العموم مثلاً مقيّداً بإخراج الصغرى لازمه أنّ الكبرى خارجة عن العموم عند بقاء الصغرى تحته ، وهكذا الحال من طرف العكس ، وحينئذ تكون النتيجة أنّ كلاً منهما خارجة عن العموم عند العمل به في الأُخرى ، وذلك أكثر تخصيصاً فيما لو تخلّصنا عن محذور الجمع بإخراج أحدهما فقط وإبقاء الآخر ، فراجع ما في المقالة ص ١٢ وص ٧٠ (١).
والإنصاف : أنّ إقحام احتمال إخراج أحدهما هو الذي أوجب الإشكال في المسألة ، ولا محصّل لاخراج الواحد الكلّي بمعنى مفهوم الواحد ، ولا الواحد الشخصي المردّد نظير النكرة على رأي صاحب الفصول (٢) ، ولا الواحد الشخصي المعيّن ، إذ لا دليل على ذلك ، وليست المسألة إلاّمن وادي قيام الدليل العقلي أو النقلي على عدم الجمع في ذلك الحكم المستفاد من العام في الشخصين ، وهذا الجمع إنّما ينشأ عن إطلاق الحكم في كلّ منهما ، فيكون الساقط هو الاطلاق المزبور ، وتكون النتيجة هي التخيير في تمام موارد هذا الضابط إلاّباب تعارض الخبرين ، للعلم الخارجي بأنّه ليس لمجرّد عدم إمكان الجمع ، بل إنّه لعدم كون المجعول إلاّ أحدهما كما أشار إليه الشيخ قدسسره (٣) ، فتأمّل.
وكيف كان ، فهذه الجهة إن كانت هي المولّدة للتخيير فهي موجودة في أطراف العلم الاجمالي ، وإن كان المولّد للتخيير هو ما ذكره الأُستاذ العراقي قدسسره من تقدّم التخصيص الأحوالي على التخصيص الأفرادي ، كان ذلك أيضاً موجوداً في أطراف العلم الاجمالي.
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٣٤ و ١٩٤.
(٢) الفصول الغروية : ١٦٣.
(٣) فرائد الأُصول ٤ : ٣٨.