل.

وأمّا الثالث فلأنّ تدوينها في كتاب مستقل لا يجعل علم الأصول بدعة ، وإلّا كان تدوينها في مقدمة كتاب الفقه بدعة أيضا ، مع أنه لا يكون كل بدعة حراما ، أعاذنا الله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا.

(٣) هذه خلاصة ما أفاده بقوله : «وعمدة ما يحتاج إليه هو علم الأصول» إلى هنا.

٤٤٠