فيلزم الاجتناب عن الباقي ، وهو معنى التبعيض.
وهذه الطريقة مختصّة بما نحن فيه من كثرة المعلوم بالاجمال وقلّة ما يندفع به الحرج ، على وجه يبقى العلم الاجمالي في البواقي بعد ما يندفع الحرج بحاله ، دون ما لو كان ذلك المقدار مساوياً لما هو المعلوم بالاجمال أو أكثر.
وهذا الفرق إنّما يظهر في نفي الحرج ، أمّا نفي الاضطرار فلا فرق فيه بين الصورتين ، بمعنى أنّه في الصورة الثانية يلزمه الاحتياط في البواقي ، لأنّ ميزان جريان حديث الاضطرار هو انطباق المعلوم بالاجمال على ذلك الذي دفع به اضطراره ، وارتكابه لا يسقط العلم الاجمالي عن التأثير في البواقي ، بخلاف حديث نفي الضرر والعسر والحرج ، فإنّه إنّما ينطبق قبل الارتكاب ، ويكون ذلك الحكم الواقعي الموجود ضررياً أو حرجياً ، فيرتفع بحديث نفي الضرر والحرج قبل ارتكاب ما يرتفع به حرجه. ثمّ بعد ارتكاب البعض الرافع لحرجه إن بقي له علم إجمالي في البواقي وجب الاجتناب عنها ، وإلاّ جاز له ارتكابها ، وتكون النتيجة فيما نحن فيه أنّ وجوب الاجتناب عن البواقي بعد ارتكاب ما ارتكبه لا قبل الارتكاب ، لأنّ التكليف الواقعي حرجي قبل الارتكاب لا بعده.
ويمكن أن تأتي هذه الطريقة في الشبهات التي يبتلى بها المكلّف تدريجاً بأن يقال : إنّ المكلّف بعد علمه الاجمالي بالتكاليف الكثيرة وانسداد باب العلم التفصيلي بها أو ما يقوم مقامه ، فهو يعلم فعلاً أنّ أطراف هذه الشبهات كثيرة لا تحصى ، على وجه يكون الجري فيها جميعاً على طبق الاحتياط حرجياً ، فكانت التكاليف الواقعية التي علمها بالاجمال حرجية عليه فترتفع ، ولا يتوقّف اتّصافها بالحرجية على تحقّق الاحتياط على طبقها حتّى لو كانت كلّها وجوبية ، بل إنّ تلك الوجوبات الواقعية المعلومة في البين تكون فعلاً متّصفة بالحرجية ، لأنّها فعلاً