أصالة عدم جعل الطهارة لا يمكن الرجوع إلى قاعدة الطهارة.
بل قد يقال : إنّ ما زهقت روحه ولم يحكم عليه بالطهارة هو الميتة ، فيترتّب عليه آثار الميتة ، فلا يمكن الرجوع حينئذ إلى قاعدة الطهارة ، هذا.
ولكن الظاهر أنّ التذكية هي غير الطهارة وإن كان حكمها هو الطهارة ، فإنّ مادّة الذكاة وإن استعملت هي ومشتقّاتها في الطهارة ، إلاّ أنّ الظاهر أنّه تجوّز باعتبار لازم معناها ، وإلاّ فإنّ حقيقة الذكاة ليست إلاّمعنى بسيطاً يتولّد من هذه الأفعال ، أعني ذبح الذابح مع الشرائط ، وذلك المعنى البسيط هو مقارب لمعنى النقاء ونحوه ، فراجع كتب اللغة (١) في هذه المادّة وما يرجع إليها من ذكى الغلام وذكت النار وغير ذلك من موارد استعمال هذه المادّة ، فإنّك تراهم يذكرون لهذه المادّة معاني متعدّدة ، ولكن الظاهر أنّها جميعاً ترجع إلى معنى واحد يمكن أن يعبّر عنه بالنقاء ، غير أنّه في مثل ذكى الغلام يكون عبارة عن نقاء فكره وصفائه عن كدورة الجهل. وهكذا في مثل ذكت النار ، فإنّه عبارة عن خلوصها من كدورة الدخّان أو الرماد ، ولعلّ منه تسمية الشمس ذكاء. وهكذا الحال في الذكاة بمعنى الطهارة.
وفي خصوص تذكية الحيوان إمّا أن نقول : إنّه عبارة عن إيجاد سبب الطهارة ، أو نقول : إنّه عبارة عن إيجاد سبب النقاء ، ويكون الطهارة أو النقاء أمراً اعتبارياً وقد أمضاه الشارع ، غايته أنّه مع اعتبار زيادة بعض الشروط الوجودية والعدمية. وعلى أيّ حال ، لا يكون ذكاة الحيوان إلاّعبارة عن المسبّب. ومن ذلك يظهر لك التأمّل في :
__________________
(١) مجمع البحرين ١ : ١٥٩ ، المنجد : ٢٣٦ مادّة « ذكا ».