الطهارة والطرف الآخر مجرى لاستصحابها ، لا حاجة إلى تجشّم سقوط قاعدة الطهارة بسقوط الاستصحاب ، بل لا مانع من القول بأنّه بعد التعارض يبقى المورد مجرى لقاعدة الطهارة والآخر بلا أصل مسوّغ فلا يجوز ارتكابه. ومن ذلك يمكن القول بأنّه لو كان في أحد طرفي العلم الاجمالي أصل مثبت ولو أصالة الحرمة في الدماء ، وفي الطرف الآخر أصل نافٍ جرى الأصلان معاً ، من دون حاجة إلى دعوى الانحلال بواسطة الأصل المثبت ولا إلى دعوى جعل البدل بواسطة الأصل النافي ، فراجع ما أفاده شيخنا قدسسره فإنّه لا يخلو من إيماء إلى ذلك ، وإن كان ظاهر أغلب كلماته هو الاعتماد على الانحلال أو على جعل البدل ، وإن شئت فراجع ما أفاده في تتمّة البحث بقوله : لأنّ الأصل النافي يوجب التأمين عن الطرف الذي يجري فيه ، ويبقى الطرف الآخر بلا مؤمّن الخ (١) ، فإنّه صريح فيما ذكرناه ، وإن كان قوله فيما تقدّم : وأمّا الإذن في البعض فهو ممّا لا مانع عنه ، فإنّ ذلك يرجع في الحقيقة إلى جعل الشارع الطرف الغير المأذون فيه بدلاً عن الواقع الخ (٢) ، ظاهر بل صريح في كونه من قبيل جعل البدل.
ولم أعثر على هذه الجملة ـ أعني جعل البدل ـ في تحريرات السيّد سلّمه الله ، وهي وإن كانت موجودة فيما حرّرته عنه قدسسره ، إلاّ أنّه بعد التعرّض لما أفاده صاحب الكفاية قدسسره من الفعلية من جميع الجهات ، قال فيما حرّرته عنه قدسسره ما هذا لفظه : ثمّ إنّه لو فرض لنا دليل يدلّ على الترخيص في خصوص أحد الأطراف أصلاً كان أو غيره ، كان ذلك الدليل وحده كافياً في ارتكاب ذلك الطرف بلا حاجة إلى جعل البدل في الطرف الآخر ، انتهى. وبمثله صرّح السيّد بقوله : نعم لو فرض
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٧.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٥.