السقوط بمنزلة العدم ، لعدم تأثيره في انحلال العلم ، بل يبقى العلم الاجمالي بحاله ، ومن الواضح أنّه ما دام العلم بالتكليف موجوداً لا يمكن الرجوع إلى الأصل النافي ، لعدم حصول المؤمّن من مخالفة ذلك التكليف لو اتّفق في الواقع انطباقه على ما هو مجرى الأصل النافي ، إلاّ إذا كان الأصل النافي جارياً في وادي الفراغ ، لأنّه حينئذ مؤمّن شرعي ـ إلى أن قال ـ فتلخّص : أنّه لا فرق بين كون الضابط هو تعارض الأُصول ، وبين كون الضابط هو العلم بوجود التكليف. وتلخّص أيضاً : أنّ انحلال العلم الاجمالي بالأصل منحصر بما إذا كان أحد الأطراف مجرى للأصل المثبت ، إلى آخر ما حرّرته عنه.
وقال قبل ذلك في هذا المقام أيضاً ما ملخّصه : إنّ التعارض في الأُصول لا معنى له أصلاً ، وأقصى ما فيه أنّهما لا يجتمعان ـ إلى أن قال ـ وغرضنا من قولنا لا يمكن ترجيح أحد الأصلين بلا مرجّح ، أنّه لا يمكن إجراء الأصل النافي في أحد الطرفين وإبقاء الطرف الآخر وتعيينه للتكليف المعلوم ، والبناء على أنّ ذلك هو المكلّف به ، وهذا المعنى لا يفرق فيه بين كون كلّ واحد مورداً للأصل النافي وبين كون أحدهما مورداً للأصل النافي والآخر لا أصل له كما في مثل المثال. نعم لو كان الطرف الآخر مورداً للأصل المثبت ، لما كان تعيينه لما هو المعلوم من التكليف بلا معيّن ومرجّح ، انتهى.
ولكن الظاهر أنّ هذا كلّه هدم لما أسّسه قدسسره من المعارضة ، فراجع وتأمّل. وينبغي مراجعة ما تقدّم في مبحث دوران الأمر بين التعيين والتخيير ومسألة دوران الأمر بين الخاص والعام ، وما شرحناه هناك (١) من عدم إمكان الرجوع إلى البراءة في طرف العام ، والرجوع إليها في طرف الخاصّ ، ومن جملة ذلك ما
__________________
(١) راجع الصفحة : ٣٠٠ ـ ٣٠١ وما بعدها.