عند الذبح لا تجري فيه في قبال العموم ، أعني عموم الحكم بالطهارة عند الذبح لكلّ حيوان. وهذا العموم أو الاطلاق يمكن تصيّده من قوله عليهالسلام : « ذكّاه الذابح أو لم يذكّه » كما يمكن تصيّده من إطلاقات أدلّة الذبح وفري الأوداج أو قطع الحلقوم ونحو ذلك.
والحاصل : أنّ النافع لنا في هذا المقام هو العموم أو الاطلاق الوارد في نفس هذا المعنى ، أعني كون كلّ حيوان تدخله التذكية ، ويكفي في هذا العموم قوله : « أوَ ليس المذكّى ما ذكّي بالحديد »؟ وتقرير الإمام عليهالسلام لذلك بقوله : « نعم » أمّا مثل عموم جواز لبس جميع الجلود أو نحو ذلك من الأحكام التي خرج منها عنوان الميتة أو عنوان ما لم يذكّ فهي غير نافعة ، لأنّ أصالة عدم التذكية تدرجه في الخارج منها ، أمّا بناءً على كون التذكية اسماً للمسبّب فواضح ، وأمّا بناءً على كونها اسماً للسبب بمعنى ما جعله الشارع مؤثّراً في الطهارة فكذلك أيضاً ، للشكّ في أنّ الشارع قد جعل ذبح هذا النوع من الحيوان تذكية وتطهيراً له ، والأصل عدمه.
وبالجملة : لا ريب في أنّه مع قطع النظر عن العمومات والاطلاقات اللفظية يكون المرجع في هذا الحكم الشرعي ـ وهو كون الذبح لهذا الحيوان مطهّراً له ـ أصالة العدم ، بعد فرض كون خروج الروح منه موجباً لنجاسته ، بل لحرمة أكله أيضاً ، الذي لا يقف في قباله إلاّحكم الشارع بأنّه لو خرجت روحه بالذبح المخصوص لكان ذلك مطهّراً له ومسوّغاً لأكله ، وإذا شكّ في هذا الحكم الشرعي فالأصل عدمه ، ولا يقف في قبال هذا الأصل ولا يرفع اليد عنه إلاّبدليل خاصّ يدلّ على الحكم المذكور في هذا النوع الخاص من الحيوان ، أو بدليل عام أو مطلق يدلّ على أنّ كلّ حيوان يطهر بالذبح المذكور ، فلاحظ وتأمّل.