فللدور ، لأنّ كلاً منهما متوقّفة على إجراء الأُخرى ، فلا يكون المرجع إلاّ أصالة العدم ، فتأمّل فإنّه بناءً على ذلك ينبغي أن يكون الحال كذلك فيما لو احتمل كلاً من الثلاثة على نحو الشبهة البدوية ، فيكون اللازم في ذلك عنده هو الإعادة وحدها بناءً على ما ذكرناه من حكومة أصالة العدم في الركن عليها في غير الركن ، أو يكون اللازم هو الاعادة مع قضاء التشهّد لو قلنا بالجمع بين الأُصول الثلاثة ، فتأمّل فإنّه في غاية الغرابة. وكذلك الإشكال فيما لو كان الاحتمال البدوي ثنائياً ، بأن احتمل ترك الركوع بدوياً كما احتمل أيضاً بدوياً ترك السجدتين من إحدى الركعات.
والأولى أن يقال : إنّ صحّة الصلاة ليست موضوعاً شرعياً لقاعدة التجاوز في السجدة ، وإنّما هي مورد لذلك ، بمعنى أنّه مع فساد الصلاة لا مورد للحكم بأنّك أتيت بالسجدة ، لا أنّ موضوع هذا الحكم هو صحّة الصلاة على وجه يكون له تقدّم رتبي عليه ، وذلك نظير ما قالوا في وجه حكومة الأمارة على الاستصحاب من أنّه مقيّد بالشكّ بخلاف الأمارة ، مع فرض كون مورد الأمارة قهراً هو الشكّ في الواقع وعدم العلم به ، فلم يكن مجرّد هذه الموردية موجباً لكون موضوع الأمارة هو الشكّ وعدم العلم كي تكون متأخّرة عنه رتبة ، وتكون في عرض الاستصحاب في كون كلّ منهما متأخّراً رتبة عن الشكّ ، وأنّه موضوع لكلّ منهما ، ولعلّ هذا هو المراد لشيخنا قدسسره من إيراده الأوّل (١) بأنّه يكفي الصحّة التقديرية.
وما أشبه هذا الإشكال بالإشكال الذي يورد على التمسّك باطلاقات البيع بناءً على القول بالأعمّ ، فيقال : إنّ الفاسد لا يؤمر بالوفاء به ، فعند الشكّ في اعتبار العربية لو وقع البيع بالفارسية لا يمكن التمسّك باطلاق الوفاء وإطلاق ( أَحَلَّ اللهُ
__________________
(١) سيأتي هذا الإيراد فيما ينقله عنه قدسسرهما في الدروس الفقهية ، فراجع الصفحة : ٤٥٧.