كلّ منهما ، ويشهد بذلك عبارته في ص ٢٩ (١). وعلى كلّ حال أنّ هذا التناقض لا يختصّ بشمول دليل الحلّية ، بل هو محقّق في كلّ علم إجمالي ولو لم يكن في البين أصالة الحل ، لأنّ كلّ واحد من الطرفين ليس بمعلوم الحرمة ، والفرض أنّ أحدهما معلوم الحرمة ، فحصل التناقض في ناحية العلم بين السلب الكلّي والايجاب الجزئي.
والجواب : هو عدم التوارد ، فإنّ عدم العلم بالحرمة وارد على كلّ واحد بخصوصه وفي حدّ نفسه ، والعلم بالحرمة وارد على الكلّي أعني القدر الجامع المجرّد عن الخصوصية.
هذا ما كنّا حرّرناه سابقاً ، ولكنّه يحتاج إلى توضيح التناقض المنقول عن الشيخ قدسسره فنقول : أمّا في أخبار الاستصحاب ، فتقريبه هو أنّه لو كان لنا إناءان صغير وكبير قد حصل العلم بطهارة كلّ منهما ، ثمّ حصل العلم بأنّه قد تنجّس أحدهما لا بعينه ، فهناك كان لنا يقين بطهارة الصغير ويقين بطهارة الكبير ، ويكون حكم اليقين الأوّل أنّه لا ينقض وحكم اليقين الثاني أنّه لا ينقض ، هذا بالنسبة إلى صدر رواية الاستصحاب ، وهو سالبة كلّية. ولو طبّقنا عليه الذيل وقلنا بأنّ اليقين الآخر شامل لليقين بنجاسة أحدهما ، كان محصّل الجمع بين الصدر والذيل أنّ كلاً من اليقينين السابقين لم ينتقض ، وأنّ بعضهما وهو أحدهما قد انتقض.
وعلى وتيرة هذا الإشكال أو نحوه يقال في جميع الأُصول الجارية في أطراف العلم الاجمالي ، فإنّه وإن لم يكن في أدلّتها صدر وذيل ، إلاّ أنّه لا ريب في أنّ جريان الأصل في حلّية هذا الطرف يتوقّف على كونه غير معلوم الحرمة وهكذا في الطرف الآخر ، فالأوّل غير معلوم الحرمة والثاني غير معلوم الحرمة ،
__________________
(١) من المصدر المتقدّم.