لاختلال النظام ، وجب الالتزام بأنّ ذلك الطريق الشرعي المجعول منجّزاً لتلك الأحكام في ذلك الحال هو الظنّ.
والأولى أن يضمّ إلى الإجماع [ على ] عدم الإهمال الإجماع على عدم وجوب الاحتياط شرعاً ، بمعنى أنّ الشارع لا يريد امتثال أحكامه بطريق الاحتمال ، وبعد ضمّ هذا الإجماع إلى الإجماع على أنّ الشارع لم يرخّص في أحكامه ، تكون النتيجة هي أنّ الشارع جعل الظنّ حجّة. نعم لو قرّرنا الإجماع الثاني بأنّه واقع على عدم وجوب الاحتياط التامّ ، وأبطلنا الاحتياط التامّ بالعسر والحرج أو اختلال النظام ، لكانت النتيجة هي تبعيض الاحتياط الشرعي أو العقلي ، أمّا بعد أن كان المدّعى في الإجماع الثاني هو أنّ الشارع لا يرضى بامتثال أحكامه بطريق الاحتمال والاحتياط ، فلا محصّل لتبعيض الاحتياط حينئذ ، ويكون هذا الإجماع مسقطاً ومبطلاً لكلّ من الاحتياط الشرعي والعقلي ، حتّى لو قلنا بأنّه يمكن للشارع بعد أن حكم بعدم الترخيص أن يوكل المكلّفين إلى ما تحكم به عقولهم ، وقلنا إنّ عقولهم بعد أن اطّلعوا على أنّ الشارع لم يرخّص في أحكامه وأنّه يريدها منهم حتّى في حال الانسداد ، تحكم بلزوم الاتيان بكلّ ما احتملوه ، أعني الالتزام بالاحتياط.
ومن ذلك كلّه يظهر لك أنّ عدم جواز الاهمال في المقام من الأحكام الشرعية ، باعتبار أنّ للشارع في ذلك الحال أن يتساهل مع عباده ويرخّصهم في ترك امتثال تلك الأحكام ولو بأن يجعل لهم البراءة الشرعية ، فلمّا كان جعل الترخيص الشرعي في ذلك الحال ممكناً عقلاً ولو بجعل البراءة الذي هو مفاد حديث الرفع ، كان محصّل عدم جواز الاهمال هو عدم جعل البراءة ، وكان ذلك العدم أثراً شرعياً ولو باعتبار إبقائه ، فيكون حينئذ ممّا يدخله الإجماع ، كالإجماع