يقول بعدم قبول خبر الفاسق في مطلق الأحكام ، فيتعارضان في خبر الفاسق الدالّ على استحباب شيء ، وبناءً عليه فينحصر الجواب عن المعارضة المذكورة بتقديم أخبار التسامح ، لشهرة العمل بها. أمّا مفهوم أدلّة حجّية خبر العادل ففي الحقيقة لا يكون هو المعارض لأخبار التسامح ، لما حقّق في محلّه من أنّ المفهوم لا يكون هو مركز المعارضة ، بل العمدة إنّما هو المنطوق ، وقد عرفت أنّه وإن كان بينه وبين أخبار التسامح نسبة العموم من وجه ، إلاّ أنّهما غير متعارضين ، لكونهما متوافقين في الإثبات. نعم من حيث الدلالة على الحصر بالعادل هما متعارضان ، لكن سيأتي (١) أنّ النسبة حينئذ هي العموم والخصوص المطلق ، وأخبار التسامح أخصّ.
وكأنّ الشيخ قدسسره ناظر إلى هذه الجهة الثانية ، فإنّه قال في تعداد ما أُورد على أخبار التسامح : ومنها أنّ هذه الأخبار معارضة بما دلّ على لزوم طرح خبر الفاسق وجعل احتمال صدقه كالعدم ـ ثمّ قال ـ وربما يجاب أيضاً بأنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، والترجيح مع هذه الأخبار. والتحقيق في الجواب : أنّ دليل طرح خبر الفاسق إن كان هو الإجماع فهو في المقام غير ثابت ، وإن كان آية النبأ فهي مختصّة ـ بشهادة تعليلها ـ بالوجوب والتحريم ، فلابدّ في التعدّي عنهما من دليل مفقود في المقام (٢).
ومن ذلك تعرف أنّه لا يرد عليه ما أفاده شيخنا قدسسره في هذا التحرير بقوله : ولكن الإنصاف أنّ ما أفاده الشيخ قدسسره لا يخلو عن ضعف ، فإنّ ما دلّ على اعتبار
__________________
(١) في الصفحة : ٢٦٤.
(٢) رسالة في التسامح في أدلّة السنن ( ضمن رسائل فقهية ) : ١٥١ ـ ١٥٢.