الحكم بها في الطرفين موجباً لرفع اليد عن إطلاقها ، وإنّما المرتفع حينئذ هو نفس الحلّية ، إمّا في كلّ منهما أو في أحدهما ، ولمّا كان رفعها في كلّ منهما بلا وجه تعيّن رفعها عن أحدهما.
والحاصل : أنّه بعد فرض كون الخطاب تعيينياً ثبوتاً وإثباتاً ، لا وجه للتصرّف فيه وجعله تخييرياً ، إذ ليس لأحد ذلك ـ أعني التصرّف في مقام الثبوت ـ إلاّ أن يكون نبيّاً ينزل عليه جبرئيل عليهالسلام. وأمّا فيما لو ورد مقيّد وكان هناك مطلق أقوى منه ، فعلى تقدير القول بأنّ مثل هذا المطلق يقدّم على المقيّد ، وأنّ المقيّد يحمل على أحد أفراد الواجب التخييري ، فليس ذلك تصرّفاً في مقام الثبوت ، وإنّما هو تصرّف في مقام الاثبات والاستكشاف. وكذا لو ورد ما ظاهره تعيّن الشرط مثل إذا خفي الأذان فقصّر ، وورد دليل آخر يدلّ على كون هذا الحكم بعينه مشروطاً بشرط آخر مثل إذا خفيت الجدران فقصّر ، فعلى تقدير القول بأنّ الشرط غير معيّن ، وأنّه أحد الأمرين من خفاء الجدران أو خفاء الأذان ، فإنّه تصرّف في مقام الاثبات لا في مقام الثبوت.
وأمّا مسألة التزاحم فهي وإن كان التصرّف فيها في مقام الثبوت ، إلاّ أنّه لملاك غير موجود فيما نحن فيه ، وهو كون كلّ تكليف مشروطاً عقلاً بالقدرة ، أو أنّ القدرة مأخوذة في موضوعه ، ففي مورد المزاحمة مع عدم أهميّة أحدهما يكون التكليف بكلّ منهما شاغلاً شرعياً عن الاتيان بمتعلّق الآخر وتعجيزاً مولوياً عنه ، فيكون التكليف بكلّ منهما مشروطاً بعدم الآخر ، وهذا الملاك مفقود فيما نحن فيه ، انتهى.
يعني أنّه عند امتثال أحدهما يكون الآخر غير مقدور ، فلا يكون مأموراً به ، وهو محصّل كون الأمر به مشروطاً بعدم امتثال الآخر ، فهذا التقييد يكون باقتضاء