وربما يشكل على جريان الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي بأنّه من قبيل التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية.
ولا يخفى أنّه لو فتحنا هذا الباب لانسدّ علينا باب الاستصحاب في الشبهات البدوية ، فإنّ أغلب ما يكون ناقضاً للحالة السابقة يكون عند وقوعه مورداً لليقين مثل الوضوء عند استصحاب الحدث ، فيحتمل أنّ يقينه بالحدث قد انتقض باليقين بالطهارة.
والجواب : أنّ المراد هو كون الحالة الفعلية هي حالة شكّ فيما تقدّم إلى زمان اليقين السابق ، وإن كان يحتمل أنّه طرأ عليه اليقين بالخلاف في الأثناء ، إلاّ أنّ ذلك لا ينافي كون حالته الفعلية هي حالة شكّ وجداني بالنسبة إلى تمام ما مضى. وهكذا الحال في أطراف العلم الاجمالي فيما لو كان المعلوم بالاجمال من هذا القبيل من الأُمور الاختيارية التي تكون عند وقوعها مورداً لليقين. نعم إنّ الطرفين في بعض حال ما مضى كان أحدهما مورداً لليقين بالطهارة مثلاً والآخر كان مورداً لليقين بالبقاء على النجاسة ، وحينئذ تتأتّى شبهة عدم اتّصال زمان
__________________
بالقدر المتيقّن وأجرى البراءة فيما زاد على الواحدة منهما ، ولكن بقي مردّداً في تلك الواحدة بينهما ، فهو يعلم إجمالاً بوجوب إحداهما ولا تعيّن في الواقع لما هو المعلوم بالاجمال. لكن لا يخفى أنّ العلم الاجمالي والتردّد بينهما إنّما هو على تقدير كون الواجب هو أحدهما لا كليهما ، إذ لو كانا معاً واجبين لم يكن علم إجمالي بوجوب إحداهما ، وإنّما يحصل له العلم الاجمالي بأحدهما لو صحّ ما بنى عليه من عدم وجوب الاثنين معاً ، فهو على تقدير أن لا يكون الواجب كليهما بل كان الواجب واحداً منهما يكون عالماً إجمالاً بوجوب أحدهما ، ولا شكّ أنّه متعيّن في الواقع على تقدير وحدة الواجب وعدم تعدّده بكونه كليهما.