المولوي بها ، وإلاّ لزم التسلسل ، فلا يتمّ حينئذ قوله : نعم ، يمكن أن يستفاد استحبابه الشرعي من بعض الأخبار الخ ، لما عرفت من أنّ مقتضى كونه من سنخ الاطاعة [ أن ] لا يكون قابلاً للأمر المولوي ، لكنّك قد عرفت المنع من كونه من سنخ الاطاعة ، بل هو أمر ثانوي واقع في طريق إطاعة الأوامر الأوّلية ، وأنّه عند الجهل بها يستحبّ الاحتياط أعني الاتيان بما يحتمل أنّه مأمور به ، لكونه من سنخ الورع والتقوى أو زيادة الحب للمنعم ، ونحو ذلك ممّا هو خارج عن نفس الاطاعة ، وحينئذ لا داعي لحمل أخبار الاحتياط لو كان لها ظهور في المولوية على الإرشاد لذلك الحكم العقلي بعد فرض إمكان كونها مولوية ، إلاّ أن يدّعى عدم ظهورها في المولوية ، وأنّها بقرينة التعاليل الواردة فيها ظاهرة في الارشاد.
الجهة الرابعة : هي أنّ عبادية العبادة التي يقع الاحتياط فيها هل هي من جهة الاتيان بها بداعي احتمال الأمر ، أو هي من جهة نفس الأمر بالاحتياط ، والظاهر الأوّل ، فإنّ الاحتياط في العبادة لا يكون إلاّبداعي احتمال الأمر ، مضافاً إلى ما يشاهد من عمل المحتاطين ، فإنّهم إنّما يأتون بالعبادة بداعي احتمال أمرها لا بداعي الأمر بالاحتياط ، حتّى أنّه لو سلّمنا كون أوامر الاحتياط إرشادية لكان عمل هؤلاء صحيحاً لا غبار عليه.
قوله : والسرّ في ذلك هو أنّ النذر إنّما يتعلّق بذات صلاة الليل لا بها بما أنّها مستحبّة ، بحيث يؤخذ استحبابها قيداً في متعلّق النذر ، وإلاّ كان النذر باطلاً لعدم القدرة على وفائه ، فإنّ صلاة الليل بالنذر تصير واجبة ، فلا يمكن بعد النذر فعل صلاة الليل بقيد كونها مستحبّة ... الخ (١).
يمكن التأمّل فيه ، بأنّ المراد هو المستحبّة لولا تعلّق النذر بها ، وذلك نظير
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٤٠٣.