وجوب الحج ، وإن كان الأصل مثبتاً لوجوب الدين أو قاضياً بتنجّزه تعيّن وجوب أداء الدين ، وكان وجوب الحجّ منتفياً.
وأنت من هذا التقريب تعرف أنّه لا يتوجّه على البراءة في المقام أنّها خلاف الامتنان لأنّها توجب عليه الحج ، وذلك لما عرفت من كونها رافعة لوجوب أداء الدين وكفى بذلك منّة ، وإن كان ذلك أعني البراءة من وجوب الدين موضوعاً لوجوب الحجّ فكانت محقّقة لوجوب الحجّ ، فلاحظ وتدبّر.
لا يقال : قد ذكرتم أنّ العلم التفصيلي والأمارة والأصل الاحرازي في أحد الأطراف توجب انحلال العلم ، والاستصحاب هنا ـ أعني أصالة عدم الاتيان بالسجدة ـ يقوم مقام العلم التفصيلي بعدم الاتيان بها ، فيكون بمنزلة العلم التفصيلي بعدم الاتيان بها ، فينحلّ العلم الاجمالي ، فلا مانع من الرجوع في الطرف الآخر وهو الركوع إلى الأصل النافي وهو قاعدة الفراغ.
لأنّا نقول : نعم ولكن قلنا إنّ العلم التفصيلي المتولّد من العلم الاجمالي لا يوجب انحلال العلم الاجمالي كما شرحوه في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين ، والاستصحاب في هذا المقام ـ أعني أصالة عدم الاتيان بالسجدة ـ يكون جريانه في المقام متوقّفاً على الشكّ في الاتيان بها ، وهو ـ أعني الشكّ المذكور ـ متولّد من العلم الاجمالي ، حيث إنّ العلم الاجمالي بترك واحد من الأمرين المذكورين ـ أعني الركوع والسجدة ـ هو الموجب والعلّة في كون كلّ منهما مشكوكاً ، فيكون الاستصحاب المذكور متأخّراً رتبة عن العلم الاجمالي ، فلا يعقل انحلاله به ، كما لا يعقل انحلاله بالعلم التفصيلي المتولّد من العلم الاجمالي.
ولا يخفى أنّ هذا الذي أفاده فيما تقدّم نقله عن المقالة يمكن انطباقه على ما نحن فيه ، من جهة أنّ التكليف بالسجدة مشروط بعدم وجوب الاعادة ،