لديك ، ولذلك تراهم يقولون إنّ العلم الاجمالي مقرون بالجهل ، فتلك الذات المعلومة قد تنجّزت ، لأنّ العلم وإن كان طريقاً إلى الواقع لكنّه بالنسبة إلى التنجّز جزء موضوع ، بحيث يكون حكم العقل بالتنجّز منوطاً بالواقع المعلوم ، ومعنى التنجّز هو عبارة عن كون الوجوب مورداً لحكم العقل بالمنع من المعصية والالتزام بالطاعة ، على وجه يحكم العقل باستحقاق العقاب على معصيته والمثوبة على إطاعته ، ولا ريب أنّ ذلك كلّه إنّما هو بالنسبة إلى ذات ذلك الوجوب التي انكشفت لديك ، دون ما قارنها من المجهول وهو كونها وجوب ظهر أو وجوب جمعة ، فإنّ هذه الجهة اللاحقة لذات ذلك الوجوب مجهولة لديك ، فهي خارجة عن مورد حكم العقل بالتنجّز. نعم عند ارتكابك لترك كلّ واحد من الطرفين تكون قد تركت تلك الذات بما أنّها معلومة لديك ومنكشفة عندك ، فتكون قد خالفت التكليف المعلوم لديك عالماً بتحقّق المخالفة فتكون عاصياً.
وهذا المقدار لا ينافي إمكان الترخيص الشرعي في تلك الجهة المجهولة بأن يرخّصك في ترك إحدى الجهتين من ذلك الوجوب ، والعقل وإن ألزم بوجوب الاتيان بكلّ من الجهتين مقدّمة لما حكم به من لزوم إطاعة الوجوب بجهته المعلومة ، أعني مقدّمة للحصول على تلك الذات التي انكشفت لديك تمام الانكشاف ، إلاّ أنّ ذلك الالزام المقدّمي من العقل معلّق على عدم الترخيص الشرعي ، فإذا حصل الترخيص الشرعي في أحد الطرفين سوّغ لك العقل ترك ذلك الطرف الذي سوّغه الشارع ، فلا يرد أنّ الجهة المعلومة واجبة الاطاعة لدى العقل فتكون مقدّمتها وهي الاتيان بالطرفين واجبة عند العقل.
لا يقال : إنّ العقل قد حكم بلزوم إطاعة تلك الذات من الوجوب التي هي