وممّا ذكرناه من أنّ المرجع بعد التساقط إلى أصالة عدم التذكية التي هي عبارة عن المسبّب ، يظهر لك الوجه في عدم جواز أخذ السمكة من المجوسي. قال في الشرائع في صيد السمك : لا يحلّ أكل ما يوجد في يده حتّى يعلم ( ولو شرعاً ) أنّه مات بعد إخراجه من الماء (١) ، فراجع مبحث ذكاة السمك (٢) وقد تضمّنه قوله عليهالسلام : « ما كنت لآكله حتّى أنظر إليه » (٣) وقوله عليهالسلام : فإن أعطوكه حياً فكله (٤) إلاّ أن يحمل هذا الحكم على الاستحباب ونحو من التنزّه فتأمّل. أو يقال : إنّ يد الكافر أمارة على عدم التذكية وإن كان مقتضى الأصل هو التذكية.
ولعلّ دعوى كون هذا الأصل ـ أعني استصحاب الحياة إلى حين الأخذ ـ مثبتاً مبنية على عدم الاكتفاء في تذكية السمك بالأخذ حياً من الماء ، بل لابدّ فيه من اعتبار موته خارج الماء ، وذلك لا يثبت باستصحاب حياته إلى حين الأخذ.
وفيه أوّلاً : أنّه مناف لما تقدّم من جواز أكله حياً ، وجواز أكل القطعة منه وإن عاد الباقي إلى الماء ومات فيه.
وإن أمكن الجواب عن النقض الأوّل بعدم الالتزام بجواز أكله حياً ، وعن النقض الثاني بأنّه يصدق على القطعة المبانة من الحي أنّها ميّتة خارج الماء ، فالعمدة حينئذ هو الاعتراض :
ثانياً : بأنّه لا دليل على اعتبار القيد المزبور ، وإنّما أقصى ما عندنا في قبال الاكتفاء بالأخذ حياً هو اعتبار عدم رجوعه إلى الماء وموته فيه ، كما يدلّ عليه
__________________
(١) شرائع الإسلام ٣ : ١٨٩.
(٢) جواهر الكلام ٣٦ : ١٦٦ ـ ١٦٨.
(٣) وسائل الشيعة ٢٤ : ٧٥ / أبواب الذبائح ب ٣٢ ح ١ ، ٢.
(٤) وسائل الشيعة ٢٤ : ٧٦ / أبواب الذبائح ب ٣٢ ح ٣ ( نقل بالمضمون ).