المستكشف من أوامر الاحتياط الخ (١) ، لا يحتاجه الخصم كي يتوجّه عليه ما تقدّم ممّا ذكرناه من أنّ هذا الأمر المستكشف إن كان هو نفس الأمر الواقعي ، فالأمر الاحتياطي لا يدلّ عليه ، وإن كان أمراً آخر بحيث إنّه كانت لنا أوامر ثلاثة : الأمر الواقعي ، والأمر المستكشف ، والأمر الاحتياطي ، كان محصّله توقّف شمول أوامر الاحتياط لما نحن فيه على إعمال عناية من الشارع ، وتوقّف الشمول لفرد على إعمال عناية موجب لسقوط العموم عن شمول ذلك الفرد. مضافاً إلى بقاء الإشكال في سقوط الأمر الواقعي ، إذ لا يسقط الأمر الواقعي ما لم يؤت بالفعل بداعيه.
بل يكفي الخصم أن يقول : إنّ الأمر الاحتياطي بعد فرض شموله لما نحن فيه ممّا هو في حدّ نفسه عبادة ، بمعنى أنّه لو كان مأموراً به لكان عبادة ، وكان ممّا قام الدليل الخارجي على كونه من هذا القسم من الواجبات ، لم يكن لنا بدّ من إيقاعه على جهة العبادية ، وحيث إنّ المفروض أنّ الأمر الاحتمالي لا يكفي في تحقّق عباديته ، لم يكن لنا بدّ من خلق عباديته من ناحية الأمر الاحتياطي بنحو ما حرّر في عبادية الواجب العبادي.
ومنه يظهر لك أنّ ما أُفيد في جواب هذا الاعتراض بقوله : ولكن قد استفيد من دليل خارجي اعتبار قصد امتثال احتمال الأمر الخ (٢) غير نافع ، فإنّ هذا الدليل الخارجي إنّما يدلّ على أنّ هذا الفعل لابدّ أن يكون عبادياً ، وحيث إنّ عباديته لا يمكن أن تتحقّق من ناحية احتمال الأمر الواقعي ، فلا محيص لنا إلاّ أن نخلقها من نفس الأمر الاحتياطي على نحو ما عرفت ، فالعمدة في الجواب هو ما أفاده قدسسره من
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٤٠٧.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٤٠٧ ـ ٤٠٨.