والتخيير هو العلم الاجمالي ، فإنّه إن علم بتوجّه الأمر إليه بالصيام مثلاً ، وتردّد فيه بين كونه تعيينياً وكونه تخييرياً بينه وبين الاطعام مثلاً ، كان المنع عن عدم الصيام في حال عدم الاطعام معلوماً لديه ، كما أنّ عدم المنع عن عدم الاطعام في حال وجود الصيام معلوم لديه ، ولكنّه يعلم أنّه إن كان ذلك الوجوب تعيينياً كان عدم الصيام في حال الاطعام ممنوعاً عنه ، وإن كان تخييرياً كان عدم الاطعام في حال عدم الصيام ممنوعاً عنه ، فهو يعلم إجمالاً بأنّه إمّا أن يكون ممنوعاً عن عدم الصيام وإن كان في حال وجود الاطعام ، وإمّا عن عدم الاطعام في حال عدم الصيام ، وحينئذ فيكون عدم الصيام ممنوعاً عنه بكلا نحويه ، أمّا النحو المقارن لعدم الاطعام فللعلم التفصيلي بكونه ممنوعاً عنه على كلّ من التعيينية والتخييرية ، وأمّا النحو المقارن لوجود الاطعام فلكونه أحد طرفي العلم الاجمالي المذكور.
هذا غاية الكلام في تحرير ما أورد به بعض أجلّة العصر (١) على القول بأنّ المرجع فيما هو نظير المثال من مجرّد احتمال المسقطية هو الاحتياط على أساس كونه من قبيل الشكّ في المسقط ، مع الالتزام بلزوم الاحتياط فيما لو انضمّ إلى احتمال المسقطية احتمال كونه طرفاً في الوجوب التخييري ، أعني مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير.
ومحصّل هذا العلم الاجمالي هو العلم بأنّه إمّا أن يكون المحرّم عليه هو خصوص ترك الصيام ، أو أنّ المحرّم عليه هو الجمع بين تركه وترك الاطعام ، وهو بفعله الصيام يكون قد جمع بين طرفي العلم الاجمالي ، فإنّه بذلك قد
__________________
(١) هو المرحوم الأُستاذ المحقّق الآقا ضياء الدين العراقي عند مذاكرتي معه في هذه المسألة في بعض المجالس ليلة ١٦ من شهر رمضان سنة ١٣٤٩ [ منه قدسسره ].