المبغوضية فلِمَ لا نقول إنّ ملاك الايجاب هو المحبوبية ، لتكون القدرة دخيلة فيه أيضاً ، فراجع وتأمّل.
وبالجملة : أنّا لا نتعقّل للمبغوضية ولا للمحبوبية بالنسبة إليه تعالى إلاّنفس التحريم والايجاب ، لا أنّ التحريم والايجاب بالنسبة إليه تعالى يكونان بعد المبغوضية والمحبوبية لتكون المبغوضية ملاكاً للتحريم زائداً على المفسدة الواقعية. ولو سلّم ذلك لكانت المحبوبية في التكاليف الايجابية ملاكاً للايجاب زائداً على المصالح الواقعية.
ثمّ إنّ عدم ارتكاب المنهي عنه تارةً يكون لما تقدّم ذكره من كونه غير متمكّن منه عادة ، وأُخرى يكون من جهة عدم جريان العادة بارتكابه وإن كان ارتكابه ممكناً ، وثالثة يكون من جهة اتّفاق وجود الصارف عنه أو مجرّد عدم تعلّق الارادة بارتكابه ، وإن كان ارتكابه ممكناً عادة ، وكانت العادة جارية بارتكابه ، بمعنى أنّه لم تجر العادة على عدم ارتكابه.
أمّا النحو الأوّل فهو القدر المتيقّن ممّا يوجب قبح التكليف بالاجتناب عنه.
كما أنّ الثالث ممّا لا ينبغي الشبهة في حسن التكليف بالاجتناب عنه ، لأنّ مجرّد وجود الصارف عنه أو اتّفاق عدم تعلّق الارادة بارتكابه لا يمنع من النهي عنه والتكليف باجتنابه ، حيث إنّ مدار حسن التكليف وملاك حسن الخطاب بالاجتناب عنه هو إمكان تعلّق إرادة المكلّف بارتكابه ، ليكون ذلك الخطاب زاجراً له عن الارتكاب ، ويكون ذلك الخطاب بتركه حسناً عقلاً ، لإمكان أن تتعلّق الارادة بارتكابه ، وبذلك تندفع شبهة تحصيل الحاصل ، إذ ليس الغرض من النهي مجرّد أن لا يفعل كي يقال إنّ هذا الشخص المفروض أنّه لا تحصل له إرادة الفعل أو حصل له الصارف عنه ، يكون نهيه عن ذلك الفعل لغواً وتحصيلاً