__________________
أجود التقريرات ٣ : ١٠ ، ٢٨٣ ] في بيان ضابط موارد الأُصول من أنّه ما لم يلاحظ فيه الحالة السابقة إمّا أن يكون جنس الالزام فيه معلوماً أو لا ، وأنّ الأوّل إمّا أن يمكن [ فيه ] الاحتياط أو لا. فجعل مجرى التخيير منحصراً بما علم فيه جنس الالزام ولم يكن الاحتياط فيه ممكناً ، وجعل مجرى البراءة هو ما لم يكن جنس الالزام فيه معلوماً ، وحينئذ يكون مثال الدوران بين الوجوب والحرمة والاباحة خارجاً عن موارد التخيير وداخلاً في موارد البراءة ، لأنّ جنس الالزام فيه ليس بمعلوم.
قوله : وأنت خبير بما فيه ، فإنّ ما تقدّم من اقتضاء الأصل التعيينية عند الشكّ في التعيين والتخيير ـ إلى قوله ـ وأين هذا ممّا نحن فيه ، فإنّ التخيير في دوران الأمر بين المحذورين ليس لاقتضاء الخطاب ذلك ، بل إنّما هو من التخيير العقلي التكويني كما تقدّم ... الخ [ فوائد الأُصول ٣ : ٤٥٠ ].
نعم ، يمكن أن يدّعى أنّ ما نحن فيه من قبيل التزاحم بين الاحتياطين ، فيكون احتمال الرجحان في أحدهما المعيّن من قبيل الدوران بين التعيين والتخيير ، وذلك بما عرفت من احتمال الاحتياط الشرعي في جانب الترك دون الفعل ، وفي جانب الفعل دون الترك ، منضمّين إلى احتمال عدم الاحتياط في كلّ منهما ، وبعد عدم إمكان جريان البراءة في كلّ من الاحتياطين وعدم إمكان الجمع بين الاحتياطين ، يكون العقل حاكماً بالتخيير بين الاحتياطين لوقوع التزاحم بينهما ، فإن احتمل أهميّة الاحتياط في جانب الترك دون الفعل كان من دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، وبناءً على أصالة التعيين يكون الاحتياط فيه مقدّماً على الاحتياط في جانب الفعل ، فتأمّل جيّداً ، لإمكان القول بأنّ الاحتياطين المحتملين بعد عدم إمكان موافقتهما القطعية بالجمع بينهما ، وعدم إمكان مخالفتهما القطعية بتركهما معاً ، يحصل القطع بعدم الأثر لكلّ منهما ، فلا يكون احتماله مؤثّراً في هذا الطرف لمزاحمته فيه في الطرف الآخر وبالعكس ، وبعد حصول القطع المذكور لا يكون المقام من التزاحم بين الاحتياطين ، بل نبقى نحن