طلب ما يعلم أنّه يحصل في ظرفه ، وليس هذا من قبيل طلب الشيء الحاصل كي يكون محالاً.
نعم ربما يقال : إنّه مستهجن لدى العقلاء ، لكن يرفع هذا الاستهجان ما عرفت من إمكان كون ذلك الطلب واقعاً في سلسلة إرادة العبد الموجب لتحقّق ثوابه زيادة على خروجه عن العصيان ، فإنّه لو ترك في الآن الثاني لا بداعي ذلك الطلب لا يكون مستحقّاً للثواب ، وإن استراح من العقاب لعدم تحقّق العصيان منه ، لأنّه منحصر بالاتيان بالفعل ، بخلاف ما لو ترك بداعي ذلك الطلب ، فإنّه يكون موجباً لاستحقاقه الثواب ، وإن لم يكن ذلك أعني كون تركه بداعي الطلب شرطاً في سقوط الطلب عنه ، وهو ـ أعني العبد ـ وإن فرض أنّه لا يترك بداعي ذلك الطلب ، بل يترك بداعيه النفساني ، إلاّ أنّه لمّا كان يمكنه أن يترك بداعي ذلك الطلب ، كان ذلك كافياً في حسن نهيه ، لما عرفت من أنّ المدار في حسن النهي على إمكان وقوعه في سلسلة إرادة العبد.
إذا عرفت جميع ما قدّمناه نقول بعونه تعالى : إنّك قد عرفت اشتراك الأمر والنهي في توقّف حسن كلٍّ على إمكان وقوعه في سلسلة إرادة العبد المتعلّقة بما كان هو المطلوب أعني الترك في النواهي والفعل في الأوامر ، فلم يبق في محلّ البحث إلاّمعرفة الوجه في اختصاص النهي باعتبار القدرة العادية ، بحيث إنّه يكون قبيحاً في مورد عدم التمكن العادي ، بخلاف الأمر.
ثمّ إنّ الإشكال في الأمر تارةً يكون من جهة عدم إلحاقه بالنهي في صورة كون الفعل مورداً لعدم التمكّن العادي كما في آنية الذهب التي لا يتمكّن المكلّف عادة من الحصول عليها في الحكم بقبح النهي عن الشرب فيها ، بخلاف الأمر بكسرها أو الشرب منها ، وأُخرى يكون عكس الصورة المفروضة ، كما لو كان