عليه ، لا دخل له في تحقّق التعارض بين الأصلين ، مضافاً إلى أنّه ربما لا يلزم الوقوع في العلم الاجمالي المذكور كما إذا شرب ذلك المائع قبل الصلاة.
وهكذا الحال فيما لو علم بكون أحد ثوبيه ممّا لا يؤكل لحمه ، فلا يقع فيه تعارض بين الأصلين في كلّ منهما ، فيجوز له حينئذ الصلاة بأحدهما. نعم لو صلّى فيهما معاً صلاة واحدة علم تفصيلاً ببطلان صلاته ، أو صلّى صلاة بأحدهما وأُخرى بالآخر يعلم إجمالاً بفساد إحدى الصلاتين ، إلاّ أنّ ذلك أمر آخر لا يوجب تحقّق التعارض بين الأصلين. وهكذا الحال فيما لو علم بأنّه مجنب أو أنّ ذلك الثوب ممّا لا يؤكل لحمه ، أو علم إمّا أنّه مجنب أو أنّ إمامه مجنب.
وعمدة هذه الإشكالات في هذه الفروع وأمثالها إنّما نشأ من تلك الدعوى التي ادّعيناها ، وهي عدم التعارض بين الأصل النافي في هذا الماء أو هذا التراب أو هذا الثوب مع الأصل النافي في الطرف الآخر ، بتخيّل أنّه لا يلزم من العمل بالأصلين مخالفة عملية قطعية لتكليف إلزامي معلوم في البين ، وليسا من الأُصول الاحرازية كي يكون الحكم بالاحرازين مع العلم الاجمالي بالخلاف موجباً تعارضهما وسقوطهما.
وطريق الحل في جميع هذه الفروع هو أن يقال : يكفي في المعارضة المخالفة العملية للوجوب الشرطي أو للنهي المولّد للمانعية ، فإنّ مخالفة هذا الوجوب الشرطي أو المانعية كافية في التعارض ، حيث إنّ العقل يمنع من مخالفة الوجوب الشرطي كما يمنع من مخالفة الوجوب النفسي الاستقلالي ، خصوصاً بناءً على ما أفاده شيخنا قدسسره (١) من أنّ الوجوب الشرطي وجوب نفسي غايته أنّه
__________________
(١) لاحظ حواشي المصنّف قدسسره المتقدّمة في المجلّد الثاني من هذا الكتاب ، الصفحة :