وقد حرّرت عنه قدسسره في الدرس في وجه قبح النهي وحسن الأمر في الصورة الأُولى ما هذا نصّه : والحاصل : أنّ المكلّف به في التحريم لمّا كان هو الترك وعدم نقض العدم الأزلي ، ففي صورة كون الفعل متروكاً بنفسه لعدم التمكّن منه عادة ، يكون الخطاب بالنهي عنه لغواً لا أثر له ، بخلاف الايجاب فإنّه لمّا كان المكلّف به هو الايجاد ففي صورة عدم التمكّن عادة من الفعل الواجب لا يكون الخطاب بايجابه لغواً ، بل يكون أثره وهو إيجاد الكلفة على المكلّف أشدّ وأقوى من الايجاب المتعلّق بالفعل الممكن عادة ، فلا يكون مشروطاً بالتمكّن العادي من الفعل كما يكون التحريم مشروطاً بذلك ، انتهى.
ومنه يظهر جريان عين هذا التوجيه في الصورة الثانية ، لكنّه على العكس من الصورة الأُولى. ولكن هذا الوجه منقوض في الصورة الأُولى بما لو كان المكلّف تاركاً للفعل من نفسه وإن كان فعله ممكناً له عادة ، وكذا في الصورة الثانية بما لو كان المكلّف يأتي بالفعل من قبل نفسه وإن كان تركه ممكناً له عادة ، فإنّه يلزم كون كلّ من النهي في الصورة الأُولى والأمر في الصورة الثانية قبيحاً ولغواً.
وقد أجبنا هناك عن هذا النقض بأنّه يكفي في حسن النهي ـ فيما لو كان المكلّف تاركاً للفعل لعدم الداعي أو لوجود الصارف عنه مع فرض إمكان الفعل
__________________
يصير داعياً للمكلّف نحو تركه ، لو لم يكن له داع آخر ، ولا يكاد يكون ذلك إلاّفيما يمكن عادة ابتلاؤه به ، وأمّا ما لا ابتلاء به بحسبها فليس للنهي عنه موقع أصلاً الخ.
وقال في الهامش : كما أنّه إذا كان فعل الشيء الذي كان متعلّقاً لغرض المولى ممّا لا يكاد عادة أن يتركه العبد ، وأن لا يكون له داع إليه ، لم يكن للأمر به والبعث إليه موقع أصلاً كما لا يخفى [ منه قدسسره ].