جريان الأصل النافي للتكليف فيما لو كان التكليف ثابتاً في بعض الأطراف ، لعدم المعارض حينئذ للأصل النافي ، ليس بخال عن التأمّل ، بل المعتمد هو الوجه الأوّل المبني على أنّ ثبوت التكليف في بعض الأطراف يكون موجباً لعدم تأثير العلم الاجمالي ، وفي الحقيقة أنّه لو كان التكليف ثابتاً في بعض الأطراف لا يكون لنا علم إجمالي بحدوث تكليف ، لا أنّ العلم الاجمالي موجود ولا أثر له لكون بعض الأطراف يجري فيه الأصل النافي بلا معارض في الطرف الآخر كما هو ظاهر الوجه الثاني (١).
ثمّ لا يخفى أنّه ليس المدار في تحقّق الانحلال على تقدّم العلم بثبوت التكليف في بعض الأطراف ، بل المدار فيه على كون ذلك التكليف الثابت في بعض الأطراف متقدّماً على التكليف المعلوم بالاجمال ، فإنّه لو وقعت نجاسة في إناء معيّن ، وعلم إجمالاً بوقوع نجاسة أُخرى مردّدة بينه وبين إناء آخر ، تارةً تكون النجاسة في المعيّن متقدّمة على النجاسة في المردّد ، وأُخرى تكون متأخّرة عنها ، وثالثة تكون مقارنة لها ، والعلم التفصيلي بتلك النجاسة المعيّنة تارة يكون متقدّماً على العلم الاجمالي بالنجاسة المردّدة ، وأُخرى يكون متأخّراً عنه ، وثالثة يكون مقارناً له ، فتكون الصور تسعاً ، يختلف حالها في انحلال العلم وعدم انحلاله ، فراجع ما حرّرناه في شرح الوسيلة (٢). وهكذا الحال فيما لو كان كلّ من
__________________
(١) ينبغي أن يتأمّل في هذا المبحث في فرع ، وهو ما لو علم إجمالاً بأنّه قد صدر منه أحد الأمرين من تطهير ثوبه من الخبث أو الوضوء ، فإنّه بعد تساقط استصحاب الحدث والخبث هل يمكن الرجوع في الوضوء إلى قاعدة لزوم إحراز الشرط ، وفي الثوب إلى قاعدة الطهارة [ منه قدسسره ].
(٢) مخطوط لم يطبع بعدُ.