ولا يخفى أنّ هذه الطريقة لا يرد عليها أنّه قبل إجراء الحكم في كلّ منهما يكون القيد لكلّ منهما حاصلاً ، فيكون اللازم هو فعلية الترخيص فيما نحن فيه بالنسبة إلى كلّ منهما ، فيعود محذور الترخيص في المعصية. والجواب عنه هو الجواب عن إشكال الأمر بالضدّين في الترتّب من جهة واحدة أو من الجهتين عند التساوي ، من أنّ المشروط لا ينقلب مطلقاً عند تحقّق شرطه ، فراجع (١). والعجب ممّن منع من الترتّب بدعوى بقاء محذور الأمر بالضدّين ، كيف أفاد في هذا المقام ما أفاده من إمكان التقييد في الترخيصين.
والحاصل : أنّ هذه القاعدة جارية في كلّ شيئين قام الدليل على عدم الجمع بينهما ، فتشمل باب تعارض الخبرين وباب التزاحم وباب تعارض الأُصول ، سواء كان الموجب لتعارضهما وعدم إمكان الجمع بينهما هو لزوم المخالفة القطعية ، أو كان هو المناقضة للإحراز الوجداني بخلافهما ، كما في مثل استصحابي النجاسة على ما أفاده شيخنا قدسسره في الأُصول الاحرازية الجارية في أطراف العلم الاجمالي ، أو على ما عن الشيخ قدسسره من كون المانع هو المخالفة الالتزامية.
بل إنّ هذه القاعدة جارية حتّى في مثل حرمة الجمع بين الأُختين في قبال عموم قوله تعالى : ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ )(٢) بالنسبة إلى كلّ واحدة منهما ، فإنّه بناءً على الالتزام في مثل ذلك بخروج أحد الفردين تكون النتيجة هي التعارض والتساقط ، ولم يلتزم به أحد في ذلك ونحوه من موارد حرمة الجمع ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٥٧ ( المقدّمة الثانية ) و ٨٠ وما بعدها. وراجع أيضاً المجلّدالثالث من هذا الكتاب ص ٣٧٩ وما بعدها.
(٢) النساء ٤ : ٣.