المانع من هذا النحو من الأُصول هو لزوم المخالفة القطعية وهي ممنوعة ، لا أنّ الموجب لحرمة المخالفة القطعية هو عدم جريان ذلك الأصل في الأطراف.
نعم ، إنّ حاصل الدليل على حرمة المخالفة القطعية والمنع العقلي منها هو ما أشار إليه بقوله : فإنّ المخالفة العملية ممّا لا يمكن أن تنالها يد الإذن والترخيص ، لأنّها عبارة عن المعصية ، ولا يعقل الإذن في المعصية ، لاستقلال العقل بقبح المعصية الخ (١) والشاهد في هذه العبارة هو الجملة الأخيرة ، وهي قوله : لاستقلال العقل بقبح المعصية ، فإنّ هذه هي الملاك في حرمة المخالفة القطعية ، لا ما أُفيد من عدم جريان البراءة في الأطراف ، لأنّها توجب المخالفة القطعية فراجع تحريرات السيّد سلّمه الله من قوله : أمّا الدعوى الأُولى ـ إلى قوله ـ وفي غيرها ( يعني غير الأُصول التنزيلية ) فيما إذا لزم من جريانها مخالفة عملية ، ومعه فلا يمكن تجويز المخالفة القطعية الخ (٢).
ولكن الأمر في ذلك سهل ، فإنّه قد تقدّم الكلام على ذلك مفصّلاً في مباحث القطع الاجمالي (٣) وأنّه هل هو كالقطع التفصيلي في حرمة المخالفة القطعية ، فكان الكلام هناك من الجهتين : الأُولى كلامية ، وهي هل أنّ معصية التكليف المعلوم بالاجمال كمعصية التكليف المعلوم بالتفصيل. والثانية أُصولية ، وهي بيان إمكان جريان الأُصول في الأطراف ، وهي ما كرّره هنا ، فلاحظ (٤)
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ١٧.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٤١٢ ـ ٤١٧.
(٣) راجع فوائد الأُصول ٣ : ٧٥ وما بعدها.
(٤) [ وجدنا ورقة منفصلة ألحقها المصنّف قدسسره بهذا الموضع وقد كتب فيها ما يمكن أن